كتاب صفة الجنة للحافظ ضياء المقدسي

كتاب صفة الجنة -الحافظ ضياء الدين-أأبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الحنبلي المقدسي

Translate

الأربعاء، 18 يناير 2023

ج7.وج8.بقية الطبقة الخامسة الي آخر الطبقة الخامسة وما بعدها من طبقات الشافعية

 

ج7..""" صفحة رقم 5 """
بقية الطبقة الخامسة فيمن توفي بين الخمسمائة والستمائة
708
محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار بن أحمد بن محمد بن جعفر بن أحمد ابن عبد الجبار بن الفضل بن الربيع بن مسلم بن عبد الله بن عبد المجيد الإمام الكبير أبو بكر بن الإمام أبي المظفر بن الإمام أبي منصور بن السمعاني الفقيه الأديب المحدث الحافظ الواعظ الخطيب المبرز في علم الحديث رجالا وأسانيد ومتونا وغير ذلك جامع لأشتات العلوم
وهو أبو الحافظ الكبير تاج الإسلام أبي سعد عبد الكريم بن محمد وكان هو أيضا يلقب تاج الإسلام
مولده في سنة ست وستين وأربعمائة
سمع والده أبا المظفر وعبد الواحد بن أبي القاسم القشيري ونصر الله بن أحمد الخشنامي وأسعد بن مسعود العتبي وأبا الحسن علي بن محمد العلاف ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش الحافظ وأبا الغنائم النرسي الحافظ وغيرهم بمرو ونيسابور و الري وهمذان وبغداد والكوفة وأصبهان ومكة وغيرها
روى عنه السلفي وأبو الفتوح الطائي وغيرهما
ذكره عبد الغافر في السياق وقال فيه الإمام ابن الإمام ابن الإمام شاب نشأ في عبادة الله وفي التحصيل من صباه إلى أن أرضى أباه حظي من العربية والأدب والنحو وثمرتها نظما ونثرا بأعلى المراتب
"""
صفحة رقم 6 """
ينفث إذا خط بأقلامه عقد السحر وينظم من معاني كلامه عقود الدر متصرفا في الفنون بما يشاء كيف يشاء مطيعا له على البديهة الإنشاء ثم برع في الفقه مستدرا أخلافه من أبيه بالغا في المذهب والخلاف أقصى مراميه وزاد على أقرانه وأهل عصره بالتبحر في علم الحديث ومعرفة الرجال والأسانيد وما يتعلق به من الجرح والتعديل والتحريف والتبديل وضبط المتون والمشكلات من المعاني مع الإحاطة بالتواريخ والأنساب
وطرز أكمام بمجالس تذكيره الذي تتصدع صم الصخور عند تحذيره وتتجمع أشتات العظام النخرة عند تبشيره وتصغي آذان الحفظة لمجاري نكتة وتختطف الملائكة لفاظه إشاراته من شفته ويخترق حجب الشداد السبع صواعد دعواته ويطفئ أطباق الجحيم سوابق عبراته وهو مع ذلك متخلق بأحسن الأخلاق متمكن بتواضعه وتودده من الأحداق رافل في جلابيب أهل الصفا مراع لعهود الأسلاف بحسن الوفا مجموع له الأخلاق الحميده ثابت له الحقوق الأكيدة
خلف أباه ببلدته في مجالس التدريس والنظر والتذكير وزاد عليه في الخطابة والقبول التام بين الخاص والعام وصبر على مكابدة الخصوم اللد ومقاومة المعاندين
"""
صفحة رقم 7 """
والمخالفين ونفق سوق تقواه وورعه عند الملوك والأكابر حتى عظموا خدمته وتبركوا به وبنصحه وكلامه وصار قطب قطره حشمة وحرمه وجاها ومنزلة مستغنيا بكافة وما آتاه الله من غير منة مخلوق عن التعرض لمنال شيء من الحطام قاصرا همه وأيامه على الإفادة ونشر العلم مد الله في عزيز أنفاسه وأبقاه حجة على العلماء
هذا كلام عبد الغافر
وقال الحافظ أبو سعد رحمه الله أملى والدي مائة وأربعين مجلسا في غاية الحسن والفوائد بجامع مرو واعترف بأنه لم يسبق إلى مثلها وصنف تصانيف في الحديث
قلت ووقفت على كثير من إملائه وهو دال على علو شأنه في الفقه والحديث واللغة
قال ولده وكان يملي في مجلس وعظه الأحاديث بأسانيدها فاعترض عليه بعض المنازعين وقال محمد السمعاني يصعد المنبر ويعد الأسامي ونحن لا نعرف ولعله يضعها في الحال وكتب هذا الكلام في رقعة وأعطيت له بعد أن صعد المنبر فنظر فيها وروى حديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار بنيف وتسعين طريقا ثم قال إن لم يكن في هذا البلد أحد يعرف الحديث فنعوذ بالله من المقام ببلد ما فيها من يعرف الحديث وإن كان فليكتب عشرة أحاديث بأسانيدها ويترك اسما أو اسمين من كل إسناد ويخلط الأسانيد بعضها ببعض فإن لم أميز بينها وأضع كل اسم منها مكانه فهو كما يدعيه
وفعلوا ذلك امتحانا فرد كل اسم إلى موضعه وطلب القراء الذين يقرءون في مجلسه في ذلك اليوم شيئا فأعطاهم الحاضرون ألف دينار
قال أبو سعد هذا كله من محمد بن أبي بكر السنجي
"""
صفحة رقم 8 """
قال وكان ذلك اليوم عيدا لأهل السنة
وكان والده الإمام أبو المظفر إذا جرى شيء يتعلق بالأدب أو اللغة أو سئل عن شيء من ذلك يقول سلو ابني محمدا فإنه أعرف باللغة مني
قال صاحب الكافي سمعت أبا عبد الله محمد بن الحسن المرداخواني وكان من تلامذة الأمام أبي المظفر بن السمعاني يقول كنت شريك ابنه أبي بكر محمد ومعيدنا أبو عبد الله النيسابوري فتأخر حضور محمد يوما ثم جاء وقد احمرت عيناه من البكاء فقال له أبو عبد الله ما الذي خلفك وما شأنك
فقال رأيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في المنام فناولني قدحا مملوءا ماء وقال لي اشرب فأخذته وشربته كله وانتبهت وقد أثر ذلك في عروقي وسائر جسدي
فنهض الإمام أبو عبد الله مسرعا إلى الصفة التي فيها الإمام أبو المظفر وهو يقول البشارة البشارة وأخبره بالمنام فقال الإمام أبو المظفر الحمد لله
وقال إني رأيت مثل هذا المنام ولكني ما شربت جميع الماء بل بعضه وهو شرب جميعه فيجتمع عنده جميع أحاديث النبي ( صلى الله عليه وسلم )
وللإمام أبي بكر شعر كثير ويحكى أنه غسل قبل موته جميع المسودات التي فيها شعره فلم يوجد له إلا ما كان على ظهور الدفاتر من الأجزاء
ويحكى أن شخصا كتب إليه رقعة وفيها أبيات شعر وأراد جوابها فقال أما الأبيات فقد أسلم شيطان شعري فلا جواب لها
ومن مليح شعره
أقلى النهار إذا أضاء صباحه
وأظل أنتظر الظلام الدامسا
فالصبح يشمت بي فيقبل ضاحكا
والليل يرثي لي فيدبر عابسا
"""
صفحة رقم 9 """
وله أيضا
وظبي فوق طرف ظل يرمي
بسهم اللحظ قلب الصب طرفه
يؤثر طرفه في القلب ما لا
يؤثر في الحصى والترب طرفه
وله ما أورد أبو سعد في كتاب التحبير في ترجمة أبي حامد أحمد بن عبد الله الفازي الصوفي المعروف بالأوحد وذكر أنه قال في قرية فاز إحدى قرى طوس
نزلنا بقعة تدعى بفاز
فكان ألذ من نيل المفاز
وقست إلى ثراها كل أرض
فكانت كالحقيقة في المجاز
وفي أبي بكر السمعاني يقول الشيخ الحافظ أبو طاهر السلفي
هو المزني إبان الفتاوى
وفي علم الحديث الترمذي
وجاحظ عصره في النثر صدقا
وفي وقت التشاعر بحتري
وفي النحو الخليل بلا خلاف
وفي حفظ اللغات الأصمعي
قلت وددت لو قال
وفي الشعر الأديب البحتري
وسلم من لفظ التشاعر ومن تنكر البحتري
وقال آخر فيما ذكر السلفي
يا سائلي عن علم الزمان
وعالم العصر لدى الأعيان
لست ترى في عالم العيان
كابن أبي المظفر السمعاني
وقدم القاضي يحيى بن صاعد الهروي نيسابور وكان أبو بكر بن السمعاني بها فدخل عليه زائرا فأطرق يحيى بن صاعد رأسه ساعة ثم رفعه وأنشد يقول
قل للإمام بن الإمام محمد بن
مظفر بن محمد السمعاني
"""
صفحة رقم 10 """
عشقتك عيني مذ رأتك وكان من
قبل اللقاء يحبك السمعان
فأجابه أبو بكر على البديهة
حييت بيحيى إذ رزقت لقاءه
ونلت به جدا لأمري مساعدا
فلا زال يحيى واسمه فال عمره
وكاسم أبيه نجمه دام صاعدا
والد أبي بكر اسمه منصور وكنيته أبو المظفر فحذف القاضي يحيى لفظ الأب لمكان الوزن
قال الحافظ أبو سعد من عجيب ما اتفق أن آخر مجلس أملاه كان افتتاحه بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) ( إن أمامكم عقبة كئودا لا يجوزها المثقلون فأنا أحب أن أتخفف لتلك العقبة )
وكان قد وصل في التفسير الذي يذكره في مجلس الوعظ إلى قوله ) اليوم أكملت لكم دينكم ( الآية
وتوفي عقيب ذلك ابن ثلاث وأربعين سنة في بوم الجمعة ثاني صفر سنة عشر وخمسمائة
ومن الفوائد والمسائل عن تاج الإسلام أبي بكر
. . . . .
"""
صفحة رقم 11 """
"""
صفحة رقم 12 """
709
محمد بن مكي بن الحسن الفامي أبو بكر البابشامي يعرف بابن دوست
قال ابن السمعاني فقيه فاضل تفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وسمع أبا بكر محمد بن عبد الملك بن بشران وأبا محمد الحسن بن علي الجوهري
قلت والقاضي أبا الطيب الطبري وغيرهم
روى عنه أبو طاهر السلفي وأبو المعمر الأنصاري وغيرهما وأجاز لابن كليب
مات في شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة
"""
صفحة رقم 13 """
710
محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم الحافظ أبو بكر الحازمي الهمذاني
إمام متقن مبرز
ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة وقيل سنة تسع وأربعين
وسمع بهمذان من أبي الوقت حضورا ومن شهردار بن شيرويه وأبي زرعة طاهر وأبي العلاء العطار ومعمر بن الفاخر وغيرهم
ورحل إلى بغداد والموصل وواسط والبصرة وأصبهان والجزيرة والحجاز فسمع من خلق منهم خطيب الموصل أبو الفضل وأبو موسى المديني الحافظ وله إجازة من السلفي وابن السمعاني وأبي عبد الله الرستمي
روى عنه أبو عبد الله الدبيثي وابن أبي جعفر والتقى علي بن ماسويه المقرىء وغيرهم
قال ابن الدبيثي قدم بغداد عند بلوغه واستوطنها وتفقه بها على مذهب الشافعي وجالس علماءها وتميز وفهم وصار من أحفظ الناس للحديث وأسانيده ورجاله مع زهد وتعبد ورياضة وذكر صنف في علم الحديث مصنفات وأملى عدة مجالس
قال وكان يغلب عليه معرفة أحاديت الأحكام وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب المهذب للشيخ أبي إسحاق وأسندها ولم يتمه
"""
صفحة رقم 14 """
وقال ابن النجار كان من الأئمة الحفاظ العالمين بفقه الحديث ومعانيه ورجاله ألف الناسخ والمنسوخ وكتاب عجالة المبتدى في الأنساب والمؤتلف والمختلف في أسماء البلدان
قال وكان ثقة حجة نبيلا زاهدا ورعا ملازما للخلوة والتصنيف ونشر العلم أدركه أجله شابا توفي ثامن عشرى جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمسمائة
711
محمد بن الموفق بن سعيد بن علي بن الحسن بن عبد الله الخبوشاني الفقيه الصوفي
أحد الأئمة علما ودينا وورعا وزهدا
وخبوشان بضم الخاء المعجمة والباء الموحدة وفتح الشين المعجمة وفي آخرها نون بليدة بناحية نيسابور ولد بها في رجب سنة عشر وخمسمائة
وتفقه بنيسابور على محمد بن يحيى ثم قيل إنه كان يستحضر كتابه المحيط وأنه عدم الكتاب فأملاه من خاطره
وقدم مصر سنة خمس وستين فأقام بمسجده بالقاهرة مدة ثم تحول إلى تربة الشافعي رضي الله عنه وتبتل لعمارة التربة المذكورة والمدرسة ودرس بها مدة
وكان إماما جليلا كبير المحل في الورع قل أن ترى العيون مثله زهدا وعلما وأمرا بالمعروف وتصميما على الحق
ومن تصانيفه كتاب تحقيق المحيط في ستة عشر مجلدا
"""
صفحة رقم 15 """
وحدث بالقاهرة عن أبي الأسعد هبة الرحمن بن القشيري
وكان السلطان صلاح الدين رضي الله عنه حسن العقيدة في الشيخ الخبوشاني
وكان الخبوشاني له حال غريبة ومحل مكين ومقام في الدين وكان يقول بملء فيه أصعد إلى مصر وأزيل ملك بني عبيد اليهودي فصعدها وصرح بلعنهم وحاروا في أمره وأرسلوا إليه بمال عظيم قيل مبلغه أربعة الآف دينار فلما وقع نظره على رسولهم وهو بالزي المعروف نهض إليه بأشد الغضب وقال ويلك ما هذه البدعة وكان الرجل قد زور في نفسه كلاما يلاطفه به فأعجله عن ذلك فرمى عن الدنانير بين يديه فضربه على رأسه فصارت عمامته حلقا في عنقه وأنزله من السلم وهو يرمي بالدنانير على رأسه ويسب أهل القصر
ثم إن العاضد توفي وتهيب صلاح الدين خوفا من الخطبة لبني العباس وحذرا من الشيعة فوقف الخبوشاني أمام المنبر بعصاة وأمر الخطيب أن يذكر بني العباس ففعل ولم يكن إلا الخير ووصل إلى بغداد الخبر فزينوها وأظهروا من الفرح فوق الوصف
وأخذ الخبوشاني في بناء الضريح الشريف وكان ابن الكيزاني رجل من المشبهة مدفونا عند الشافعي رضي الله عنه فقال الخبوشاني لا يكون صديق وزنديق في موضع واحد وجعل ينبش ويرمي عظامه وعظام الموتى الذين حوله من أتباعه وتعصبت المشبهة عليه ولم يبال بهم وما زال حتى بنى القبر والمدرسة ودرس بها
"""
صفحة رقم 16 """
ولعل الناظر يقف على كلام شيخنا الذهبي في هذا الموضع من ترجمة الخبوشاني فلا يحفل به وبقوله في ابن الكيزاني إنه من أهل السنة
فالذهبي رحمه الله متعصب جلد وهو شيخنا وله علينا حقوق إلا أن حق الله مقدم على حقه والذي نقوله إنه لا ينبغي أن يسمع كلامه في حنفي ولا شافعي ولا تؤخذ تراجمهم من كتبه فإنه يتعصب عليهم كثيرا
ومن ورع الخبوشاني
انه كان يركب الحمار ويجعل تحته أكسية لئلا يصل إليه عرقه
وجاء الملك العزيز إلى زيارته وصافحه فاستدعى بماء وغسل يديه وقال يا ولدي أنت تمسك العنان ولا يتوقى الغلمان عليه فقال اغسل وجهك فإنك بعد المصافحة لمست وجهك فقال نعم وغسل وجهه
ولما خرج صلاح الدين إلى الإفرنج نوبة الرملة جاء الشيخ الخبوشاني إلى وداعه والتمس منه أمورا من المكوس يسقطها عن الناس فلم يفعل فقال له الشيخ قم لا نصرك الله ووكزه بعصاة فوقعت قلنسوة السلطان عن رأسه فوجم لها ثم توجه إلى الحرب فكسر وعاد إلى الشيخ فقبل يده وعرف أن ذلك بسبب دعوته
وانظر إلى كلام الذهبي هنا في تاريخه وقوله ظن السلطان أن ذلك بدعوته
ولو كانت هذه الحكاية لمن هو على معتقده من المبتدعة لهول أمرها وقال جرى على صلاح الدين بدعائه ما جرى واستقر كلامه يثبت عندك ما نقوله
وكان تقي الدين عمر بن أخي السلطان له مواضع يباع فيها المزر فكتب الشيخ ورقة إلى صلاح الدين إن هذا عمر لا جبرة الله يبيع المزر
فسيرها صلاح الدين إلى عمر وقال لا طاقة لنا بهذا الشيخ فأرضه فركب إليه فقال له حاجبه قف بباب
"""
صفحة رقم 17 """
المدرسة حتى أسبقك إليه فأوطئ لك فدخل وقال إن تقي الدين يسلم عليك
فقال الشيخ بل شقي الدين لاسلم الله عليه
فقال إنه يعتذر ويقول ليس لي موضع يباع فيه المزر
فقال يكذب
فقال إن كان هناك موضع مزر فأرناه
فقال الشيخ ادن وأمسك ذؤابتيه وجعل يلطم على وجهه وخديه ويقول لست مزارا فأعرف مواضع المزر فخلصوه من يده وخرج إلى تقي الدين وقال فديتك بنفسي
وعاش الشيخ نجم الدين عمره لم يأكل من وقف المدرسة لقمة ولا أخذ من مال الملوك درهما ودفن في الكساء الذي صحبه من خبوشان وكان بمصر رجل تاجر من بلده يأكل من ماله
ودخل يوما القاضي الفاضل وزير السلطان لزيارة الشافعي فوجده يلقي الدرس على كرسي ضيق فجلس على طرفه وجنبه إلى القبر فصاح الشيخ فيه قم قم ظهرك إلى الإمام فقال الفاضل إن كنت مستدبرة بقالبي فأنا مستقبلة بقلبي فصاح فيه أخرى وقال ما تعبدنا بهذا فخرج وهو لا يعقل
توفي الشيخ نجم الدين في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وخمسمائة وعلى يده كان خراب بيت العبيديين الرفضة الذين يزعمون أنهم فاطميون وإنما هم منتسبون إلى شخص اسمه عبيد قيل إنه يهودي وقيل مجوسي من أهل سلمية دخل المغرب وملكها وبنى المهدية وتلقب بالمهدى وكان زنديقا خبيثا عدوا للإسلام قتل من الفقهاء والمحدثين أمما وبقي هذه البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 18 """
وقد بين نسبهم جماعة منهم القاضي أبو بكر الباقلاني فإنه كشف في أول كتابه المسمى بكشف أسرار الباطنية بطلان نسب هؤلاء إلى الإمام علي كرم الله وجهه
وهم أربعة عشر رجلا منهم ثلاثة بإفريقية وهم الملقبون بالمهدي والقائم والمنصور
وأحد عشر بمصر وهم المعز والعزيز والحاكم والظاهر والمستنصر والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والقائم والعاضد وهو آخرهم
ولقدحكي أن العاضد رأى في منامه أن حية خرجت من مسجد معروف بمصر ولسعته فأرسل جماعة في صبيحة ليلته إلى ذلك المسجد فما رأوا فيه إلا شخصا أعجميا فقيرا فردوا إليه وقالوا لم نر إلا فقيرا أعجميا وتكررت الرؤيا وهو يرسل فلا يرون إلا ذلك الأعجمي فقيل له هذه أضغاث أحلام وكان الأعجمي هو الخبوشاني
وكان للعاضد وزير يسمى بالملك الصالح على عادة وزراء الفاطميين أخيرا يسمون أنفسهم بالملوك وهو أبو الغارات طلائع بن رزيك فقتله العاضد ثم استوزر شاور ثم قتله وذلك أن أسد الدين شيركوه دخل القاهرة وقام شاور بضيافته وضيافة عسكره وتردد إلى خدمته فطلب منه أسد الدين مالا ينفقه على جيشه فماطله فأرسل إليه يقول قد ماطلت بنفقات الجيش وهم يطالبون فإذا أتيتني فكن على حذر منهم فلم يؤثر هذا عند شاور وركب على عادته وأتي أسد الدين مسترسلا وقيل إنه تمارض فجاء شاور يعوده فاعترضه صلاح الدين يوسف بن أيوب وجماعة من الأمراء النورية فقبضوا عليه فجاءهم رسول العاضد يطلب رأس شاور فذبح وحمل رأسه إليه واستقل أسد الدين ولم يلبث أن حضرته المنية بعد خمسة وستين يوما من ولايته فقلد العاضد صلاح الدين
"""
صفحة رقم 19 """
يوسف ولقبه الملك الناصر وكتب تقليده القاضي الفاضل وبدت سعادة صلاح الدين وضعف أمر العاضد
وكان مبدأ ضعفه أن الفرنج خذلهم الله قصدوا مصر في جمع عظيم وجحفل كبير واستباحوا بلبيس وأناخوا على مصر وأحرق شاور مصر خوفا عليها منهم وبقيت النار تعمل فيها أربعة وخمسين يوما ثم عرف العجز وشرع في الحيل وأرسل إليهم يصالحهم على ألف ألف دينار مصرية نصفها خمسمائة ألف دينار ليرحلوا عنه وأرسل إليهم مائة ألف دينار حيلة وخداعا وواصل بكتبه الملك نور الدين من حيث لا يعلم الفرنج يطلب منه الغوث ويقول إن الفرنج قد استحكم طلبهم و طمعهم في البلاد المصرية فجهز نور الدين أسدا الدين في عسكر عظيم فرحلت الفرنج لما سمعت بخبر العسكر
ودخل أسد الدين مصر وتأكدت الصداقة بينه وبين شاور واستمر الحال إلى حين ولاية صلاح الدين واستمراره إلى مستهل سنة سبع وستين وخمسمائة فخطب لبنى العباس بالقاهرة وسائر بلادها وكانت خطبتهم منقطعة منها هذه المدة المديدة والدول السخيفة بعد أن كان جبن عن ذلك واستعظم خطبه
وكان العاضد لما ضعف أمره وتنسم الخمول أرسل كتابا إلى نور الدين يطلب الاستقالة من الأتراك في مصر خوفا منهم والاقتصار على صلاح الدين فكتب إليه نور الدين الخادم يهنى بما سناه الله من الظفر الذي أضحك سن الإيمان
يشير إلى نصرة المسلمين على الفرنج في نوبة دمياط ويقول إن الفرنج لا تؤمن غائلتهم والرأي إبقاء الترك
"""
صفحة رقم 20 """
بديار مصر فبقيت الترك إلى المستهل من السنة المذكورة فقطعت خطبه الفاطميين وخطب لأمير المؤمنين المستضيء وأرسل إلى بغداد بالخبر
وتوفي العاضد بعد ذلك في يوم عاشوراء بالقصر وجلس السلطان صلاح الدين بعد ذلك للعزاء وأغرب في الحزن والبكاء وتسلم القصر بما فيه من خزائن ودفائن وأموال لا تعد ولا تحصى وأمتعته استمر البيع فيها بعدما أهدى ووهب وأطلق وادخر عشر سنين
ويحكى أن صلاح الدين قال لو علمت أن العاضد يموت بعد عشرة أيام ما قطعت خطبته وأنه قال مارأيت أكرم من العاضد أرسلت إليه مدة مقام الإفرنج على دمياط أطلب منه نفقة فأرسل إلي ألف ألف دينار مصرية نصفها خمسمائة ألف دينار غير الثياب والأمتعة
ثم أودع صلاح الدين أقارب العاضد السجن وقرر لهم النفقات وزائد الصلات
واستفحل أمره وكان على يده فتح بيت المقدس وهو الفتح الذي اشتهر به شرقا وغربا وحصل من الجنة والقلوب قربا وأبقى له إلى يوم الدين ثناء حسنا رحمه الله ورضي عنه
وكتب في سنة سبعين وخمسمائة إلى أمير المؤمنين المستضيء بأمر الله كتابا من إنشاء القاضي الفاضل يعدد ماله من الفتوحات ومن جهاد الفرنج مع نور الدين وفعالهم الحسنة وإقامتهم الخطبة لأمير المؤمنين ولا عهدنا قيامها منذ دهر واستيلاءه على البلاد الكثيرة من أطراف المغرب إلى أقصى اليمن وأن في هذه السنة كان عندنا وفد نحو سبعين راكبا كلهم يطلب لسلطان بلده تقليدا ويرجو منا وعدا ويخاف وعيدا وأكثر من ذلك إلى أن قال والمراد الآن تقليد جامع بمصر واليمن والمغرب والشام وكل ما تشتمل عليه الولاية النورية يعني ولاية نور الدين محمود وكل ما يفتحه الله للدولة
"""
صفحة رقم 21 """
العباسية بسيوفنا ولمن ينضم من أخ وولد من بعدنا تقليدا يضمن للنعمة تخليدا
وعظم خطبة بحيث إنه لما مات المستضيء وولى الناصر لدين الله أمير المؤمنين لم تكن له قدرة عليه مع ما كان الناصر عليه من عظمة لا توازى وخضوع ملوك الأرض له شرقا وغربا وقهره الكافة بعدا وقربا وأرسل إلى صلاح الدين كتابا يعاتبه على أمور منها تسميته بالملك الناصر وأنه لا ينبغي لك يا صلاح الدين أن تتسمى باسمي فإن ما يصلح للمولى على العبد حرام
فأجابه بأن هذه التسمية من زمن المستضيء قبل أن يكون مولانا أمير المؤمنين خليفة وكان هذا الجواب من القاضي الفاضل وتلاطف به فإن القاضي الفاضل كان يهاب العباسيين لا سيما الناصر لدين الله فما أمكنه أن يجيبه إلا بلطف وقال أخشى أن أذبح على فراشي وفي مأمني ويكون الذابح لي الناصر لدين الله وهو ببغداد
واستقر صلاح الدين إلا أنه تضعضعت تسميته بالملك الناصر بحيث إنه إلى اليوم لا يعرف إلا بصلاح الدين يوسف بن أيوب مع جلالته وعظمته ولو لم يكن له إلا الحسنتان العظيمتان اللتان برز بهما على الأولين من السلاطين والآخرين وهما فتح بيت المقدس وإبادة الفاطميين وقد علم الناس سيرتهم كيف كانت وسبهم الصحابة وفعالهم القبيحة التي لا تعد ولا تحصى من عدم مبالاتهم بأمور الدين وقلة نظرهم إلا في فساد المسلمين ولو لم يكن إلا الحاكم وفعاله التي صارت تواريخ وتسويته تارة بين جميع الأديان وحكمه آوانه بخلاف ماأنزل الرحمن وحمله الناس على ما يوسوس به الشيطان ولقد كاد يدعي الإلهية وربما ادعاها ومن أراد أن ينظر العجب فلينظر إلى ترجمته في التواريخ المبسوطة
ولقد أطلنا في هذه الترجمة ولا بد من فائدة
"""
صفحة رقم 22 """
712
محمد بن ناصر بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن أبي عياض أبو نصر السرخسي العياضي الفقيه الواعظ
ولد بسرخس سنة أربع وستين وأربعمائة ومات بها في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
713
محمد بن نصر بن منصور أبو سعد الهروي القاضي
أحد الفقهاء الرؤساء وهو الذي أرسله الخليفة ليخطب له بنت السلطان سنجر فقتلته الباطنية بهمذان
ولي القضاء بمدن كثيرة من بلاد العجم وولي قضاء الشام مدة وقضاء بغداد مدة وترقت به الحال وعظم رتبة وعلاصيتا
ومن شعره
البحر أنت سماحة وفصاحة
والدر ينثر من يديك وفيكا
والبدر أنت صباحة وملاحة
والخير مجموع لديك وفيكا
قتل سنة تسع عشرة وخمسمائة وفي تاريخ شيخنا الذهبي سنة ثمان عشرة وفي تاريخه أيضا أنه حنفي
"""
صفحة رقم 23 """
714
محمد بن هبة الله بن عبد الله الشيخ سديد الدين السلماسي
كان إماما نظارا جدليا تخرج به جماعة من الفضلاء وأعاد بالمدرسة النظامية توفي في شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة
715
محمد بن هبة الله بن مكي الحموي الإمام تاج الدين
كان فقيها فرضيا نحويا متكلما أشعري العقيدة إماما من أئمة المسلمين إليه مرجع أهل الديار المصرية في فتاويهم
وله نظم كثير منه أرجوزة سماها حدائق الفصول وجواهر الأصول صنفها للسلطان صلاح الدين وهي حسنة جدا نافعة عذبة النظم وفي خطبتها يقول
فهذه قواعد العقائد
ذكرت فيها معظم المقاصد
ومنها
حكيت منها أعدل المذاهب
لأنه أشهى مراد الطالب
جمعتها للملك الأمين
الناصر الغازي صلاح الدين
عزيز مصر قيصر الشام ومن
ملكه الله الحجاز واليمن
ذي العدل والجود معا والباس
يوسف محيى دولة العباس
ابن الأجل السيد الكبير
أيوب نجم الدين ذي التدبير
"""
صفحة رقم 24 """
ومن آخرها
ثم انتهى تحريرها في شهر
ربيع الأول بعد عشر
وقد مضى من هجرة النبي
محمد ذي الشرف العلي
سبعون عاما قبلها خمسمائة
فاعجب من اللفظ وفضل منشئه
وله أرجوزة أخرى في الفرائض سماها روضة المرتاض ونزهة الفراض قال فيها
جمعتها لجامع الفضائل
الأوحد القاضي الأجل الفاضل
محيي موات الفضل ذي الجد العلي
عبد الرحيم بن أبي المجد علي
أهدي إليه قطرة من بحره
إذ كل ما أنظمه من نثره
وهو الذي أجمع كل عالم
في عصرنا من ناثر وناظم
بأنه الحبر النسيج وحده في علمه ودينه وزهده )
ووقفت له على ما كتبه في قوله تعالى ) وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ( وكان قد اجتمع مع الإمام أبي محمد بن بري النحوي فقال ابن بري كيف يكون الصداق نحلة والنحلة في اللغة الهبة من غير عوض والصداق تستحقه المرأة اتفاقا لا على وجه التبرع وطلب المعني الفقهي في ذلك على مقتضى مذهب الشافعي وسأل عن الصداق وهل هو من أركان العقد
فأجاب الحموي بكلام وقفت عليه علقه عنه بعض تلامذته في سنة سبع وسبعين وخمسمائة
وجدت بخط ابن القليوبي في كتابه العلم الظاهر كان الشيخ تاج الدين الحموي مدرسا بالمدرسة الصلاحية وخطيبا بالقاهرة وكان كثير الاشتغال بالعلم دائم التحصيل له وسمعت الشيخ الإمام الحافظ زكي الدين عبد العظيم يقول دخلت عليه يوما وهو في سرب تحت الأرض لأجل شدة الحر وهو يشتغل قال فقلت له في هذا المكان وعلى هذا الحال فقال إذا لم أشتغل بالعلم ماذا أصنع
"""
صفحة رقم 25 """
وسمعته أيضا يقول وجد في تركته محابر تسع إحداهن تسعة أرطال والأخرى أحد عشر رطلا والأخرى ثمانية ووجد في تركته أيضا خمسون ديوانا خطبا وسمعت أن له ديونا لم أقف عليه
وكان حسن الخط جيد الانتقاد رأيت كتاب البيان للعمراني بخطه وحواشيه أيضا بخطه في مواضع كثيرة ينبه عليها تدل عليها وفور علمه وكثرة اطلاعه
قال الشيخ الحافظ وكان يأخذ الكتاب بالثمن اليسير فلا يزال يخدمه حتى يصير من الأمهات انتهى ما وجدته ونقلته من خط الشيخ كمال الدين بن القليوبي
ونقلت من خط الشيخ تاج الدين الحموي من نظمه نفعنا الله به
اثنان من بعدهما تسعة
وسبعة من قبلها أربع
وخمسة ثم ثلاث ومن
بعد ثلاث ستة تتبع
ثم ثمان قبلها واحد
فرتب الأعداد إذ تجمع
تكتب على خرقتين لم يصبهما ماء وتضعهما الطلقة تحت قدميها تضع بإذن الله تعالى عز وجل وهذه صورتها انتهى ما نقلته من خطه على صورته
716
محمد بن يحيى بن منصور الإمام المعظم الشهيد أبو سعيد النيسابوري تلميذ الغزالي
ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة وتفقه على الغزالي وبه عرف وعلى أبي المظفر الخوافي
"""
صفحة رقم 26 """
سمع الحديث من أبي حامد بن علي بن عبدوس ونصر الله الخشنامي وجماعة كثيرة وخرجت له أربعون حديثا وقعت لنا بالسماع
وله تصانيف كثيرة منها المحيط في شرح الوسيط والإنصاف في مسائل الخلاف وتعليقة أخرى في الخلافيات كثيرة التحقيق
وكان إماما مناظرا ورعا زاهدا متقشفا وكان والده من أهل حيرة قدم نيسابور لأجل القشيري
قال ابن السمعاني فصحبه مدة وجاور وتعبد
قال وأما ولده فكان أنظر الخراسانيين في عصره
ومن شعر محمد بن يحيى
وقالوا يصير الشعر في الماء حية
إذا الشمس لاقته فما خلته حقا
فلما التوى صدغاه في ماء وجهه
وقد لسعا قلبي تيقنته صدقا
قتل محمد بن يحيى في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة قتله الغز فمات شهيدا قيل إنهم دسوا في فيه التراب حتى مات وذلك لما خرجوا على السلطان الكبير أعظم ملوك السلجوقية سنجر بن ملكشاه السلجوقي وفعلوا العظائم واقتحموا الجرائم
وكانت واقعتهم من أعظم الوقائع وأغربها وقتل فيها أمم لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى الذي خلقهم
"""
صفحة رقم 27 """
قال ابن السمعاني رأيت محمد بن يحيى في المنام فسألته عن حاله فقال غفر لي
وقال علي بن أبي القاسم البيهقي يرثي محمد بن يحيى وقد قتل
يا سافكا دم عالم متبحر
قد طار في أقصى الممالك صيته
بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف
من كان يحيى الدين كيف تميته
وقال آخر يمدحه
رفات الدين والإسلام تحيى
بمحيى الدين مولانا ابن يحيى
(
كأن الله رب العرش يلقى عليه حين يلقي الدرس وحيا
ومن الفوائد عنه
قال محمد بن يحيى في مسألة العينة بعد ما ذكر اعتراض الخصوم بأنه وسيلة إلى الربا ووسيلة إلى مقصود الربا وهو الفضل أو إلى عين الربا وهو مقابله الدرهم بالدرهمين الثاني ممنوع وهو المحرم في سائر المعاصي أعني وسيلة القتل والزنا وما يفضي بالآخرة إلى حقيقة تلك الجناية والأول مسلم ولا تحريم فيه فإن النكاح يفيد مثل مقصود الزنا وهو مشروع وجوز الحنفية بيع صبرة بصبرة كل حفنة بحفنتين وهو محصل لمقصود الربا
وهذا كلام حسن كان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله تعالى يبديه تفقها وأصله موجود في كلام الغزالي حيث يقول ولا نظر إلى الزيادة عند عدم المقابلة
"""
صفحة رقم 28 """
استئجار البياع على كلمة لا تتعب ذكر الرافعي أنه فاسد وأنهم لم يجعلوه من صور الوجهين ثم قال لكن المحكي عن الإمام محمد بن يحيى أن ذلك في المبيع المستقر قيمته في البلد كالخبز واللحم وأما الثياب والعبيد وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف قدر المتعاقدين فلا
717
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عبد الله الطيان المروزي الرمادي أبو عبد الله
قال ابن السمعاني في التحبير فقيه فاضل زاهد حافظ للقرآن كثير التلاوة قرأ بالروايات وكان من الأخيار الزاهدين الورعين
يعرف بالفقيه الزاهد
سمع بمرو جدي أبا المظفر وأسعد بن أبي سعيد الميهني وبنيسابور أبا بكر السروي وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وغيرهم
سمعت منه وقرأت عليه القرآن ختمات بحرف ابن ذكوان عن عبد الله بن عامر
توفي في المحرم سنة تسع وعشرين وخمسمائة ودفن بسنجدان
"""
صفحة رقم 29 """
718
محمد بن أبي علي بن أبي نصر بن أبي سعيد الشيخ فخر الدين النوقاني
من أهل نوقان طوس
درس الفقه بنيسابور على محمد بن يحيى ثم قدم بغداد واستوطنها ودرس بالمدرسة القيصرية بها مدة إلى أن أنشأت أم الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين مدرسة بالجانب الغربي فجعلته مدرسا بها
قال ابن النجار كان من كبار الأئمة وأعيان فقهاء الأمة عالما كاملا نبيلا بارعا له اليد الباسطة في المذهب والخلاف والباع الممتد في حسن الكلام في المناظرة وإيراد ما يورده من الجدل والمنطق وله معرفة تامة بالتفسير
قال وأكثر الفقهاء والمدرسين ببغداد من الشافعية والحنابلة تلامذته
قال وكان مع فضله صالحا متدينا حافظا لأوقاته لا يذهب ساعة من عمره إلا في أشغال أو اشتغال أو نسخ أو مطالعة
حدث ببغداد بكتاب الأربعين لشيخه محمد بن يحيى عنه
قال وسمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن أبي بكر بن الدباس يقول فيه كان وليا لله ويذكر أشياء من كلامه كان يعده بها ورآها
مولده بنوقان في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة
وتوفي في صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 30 """
719
محمد بن أبي سعيد بن محمد السعدي الإمام أبو المظفر الخواري
صاحب التعليقة في الخلاف المسماة المعترض
720
محمد بن أبي القاسم بن عبيد الغولقاني المروزي من قرية غولقان
قال ابن السمعاني ولد بها في حدود سنة خمسين وأربعمائة
قال وكان فقيها فاضلا عالما زاهدا ورعا حسن المعرفة بالمذهب حافظا له
سمع أبا الخير محمد بن موسى الصفار والإمام أبا المظفر وأبا بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الخطيب الكشميهني وأبا الفتوح عبد الغافر بن الحسين الألمعي الكاشغري الحافظ وغيرهم
كتبت عنه بمرو وسمعت منه كتاب دور من ذكر مرو لأبي الفتح الألمعي الحافظ بروايته عنه وغير ذلك توفي بغولقان في جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمسمائة
محمد الماخواني
هو محمد بن عبد الرزاق
تقدم في هذه الطبقة
"""
صفحة رقم 31 """
721
إبراهيم بن أحمد بن محمد بن علي بن عطاء المروروذي الإمام أبو إسحاق
ولد في ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة
وكان أحد أئمة المسلمين ومن كبار العلماء العاملين
تفقه على الحسن النيهي والإمام أبي المظفر السمعاني
وسمع الحديث الكثير وحدث بالكتب الكبار
وأصله من قرية يقال لها فلخار من قرى مرو الروذ
قال ابن السمعاني سمع بمرو الروذ أبا عبد الله محمد بن محمد بن العلاء البغوي وسمع أيضا أبا المظفر بن السمعاني وأبا عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ الأصبهاني وغيرهم بمرو وغيرها
حدث عنه ابن السمعاني وقال سمعت منه الكثير
قال وكان إماما متقنا مفتيا مصيبا ومناظرا ورعا محتاطا في المأكول والملبوس حاد الخاطر حسن المحاورة كثير المحفوظ ذا رأي ونباهة وإصابة في التدبير وكان الأكابر يصادقونه ويستضيئون برأيه ويزورونه
"""
صفحة رقم 32 """
قال وكان والدي لما توفي فوض النظر في مصالحي إليه وفي مصالح أخي وجعله وصيا
قال وكان إذا دخل مدرستنا لا يشرب الماء في زاويتنا ولا في دارنا ويحتاط في ذلك
قال وقتل في الوقعة الخوارزمشاهية في شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمسمائة أصابه سهمان فبقي بعدهما ثلاثة أيام ومات
722
إبراهيم بن الحسن بن طاهر أبو طاهر الحموي المعروف بالحصني
من فقهاء دمشق
ولد في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وأربعمائة بحماة
وتفقه ببغداد وسمع أبا علي بن نبهان الكاتب وأبا طالب الزينبي وأبا طاهر الحنائي وابن الموازيني وغيرهم
روى عنه ابن السمعاني وابن عساكر وابنه القاسم بن عساكر وأبو القاسم بن صصرى وأبو نصر بن الشيرازي وغيرهم
وقدم دمشق واجتمع بالملك العادل نور الدين وحكى عن نفسه أنه كان عنده يوما
"""
صفحة رقم 33 """
بقلعة دمشق وأن نور الدين التفت إلى كاتبه وقال اكتب إلى نائبنا بمعرة النعمان ليقبض على جميع أملاك أهلها فقد صح عندي أن أهل المعرة يتقارضون الشهادة فيشهد أحدهم لصاحبه في ملك ليشهد له ذلك في ملك آخر فجميع ما في أيديهم بهذا الطريق
قال فقلت له اتق الله فإنه لا يتصور أن يتمالأ أهل بلد على شهادة الزور
فقال صح عندي ذلك
فكتب الكاتب الكتاب ودفعه إليه ليعلم عليه وإذا بصبي راكب بهيمة على نهر بردى وهو ينشد
اعدلوا ما دام أمركم
نافذا في النفع والضرر
واحفظوا أيام دولتكم
إنكم منها على خطر
إنما الدنيا وزينتها
حسن ما يبقى من الخبر
قال فاستدار إلى القبلة وسجد واستغفر الله ثم مزق الكتاب وتلا قوله تعالى ) فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله (
توفي الحصني بدمشق في صفر سنة إحدى وستين وخمسمائة
723
إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن علي بن محفوظ بن منصور ابن معاذ بن يحيى
"""
صفحة رقم 34 """
724
إبراهيم بن علي بن الحسين بن علي الطبري
"""
صفحة رقم 35 """
725
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن مهران الجزري أبو طاهر
مولده في المحرم سنة أربع عشرة وخمسمائة
وكان فقيها زاهدا من كبار تلامذة ابن البزري
سمع الحديث ببغداد من أبي الفتح الكروخي وغيره
قال ابن باطيش في الفيصل عاد من بغداد إلى الجزيرة في أيام شيخه أبي القاسم بن البزري ولازم التدريس والإفادة إلى أن صار إمام وقته مشارا إليه في التدريس والفتوى وتخرج به جماعة وظهرت بركته عليهم
وتوفي بالجزيرة ليلة الخميس خامس المحرم سنة تسع وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 36 """
726
إبراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز أبو إسحاق الغنوي الرقي الصوفي
ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة
وسمع رزق الله التميمي وغيره
وتفقه على حجة الإسلام الغزالي وفخر الإسلام الشاشي
وكتب الكثير من تصانيف الغزالي
وروى عنه ابن السمعاني وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وعمر بن طبرزد وآخرون
توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
727
إيراهيم بن المطهر أبو طاهر الشباك الجرجاني
حضر دروس إمام الحرمين بنيسابور ثم صحب الغزالي وسافر معه إلى العراق والحجاز والشام ثم عاد إلى وطنه بجرجان وأخذ في التدريس والوعظ وظهر له القبول وبنيت له مدرسة ثم قتل بغتة ومات شهيدا سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
"""
صفحة رقم 37 """
728
إبراهيم بن منصور بن مسلم أبو إسحاق العراقي الفقيه المصري
شارع المهذب
إمام الجامع العتيق بمصر وخطيبه
كان في مبدأ عمره يعمل النشاب في القاهرة
قال ابن القليوبي في مناقب الفقيه أبي الطاهر سمعت والدي يقول كان سبب اشتغاله بالعلم أنه اشترى جارية وباتت عنده فلما أصبح أتى إلى حانوته على عادته فقال له بعض جيرانه كيف وجدت جاريتك البارحة فقال له آخر كيف يجتمع معها قبل أن يستبرئها
فقال وما الاستبراء
فقال أن تحيض في ملكك
فتجرد لطلب العلم ورحل إلى العراق وفتح عليه هناك وأقام مدة ثم قدم مصر ومن ثم عرف بالعراقي
قلت تفقه بالعراق على أبي بكر محمد بن الحسين الأرموي صاحب أبي إسحاق الشيرازي وعلى أبي الحسن بن الخل وبمصر علي القاضي مجلي
ولد سنة عشر وخمسمائة من تصانيفه شرح المهذب الذي أشرنا إليه وغيره
وكان معظما في القاهرة وعنه أخذ فقهاؤها منهم الفقيه أبو الطاهر خطيب مصر وغيره
"""
صفحة رقم 38 """
وكان رجلا ورعا ذا حال حسنة
حكى تلميذه الفقيه أبو الطاهر قال اشتهت نفسي ليلة قطائف ولم يكن عندي شيء واشتدت مطالبة النفس بها فقلت لا شيء عندي فقالت البياع الذي تستجر منه مجاور صاحب القطايف يأخذ لك منه ما تحب ويعطيك العسل على جاري عادته فخرجت بهذا القصد لأقول له ذلك فبينا أنا واقف عليه والشهوة تبعث على الطلب والنفس تأبى وإذا بالشيخ أبي إسحاق العراقي ناولني كاغدة وقال لي لطائف أحلى من القطائف
فأخرجت منها ما قضيت به حاجتي
كذا أسند هذه الحكاية ابن القليوبي في مآثر أبي الطاهر
وكان أبو إسحاق العراقي من الفضل بحيث لا يتعجب من مثل هذه الواقعة منه
توفي في إحدى الجماديين سنة ست وتسعين وخمسمائة
وولى الخطابة بعده ولده ولولده ديوان خطب مشهور
قال ابن القليوبي يقال إن ولده كان في جنازة والده ينشىء الخطبة التي يخطب بها وكان مفتتحها الحمد لله الذي شتت بالموت شمل الأحبا وأورث البنين مناصب الآبا
قال وقرأ فيها ) إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين (
قلت وولى الخطابة بعد ابن أبي إسحاق الفقيه أبو الطاهر المحلى الرجل الصالح وكان قبل ذلك يؤم بالمسجد المعلق بسوق الغزل بمصر الذي يقال من أم فيه خطب في هذا الجامع
"""
صفحة رقم 39 """
قال ابن القليوبي ورأيت من الاتفاق العجيب أم فيه الشيخ أبو الطاهر فأم بالجامع وخطب وأم فيه الشيخ أبو المجد فأم بالجامع وخطب وأم فيه الكمال عبد الرزاق خليفة الحكم بمصر فأم بالجامع وخطب قال ورأيت من هذا الاستقراء عجبا
ومن الفوائد عن أبي إسحاق
حكى في شرح المهذب في مسألة اشتباه الإناء الطاهر بالنجس وجها أنه يعتبر الملك فإن كان الإناءان ملكا لرجل تحرى فيهما وإن كانا لرجلين لم يجب التحري وجاز لكل واحد أن يتوضأ بإنائه من غير تحر لأن الأصل الطهارة وقد شك في نجاسته فلا يزال تيقن الطهارة بالشك
كما لو قال رجل إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق وقال آخر إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ثم طار ولم يعلم
وليس بشيء لأن التوضي بملك الغير كالتوضي بملكه فليس يستدعى صحة الوضوء ملكا بخلاف الوطء فإنه لا يحل إلا في ملك فافترقا هذه عبارته في شرح المهذب
وفيها بعض المدافعة فأول كلامه يدل على أن الوجه في تحري الرجلين في إنائهما وهذا غير غريب بل هو الحق فلا يجب على كل واحد أن يتحرى في إناء نفسه لنفسه وآخر يدل على أن مراده أنه في تحري الرجلين في إناءين يملك أحدهما والآخر ملك لغيره فإن كان في هذه الصورة فهو وجه غير بعيد والذي أحسبه أنه سقط من الكلام شيء لعل آفته الناسخ
"""
صفحة رقم 40 """
729
إدريس بن حمزة بن علي الشامي الرملي أبو الحسن
من أهل الرملة
قال ابن السمعاني كان فقيها فاضلا مبرزا فصيحا عالما من فحول الأمة
تفقه أولا ببيت المقدس على الفقيه نصر بن إبراهيم لمقدسي ثم ببغداد على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي ودخل خراسان وخرج إلى ما وراء النهر وسكن سمر قند وفوض إليه التدريس لأصحاب الشافعي في مسجد المنارة وسكنها إلى أن توفي بها
قال وسمعت جماعة من علماء سمرقند يفخمون أمره ويذكرونه بالتعظيم ويقولون كان علماء سمرقند مثل السيد الأشرف والكاسي يهابون الكلام معه في المسائل
"""
صفحة رقم 41 """
لفصاحته وفضله وجريه
ذكره الحافظ أبو حفص عمر بن محمد النسفي وقال كان من فحول المناظرين
وذكر الحافظ أبو الفضل بن طاهر أنه سمع أبا الحسن إدريس بن حمزة هذا بمرو يقول لما دخلت بغداد واشتغلت بالدرس في حلقة الشيخ أبي إسحاق دخل علي في بعض الأيام فرأى في يدي شيئا مما علقته عن الشيخ نصر فأعجب به وقال لم أكن أظن أنه بهده الدرجة
وذكر النسفي أنه توفي في يوم الجمعة الثامن عشر من شهر رمضان سنة أربع وخمسمائة
730
أسعد بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف أبو الغنائم البامنجي الخطيب
ولد في صفر سنة سبع وسبعين وأربعمائة
وروى عن عمر بن أحمد بن محمد بن الخليل البغوي
روى عنه عبد الرحيم بن السمعاني
تفقه علي محي السنة البغوي والموفق الهروي مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 42 """
731
أسعد بن محمد بن أحمد بن أبي سعد بن علي أبو سعد الثابتي
من أهل بنج ديه
ولد سنة خمس وأربعين وخمسمائة
732
أسعد بن محمد بن أبي نصر أبو الفتح الميهني
بكسر الميم وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها النون بعد الهاء نسبة إلى ميهنة قرية بين سرخس وأبيورد
هو الإمام الكبير النظار صاحب الطريقة المتفق على أنه الفرد في علم الخلاف
كنيته أبو الفتح
تفقه على الإمام أبي المظفر منصور بن محمد السمعاني وعلى الموفق الهروي بمرو
"""
صفحة رقم 43 """
وقال أبو سعد بن السمعاني برع في الفقه وفاق أقرانه في حدة الخاطر والاعتراض وجرى اللسان وقهر الخصوم وكان والدي استنابه في التدريس بالنظامية بمرو فتولى ذلك وتفقه عليه جماعة ثم خرج من مرو إلى غزنة وأكرم مورده وبلغ إلى لوهور وشاع ذكره بالفضل والنظر في تلك الديار وحصل له مبلغ من الأموال العبيد والخدم وانصرف منها وقصد العراق فورد العراق ودرس بالنظامية بها وعلق عليه تعليقة الخلاف وانتشر ذكره في الأقطار ورحل إليه طلبة العلم من الأمصار وصار مقصدا للكل
قال وسمع بنيسابور بقراءة والدي
قال وما أظنه روى شيئا من الحديث
قال ورجع من خراسان إلى العراق يعني بعد أن أنفذ إليها رسولا من جهة السلطان محمود إلى مرو وكان قد فتر سوقه وما زال حاله يصعد وينزل إلى أن أدركته منيته بهمذان بعد العشرين وخمسمائة
قال وسمعت أبا بكر محمد بن علي بن عمر الخطيب يقول سمعت فقيها من أهل قزوين وكان يخدم الإمام أسعد في آخر عمره بهمذان قال كنا معه في بيت وقت أن قرب ارتحاله فقال لنا اخرجوا من ها هنا فخرجنا فوقفت على الباب وتسمعت فسمعته يلطم وجهه ويقول واحسرتا على ما فرطت في جنب الله وجعل يبكي ويلطم وجهه ويردد هذه الكلمة إلى أن مات
رحمه الله تعالى
"""
صفحة رقم 44 """
733
إسماعيل بن أحمد بن الحسين الخسروجردي شيخ القضاة أبو علي
ولد الإمام الجليل الحافظ أبي بكر البيهقي
مولده بخسروجرد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة
وسمع أباه وأبا حفص بن مسرور وأبا عثمان الصابوني وعبد الغافر بن محمد الفارسي وناصر بن الحسين العمري وغيرهم
روى عنه أبو القاسم بن السمرقندي و إسماعيل بن أبي سعد الصوفي وغيرهما
تفقه على أبيه وتخرج به في الحديث وسافر الكثير ودخل خوارزم فسكن بها مدة وولى بها الخطابة وتدريس الشافعية والقضاء من وراء جيحون الذي كان برسم أصحاب الشافعي ثم سافر إلى بلخ وأقام بهامدة ثم عاد إلى بيهق بعد ما غاب عنها نحو ثلاثين سنة وتوفي بها في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة
734
إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الصمد النيسابوري أبو سعد بن أبي صالح المؤذن
أما والده أبو صالح المؤذن فمحدث شهير وأما أبو سعد ففقيه كبير إمام من الأئمة ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين
"""
صفحة رقم 45 """
وتفقه على إمام الحرمين وأبي المظفر السمعاني وسمع أباه وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وأبا القاسم القشيري وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزدي الهروي والفقيه أبا الحسن علي بن يوسف الجويني وأبا سهل محمد بن أحمد الحفصي وغيرهم
وأجاز له أبو سعد الكنجروذي
وروى عنه محمد بن طاهر المقدسي مع تقدمه وأبو القاسم بن عساكر وأبو موسى المديني وأبو الفرج بن الجوزي وقاضي القضاة أبو سعد بن أبي عصرون وآخرون
قال ابن عساكر كان إماما في الأصول والفقه حسن النظر مقدما في التذكير وجيها عند سلطان كرمان معظما بين أهلها محترما بين العلماء وسائر البلاد قرأ الإرشاد على مصنفه إمام الحرمين
وقال ابن السمعاني كان ذا رأي وعقل وتدبير وفضل وافر وعلم غزير ظهر له العز والجاه والثروة وبقي مكرما بكرمان
قال ابن الجوزي توفي ليلة عيد الفطر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
وقال ابن السمعاني توفي في آخر يوم من شهر رمضان من السنة المذكورة ببردسير كرمان ودفن يوم الفطر
"""
صفحة رقم 46 """
735
إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي الحافظ المسند أبو القاسم بن السمرقندي
ولد بدمشق في رمضان سنة أربع وخمسين وأربعمائة
وسمع أبا بكر الخطيب وأبا نصر بن طلاب وعبد العزيز الكناني وابن هزار مرد الصريفيني وابن النقور وأبا نصر الزينبي وابن البسرى وخلقا بالشام والعراق
روى عنه ابن السمعاني وابن عساكر وعمر بن طبرزد وأبو اليمن الكندي وعبد العزيز بن الأخضر وخلائق فإنه عمر وعلا سنده
قال أبو شجاع عمر البسطامى أبو القاسم إسناد خراسان كله والعراق وإسناد بنون يعني مسنده
توفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمسمائة
ذكره ابن الصلاح فتابعناه في إيراده
"""
صفحة رقم 47 """
736
إسماعيل بن عبد الملك بن علي أبو القاسم الحاكمى
من أهل طوس من تلامذة إمام الحرمين
سمع أبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وأبا صالح المؤذن وعمه نصر بن علي
قال ابن السمعاني برع في الفقه وكان إماما ورعا بارعا حسن السيرة سافر إلى العراق والشام مع الغزالي وكان شريكا له في الدرس وكان أكبر سنا منه
قال وسمعت أن الغزالي كان يكرمه غاية الإكرام ويقدمه على نفسه وفي بعض الأوقات يخدمه وأظن أنهما خرجا متعادلين من بغداد إلى الحجاز
توفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة ودفن إلى جانب الغزالي
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا محمد بن قايماز وفاطمة بنت إبراهيم قالا أخبرنا الحسن بن الزبيدي زاد ابن قايماز وأبو المنجا بن اللتي قالا أخبرنا أبو الفتوح الطائي أخبرنا الشيخ الجليل أبو القاسم الحاكمي أخبرنا عمي الزكي الحاكم أبو الفتح نصر بن علي بن أحمد أخبرنا الشيخ أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق التمار المعروف بابن داسة البصري قال أخبرنا
"""
صفحة رقم 48 """
أبو داود السجستاني قال حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان رضي الله عنه قال قيل له لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة قلت أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن لا نستنجي باليمين وأن لا يستنجى أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو نستنجى برجيع أو عظم وفي رواية بروث أو رمة
نقلت من خط الحافظ أبي سعد بن السمعاني في كتابه لفتة المشتاق إلى ساكني العراق ما صورته سمعت أبا الفتوح نصر بن محمد بن إبراهيم المراغي مذاكرة بآمل طبرستان يقول اجتمع الإمام أبو حامد الغزالي وإسماعيل الحاكمي وأبو الحسن البصري وإبراهيم الشباك الجرجاني وجماعة كثيرة من الغرباء والصلحاء في مهد عيسى عليه السلام ببيت المقدس فأنشد قوال هذين البيتين
فديتك لولا الحب كنت فديتني
ولكن بسحر المقلتين سبيتني
أتيتك لما ضاق صدري من الهوى
ولو كنت تدري كيف شوقي أتيتني
فتواجد أبو الحسن البصري وجدا أثر في الحاضرين وتوفي محمد الكازروني من بين الجماعة في الوجد
قال المراغي وكنت معهم حاضرا وشاهدت ذلك
737
إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد البوشنجي الإمام أبو سعيد بن أبي القاسم
نزيل هراة
"""
صفحة رقم 49 """
قال الرافعي في كتاب الخلع من الشرح إمام غواص من المتأخرين لقيه من لقيناه وقال عبد الغافر الفارسي شاب نشأ في عبادة الله تعالى مرضي السيرة والطريقة جار على منوال أبيه أبي القاسم البوشنجي الفقيه وهو فقيه مدرس مناظر ورع زاهد دخل نيسابور وحضر مجالس النظر فارتضاه الأئمة والفقهاء
وقال ابن السمعاني إمام فاضل غزير الفضل حسن المعرفة بمذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه جميل السيرة مرضي الطريقة كثير العبادة دائم الذكر خشن العيش قانع باليسير راغب في نشر العلم لازم للسنة غير ملتفت إلى الأمراء وأبناء الدنيا
ورد بغداد حاجا فسمع من أبي علي بن نبهان وأبي القاسم بن بيان الرزاز وغيرهما وسمع منه الحديث
قال وقدم علينا مرو ونزل المدرسة النظامية وسمعت منه وسمع هو بنيسابور أبا صالح المؤذن وأبا بكر بن خلف الشيرازي وسكن هراة إلى حين وفاته وصنف في المذهب وكان مفتيهم
قال وقرأت بخط زاهر بن طاهر أن مولد إسماعيل البوشنجي سنة إحدى وستين وأربعمائة
قال وسمعت محمد بن أبي نصر الهروي بالري يقول إنه توفي بهراة سنة ست وثلاثين وخمسمائة
قلت البوشنجي بضم الباء بعدها واو ساكنة ثم شين معجمة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم الجيم نسبة إلى بوشنج بلدة قديمة على سبعة فراسخ من هراة والنسبة إليها بوشنجي وفوشنجي بالفاء والباء الموحدة من تحت
"""
صفحة رقم 50 """
وإسماعيل هذا مشهور عند الفقهاء بالبوشنجي وعند المحدثين على ما رأيته في تصانيف الإمام أبي سعد بن السمعاني بالخرجردي بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الجيم وسكون الراء الأخرى وكسر الدال المهملة نسبة إلى خرجرد بلدة من بلاده بوشنج هراة
وهؤلاء الخرجردية البوشنجية بيت فضل أبو القاسم والد إسماعيل هذا وسيأتي إن شاء الله تعالى وإسماعيل صاحب الترجمة وهو واسطه العقد وابن عمته أبو بكر أحمد بن محمد تقدم وقرابتهم أبو نصر عبد الرحمن بن يوسف سوف يأتي إن شاء الله تعالى
نقل الرافعي عن البوشنجي في رجل قال لامرأته أنت طالق للسنة وهي طاهر ثم اختلفا فقال جامعتك في هذا الطهر فلم يقع طلاق في الحال وقالت لم تجامعني وقد وقع أن مقتضى المذهب أن القول قوله لأن الأصل بقاء النكاح وكما لو قال المولى والعنين وطئت
قلت وهذا يصير من المسائل المستثناه من قولنا القول قول نافى الوطء لاعتضاده بالأصل وقد قال الرافعي إن الأصحاب استثنوا مواضع أحدها إذا ادعت عنته وقال أصبتها فالقول قوله بيمينه
والثاني إذا طالبته في الإيلاء بالفيئة أو الطلاق فقال وطئتك فالقول قوله استدامة للنكاح
والثالث إذا أتت بولد يمكن أن يكون منه وادعت الوطء وأنكر هو فهل القول
"""
صفحة رقم 51 """
قوله أو قولها فيه قولان مشهوران في التنبيه وغيره أصحهما أن القول قولها ولم يحك الرافعي سواه
والرابع إذا اتفقا على الخلوة واختلفا في الإصابة فقولان أظهرهما أنه المصدق والثاني تصدق هي وعلى هذا يصح الاستثناء ولم يذكر الرافعي إلا هذه المواضع وأغفل مواضع غيرها فنقول
الخامس إذا قلنا إن خيار الأمة في العتق يسقط بالوطء فادعى الزوج أنه وطئ وأنكرت هل القول قوله أو قولها فيه وجهان
والسادس ما قدمناه عن البوشنجي
والسابع ما في الرافعي عن فتاوى البغوي من أنه لو تزوجها بشرط البكارة فوجدت ثيبا ثم اختلفا فقالت كنت بكرا فافتضني فقال بل كنت ثيبا فالقول قولها بيمينها لدفع الفسخ وقوله لدفع كمال المهر
"""
صفحة رقم 52 """
38
إسماعيل بن عمرو بن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر ابن محمد البحيري النيسابوري أبو سعيد بن أبي عبد الرحمن
من بيت الحديث والفضل
تفقه على ناصر العمري وكان يقرأ دائما صحيح مسلم للغرباء والرحالة على عبد الغافر الفارسي قرأه عليه أكثر من عشرين مرة وكف بصره بأخرة
سمع من أبي بكر بن منجوية الحافظ وأبي حسان المزكي وغيرهما
روى عنه أبو شجاع البسطامي
ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة ومات في آخر سنة إحدى وخمسمائة وقد أملى مجالس بنيسابور
739
إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن أبي القاسم أبو الفضل الجنزوي أصلا الدمشقي مولدا ودارا الفقيه الشروطي الفرضي ويقال فيه أيضا الجنزي
"""
صفحة رقم 53 """
ولد سنة ثمان وتسعين وأربعمائة
وتفقه على جمال الإسلام أبي الحسن بن المسلم ونصر الله المصيصي وسمع منهما ومن هبة الله بن الأكفاني وجماعة كثيرين
روى عنه أبو محمد القاسم ابن الحافظ وعبد العزيز بن الأخضر وعبد القادر وغيرهم
توفي في سلخ جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة
740
إسماعيل بن علي بن عبيد الموصلي أبو الفداء الواعظ الشافعي
سافر الكثير وسمع
مات بالموصل في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة
741
بدر بن أحمد أبو النجم الإستراباذي
تفقه بواسط على القاضي أبي علي الفارقي
ومات بها في سنة تسع وستين وخمسمائة ذكره ابن باطيش
"""
صفحة رقم 54 """
742
جعفر بن أبي طالب أحمد بن محمد بن عبد الله بن عوانة أبو الفخر القايني
من أهل هراة
ولد في الحادي والعشرين من صفر سنة تسع وخمسين وأربعمائة
سمع من أبي إسماعيل الأنصاري
وروى عنه أبو سعد بن السمعاني وابنه عبد الرحيم
وولى القضاء بغورج قرية على باب هراة ومات بها سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
743
الجنيد بن محمد بن علي القايني الشيخ أبو القاسم بن أبي منصور الفقيه الصوفي
شارك في الاسم والكنية واسم الأب والصوفية والتفقه سيد الطائفة أبا القاسم الجنيد رحمه الله تعالى
وكان والده يعرف بالدباغ
مولد هذاسنة اثنتين وستين وأربعمائة
سمع بطبس أبا الفضل محمد بن أحمد الطبسي الحافظ وبقاين والده أبا منصور الدباغ وسمع أيضا نظام الملك الوزير ومحمد بن عبد الرزاق الماخواني الفقيه وأبا الفتح المطهر بن محمد بن جعفر البيع وخلائق بأصبهان ونيسابور ومرو وهراة
روى عنه الحافظ أبو سعد بن السمعاني والحافظ أبو القاسم بن عساكر والحافظ أبو الفضل بن ناصر وغيرهم
تفقه على الشيخين الإمام أبي المظفر السمعاني والشيخ أبي الفرج الزاز وغيرهما
وصحب في التصوف عبد العزيز بن عبد الله القايني
"""
صفحة رقم 55 """
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا متقنا ورعا عالما عاملا بعلمه كثير العبادة دائم التهجد والتلاوة
قال وكان الشيخ الصوفية في رباط فيروزاباد بظاهر هراة أربعين سنة ومقدمهم واطنب في وصفه في كتاب التحبير
وقال توفي بهراة ليلة الاثنين ودفن من الغد الرابع عشر من شوال سنة سبع وأربعين وخمسمائة ببيت الريح وصلى عليه في الجامع
أخبرنا غير واحد إذنا عن أبي الفضل بن عساكر عن أبي الطيب بن سعد بن السمعاني أخبرنا الجنيد بن محمد الصوفي بقراءتي عليه أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد الطبسي الحافظ بقاين أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي سمعت أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار القرشي يقول دخلت مع خالي بغداد سنة ثلاث وثلاثمائة وبغداد تغلى بالعلماء والأدباء والشعراء وأصحاب الحديث وأهل الأخبار والمجالس عامرة وأهلها متوافرون فأردت أن أطوف المجالس كلها وأخبر أخبارها فقيل لي إن هاهنا شيخا يقال له أبو العبر طز أملح الناس يحدث بالأعاجيب فقلت لخالي مل بنا ندخل على الشيخ فقال إنه مهوس يضحك منه الناس فارتحلنا من بغداد ولم ندخل عليه وكنت أجد في القلب من ذلك ما أجد حتى إذا كان انحداري من الشام بعد طول من المدة فلما دخلت بغداد سألت عنه فقيل إنه يعيش وله مجلس فقمت وعمدت إلى الكاغد والمحبرة وقصدت الشيخ فإذا الدار مملوءة من أولاد الملوك والأغنياء بأيديهم الأقلام يكتبون وإذا مستمل قائم في صحن الدار وإذا شيخ في صحن الدار ذو جمال
"""
صفحة رقم 56 """
وهيبة قد وضع في رأسه طاق خف مقلوب مشتمل بفرو أسود وجعل الجلد مما يلي بدنه فجلست في أخريات القوم وأخرجت الكاغد وانتظرت ما يذكر من الإسناد فلما فرغوا قال الشيخ حدثنا الأول عن الثاني عن الثالث أن الزنج والزط كلهم سود وحدثني حرياق عن يقاق عن رياق قال مطر الربيع ماء كله وحدثني دريد عن وريد عن رشيد قال الضرير يمشي رويد
قال أبو بكر أحمد بن يعقوب فتعجبت من أمره وتطلبت به خلوة في أيام أعود إليه كل يوم فلا أصل إليه حتى كانت الليلة التي يخرج فيها الناس إلى الغدير اجتزت بباب داره فإذا الدار ليس فيها أحد فدخلت فإذا أنا بالشيخ وحده جالس في صدر الدار فدنوت منه فسلمت عليه فرحب بي وأدناني وجعل يسألني ورأيت منه من جميل المحيار والعقل والظرافة والأدب ما تحيرت فقال لي هل من حاجة فقلت نعم تحيرت في أمر الشيخ وما هو مدفوع إليه مما لا يليق بعقله وحسن أدبه وفصاحته فتنفس تنفسا شديدا ثم قال يا بني إن الاضطرار رفع الاختيار إن السلطان أرادني على عمل لم أكن أطيقه وحبسني في المطبق أيام حياته فلما ولى ابنه عرض علي ما عرضه أبوه فأبيت فردني إلى أسوأ حال وذهب من يدي ما كنت أملكه فاخترت سلامة الدين ولم أتعرض لشيء من الدنيا بشيء من ديني وصنت العلم عما لا يليق به ولم أجد وجها للخلاص فتحامقت ونجوت فها أنا ذا في رغد من العيش
"""
صفحة رقم 57 """
744
الحسن بن إبراهيم بن علي بن برهون القاضي أبو علي الفارقي
من أهل ميافارقين
ولد في عاشر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة
وتفقه في صباه على أبي عبد الله محمد بن بيان الكازروني ثم على أبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ ولازمهما حتى برع في المذهب وصار من أحفظ أهل زمانه له
وسمع الحديث من أبي جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة وعبد الله بن محمد الصريفيني وأبي الحسين بن النقور وغيرهم
روى عنه الصائن ابن عساكر وأبو سعد بن أبي عصرون وغيرهما
وولى القضاء بواسط وأعمالها فأقام بها مدة مديدة ثم عزله فأقام بواسط بعد عزله إلى حين وفاته يدرس الفقه ويروي الحديث
وكان ورعا زاهدا وقورا مهيبا لا تأخذه في الحق لومة لائم ولا يراعي أحدا في حكومة
قال أبو سعد بن السمعاني سمعت . . .
"""
صفحة رقم 58 """
"""
صفحة رقم 59 """
ومن المسائل عن القاضي أبي علي الفارقي
ذكر في فتاويه أنه يرى حلق القزع من الميت وإن لم يقل بحلق رأسه جميعه قال لأنه يكره تركه من الحي فكذلك من الميت
وفي فتاويه أيضا إذا تولد بين مأكول وحشي وغيره كالضبع والذئب والحمار الوحشي والأهلي حيوان وجب ضمانه تغليبا لجانب الحرمة وتغليب براءة الذمة
"""
صفحة رقم 60 """
أولى ثم إذا وجب الضمان ينبغي أن يضمن ما يقابل المضمون وهو النصف أما الجميع فلم . . هذا لفظه وفي النسخة نقص وحاصله أنه تردد في وجوب الضمان وبتقديره قال ينبغي النصف لا الجميع وهذا غريب بل المجزوم به في الرافعي وغيره إطلاق وجوب الجزاء وهو الوجه
745
الحسن بن أحمد بن عبد الله أبو علي الواسطي
درس بواسط بمدرسة ابن ورام وبها مات في حادي عشر المحرم سنة ست وسبعين وخمسمائة
746
الحسن بن سعد بن الحسن الخونجي أبو المحاسن
تفقه على إلكيا الهراسي
وكان ينوب عن الوزير أبي نصر بن نظام الملك في نظر النظامية
مات في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمسمائة
747
الحسن بن سعيد بن أحمد بن عمرو بن المأمون ابن عمرو بن المأمون بن المؤمل
أبو علي القرشي
من أولاد عتبة بن أبي سفيان بن حرب
"""
صفحة رقم 61 """
من أهل الجزيرة
تفقه ببغداد وسمع من أبوي القاسم بن الأنماطي وابن البسري وغيرهما ثم عاد إلى بلاده
وولي القضاء بجزيرة ابن عمر مدة ثم عزل وسكن آمد
مولده في سنة خمسين وأربعمائة وتوفي بها في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة
748
الحسن بن سعيد بن عبد الله بن بندار أبو علي الديار بكري الشاتاني
وشاتان قلعة من ديار بكر
كان مقيما بالموصل
تفقه ببغداد على أبي علي الحسن بن سليمان ثم على أبي منصور الرزاز والقاضي أبي علي الفارقي
وسمع الحديث من هبة الله بن الحصين ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبي منصور القزاز وغيرهم ومن شعره
أهدى إلى جسدي الضني فأعله
وعسى يرق لعبده ولعله
ما كنت أحسب أن عقد تجلدي
ينحل بالهجران حتى حله
"""
صفحة رقم 62 """
يا ويح قلبي أين أطلبه وقد
نادى به داعي الهوى فأضله
وأشد ما يلقاه من ألم الهوى
قول العواذل إنه قد مله
مولده بشاتان سنة عشر وخمسمائة ومات في شعبان سنة تسع وسبعين وخمسمائة
749
الحسن بن سلمان بن عبد الله بن الفتى النهرواني أبو علي الأصبهاني
قال الحافظ في التبيين إنه تفقه على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي مدرس النظامية بأصبهان وعلى غيره وولى قضاء خوزستان ثم تدريس النظامية ببغداد
قال كان ممن يملأ العين جمالا والأذن بيانا ويربي على أقرانه في النظر لأنه كان أفصحهم لسانا
سئل في بعض مجالسه التي كان يجلس فيها للتذكير عن علامة قبول الصوم فقال أن يموت في شوال قبل التلبس بسيىء الأعمال فمات في شوال بعد تأدية فرض رمضان يوم الاثنين الخامس من شوال سنة خمس وعشرين وخمسمائة ودفن بتربة الشيخ أبي إسحاق
وقال ابن النجار سمع الحديث من أبيه ومن القاسم بن الفضل الثقفي وغيرهما روى عنه أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري وقال لم ترعيناي مثله وأبو بكر المبارك
"""
صفحة رقم 63 """
ابن كامل الخفاف والحافظ وغيرهم
750
الحسن بن صافي بن عبد الله أبو نزار الملقب بملك النجاة
هكذاكان يلقب نفسه
تفقه على أحمد الأشنهي وقرأ أصول الدين على أبي عبد الله القيرواني وأصول الفقه على أبي الفتح بن برهان والخلاف على أسعد الميهني والنحو على أبي الحسن علي بن أبي زيد الفصيحي وبرع فيه
وسافر إلى خراسان وكرمان وغزنة ثم استوطن دمشق إلى حين وفاته
ولد ببغداد سنة تسع وثمانين وأربعمائة
ومن مصنفاته في النحو الحاوي والعمد والمنتخب وله مصنف في الفقه سماه الحاكم ومختصر في أصول الفقه ومختصر في أصول الدين وشعر كثير مجموع في ديوان
قال ابن النجار كان من أئمة النحاة غزير الفضل متفننا في العلوم وسمع الحديث من الشريف أبي طالب الزينبي
"""
صفحة رقم 64 """
توفي يوم الثلاثاء الثامن من شوال سنة ثمان وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة الباب الصغير
751
الحسن بن العباس بن علي بن الحسن بن علي بن الحسن بن محمد ابن الحسن بن علي بن رستم أبو عبد الله الرستمي
من أهل أصبهان
قال ابن النجار أحد الأئمة الفقهاء على مذهب الشافعي درس وأفتى أكثر من خمسين سنة وكان من الزهاد الورعين الخاشعين البكائين عند الذكر
سمع من عبد الوهاب بن مندة وخلائق كثيرين وعمر حتى حدث بالكثير وانتشرت عنه الرواية
روى عنه أبو مسعود عبد الجليل بن محمد الحافظ المعروف بكوتاه في معجم شيوخه وهو من أقرانه والحفاظ ابن السمعاني وابن عساكر وأبو موسى المديني وغيرهم
وقال ابن السمعاني إمام فاضل ورع مفتي الشافعية وله السيرة الحسنة والطريقة المرضية يذهب أكثر أوقاته في نشر العلم وإلقاء الدروس على أصحابه وهو على طريقة السلف في طرح التكلف والتواضع
وقال السلفي سمعت بعض أصحابنا الأصبهانيين يحكي عنه أنه كان في كل جمعة ينفرد في موضع ويبكي فيه فبكى حتى ذهبت عيناه
"""
صفحة رقم 65 """
وقال الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني توفي أستاذنا الإمام أبو عبد الله الرستمي في ثاني صفر سنة إحدى وستين وخمسمائة وكنت سألته عن مولده فقال في صفر سنة ثمان وستين وأربعمائة
752
الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن الحسن بن عمار الموصلي الشيخ أبو البركات شيخ ابن صلاح
ولد بالموصل سنة سبع وسبعين وأربعمائة
وتفقه ببغداد على إلكيا والشاشي وأسعد الميهني
ومات بالموصل في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وخمسمائة
753
الحسن بن علي بن القاسم الشهرزوري أبو علي القاضي
ولد في شعبان سنة سبع وتسعين وأربعمائة
وتفقه على الشيخ أبي منصور الرزاز ودرس بالموصل
ومات في ثالث ذي الحجة سنة اربع وستين وخمسمائة
ترجمه ابن باطيش
754
الحسن بن علي بن محمد المتولي النيسابوري
معيد المدرسة النظامية ببغداد عند أسعد المهني
سمع أبا علي الحداد وغيره
"""
صفحة رقم 66 """
755
الحسن بن الفضل بن الحسن بن الفضل بن الحسن بن علي الأدمي أبو علي
من أهل أصبهان فقيه محدث واعظ شاعر
مات بأصبهان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
756
الحسن بن محمد بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن وثاب الوركاني من وركان بفتح الواو وسكون الراء بعدها كاف وفي آخرها النون الشيخ فخر الدين أبو المعالي
مدرس نظامية أصبهان نيابة عن أولاد الخجندي
ذكره ابن السمعاني في التحبير والعماد الكاتب في الخريده
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا مناظرا أصوليا عارفا بالأدب لأن أباه كان أديبا
سمع أبا بكر محمد بن ثابت الخجندي والقاسم بن الفضل الثقفي وأبا بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجه الأبهري وغيرهم ولقي الأئمة واقتبس منهم
وقال العماد كان فصيحا لا يشق غباره في المناظره ولا يلحق شاره في المجادلة بعبارة يصبو الصابي إليها ويصحبه الصاحب لديها مفت لو رآه الشافعي في زمانه
"""
صفحة رقم 67 """
لتبجح بمكانه ألقى إليه الخصوم في العلم مقاليد السلم
توفي في سنة تسع وخمسين وخمسمائة عن نيف وثمانين سنة
"""
صفحة رقم 68 """
757
الحسن بن مسعود الفراء أبو علي البغوي أخو محي السنة
مولده سنة ثمان وخمسين وأربعمائة
وسمع من أبي بكر بن خلف وأبي القاسم الواحدي المفسر وأبي تراب المراغي والحسن بن أحمد السمرقندي وغيرهم
قال ابن السمعاني في التحبير كان إماما فاضلا ظريفا لطيفا رقيق الطبع كثير المحفوظ
قال وكان أخوه الحسين قد رباه وأحسن تربيته ولقنه الفقه حتى حفظ المذهب وكان مصيبا في الفتاوى
قال وأجاز لي جميع مسموعاته
قلت ثم روى عنه في التحبير حكاية بالإجازة رواها في الذيل بالسماع عن رجل عنه
وقال توفي في صفر سنة تسع وعشرين وخمسمائة بمرو الروذ
وقيل كانت وفاته سنة ثمان وعشرين والأشبه ما قاله ابن السمعاني
قيل وكان الناس يمشون في تشييع جنازته حفاه على الثلج
"""
صفحة رقم 69 """
758
الحسن بن منصور بن عبد الجبار السمعاني الإمام أبو محمد بن الإمام أبي المظفر
ذكره ابن أخيه الحافظ أبو سعد فقال كان إماما زاهدا ورعا كثير العبادة والتهجد نظيفا منورا مليح الشيبة منقبضا عن الخلق قلما يخرج من داره إلا في أيام الجمع للصلاة
تفقه على والده وكان تلو والدي وسمع معه الحديث وظني أنه ولد بعده بسنتين ورحل معه إلى نيسابور
سمع بمرو أباه وغيره وبنيسابور أبا الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني وأبا سعيد عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري وأبا علي نصر الله بن أحمد الخشنامي وجماعة سواهم
سمع منه ابن أخيه الحافظ أبو سعد وغيره
قال أبو سعد ورزق ثواب الشهادة في آخر عمره دخل عليه اللصوص لوديعة كانت لإنسان عند زوجته وخنقوه ليلة الاثنين سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 70 """
759
الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الشافعي الشيخ الصالح أبو محمد بن أبي الحسين والد حافظ الإسلام ابن عساكر
صحب نصر المقدسي وسمع منه
مات في شهر رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة
وبيته البيت المعمور بالأئمة فمنهم ولداه الفقيه الحافظ الصائن هبة الله بن الحسن يأتي ذكره
وحافظ الإسلام علي بن الحسن وهو واسطه العقد يأتي
والقاسم بن الحافظ يأتي أيضا
وأخوه أبو الفتح الحسن بن الحافظ علي بن الحسن سمع علي والده الحافظ أبي القاسم وعمه الفقيه الصائن وحمزة بن علي بن الحبوبي وغيرهم مات سنة إحدى وستمائة
وتاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن القاضي أبي عبد الله محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين مولده في صفر سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة
وسمع من عمه الحافظ أبي القاسم والفقيه أبي الحسين وغيرهما وحدث وكان كثير الديانة يحضر الغزوات وكان معظما محترما وصنف كتاب الأنس في فضل القدس وتوفي في رجب سنة عشر وستمائة
وزين الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن سبق
وأبو المظفر عبد الله بن محمد بن الحسن يأتي
"""
صفحة رقم 71 """
وفقيه أهل الشام فخر الدين عبد الرحمن يأتي
وأبو نصر عبد الرحيم بن القاضي أبي عبد الله محمد بن الحسن بن هبة الله مولده سنة تسع وخمسين وخمسمائة وسمع الكثير على عمه الحافظ توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة
وأبو عبد الله محمد بن أبي الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله حافظ نسابه مؤرخ شاعر سمع من عم أبيه الحافظ وغيره
"""
صفحة رقم 72 """
760
الحسن بن هبة الله بن يحيى بن الحسن بن أحمد البوقي من أهل واسط
قال ابن النجار كان من أعيان الفقهاء الكبار سديد الفتاوى حافظا لمذهب الشافعي حسن الكلام في المناظرة غزير الفضل حسن الأخلاق
سمع ببغداد من أبي زرعة المقدسي وأبي الفتح ابن البطي وغيرهما
قال وبلغني أنه توفي في عشية الثلاثاء لست خلون من شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة
761
الحسين بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن محموية أبو علي
من أهل يزد
"""
صفحة رقم 73 """
استوطن بغداد حدث عن أبي القاسم السمرقندي وغيره
روى عنه ابن السمعاني وغيره
قال ابن النجار وكان من أئمة الفقهاء الورعين المتعبدين
توفي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
762
الحسين بن أحمد بن علي بن الحسين بن فطيمة أبو عبد الله البيهقي
تفقه على أبي المظفر السمعاني
مات سنة ست وثلاثين وخمسمائة
763
الحسين بن أحمد أبو عبد الله بن الشقاق البغدادي الفرضي
سمع من أبي الحسين بن المهتدي بالله وغيره
روى عنه ابن ناصر وخطيب الموصل وغيرهما
وأخذ الفقه والفرائض عن عبد الملك بن إبراهيم الهمذاني وعليه تفقه أبو حكيم الخبري
قال السلفي كان آية من آيات الزمان ونادرة من نوادر الدهر
مات في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وخمسمائة عن إحدى وتسعين سنة
764
الحسين بن الحسن أبو عبد الله الشهرستاني
قاضي دمشق
"""
صفحة رقم 74 """
سمع بنيسابور من الأستاذ أبي القاسم القشيري وبجرجان من إسماعيل بن مسعدة وبالعراق من ابن هزارمرد الصريفيني
قال ابن عساكر حدثنا عنه هبة الله بن طاوس وكان حسن السيرة في الأحكام شديدا على من خالف الحق واستشهد بظاهر أنطاكية بيد الفرنج
765
الحسين بن حمد بن محمد بن عمرويه العمروي من أهل أصبهان
ذكره ابن السمعاني في التحبير وقال فقيه الشافعية كان إماما فاضلا مناظرا حسن السيرة متوددا
قال وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة إن شاء الله
وسمع أبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن زياد وأبا بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين من ماجه الأبهري وغيرهما
كتبت عنه بأصبهان
قال ابن السمعاني توفي بأصبهان في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 75 """
766
الحسين بن علي بن القاسم بن المظفر بن علي بن الشهرزوري أبو عبد الله
من أهل الموصل استوطن بغداد وولاه الإمام المستنجد بالله القضاء بحريم دار الخلافة وحدث ببغداد عن أبي البركات محمد بن محمد بن خميس الجهني
توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وخمسمائة
767
الحسين بن مسعود الفراء الشيخ أبو محمد البغوي
صاحب التهذيب الملقب محي السنة
من مصنفاته شرح السنة والمصابيح والتفسير المسمى معالم التنزيل وله فتاوى مشهورة لنفسه غير فتاوى القاضي الحسين التي علقها هو عنه
كان إماما جليلا ورعا زاهد فقيها محدثا مفسرا جامعا بين العلم والعمل سالكا سبيل السلف له في الفقه اليد الباسطة
تفقه على القاضي الحسين وهو أخص تلامذته به
وكان رجلا مخشوشنا يأكل الخبز وحده فعذل في ذلك فصار يأكله بالزيت وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة
سمع الحديث من جماعات منهم أبو عمر عبد الواحد المليحي وأبو الحسن عبد الرحمن
"""
صفحة رقم 76 """
ابن محمد الداودي وأبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي وأبو الحسن علي بن يوسف الجويني وأبو الفضل زياد بن محمد الحنفي وأحمد بن أبي نصر الكوفاني وحسان بن محمد المنيعي وأبو بكر محمد بن الهيثم الترابي وأبو الحسن محمد بن محمد الشيرزي وشيخه القاضي الحسين وغيرهم
وسماعاته بعد الستين وأربعمائة
وروى عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري المعروف بحفدة وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي وجماعة آخرهم أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني روى عنه بالإجازة وبقي إلى سنة ستمائة وأجاز للشيخ الفخر بن البخارى فلنا رواية تصانيف البغوي عن أصحاب الفخر عنه عنه
وكان البغوي يلقب بمحيي السنة وبركن الدين ولم يدخل بغداد ولو دخلها لاتسعت ترجمته وقدره عال في الدين وفي التفسير وفي الحديث وفي الفقه متسع الدائرة نقلا وتحقيقا كان الشيخ الإمام رحمه الله يجل مقداره جدا ويصفه بالتحقيق مع كثرة النقل
وقال في باب الرهن من تكملة شرح المهذب اعلم أن صاحب التهذيب قل أن رأيناه يختار شيئا إلا وإذا بحث عنه وجد أقوى من غيره هذا مع اختصار كلامه وهو يدل على نبل كبير وهو حري بذلك فإنه جامع لعلوم القرآن والسنة والفقه رحمه الله ورحمنا به إذا صرنا إلى ما صار إليه
انتهى
"""
صفحة رقم 77 """
توفي البغوي في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة بمرو الروذ وبها كانت إقامته ودفن عند شيخه القاضي الحسين
قال شيخنا الذهبي ولم يحج قال وأظنه جاوز الثمانين
قلت هما إمامان من تلامذة القاضي صاحب التتمة لم يتجاوز اثنتين وخمسين سنة وصاحب التهذيب أظنه أشرف على التسعين
ومن غرائب الفرع عن البغوي
قال البغوي في مسائلة التي خرجها في صلاة الجنازة لو لم يكن إلا النساء لم تجب عليهن
وذهب في فتاويه إلى أن من لا جمعة عليه أو أراد أن يصلي الظهر خلف من يصلي الجمعة فإن كان صبيا جاز وإن كان بالغا لم يجز قال لأنه مأمور بالجمعة
وذهب كما نص عليه في التهذيب إلى وجوب مسح قدر الناصية من الرأس في الوضوء ونقله فخر الدين عنه في المناقب ظانا أنه مذهب أبي حنيفة ولا شك أن ذلك متوقف على أن البغوي يصرح بتقدير الناصية بالربع كما فعلت الحنفية وإلا فاختياره خارج عن المذاهب الأربعة وهو أقرب من مذهب أبي حنيفة
قال البغوي في التهذيب في باب الأواني وتطهير النجاسات في أثناء فصل في بيان النجاسات وفي البلغم وجهان أحدهما طاهر كالنخامة وبه قال أبو حنيفة والثاني نجس كالمرة وبه قال أبو يوسف انتهى
وقال شيخه القاضي الحسين في الفتاوى النخامة النازلة من الرأس أو من الحلق طاهرة وإن خرجت من المعدة نجسة
"""
صفحة رقم 78 """
قال ولا تخرج من المعدة إلا بالاستقاءة والتكلف واما ما يخرج على العادة فهو طاهر ذكره في مسائل الصلاة
وذكر البغوي في فتاويه مسألة غريبة من باب الخلع وهي أنها إذا قالت لوكيلها اختلعني بما استصوبت لم يكن له أن يخالع على عين من أعيان مالها لأن كل ما يفوض إلى الرأي ينصرف إلى الذمة عادة وهو فرع غريب وفقه جيد
وذكر في فتاويه أيضا مسألة تعم البلوي بها من كتاب النكاح وهي امرأة تحضر إلى القاضي تستدعي تزويجها وقالت كنت زوجا لفلان الغائب فطلقني وانقضت عدتي أو مات قال القاضي حسين لا يزوجها حتى تقيم الحجة على الطلاق أو الموت لأنها أقرب بالنكاح لفلان
قلت وفي كتاب أدب القضاء لأبي الحسن الدبيلي من أصحابنا مانصه مسألة إذا جاءت غريبة إلى القاضي فقالت كان لي زوج ببلد آخر فطلقني ثلاثا أو مات فاعتددت فزوجني من هذا الرجل فإنه يقبل قولها ولا يمين عليها ولا بينة لأنها مالكة لأمرها بالغة عاقلة فلا تمنع التصرف في نفسها بعقد التزويج فإن كانت صادقة فذاك وإن ورد زوجها وصحح التزويج وحلف أنه لم يطلق فسخنا النكاح ورددناها عليه بعد العدة إن كان دخل بها وقلنا يصحح النكاح لأن إقرار المرأة بعد عقد الثاني لا يسمع وكل امرأة قالت لا ولي لي يجب أن يقبل قولها وإن كنا نعلم أنه لا تخلو امرأة من أب وجد في غالب الأحوال فلم يلزمنا مطالبتها بموت أبيها أو جدها وكذلك في سائر الأولياء
"""
صفحة رقم 79 """
وكذلك لو أن رجلا قال اشتريت هذه الجارية من فلان جاز أن يشتري منه ولم يجز أن يقال قد اعترفت أن الجارية كانت لفلان فصحح شراءك منه فكذلك لا يقال للمرأة صححي طلاقك من زوجك أو موته بل يعقد لها على ما ذكرناه
فأما إذا كان الزوج في البلد وليست بغريبة تدعي الطلاق أو الموت فلا يعقد الحاكم حتى تصحح ذلك انتهى
نقلته من أوائل الكتاب بعد نحو سبع ورقات من أوله وقد حكاه ابن الرفعة عنه مقتصرا عليه ولم يحك كلام البغوي
والذي يظهر لي أنه لا مخالفة بينهما بل كلام البغوي الذي قدمناه فيما إذا ذكرت زوجا معينا وكلام الدبيلي فيما إذا ذكرت مجهولا وفرق بين المعين والمجهول غير أن قول الدبيلي آخرا فأما إذا كان الزوج في البلد . . . إلى آخره قد يفهم أنه لا فرق فيما ذكره بين المجهول والمعين فإن لم يكن كذلك فكلام القاضي الذي نقله البغوي يخالفه والوجه ما قاله القاضي الحسين
ثم رأيت الوالد رحمه الله قد ذكر في شرح المنهاج كلا من كلام الدبيلي والقاضي وقال كلام القاضي أولى ثم قال إن كلام القاضي في المعين وكلام الدبيلي في المجهول كما قلته سواء ثم قال وتفرقته بين الغائب الحاضر في البلد لا وجه له بل إن كان غير معين قبل قولها مطلقا وإن كان معينا لم يقبل مطلقا إلا بنيه انتهى
فرع من باب صلاة المسافر قال النووي في زيادة الروضة في آخر هذا الباب لو نوى الكافر والصبي السفر إلى مسافة القصر ثم أسلم وبلغ في أثناء الطريق فله القصر في بقيته
انتهى
وهو في الصبي مشكل فإنه كان من أهل القصر قبل البلوغ وقد غلط من فهم عن البيان أنه لا يصح من الصبي القصر والصواب أنه من أهل
"""
صفحة رقم 79 """
ثم قال في التعزير بالحبس إن من الناس من يحبس يوما ومنهم من يحبس إلى غاية لا تقدر لكن بحسب تأدية الاجتهاد ويراد بها المصلحة
وقال الزبيري من أصحابنا تقدر غايته بشهور الاستبراء والكشف وبستة أشهر للتأديب والتقويم
والمرتبة الثالثة النفي اختلف في غايته ظاهر المذهب أن أكثره ما دون السنة انتهى
وهذا منه ومن الشاشي قبله تصريح بجواز التعزير بالنفي والإخراج عن البلد وقد صنعه عمر رضي الله عنه ولا شك في جوازه وأشار إلى جوازه أيضا القاضي الحسين غير أنه وقع في عبارة الرافعي أما جنسه يعني التعزير من الحبس أو الضرب جلدا أو صفعا فهو إلى رأي الإمام ولم يصرح بالنفي فصار كثير من الطلبة يستغرب مسألة النفي ولا غرابة فيها والحق أن ولي الأمر إذا رآه مصلحة جاز له التعزير به وقد صرح به الشاشي ومجلي وهو واضح ثم رأيته مصرحا به أيضا في الحاوي للماوردي والبحر للروياني وكلهم صرحوا بأن ظاهر المذهب أن النفي ينقص عن سنة قال الماوردي في الحاوي حتى لا يصير مساويا للتغريب في الزنا
قال في الذخائر بعد أن ذكر قبول رجل وامرأتين في المال في كتاب الشهادات ما نصه ويقبل الرجل والمرأتان مع وجود الرجلين ومع عدمهما وحكى في الحاوي أنه لا يقبل الرجل والمرأتان إلا مع عدم الرجلين والمذهب الأول انتهى
والواقف على هذا يتوهم أن صاحب الحاوي حكاه عن مذهبنا لقوله والمذهب الأول وذلك غير معروف في مذهبنا ولا حكاه الماوردي عنه إنما حكاه عن مالك
"""
صفحة رقم 80 """
القصر والجمع نعم إذا جمع تقديما ثم بلغ والوقت باق قد يحتمل أن يقال يعيدها والمنقول أنه لا يعيدها أيضا
وكلام الروضة هذا مأخوذ من كلام العمراني أو الروياني فإن العمراني حكاه عن الروياني ولعل المراد به الكافر وذكر الصبي معه خشية أن يقاس أحدهما بالآخر فإن المذكر في فتاوى البغوي أن الصبي يقصر دون من أسلم ولعل الفرق أن الصبي من أهل الصلاة ومن أهل القصر فلم يتجدد ببلوغه شيء بخلاف الكافر وكأن البغوي إنما ذكر مسألة الصبي ليفصل بينها وبين مسألة الكافر ثم لما خالفه الروياني في الكافر ذكر الصبي معه كأنه مستشهد به فصار مفهوم الكلام أنه لا يقصر قبل بلوغه ولكن ليس المفهوم بصحيح لأن الصبي إنما ذكر لما ذكرناه لا لأنه لا يقصر ما دام صبيا
768
الحسين بن نصر بن عبيد الله بن محمد بن علان بن عمران النهاوندي أبو عبد الله بن أبي الفتح
تفقه ببغداد على أبي إسحاق الشيرازي
وسمع الحديث من أبي يعلى بن الفراء وأبي الحسين بن النقور وأبي محمد الصريفيني والخطيب وغيرهم
روى عنه السلفي وغيره وولي قضاء نهاوند
مولده سنة اثنتين وأربعمائة ومات بنهاوند سنة تسع وخمسمائة
"""
صفحة رقم 81 """
769
الحسين بن نصر بن محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن القاسم ابن خميس بن عامر الجهني الكعبي
أبو عبد الله بن خميس
من أهل الموصل
تفقه على الغزالي وسمع من طراد الزينبي وابن البطر وغيرهما وولي قضاء رحبة مالك بن طوق
قال فيه ابن السمعاني إمام فاضل دين قال وسألته عن مولده فقال في العشرين من المحرم سنة ست وستين وأربعمائة بالموصل
وقال أبو علي الحسن بن علي بن عمار الواعظ توفي ابن خمسين في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
قال وله من المصنفات منهج التوحيد منهج المريد تحريم الغيبة فرح الموضح على مذهب زيد بن ثابت وذكر غير ذلك
"""
صفحة رقم 82 """
770
حمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد أبو القاسم ابن الإمام الكبير أبي المحاسن صاحب البحر الروياني
تفقه على والده بآمل طبرستان وسمع منه الحديث ومن عمه أبي مسلم محمد بن إسماعيل وجماعة وسافر في طلب العلم وسمع بجرجان ونيسابور وبسطام والري وغيرها
وسمع منه الحافظ ابن ناصر وغيره لم أعلم وقت وفاته والله أعلم
771
الخضر بن ثروان بن أحمد بن أبي عبد الله الثعلبي أبو العباس الضرير
من بعض بلاد الجزيرة
تفقه ببغداد وله شعر جيد فمنه
سلوا صدغه المسكي كيف ثباته
على جمر خديه وكيف يكون
أيشرب من ماء الرضاب معلقا
على لهب إن الجنون فنون
مات ببخارى في سنة ثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 83 """
772
الخضر بن شبل بن عبد الفقيه أبو البركات الحارثي الدمشقي
خطيب دمشق ومدرس الغزالية والمجاهدية
كان من أكابر الفقهاء بنى له نور الدين مدرسة ودرس بها
سمع من ابن الموازيني وجماعة
روى عنه ابن عساكر وابنه وزين الأمناء وغيرهم
توفي في ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمسمائة
773
الخضر بن نصر بن عقيل أبو العباس الإربلي
تفقه ببغداد على الشاشي وإلكيا وكان من الأئمة وصنف في التفسير والفقه
مات سنة سبع وستين وخمسمائة
774
خلف بن أحمد
إمام فاضل من أصحاب الغزالي له عنه تعليقة
ذكره ابن الصلاح في شرح مشكل الوسيط وقال بلغني أنه توفي قبل الغزالي
"""
صفحة رقم 84 """
775
ذاكر بن أبي بكر بن أبي أحمد السنجي الغرابيلي أبو أحمد
من أهل قرية سنج
ولد في حدود سنة خمس وتسعين وأربعمائة
ذكره ابن باطيش في الطبقات تبعا لابن السمعاني فإنه ذكره في التحبير ومن عادة ابن باطيش استيعاب ما في التحبير وابن السمعاني لم يصف هذا الشيخ بالفقه وإنما قال كان شيخا صالحا من أهل القرآن حسن الصلاة والطهارة تفقه على والدي وسمع منه الحديث ومن أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق وغيرهما
قلت فأخذ ابن باطيش من قوله تفقه على والدي أنه فقيه ولو فتحنا هذا الباب لذكرنا وقر بعير من الأسماء
قال ابن السمعاني مات بقرية سنج في أحد الربيعين سنة ست وأربعين وخمسمائة
776
رستم بن سعد بن سلمك الخواري . . . .
"""
صفحة رقم 85 """
777
زيد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن ميمون بن عبد الله بن عبد الحميد ابن أيوب اليماني الفايشي
جمع علوما في التفسير والقرآن الحديث واللغة والنحو والكلام والفقه والخلاف والدور والحساب وكان كثير الحج والمجاورة
تفقه ببلدة المشيرق بأسعد بن الهيثم وببلدة سير بإسحاق الصردفي وبأبي بكر المخائي بالظرافة وهي بالظاء المعجمة المضمومة قرية قريبة من الجند وبيعقوب ابن أحمد وابن عبدويه ببلاد تهامة وبالحسين الطبري وأبي نصر البندنيجي بمكة وبخير ابن ملامس ومقبل بن زهير ببلد ذي أشرق
وكان شيخ الشافعية وكان شيخ الفقهاء ببلاد اليمن في زمانه وعليه تفقه صاحب البيان وأولاده أحمد وعلي وقاسم بنو زيد بن الحسن
"""
صفحة رقم 86 """
مولده في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ودرس بالجعامي مدة حياته وبها توفي في شهر رجب سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
778
زيد بن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم اليفاعي شيخ صاحب البيان وقد ذكره في أوائل باب الهبة وأصله من المعافر ثم سكن الجند
تخرج في الفرائض والحساب بصهره إسحاق الصردفي ثم بأبي بكر بن جعفر في الفقه ثم ارتحل إلى مكة فلقي بها الحسين بن علي الطبري صاحب العدة وأبا نصر البندنيجي صاحب المعتمد فقرأ عليهما ثم عاد إلى اليمن ودرس في حياة شيخه أبي بكر بالجند فاجتمع عليه بها أكثر من مائتي طالب فخرج هو وأصحابه لدفن ميت عليهم الثياب البيض فرآهم المفضل بن أبي البركات بن الوليد الحميري من فوق سطح له فخشي منهم وذكر خروج الفقيه عبد الله بن عمر المصوع على المكرم وقتله لأخيه خالد بن أبي البركات مع ما في باطنه من العداوة للسنة فكادهم بأن عزل قاضي الجند فتحزبوا حزبين الفقيه زيد والقاضي المعزول مسلم بن أبي بكر بن أحمد
"""
صفحة رقم 87 """
ابن عبد الله الصعبي ووالداه محمد وأسعد وإمام المسجد حسان بن أحمد بن عمر حزب فصار يولى أحد الحزبين شهرا ويعزله بالآخر وحصلت الفتنة بين الفقيهين فخرج زيد اليفاعي إلى مكة وجاور بها اثنتي عشرة سنة وله نفقة تأتيه من أطيان له باليمن فاتجر وحصل مالا كثيرا بالمقارضة حتى كان له بضعة عشر مقارضا
وانتهت إليه رياسة الفتوى بمكة ثم عاد إلى اليمن سنة اثنتي عشرة وقيل ثلاث عشرة وقد مات المفضل فعلا شأنه وارتحل إليه الناس في طلب العلم
ومات بالجند سنة أربع عشرة وقيل خمس عشرة وخمسمائة
أفادنا هذه الترجمة عفيف الدين عبد الله بن محمد المطري نقلا عن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي عن الشيخ قطب الدين أبي بكر محمد بن أحمد القسطلاني فيما علقه من تاريخ اليمن
"""
صفحة رقم 88 """
779
زيد بن عبد الله بن حسان بن محمد بن زيد بن عمرو
ولى قضاء الجند وكان وزيرا للأمير أحمد بن منصور بن المفضل بن أبي البركات وملك حصن تعز مدة مع حصن صبر إلى أن سلمه إلى عبد النبي بن علي بن مهدي سنة ستين وخمسمائة
مات بالجند وكان فقيها نبيلا
780
زيد بن نصر بن تميم الحموي
فقيه متكلم على مذهب الأشعري وقد ولى حسبة دمشق ومصر
وكما سميناه سماه أبو المواهب بن صصرى
وقال شيخنا الذهبي إنما هو أبو زيد أحمد بن نصر
توفي بدمشق في شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة
781
سالم بن عبد الله بن محمد بن سالم الفقيه
ولد في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة وتفقه على أبيه
ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ببلده ذي أشرق من بلاد اليمن وكان إمام جامعها
"""
صفحة رقم 89 """
أفادنا هذه الترجمة الحافظ عفيف الدين المطري
782
سالم بن عبد السلام بن علوان بن عبدون أبو المرجا الصوفي المعروف بالبوازيجي
تفقه ببغداد وصحب الشيخ أبا النجيب السهروردي
وكان رجلا صالحا عالما فاضلا آمر بالمعروف ناهيا عن المنكر عابدا زاهدا
سمع من زاهر بن طاهر الشحامي وغيره
مات سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
783
سالم بن محمد بن أحمد بن علي الموصلي أبو المرجا
سمع ببغداد من أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي وغيره
مات في ذي الحجة سنة ستين وخمسمائة
784
سالم بن مهدي بن قحطان بن حمير بن حوشب الأخضري الفقيه
تفقه بمشايخ أرض الخصيب فمنهم راجح بن كهلان
"""
صفحة رقم 90 """
وتوفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة
أفادنا ذلك الحافظ المطري
785
سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد أبو الحسن الأنصاري المغربي الأندلسي المحدث
رحل إلى أن دخل الصين ولهذا كان يكتب الأندلسي الصيني وركب البحار وقاسى المشاق
وتفقه ببغداد على الغزالي وسمع بها أبا عبد الله النعالي وابن البطر وطراد بن محمد وبأصبهان أبا سعد المطرز وسكنها وتزوج بها وولدت له فاطمة ثم سكن بغداد
روى عنه ابن عساكر وابن السمعاني وأبو موسى المديني وأبو اليمن الكندي وأبو الفرج بن الجوزي وابنته فاطمة بنت سعد الخير ووالد الإمام الرافعي وآخرون
وتأدب علي أبي زكريا التبريزي
توفي في عاشر المحرم سنة إحدي وأربعين وخمسمائة
786
سعد بن محمد بن محمود بن محمد بن أحمد أبو الفضائل المشاط
فقيه متكلم واعظ مفسر مذكر عارف بالمذهب والخلاف
ذكره علي بن عبيد الله بن الحسن صاحب تاريخ الري في كتابه وذكر أنه سمع القاضي أبا المحاسن الروياني وأباه أبا جعفر محمد بن محمود المشاط وأبا الفرج محمد بن محمود
"""
صفحة رقم 91 """
ابن الحسن القزويني الطبري وغيرهم
قال وتوفي ليلة الثلاثاء رابع عشر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة وروى عنه حديثا قرأه عليه
787
سعد بن محمد بن سعد بن صيفي الشيخ شهاب الدين أبو الفوارس التميمي الشاعر المشهور
كان يلقب بالحيص بيص ومعناهما الشدة والاختلاط قيل إنه رأى الناس في شدة وحركة فقال ما للناس في حيص بيص فلزمه ذلك لقبا
تفقه بالري على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان وسمع الحديث من أبي طالب الحسين ابن محمد الزينبي وغيره
قال بعضهم كان صدارا في كل علم مناظرا محجاجا ينصر مذهب الجمهور ويتكلم في مسائل الخلاف فصيحا بليغا يتبادى في لغته ويلبس زي أمراء العرب ويتقلد بسيفين ويعقد القاف
وله ديوان شعر مشهور ومن شعره وقد وضع كريم من قدره
"""
صفحة رقم 92 """
لا تضع من عظيم قدر وإن كنت
مشارا إليه بالتعظيم
فالشريف الكريم يصغر قدرا
بالتعدي على الشريف الكريم
ولع الخمر بالعقول رمى الخمر
بتنجيسها وبالتحريم
توفي الحيص بيص سنة أربع وسبعين وخمسمائة
788
سعيد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر الشهرزوري أبو الرضا
من أهل الموصل من البيت المشهور بالرياسة والفضل وهو أخو محمد بن عبد الله المتقدم
سمع ببغداد زاهر بن طاهر الشحامى ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وإسماعيل بن أحمد ابن عمر السمرقندي وغيرهم وسافر إلى خراسان وتفقه هناك على محمد بن يحيى
وسمع من أبي عبد الله الفراوي ووجيه بن طاهر وغيرهما
حدث عنه جماعة
توفي في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 93 """
789
سعيد بن محمد بن عمر بن منصور الإمام أبو منصور ابن الرزاز
من كبار أئمة بغداد فقها وأصولا وخلافا
ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة
وتفقه على الغزالي وصاحب التتمة وأبي بكر الشاشي وإلكيا الهراسي وأسعد المهيني
وسمع الحديث من رزق الله التميمي ونصر بن البطر وغيرهما
روى عنه أبو سعد بن السمعاني وعبد الخالق بن أسد وجماعة
وولى تدريس نظامية بغداد مدة ثم عزل
توفي في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ودفن بتربة الشيخ أبي إسحاق
790
سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين . . . .
"""
صفحة رقم 94 """
791
سلطان بن إبراهيم بن المسلم أبو الفتح المقدسي
أحد الأئمة
كان يعرف بأبي رشا
ولد بالقدس سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة
وتفقه على الفقيه نصر المقدسي
وسمع بالقدس أبا بكر الخطيب وأبا عثمان بن ورقاء ثم بمصر أبا إسحاق الحبال والخلعي
روى عنه السلفي وعبد الرحمن بن محمد بن حسين السبيي ثم المصري وأبو القاسم البوصيري وآخرون
دخل الديار المصرية وشغل أهلها وبها ظهر علمه
قال السلفي كان من أفقه الفقهاء بمصر وعليه قرأ أكثرهم
قلت وعليه تفقه صاحب الذخائر
قال ابن نقطة مات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 95 """
792
سليمان بن محمد بن حسين بن محمد أبو سعد البلدي القصاري المعروف بالكافي الكرخي
من أهل بلد الكرخ وكان قاضيا بها
كان أحد الأئمة فقيها مناظرا متكلما أصوليا
قال ابن السمعاني ولد تقديرا في حدود سنة ستين وأربعمائة
سمع أبا سهل غانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ وأبا المحاسن الروياني وأبا بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن ماجه الأبهري وغيرهم
روى عنه أبو سعد بن السمعاني وذكره في التحبير
وتفقه على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي وتناظر هو وأسعد الميهني
قال ابن السمعاني كان غزير الفضل حسن الكلام في المسائل الخلافية رأى الأئمة الكبار وناظرهم وظهر كلامه عليهم وهو مشهور فيما بين الفقهاء الشافعية بحسن الإيراد والتحقيق وما كان أحد يجرى مجراه في التحقيق بالعراق
مات بالكرخ ليلة السبت ودفن يوم السبت الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 96 """
793
سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد بن إسماعيل ابن إسحاق بن يزيد بن زياد بن ميمون بن مهران الشيخ المتكلم أبو القاسم الأنصاري
مصنف شرح الإرشاد في أصول الدين وكتاب الغنية
كان إماما بارعا في الأصلين وفي التفسير فقيها صوفيا زاهدا من أهل نيسابور
أخذ عن إمام الحرمين وحدث عن أبي الحسين بن مكي وفضل الله بن أحمد الميهني وعبد الغافر بن محمد الفارسي وكريمة المروزية وأبي صالح المؤذن وأبي القاسم القشيري وغيرهم
روى عنه بالإجازة ابن السمعاني وغيره
قال عبد الغافر كان نحرير وقته في فنه زاهدا ورعا صوفيا من بيت صلاح وتصوف وزهد
صحب الأستاذ أبا القاسم القشيري مدة وحصل عليه من العلم طرفا صالحا ثم سافر الحجاز وعاد إلى بغداد ثم قدم الشام فصحب المشايخ وزار المشاهد ثم عاد إلى نيسابور واستأنف تحصيل الأصول على الإمام
قال وكانت معرفته فوق لسانه ومعناه أكثر من ظاهره و كان ذا قدم في التصوف والطريقة عفا في مطعمه يكتسب بالوراقة ولا يخالط احدا ولا يباسطه في مطعم دنيوي وأقعد في خزانة الكتب بنظامية نيسابور اعتمادا على دينه وأصابه في آخر عمره ضعف في بصره ويسير وقر في أذنه
"""
صفحة رقم 97 """
وقال أبو نصر عبد الرحمن بن محمد الخطيبي سمعت محمود بن أبي توبة الوزير يقول مضيت إلى باب بيت أبي القاسم الأنصاري فإذا بالباب مردود وهو يتحدث مع واحد فوقفت ساعة وفتحت الباب فما كان في الدار غيره فقلت مع من كنت تتحدث فقال كان هنا واحد من الجن كنت أكلمه
قال ابن السمعاني أجاز لي مروياته وسمعت محمد بن أحمد النوقاني يقول سمعت أبا القاسم الأنصاري يقول كنت في البادية فأنشدت
سرى يخبط الظلماء والليل عاسف
حبيب بأوقات الزيارة عارف
فما راعني إلا سلام عليكم
أأدخل قلت ادخل ولم أنت واقف
فجاء بدوي وجعل يطرب ويستعيدني
قلت وهذان البيتان مذكوران في ترجمة الإمام أبي المظفر السمعاني
مات هذا الشيخ سنة إحدى عشرة أو اثنتي عشرة وخمسمائة
ومن الفوائد عنه
حكى في شرح الإرشاد إجماع المسلمين على أنه تجب التوبة من الصغائر كما تجب من الكبائر ولعله اتبع في هذا النقل إمامه
ومسألة التوبة من الصغائر معروفة بالخلاف بين شيخنا أبي الحسن الأشعري رضي الله تعالى عنه وأبي هاشم بن الجبائي
كان شيخنا رضي الله تعالى عنه يقول تجب التوبة
"""
صفحة رقم 98 """
من كل ذنب وخالفه أبو هاشم وربما ادعى بعض أئمتنا أن أبا هاشم خرق في ذلك إجماعا سابقا عليه ولعل أبا القاسم جرى على هذا
وفي هذا الموضع فضل نظر قد كان الشيخ الإمام الوالد رحمه الله يتردد في وجوب التوبة عينا من الصغائر ويقول لعل وقوعها يكفر بالصلاة وباجتناب الكبائر فيقتضي أن الواجب فيها أحد الأمرين من التوبة أو فعل ما يكفرها وبتقدير الوجوب فيحتمل أن لا تجب على الفور بل حتى يمضي مدة لا يكفرها ويجتمع له في المسألة احتمالات وجوب التوبة منها عينا على الفور كالكبيرة وهو ظاهر مذهب الأشعري ووجوبها عينا لكن لا على الفور بخلاف الكبيرة ووجوب أحد الأمرين من التوبة أو فعل المكفر لها
ثم الشيخ الإمام رحمه الله فيما أحسب لا يسلم أنه خارج عن مذهب الأشعري في هذا بل يرد الخلاف بينه وبين أبي هاشم إلى هذا ويقول ليس مراد الأشعري تعين التوبة بل محو الذنب إما بالتوبة النصوح أو فعل المكفرات له وهذا على حسنة غير مسلم عندي بل الذي أراه وجوب التوبة عينا على الفور وعن كل ذنب نعم إن فرض عدم التوبة عن الصغيرة ثم جاءت المكفرات كفرت الصغيرتين وهما تلك الصغيرة وعدم التوبة منها وهذا ما أراه قاطعا به
كان أبو القاسم الأنصاري يقول سمعت شيخنا الإمام يعني إمام الحرمين يقول التكفير إنما هو الستر فمعنى كون الصلوات واجتناب الكبائر مكفرات أنها تستر عقوبة الذنب فتغمرها وتغلبها كثرة لا أنها تسقطها فإن ذلك إلى مشيئة الله قال والدليل عليه إجماع الأمة على وجوب التوبة من الصغائر كالكبائر
قلت الإمام اقتصر على لفظ التكفير فإن مدلولة لغة لا يزيد على الستر لكنا نقول إذا سترت غفرت وطوى أثرها بالكلية وإجماعهم على وجوب التوبة منها لا ينافي ذلك
"""
صفحة رقم 99 """
بل أقول لو اجتنبت الكبائر كانت الصغائر ممحوة ثم التوبة عنها حتم
ثم أغرب أبو القاسم الأنصاري فقال ويحتمل أن يقال التي يكفرها هذه القربات من الصلاة والصوم والصدقة والجمعة إلى الجمعة واجتناب الكبائر إنما هي الصغائر التي وقعت من العبد وذهل عنها ونسيها دون غيرها
قلت وهذا غير مسلم بل كل الصغائر يمحوها اجتناب الكبائر كما دلت عليه الأحاديث من غير تخصيص ولا دليل على التخصيص بما ذكره نعم ما كان منها حق آدمي فلا بد من إسقاطه له إذا أمكن التوصل إلى إسقاطه فإن تعذر بموت ونحوه فالمرجو المسامحة كما قيل
794
سلامة بن إسماعيل بن جماعة المقدسي الضرير
صاحب شرح المفتاح لابن القاص
وفيه حكى خلافا لأصحابنا في صحة بيع العين المستأجرة من المستأجر وكذلك نقل الخلاف فيها محمد بن يحيى وأشار إليه الغزالي في الوسيط
ولسلامة أيضا مصنف مفرد في التقاء الختانين وما علمت من حال هذا الشيخ شيئا
795
سهل بن عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن حمدان بن محمد السراج أبو القاسم بن أبي نصر بن أبي بكر
"""
صفحة رقم 100 """
من بيت العلم والدين
تفقه على الإمام أبي نصر القشيري
قال ابن السمعاني وبرع في الفقه والكلام واللغة واشتغل بالعبادة وترك مخالطة الناس وكان دائم الذكر شديد الاجتهاد ثم ترك مقام نيسابور وأقام بطوس
سمع والده وأستاذه أبا نصر القشيري وأبا علي بن نبهان وغيرهم
قال ابن السمعاني توفي بالري في آخر ذي القعدة سنة سبع وأربعين وخمسمائة
796
سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمود بن الفضل البراني أبو المعالي بن أبي سهل
قال فيه ابن السمعاني من العلماء العاملين بعلمهم جاور بمكة مدة وكان كثير العبادة والاجتهاد
والبراني بفتح الباء المعجمة وتشديد الراء المهملة منسوب إلى قرية بوراني ببخارى
مات ببخارى في سلخ جمادى الأولى سنة أربع عشرة وخمسمائة
"""
صفحة رقم 101 """
797
شافع بن عبد الرشيد بن القاسم أبو عبد الله الجيلي
تفقه على إلكيا الهراسي وأبي حامد الغزالي
وسمع بالبصرة أبا عمر النهاوندي القاضي وبطبس فضل الله بن أبي الفضل الطبسي
روى عنه ابن السمعاني وقال سألته عن مولده فقال دخلت بغداد سنة تسعين وأربعمائة ولي نيف وعشرون سنة
وكان من أئمة الفقهاء له بجامع المنصورة حلقة للمناظرة يحضرها الفقهاء كل جمعة
توفي في العشرين من المحرم سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
798
الشافعي بن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن عبد العزيز السياري الصيدلاني
ذكره عبد الغافر في السياق
799
شبيب بن الحسين بن عبيد الله بن الحسين بن شباب القاضي أبو المظفر البروجردى
قال ابن السمعاني قدم بغداد بعد السبعين وأربعمائة وتفقه على الشيخ أبي إسحاق وبرع في العلم وهو إمام مناظر مفت أديب شاعر مليح المعاشرة حلو المنطق متواضع
سمع الفقيه أبا إسحاق وإسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي وأبا نصر الزينبي وبأصبهان وبروجرد من جماعة
"""
صفحة رقم 102 """
وكان قاضي بروجرد وبها ولد في شهر رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة
قال ابن السمعاني قرأت عليه أجزاء بها
وتوفي بعد رجوعه من حجته الثالثة لأربع خلون من ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وخمسمائة
800
شريح بن عبد الكريم بن الشيخ أبي العباس أحمد الروياني القاضي الإمام أبو نصر
من بيت القضاء والعلم وهو أيضا من كبار الفقهاء
وذكره الرافعي في غير موضع وهو ابن عم صاحب البحر فيما يظهر
كان أبو العباس الروياني صاحب الجرجانيات وهو أبو عماد الدين فيما أحسب له ولدان أحدهما إسماعيل وهو أبو صاحب البحر والآخر عبد الكريم وهو أبو شريح ولعل وفاة شريح تأخرت عن صاحب البحر وما قد يقع في ذهن بعض الطلبة من أن صاحب البحر جد شريح غير صواب بل الأمر فيما أظن على ما وصفت
وقد وقفت على كتاب له في القضاء وسمه بروضة الحكام وزينة الأحكام وهو مليح
وفي خطبته يقول لما كثرت تصانيفي في الفروع والأصول والمتفق والمختلف وأنفقت عليها عنفوان شبيبتي وأيام كهولتي إلى أن جاوزت الستين ورأيت آداب القضاة
ووصف ذلك إلى أن قال وكنت ابن بجدة عمل القضاء والأحكام اجتهدت فيها للإمضاء والإحكام من أول شبيبتي إلى شيخوختي ورثة عن أسلافي الأعلام وقدوة الأنام
فإن الماء ماء أبي وجدي
وبئري ذو حفرت وذو طويت
"""
صفحة رقم 103 """
وقد أمعنت في الكشف عن ترجمة هذا الرجل فما أحطت بأزيد مما ذكرت
وكنت قد كتبت فوائد من كتابه أدب القضاء هذا وأنا ذاكر هنا بعض ما كتبت إذا جوزنا قضاء قاضيين في بلد من غير تعيين بقعة فلو أراد المدعي التحاكم إلى أحدهما والمدعي عليه إلى الآخر فثلاثة أوجه الأول منها يجاب المدعي والثاني المدعي عليه لمساعدة الظاهر إياه ولهذا كان القول قوله والثالث يقرع بينهما
في اللحمان ثلاثة أوجه من ذوات القيم من ذوات الأمثال يفرق في الثالث بين يابسها فيكون مثليا ورطبها فيجعل متقوما
قلت الثالث غريب
لو قال له على ألف درهم فيما أظن أو فيما أحسب لم يلزمه أو فيما أعلم أو أشهد لزمه لأن العلم معرفة المعلوم
لو قال على أكثر الدراهم رجع إلى بيانه لأن اللفظ ليس نصا في القدر وحكى جدي عماد الدين عن بعض أصحابنا أن عليه عشرة دراهم لأن الدرهم ينتهي إلى العشرة ولا يزيد عليها وأكثر اسم الدراهم يبلغ عشرة فيقال ثلاثة دراهم إلى عشرة ثم يقال أحد عشر درهما
القاضي لا يملك الشوارع وقيل يجوز ببدل
هل للسفية إجازة نفسه فيه قولان
"""
صفحة رقم 104 """
قلت وكذا حكاهما في الإشراف قولين من كلام العبادي وقد قدمناه في ترجمة أبي عاصم
هل يجوز تنفيذ الابن ما حكم به الأب وجهان وهل تقبل شهادته بأن أباه حكم بذلك وجهان
لو كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لفلان على فلان كذا هل للسامع أن يشهد لفلان على فلان كذا وجهان
إذا كان في يد رجل وقف فأقر بأنه وقف على فلان ولم يذكر واقفه ولم يعرف واقفه سمع منه
لو سمع الحاكم شهادتهما وتوقف فسألهما المدعي إعادتها ثانيا ففي وجوبه وجهان
قال ابن أبي هريرة لا تلزمه إعادتها عند القاضي الأول فإن مات أو عزل قبل الحكم لزمه إعادتها عند قاض ثان
تقبل شهادة المختبئ في موضع لا يراه أحد وهل يكره ذلك وجهان فإن قلنا لا يكره فهل يندب وجهان أحدهما يندب لأن فيه إحياء الحق والثاني لا يندب
لا تقبل شهادة من لم تكمل فيه الحرية وهل تقبل منه شهادة رؤية رمضان وجهان
اثنان على دابة أحدهما راكب سرج دون الآخر فادعياها فهي بينهما وقيل لصاحب السرج
"""
صفحة رقم 105 """
اشترى شيئا من رجل ثم قال لآخر اشتره مني فإنه لا عيب فيه فلم يشتره ثم وجد به عيبا فقد قيل ليس له الرد على بائعه لاعترافه بأنه لا عيب فيه
وقيل له الرد لأنه إنما قال ذلك بناء على ظاهر الحال وقيل إن عين العيب فقال لا شلل به لم يكن له الرد به وإلا فله الرد
ذكر الإصطخري أنه لو استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى موضع ويأتي بجوابه فذهب وأوصل الكتاب ولم يكتب المكتوب إليه الجواب فللحامل الأجرة كاملة لأنه لا يلزمه أكثر مما عمل وكان الامتناع من غيره
قال وكذا لو مات الرجل فأوصل الكتاب إلى نائبه من وارث أو وصى أجابوه أم لم يجيبوه
قال فإن قدم والرجل ميت ولا وارث له فذهب إلى حاكم البلد وأوصل الكتاب وأمره أن يعلم أنه أوصل الكتاب وكان ميتا أجابه الحاكم إلى ذلك وكتب له واخذ جميع الكراء
قال جدي وقد قيل له كراء الذهاب
من عيوب الجارية التي ترد بها أن لا تنبت عانتها وحدث ذلك في زمان القاضي أبي عمر المالكي
قلت وهذا أخذه من كتاب الإشراف لأبي سعد
إذا كان الوصي بتفرقه مال فاسقا ففرق فإن كان لغير معينين ضمن وإن كانوا معينين قال جدي عماد الدين يجوز في أظهر الوجهين
قلت جزم الرافعي بعدم الضمان
إذا شهدوا على القاضي أنه أمن كافرا ولم يتذكره سمعت لأنها شهادة عليه بعقد
"""
صفحة رقم 106 """
قلت وهو واضح فإنه في الأمان كآحاد الناس وليس هو بحكم حتى يحتاج إلى التذكير
إذا ادعى متولي الوقف صرف الغلة في مصارفها قبل إلا أن يكون لقوم بأعيانهم فادعوا أنهم لم يقبضوا فالقول قولهم ويثبت لهم المطالبة بالحساب وإن لم يكونوا معينين فهل للإمام مطالبته بالحساب فيه وجهان حكاهما جدي
قلت وجزم شريح بعد ذلك بأنه ليس للحاكم مطالبة الأمناء بالحساب فقال في الرجل يطالب أمينة بالحساب إنه لا يسمع دعواه ولا يجاب قال لأنه ليس للحاكم ذلك مع الأمناء وإنما القول قول الأمين مع يمينه وأنه ليس عليه شيء
وما جزم به من أنه ليس للقاضي مطالبة الأمين بالحساب سبقه إليه القاضي أبو سعد في كتاب الإشراف وموضعه إن شاء الله من لم يحصل للحاكم فيه ريبة فإنه الأمين أما من يريبه منه شيء فينبغي أن يطالبه بالحساب
لو قال القاضي صرفته عن القضاء أو رجعت عن توليته فهل يكون ذلك صريحا في عزل النائب وجهان
إذا جعل لرجل التزويج والنظر في أمر اليتامى لم يكن له أن يستنيب غيره
إذا كان الموضع الذي يجلس فيه القاضي غير مسجد فإذا انتهى إليه قيل لا يصلي ركعتين وقيل يصلي
إذا كان يقضي برزق من بيت المال يلزمه أن يقضي في كل نهاره إلا في وقت قضاء الحاجة والصلاة المفروضة والطهارة والنافلة المؤكدة وتناول الطعام على الوجه الذي للأجير أن يشتغل فيه عن العمل وقيل يلزم ذلك على حسب العادة والعرف فيما بين القضاة
"""
صفحة رقم 107 """
وإذا كان متبرعا بالقضاء فقد قيل يجلس أي وقت أراد والصحيح أنه يقعد على عادة الحكام ثم هل يعتبر عادة سائر حكام البلاد أو عادة حكام تلك البلد فيه وجهان
هل للقاضي تخصيص بعض الرعايا بإنفاذ الهدية إليه وجهان
إذا امتنع من الحضور أدبه إذا صح عنده وقيل يقبل فيه شاهدان وإن لم يعرف عدالتهما وقيل لا بد من العدالة قال جدي وهو القياس
وإذا بعث رسولا ليستحضره يقبل قول الرسول أنه امتنع لأنه من باب الخبر ويؤدب بقوله وإذا تغيب هجم عليه ولا هجوم في الحدود إلا في حد قاطع الطريق
لو قضى الحاكم بما طريقه العبادات والأحكام يجوز أن يحكم بوجوب النية في الوضوء والترتيب فيه وأن الجد لا يرث مع الأخ
لم يكن لحكمه معنى إذا نفذ حكم من قبله يقول نفذت حكم فلان القاضي وأمضيته وقال بعض أصحابنا لو قال أجزته كان تنفيذا ولو قال هذا الحكم جائز أو صحيح فهل يكون تنفيذا فيه وجهان
إذا أراد نقض الحكم يقول نقضته أو فسخته أو أبطلته ولو قال هذا ليس بصحيح أو باطل فوجهان
وهل يجوز تنفيذ الابن حكم الأب وجهان
وهل تقبل شهادة الابن أن أباه حكم فيه وجهان حكاهما جدي وقيل يجوز قولا واحدا لأنه لا يعود النفع في الحكم إليه
إذا ادعى على الشهود أنهم شهدوا عليه بزور وأثبتوا عليه بشهادتهم كذبا ففي التحليف وجهان
"""
صفحة رقم 108 """
إذا تبين الحق للحاكم لم يجز له تأخير الحكم إلا برضاهما
وقيل يجوز تأخيره يوما وأكثره ثلاثا وقيل وإن ثبت الحق لا يبادر لكن يؤجل ثلاثا أو ثلاث مجالس وقيل لا يفعله إلا إذا سأله المدعى عليه لأن النفع فيه يعود إليه
قال الشافعي رضي الله عنه واحب للحاكم إذا أراد الحكم أن يصلي ركعتين يستخير الله فيه ويستكشف غاية الاستكشاف
قول الحاكم حكمت بكذا محكم وكذا قضيت في أظهر الطريقين
هل يجوز للحاكم أن يحكم بقطعة أرض في غير موضع عمله قولان
ولا يجوز أن يكتب بتزويج امرأة في غير موضع عمله
قال جدي وغلط من جوزه
إذا قلنا يجب على القاضي أن يشهد على حكمه فلو أشهد فاسقين لم يخرج عن الواجب في أظهر القولين وأصلهما الوجهان فيما إذا طولب الفاسق بأداء الشهادة عنده هل يلزمه أداء الشهادة
ليس للحاكم تعيين الشهود في البلد لأن فيه تضييقا وجوزه بعض أصحابنا
وله أن يعين من يكتب الوثائق في أصح الوجهين
و إلى الحاكم تعيين المعدلين والمزكين
قال الشافعي رضي الله عنه وإذا رد المدعى عليه اليمين فقلت للمدعي احلف فقال المدعى عليه أنا أحلف لما أجعل له ذلك
قال جدي وهذا يفيد أنه إذا قال الحاكم للمدعي احلف كان حكما فيه بتحويل اليمين
"""
صفحة رقم 109 """
قلت ولم أر هذا في البحر إنما حكى نص الشافعي ثم قال وقال بعض أصحابنا بخراسان وذكر ما سنذكره
قال شريح قال جدي ومن أصحابنا من قال لا بد من قول الحاكم حولت اليمين أو رددت أوحكمت بالرد أو يقبل على المدعى عليه فيقول احلف
قلت وهذا في البحر للروياني كما نقله شريح وعزاه إلى بعض أصحابنا بخراسان كما عرفت وقال في آخره وعندي إذا قال للمدعي أتحلف أنت ثم قال المدعى عليه أنا أحلف له ذلك وهو الأظهر هذا لفظ البحر
ثم قال شريح وإذا قلنا يكتفى برد المدعى عليه فلو قال رددت إن شاء فهل يصح الرد وجهان حكاهما جدي كما لو قال بعتك هذا المال إن شئت
قلت ولم ار هذين الوجهين في البحر كل هذا مما يدل على أن جده ليس هو صاحب البحر ولو كان ما ينقله شريح في هذا الموضع من البحر لنقل زيادات هنا في البحر ليست في كتاب شريح
لو قال البائع نقدني المشترى ثمن هذه الدار فلم أقبضه ووصل به كلامه ففي قبوله وجهان ولو قال أعطاني الثمن فلم أقبضه
فقيل كما لو قال نقدني وقيل يقبل وجها واحدا
لو أعتق عبدا ثم أقر أنه قبض منه ألفا قبل عتقه وقال العبد بعده فالقول قول المولى وفيه وجه
ولو قطع يده وأعتقه وقال قطعته وهو عبد فقال العبد بل وأنا حر فهل القول قول السيد أو العبد وجهان حكاهما جدي
إذا أراد المسافرة بامرأته فأقرت بدين فللمقر له حبسها ولا يقبل قول الزوج إن قصدها منع المسافرة فإن أقام الزوج بينه أن إقرارها كان قصدا إلى منع المسافرة فهل يقبل وجهان
"""
صفحة رقم 110 """
أقر رجل أنه وجد ثوبه في دار فلان فأخذه وقال صاحب الدار الثوب لي أمر برد الثوب على صاحب الدار إلى أن يقيم البينة على أنه له وقيل لا يؤمر برده لاحتمال أنه له وكذا لو قال أخذت دهنا في قارورة فلان فعلى وجهين
801
شرفشاه بن ملكداد
تفقه بالنظامية ببغداد حتى برع وصار من أنظر الفقهاء ثم سافر إلى محمد بن يحيى إلى نيسابور وأقام بها يدرس ويفتي وله تعليقه في الخلاف في سفرين
توفي بنيسابور في سنة ست وأربعين وخمسمائة
802
شهردار بن شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسره ابن خشد كان بن رينويه بن خسره بن ورداد بن ديلم بن الدياس بن لشكري ابن داجي بن كبوس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الضحاك بن فيروز الديلمي أبو منصور بن المحدث المؤرخ أبي شجاع الهمذاني
قال ابن السمعاني كان حافظا عارفا بالحديث فهما عارفا بالأدب ظريفا خفيفا
"""
صفحة رقم 111 """
لازما مسجده متبعا أثر والده في كتابه الحديث وسماعه وطلبه رحل إلى أصبهان مع والده ثم إلى بغداد
سمع أباه وأبا الفتح عبدوس بن عبد الله ومكى بن منصور الكرجي وحمد بن نصر الأعمش وفيد بن عبد الله الشعراني وأبا بكر أحمد بن محمد بن زنجويه وله إجازة من أبي بكر بن خلف الشيرازي وأبي منصور بن الحسين المقومي
روى عنه ابنه أبو مسلم أحمد وأبو سهل عبد السلام السرقولي وطائفة
مات في رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة
803
شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فناخسره الحافظ أبو شجاع الديلمي
مؤرخ همذان ومصنف كتاب الفردوس
ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة
وسمع أبا الفضل محمد بن عثمان القومساني ويوسف بن محمد بن يوسف المستملي وأبا الفرج علي بن محمد بن علي الجريري البجلي وأحمد بن عيسى بن عباد الدينوري وأبا منصور عبد الباقي بن علي العطار وأبا القاسم بن البسري وأبا عمرو بن مندة وغيرهم ببلاد كثيرة
"""
صفحة رقم 112 """
روى عنه ابنه شهردار ومحمد بن الفضل الإسفرايني وأبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ وأبو موسى المديني وآخرون
وكان يلقب إلكيا
مات في تاسع شهر رجب سنة تسع وخمسمائة
804
صالح بن الحسين بن محمد بن دوذين أبو منصور البروجردي
قال ابن السمعاني فقيه صالح من أهل بروجرد سمع ببغداد أبا أحمد عبيد الله بن محمد ابن أبي مسلم الفرضي
سمع منه هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي
ذكره ابن باطيش
805
صدقة بن الحسين بن أحمد بن محمد بن وزير أبو حسن الواعظ
كان والده من المتقدمين في الدنيا بواسط وترك هو ما كان عليه والده وأهله وطلب العلم وتزهد وسلك طريق الفقر والتجريد وأكل الجشب ومجاهدة النفس
وسمع الحديث من أبي الوقت السجزي وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وخلق كثير
"""
صفحة رقم 113 """
وكان يعرف التفسير والفقه والأدب وحدث باليسير وله شعر جيد
توفي في ذي القعدة سنة سبع وخمسين وخمسمائة
806
الضحاك بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبد القاهر أبو المعالي الشيباني بن الكيال
المتكلم على مذهب الأشعري
توفي سنة ست وسبعين وخمسمائة وكان مولده سنة خمسمائة
807
طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير أبو الفتح بن أبي طاهر بن أبي سعيد الميهني الصوفي
من بيت التصوف والمشيخة وكان هو ذا قدم راسخ في التصوف وسافرالكثير ولقي الشيوخ
سمع جده فضل الله والأستاذ أبا القاسم القشيري وأبا الغنائم بن المأمون وأبا الحسين ابن النقور وخلقا سواهم
روى عنه أبو الفتيان الرواسي وغيره
توفي سنة ثنتين وخمسمائة
قال طاهر هذا أنبأنا جدي سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول سمعت أبا سهل الصعلوكي يقول الإعراض ترك الاعتراض
وقال طاهر أيضا أخبرنا أبو علي الحسن بن غالب ببغداد سمعت أبا القاسم عيسى بن
"""
صفحة رقم 114 """
علي بن عيسى الوزير يقول كان ابن مجاهد يوما عند أبي فقيل له الشبلي على الباب فقال يدخل فقال ابن مجاهد سأسكته الساعة بين يديك وكان من عادة الشبلي إذا لبس شيئا خرق فيه موضعا فلما جلس قال ابن مجاهد يا أبا بكر أين في العلم إفسادا ما ينتفع به فقال له الشبلي فأين في العلم ) فطفق مسحا بالسوق والأعناق ( فسكت ابن مجاهد فقال له أبي أردت أن تسكت أبا بكر فأسكتك
ثم قال له الشبلي لقد أجمع الناس أنك مقرئ الوقت أين في القرآن الحبيب لا يعذب حبيبه فسكت ابن مجاهد فقال أبي قل يا أبا بكر فقال قوله تعالى ) وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم ( فقال ابن مجاهد كأني ما سمعتها قط
808
طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد البروجردي أبو المظفر القاضي
تفقه على أبي إسحاق الشيرازي وسمع من ابن هزارمرد وابن النقور وغيرهما ثم انتقل إلى مكة وسكنها وولى قضاءها وأقام بها إلى حين وفاته
مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ببروجرد
وذكر أبو المظفر محمد بن علي بن الحسين الطبري المكي أبا المظفر طاهر بن محمد البروجردى وقال أقام بمكة ثم رحل عنها قاصدا العراق فمات في الطريق سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وذكر أنه كان فاضلا عالما بالحديث والأدب والنحو والشعر
"""
صفحة رقم 115 """
809
طاهر بن مهدي بن طاهر بن علي بن نصر أبو مضر الطبري
ولد بنيسابور سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ومات بمرو في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
810
طاهر بن يحيى بن أبي الخير العمراني الفقيه ابن صاحب البيان
ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة
كان فقيها فصيحا تفقه بأبيه وخلفه في حلقته وجاور بمكة لماوقعت فتنة ابن مهدي باليمن وسمع بها من أبي علي الحسن بن علي بن الحسن الأنصاري وأبي حفص الميانشي وعبد الدائم العسقلاني وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبي مشيرح الحضرمي المقرىء ووصلته إجازات جيدة من يحيى بن سعدون الأزدي وخطيب الموصل
ثم توجه إلى اليمن فظفر به ابن مهدي قبل دخوله زبيد فأحضره وأحضر القاضي محمد بن أبي بكر المدحدح وكان حنفيا فتناظر بين يديه مرارا فقطعه طاهر
"""
صفحة رقم 116 """
وولاه فضلان وذي جبلة من سنة سبع وستين إلى بعض أيام شمس الدولة
وله مصنفات حسنة وكلام جيد يشعر بغزارة في العلم والفضل ولما نبغ في اليمن أبو بكر العبسي وكان فقيها أديبا لا يرى جواز طلاق التنافي ولا مسألة العينة وشدد في إنكارهما ونظم قصيدتين فيهما صنف طاهر في الرد عليه كتاب الاحتجاج الشافي على المعاند في طلاق التنافي
وكانت القصيدتان قد اشتهرتا واستهوتا كثيرا من الناس فلما ردهما طاهر حصل الانكفاف برده ومن إحدى القصيدتين
طلاق التنافي قد نفى الحق طاهر
وإني له والله يشهد لي أنفى
إذا طلق الزوج المكلف زوجه
وليس بمجبور ثلاثا فقد أوفى
وليست حلالا دون تنكح غيره
بشرط كتاب الله ما قلته حيفا
نصحح شرط الله دون أشتراطكم
وننفيه نفيا ثم نصرفه صرفا
فكل اشتراط ليس في الشرع باطل
وشرط كتاب الله حق فلا يخفى
ولا ينتفى حكم الطلاق بحيلة
وحيلتكم فيه أحق بأن تنفى
"""
صفحة رقم 117 """
منها
تحلونها فيه وتحريمها به
فصارت بما بانت محبسه وقفا
فأين يقول الله وقف نسائكم
وتصحيح ما قلتم فنعرفه عرفا
لئن كان للتدقيق هذا فتركه
من الفرض والتحقيق والأوضح الأصفي
فكم من أناس دققوا فتزندقوا
فصاروا به عن علم فهم على الإشفا
ومنها
فأبطل بها من حيلة مستحيلة
وأعظم بحكم صار من أجلكم حتفا
وأعظم بها من فتنة ومصيبة
لها تذرف العينان في دمعها ذرفا
ومن قصيدته في إبطال العينة
الحق أضحى غريبا ليس يفتقد
فكل من قاله في الناس يضطهد
لا يقبل الناس قول الحق من أحد
حتى يموت ويفنى الكبر والحسد
ما كل قول لأهل العلم منتفع
به ولا كل قول منهم زبد
هم هم خير من فيها إذا صلحوا
وشر داء من الأدوا إذا فسدوا
فمنهم كل معروف وصالحة
ومنهم تفسد الأقطار والبلد
فما شقت أمة إلا بشقوتهم
يوما ولا سعدت إلا إذا سعدوا
أضحى الربا قد فشا من أجل حيلتهم
في كل أرض سوى أرض بها فقدوا
والله حرم معناه وباطنه
ومالهم فيه برهان ولا سند
"""
صفحة رقم 118 """
يا بائعا ثوبه حتى يعاد له
أليس يعلم هذا الواحد الصمد
سبحانه من حليم بعد قدرته
وعالم ما أرادوه وما قصدوا
هل قال هذا رسول الله ويحكم
أو قال ذلك من أصحابه أحد
أم غالب عنهم دقيق العلم دونكم
أم في اكتساب حلال الربح قد زهدوا
وفي القصيدتين طول وفيما ذكرته منهما كفاية
مات طاهر وترك ولدين محمدا وأسعد
وكانت وفاته في سنة سبع وثمانين وخمسمائة
811
طلحة بن الحسين بن محمد بن الحسين بن طلحة أبو محمد الإسفرايني . .
812
عامر بن دعش بن حصن بن دعش أبو محمد الأنصاري
من أهل السويداء من حوران الأرض المشهورة بالشام
رحل إلى بغداد وتفقه على الغزالي وسمع من طراد وغيره روى عنه الحافظ
مولده سنة خمسين وأربعمائة ومات سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
813
عبد الله بن أحمد بن الحسن بن طاهر . . .
"""
صفحة رقم 119 """
814
عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القادر بن هشام الخطيب أبو الفضل بن أبي نصر الطوسي ثم البغدادي
خطيب الموصل
ولد في صفر سنة سبع وثمانين وأربعمائة
وسمع حضورا من طراد الزينبي وأبي عبد الله بن طلحة النعالي وسمع من ابن البطر والطريثيثي وجعفر السراج وأبي علي الحداد وأبي غالب بن الباقلاني وجماعة تفرد بالرواية عن أكثرهم
روى عنه أبو سعد بن السمعاني وعبد القادر الرهاوي وأبو محمد بن قدامة والبهاء عبد الرحمن والقاضي أبو المحاسن يوسف بن شداد وآخرون
وتفقه على إلكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي وقرأ الأدب على أبي زكريا التبريزي وأبي محمد الحريري
والفرائض والحساب على الحسين الشقاق
وخرج لنفسه المشيخة المشهورة
"""
صفحة رقم 120 """
ومن شعره
لما رآني ولدي مدنفا
مقلقل الأحشاء مسكينا
قال أبن لي ما الذي تشتكي
قلت له أشكو الثمانينا
815
عبد الله بن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله الهمداني
تفقه بأبي بكر المخائي وزيد اليفاعي ورحل إلى ابن عبدويه فقرأ عليه
وكان يسكن زبران من بادية الجند وبها مات سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ترجمه المطري
816
عبد الله بن أسعد بن علي بن مهذب الدين . . .
"""
صفحة رقم 121 """
817
عبد الله بن بري بن عبد الجبار المقدسي الإمام أبو محمد النحوي اللغوي
نزيل القاهرة
ولد في رجب سنة تسع وتسعين وأربعمائة
وقرأ الأدب على الإمام أبي بكر محمد بن عبد الملك النحوي وسمع من أبي صادق المديني وأبي عبد الله محمد بن أحمد الرازي وأبي العباس بن الحطية وغيرهم
"""
صفحة رقم 122 """
روى عنه ابن الجميزي وابن المفضل والوجيه القوصي والزاهد أبو العباس أحمد ابن علي بن محمد القسطلاني وخلق
وكان إماما مقدما في النحو واللغة تصدر بجامع مصر للإقراء في العربية وتخرج به جمع كثير
قلت رحلت إليه الطلبة وله حواش مفيدة على صحاح الجوهري وله أيضا جواب المسائل العشر التي سأل عنها ملك النحاة ومقدمة سماها اللباب
قال جمال الدين القفطي كان عالما بكتاب سيبويه وعلله قيما باللغة وشواهدها وكان إليه التصفح في ديوان الإنشاء لا يصدر كتاب عن الدولة إلى ملوك النواحي إلا بعد أن يتصفحه
قلت كانت هذه عادة الخلفاء والملوك إذا صدر عنهم تصفحه إمام من أئمة اللسان وكان القاضي الفاضل يتصفح الكتب التي يكتبها العماد الكاتب ومن كان دونه وكانوا يستعظمون صدور كتاب عن السلطان غير معروض على أئمة اللسان وأئمة الفتوى
قال القفطي وكان ابن بري ينسب إلى الغفلة الغريبة ويحكى عنه حكايات
"""
صفحة رقم 123 """
وقال الموفق عبد اللطيف كان ابن بري شيخا محققا صحفيا ساذج الطباع أبله في أمور الدنيا مبارك الصحبة ميمون الطلعة وفيه تغفل عجيب يستبعد من سمعه أن يجتمع في رجل متقن للعلم
توفي في شوال سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
818
عبد الله بن حيدر بن أبي القاسم القزويني أبو القاسم
سافر إلى خراسان وتفقه على أئمتها
وسمع الحديث بنيسابور من أبي عبد الله الفراوي وغيره وبمرو من يوسف بن أيوب الهمذاني وعاد إلى همذان فاستوطنها وحدث بصحيح مسلم وجمع أربعين حديثا
توفي بهمذان سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
819
عبد الله بن الخضر بن الحسين الفقيه أبو البركات بن الشيرجي الموصلي
كان إماما مقدما مناظرا انتفع به جماعة
سمع أبا بكر الأنصاري وأبا منصور الشيباني وجماعة
روى عنه القاضي بهاء الدين بن شداد ومحمد بن علوان الفقيه وغيرهما
وكان زاهدا متقشفا
مات في جمادى الأولى سنة أربع وسبعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 124 """
820
عبد الله بن رفاعة بن غدير بن علي بن أبي عمر الذيال بن ثابت بن نعيم أبو محمد السعدي القاضي المصري
ولد في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة ولزم القاضي الخلعي فتفقه عليه وسمع منه الكثير وهو آخر من عنه بسيرة ابن هشام التي وقعت لنا من طريقه وبغيرها
روى عنه محمد بن عبد الرحمن المسعودي وأبو الجود المقرىء وعبد القوي بن الجباب وصنيعة الملك هبة الله بن حيدرة ومحمد بن عماد وابن صباح وآخرون وكان فقيها فرضيا حيسوبا دينا ورعا
ولى القضاء بمصر بالجيزة مدة ثم استعفى فأعفي واشتغل بالعبادة إلى أن توفي في ذي القعدة سنة إحدى وستين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 125 """
821
عبد الله بن عبد الرزاق بن حسن بن زاهر
قال المطري سمع عبد الملك بن أبي ميسرة وتفقه بأبي بكر بن جعفر المخائي وكان يدرس بجامع ذي أشرق وعليه دارت الفتيا في أيامه وبه وتفقه أبو بكر بن سالم
مات سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وله ست وستون سنة
822
عبد الله بن علي بن سعيد أبو محمد القصري الفقيه
قال الحافظ في التاريخ تفقه ببغداد وأدرك أبا بكر الشاشي وإلكيا وعلق المذهب والخلاف والأصولين على الشيخ أسعد الميهني وأبي الفتح بن برهان وأبي عبد الله القيرواني
وسمع الحديث من أبي القاسم بن بيان الرزاز وأبي علي بن نبهان وأبي طالب الزينبي وأقام بالعراق مدة ثم قدم دمشق وحلق في المسجد الجامع مدة وكان نظارا جيدا
"""
صفحة رقم 126 """
ثم انتقل إلى حلب ليفقه أهلها فأقام بها إلى أن مات سمعت درسه
قال وتوفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بحلب
وقال ابن السمعاني في الأنساب توفي سنة سبع أو ثمان وثلاثين وخمسمائة
823
عبد الله بن عمر بن محمد بن الحسين بن علي أبو القاسم بن الظريف
من أهل بلخ وكان مدرس النظامية بها
مولده سنة اثنتين وخمسمائة ولم أعلم تاريخ وفاته
824
عبد الله بن القاسم بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري أبو القاسم
كان فقيها متميزا مات بالموصل في ذي الحجة سنة خمس وسبعين وخمسمائة
ترجمه ابن باطيش
825
عبد الله بن القاسم بن مظفر بن علي الشهرزوري أبو محمد المرتضى
ولد في سادس شعبان سنة خمس وستين وأربعمائة ومات بالموصل ليلة الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وخمسمائة
"""
صفحة رقم 127 """
826
عبد الله بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الفقيه أبو محمد بن فخر الإسلام الشاشي
مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة
تفقه على أبيه وبرع مذهبا وخلافا وأفتى وناظر ووعظ الناس وسمع الحديث من الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي وممن في طبقته وحدث باليسير
وله شعر حسن من ذلك ما ذكره وقد حضر يوما آخر النهار في المدرسة التاجية ببغداد للوعظ وكان يوما مغيما فأنشد ارتجالا لنفسه
قضية أعجب بها قضيه
جلوسنا الليلة في التاجيه
والجو في حليته الفضيه
صقالها قعقعة الرعديه
أعلامها شعشعة برقيه
تنثر من أردانها العطرية
ذائب تبر ينشر البريه
والشمس تبدو تارة خفيه
ثم تراها مرة جليه
كأنها جارية حييه
حتى إذا حانت لنا العشيه
قصت لباس الغيم بالكليه
وأسفرت في الجهة الغربيه
صفراء في محلفة ورسيه
كرامة أعرفها شاشيه
وتوفي في المحرم سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ودفن على أبيه
"""
صفحة رقم 128 """
827
عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن المعلم أبو القاسم العكبري الأديب
تفقه على الشيخ أبي إسحاق وسمع الحديث من جماعة وصنف الانتصار لحمزة الزيات فيما نسبه إليه ابن قتيبة في مشكل القرآن
وله شعر جيد
توفي سنة ست عشرة وخمسمائة
828
عبد الله بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الفقيه أبو المظفر بن عساكر
أخو زين الأمناء
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة
وتفقه على القطب النيسابوري وغيره و سمع من عميه الحافظ والصائن هبة الله وحدث بمصر ودمشق وغيرهما ودرس بدمشق بالتقوية وكان أحد الفقهاء المناظرين وجمع أربعين حديثا
قتل غيله بظاهر القاهرة في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وخمسمائة
829
عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن علي الميانجي أبو المعالي بن أبي بكر
من أهل خراسان يعرف بعين القضاة
قال فيه ابن السمعاني أحد فضلاء العصر ومن به يضرب المثل في الذكاء الفضل
"""
صفحة رقم 129 """
كان فقيها فاضلا شاعرا مفلقا رقيق الشعر وكان يميل إلى الصوفية ويحفظ من كلامهم وإشاراتهم ما لا يدخل تحت الوصف صنف في فنون من العلم وكان حسن الكلام والجمع فيها
قال وكان الناس يعتقدونه ويتبركون به وظهر له القبول التام عند الخاص والعام حتى حسد وأصابته عين الكمال وكان العزيز يعتقد فيه اعتقادا خارجا عن الحد ولا يخالفه فيما يشير به وكانت بينه وبين أبي القاسم الوزير منافسة فلما نكب العزيز قصده الوزير وكتب عليه محضرا والتقط من أثناء تصانيفه ألفاظا شنيعة تنبو عن الأسماع ويحتاج من كشفها إلى المراجعة لقائلها فكتب جماعة من العلماء خطوطهم بإباحة دمه نسأل الله الحفظ في إطلاق القلم بما يتعلق بالدماء من غير بحث والمسارعة إلى الفتوى بالقتل فقبض عليه أبو القاسم وحمل إلى بغداد مقيدا ورأيت رسالته التي كتبها من بغداد إلى أصحابه وإخوانه بهمذان التي لو قرئت على الصخور لانصدعت من الرقة والسلاسة فرد إلى همذان وصلب
قلت ثم ذكر ابن السمعاني قطعة صالحة من رسالته أعجبني منها هذا البيت
أسجنا وقيدا واشتياقا وغربة
ونأى حبيب إن ذا لعظيم
ثم قال صلب عين القضاة أبو المعالي ظلما ببلدة همذان ليلة الأربعاء السابع من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وخمسمائة
قال وسمعت أبا القاسم محمود بن أحمد الروياني بأندرابه يقول لما قرب قتل
"""
صفحة رقم 130 """
عين القضاة وقدم إلى الخشبة ليصلب قال ) وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (
830
عبد الله بن محمد بن علي بن أبي عقامة أبو الفتوح القاضي
صاحب كتاب الخناثي أكثر عنه النقل صاحب البيان
قال النووي وهو من فضلاء أصحابنا المتأخرين له مصنفات حسنة من أغربها وأنفسها كتاب الخناثي مجلد لطيف فيه نفائس حسنة ولم يسبق إلى تصنيف مثله انتهى
وابن أبي عقامة تغلبي ربعي بغدادي ثم يمني
تفقه على جده أبي الحسن علي وعلى أبي الغنائم الفارقي وذكره عمر بن علي بن سمرة الجعفري اليمني في كتاب طبقات فقهاء اليمن قال ابن سمرة وفضائل بني أبي عقامة مشهورة وهم الذين نشر الله بهم مذهب الشافعي رضي الله عنه في تهامة وقدماؤهم جهروا بالبسملة في الجمعة والجماعات ونسبهم في بني الأرقم من تغلب بن ربيعة
قلت وقد ذكر الرافعي أبا الفتوح في كتاب الديات في الكلام على قطع حلمه المرأة
"""
صفحة رقم 131 """
ومن فوائد أبي الفتوح قال في كتاب الخناثي إذا عقد النكاح بشهادة خنثيين ثم بانا رجلين احتمل أن يكون في انعقاده وجهان بناء على مالو صلى رجل خلف الخنثي فبان رجلا
قال النووي والانعقاد هنا هو الأصح لأن عدم جزم النية يؤثر في الصلاة
831
عبد الله بن محمد بن غالب أبو محمد الجيلي
تفقه ببغداد على إلكيا ثم انتقل إلى الأنبار واستوطنها ومات بها سنة ستين وخمسمائة
832
عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله أبو الفتح البيضاوي
مولده سنة تسع وخمسين وأربعمائة ومات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
833
عبد الله بن محمد بن المظفر بن علي أبو محمد بن أبي بكر المتولي الهاجري البغوي
تفقه على البغوي
"""
صفحة رقم 132 """
834
عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون ابن أبي السري
القاضي الإمام أبو سعد التميمي الموصلي قاضي القضاة الشيخ شرف الدين
نزيل دمشق وقاضي القضاة بها وعالمها ورئيسها
مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
تفقه أولا على القاضي المرتضى ابن الشهرزوري وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي وتلقن على المسلم السروجي
وقرأ ببغداد بالسبع على أبي عبد الله الحسين بن محمد البارع وبالعشر على أبي بكر المزرقي ودعوان وسبط الخياط
وتوجه إلى واسط فتفقه بها على القاضي أبي علي الفارقي ولازمه وعرف به وعلق ببغداد عن أسعد الميهني وأخذ الأصول عن أبي الفتح بن برهان وسمع من أبي القاسم
"""
صفحة رقم 133 """
ابن الحصين وأبي البركات ابن البخاري وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وسمع قديما في سنة ثمان وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق
روى عنه أبو القاسم بن صصري وأبو نصر ابن الشيرازي وأبو محمد بن قدامة وخلق آخرهم موتا العماد أبو بكر عبد الله بن النحاس وعاد من بغداد إلى بلده الموصل بعلم كثير فدرس بالموصل سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة ثم أقام بسنجار مدة ودخل حلب في سنة خمس وأربعين ودرس بها وأقبل عليه صاحبها إذ ذاك الملك نور الدين الشهيد فلما انتقل إلى دمشق سنة تسع وأربعين استصحبه معه ودرس بالغزالية وولى نظر الأوقاف ثم ارتحل إلى حلب ثم ولى قضاء سنجار وحران وديار ربيعة وتفقه عليه هناك خلائق ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين فولى بها القضاء سنة ثلاث وسبعين وعظمت رياسته ومكانته ونفذت كلمته وألقى بها عصا السفر واستقر مستوطنا
وكان من أعيان الأمة وأعلامها عارفا بالمذهب والأصول والخلاف مشارا إليه في تحقيقات الفقه دينا خيرا متواضعا سعيد الطلعة ميمون النقيبة ملأ البلاد تصانيف وتلامذة وعنه أخذ الفقه شيخ الإسلام فخر الدين ابن عساكر وغيره وبنى له الملك نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وبنى هو لنفسه مدرستين بدمشق وبحلب
ومن تصانيفه صفوة المذهب على نهاية المطلب في سبع مجلدات وكتاب الانتصار في أربع مجلدات وكتاب المرشد في مجلدين وكتاب الذريعة في معرفة
"""
صفحة رقم 134 """
الشريعة وكتاب التيسير في الخلاف وكتاب مأخذ النظر ومختصر في الفرائض وله كتاب الإرشاد في نصرة المذهب لم يكمله وذهب فيما نهب له بحلب وله أيضا فوائد المذهب والتنبيه في معرفة الأحكام وكتاب الموافق والمخالف مذعنا لدينه وورعه وسعة علمه وكثرة رياسته وسؤدده
قال شيخنا الذهبي وقد سئل عنه الشيخ الموفق فقال كان إمام أصحاب الشافعي في عصره وكان يذكر الدرس في زاوية الدولعي ويصلي صلاة حسنة ويتم الركوع والسجود ثم تولى القضاء في آخر عمره وعمي وسمعنا درسه مع أخي أبي عمر وانقطعنا عنه فسمعت أخي يقول دخلت عليه بعد انقطاعنا فقال لم انقطعتم عني فقلت إن أناسا يقولون إنك أشعري فقال والله ما أنا بأشعري هذا معنى الحكاية
انتهى كلام الذهبي نقلته من خطه وأخشى أن تكون الحكاية موضوعة للقطع بأن ابن أبي عصرون أشعري العقيدة وغلبة الظن بأن أبا عمر لا يجتريء أن يذكر هذا القول ولا أحد يتجرأ في ذلك الزمان على إنكار مذهب الأشعري لأنه جادة الطريق ولا أظن أن ابن أبي عصرون يفتخر إذ ذاك بهما ويعاتبهما على الانقطاع وليس في الحكاية من قوله فسمعت أخي إلى آخرها ما يقرب عندي صحته غير أنهما انقطعا عنه لكونه مخالفا لهما في العقيدة والله يعلم سبب الانقطاع
وكان الموفق وأبو عمر من أهل العلم والدين لا ننكر ذلك ولا ندفعه وإنما ننكر وندفع من شيخنا تعرضه كل وقت لذكر العقائد وفتحه لأبواب مقفلة وكلامه فيما لا يدريه وكان السكوت عن مثل هذا خيرا له في قبره وآخرته ولكن إذا أراد الله أمرا بلغه
"""
صفحة رقم 135 """
ويقال إن القاضي ابن أبي عصرون لما عمي استمر على القضاء وصنف في جواز قضاء الأعمى
ومن شعره
أومل أن أحيا وفي كل ساعة
تمر بي الموتى تهز نعوشها
وما أنا إلا منهم غير أن لي
بقايا ليال في الزمان أعيشها
ومن شعره
كل جمع إلى الشتات يصير
أي صفو ما شانه تكدير
أنت في اللهو والأماني مقيم
والمنايا في كل وقت تسير
والذي غره بلوغ الأماني
بسراب وخلب مغرور
(
ويك يا نفس أخلصي إن ربي بالذي أخفت الصدور بصير
ذكر فوائد ومسائل عن ابن أبي عصرون
قال النووي في شرح المهذب نقل الجويني في الفروق نص الشافعي على أن الجماعة إذا اغتسلوا في قلتين لا يصير مستعملا وصرح به خلائق وإنما نبهت عليه لأن في الانتصار لابن أبي عصرون أنه لو اغتسل جماعة في ماء لو فرق على قدر كفايتهم استوعبوه أو ظهر تغيره لو خالفه صار مستعملا في أصح الوجهين وهذا شاذ منكر ونحوه نقل صاحب البيان عن الشامل أنه لو انغمس جنب في قلتين أو أدخل يده فيه بنية غسل الجنابة ففيه وجهان وهذا غلط من صاحب البيان ولم يذكر صاحب الشامل هذا وإنما في عبارته بعض الخفاء فأوقع صاحب البيان
"""
صفحة رقم 136 """
ثم بين النووي رحمه الله الحامل لصاحب البيان على الغلط ولم يزد ابن الرفعة على أن نصر مقالة ابن أبي عصرون بالبحث لا بالنقل في حالة انغماسهم دفعة واحدة بنيه رفع الجنابة قال لأنا نقدر أن مالاقي كل واحد منهم من الماء كالمنفصل عن باقيه الذي لاقى غيره على القول الأصح فيما إذا انغمسوا دفعة واحدة في الماء القليل فلذلك جعل مستعملا حتى لا يحصل به تطهير باقي بدن كل منهم وإن كان الواحد يطهر جميع بدنه وإذا كان كذلك اتجه القول بمثله في القلتين فيكون الصحيح أنه لا يطهر باقي أبدانهم ويأتي فيه وجه مستمد من تقدير عدم الانفصال وتنزيله منزلة الاتصال
قلت والبحث جيد ورأيت الجويني نفسه في كتابه التبصرة قال فيما إذا كان الماء قلتين والاحتياط أن تغترف منه فيحصل لك الغسل بالإجماع فإن انغمست فيه ففي صحة الغسل خلاف بين مشايخنا هذا كلامه وفيه تأييد لابن أبي عصرون وابن أبي عصرون إنما تلقى ما ذكره من شيخه القاضي أبي علي الفارقي فإنه جزم بهذا الشاذ المنكر ولعل أصله ما وقع في كتاب التبصرة
ذهب أبو إسحاق إلى حل وطء الراهن للجارية المرهونة إذا كانت ممن لا تحبل وخالفه ابن أبي هريرة وهو المصحح في المذهب وقيد ابن أبي عصرون محل الخلاف بمن لها تسع سنين فما زاد أما من دونها قال فيجوز وطؤها إذا لم يضر بها قطعا
قال الوالد في تكملة شرح المهذب وهو فقه من عند نفسه وليس نقلا قال وهو جيد
قلت أما إنه تفقه وليس منقولا فالأمر كذلك فقد تصفحت كتب المذهب فلم أر من قيد الخلاف بل كلهم مصرح حتى الشيخ أبو حامد في تعليقته في بابي الرهن
"""
صفحة رقم 137 """
والاستبراء صرح بأنه لافرق بين من لا تحبل لصغر أو إياس أو غير ذلك وإنما نصصت على الشيخ أبي حامد لأن بعض الناس قال إنه وجد في باب الاستبراء من تعليقته ما نصه إن الاستمتاع بالمرهونة حلال لأن له أن يقبلها أو يلمسها بشهوة حتى قال أصحابنا إن كان صغيرة لا يحمل مثلها فله أن يطأها
انتهى
فكشفت تعليقه الشيخ أبي حامد من خزانة الناصرية بدمشق ومن نسخه الشيخ فخر الدين المصري وكلاهما قديم فلم أجد في باب الاستبراء من نسخة الناصرية إلا ما نصه ألا ترى أن من أصحابنا من قال إن المرهونة إذا كانت ممن لا تحبل صغيرة أو كبيرة جاز للراهن وطؤها انتهى
وكذا في نسخة الفخر المصري سواء بسواء وهي نسخة قديمة في بعض مجلداتها تعليقة البندنيجي عن الشيخ أبي حامد وبعضها بخط سليم
ومراده قول أبي إسحاق قطعا بل الذي في تعليقة الشيخ أبي حامد في باب الرهن أنه وضع الوجهين في الاستخدام فقال في وجه لا يستخدمها مخافة أن يطأ وفي وجه يستخدمها ولا يضر الوطء إذا بعد حبلها ولم يقل إذا تعذر هذا ما فيه ملخصا
اختلاف حرفي الإمام والمأموم قال في الانتصار ولا تبطل الصلاة باختلاف حرفي الإمام والمأموم على أصح الوجهين لأن الجميع قرآن انتهى
وهو كلام مظلم لا يهتدي إليه فلا يقول أحد من المسلمين فيما أحسب باشتراط توافق حرفي الإمام والمأموم بل إذا كان كل حرف منهما متواترا بالقراءات العشر صح اقتداء أحدهما بالآخر إجماعا فيما لا أشك فيه فلعل محل الوجهين إن صح لهما وجود فيما إذا كان كل واحد لا يرى القراءة بحرف الآخر أو قرأ أحدهما بالشاذ المغير للمعنى ومسألة الشاذ معروفة
"""
صفحة رقم 138 """
835
عبد الله بن محمد بن أبي سالم القريضي الفقيه
ولد في رمضان سنة ثمانين وأربعمائة وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وخمسمائة ذكره المطري
836
عبد الله بن ميمون بن عبد الله القاضي أبو محمد المالكاني الكوفني
وكوفن بضم الكاف وسكون الواو ثم النون بليدة صغيرة من أبيورد
قال ابن السمعاني كان فقيها فاضلا مبرزا له باع طويل في المناظرة والجدل ومعرفة تامة بهما تفقه على الإمام والدي وسمع الحديث معه ومنه سمع بنيسابور عبد الغفار بن محمد الشيروي وغيره سمعت منه حديثا واحدا
ولد في حدود سنة تسعين وأربعمائة
قال ابن باطيش ومات بأبيورد ليلة الإثنين من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 139 """
837
عبد الله بن نصر بن عبد العزيز المرندي أبو محمد الخطيب
قال ابن السمعاني أقام بمرو مدة وكانت له يد باسطة في اللغة وسرعة النظم والنثر مع الجودة فيهما وله الخط الحسن المليح
قال ببغداد مدة في المدرسة زمن أسعد بن أبي نصر الميهني ثم سكن مرو قريبا من خمس عشرة سنة وخرج إلى مرو الروذ وأقام بها شيئا يسيرا ومات بها يوم عاشوراء سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
838
عبد الله بن يحيى بن محمد بن بهلول الأندلسي أبو محمد السرقسطي
وسرقسطة بفتح السين والراء المهملتين وضم القاف وبعدها سين أخرى ساكنة وفي آخرها الطاء المهملة بلدة من بلاد الأندلس
كان فقيها فاضلا مليح الشعر قدم بغداد ثم خرج إلى خراسان وورد مرو ثم استوطن مرو الروذ إلى أن توفي سنة عشر وخمسمائة
"""
صفحة رقم 140 """
839
عبد الله بن يحيى بن أبي الهيثم بن عبد السميع الصعبي
كان إماما فاضلا ورعا زاهدا من أهل اليمن من أقران صاحب البيان وكان صاحب البيان يعظمه ويقول عبد الله بن يحيى شيخ الشيوخ
ومن تصانيفه احترازات المهذب والتعريف في الفقه
قال ابن سمرة كان الصعبي وصاحب البيان متصاحبين يتزاوران قال وروى أن ناسا ضربوا الصعبي بالسيوف فلم تقطع سيوفهم فيه فسئل عن ذلك فقال كنت أقرأ سورة يس
قال ابن سمرة والمشهور أن الصعبي قال وقد سئل عن ذلك كنت أقرأ ) ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ( ) فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ( ) وحفظا من كل شيطان مارد ( ) وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ( ) إن كل نفس لما عليها حافظ ( ) إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد ( إلى آخر السورة
"""
صفحة رقم 141 """
قال وكان الصعبي يقول كنت خرجت يوما مع جماعة فرأينا ذئبا يلاعب شاة عجفاء ولا يضرها بشيء فلما دنونا نفر عنها الذئب فوجدنا في رقبة الشاة كتابا مربوطا فحللناه فقرأنا فيه هذه الآيات
مات الصعبي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وهو ابن ثمان وسبعين سنة وكان يقول لأصحابه لئن بلغت الثمانين لأصنعن الضيافة وقيل إنه جاوز الثمانين وحضر صاحب البيان جنازته وشهد دفنه
840
عبد الله بن يزيد بن عبد الله اللعفي الحرازي
قال المطري فقيه محرر له تصنيف يسمى السبع الوظائف في أصول الدين على مذهب السلف
مات بعد الخمسمائة
841
عبد الله بن يزيد القسيمي المعروف بالميتمي الفقيه
"""
صفحة رقم 142 """
قال المطري روى كتاب بدائع الحكم والآداب في الحديث
توفي سنة ست وعشرين وخمسمائة
842
عبد الله بن يوسف بن عبد القادر أبو المظفر
من أذربيجان
تفقه ببغداد على المجير البغدادي ومحمد بن أبي علي النوقاني وتولى إعادة النظامية
843
عبد الله بن أبي الفتوح بن عمران الإمام أبو حامد القزويني
رحل إلى نيسابور
وتفقه على محمد بن يحيى وتفقه ببغداد على أبي المحاسن يوسف بن بندار الدمشقي وسمع من أبي الفضل الأرموي وابن ناصر الحافظ وجماعة وحدث بقزوين
سمع منه الإمام أبو القاسم الرافعي وغيره
توفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة
844
عبد الباقي بن محمد بن عبد الواحد الغزالي الفقيه أبو منصور
تفقه على إلكيا الهراسي وسمع الحديث من أبي الغنائم بن المأمون وغيره
روى عنه السلفي
"""
صفحة رقم 143 """
مات في رجب سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
845
عبد الجبار بن عبد الجبار بن محمد بن ثابت بن أحمد أبو أحمد الثابتي الخرقي
من أهل مرو وخرق بفتح الخاء المعجمة والراء ثم القاف من قراها ولد بها في الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وأربعمائة
قال ابن السمعاني في التحبير كان فقيها فاضلا تفقه على والدي ولازمه وقرأ المذهب على إبراهيم المروروذي ثم اشتغل بالحساب والمقدمات وحصل بهما طرفا صالحا وجاوزهما إلى العلوم المهجورة من الفلسفة وغيرها وكان حسن الصلاة نظيف الثياب اشتغل بالحديث مدة وسمع الكثير وجمع تاريخا غير مسند ذكر فيه أحوال المحدثين والعلماء أستحسنه
سمع والدي وعمه الإمام أبا محمد عبد الرحمن بن محمد بن ثابت الخرقي وأبا علي إسماعيل بن أحمد البيهقي وغيرهم سمعت منه انتهى
قال وتوفي بمرو صباح يوم الفطر وهو يوم الأحد من سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 144 """
46
عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري
من خوار بضم الخاء المعجمة بعدها واو ثم ألف ثم راء قرية ببيهق ووهم شيخنا الذهبي فحسبه من خوار البلدة المشهورة على ثمانية عشر فرسخا من الري
وهذا هو الشيخ أبو محمد البيهقي إمام جامع المنيعي بنيسابور وأحد تلامذة إمام الحرمين
ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة
وسمع أبا بكر البيهقي وأبا الحسن الواحدي وأبا القاسم القشيري وشيخ الحجاز أبا الحسن علي بن يوسف الجويني وابن أخيه إمام الحرمين أبا المعالي الجويني وأبا سهل محمد ابن أحمد بن عبد الله الحفصي المروزي ونصر بن علي الحاكمي الطوسي
حدث عنه ابن السمعاني قال ابن السمعاني إمام فاضل عارف بالمذهب مفت مصيب تفقه على إمام الحرمين وعلق المذهب عليه وبرع فيه وكان سريع القلم نسخ بخطه المذهب الكبير للجويني أكثر من عشرين مرة وكان يكتبه ويبيعه
قلت المذهب الكبير هو النهاية
قال في التحبير وتوفي يوم الخميس تاسع عشر شعبان سنة ست وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 145 """
847
عبد الجليل بن عبد الجبار بن بيل . . .
848
عبد الجليل بن أبي بكر الطبري أبو سعد
تفقه علي أبي إسحاق الشيرازي وسمع أبا نصر الزينبي وغيره ثم سكن جرجان وحدث فيها بشيء يسير
روى عنه أبو عامر سعد بن علي العصاري
وتوفي بجرجان بعد سنة خمس وعشرين وخمسمائة
849
عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن سهل بن محمد بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن حمدان
أبو نصر بن أبي بكر السراج
ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 146 """
وتفقه على إمام الحرمين أبي المعالي الجويني وسمع أباه وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبا سعد الكنجروذي وأبا القاسم القشيري وأبا بكر محمد بن الحسن ابن علي الخبازي الطبري وأبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني وغيرهم
قال ابن السمعاني أحضرني والدي عنده وسمعني منه الحديث
قال وهو الفقيه ابن الفقيه من بيت العلم والورع والصلاح نشأ في العبادة من صغره واختلف إلى الإمام أبي المعالي وبرع في الفقه وصار من خواص أصحابه والمعيدين في درسه على الشادين وجرى على منوال أسلافه في الورع والستر والأمانة والاجتزاء بالحلال من القوت اليسير وقلة الاختلاط
توفي ليلة السبت الخامس من جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة وخمسمائة
850
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن نصير البروجردي القاضي أبو سعد
تفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق وسمع الحديث من ابن المهتدى وابن المأمون وغيرهما وكان حيا سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
851
عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن أبو بكر بن الإمام أبي عثمان الصابوني
سمع بنيسابور أباه وعبد الغافر بن محمد الفارسي وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري وغيرهم
ولي قضاء أذربيجان وسمي قاضي القضاة
"""
صفحة رقم 147 """
مات بأصبهان في حدود سنة خمسمائة
852
عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد أبو طالب بن العجمي الحلبي
من بيت حشمة وتقدم رحل إلى بغداد وتفقه بها على الشاشي وأسعد الميهني وسمع من أبي القاسم بن بيان وعاد إلى بلده وقدم دمشق رسولا من صاحب حلب
روى عنه ابن السمعاني وغيره وبنى بحلب مدرسة تعرف به
توفى في شعبان سنة إحدى وستين وخمسمائة
853
عبد الرحمن بن الحسين بن علي الطبري أبو محمد ابن صاحب العدة الإمام أبي عبد الله
ولد ببغداد وتفقه على والده وعلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازى وسمع الحديث من ابن البطر وجعفر السراج وغيرهما وولى التدريس بالنظامية وعزل أسعد الميهنى ثم عزل عن التدريس
قال ابن السمعانى أنفق الأموال والذخائر حتى ولى التدريس بالنظامية وقيل خرج عنه في الرشوة للأكابر ليحصل المدرسة ما لو أراد لبنى مدرسة كاملة ورد علينا مرو وكان يتردد إلى الوزير محمود بن أبي توبة وكان يكرمه وكان شيخا بهى المنظر مليح الشيبة حسن الكلام في المسائل
قلت روى عنه ابن السمعاني وذكر أنه خرج إلى خوارزم وبها توفى سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 148 """
854
عبد الرحمن بن خداش بن عبد الصمد المعروف بالقاضي الخداشي
ولد بالموصل وتفقه على أبي سعد بن أبي عصرون وأبي منصور الرزاز
مات في سابع شعبان سنة إحدى وسبعين وخمسمائة
855
عبد الرحمن بن خير بن محمد بن حريز أبو القاسم الرعيني المعلم الأشعري المعروف بابن العمورة
من أهل القيروان دخل بغداد وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ وسمع الحديث من ابن النقور وأبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي الجرجاني وحدث باليسير
روى عنه ابن بوش
مات في شهر رمضان سنة سبع عشرة وخمسمائة
856
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن عمر بن حفص بن زيد الليثي الشيخ أبو محمد النيهي
ونيه بكسر النون وإسكان آخر الحروف وبعدها الهاء
"""
صفحة رقم 149 """
وهو ابن أخي الحسن بن عبد الرحمن النيهي تلميذ القاضي الحسين وقد تقدم ذكر الحسن وأما عبد الرحمن فكانت ولادته وإقامته ووفاته بمرو الروذ وهو من تلامذة البغوي تفقه عليه وسمع منه الحديث ومن أبي محمد عبد الله بن الحسن الطبسي الحافظ وأبي الفضل عبد الجبار بن محمد الأصبهاني وعبد الرزاق بن حسان المنيعي وأبي عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ وغيرهم
سمع منه ابن السمعاني وذكره في مشيخته وآخرون وكان شيخ الشافعيه بتلك الناحية
قال ابن السمعاني إمام فاضل مفت ورع دين حافظ لمذهب الشافعي مصيب في الفتاوى راغب في الحديث ونشره حسن الأخلاق مبارك لنفس كثيرة الصلاة والعبادة جمع بين العلم والعمل كان يملي بكر الجمعات ويذنب إملاءه بالوعظ النافع المفيد وتخرج عليه جماعة كثيرة من الفقهاء والعلماء لقيته بمرو الروذ وقرأت عليه المعجم الصغير للطبراني وحضرت مجالس أماليه ثم ورد هو إلى مرو وحدث به المعجم الصغير عن أبي الفضل الأصبهاني عن أبي بكر بن ريذه عن الطبراني
وتوفي بمرو الروذ في الثامن والعشرين من شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
ذكره ابن السمعاني في الأنساب و التحبير
"""
صفحة رقم 150 """
857
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الحصيري أبو سعد
من أهل الري
قال ابن السمعاني فقيه إمام صالح دين خير حسن السيرة مشتغل بما يعنيه
تفقه على أبي بكر الخجندي بأصبهان وتخرج عليه ورجع إلى الري وأضر على كبر السن
ولد سنة اثنتين وستين وأربعمائة بالري
وسمع من جماعة كثيرين ومات في شوال سنة ست وأربعين وخمسمائة
858
عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور بن عثمان المعدل الهروي أبو نصر الفامي
مؤرخ هراة
قال شيخنا الذهبي وليس تاريخه بمستوعب
"""
صفحة رقم 151 """
ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بهراة وكان حافظا أديبا يلقب ثقة الدين
سمع أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري وأبا عبد الله محمد بن علي العميري ونجيب ابن ميمون الواسطي وأبا عامر الأزدي وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المليحي وببغداد من ابن الحصين وآخر من روى عنه الحافظ ابن عساكر وأبو روح الهروي وأبو سعد بن السمعاني وقال حافظ فاضل مقدم المحدثين بهراة له معرفة بالحديث والأدب كثير الصدقة والصلاة دائم الذكر كتب عني الذيل في ثمان مجلدات وقرأها علي
مات بهراة ليلة الخميس الخامسة والعشرين من ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمسمائة
859
عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن علي النيسابوري أبو القاسم الأكاف السختني
من أهل نيسابور
كان من العلماء الصالحين من تلامذة الأستاذ أبي نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري
سمع أبا سعد بن أبي صادق الحيري وأبا بكر الشيروى وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وغيرهم وقرأ بنفسه الكثير
روى عنه ابن السمعاني وقال إمام ورع عالم عامل يضرب به المثل في السيرة الحسنة والخصال الحميدة ودقيق الورع وحسن السيرة والتجنب عن السلطان
"""
صفحة رقم 152 """
تفقه على أبي نصر بن أبي القاسم القشيري وصحب الشيخ عبد الملك الطبري بمكة ودرس مختصر أبي محمد الجويني بمكة وعلق عنه جماعة بها وقدم بغداد متوجها وعائدا وتكلم في المسائل الخلافية وأحسن الكلام فيها ورجع إلى نيسابور فاعتزل الناس وحكى أنه أوصى إليه شخص أن يفرق طائفة من ماله على الفقراء والمساكين وكان فيه مسك فكان إذا فرقه على الفقراء أخذ عصابة فشدها على أنفه حتى لا يجد رائحته ويقول لا ينتفع به إلا برائحته ومثل هذا روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
قال ابن السمعاني توفي في فتنة الغز ضاحي نهار يوم الجمعة غرة ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمسمائة ودفن بالحيرة عند رجل والده
وقال أبو الفرج بن الجوزي لما استولى الغز على نيسابور قبضوا عليه وأخرجوه ليعاقبوه فشفع فيه السلطان سنجر وقال كنت أمضي إليه متبركا به ولا يمكنني من الدخول عليه فاتركوه لأجلي فتركوه فدخل شهر ستان وهو مريض فبقي أياما ومات
860
عبد الرحمن بن علي بن أبي العباس بن علي بن الحسين بن الموفق النعيمي الموقفي المعروف بالبارباباذي
وبارباباذ بفتح الباء الموحدة وبعد الألف راء ساكنة ثم باء أخرى ثم بعد الألف
"""
صفحة رقم 153 """
باء ثالثة مفتوحة أيضا تتلوها ألف ثم ذال معجمة محلة بمدينة مرو عند باب شارستان
خطب بالجامع الأقدم بمرو وأم الناس
قال ابن السمعاني كان فقيها فاضلا عارفا بالمذهب مناظرا ورعا كثير التلاوة والصلاة يسكن الجامع الأقدم ويؤم الناس في الصلوات الخمس ولي الخطابة مدة نيابة عن عمي وتفقه على جدي أبي المظفر ثم خرج إلى بخارى ولقى بها الأئمة وخرج إلى طوس وأقام عند أبي حامد الغزالي مدة وعند الحسين بن مسعود الفراء مدة
سمع أبا المظفر السمعاني وغيره كتب عنه ابن السمعاني وقال قرأت عليه مسندات كتاب الانتصار للإمام جدي
قال وتوفي سحر ليلة الخميس لست ليال خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ودفن بسنجدان
861
عبد الرحمن بن علي بن المسلم بن الحسين الفقيه أبو محمد اللخمي الدمشقي الخرقي السلمي
ولد في نصف شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائة
وسمع أبا الحسن بن الموازيني وعبد الكريم بن حمزة وعلي بن أحمد بن قيس
"""
صفحة رقم 154 """
وأبا الحسن بن المسلم الفقيه وطاهر بن سهل الإسفرايني ونصر الله المصيصي وخلقا
روى عنه الموفق بن قدامة والبهاء عبد الرحمن والحافظ الضياء ويوسف بن خليل وخطيب مردا وإبراهيم بن خليل وأحمد بن عبد الدائم وخلق
قال عمر بن الحاجب كان فقيها عدلا صالحا يقرأ كل يوم وليلة ختمة
وقال أبو حامد بن الصابوني إن أبا محمد بن الخرقي أعاد في الأمينية بدمشق لجمال الإسلام أبي الحسن السلمي فإنه أضر في الآخر وأقعد فاحتاج يوما إلى الوضوء ولم يكن عنده في البيت أحد وكان ليلا فذكر عنه أنه قال فبينما أنا أتفكر إذا بنور من السماء دخل البيت فبصرت بالماء فتوضأت وأنه حدث بذلك بعض إخوانه وأوصاه أن لا يخبر بها إلا بعد موته
مات سنة سبع وثمانين وخمسمائة
862
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور بن جبريل الخطيبي الفقيه أبو نصر الخرجردى
ولد بخرجرد من ناحية بوشنج سنة نيف وتسعين وأربعمائة وسكن مرو مدة وتفقه بنيسابور وهراة ومرو وكان فقيها صالحا متعبدا
تفقه على إسماعيل الخرجردى وهو الذي يقول فيه الفقهاء الرافعي وغيره إسماعيل البوشنجي وخرجرد من بلاد بوشنج
وتفقه أيضا على إبراهيم المروروذي وقرأ الخلاف على عمر بن محمد السرخسي وسمع الحديث من أبي نصر بن أبي القاسم القشيري
"""
صفحة رقم 155 """
والفضل بن محمد الأبيوردي والسيد بن أبي الغنائم حمزة بن هبة الله بن محمد العلوي وغيرهم وخرج لنفسه جزأين حدث بهما
روى عنه عبد الرحيم بن السمعاني وذكره والده أبو سعد بن السمعاني في التحبير وقال كان فقيها فاضلا برع في الفقه وكان يحفظ المذهب ويناظر وقرأ طرفا من الأدب وأمعن في حفظ التواريخ والفتوح والملاحم وكان يحفظ شيئا كثيرا من النتف والطرف نظما ونثرا ومواليد الناس ووفياتهم
توفي في واقعة الغز بمرو وهو أنه كان على المنارة بأسفل الماجان فرمت الغز لمنارة بالنار فاحترق من فيها منهم أبو نصر الخرجردي وابنه عبد الرزاق وكان ذلك في الثاني عشر من رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
863
عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله مصغر بن أبي سعيد كمال الدين أبو البركات ابن الأنباري النحوي
صاحب التصانيف المفيدة وله الورع المتين والصلاح والزهد
سكن بغداد وتفقه على أبي منصور بن الرزاز وقرأ النحو على أبي السعادات ابن الشجري واللغة على أبي منصور بن الجواليقي وصار شيخ العراق في الأدب غير مدافع له التدريس
"""
صفحة رقم 156 """
فيه ببغداد والرحلة إليه من سائر الأقطار ثم انقطع في منزلة مشتغلا بالعلم والعبادة والإفادة قال الموفق عبد اللطيف لم أر في العباد والمنقطعين أقوى منه في طريقه ولا أصدق منه في أسلوبه جد محض لا يعتريه تصنع ولا يعرف السرور ولا أحوال العالم وكان له من أبيه دار يسكنها ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار في الشهر يقنع به ويشتري منه ورقا وسير إليه المستضيء خمسمائة دينار فردها فقالوا له اجعلها لولدك فقال إن كنت خلقته فأنا أرزقه وكان لا يوقد عليه ضوء وتحته حصير قصب وعليه ثوب وعمامة من قطن يلبسهما يوم الجمعة وكان لا يخرج إلا للجمعة ويلبس في بيته ثوبا خلقا وكان ممن قعد في الخلوة عند الشيخ أبي النجيب
قلت سمع الحديث من أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وأبي نصر أحمد بن نظام الملك ومحمد بن محمد بن محمد بن عطاف الموصلي وغيرهم وحدث باليسير
روى عنه الحافظ أبو بكر الحازمي وابن الدبيثي وطائفه
ومن تصانيفه في المذهب هداية الذاهب في معرفة المذاهب وبداية الهداية وفي الأصول الداعي إلى الإسلام في أصول الكلام والنور اللائح في اعتقاد السلف الصالح واللباب وغير ذلك وفي الخلاف التنقيح في مسلك الترجيح والجمل في علم الجدل وغير ذلك وفي النحو واللغة ما يزيد على الخمسين مصنفا وله شعر حسن كثير
توفي ليلة الجمعة تاسع شعبان سنة سبع وسبعين وخمسمائة ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي
"""
صفحة رقم 157 """
864
عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى أبو القاسم بن أبي سعد الفارسي ثم السرخسي
فقيه ورع تفقه على محيى السنة البغوي وبعده على عبد الرحمن بن عبد الله النيهي
قال ابن السمعاني وكان حافظا للمذهب وتوفي كهلا سنة ست أو خمس وخمسين وخمسمائة
865
عبد الرحمن بن محمد بن محمد أبو الفتوح السلمويي اللباد
من أهل نيسابور
تفقه على أبي نصر القشيري بنيسابور وأبي بكر السمعاني بمرو
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا ورعا تقيا نظيفا محتاطا كثير العبادة دائم المجاهدة اقتصر على خشونة العيش ولازم العزلة
مات بأصبهان في شهر رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة
866
عبد الرحمن بن محمد بن محمود بن الحسن القزويني أبو حامد بن أبي الفرج بن الشيخ أبي حاتم الأنصاري
كان إماما مفتيا مناظرا من بيت الفضل والدين
ورد خراسان ودخل إلى ما وراء النهر وتفقه بتلك الديار
"""
صفحة رقم 158 """
توفي بآمل في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
ووالده أبو الفرج محمد بن أبي حاتم فقيه صالح حج وضاع له ابن يشبه أن يكون هذا قبل وصوله إلى المدينة قال بعضهم فجعل يتمرغ في مسجد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في التراب ويتشفع به عليه أفضل الصلاة والسلام في لقي ولده والخلق حوله فبينا هو في تلك الحال إذ دخل ابنه من باب المسجد
وجده الشيخ أبو حاتم من أعلام المذهب
867
عبد الرحمن بن هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري أبو خلف بن أبي سعد النيسابوري
ولد بها في المحرم سنة أربع وتسعين وأربعمائة
وولى خطابة نيسابور بعد والده وكان ضريرا وكان ورعا عالما مليح الوعظ
سمع من عبد الغفار الشيروي وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وخلق
وروى عنه عبد الرحيم بن السمعاني
توفي بنيسابور يوم عاشوراء سنة تسع وخمسين وخمسمائة
868
عبد الرحيم بن رستم أبو الفضائل الزنجاني
تفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز وقدم دمشق فدرس بالمجاهدية ثم بالغزالية ثم ولى قضاء بعلبك وقتل بها شهيدا
"""
صفحة رقم 159 """
قال الحافظ ابن عساكر كان عالما بالمذهب والأصول وعلوم القرآن قتل بيعلبك في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وخمسمائة
869
عبد الرحيم بن عبد القاهر بن عبد الله بن عموية السهروردي أبو الرضا بن أبي النجيب الواعظ الصوفي مات بعد الستين والخمسمائة
870
عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوزان الأستاذ أبو نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري
الإمام العلم بحر مغدق زخار وحبر هو في زمانه رأس الأحبار إذا قيل كعب لأحبار وهمام مقدم وإمام تقتدي به الهداة وتأتم نما من تلك الأصول الطاهرة غصنه المورق علي الأنجم الزاهرة بدره المشرق ورع يأنف أن يعد غير دار السلام دارا ويستقل الجوزاء إذا هو جاوزها أن يتخذ فيها قرارا مجل ما ادلهم ليل المشكلات وأمسي ومصل يسمع الناس لكلامه فلا تسمع لهم إلا همسا تلتقط الدرر من كلمة ويتناثر الجوهر من حكمه ويؤوب المذنب عند وعظه ويتوب العاصي بمجرد سماع لفظه ينطبع في القلب من كلماته صورة ويحدث للأنفس الزكية منه
"""
صفحة رقم 160 """
عظات إذا مدها لم تكن على أهل الطاعة مقصورة كم من فاسق تاب في مجلسه ودخل في الطاعة وكم من كافر آب إلى الحق ساعة وعظه وآمن في الساعة بمن بعث بين يدي الساعة ( صلى الله عليه وسلم ) لو استمع له الصخر لانفلق ولو فهم كلامه الوحش لاستحسنه وقال صدق يصدع القلب القاسي خطابه ويكاد يجمع عظام ذوي الغفلة النخرة عتابه ويشتت شمل الشياطين ما يقول ويفتت الأكباد ما يجمعه من الحق المقبول
هو الرابع من أولاد الأستاذ أبي القاسم وأكثرهم علما وأشهرهم اسما والكل من السيدة الجليلة فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الدقاق
تحرج بوالده ثم على إمام الحرمين
وسمع أباه وأبا عثمان الصابوني وأبا الحسين الفارسي وأبا حفص بن مسرور وأبا سعد الكنجروذي وأبا بكر البيهقي وأبا الحسين بن النقور وأبا القاسم الزنجاني وغيرهم بخراسان والعراق والحجاز وحدث بالكثير
روى عنه سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار وأبو الفتوح الطائي وخطيب الموصل أبو الفضل الطوسي وغيرهم وأبو سعد الصفار آخر من حدث عنه
ومن الغريب أنه سمع منه وهو ابن أربع سنين وكتب الطبقة بخطه وبقي إلى سنة ستمائة
ذكر صاحب السياق وأفصح المؤرخين على الإطلاق عبد الغافر الفارسي الأستاذ أبا نصر فقال إمام الأئمة وحبر الأمة وبحر العلوم وصدر القروم قال وهو أشبه أولاد أبيه به خلقا حتى كأنه شق منه شقا رباه والده أحسن تربية وزقه العربية في صباه زقا حتى برع فيها وكمل في النظم والنثر فحاز فيهما قصب السبق
"""
صفحة رقم 161 """
وكان ينفث بالسحر أقلامه على الرق استوفى الحظ الأوفى من علم الأصول والتفسير تلقنا من والده ورزق السرعة في الكتابة بحيث كان يكتب كل يوم طاقات على الاعتياد لا يلحقه فيه كبير مشقة وحصل أنواعا من العلوم الدقيقة والحساب
ولما توفي أبوه انتقل إلى مجلس إمام الحرمين وواظب على درسه وصحبته ليلا ونهارا ولزمه عشيا وإبكارا حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف وجدد عليه الأصول وكان الإمام يعتد به ويستفرغ أكثر أيامه معه مستفيدا منه بعض مسائل الحساب في الفرائض والدور والوصاية
فلما فرغ من تحصيل الفقه تأهب للخروج للحج وحين وصل إلى بغداد وعقد له المجلس ورأى أهل بغداد فضله وكماله وعانيوا خصاله بداله من القبول عندهم ما لم يعهد مثله لأحد قبله وحضر مجلسه الخواص ولزم الأئمة مثل أبي إسحاق الشيرازي الذي هو فقيه العراق في وقته عتبة منبره
وأطبقوا على أنهم لم يروا مثله في تبحره وخرج إلى الحج ولما عاد كان القبول عظيما وزائدا على ما كان من قبل وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا يؤدي إلى الفتنة وقلما كان يخلو مجلسه عن إسلام جماعة من أهل الذمة
وخرج بعد من قابل راجعا إلى الحج في أكمل حرمه وترفه في خدمة من أمير الحاج وأصحابه وعاد إلى بغداد وأمر القبول بحاله والفتنة مشرئبة تكاد تضطرم فبعث إليه نظام الملك يستحضره من بغداد إلى أصبهان فأكرم مورده وبقي أهل بغداد عطاشا إليه وإلى كلامه منهم من لم يفطر عن الصوم سنين بعده ومنهم من لم يحضر من بعده مجلس
"""
صفحة رقم 162 """
تذكير قط وأشار الصاحب عليه بالرجوع إلى خراسان ووصله بصلات سنية ودخل قزوين ولقي بها قبولا تاما ولما عاد استقبله الأئمة والصدور وكان يواظب بعد ما لقي من القبول على درس إمام الحرمين ويشتغل بزيادة التحصيل وكان أكثر صغوة في أواخر أيامه إلى الرواية قلما يخلو يوم من أيامه عن مجلس للحديث أو مجلسين وتوفي عديم النظير فريد الوقت بقية أكابر الدنيا انتهى
قلت وأعظم ما عظم به أبو نصر أن إمام الحرمين نقل عنه في كتاب الوصية من النهاية وهذه مرتبة رفيعة
والفتنة المشار إليها في كلام عبد الغافر فتنة الحنابلة فإن الأستاذ أبا نصر قام في نصرة مذهب الأشعري وباح بأشد النكير على مخالفيه وغبر في وجوه المجسمة في كائنه لا يخلو هذا الكتاب عن شرحها
وكان الأستاذ أبو نصر قد اعتقل لسانه في آخر عمره إلا عن الذكر فلا يتكلم إلا بآي القرآن وكان يحفظ من الأشعار والحكايات مالا يحصى كثرة وقيل إنه كان يحفظ خمسين ألف نصف بيت قيل وكان يحب العزلة والانزواء فلما انقرضت الجوينية وصار مقدما احتاج إلى الخروج وحضور المحافل إذ كان قد بقي عين أهل مدينة نيسابور والمشار إليه في صدور محافل العزاء والهناء بعدما انقرض بيت الشيخ أبي محمد الجويني وولده إمام الحرمين وبالجملة كان رجلا معظماحتى عند مشايخه فلقد أطنب شيخه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في الثناء عليه وكذلك شيخه إمام الحرمين
"""
صفحة رقم 163 """
ودخل الأستاذ أبو نصر مرة على الإمام أبي المعالي الجويني فأنشأ الإمام ارتجالا
يميس كغصن إذا ما بدا
ويبدو كشمس ويرنو كريم
معاني النجابة مجموعة
لعبد الرحيم بن عبد الكريم
ومن شعر الأستاذ أبي نصر
ليالي وصال قد مضين كأنها
لآلي عقود في نحور الكواعب
وأيام هجر أعقبتها كأنها
بياض مشيب في سواد الذوائب
وقال
تقبيل خدك أشتهى
أمل إليه أنتهى
لو نلت ذلك لم أبل
بالروح منى أن تهي
دنياي لذة ساعة
وعلى الحقيقة أنت هي
وقال أيضا
شيئان من يعذلني فيهما
فهو على التحقيق مني برى
حب أبي بكر إمام التقى
ثم اعتقادي مذهب الأشعري
وقال في ولده فضل الله
كم حسرة لي في الحشا
من ولدي وقد نشا
"""
صفحة رقم 164 """
كنا نشاء رشده
فما نشا كما نشا
وقال
رمضان أرمضني بصادات على
عدد الطبائع والفصول الأربعة
صوم وصوب ما يغيب سحابة
وصبابة وصدود من قلبي معه
ووقعت إليه رقعة استفتاء فيها
ما على عاشق رأى الحب مختا
لا كغصن الأراك يحمل بدرا
فدنا نحوه يقبل خديه
غراما به ويلثم ثغرا
وعليه من العفاف رقيب
لا يداني في سنة الحب غدرا
أعليه جناية توجب الحد م
أجبنا لقيت رشدا وبرا
فأجاب من أبيات
ما على من يقبل الحب حد
غير أني أراه حاول نكرا
"""
صفحة رقم 165 """
لا تشوق للثم خد وثغر
لو تعففت كان ذلك أحرى
فاخش منه إذا تسامحت فيه
غائلات تجر إثما ووزرا
توفي الأستاذ أبو نصر يوم الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور
ومن الفوائد عنه
قال أبونصر سمعت والدي يقول ليكن لك في اليوم والليلة ساعة تحضر فيها بقلبك وتخلو بربك وتقول تدارك قلبي بشظية من إقبالك بذره من أفضالك
من نذر أن لا يكلم الآدميين أو الصمت في صومه قال الرافعي في آخرباب النذر في تفسير أبي نصر القشيري أن القفال قال من التزم بالنذر أن لا يكلم الآدميين يحتمل أن يقال يلزمه لأنه مما يتقرب به ويحتمل أن يقال لا لما فيه من التضييق
"""
صفحة رقم 166 """
والتشديد وليس ذلك من شرعنا كما لو نذر الوقوف في الشمس
قلت وقد رأيت ذلك في تفسير أبي نصر المذكور قال وعلى هذا يكون نذر الصمت يعني في قوله ) إني نذرت للرحمن صوما ( في تلك الشريعة لا في شريعتنا
ذكره في تفسير سورة مريم ومراده بالقفال فيما أحسب القفال الكبير صاحب التفسير لا القفال المروزي فليعلم ذلك
ورأيت صاحب البحر قد ذكر في كتاب الصوم ما نصه فرع جرد عادة الناس بترك الكلام في رمضان وليس له أصل في الشرع والرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والصحابة لم يفعلوه إلا أن له أصلا في شرع من قبلنا قال تعالى لزكريا عليه السلام ) ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ( وقالت مريم عليها السلام ) إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ( وقد قال بعض أصحابنا شرع من قبلنا يلزمنا فيكون هذا قربة تستحب ومن قال لا يلزمنا شرع من قبلنا قال لا يستحب انتهى
قلت وعلى هذا تتخرج المسألة السابقة فإن قلنا قربة صح التزامه بالنذر وإلا فلا
871
عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن أحمد بن المفرج بن أحمد القاضي الفاضل محي الدين أبو علي بن القاضي الأشرف اللخمي البيساني العسقلاني مولد المصري
"""
صفحة رقم 167 """
إمام الأدباء وقائد لواء أهل الترسل وصاحب صناعة الإنشاء أجمع أهل الأدب على أن الله تعالى لم يخلق في صناعة الترسل من بعده مثله ولا من قبله بأكثر من مائتي عام وربما زادوا وهو بينهم كالشافعي وأبي حنيفة بين الفقهاء بل هم له أخضع لأن أصحاب الإمامين قد يتنازعون في الأرجحية فكل يدعى أرجحية إمامه وأما هذا فلا تنازع بين أهل صناعته فيه
وكان صديق السلطان صلاح الدين وعضده ووزيره وصاحب ديوان إنشائه ومشيره وخليطه وسميره
ولد في نصف جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة
وسمع الحديث من الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبي طاهر السلفي وأبي محمد العثماني وأبي الطاهر بن عوف وغيرهم
وكان ذا دين وتقوى وتقشف مع الرياسة التامة والإغضاء والصفح والحلم والعفو والستر صاحب أوراد من صلاة وصيام وغيرهما مع التمكن الزائد في الدولة وذكر العماد الكاتب أنه كان يختم كل يوم القرآن المجيد ويضيف إليه ما شاء الله وبلغنا أن كتبه التي ملكها مائة ألف مجلد وكان كثير البر والصدقة مقتصدا في ملبسه وطعامه كثير التشييع للجنائز وعيادة المرضى له تهجد في الليل لا يخل به وعادة في زيارة القبور لا يقطعها مع كونه أحدب ضعيف البنية كثير الاشتغال وكتب من الإنشاء الفائق الرائق الذي خضعت له الرقاب ما يربو على مائة مجلد
قيل وكان يدخل له في السنة نحو خمسين ألف مثقال من الذهب غير ما يدخل له من فوائد المتجر وكانت متاجره في الهند والغرب وما بين ذلك
"""
صفحة رقم 168 """
مات سنة ست وتسعين وخمسمائة
872
عبد الرزاق بن عبد الله بن علي بن إسحاق الطوسي أبو المعالي وقيل أبو المحاسن المعروف بالشهاب الوزير وزير السلطان سنجر
ولد سنة تسع وخمسين وأربعمائة بنيسابور
وسمع أبا بكر بن خلف الشيرازي وأبا المظفر السمعاني وغيرهما
روى عنه السمعاني وغيره وتفقه على إمام الحرمين
قال ابن السمعاني في التحبير أخذ عن الإمام أبي المعالي حتى صار من فحول المناظرين وكان إمام نيسابور في عصره ومن مشاهير العلماء ولى التدريس بمدرسة عمه نظام الملك مدة ثم ارتفعت درجته إلى أن صار وزير السلطان سنجر ابن ملكشاه وبقي على الوزارة مدة وكان يجتمع عنده الأئمة ويناظرهم ويظهر كلامه عليهم وكان فصيحا جرئيا
قال وتوفي بسرخس يوم الخميس التاسع عشر من المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة وحمل إلى نيسابور ودفن بداره برأس القنطرة
قلت وأجاز لابن السمعاني
"""
صفحة رقم 169 """
873
عبد الرزاق بن محمد الماخواني
قال ابن السمعاني في التحبير كان دهقانا لا يعرف شيئا وأما والده فكان إمام عصره وقد سمع هو من والده
ومات في صفر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
874
عبد السلام بن الفضل أبو القاسم الجيلي
أقام ببغداد مدة متفقها بالمدرسة النظامية على إلكيا وولي قضاء البصرة وسمع بمكة صحيح مسلم من الحسين الطبري وكان فقيها أصوليا
توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وخمسمائة
875
عبد السلام بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد أبو شجاع الخطيب
من أهل البندنيجين
صحب أبا النجيب السهروردي ببغداد وتفقه عليه وسمع الحديث من أبي الوقت السجزي وغيره وتولى قضاء البندنيجين
وتوفي بها في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 170 """
76
عبد السلام بن محمد الشيخ ظهير الدين الفارسي
أحد الأئمة المعتبرين
قال ابن باطيش قدم الموصل فصادف من صاحبها قبولا وفوض إليه تدريس الفريقين الشافعية والحنفية وبقي بها مدة يدرس وافر الحرمة ثم توجه إلى حلب على عزيمة العود إلى الموصل ثم مات بها سنة ست وتسعين وخمسمائة
877
عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار الكلاهيني الزنجاني أبو المظفر بن أبي عبد الله الصوفي الملقب بالبديع وكلاهين من نواحي زنجان
تفقه في بغداد بالنظامية على أسعد الميهني
وسمع الحديث من هبة الله بن محمد بن الحصين وزاهر بن طاهر الشحامي وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي وغيرهم
وصحب الشيخ أبا النجيب السهروردي وانقطع إلى العبادة والخلوة والرياضة ومواصلة الصيام والقيام حتى ظهرت عليه أنوار الطاعة وظهر له القبول من الناس وصار ممن
"""
صفحة رقم 171 """
يشار إليه بالزهد والعبادة ويقصده الناس للتبرك به واتخذ بعد موت الشيخ أبي النجيب رحمه الله لنفسه رباطا وكان يعقد به مجلس الوعظ ويحضره الناس وحدث بالكثير
روى عنه الحافظ أبو بكر الحازمي وغيره وقد سئل عن مولده فذكر أنه قبل الخمسمائة
وتوفي يوم الأحد لأربع عشرة خلت من ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة
878
عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن الحسين الشيخ أبو الفضل الأشنهي
صاحب الفرائض المشهورة بضم الألف وسكون الشين المعجمة وضم النون وكسر الهاء نسبة إلى قرية أشنه بليدة بأذربيجان
تفقه على أبي إسحاق الشيرازي وسمع أبا جعفر بن المسلمة وغيره
سمع منه الفضل بن محمد النوقاني
هذا كلام ابن السمعاني ولم يزد شيئا إلا أنه أسند له حديثا ولم يذكره ابن النجار
879
عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الحافظ أبو الحسن الفارسي ثم النيسابوري حفيد راوي صحيح مسلم أبي الحسين عبد الغافر بن محمد
ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 172 """
وسمع من جده لأمه أبي القاسم القشيري وأحمد بن منصور المغربي وأحمد بن الحسن الأزهري وأبي الفضل محمد بن عبيد الله الصرام وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري وأبي بكر بن خلف وجدته فاطمة بنت الدقاق وخلائق
وأجازه أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي وأبو محمد الجوهري مسند بغداد وغيرهما
روى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر وأبو سعد بن السمعاني وأبو العلاء الهمذاني
وذكر شيخنا الذهبي أن ابن عساكر لم يرو عنه إلا بالإجازة لكن روى عنه بالسماع أبو سعد عبد الله بن عمر الصفار
وتفقه على إمام الحرمين ولزمه مدة وكان إماما حافظا محدثا لغويا فصيحا أديبا ماهرا بليغا آدب المؤرخين وأفصحهم لسانا وأحسنهم بيانا أورثته صحبة الإمام فنا من الفصاحة وأكسبته ملازمته إياه سهرا حمد صباحه وكان خطيب نيسابور وإمامها وفصيحها الذي ألقت إليه البلاغة زمامها وبليغها الذي لم يترك مقالا لقائل وأديبها الآتي بما لم يستطعه كثير من الأوائل
رحل إلى خوارزم وإلى غزنة وجال في بلاد الهند وصنف السياق لتاريخ نيسابور
"""
صفحة رقم 173 """
وكتاب مجمع الغرائب في غريب الحديث وكتاب المفهم لشرح غريب مسلم
توفي سنة تسع وعشرين وخمسمائة بنيسابور
880
عبد الغافر السروستاني
من أهل فارس
ويعرف بالركن
تفقه بالمدرسة النظامية ببغداد وكان أديبا فاضلا عفيفا مستورا
قال العماد الكاتب إنه غلب عليه العشق حتى حمل إلى البيمارستان وقيد ثم إنه عوفي مما ابتلى به ولم يقم بعد ذلك ببغداد خجلا وكتبت عنه أبياتا من شعره مليحة
881
عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه
واسمه عبد الله بن سعد بن الحسين بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن
"""
صفحة رقم 174 """
الشيخ أبو النجيب السهروردي
الصوفي الزاهد الفقيه الإمام الجليل أحد أئمة الطريقة ومشايخ الحقيقة من هداة الدين وأئمة المسلمين
ولد في صفر سنة تسعين وأربعمائة وسمع أبا علي بن نبهان وزاهر بن طاهر والقاضي أبا بكر الأنصاري وغيرهم
روى عنه ابن عساكر وابنه القاسم وابن السمعاني وأبو أحمد بن سكينة وابن أخيه الشيخ شهاب الدين ابن أخي أبي النجيب السهروردي وزين الأمناء أبو البركات وخلق
كان من أهل سهرورد ثم قدم بغداد وتفقه بالمدرسة النظامية على أسعد الميهني وعلق عنه التعليق وبرع في المذهب وتأدب على الفصيحي وسمع الحديث ممن ذكرنا ثم ولي تدريس النظامية فدرس بهامدة ثم انصرف عنها وصحب الشيخ أحمد الغزالي وهب له نسيم التوفيق ودله على سواء الطريق فانقطع عن الناس وآثر العزلة والخلوة واشتملت المريدون عليه وعمت بركته وبقي عدة سنين يستقي بالقربة على ظهره بالأجرة ويتقوت بذلك ويقوت من عنده من الأصحاب وكانت له خربة على
"""
صفحة رقم 175 """
دجلة يأوي إليها هو وأصحابه واشتهر اسمه وبعد صيته واستفاضت كراماته وبنى تلك الخربة رباطا وبنى إلى جانبها مدرسة فصار حمى لمن التجأ إليه من الخائفين يجير من السلطان والخليفة وغيرهما وأفلح بسببه خلق وأملى مجالس وصنف مصنفات واتفقت له في بدايته مجاهدات كثيرة واجتمع بسادات
وحكى عن نفسه قال كنت أدخل على شيخي وربما يكون اعتراني بعض الفتور عما كنت عليه من المجاهدة فيقول لي أراك قد دخلت وعليك ظلمة فأعلم سبب ذلك وكرامة الشيخ وكنت أبقى اليومين والثلاثة لا أستطعم بزاد وكنت أنزل إلى دجلة وأتقلب في الماء ليسكن جوعى حتى دعتني الحاجة إلى أن اتخذت قربة أستقي بها الماء للقوت فمن أعطاني شيئا أخذته ومن لم يعطني تركته ولما تعذر علي ذلك في الشتاء خرجت يوما إلى بعض الأسواق فوجدت رجلا وبين يديه طبرزد وعنده جماعة يدقون الأرز فقلت هل لك أن تستأجرني فقال أرني يديك فأريته فقال هذه يد لا تصلح إلا للقلم ثم ناولني قرطاسا فيه ذهب فقلت ما آخذ إلا أجرة عملي فاستأجرني على النسخ إن كان لك نسخ وإلا انصرفت وكان رجلا يقظا فقال اصعد وقال لغلامه ناوله المدقة فناولني فدققت معهم وليس لي عادة وصاحب الدكان يلحظني فلما عملت ساعة قال تعال فجئت إليه فناولني الذهب وقال هذه أجرتك فأخذته وانصرفت ثم أوقع الله في قلبي الاشتغال بالعلم فاشتغلت حتى أتقنت المذهب وقرأت أصول الدين وأصول الفقه وحفظت وسيط الواحدي في التفسير وسمعت كتب الحديث المشهورة
توفي الشيخ أبو النجيب في جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 176 """
882
عبد الكريم بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي البياري الأزناوي أبو الفضل
من أهل همذان
تفقه ببغداد على أسعد الميهني وسمع الحديث من أبي القاسم بن بيان وغيره ثم سافر إلى الموصل ولازم علي بن سعادة بن السراج الفقيه وعلق عنه الخلاف وسمع من أبي البركات بن خميس وعاد إلى بغداد
روى عنه ابن السمعاني
ولد في ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة ومات في رجب سنة سبع وأربعين وخمسمائة
883
عبد الكريم بن شريح بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الروياني أبو معمر الطبري
قاضي آمل طبرستان
ووقع في نسختي من كتاب ابن باطيش إسقاط شريح بن عبد الكريم وأحمد
"""
صفحة رقم 177 """
وهو غلط تبعته عليه في الطبقات الوسطى والصغرى والصواب ما ذكرته هنا
وشريح والده هو صاحب أدب القضاء المسمى بروضة الحكام وعبد الكريم جده لا أعرفه وأحمد والد جده هو أبو العباس الروياني الإمام الكبير صاحب الجرجانيات
ذكر ابن السمعاني عبد الكريم هذا في كتاب التحبير وقال إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام فصيح المنطق ورد نيسابور وأقام بهاوسمع ببسطام أبا الفضل محمد ابن علي بن أحمد السهلكي وسمع أيضا بطبرستان وساوة ونيسابور وأصبهان وعدد ابن السمعاني جماعة من مشايخه ثم قال لقيته بمرو سنة نيف وعشرين وكان قدمها طالبا لقضاء بلده حضر يناظرنا وتكلم في مسألة القتل بالمثقل فأكرم الوزير محمود بن أبي توبة مورده وفوض إليه القضاء ولم يتفق لي أن أسمع منه شيئا وكتب إلي الإجازة بجميع مسموعاته من آمل ومات بها في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
884
عبد الكريم بن عبد الرزاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد ابن محمد بن عبد الرحمن بن سليمان الحسناباذي
أبو طاهر من أهل أصبهان
قال ابن السمعاني كان أحد المعروفين بالخصال الجميلة والأخلاق المرضية وكان
"""
صفحة رقم 178 """
فاضلا يرجع إلى معرفة بالفقه والعربية ولسان أهل المعرفة
تفقه على أبي بكر محمد بن ثابت الخجندي سمع أباه وأبا عثمان سعيد بن أبي سعيد الصوفي وابن هزار مرد الصريفيني وابن المهتدي بالله وغيرهم
قال ابن السمعاني سمع منه والدي ولى عنه إجازة صحيحة
توفي في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة
885
عبد الكريم بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن أحمد بن علي الجويني أبو المظفر
تفقه على أبي بكر بن السمعاني
قال ابن السمعاني وولي القضاء بناحية جوين وسمع عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري وإسماعيل بن البيهقي والحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ وغيرهم
روى عنه ابن السمعاني
مولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة ولم يذكر وفاته في الذيل
"""
صفحة رقم 179 """
886
عبد الكريم بن علي بن أبي طالب الأستاذ أبو طالب الرازي تلميذ الغزالي
قال ابن السمعاني إمام ظريف عفيف حسن السيرة قال وأقام بهراة بين الصوفية
وسمع ببغداد أبا بكر بن الخاضبة وغيره وتفقه على الغزالي وإلكيا ومحمد بن ثابت الخجندي
روى عنه أبو النصر الفامي مؤرخ هراة وغيره
قال ابن السمعاني سمعت أبا نعيم عبد الرحمن بن عمر الأصفر البامنجي يقول لما فرغت من التفقه على الإمام الحسين بن مسعود الفراء ورجعت إلى بامئين كان أحد الفقهاء دخل علي وجرى بيننا مذاكرة علمية فوقعنا في هذه المسألة رجل له امرأتان طلق إحداهما فسئل أيهما طلقت فقال هذه بل هذه فقلت وهذه مسألة مشكلة وكان الإمام يقول لنا في هذه المسألة إشكال فحمل بعض الفقهاء هذه اللفظة إلى الإمام وزاد فيه حسد أنه قال ما علم الأستاذ هذه المسألة وما فهمها كما يجب فدعا الشيخ علي وأظهر الكراهة فقمت ومضيت إلى مرو الروذ راجلا ووصلت إليها بالباكر فلما قصدت الشيخ كان في الدرس والفقهاء حضور فألقى عليهم الدروس والإمام عبد الكريم الرازي بجنبه قاعد وكان يحضر درسه للتبريك لأنه كان من الأئمة الكبار فصبرت حتى فرغ الإمام من الدرس وخرج الفقهاء ولم يبق إلا الإمامان الحسين
"""
صفحة رقم 180 """
وعبد الكريم فدخلت وسلمت فرد الإمام الحسين السلام وما رفع رأسه إلي فقعدت وشرحت الحال بين يديهما فقال الإمام الحسين ليس الفقه إلا حل الإشكال
ولم يطب قلب الإمام فقال الإمام عبد الكريم الرازي له إن للفقهاء شرطا وللصوفية شرطا ومن شرط الفقيه أن يعترض على أستاذه ويصير إلى حاله يمكنه أن يقول لأستاذه لم ويحسن الاعتراض عليه ومن شرط الصوفية أن لا يعترض على شيخه أصلا ويكون كالميت بين يدي الغاسل ثم قال وهب أن تلميذك اعترض عليك فهذا من شرط الفقهاء فتعفو عنه فرضي الشيخ وأدناني من نفسه وقبلت رجليه وعانقني وقمت ورجعت في الحال إلى بلدي ولم أقم بمرو والروذ
وكان الرازي يحفظ الإحياء للغزالي وكان صالحا دينا
توفي بفارس سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ظنا أو قبلها بسنة أو بعدها بسنة
887
عبد الكريم بن محمد بن منصور بن محمد بن عبد الجبار الحافظ أبو سعد بن الإمام أبي بكر بن الإمام أبي المظفر ابن الإمام أبي منصور بن السمعاني
تاج الإسلام بن تاج الإسلام
محدث المشرق وصاحب التصانيف المفيدة الممتعة والرياسة والسؤدد والأصالة
"""
صفحة رقم 181 """
قال محمود الخوارزمي بيته أرفع بيت في بلاد الإسلام وأعظمه وأقدمه في العلوم الشرعية والأمور الدينية قال وأسلاف هذا البيت وأخلافه قدوة العلماء وأسوة الفضلاء الإمامة مدفوعة إليهم والرياسة موقوفة عليهم تقدموا على أئمة زمانهم في الآفاق بالاستحقاق وترأسوا عليهم بالفضل والفقه لا بالبذل والوقاحة انتهى
ولد في الحادي والعشرين من شعبان سنة ست وخمسمائة بمرو وحمله ولده الإمام أبو بكر إلى نيسابور سنة تسع وأحضره السماع علي عبد الغفار الشيروي وأبي العلاء عبيد بن محمد القشيري وجماعة وكان قد أحضره بمرو على أبي منصور محمد بن علي الكراعي وغيره ثم مات أبوه سنة عشر وأوصى إلى الإمام إبراهيم المروذي صاحب التعليقة فتفقه أبو سعد عليه وتهذب بأخلاقه وتربى بين أعمامه وأهله فلما راهق أقبل على القرآن والفقه وعني الحديث والسماع واتسعت رحلته فعمت بلاد خراسان وأصبهان وما وراء النهر والعراق والحجاز والشام وطبرستان وزار بيت المقدس وهو بأيدي النصارى وحج مرتين
سمع بنفسه من الفراوي وزاهر الشحامي وهبة الله السيدي وتميم الجرجاني وعبد الجبار الخواري وإسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وعبد المنعم بن القشيري وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وعبد الرحمن بن محمد الشيباني القزاز وخلائق يطول سردهم
وألف معجم البلدان التي سمع بها وعاد إلى وطنه بمرو سنة ثمان وثلاثين فتزوج وولد له أبو المظفر عبد الرحيم فرحل به إلى نيسابور ونواحيها وهراة ونواحيها وبلخ وسمرقند وبخارى وخرج له معجما ثم عاد به إلى مرو وألقى عصا السفر بعدما شق الأرض شقا وأقبل على التصنيف والإملاء والوعظ والتدريس
"""
صفحة رقم 182 """
قال ابن النجار سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ وهذا شيء لم يبلغه أحد
سمع منه جماعة من مشايخه وأقرانه
وروى عنه الحافظ الأكبر أبو القاسم بن عساكر وابنه القاسم بن عساكر وأبو أحمد ابن سكينة وعبد العزيز بن منينا وأبو روح عبد المعز الهروي وابنه أبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني ويوسف بن المبارك الخفاف وآخرون
عاد بعد ما دوخ الأرض سفرا إلى بلده مرو وأقام مشتغلا بالجمع والتصنيف والتحديث والتدريس بالمدرسة العميدية ونشر العلم إلى أن توفي إماما من أئمة المسلمين في كثير من العلوم أمسها به الحديث على اختلاف فنونه
ومن تصانيفه الذيل في أربعمائة طاقة
تاريخ مرو وكتب منه خمسمائة طاقة
طراز الذهب في أدب الطلب مائة وخمسون طاقة
الإسفار عن الأسفار خمس وعشرون طاقة
الإملاء والاستملاء خمس عشرة طاقة
التذكرة والتبصرة مائة وخمسون طاقة
معجم البلدان خمسون طاقة
معجم الشيوخ ثمانون طاقة
تحفة المسافر مائة وخمسون طاقة
التحف والهدايا خمس وعشرون طاقة
"""
صفحة رقم 183 """
عز العزلة سبعون طاقة
الأدب في استعمال الحسب خمس طاقات
المناسك ستون طاقة
الدعوات الكبيرة أربعون طاقة
الدعوات المروية عن الحضرة النبوية خمس عشرة طاقة
الحث على غسل اليد خمس طاقات
أفانين البساتين خمس عشر طاقة
دخول الحمام خمس عشرة طاقة وكان هذب فيه كتاب أبيه أبي بكر في دخول الحمام
فضائل صلاة التسبيح عشر طاقات
التحبير في المعجم الكبير ثلاثمائة طاقة
الأنساب ثلاثمائة طاقة وخمسون
الأمالي ستون طاقة
صلاة الصبح عشر طاقات
المساواة والمصافحة
مقام العلماء بين يدي الأمراء
لفتة المشتاق إلى ساكني العراق
سلوة الأحباب ورحمة الأصحاب
الأخطار في ركوب البحار
النزوع إلى الأوطان
"""
صفحة رقم 184 """
صوم الأيام البيض
تحفة العيدين
التحايا والهدايا
الرسائل والوسائل لم تكمل
فضائل الديك
ذكرى حبيب يرحل وبشرى مشيب ينزل
كتاب الحلاوة
فضائل الهرة
الهريسة
تاريخ الوفاة للمتأخرين من الرواة
بخار بخور البخارى
تقديم الجفان إلى الضيفان
الصدق في الصداقة
الربح والخسارة في الكسب والتجارة
الارتياب عن كتابة الكتاب
حث الإمام على تخفيف الصلاة مع الإتمام
فرط الغرام إلى ساكني الشام
الشد والعد لمن اكتنى بأبي سعد
فضائل سورة يس
فضائل الشام وغير ذلك من التصانيف والتخاريج
"""
صفحة رقم 185 """
ذكره صاحبة ورفيقه الحافظ الكبير أبو القاسم ابن عساكر واثنى عليه وقال هو الآن شيخ خراسان غير مدافع عن صدق ومعرفة وكثرة سماع للأجزاء وكتب مصنفة والله يبقيه لنشر السنة ويوفقه لأعمال أهل الجنة
توفي الحافظ أبو سعد في الثلث الأخير من ليلة غرة ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة بمدينة مرو ودفن بسنجدان مقبرة مرو
888
عبد الكريم بن محمد بن أبي منصور الرماني الدامغان
من أهل الدامغاني ولد بها يوم الجمعة عند طلوع الشمس سادس عشر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة
ودخل إلى نيسابور وتفقه على إمام الحرمين ثم عاد إلى بلده وولى القضاء بها
سمع الوزير نظام الملك وأبا القاسم بن مسعدة وأبا بكر أحمد بن علي الشيرازي وكامل بن إبراهيم الخندقي والمظفر بن حمزة التميمي وأبا القاسم إسماعيل بن زاهر النوقاني وإسماعيل بن الفضل الفضلي وأستاذه أبا المعالي وغيرهم بالدامغان وجرجان ونيسابور وهراة
"""
صفحة رقم 186 """
روى عنه ابن السمعاني وغيره
توفي بالدامغان في غرة ذي القعدة سنة خمس وأربعين وخمسمائة
889
عبد الكريم بن محمد بن أبي الفضل بن الحرستاني الفقيه أبو الفضائل الدمشقي أخو قاضي القضاة عبد ا الصمد
ولد سنة سبع عشرة وخمسمائة
وسمع جمال الإسلام السلمي وغيره وحضر في بغداد درس ابن الرزاز وفي خراسان درس محمد بن يحيى ودرس بالأمينية بدمشق نيابة عن ابن أبي عصرون
وتوفي في رمضان سنة إحدى وستين وخمسمائة
890
عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت ابن الحسن الخجندي
أبو القاسم الملقب صدر الدين
من أهل أصبهان
كان يتولى الرياسة بها على قاعدة أبائة وكانت له المكانة عند السلاطين
سمع الحديث من أبي الوقت السجزي وغيره وكان فقيها أديبا واعظا وله شعر جيد
ولد في شهر رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة ومات في جمادى الأولى سنة ثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 187 """
891
عبد المحسن بن عبد المنعم بن علي الكفرطابي ثم الشيرازي أبو محمد الفقيه الشافعي
تفقه ببغداد وسمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين وأبي العز بن كادش وأبي غالب بن البناء وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وغيرهم
توفي في شهر رمضان سنة ستين وخمسمائة
892
عبد الملك بن زيد بن ياسين بن زيد بن قايد بن جميل التغلبي أبو القاسم الدولعي
خطيب دمشق والمدرس بها الفقيه ضياء الدين الأرقمي الموصلي
والدولعية من قرى الموصل
ولد سنة سبع وخمسمائة وقدم دمشق في شبيبته فتفقه بها وسمع من أبي الفتح نصر الله المصيصي وتفقه أيضا ببغداد وسمع بها الترمذي من عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي والنسائي من علي بن أحمد بن محمويه اليزدي
"""
صفحة رقم 188 """
روى عنه أبو الطاهر إسماعيل الأنماطي وابن خليل والشهاب القوصي والتقى ابن أبي اليسر وبالإجازة أبو الغنائم بن علان وأبو العباس بن أبي الخير
وكان فقيها كبيرا متفننا عارفا بالمذهب دينا على طريقة حميدة
ولي خطابة دمشق وأقام بها مدة طويلة ودهرا طويلا ودرس بالغزالية زمانا كبيرا وتفقه علي ابن أبي عصرون أيضا
893
عبد الملك بن سعد بن تميم بن أحمد بن عنبر التميمي أبو الفضل
من أهل أسداباذ ورد بغداد وتفقه على الإمام أبي بكر الشاشي وأقام بها مدة ورجع إلى بلده أسداباذ ثم خرج منها إلى جرباذقان وولي به تدريس المدرسة
كتب عنه ابن السمعاني وقال سألته عن مولده فقال في شوال سنة خمس وسبعين وأربعمائة ولم يذكر وفاته
894
عبد الملك بن نصر الله بن جهبل أبو الحسين
من أهل حلب كان يدرس بمدرسة الزجاجين بها
"""
صفحة رقم 189 """
قال ابن النجار كان فقيها فاضلا حسن المعرفة بمذهب الشافعي وكان زاهدا ورعا توفي بحلب في جمادى الآخرة سنة تسعين وخسمائة
895
عبد الملك بن أبي نصر بن عمر أبو المعالي
من أهل جيلان
سكن بغداد وكان رجلا صالحا يأوي الخراب
قال ابن السمعاني فقيه صالح دين خير عامل بعلمه كثير العبادة والصلاة ليس له مأوى معلوم ومنزل مشهور يسكنه يبيت أي موضع اتفق
قال وتفقه على أسعد الميهني وسمع من القاضي أبي المحاسن بن الروياني وغيره وذكر ابن السمعاني أنه سمعه مذاكرة يقول سمعت أرباب القلوب تقول من عرف أن جميع اللذات المتفرقة على الأعضاء تنطوي تحت هذه اللذة ثم أنشأ يقول
كانت لقلبي أهواء مفرقة
فاستجمعت مذ رأتك العين أهواى
فظل يحسدني من كنت أحسده
فصرت مولى الورى مذ صرت مولاي
تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلا بحبك ياديني ودنياي
قال وسمعته يقول سمعت إمام الحرمين أبا مخلد الفزاري قال كنت بمكة فرأيت شيخا من أهل المغرب يطوف ويقول
تمتع بالرقاد على شمال
فسوف يطول نومك باليمين
"""
صفحة رقم 190 """
ومتع من يحبك من تلاق
فأنت من الفراق على يقين
مات في سنة خمس وأربعين وخمسمائة بفيد
896
عبد الملك بن محمد بن هبة الله بن سهل بن عمر بن محمد بن الحسين البسطامي
سبط إمام الحرمين أبي المعالي الجويني
كان يعرف بالفخر وهو من بيت الإمامة والعلم
قال ابن السمعاني في التحبير صار مقدم الأصحاب بنيسابور مدة وكان يرجع إلى فضل وذكاء وفطنة يناظر ويذكر
سمع معي من جده هبة الله بن سهل السيدي ووصل إلى نعيه وأنا ببغداد في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
قلت كذا في التحبير وفي كتاب ابن باطيش وابن باطيش من التحبير يأخذ
وفي هذه السنة توفي جده هبة الله بن سهل
897
عبد الملك الطبري
صاحب الأحوال والكرامات والجد في العبادات نزيل مكة وشيخ الحرم في وقته
كان أحد المشهورين بالزهد والورع
قال ابن السمعاني أقام بمكة قريبا من أربعين سنة على الجد والاجتهاد في العبادة والرياضة وقهر النفس وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه بالمدرسة
"""
صفحة رقم 191 """
قلت أحسبها النظامية فلاح له شيء فخرج على التجريد إلى مكة وبقي بها إلى أن توفي وكان يلبس الخشن ويأكل الجشب ويزجي وقته على ذلك صابرا فيه وسمعت بعضهم يقول إنه كان لا يدخل المسجد الحرام في وقت الموسم واجتماع الناس إلا على سبيل الندرة وإنه كان يدخل الحرم وعليه إزار خشن مشدود بالليف على وسطه ومعه مكتل يلتقط البعر من المسجد الحرام ويطرحه في المكتل ويخرجه من مكة ويرميه خارجا منها
وسمعت هبة الله القشيري بنيسابور يقول لما كنت بمكة أردت أن أزور الشيخ عبد الملك الطبري فدللت إليه فمضيت عليه فوجدته محموما منطرحا فلمادخلت عليه تكلف وجلس وقال أنا إذا حممت أفرح بذلك لأن النفس تشتغل بالحمى فلا تشغلني عما أنا فيه وأخلو بقلبي كما أريد
قال ابن السمعاني قرأت بخط الأديب أبي الحسن علي بن حسكويه المراغي سمعت الحسين الزغنداني يقول رأيت حوضا يقال به عنبر والماء في أسفله بحيث لا تصل إليه اليد فرأيت غير مرة الشيخ عبد الملك توضأ منه وارتفع الماء إلى أن وصلت يده إليه ثم عاد الماء بعد فراغه قال الحسين وغاب الشيخ وقتا عن نفسه فدنوت منه وأسندته إلى صدري بحيث كان رأسه عند صدري وكان الناس يتزاحمون عليه وكنت أذبهم عنه فدخل واحد فسأله عن مسألتين فما أجاب ثم سأله مسألة ثالثة فأجاب فبعد مدة سألت الشيخ عن السكوت عن المسألتين والجواب عن الثالثة فقال لقنني الثالثة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وسكت عن الأوليين فما أجبت عنهما
"""
صفحة رقم 192 """
وقال الحسين قصدت الشيخ عبد الملك يوما فلم أصادفه في موضعه وكنت أسمع صوتا فطلبته في خربة فوجدته وكان ذلك الصوت من غليان صدره
وقال الحسين كنت مع الشيخ عبد الملك ليلة في المسجد الحرام وكانت ليلة باردة وكان ظهر الشيخ قد تشقق من البرد وكان عريانا فنام على باب المسجد فوضع يده اليمنى تحت خده واليد اليسرى على رأسه وكان يذكر الله تعالى فقلت لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان أصلح وكان يكنك من البرد فقال نمت في بعض الليالي في المسجد فرأيت شخصين دخلا المسجد وتقدما إلى وقالا لا تنم في المسجد
فقلت لهما من أنتما فقالا نحن ملكان
فانتبهت وما نمت بعد ذلك في المسجد
قال الحسين وكان أكثر ذكر الشيخ عبد الملك سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وبحمده
قال الحسين سألت الشيخ هل رأيت في الحرم عجبا قال رأيت حمامة بيضاء طافت أسبوعا بالكعبة في الهواء ثم جاءت فوقفت على باب الكعبة
هذا مختصر من كلام ابن السمعاني رحمة الله عليهما ورضوانه
898
عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الشيخ أبو المظفر بن الأستاذ أبي القاسم
سمع أباه وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبا بكر البيهقي وغيرهم وسافر بعد وفاة والده مع أخيه أبي نصر عبد الرحيم إلى الحج فسمع ببغداد أبا الحسين بن
"""
صفحة رقم 193 """
النقور وأبا نصر الزينبي وغيرهما وحج وسمع بمكة ثم ورد بغداد كرة بعد كرة وحدث بها وروى عنه من أهلها عبد الوهاب الأنماطي والمبارك بن كامل الخفاف وغيرهما وعاد إلى نيسابور وحدث بها أكثر من عشرين سنة وروى عنه من أهلها المؤيد ابن محمد الطوسي وغيره
مولده في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
899
عبد الواحد بن أحمد بن عمر بن الوليد الداراني أبو سعد من أهل أصبهان
قال ابن السمعاني تفقه وبرع في الفقه حتى صار يفتي بأصبهان ويرجع إليه في الوقائع 2 3 أبو المحاسن الروياني
صاحب البحر
"""
صفحة رقم 194 """
أحد أئمة المذهب
ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة
وتفقه على أبيه وجده ببلده وعلى ناصر المروزي بنيسابور ومحمد بن بيان الكازروني بميافارقين
وسمع عبد الله بن جعفر الخبازي وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد المطهري وأبا حفص بن مسرور ومحمد بن بيان الكازروني شيخه وأبا غانم أحمد ابن علي الكراعي وأبا عثمان الصابوني وجده أبا العباس الروياني وأبا منصور محمد ابن عبد الرحمن الطبري وغيرهم بآمل ونيسابور وبخارى وغزنة ومرو وغيرها
روى عنه زاهر الشحامى وابو الفتوح الطائي وابو رشيد إسماعيل بن غانم وأبو طاهر السلفي وإسماعيل بن محمد التيمي الحافظ وخلق كثيرون
وكان يلقب فخر الإسلام وله الجاه العريض في تلك الديار والعلم الغزيز والدين المتين والمصنفات السائرة في الآفاق والشهرة بحفظ المذهب يضرب المثل باسمه في ذلك حتى يحكى أنه قال لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي
قلت ولا يعني بكتبه منصوصاته فقط بل منصوصاته وكتب أصحابه هذا هو الذي يراد عند إطلاق كتب الشافعي
وكان نظام الملك كثير التعظيم له
قال فيه القاضي أبو محمد الجرجاني نادرة العصر إمام في الفقه
"""
صفحة رقم 195 """
وقال ابن السمعاني كان من رءوس الأئمة والأفاضل لسانا وبيانا له الجاه العريض والقبول التام في تلك الديار وحميد المساعي والآثار والتصلب في المذهب والصيت في البلاد المشهورة والأفضال على المنتابين والقاصدين إليه
وقال العماد محمد بن أبي سعد وهو صدر الري في زمانه أبو المحاسن الروياني شافعي عصره
قلت ولي القاضي أبو المحاسن قضاء طبرستان ورويان من قراها وهي بضم الراء وسكون الواو والفقهاء يهمزون الروياني والمعروف أنه بغير همز وكان القاضي فيما أحسب مدرس نظامية طبرستان ثم انتقل إلى آمل وهي وطن أهله فأقام بها إلى يوم الجمعة عند ارتفاع النهار حادي عشر المحرم سنة اثنتين وخمسمائة فقتلته الملاحدة حسدا ومات شهيدا بعد فراغه من الإملاء وهو ممن دخل بغداد وذكره ابن السمعاني في الذيل وأخل به ابن النجار
ومن تصانيفه البحر وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب إلا أنه عبارة عن حاوي الماوردي مع فروع تلقاها الروياني عن أبيه وجده ومسائل أخر فهو أكثر من الحاوي فروعا وإن كان الحاوي أحسن ترتيبا وأوضح تهذيبا
ومن تصانيفه أيضا الفروق والحلية والتجربة والمبتدا وحقيقة القولين ومناصيص الشافعي والكافي وغير ذلك
"""
صفحة رقم 196 """
وهذه نحب وفوائد وغرائب عن الروياني
قال في الحلية في باب الرهن إذا رأى المحتسب في دار خمرا علم أنها محترمة يجوز أبقاؤها فلا يريقها في قول أكثر أصحابنا خلافا للقفال
وقال في البحر في مسألة من تيقن طهارة وحدثا وجهل الأول تفريعا على الوجه المشهور وهو أنه يحكم الآن بضدما كان قبلهما وهو رأى ابن القاص والأكثر وإن قال عرفت قبل هاتين الحالتين حدثا وطهارة ولا أدري أيهما كان الأول اعتبرنا ما كان مستقبل هاتين الحالتين الأوليين فإن عرف الطهارة من نفسه قبلهما جاز له أن يصلي الآن وإن عرف الحدث قبلهما لم يجز له أن يصلي الآن ما لم يتطهر قال فجواب هذه المسألة بعكس ما ذكرنا وهما سواء في المعنى إذا تأملته وهذا على قول ابن أبي أحمد
انتهى
يعني ابن القاص والحاصل أنه في الأوتار يحكم بضد ما كان قبل وفي الأشفاع بمثله وهو واضح للمتأمل
وحكي في البحر وجها فيما إذا اشتبهت نجاسة مكان من بيت أنه يتحرى فيه كالثوبين والبيتين قال والصحيح لا يتحرى بل يغسل الكل كبعض مجهول من ثوب
قلت وبالصحيح جزم الوالد في شرح المنهاج
قال في البحر قبيل كتاب الشهادات إذا اعتقد الشاهد أن الحاكم لا يصلح للقضاء لكنه يوصل المشهود له إلى حقه بشهادته لزمه أن يشهد عنده ذكره أصحابنا انتهى
وأصل هذا الفرع في تعليقه الشيخ أبو حامد فإن فيها ما نصه فرع إذا سأله المشهود له أن يشهد له عند سلطان أوحاكم والشاهد يعتقد أن الحاكم أو السلطان ليس من أهل الولاية ويعلم أنه إن شهد عنده أوصل المشهود له إلى حقه فإنه يلزمه أن يشهد عنده
"""
صفحة رقم 197 """
لأن الشهادة حق للمشهود له ويمكنه أن يتوصل به إلى حقه انتهى
وعبارته كما ترى السلطان أو الحاكم ولا يعني بالحاكم القاضي أما القاضي الذي لا يصلح فسنذكر ما فيه عن حكاية الرافعي عن أبي الفرج وقد ذكر الرافعي اختلاف ابن القطان وابن كج في شاهد دعي لأداء الشهادة عند أمير أووزير هل تلزمه الإجابة وصحح النووي قول ابن كج وهو أنه تلزمه إذا علم أنه يصل به إلى الحق
قلت والقاضي غير الصالح كالأمير أو خير حالا لأن اسم القضاء وسماع الشهادة يختص بمنصبه أو شر حالا لأن منصبه احلف كل ذلك محتمل فلا يبعد أن يطرقه الخلاف بل قد طرقه ألا ترى أن الرافعي ذكر أن الشيخ أبا الفرج حكي وجهين في أنه هل يجب الحضور عند قاض جائر أو متعنت وأداء الشهادة عنده لأنه لا يأمن أن يرد شهادة فيتغير
قال الرافعي وعلى هذا فعداله القاضي واستجماعه الصفات الشرعية شرط آخر من شرائط الوجوب يعني في الأداء ومراد ابن القطان وابن كج بالأمير غير مراد ابن الحداد به في قوله ولو أن وصيا على يتيم ولي الحكم إلى قوله لم يكن له أن يحكم حتى يصير إلى الإمام أو الأمير فيدعي المسألة فإن مراده بالأمير من جعل له الحكم من الأمراء ومراد ابن القطان وابن كج من لا حكم له منهم بل يقدم على الحكم ظلما وكذلك كانت عبارة الشيخ أبي علي في شرح الفروع على غير مراد ابن الحداد ما نصه أو الأمير الذي ولاه القاضي على أن الروياني ذكر في البحر في باب من تجوز شهادته ومن لا تجوز مسألة ابن القطان وفصل فيها فقال إن كان الأمير ممن يجوز له الإلزام بالحقوق لزمت تأدية الشهادة عنده والإ فلا وصورة مسألة ابن القطان فيمن ليس له ذلك فإذا الروياني مرجح لمقالة ابن القطان ولكن يريد باللزوم أن الشاهد المشتهر بالفسق
"""
صفحة رقم 198 """
يلزمه تأدية الشهادة كما سننقله عن تصريح الماوردي والروياني للإيصال إلى الحق فكذلك من يؤدي عند من لا يصلح بل وقال الروياني في هذا المكان أيضا إذا أراد النظر إلى أجنبية للشهادة مرة واحدة وهو يعلم أنه لا تقع له المعرفة بالكرة الواحدة فأبصرها على وجه لو رآها ثانيا علم أنها تلك المرأة يحتمل أن يقال لا يفسق لأن لهذه الرؤية تأثيرا في شهادته لأن الرؤية لو تكررت حتى وقعت المعرفة على الوجه الذي ذكرناه كان المؤثر في ذلك جميع ما تقدم وإن كان هذا القدر غير كاف في جواز الشهادة بذلك لا يفسق لجواز أداء الشهادة بهذه الرؤية بعد الحرية وإن كانت لا تقبل في الحال ويحتمل أن يقال يفسق لأن التحمل لا يقع بهذه الرؤية فهي إذا غير معتبرة فصار كالرؤية لا لغرض صحيح ويفارق مسألة العبد فإن التحمل هناك يقع بتلك الرؤية على وجه الصحة فصارت الرؤية معتبرة
وقال في باب من تجوز شهادته ومن لا تجوز شهادته من يستبيح دم مسلم لا يقتل عليه وإن كان متأولا وقد قدمناه هذا في الطبقة الأولى في ترجمة أحمد بن صالح المصري
وجزم بأن الكذب عن قصد يرد الشهادة قال لأنه حرام بكل حال قال قال القفال إلا أن يكون على عادة الكتاب والشعراء في المبالغة
قال وقيل إذا ترك صلاة واحدة بالاشتغال بشيء هل تسقط عدالته فيه وجهان وهذا ليس بشيء انتهى يعني والصواب القطع بالسقوط لتعمده واعلم أن الرافعي اقتصر على عزو وجه عدم سقوط العدالة إلى التهذيب وهو في
"""
صفحة رقم 199 """
تعليقة القاضي الحسين وغيرها فرأيت به أن كلام البحر مما يقتضي جعل المسألة على طريقين إحداهما القطع بالسقوط
وقال في الفاسق يدعى إلى أداء شهادة تحملها إن كان ظاهر الفسق لم يلزمه أداؤها وإن كان فسقه باطنا لزمه لأن رد شهادته بالفسق الظاهر متفق عليه وبالباطن مختلف فيه وعزاه إلى الحاوي وهي مسألة مليحة والذي في الرافعي أنه إذا كان مجمعا عليه ظاهرا أو خفيا لم يجز له أن يشهد فضلا عن الوجوب وقضية كلام الحاوي والبحر أن الخفي غير مجمع على الرد به وهو حسن ويخرج منه فاسق لا يرد لعدم علم القاضي بفسقه
قال في البحر في الفروع المنثورة آخر كتاب الأقضية مانصه
فرع إذا زنى بأمره وعنده أنه ليس ببالغ فبأن أنه كان بالغا هل يلزمه الحد فيه وجهان انتهى وقد غلط بعض المتأخرين كما نبه ابن الرفعة عليه فنسب إلى صاحب البحر حكاية وجهين في وجوب الحد على الصبي وهذا لا حكاه صاحب البحر ولا غيره وإنما الذي حكاه ما ذكرناه
قلت وقد قال في البحر قبيل باب اختلاف نية الإمام والمأموم في صلاة الصبي وأومأ في الأم إلى أنها تجب قبل بلوغه ولكنه لا يعاقب على تركها عقوبة البالغ ورأيت كثيرا من المشايخ يرتكبون هذا القول في المناظرة وليس بمذهب لأنه غير مكلف أصلا وإنما هذا قول أحمد في رواية أنها تجب على الصبي إذا بلغ عشرا انتهى
قلت وهو ما يحكى عن ابن سريج أن الصلاة تجب على الصبي إذا بلغ عشرا وجوب مثله وإن لم يأثم بتركها إذ لو لم تجب لما ضرب عليها وقد ذكر أن الشافعي أشار إليه
"""
صفحة رقم 200 """
الكلب يلغ في ماء يشربه المرء ثم يبوله
اختار الروياني في الحلية الاكتفاء بمرة واحدة في الغسل من ولوغ الكلب وزعم فيه أن الأخبار فيه متعارضة وليس كما زعم ثم استدل على اختياره بأنه لو شرب الماء الذي ولغ فيه الكلب ثم بال قال الشافعي يغسل من بوله مرة ويغسل فاه سبعا قال الروياني وقد زادت النجاسة باستحالته بولا وعليه العمل في جميع بلاد الإسلام وتشكيك النفس فيه من الوسواس انتهى
فأن تجزى مرة واحدة ولم يستحل أولى وأجدر وما حكاه عن النص مسألة حسنه
الدخول في صلاة الصبح بغلس والخروج منها بغلس قال الروياني في التجربة يستحب أن يدخل في صلاة الصبح بغلس ويخرج منها بغلس نص عليه ومن أصحابنا من قال يدخل بغلس ويخرج بالإسفار جمعا بين الأخبار وهو حسن لكنه خلاف المذهب
الشاهد الواحد يشهد بطلوع فجر رمضان أو غروب شمسه قال في البحر قبيل باب الأيام التي نهى عن الصيام فيها في فروع نقلها عن أبيه فرع إذا شهد عدل بطلوع الفجر في رمضان هل يلزمه الإمساك عن الطعام أو يعتبر قول اثنين إذا لم يمكنه معرفة الحال قال يعني أباه يحتمل وجهين وهما مبنيان على قبول شهادة الواحد في هلال رمضان وهذا لأن مقتضاه وجوب الصوم والإمساك كذلك وفي الشهادة على غروب الشمس لا بد من اثنين كالشهادة على هلال شوال انتهى واختار الوالد رحمه الله بعد ما حكى هذا الكلام اعتماد الواحد في الموضعين
"""
صفحة رقم 201 """
"""
صفحة رقم 202 """
"""
صفحة رقم 203 """
"""
صفحة رقم 204 """
901
عبد الواحد بن الحسن بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد أبو الفتح الباقرحي
من أولاد المحدثين
تفقه على إلكيا الهراسي ببغداد وعلى أبي حامد الغزالي وأبي نصر القشيري بنيسابور وسمع من أبي عبد الله بن طلحة وأبي الحسين بن الطيوري وبنيسابور من عبد الغفار الشيروي وغيره
وكان فقيها أديبا قدم بغداد في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وخمسمائة ومعه كتاب السلطان سنجر بن ملكشاه بتسليم المدرسة النظامية إليه فأجيب إلى ذلك وقام الفقهاء عليه ولم يفد واستمر يدرس بها إلى أن جاء أسعد الميهني بكتاب السلطان فعزل واستقر أسعد
"""
صفحة رقم 205 """
وعن ابن الباقرحي بت ليلة متفكرا في قلة حظي من الدنيا فرأيت في المنام مغنيا يغني فالتفت إلي وقال لي اسمع يا شيخ
أقسمت بالبيت العتيق وركنه
والطائفين ومنزل القرآن
ماالعيش في المال الكثير وجمعه
بل في الكفاف وصحة الأبدان
توفي بغزنة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
902
عبد الواحد بن محمد بن عبد الجبار بن عبد الواحد الإمام أبو محمد المروزي التوثي
وتوث من قرى مرو
وكان من تلامذة أبي المظفر السمعاني وسمع محمد بن الحسن المهربندقشايي وشيخه أبا المظفر وغيره
سمع منه عبد الرحيم بن السمعاني وغيره
مولده في حدود سنة خمسين وأربعمائة وعمر العمر الطويل هلك في معاقبة الغز في الخامس من شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
903
عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الواحد بن محمد الفارسي القاضي أبو محمد الفامي الشيرازي
من أهل شيراز
"""
صفحة رقم 206 """
قدم بغداد والحسين الطبري يدرس بالنظامية فتقرر أن يدرس كل واحد منهما يوما مناوبة
وحدث عن أبوي بكر أحمد بن الحسن بن الليث الحافظ ومحمد بن أحمد بن عبدك الحبال وجماعة
روى عنه عبد الوهاب الأنماطي وأبو الفضل بن ناصر وغيرهما وكان من أفقه أهل زمانه وأفضلهم
وله كتاب الآحاد وقيل إنه صنف سبعين تأليفا وأنه ألف تفسيرا ضمنه مائة ألف بيت من الشواهد وكان يملي الحديث إلا أنه ربما صحف التصحيف الشنيع فرد عليه فلم يرجع وربما أسقط من الإسناد وحاصل أمره أنه ذو وهم بالغ في الكثرة حدا عاليا ولكل فن رجال يعرفونه وهو لم يكن محدثا ولكنه كان لا يرى تنقيص نفسه فيدخل في الإملاء وقد كان غنيا عن ذلك
ومن مصنفاته كتاب تاريخ الفقهاء
قال فيه ابن السمعاني أحد الفقهاء الشافعية وكان له يد في المذهب ونقل أن أبا زكريا يحيى بن أبي عمرو بن منده قال في تاريخ أصفهان أبو محمد الفامي أحفظ من رأيناه لمذهب الشافعي
توفي بشيراز في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة خمسمائة
"""
صفحة رقم 207 """
904
عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله السيبي القاضي أبو الفرج
من بيت جلالة وهو من أشياخ السلفي وكان يقضي في الجانب الشرقي في الحريم وفي دار الخلافة مستقلا بنفسه كما يقضي ابن الدامغاني في الجانب الغربي
وسمع الحديث من أبي محمد الصريفيني وغيره أسندنا حديثه
قال السلفي سألته عن مولده فقال سنة سبع وعشرة وأربعمائة وتوفي في ثالث المحرم سنة أربع وخمسمائة
905
عبيد الله بن عبد الكريم بن هوازن أبو الفتح بن الأستاذ أبي القاسم الصوفي القشيري النيسابوري
كان فاضلاكثير العبادة له مصنفات في الطريقة وسكن أسفراين إلى حين وفاته
وسمع الحديث من والده وعبد الغافر الفارسي وأبي عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبي حفص بن مسرور وغيرهم
توفي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
906
عتيق بن علي بن عمر أبو بكر البامنجي الهروي
نزيل الموصل أقام بها يدرس ويفتي إلى أن مات في سنة أربع وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 208 """
907
عتيق بن محمد بن عبد الرزاق بن عبد الملك الماخواني من أهل مرو
وتقدم ذكر والده محمد بن عبد الرزاق وأما هذه فكنيته أبو بكر وولادته بمرو ليلة الثلاثاء لثلاث ليال بقين من المحرم سنة تسع وسبعين وأربعمائة
وحدث عن أبيه بجزء من أمالي الشيخ أبي علي السنجي سمعه منه أبو سعد ابن السمعاني وذكره في التحبير وقال كان فقيها واعظا سخي النفس مسددا وهو صهرنا
قال وتوفي ببلخ يوم السبت الخامس من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وخمسمائة
908
عثمان بن علي بن شراف بن أحمد
العجلي الشرافي نسبة إلى جده شراف بفتح الشين والراء المخففة وبالفاء المرستى الكالمستي من أهل بنج دية
ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 209 """
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا زاهدا ورعا محتاطا في الوضوء والصلاة والتنظف مفتيا مصيبا من تلامذه القاضي الحسين تفقه عليه وبرع في الفقه واشتغل بالعبادة ولزم منزله
وسمع الحديث من أستاذه القاضي الحسين ومن أبي مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الرازي الحافظ وأبي حامد أحمد بن محمد بن إبراهيم الخليلي البغوي وأبي عثمان سعيد بن أبي سعيد العيار وغيرهم
كتب إلى الإجازة بجميع مسموعاته وعمر العمر الطويل
قال ولم يكن يغتاب أحدا ولا يمكن أحدا من الغيبة في منزله وإذا لامه أحد على الوسواس في وضوئه وغسل ثيابه قال أنا لا ألومكم على لبس الثياب الفاخرة فلا تلوموني على هذا
توفي ببنج ديه في شعبان سنة ست وعشرين وخمسمائة
ذكره ابن السمعاني في التحبير وابن باطيش في الفيصل
909
عثمان بن محمد بن أبي أحمد المصعبي
شارح مختصر الجويني
أراه فيما أحسب من أهل أذربيجان وقد وقفت على النصف الأول من هذا الشرح في مجلد وهو شرح مختصر كما قال مصنفه في خطبته نازل عن حد التطويل مترق عن درجة الاختصار والتقليل
قال وسميته شرح مختصر الجويني لأني جريت على ترتيب مختصر الشيخ أبي محمد فصلا فصلا وزدت مالا يستغني الفقيه عن معرفته فمن تأمله عرف صرف همتي إليه
"""
صفحة رقم 210 """
وبذل جهدي فيه هذا ملخص ما في الخطبة وينقل في هذا الشرح كثيرا عن إمام الحرمين ومأ أظنه أدركه وإنما هو فيما أحسب وأظن ظنا وليس بالمتيقن في أثناء هذا القرن لعله في حدود الخمسين والخمسمائة أو بعدها
910
عثمان بن المسدد بن أحمد الدربندي أبوعمرو بن أبي القاسم
ذكر ابن السمعاني أنه يعرف بفقيه بغداد وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي وسمع أبوي الحسين ابن المهتدي وابن النقور وغيرهما كانت وفاته بعد الخمسمائة
911
عسكر بن أسامة بن جامع بن مسلم أبو عبد الرحمن العدوي
من أهل نصيبين
قدم بغداد وسمع أبا القاسم بن الحصين وأبا العز بن كادش ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبا القاسم بن السمرقندي وطائفة ثم عاد إلى نصيبين وأقام بها يفتي ويدرس
وكان فقيها صالحا دينا
توفي بنصيبين سنة ستين وخمسمائة ومولده سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 211 """
912
علي بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن الحسين بن محمويه أبو الحسن المقرىء الفقيه من أهل يزد
سمع أبا بكر محمد بن محمود الثقفي وأبا المكارم محمد بن علي بن الحسن النسوي المقرىء وأبا علي الحسن بن أحمد الحداد ومحمد بن عبد الكريم بن خشيش وأبا الحسن علي بن محمد بن العلاف وأبا علي بن نبهان وغيرهم
وتفقه على فخر الإسلام الشاشي والقاضي أبي علي الفارقي سافر إليه إلى واسط
وصنف الكثير حديثا وفقها وزهدا وكان من الفقهاء المتعبدين وكان له عمامة وقميص بينه وبين أخيه إذا خرج ذاك قعد هذا في البيت وبالعكس ودخل إليه زائر فوجده عريانا فقال نحن إذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضي أبو الطيب الطبري
قوم إذا غسلو ثياب جمالهم
لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
وقيل إنه رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في المنام وهو يقول له يا علي صم رجبا عندنا
فمات ليلة رجب سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 212 """
علي بن أحمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسين الطبري الروياني
سكن بخارى
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا عارفا بمذهب الشافعي
تفقه على الإمام أبي القاسم الفوراني وأبي سهل أحمد بن علي الأبيوردي وغيرهما
روى لنا عنه أبو عمرو عثمان بن علي البيكندي
ومات ببخارى في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة
913
علي بن أحمد بن محمد بن عمر بن مسلم العلوي الحسيني الزيدي
يتصل نسبه بزيد بن علي بن الحسين بن علي
كان من المشار إليهم في الزهد والعبادة وحسن الطريقة وصحة العقيدة وطلب العلم ودرسه والسعي في تحصيله وحصل له القبول التام من الناس وهو في غاية التواضع ونهاية التمسكن وأقصى المروءة من كرم وحسن وأخلاق وأفضال
سمع الكثير وقرأ بنفسه وكتب واستكتب ووقف كتبا كثيرة هو وصاحب له يسمى صبيحا كانا على طريقة حميدة وصحبة أكيدة ووقفا كتبهماجملة
سمع أبا الفضل بن ناصر وأبا الوقت السجزي وخلائق كثيرين وبالغ في الطلب حتى كتب عن أقرانه وعمن هو دونه وحدث باليسير لأنه مات شابا قبل وقت التحديث
"""
صفحة رقم 213 """
ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة ومات سنة خمس وسبعين وخمسمائة
ومن كلامه اجعل النوافل كالفرائض والمعاصي كالكفر والشهوات كالمسموم ومخالطة الناس كالنار والغذاء كالدواء
914
علي بن أحمد بن محمد أبو المكارم البخاري
تفقه ببغداد على إلكيا الهراسي
وولى قضاء واسط وكان يدرس الفقه بجامع واسط
مات في شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وخمسمائة
915
علي بن حسكويه بن إبراهيم أبو الحسن المراغي الأديب
تفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق
قال ابن السمعاني برع في الفقه وكان عارفا باللغة والشعر سكن مرو إلى حين وفاته وسمع من الخطيب أبي بكر والشيخ أبي إسحاق وابن هزارمرد وغيرهم
روى عنه ابن السمعاني وغيره
توفي بمرو فجأة بينا هو يمشي وقع ميتا سنة ست عشرة وخمسمائة
ومن شعره
رجائي عناني وروحني الياس
وما لمعنى القلب كاليأس إيناس
فكل طموع مستهان رجائه
وذو اليأس في روض القناعة مياس
"""
صفحة رقم 214 """
ألا كل عز نيل بالذل ذلة
وكل ثراء حيز بالهون إفلاس
وكان السبب في قوله هذه الأبيات أنه حضر دار الوزير فلم يمكن من الدخول فالتزم أن لا يدخل بعدها إلى أحد من العسكر ومن شعره
لست بآت باب ملك له
بالباب نواب وحجاب
وإنما آتي المليك الذي
لا يغلق الدهر له باب
916
علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد الكلابي أبو القاسم بن أبي الفضائل الكلابي الدمشقي
الفقيه الفرضي النحوي المعروف بجمال الأئمة ابن الماسح من علماء دمشق
ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
سمع خلقاوتفقه على نصر الله المصيصي وجمال الإسلام السلمي وكان معيدا لجمال الإسلام بالأمينية ودرس بالمجاهدية
مات سنة اثنتين وستين وخمسمائة
917
علي بن الحسن بن علي أبو الحسن الرميلي
كان فاضلا في الفقه والأصول والخلاف واللغة والنحو وله الخط البديع على طريقة ابن البواب
"""
صفحة رقم 215 """
تفقه على يوسف الدمشقي
وسمع من علي بن عبد السيد بن الصباغ وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وغيرهما وأعاد بالنظامية
من شعره ما كتب به إلى بعض الناس وقد ارتعشت يداه وتغير خطه
طول سقمي والذي يعتادني
صير الرائق من خطي كذا
كل شيء هدر ما سلمت
منك لي نفس ووقيت الأذى
مات في جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة
918
علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الإمام الجليل حافظ الأمة أبو القاسم بن عساكر
ولا نعلم أحدا من جدوده يسمى عساكر وإنما هو اشتهر بذلك
هو الشيخ الإمام ناصر السنة وخادمها وقامع جند الشيطان بعساكر اجتهاده وهادمها إمام أهل الحديث في زمانه وختام الجهابذه الحفاظ ولا ينكر أحد منه مكانه مكانه محط رحال الطالبين وموئل ذوي الهمم من الراغبين الواحد
"""
صفحة رقم 216 """
الذي أجمعت الأمة عليه والواصل إلى مالم تطمح الآمال إليه والبحر الذي لا ساحل له والحبر الذي حمل أعباء السنة كاهله قطع الليل والنهار دائبين في دأبه وجمع نفسه على أشتات العلوم لا يتخذ غير العلم والعمل صاحبين وهما منتهى أربه حفظ لا تغيب عنه شاردة وضبط أستوت لديه الطريفة والتالدة وإتقان ساوى به من سبقه إن لم يكن فاقه وسعة علم أثري بها وترك الناس كلهم بين يديه ذوي فاقة
له تاريخ الشام في ثمانين مجلدة وأكثر أبان فيه عما لم يكتمه غيره وإنما عجز عنه ومن طالع هذا الكتاب عرف إلى أي مرتبة وصل هذا الإمام واستقل الثريا وما رضي بدر التمام وله الأطراف وتبيين كذب المفترى فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري وعدة تصانيف وتخاريج وفوائد ما الحفاظ إليها إلا محاويج ومجالس إملاء من صدرة يخرلها البخاري ويسلم مسلم ولا يرتد أو يعمل في الرحلة إليها البزل المهارى
ولد في مستهل سنة تسع وتسعين وأربعمائة
وسمع خلائق وعدة شيوخه ألف وثلاثمائة شيخ ومن النساء بضع وثمانون امرأة وارتحل إلى العراق ومكة والمدينة وارتحل إلى بلاد العجم فسمع بأصبهان ونيسابور ومرو وتبريز وميهنة وبيهق وخسروجرد وبسطام ودامغان والري وزنجان وهمذان وأسداباذ وجي وهراة وبون وبغ وبوشنج وسرخس ونوقان وسمنان وأبهر ومرند وخوى وجرباذقان ومشكان وروذراور وحلوان وأرجيش
وسمع بالأنبار والرافقة والرحبة وماردين وماكسين وغيرها من البلاد الكثيرة
"""
صفحة رقم 217 """
والمدن الشاسعة والأقاليم المتفرقة لا ينفك نائي الديار يعمل مطية في أقاصي القفار وحيدا لا يصحبه إلا تقي اتخذه أنيسه وعزم لا يرى غير بلوغ المآرب درجة نفيسة ولا يظلله إلا سمرة في رباع قفراء ولا يرد غير إداوة لعله يرتشف منها الماء
وسمع منه جماعة من الحفاظ كأبي العلاء الهمذاني وأبي سعد السمعاني وروى عنه الجم الغفير والعدد الكثير ورويت عنه مصنفاته وهو حي بالإجازة في مدن خراسان وغيرها وانتشر اسمه في الأرض ذات الطول والعرض
وكان قد تفقه في حداثته بدمشق على الفقيه أبي الحسن السلمي ولما دخل بغداد لزم بها التفقه وسماع الدروس بالمدرسة النظامية وقرأ الخلاف والنحو ولم يزل طول عمره مواظبا على صلاة الجماعة ملازما لقراءة القرآن مكثرا من النوافل والأذكار والتسبيح آناء الليل وأطراف النهار وله في العشر من شهر رمضان في كل يوم ختمة غير ما يقرؤه في الصلوات وكان يختم كل جمعة ولم ير إلا في اشتغال يحاسب نفسه على ساعة تذهب في غير طاعة
ولما حملت به أمه رأى والده في المنام أنه يولد لك ولد يحيى الله به السنة ولعمر الله هكذا كان أحيا الله به السنة وأمات به البدعة يصدع بالحق لا يخاف في الله لومة لائم ويسطو على أعداء الله المبتدعة ولا يبالي وإن رغم أنف الراغم لا تأخذه رأفة في دين الله ولا يقوم لغضبه أحد إذا خاض الباغي في صفات الله
قال له شيخه أبو الحسن بن قبيس وقد عزم على الرحلة إني لأرجو أن يحيى الله تعالى بك هذا الشأن فكان كما قال وعدت كرامة للشيخ وبشارة للحافظ
ولما دخل بغداد أعجب به العراقيون وقالوا ما رأينا مثله وكذلك قال مشايخه الخراسانيون
وقال شيخه أبو الفتح المختار بن عبد الحميد قدم علينا أبو علي بن الوزير فقلنا ما رأينا مثله ثم قدم علينا أبو سعد بن السمعاني فقلنا ما رأينا مثله حتى قدم علينا هذا فلم نر مثله
"""
صفحة رقم 218 """
وقال الحافظ أبو العلاء الهمذاني لبعض تلامذته وقد استأذنه أن يسافر إن عرفت أستاذا أعلم مني أو يكون في الفضل مثلي فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه اللهم إلا أن تسافر إلى الشيخ الحافظ ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب
وقال شيخه الخطيب أبو الفضل الطوسي ما نعرف من يستحق هذا اللقب اليوم سواه
يعني لفظه الحافظ وكان يسمى ببغداد شعلة نار من توقده وذكائه وحسن إدراكه لم يجتمع في شيوخه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة منذ أربعين سنة يلازم الجماعة في الصف المقدم التطلع إلا من عذر ومانع والاعتكاف والمواظبة عليه في الجامع وإخراج حق الله وعدم التطلع إلى أسباب الدنيا وإعراضه عن المناصب الدينية كالإمامة والخطابة بعد أن عرضتا عليه
قال ولده الحافظ بهاء الدين أبو محمد القاسم قال لي أبي لما حملت بي أمي رأت في منامها قائلا يقول لها تلدين غلاما يكون له شأن فإذا ولدتيه فاحميله إلى المغارة يعني مغارة الدم بجبل قاسيون يوم الأربعين من ولادته وتصدقي بشيء فإن الله تعالى يبارك لك وللمسلمين فيه ففعلت ذلك كله وصدقت اليقظة منامها ونبهه السعد فأسهره الليالي في طلب العلم وغيره سهرها في الشهوات أو نامها وكان له الشأن العظيم والشأو الذي يجل عن التعظيم
وذكره الحافظ أبو سعد بن السمعاني في تاريخه فوصفه بالحفظ والفضل والإتقان
وذكره الحافظ ابن الدبيثي في مذيلة علي ابن السمعاني لأن وفاته تأخرت عن وفاة ابن السمعاني ومدحه أيضا مدحا كثيرا
وقال ابن النجار هو إمام المحدثين في وقته ومن انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والمعرفة التامة بعلوم الحديث والثقة والنبل وحسن التصنيف والتجويد وبه ختم هذا الشأن
"""
صفحة رقم 219 """
قال وسمعت شيخنا عبد الوهاب بن الأمين يقول كنت يوما مع الحافظ أبي القاسم بن عساكر وأبي سعد بن السمعاني نمشي في طلب الحديث ولقاء الشيوخ فلقينا شيخا فاستوقفه ابن السمعاني ليقرأ عليه شيئا وطاف على الجزء الذي هو سماعه في خريطته فلم يجده وضاق صدره فقال له ابن عساكر ما الجزء الذي هو سماعه فقال كتاب البعث والنشور لابن أبي داود سمعه من أبي نصر الزينبي فقال له لا تحزن وقرأ عليه من حفظه أو بعضه قال ابن النجار الشك من شيخنا
وصح أن أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراوي قال قدم ابن عساكر يعني الحافظ فقرأ علي ثلاثة أيام فأكثر وأضجرني فآليت على نفسي أن أغلق بابي فلما أصبحنا قدم علي شخص فقال أنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليك فقلت مرحبا بك فقال قال لي في النوم امض إلى الفراوي وقل له قدم بلدكم شخص شامي أسمر اللون يطلب حديثي فلا تمل منه قال الحاكي فوالله ما كان الفراوي يقوم حتى يقوم الحافظ
وقال فيه الشيخ محي الدين النووي ومن خطه نقلت هو حافظ الشام بل هو حافظ الدنيا الإمام مطلقا الثقة الثبت
وحكى ولده الحافظ أبو محمد القاسم قال كان أبي قد سمع كتبا كثيرة لم يحصل منها نسخا اعتمادا منه على نسخ رفيقة الحافظ أبي علي بن الوزير وكان ما حصله ابن الوزير لا يحصله أبي وما حصله أبي لا يحصله ابن الوزير فسمعته ليلة من الليالي وهو يتحدث مع صاحب له في ضوء القمر في الجامع فقال رحلت وما كأني رحلت وحصلت وما كأني حصلت كنت أحسب أن رفيقي ابن الوزير يقدم بالكتب التي سمعتها مثل صحيح البخاري ومسلم وكتب البيهقي وعوالي الأجزاء فاتفقت سكناه بمرو
"""
صفحة رقم 220 """
وإقامته بها وكنت أؤمل وصول رفيق آخر يقال له يوسف بن فاروا الجياني ووصول رفيقنا أبي الحسن المرادي فإنه يقول لي ربما وصلت إلى دمشق وتوجهت منها إلى بلدي بالأندلس وما أرى أحدا منهم جاء إلى دمشق فلا بد من الرحلة ثالثا وتحصيل الكتب الكبار والمهمات من الأجزاء العوالي فلم يمض إلا أيام يسيرة حتى جاء إنسان من أصحابه إليه ودق عليه الباب وقال هذا أبو الحسن المرادي قد جاء فنزل أبي إليه وتلقاه وأنزله في منزله وقدم علينا بأربعة أسفاط مملوءة من الكتب المسموعات ففرح أبي بذلك فرحا شديدا و شكر الله سبحانه على ما يسره له من وصول مسموعاته إليه من غير تعب وكفاه مؤونة السفر فأقبل على تلك الكتب فنسخ واستنسخ حتى أتى على مقصودة منها وكان كلما حصل على جزء منها كأنه حصل على ملك الدنيا
قال الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد الله المنذري سألت شيخنا الحافظ أبا الحسن علي ابن المفضل المقدسي فقلت له أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ قال من هم قلت الحافظ ابن عساكر وابن ناصر قال ابن عساكر أحفظ قلت الحافظ أبو العلاء وابن عساكر قال ابن عساكر أحفظ قلت الحافظ أبو طاهر السلفي وابن عساكر فقال السلفي أستاذنا السلفي أستاذنا
قال الحافظ زكي الدين وغيره من الحفاظ الأثبات كشيخنا الذهبي وأبي العباس بن المظفر هذا دليل على أن عنده ابن عساكر أحفظ إلا أنه وقر شيخه أن يصرح بأن ابن عساكر أحفظ منه
قال الذهبي وإلا فابن عساكر أحفظ منه وقال وما أرى ابن عساكر رأى مثل نفسه
"""
صفحة رقم 221 """
قلت وقد كنت أتعجب من المنذري في ذكره هؤلاء وإهماله السؤال عن الحافظ أبي سعد بن السمعاني ثم لاح لي أنه اقتدى بالحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر حيث يقول فيما أخبرنا الحافظ ابن المظفر بقراءتي عليه اخبرنا الحافظ أبو الحسين بن اليونيني بقراءتي أخبرنا الحافظ المنذري أخبرنا الحافظ ابن المفضل قال سمعت الحافظ السلفي يقول سمعت الحافظ ابن طاهر يقول سألت سعدا الزنجاني الحافظ بمكة وما رأيت مثله قلت له أربعة من الحفاظ تعاصروا أيهم أحفظ قال من قلت الدارقطني ببغداد وعبد الغني بمصر وأبو عبد الله بن منده بأصبهان وأبو عبد الله الحاكم بنيسابور فسكت فألححت عليه فقال أما الدارقطني فأعلمهم بالعلل وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب وأما ابن منده فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا
ولكن بقي على هذا أنه لم أهمل ذكر ابن السمعاني وذكر غيره كابن ناصر وأبي العلاء والذي نراه أن ابن السمعاني أجل منهما وقد يقال في جواب هذا إن ابن السمعاني لم يكن حين سؤال المنذري قد عرف المنذري قدره فإن تصانيفه فيما يغلب على الظن لم تكن وصلت إذ ذاك إلى هذه الديار بخلاف هؤلاء الأربعة فإنهم متقاربون ابن عساكر بالشام والسلفي بالإسكندرية وابن ناصر ببغداد وأبو العلاء بهمذان وأما ابن السمعاني ففي مرو وهي من أقاصي بلاد خراسان وأبو العلاء المشار إليه هو الحسن بن أحمد بن الحسن العطار الهمذاني الحافظ توفي سنة تسع وستين وخمسمائة بهمذان وليس هو أبا العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الأصفهاني الحافظ المتوفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة بأصبهان فليعلم ذلك
وقال أبو المواهب بن صصري أما أنا فكنت أذاكره يعني الحافظ في خلواته عن الحفاظ الذين لقيهم فقال أما ببغداد فأبو عامر العبدري وأما بأصبهان فأبو نصر اليونارتي لكن إسماعيل الحافظ كان أشهر منه
فقلت له على هذا ما رأى سيدنا
"""
صفحة رقم 222 """
مثله
فقال لا تقل هذا قال الله تعالى ) فلا تزكوا أنفسكم ( قلت وقد قال تعالى ) وأما بنعمة ربك فحدث ( فقال نعم لو قال قائل إن عيني لم تر مثلي لصدق
قلت إنا لا نشك أن عينه لم تر مثله ولا من يدانيه
وللحافظ شعر كثير قلما أملى مجلسا إلا وختمه بشيء من شعره وكان بينه وبين حافظ خراسان أبي سعد بن السمعاني مودة أكيدة كتب إليه أبو سعد كتابا سماه فرط الغرام إلى ساكنى الشام وكتب هو إلى ابن السمعاني يعاتبه في إنفاذ كتاب إليه
ماكنت أحسب أن حاجاتي إليك
وإن نأت داري مضاعه
أنسيت ثدي مودتي
بيني وبينك وارتضاعه
ولقد عهدتك في الوفاء
أخا تميم لا قضاعه
قال المصنف رضي الله تعالى عنه البيت الأول من هذه فيه زيادة جزء ولعله قال
ما كنت أحسب حاجتي
لك إن نأت داري مضاعه
"""
صفحة رقم 223 """
توفي الحافظ في حادي عشر شهر رجب الفرد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بدمشق ودفن بمقبرة باب الصغير
وكان الملك العادل محمود بن زنكي نور الدين قد بنى له دار الحديث النورية فدرس بها إلى حين وفاته غير ملتفت إلى غيرها ولا متطلع إلى زخرف الدنيا ولا ناظر إلى محاسن دمشق ونزهها بل لم يزل مواظبا على خدمة السنة والتعبد باختلاف أنواعه صلاة وصياما واعتكافا وصدقة ونشر علم وتشييع جنائز وصلات رحم إلى حين قبض رحمه الله تعالى ورضي عنه
919
علي بن الحسين بن عبد الله بن علي أبو القاسم الربعي المعروف بابن عريبة
تفقه علي القاضي أبي الطيب والماوردي وأبي القاسم منصور بن عمر الكرخي
وقرأ الكلام على أبي علي بن الوليد أحد أشياخ المعتزلة
وسمع من أبي الحسن بن مخلد وأبي علي بن شاذان وأبي القاسم بن بشران وغيرهم
روى عنه محمد بن ناصر وأبو الفتح بن شاتيل وغيرهما ومن شعره
إن كنت نلت من الحياة وطيبها
مع حسن وجهك عفة وشبابا
فاحذر لنفسك أن ترى متمنيا
يوم القيامة أن تكون ترابا
"""
صفحة رقم 224 """
وحكي أنه رجع عن الاعتزال وأشهد على نفسه بالرجوع
ولد سنة أربع عشرة وأربعمائة وقيل سنة اثنتي عشرة ومات في رجب سنة اثنتين وخمسمائة
920
علي بن سعادة أبو الحسن الجهني الموصلي السراج
أحد علماء الموصل
قال ابن السمعاني إمام ورع عامل بعلمه تفقه على أبي حفص الباغوساني إمام الجزيرة وارتحل إلى بغداد وسمع من أبي نصر الزينبي وعلق التعليقة عن أبي حامد الغزالي
حدث عنه جماعة
توفي بالموصل سنة تسع وعشرين وخمسمائة
921
علي بن سليمان بن أحمد بن سليمان الأندلسي أبو الحسن المرادي القرطبي الشقوري الفرغليطي
وفرغليط من أعمال شقورة
الحافظ الفقيه
ولد قبل الخمسمائة بقريب وخرج من الأندلس بعد العشرين وخمسمائة ورحل إلى بغداد ودخل خراسان وسكن نيسابور مدة
"""
صفحة رقم 225 """
وتفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي وسمع من أبي عبد الله الفراوي وهبة الله السيدي وأبي المظفر بن القشيري وجماعة
روى عنه أبو القاسم بن عساكر وأبو القاسم بن الحرستاني وجماعة
وصحب الشيخ عبد الرحمن الأكاف الزاهد وقدم دمشق بعد الأربعين وخمسمائة وفرح بقدومه رفيقه حافظ الدنيا أبو القاسم بن عساكر لما كان معه من مسموعاته وحدث بدمشق بالصحيحين
قال ابن السمعاني كنت آنس به كثيرا وكان أحد عباد الله الصالحين خرجنا جملة إلى نوقان لسماع تفسير الثعلبي فلمحت منه أخلاقا وأحوالا قلما تجتمع في أحد من الورعين
وقال الحافظ ابن عساكر ندب للتدريس بحماه فمضى إليها ثم ندب للتدريس بحلب فمضى ودرس بها المذهب بمدرسة ابن العجمي وكان ثبتا صلبا في السنة
توفي بحلب في ذي الحجة سنة أربع وأربعين وخمسمائة
وفيها توفي القاضي عياض والقاضي الأرجاني الشاعر
922
علي بن عبد الرحمن بن مبادر أبو الحسن الأزجي
قاضي واسط من كبار الشافعية
توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وستين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 226 """
923
علي بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن بابويه الحديثي أبو الحسن السمنجاني
أصله من حديثة الموصل
تفقه ببخارى على أبي سهل الأبيوردي وسمع منه الحديث ومن أبي عبد الله إبراهيم بن علي الطيوري وأبي القاسم بن ميمون بن علي بن ميمون الميموني وغيرهم
حدث عنه أبو نصر المعمري محمد بن الحسين البيع وغيره
قال ابن السمعاني كان إماما فاضلا متبحرا في العلم حسن السيرة كثير العبادة دائم التلاوة والذكر وظهرت بركاته على أصحابه وتخرج به جماعة من أهل العلم
وقال يحيى بن عبد الوهاب بن مندة قدم أصبهان وهو أحد فقهاء الشافعيين صلب في مذهب الأشعري
مات في شعبان سنة ا ثنتين وخمسمائة
924
علي بن عبد الرحمن بن أبي الوفاء أبو طالب الحيري
قال ابن السمعاني إمام فاضل زاهد من بيت العلم تفقه على إمام الحرمين وكان يسكن صومعة بالحيرة
حدث عن أبي إسحاق الشيرازي وأبي الحسن أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي وجماعة
سمعت منه أكثر سنن أبي داود
مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 227 """
925
علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن يوسف القاضي السعيد أبو الحسن القرشي المخزومي المصري
ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
وحدث عن عبد العزيز بن عثمان التونسي وأحمد بن الحطيئة وإسماعيل بن الحارث القاضي
قال الحافظ عبد العظيم حدثونا عنه
توفي في سنة خمس وثمانين وخمسمائة
926
علي بن بن علي بن الحسن النيسابوري أبو تراب
من فقهاء واسط أصله نيسابوري استوطن بغداد وكان فقيها عارفا بالمذهب كتب الخط المليح
توفي في رجب سنة إحدي وسبعين وخمسمائة
927
علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن علي بن البخاري أبو طالب بن أبي الحسن ابن أبي البركات
من أولاد المحدثين
ولد ببغداد وتفقه بها على أبي القاسم بن فضلان وسمع الحديث من أبي الوقت وغيره
"""
صفحة رقم 228 """
وخرج من بغداد إلى بلاد الروم ثم عاد إلى بغداد وولاه الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين القضاء وخوطب بأقضى القضاة ولميزل على ذلك إلى أن توفي قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني فقلد ابن البخاري قاضي القضاة وخلع عليه وقرىء عهده بالجوامع وناب في الوزارة
توفي في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة
قلت هذا كلام ابن النجار وهو يدل على أن اسم قاضي القضاة في الاصطلاح من ذلك الزمان أكبر من اسم أقضى القضاة كما هو اليوم وفي ذهن كثير من الناس أنه كان ينبغي أن يعكس هذا الاصطلاح فإن أقضى القضاة أبلغ من قاضي القضاة لما فيها من أفعل التفضيل وكتب أسمع الشيخ الإمام يخطىء من يقول هذا ويقول بل لفظ قاضي القضاة أبلغ فإن لفظ الأقضى وإن دل على كونه أشد قضاء ففي لفظ قاضي القضاة ما يدل على ذلك من جهة أنه قاض على كل قاض ولا كذلك أقضى القضاة إذ ليس فيه ما يدل على أنه قاض على كل قاض وإذا كان قاضيا على كل قاض كان أشد قضاء وزيادة أن له القضاء عليهم فوضح أن لفظ قاضي القضاة يدل على ما دل عليه أقضى القضاة وزيادة وأن مصطلح الناس هو الصواب الذي يدل له وضع اللفظ
928
علي بن القاسم بن المظفر بن علي بن الشهرزوري من أهل الموصل
سمع ببغداد أبا غالب محمد بن الحسن الباقلاني وغيره وولى قضاء واسط ثم قضاء الموصل والبلاد الجزيرية والشامية
توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
ورأيت في بعض المجاميع المكتوبة في حدود سنة تسعين وخمسمائة ما نصه إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق على سائر المذاهب فللكلام هذا أربعة احتمالات
"""
صفحة رقم 229 """
أحدها أن يقول أردت إيقاع الطلاق ناجزا في الحال وقولي على سائر المذاهب جرى على لساني من غير قصد أو قصدته ولكني أفهم منه تنجيز الطلاق والوقوع
الثاني أن يقول أردت إيقاع الطلاق ناجزا وأردت بهذه الزيادة وقوع الطلاق على أي مذهب اقتضي وقوعه ففي هذين الاحتمالين يقع الطلاق ناجزا وتبين به وهو كما لو قال أنت طالق ثلاثا إن كلمت زيدا وقال لم أرد التعليق بالصيغة وإنما سبق إليه لساني من غير قصد فإنه يقع الثلاث كذلك هاهنا
والثالث أن يقول قصدت إيقاع طلاق بوجه يتفق الناس على وقوعه أو على وجه لا يختلف الناس فيه وظاهر الصيغة اقتضى أن هذا القصد أقوى فإن أراد عند تلفظه بذلك امتنع وقوع الثلاث لأن قوله على سائر المذاهب فيه معنى الشرط لم يقع وإذا لم يوجد الشرط لم يقع
والرابع أن يقول تلفظت بذلك مطلقا ولم يقترن لي به قصد إلى شيء لا إيقاعا في الحال ولا شرطا في الوقوع فما الذي يلزمه فيه فهنا يحتمل إيقاع الثلاث في الحال ويحتمل أن لا يقع الطلاق أصلا لأن الصيغة ظاهرة في تناول جميع المذاهب على اتفاق الوقوع ولم يوجد ذلك والله أعلم هذا تخريج الشيخ الإمام أبي الحسن علي بن المسلم الشهرزوري انتهى
وعلي بن المسلم الشهرزوري لا أعرفه إنما هو علي بن القاسم هذا أو علي بن المسلم لا الشهرزوري وهو جمال الإسلام الآتي قريبا
وهذه المسألة حدثت في زمان ابن الصباغ وله فيها كلام نقله عنه ابن أخيه أبو منصور وقد قدمناه
والذي وجدته هنا وفي فتاوى ابن الصباغ أنت طالق على سائر المذاهب ولم يقل ثلاثا وكنت أظن سقوط لفظه ثلاثا من الناسخ فلما توافقت عليها الكتب
"""
صفحة رقم 230 """
تعجبت من ذلك وسأذكر ما عندي فيه وقد قدمنا أن القاضي أبا الطيب الطبري قال لا يقع وقال غيره يقع في الحال والمسألة في فتاوى الغزالي أيضا
وهذه صورة ما في فتاويه السابقة به إذا قال لزوجته أنت طالق للسنة ثلاثا على سائر المذاهب وكانت في الحال طاهرا هل يقع الثلاث أو يقع في كل قرء طلقة لتوافق بعض الناس
الجواب إن يكون للمطلق نية فيما يذكره فيها وإلا فالأولى أن يتفرق على الأقراء الثلاث لأنه لو وقع الثلاث لم تقع الثانية على سائر المذاهب
إذا قال لها أنت طالق في سائر المذاهب هل يقع في الحال الثلاث فإن كان يقع فمن الناس من يقول إنه لا يقع إلا في كل قرء طلقة فهلا كان الحكم كذلك ليقع طلاقه بالإجماع
الجواب أن هذا وإن كان أشبه المذكور بذكر السنة من وجه ولكن الفرق ظاهر لأنه إذا ترك السنة التي ينصرف إليها ذكر المذاهب فهم منه شدة العناية بالتخيير وقطع العلائق وحسم تأويلات المذاهب في رد الثلاث عنها ولا سيما والمذهب المحكي في أن الثلاث لا يتنجز في غاية البعد
انتهى
929
علي بن محمد بن حمويه بن محمد بن حمويه أبو الحسن بن أبي عبد الله الصوفي
صحب الإمام أبا حامد الغزالي بطوس وتفقه عليه وروى الحديث عن عبد الغفار الشيروي
"""
صفحة رقم 231 """
930
علي بن محمد بن علي بن عاصم أبو الحسن الجويني الأديب
سمع إسماعيل بن الحسين الفرائضي وغيره
روى عنه ابن عساكر
مات بعد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بنيسابور
931
علي بن محمد بن علي
الإمام شمس الإسلام أبو الحسن إلكيا الهراسي الملقب عماد الدين أحد فحول العلماء ورءوس الأئمة فقها وأصولا وجدلا وحفظا لمتون أحاديث الأحكام
ولد في خامس ذي القعدة سنة خمسين وأربعمائة
وتفقه على إمام الحرمين وهو أجل تلامذته بعد الغزالي
"""
صفحة رقم 232 """
وحدث عن إمام الحرمين وأبي علي الحسن بن محمد الصفار وغيرهما
روى عنه السلفي وسعد الخير بن محمد الأنصاري وآخرون
قال فيه عبد الغافر الإمام البالغ في النظر مبلغ الفحول ورد نيسابور في شبابه وكان قد تفقه وكان حسن الوجه مليح الكلام فحصل طريقة إمام الحرمين وتخرج به فيها وصار من وجوه الأصحاب ورءوس المعيدين في الدرس وكان ثاني الغزالي بل أملح وأطيب في النظر والصوت وأبين في العبارة والتقرير منه و إن كان الغزالي أحد وأصوب خاطرا وأسرع بيانا وعبارة منه وهذا كان يعيد الدرس على جماعة حتى تخرجوا به وكان مواظبا على الإفادة والاشتغال انتهى
وعن إلكيا قال كانت في مدرسة سرهنك بنيسابور قناة لها سبعون درجة وكنت إذا حفظت الدرس أنزل القناة وأعيد الدرس في كل درجة مرة في الصعود والنزول قال وكذا كنت أفعل في كل درس حفظته
وفي بعض الكتب أنه كان يكرر الدرس على كل مرقاة من مراقي درج المدرسة النظامية بنيسابور سبع مرات وأن المراقي كانت سبعين مرقاة وكان يحفظ الحديث ويناظر فيه وهو القائل إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح طارت رءوس المقاييس في مهاب الرياح
ومن مصنفاته شفاء المسترشدين وهو من أجود كتب الخلافيات وله كتاب نقض مفردات الإمام أحمد وكتاب في أصول الفقه وغير ذلك
"""
صفحة رقم 233 """
ومن غريب ما اتفق له أنه أشيع أن إلكيا باطني يرى رأى الإسماعيلية فنمت له فتنة هائلة وهو برىء من ذلك ولكن وقع الإشتباه على الناقل فإن صاحب الألموت ابن الصباح الباطني الإسماعيلي كان يلقب بالكيا أيضا ثم ظهر الأمر وفرجت كربة شمس الإسلام رحمه الله وعلم أنه أتي من توافق اللقبين
وكانت في إلكيا لطافة عند مناظرته ربما ناظر بعض علماء العراق فأنشده
ارفق بعبدك إن فيه يبوسة
جبلية ولك العراق وماؤه
وذكر ابن النجار في أوائل تاريخه هذا البيت فجعل موضع يبوسة فهاهة وموضع ماؤه ماؤها وأرى الصواب ما أنشدته أنا
وذكر ابن النجار أن ابن الجوزي ذكر أن إلكيا قد أنشد ذلك لأبي الوفاء بن عقيل الحنبلي في مناظرة بينهما
ومن الفوائد عنه
قال في كتابه شفاء المسترشدين في مسألة سجود التلاوة قد قيل لا يسجد يعني المصلي
للتلاوة قبل الفاتحة إذ لا نص فيه للشافعي انتهى
وهو مأخوذ من كلام إمامه إمام الحرمين فإنه قال في الأساليب في مسألة سجود السهو لو قرأ المنفرد آية سجدة قبل الفاتحة فالذي يظهر منعه من سجود التلاوة لكونه قرأ في غير أوانه ولو كان لا يحسن الفاتحة ويحسن بدلها آيات فيها سجود
"""
صفحة رقم 234 """
فهذه صورة لا نص فيها ولا يبعد منعه من سجود التلاوة فيها حتى لا ينقطع القيام المفروض انتهى مختصرا
والذي دعاه إلى ذلك البحث مع الحنفية في وجوب سجدة التلاوة والمجزوم به في زيادات الروضة في المسألة الأولى مسألة إلكيا أنه يسجد وأما المسألة الثانية وهي سجود من لا يحسن إلا آيات فيها سجود فغريبة
932
علي بن محمد بن عيسى بن المؤمل أبو الحسن بن كراز
من أهل واسط
"""
صفحة رقم 235 """
تفقه ببغداد على إلكيا الهرسي وسمع الحديث من طراد الزينبي وغيره
توفي سنة خمس وأربعين وخمسمائة
933
علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين أبو الحسن بن أبي المعالي القاضي زكي الدين
قاضي دمشق
سمع من هبة الله بن الأكفاني وعبد الكريم بن حمزة الحداد وأبي الحسن علي بن الحسن ابن الحسين السلمي وغيرهم
ولد بدمشق سنة سبع وخمسمائة وكان قد استعفى من قضاء دمشق وحج ودخل بغداد ومات بها سنة أربع وستين وخمسمائة
934
علي بن المسلم بن محمد بن علي بن الفتح أبو الحسن السلمي الفقيه الفرضي جمال الإسلام
أحد مشايخ الشام الأعلام
سمع أبا نصر بن طلاب وأبا الحسن بن أبي الحديد وعبد العزيز الكتاني وغانم بن أحمد ابن علي بن محمد المصيصي والفقيه نصر المقدسي وجماعة
روى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر وابنه القاسم والسلفي وإسماعيل الجنزوي وبركات الخشوعي وجماعة آخرهم وفاة القاضي عبد الصمد الحرستاني
وتفقه جمال الإسلام أولا على القاضي أبي المظفر عبد الجليل بن عبد الجبار المروزي فلما قدم الفقيه نصر المقدسي انتقل إليه ولازمه ولزم الغزالي مدة مقامه بدمشق وهو
"""
صفحة رقم 236 """
الذي أمره بالتصدر بعد موت الفقيه نصر وكان يثني على علمه وفهمه وكان جمال الإسلام معيدا للفقه نصر وحكى أن الغزالي قال بعد خروجه من الشام خلفت بالشام شابا إن عاش كان له شأن يعني جمال الإسلام فكان كما قد تفرس فيه
وكان جمال الإسلام مدرسا بالزاوية الغزالية بدمشق مدة ثم ولي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة وكان عالما بالمذهب والفرائض والتفسير والأصول إماما متقنا ثقة ثبتا ذكره الحافظ في التاريخ وفي كتاب التبيين وأحسن الثناء عليه وقال كان يحفظ كتاب تجريد التجريد لأبي حاتم القزويني وكان حسن الخط موفقا في الفتاوى كان على فتاويه عمدة أهل الشام وكان يكثر عيادة المرضى وشهود الجنائز ملازما للتدريس والإفادة حسن الأخلاق له مصنفات في الفقه والتفسير وكان يعقد مجلس التذكير ويظهر السنة ويرد على المخالفين ولم يخلف بعد مثله
وقال في كتاب التبيين كان عالما بالفقه والتفسير والأصول والتذكير والفرائض والحساب وتعبير المنامات
توفي ساجدا في صلاة الفجر في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
ومن المسائل والفوائد عن جمال الإسلام
له مصنف في أحكام الخناثي قال فيه إذا أقر الخنثي بالرجولية قبل إقراره وحكم به فلو شهد قبلناه فيما تقبل فيه شهادة الرجال ولو شهد بذلك قبل أن يقر بزوال الإشكال فردت شهادته ثم أقر بالرجولية قبل فلو أعاد الشهادة المردودة حال الإشكال لم تقبل لأنه متهم في الإقرار لترويج الشهادة كالفاسق يعيدها بعد العدالة ولو شهد فردت
"""
صفحة رقم 237 """
ثم زال الإشكال بعلامة تدل على رجوليته ثم أعادها قبلها لأنه غير متهم بالرد أولا كالعبد يعيدها بعد العتق وسواء كانت العلامة قطعية أم ظنية انتهى
ولم يزد الرافعي والنووي على قولهما شهادة الخنثي كشهادة المرأة
935
علي ابن المطهر بن مكي بن مقلاص أبو الحسن الدينوري
كان من تلامذة حجة الإسلام أبي حامد الغزالي وسمع الحديث من نصر بن البطر وطبقته
روى عنه ابن عساكر
توفي ليلا سابع عشرين من رمضان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
936
علي بن معصوم بن أبي ذر المغربي أبو الحسن
من أهل المغرب قال ابن السمعاني إمام فاضل عالم بالمذهب ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة ومات بأسفراين في شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة
937
علي بن ناصر بن محمد بن أبي الفضل بن حفص النوقاني من أهل نوقان
ولد بها في رمضان سنة ست وسبعين وأربعمائة
قال ابن السمعاني إمام فاضل جامع لمذهب الشافعي مصيب في الفتاوى حسن
"""
صفحة رقم 238 """
السيرة كثير العبادة حاد الخاطر متصرف في الفقه اشتهر بذلك اجتمع عليه جماعة من الفقهاء البلديين والغرباء وتفقهوا عليه وظهرت بركته عليهم كتبت عنه كتاب الأربعين للحسن بن شعبان
سمع أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن حمزة النوقاني
قال وتوفي بمشهد الرضى ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من رمضان سنة تسع وأربعين وخمسمائة ودفن هناك قيل إن مرارته انشقت من خوف الغز وأحاطتهم بالمشهد
938
علي بن هبة الله بن محمد بن علي بن البخاري أبو الحسن بن أبي البركات
والد قاضي القضاة أبي طالب علي
تفقه على أسعد الميهني وأبي منصور الرزاز
وسمع الحديث من أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وطائفة ودخل بلاد الروم وولي القضاء بمدينة قونية
مولده سنة سبع وتسعين وأربعمائة ومات بقونية وهو على قضائها في سنة خمس وستين وخمسمائة
939
علي بن أبي الحسن بن أبي هاشم بن محمد الآملي الطبري ثم الجرجاني المعروف بإلكيا
من أهل جرجان
تفقه على عمر السلطان
وتوفي بقرية بشق ليلة الجمعة الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة إحدى وستين وخمسمائة
ذكره ابن باطيش
"""
صفحة رقم 239 """
940
علي بن أبي المكارم بن فتيان أبو القاسم الدمشقي أحد أعيان الشافعية بمصر
قال النووي وأعاد بالنظامية ببغداد وله معرفة بفنون
تفقه على الإمام أبي المحاسن يوسف الدمشقي مدرس النظامية
توفي سنة تسع وسبعين وخمسمائة
941
عمر بن أحمد بن الحسين الشاشي أبو حفص
أخو الإمام فخر الإسلام أبي بكر محمد
تفقه هو أيضا على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وسمع من أبي الحسين بن المهتدي وغيره
توفي سنة خمسين وخمسمائة
942
عمر بن أحمد بن عمر . . .
"""
صفحة رقم 240 """
934
عمر بن أحمد بن الليث الطالقاني أبو حفص
من أهل بلخ
فقيه أصولي صوفي أدرك بغزنة أبا خلف السلمي الطبري وكان معيد المدرسة النظامية ببلخ
توفي في شعبان سنة ست وثلاثين وخمسمائة واسم جده رأيته مكتوبا في بعض نسخ الذيل الليث وفي بعضها المسيب
944
عمر بن أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الصفار أبو حفص بن أبي نصر بن أبي سعد بن أبي بكر
من أهل نيسابور
كان ختن أبي نصر القشيري على ابنته
قال ابن السمعاني إمام فاضل بارع مبرز من بيت العلم والحديث يفتي ويناظر
"""
صفحة رقم 241 """
وكان يكثر من الحديث كتبت عنه بنيسابور وسألته عن مولده فقال في ذي القعدة سنة سبع وسبعين وأربعمائة
وقال ابن النجار سمع الكثير بإفادة جده لأمه إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي من أبي المظفر موسى بن عمران الأنصاري وأبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وأبي تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي وعبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم القشيري وغيرهم وقدم بغداد حاجا في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وحدث بها بكتاب التيسير في التفسير لأبي نصر بن القشيري وبحكايات الصوفية لابن باكويه وبغير ذلك من الأجزاء وألقى بها الدروس في المذهب والأصول
سمع منه يوسف بن محمد الدمشقي وأحمد بن صالح بن شافع الجيلي وغيرهما هذا مختصر كلام ابن النجار
توفي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بنيسابور يوم عيد الأضحى
945
عمر بن أحمد بن أبي الحسن المرغيناني الإمام أبو محمد الفرغاني
نزيل سمرقند
إمام ورع متواضع
سمع من جماعة روى عنه عبد الرحيم بن السمعاني
مات سنة ست وخمسين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 242 """
946
عمر بن الحسين بن الحسن الإمام الجليل ضياء الدين أبو القاسم الرازي
خطيب الري والد الإمام فخر الدين
كان أحد أئمة الإسلام مقدما في علم الكلام له فيه كتاب غاية المرام في مجلدين وقفت عليه وهو من أنفس كتب أهل السنة وأسدها تحقيقا وقد عقد في آخره فصلا حسنا في فضائل أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه وأتباعه
أخذ الإمام ضياء الدين علم الكلام عن ابن القاسم الأنصاري تلميذ إمام الحرمين وقال في آخر كتاب غاية المرام هو شيخي وأستاذي وأخذ الفقه عن صاحب التهذيب وكان فصيح اللسان قوى الجنان فقيها أصوليا متكلما صوفيا خطيبا محدثا أديبا له نثر في غاية الحسن يكاد يحكي ألفاظ مقامات الحريري من حسنة وحلاوته ورشاقة سجعه ومن نظر كتابه غاية المرام وجد برهان ذلك
947
عمر بن شاهنشاه بن أيوب بن شاد الملك المظفر تقي الدين
صاحب الأوقاف بحماه ومصر والفيوم وله بالفيوم مدرستان بناهما لما كانت الفيوم إقطاعا له وبنى بمدينة الرها مدرسة وكان رجلا فاضلا أديبا شجاعا
سمع الحديث من الحافظ السلفي وأبي الطاهر بن عوف وغيرهما
"""
صفحة رقم 243 """
وفي الملك المظفر تقي الدين يقول الأسعد بن مماتي
وافي سحر
طيف سحر
ثم نفر
من الخفر
فلا خبر
ولا أثر
ولو صبر
نلت الوطر
فيا قمر
ليلي السقر
طال السهر
ولا سمر
إلا الفكر
فلم هجر
ولم غدر
هل من قدر
ينجي الحذر
شيبي ظهر
لا من كبر
بل من خطر
ريم خطر
ثم زجر
هلا اغتفر
لما اقتدر
مثل عمر
ابن الظفر
نعم الوزر
ليث زأر
بحر زخر
إذا اختصر
أو اقتصر
أعطى البدر
مثل المطر
ثم اعتذر
ولو نظر
إلى الحجر
أبدى الزهر
بل الثمر
وإن شعر
قلت الدرر
"""
صفحة رقم 244 """
"""
صفحة رقم 245 """
طيف ألم
بذى سلم
بعد العتم
يطوي الأكم
جاد بفم
وملتزم
وتبعه الباخرزي فقال
باري الديم
بذي سلم
وهنا ألم
فلم ينم
حتى التيم
فيه ازدحم
فلا جرم
صافح ثم
نعمى
النعم
وهي قصيدة طويلة
وقيل بل أول من ابتدعه سلم الخاسر حيث يقول في الهادي
موسى المطر
غيث بكر
ثم انهمر
ألوى المرر
كم اعتسر
ثم ايتسر
"""
صفحة رقم 246 """
وكم قدر
ثم غفر
وهي أيضا طويلة
فتبع الأسعد بن مماتي شاعر عصرنا ابن نباتة فقال يمدح صاحب حماة وأنشدنيه بقراءتي عليه إذ يقول
أفدي قمر
عقلي قمر
ثم غدر
لما قدر
فلا وزر
ولا مفر
يا من شهر
سيف الحور
على البشر
فما فتر
حتى استعر
وهج الفكر
ولو أمر
ذاك الخفر
يحكي بدر
ملك عمر
بما نشر
نشر الخبر
من الخبر
والمختبر
لله در
تلك السير
كم من غرر
ومن درر
فيها سمر إلى السحر )
"""
صفحة رقم 247 """
ولا ضجر
ولا ضرر
علم مهر
فضل ظهر
ثم انتشر
فكم غفر
وكم نصر
على الغير
جدا عثر
وكم قهر
من ذي بطر
وذي أشر
در الخمر
يا من ستر
أهل الحضر
ممن شكر
ثم عذر
سد من حضر
ومن عبر
ولا تذر
فيمن نذر
من مفتخر
إلا مضر
948
عمر بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله الخطيب الأرغياني المعروف بالأحدث
وهو أخو الإمام أبي نصر الأرغياني وكان الأكبر
قال ابن السمعاني كانت ولادته سنة نيف وأربعين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 248 """
قال وكان فقيها صالحا سديدا كثير الخير ورد نيسابور وتفقه على إمام الحرمين وسمع الأستاذ أبا القاسم القشيري وأبا الحسن الواحدي وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري وأبا بكر بن محمد بن القاسم الصفار وغيرهم
روى عنه أبو سعد بن السمعاني قال ابن السمعاني توفي بنيسابور في ثامن عشر من شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة بنيسابور
949
عمر بن محمد بن الحسن بن عبد الله الهمذاني أبو حفص المعروف بالزاهد
من أهل همذان
تفقه على أسعد الميهني
قال ابن السمعاني وكان ورعا صالحا متدينا سكن مرو وصحب يوسف الهمذاني وريض نفسه وداوم الصيام والتهجد وأكل الحلال وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
مات سنة أربع وخمسين وخمسمائة
950
عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن نصر
بفتح النون والصاد المهملة
أبو شجاع البسطامي ثم البلخي
إمام مسجد راعوم
فقيه محدث رفيق الحافظ الكبير أبي سعد بن السمعاني وصديقه
"""
صفحة رقم 249 """
ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة فسمع ببلخ أباه وأبا القاسم بن محمد الخليلي وإبراهيم بن محمد الأصبهاني وأبا جعفر محمد بن الحسين السمنجاني وعليه تفقه وأبا حامد أحمد بن محمد الشجاعي وأبا نصر محمد بن محمد الماهاني وجماعة
روى عنه أبو سعد السمعاني وابنه عبد الرحيم وابن الجوزي والافتخار عبد المطلب الهاشمي والشيخ تاج الدين الكندي وأبو أحمد بن سكينة وأبو الفتح المندآئي وأبو روح عبد المعز الهروي وآخرون
ذكره صاحبه ابن السمعاني فقال مجموع حسن وجملة مليحة مفت مناظر محدث مفسر واعظ أديب شاعر حاسب
قال وكان مع هذه الفضائل حسن السيرة جميل الأمر مليح الأخلاق مأمون الصحبة نظيف الظاهر والباطن لطيف العشرة فصيح العبارة مليح الإشارة في وعظه كثير النكت والفوائد وكان على كبر السن حريصا على طلب الحديث والعلم مقتبسا من كل أحد
ثم قال كتبت عنه الكثير بمرو وهراة وبخارى وسمرقند وكتب عني الكثير وحصل نسخة بهذا الكتاب يعني ذيل تاريخ بغداد
وقال في موضع آخر لا نعرف للفضائل أجمع منه مع الورع التام
وقال في الذيل كتب إلي من بلخ أبياتا وهي
يا آل سمعان ما أنسى فضائلكم
قد صرن في صحف الأيام عنوانا
"""
صفحة رقم 250 """
معاهدا ألفتها النازلون بها
فما وهت بمرور الدهر أركانا
حتى أتاها أبو سعد فشيدها
وزادها بعلو الشأن تبيانا
كانوا ملاذ بنى الآمال فانقرضوا
مخلفين به مثل الذي كانا
لولا مكان أبي سعد لما وجدوا
على مفاخرهم للناس برهانا
كانوا رياضا فأهدوا من خلائقه
إلى طبائعنا روحا وريحانا
في أبيات أخر يمتدح بها الذيل ذكرها أبو سعد
وحكي أن كلا من أبي شجاع وأبي سعد كان يسأل الله أن لا يسمعه نعي صاحبه فماتا في شهرين أبو شجاع ببلخ وأبو سعد بمرو ولم يسمع أحدهما نعي الآخر
توفي أبو شجاع ببلخ في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وخمسمائة
951
عمر بن محمد بن علي بن أبي نصر أبو حفص السرخسي الشيرزي
وشيرز من أعمال سرخس
ولد سنة خمسين وأربعمائة كذا في كتابي وفي تحبير ابن السمعاني سنة تسع وأربعين وأربعمائة بسرخس
وتفقه على الإمام أبي المظفر بن السمعاني والشيخ أبي حامد الشجاعي
وسمع بسرخس أبا الحسن محمد بن محمد بن زيد العلوي وبمرو أبا المظفر السمعاني وببلخ أبا علي الوخشي وسمع من آخرين بأصبهان وغيرها
روى عنه ابن السمعاني وقال أستاذنا وشيخنا قال وكان على سيرة السلف
"""
صفحة رقم 251 """
من ترك الكلف والتواضع وكان فقيها محققا موفقا حسن السيرة كثير الدرس للقرآن وكان من وجوه تلامذة الجويني
قال وصنف التصانيف في الخلاف والنظر مثل الاعتصار والاعتصام والأسولة وغيرها
قال وصار في علم النظر بحيث يضرب به المثل
قال وكان الشهاب الوزير يقول لو فصد عمر السرخسي لجرى منه الفقه مكان الدم
قال وأقام بمرو إلى أن توفي بها في مستهل رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة
952
عمر بن محمد بن عكرمة الجزري الشيخ أبو القاسم بن البزري
والبزر المنسوب إليه بفتح الباء الموحدة وسكون الزاي المنقوطة ثم راء مهملة اسم للدهن المستخرج من بزر الكتان به يستصبح أهل تلك البلاد
إمام جزيرة ابن عمر ومفتيها ومدرسها
مولده سنة إحدى وسبعين وأربعمائة
"""
صفحة رقم 252 """
وتفقه على الغزالي والشاشي وأبي الغنائم الفارقي واختص بصحبة أبي الغنائم
وكان ينعت بزين الدين جمال الإسلام وكان من أعلام المذهب وحفاظه قصده الطلبة من البلاد لعلمه الكثير ودينه وورعه وكان يقال إنه أحفظ أهل الأرض بمذهب الشافعي وصنف كتابا شرح فيه إشكالات المهذب وله فتاوى مشهورة
توفي في ثالث عشرى ربيع الأول سنة ستين وخمسمائة
ومن الفتاوى والغرائب عن ابن البزري
رأيت في فتاويه من أفطر في صوم الكفارة عامدا وهو جاهل بقطع التتابع لا ينقطع التتابع قال وهذا وقع لي ولا أحفظ فيه مسطورا
الرجل يجامع زوجته ويتفكر وقت جماعها في غيرها ممن لا تحل له سئل ابن البزري عن ذلك هل يحرم أو يكره أجاب مانصه لا يأثم بجماع زوجته وجودا وعدما وفكره في امرأة أجنبية لا تحل له ممنوع فإن لم يحرم قطعا فلا شك في كراهته والمبالغة في اجتنابه والإعراض عنه انتهى
قلت وقعت المسألة بدمشق في زمان الشيخ برهان الدين بن الفركاح فذكر في كتاب الشهادات من تعليقه أنه استفتى فيمن استحضر بقلبه وهو يواقع زوجته محاسن أجنبية يعرفها مثلها في قلبه واستحضر أنه يجامع الأجنبية هل يأثم أو يستحب
"""
صفحة رقم 253 """
لحديث إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه قال الشيخ برهان الدين ولم أجد فيها نقلا مخصوصا
قلت ولو اطلع على فتيا ابن البزري لذكرها ثم ذكر من كلام النووي مذهب القاضي أبي بكر في تأثيم من عزم على معصية وحديث إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل
قلت ولمن يدعي التحريم أن يقول قد عمل فإن قوله أو تعمل أعم من ذلك العمل الذي يحدث به النفس أو غيره فهذا غير مقترن بعمل لكنه ليس العمل الذي عزم عليه
وللشيخ الإمام في باب إحياء الموات نظير هذا البحث لكني لا أراه لأنه جاء في حديث آخر أو يعمل به
استحباب إجابة المؤذنين للصلاة الواحدة وإن تعاقبوا سئل ابن البزري هل نجيب مؤذنا بعد مؤذن فأجاب جاء في رواية إذا سمعتم المؤذن والألف واللام إذا لم يكن عهد سابق للعموم وإجابة كل واحد
قلت وبذلك أفتى شيخ الإسلام أبو محمد بن عبد السلام وفصل الرافعي بحثا لنفسه في كتابه أخطار الحجاز بين أن يكون صلى أولا
وقد بسطنا المسألة في أصول الفقه في مسألة أن الأمر هل يقتضي التكرار
إخصاء الحيوان المأكول لتطييب لحمه وقد أكثر الناس فعله في الديكة قال جمهور أصحابنا بأنه يجوز إذا كان صغيرا وحرم ذلك ابن المنذر وبه أفتى ابن البزري وقال لو جاز إخصاؤه للسمن لجاز لنا للتبتل والعبادة انتهى وليست الملازمة ألبتة
ضرب الرجل زوجته على ترك الصلاة أفتى ابن البزري بأنه يجب على الرجل أمر زوجته بالصلاة في أوقاتها وأنه يجب عليه ضربها عليها إذا لم تفعل
"""
صفحة رقم 254 """
953
عمر بن محمد بن محمد بن موسى الشاشي أبو حفص
نزيل فاشان
قال ابن السمعاني تفقه على الإمام أبي المظفر التميمي
قال وكان فقيها ورعا كثير العبادة سمع بمرو أستاذه أبا الفضل التميمي وخلقا وبفوشنج أبا الحسن الداودي وغيره وببغداد والكوفة وغيرهما من جماعة
روى عنه ابن السمعاني وقال توفي في أول يوم من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وخمسمائة
954
عمر السلطان هو أبو سعد عمر بن علي بن سهل الدامغاني
والسلطان لقب عليه
سمع أبا بكر بن خلف وأبا تراب عبد الباقي المراغي والحسن بن أحمد السمرقندي الواعظ وأحمد بن محمد الشجاعي
لقيه عبد الرحيم بن السمعاني بمرو سمع منه وكان إماما مناظرا عالما كبيرا
توفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 255 """
955
عوض بن أحمد الإمام أبو خلف الشرواني
من مدينة شروان بفتح الشين المعجمة بعدها راء ثم واو ثم ألف ثم نون من بلاد دربند ينسب إلى كسرى أنو شروان
وهو مصنف المعتبر في تعليل المختصر للجويني وقفت عليه
توفي بعد الخمسين وخمسمائة
956
عيسى بن محمد بن عيسى الأمير ضياء الدين الهكاري الفقيه المحقق أبو محمد
أكبر أمراء الدولة الصلاحية
تفقه بالجزيرة على الإمام أبي القاسم بن البزري ثم انتقل لحلب وسمع الحديث من الحافظين أبي طاهر السلفي وأبي القاسم ابن عساكر وحدث
سمع منه القاضي محمد بن علي الأنصاري وغيره
وكان من مبادي سعده أنه اتصل بخدمة الملك أسد الدين شيركوه وصار إمامه في الصلوات وتوجه معه إلى مصر وكان أحد الأسباب المعنية على سلطنة صلاح الدين بعد عمه فمن ثم رعى له السلطان هذه الخدمة وكان ذا شجاعه وشهامة فأمره أسد الدين
"""
صفحة رقم 256 """
ثم رفع صلاح الدين منزلته ونقله من إمرة إلى إمرة حتى صار أكبر أمراء الدولة وأسر مرة وخلص بستين ألف دينار
توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة
مات بمخيمة على حصار عكا وهو مجاهد للفرنج
957
غانم بن الحسين أبو الغنائم الموشيلي
بضم الميم وسكون الواو وكسر الشين المعجمة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها اللام نسبة إلى مشيلا وهو كتاب للنصارى جد المذكور وكان نصرانيا
وهو من أهل أرمية من بلاد أذربيجان
قال ابن السمعاني فقيه فاضل ورع مفت مناظر ورد بغداد وأقام بها متفقها على أبي إسحاق الشيرازي وسمع ابن هزارمرد الصريفيني وتفقه بنيسابور على إمام الحرمين وقد ناظر أبا سعد المتولي وظهر كلامه فقال الشيخ أبو إسحاق لغانم كان كلامك أجود من كلام أبي سعد
توفي بأرمية في حدود سنة خمس وعشرين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 257 """
958
الفتح بن أحمد بن عبد الباقي أبو نصر
من أهل بعقوبا
سافر إلى خراسان وأقام بنيسابور يتفقه على محمد بن يحيى
قال ابن السمعاني علقت عنه أبياتا من الشعر
قال وقتل بنيسابور سنة خمس وأربعين وخمسمائة وكان قد بات عند بعض التجار فوجده مقتولا
959
الفرج بن عبيد الله بن أبي نعيم بن الحسن الخويي
تفقه على الشيخ أبي إسحاق ثم على أبي سعد المتولي
مات ببلده في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
960
الفضل أبو منصور الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين
ابن المستظهر بالله أحمد بن المقتدى بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم بن القادر بن المقتدر ابن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور أخي السفاح
نسب كأن عليه من شمس الضحى
نورا ومن فلق الصباح عمودا
"""
صفحة رقم 258 """
وهو الذي صنف له الشاشي كتاب العمدة وباسمه اشتهر الكتاب فإنه كان يلقب عمدة الدنيا والدين وعدة الإسلام والمسلمين
بويع له بالخلافة ليلة الخميس الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة فأول من بايعه إخوته أبو عبد الله محمد وأبو طالب العباس وأبو إسحاق إبراهيم وأبو نصر محمد وأبو القاسم إسماعيل وأبو الفضل عيسى ثم تلاهم عمومته أبو جعفر موسى وأبو إسحاق وأبو أحمد وأبو علي أولاد المقتدي ثم جلس بكرة الخميس جلوسا عاما ودخل الناس لمبايعته وكان المتولي لأخذ البيعة قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني فأول من بايع أبو القاسم الزينبي ثم أرباب الدولة ثم أسعد الميهني مدرس النظامية ثم الناس على طبقاتهم ثم أخرجت جنازة المستظهر فصلى عليها المسترشد
وكان المسترشد وقت المبايعة له ابن سبع وعشرين سنة لأن مولده في يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة وخطب له أبوه بولاية العهد ونقش اسمه على السكة في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وذكر أن المسترشد كان تنسك في أول زمنه ولبس الصوف وتفرد في بيت للعبادة
وكان مليح الخط ما كتب أحد من الخلفاء قبله مثله يستدرك على كتابه ويصلح أغاليط في كتبهم
وأما شهامته وهيبته وشجاعته وإقدامه فأمر أشهر من الشمس وقت الزوال وأوضح من البدر ليلة الكمال ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش والمخالفين وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك إلى أن خرج الخرجة الأخيرة إلى العراق فكسر وأخذ ورزق الشهادة على يد الملاحدة
وحكي أن الوزير علي بن طراد أشار إليه أن ينزل في منزل اختاره وقال إن ذلك يا أمير المؤمنين أصون للحريم الشريف فقال كف يا علي فوالله لأضربن بسيفي حتى يكل ساعدي ولألقين الشمس بوجهي حتى يشحب لوني وانشد
"""
صفحة رقم 259 """
وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العجز أن تكون جبانا
وله الشعر الحسن فمنه قوله لما استؤسر
ولا عجبا للأسد إن ظفرت بها
كلاب الأعادي من فصيح وأعجم
فحربه وحشي سقت حمزة الردى
وموت علي من حسام ابن ملجم
ومن شعره
أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم
ومن يملك الدنيا بغير مزاحم
ستبلغ أرض الروم خيلي وتنتضي
بأقصى بلاد الصين بيض صوارمي
قال ابن السمعاني كان ذا رأي وهيبة ومضاء وشجاعة أحيا رمائم الخلافة وشدر أركان الشريعة وضبط أمور الخلافة وردها ورتبها أحسن الترتيب
والمسترشد أبلغ مما يوصف به وقد آل أمره إلى أن خرج في سنة تسع وعشرين وخمسمائة إلى همذان للإصلاح بين السلاطين السلجقية وكان معه كثير من الأتراك فغدر به أكثرهم ولحقوا بالسلطان مسعود بن محمد بن ملكشاة ثم التقى الجمعان فلم يلبثوا إلا قليلا وانهزموا عن المسترشد وذلك في شهر رمضان وقبض على المسترشد بالله وعلى خواص دولته وحملوا إلى قلعة هناك بقرب همذان فحبسوا فيها وبقي المسترشد مع السلطان مسعود إلى النصف من ذي القعدة من السنة وحمل معهم إلى مراغة من بلاد أذربيجان ثم إن الباطنية ألقوا عليه جماعة من الملاحدة وكان قد أنزل ناحية من العسكر فدخلوا عليه يوم الخميس سادس عشر ذي القعدة وفتكوا به وبجماعة معه كانوا على باب خر كاهه
"""
صفحة رقم 260 """
وقتلوا جميعا ضربا بالسكاكين وحمل هو إلى مراغة ودفن هناك
ويحكى أن المسترشد كان إذ ذاك صائما وقد صلى الظهر وهو يقرأ في المصحف فدخلوا عليه فقتلوه ثم أضرمت عليهم النار فبقيت يد أحدهم لم تحترق وهي خارجة من النار مضمومة كلما ألقوا النار عليها وهي لا تحترق ففتحوا يده وإذا فيها شعرات من كريمته ( صلى الله عليه وسلم ) فأخذها السلطان مسعود وجعلها في تعويذ ذهب
ثم إن السلطان جلس للعزاء وخرج ومعه المصحف وعليه الدم إلى السلطان وخرج أهل المراغة وعليهم المسوح وعلى وجوههم الرماد وهم يستغيثون ودفن في مدرسة هناك وبقي العزاء في مراغة أياما فرضي الله عنه لقد عاش حميدا ومات شهيدا فقيدا
وكانت مدة خلافته ثمان عشرة سنة وستة أشهر
وحكي عن أبي المظفر محمد بن محمد بن قزمي الإسكافي إمام الوزير علي بن طراد الزينبي قال لما كنا مع الإمام المسترشد بالله يعني بالمعسكر بباب همذان كان معنا إنسان يعرف بفارس الإسلام وكان يقرب من خدمه الخليفة قال فجاء ليلة من الليالي قبل طلوع الفجر فدخل على الوزير فسلم عليه قال ما جاء بك في هذا الوقت قال منام رأيته الساعة وهو كأن خمسة نفر قد توجهوا للصلاة واحد يؤمهم فجئت فصليت معهم ثم قلت لواحد منهم من هذا الذي يصلي بنا فقال هذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقلت ومن أنت فقال أنا علي بن أبي طالب وهؤلاء أصحابه فقمت وقبلت يده الشريفة وقلت يا رسول الله ما تقول في هذا الجيش وعنيت عسكر الخليفة فقال هذا جيش مكسور مقهور
وأريد أن تطالع الخليفة بهذا المنام
"""
صفحة رقم 261 """
فقال الوزير يا فارس الإسلام أنا أشرت على الخليفة لا يخرج من بغداد فقال لي يا علي أنت عاجز ارجع إلى بيتك وأقول له هذه الرؤيا فربما تطير بها ثم يقول قد جاءني بترهات قال أفلا أنهي ذلك إليه قال بلى تقول لابن طلحة صاحب المخزن فذاك منبسط وينهي مثل هذا
قال فخرج من عند الوزير ثم دخل إلى صاحب المخزن فأورد عليه الرؤيا فقال ما أشتهي أن أنهي إليه ما يتطير به قال فيجوز أني أذكر هذا قال اكتب إليه واعرضها وأخل موضع مقهور قال فكتبتها وجئت إلى باب السرادق فوجدت مرتجا الخادم في الدهليز ورأيت الخليفة وقد صلى الفجر والمصحف على فخذه وهو يقرأ ومقابله ابن سكينة إمامه والشمعة بينهما فدخل وسلم الرقعة إليه وأنا أنظره فقرأها ثم رفع رأسه إلى الخادم ثم قرأها ثانيا ثم نظر إليه ثم قرأها ثالثا ثم قال من كتب هذه الرقعة فقال فارس الإسلام فقال وأين هو قال بباب السرادق قال فأحضره فجاء فقبض علي يدي فبقيت أرعد خيفة من تطيره فدخلت وقبلت الأرض فقال وعليكم السلام ثم قرأ الرقعة ثلاث مرات أخرى وهو ينظر إلي ثم قال من كتب هذه الرقعة فقلت أنا يا أمير المؤمنين فقال ويلك لم أخليت موضع الكلمة الأخرى فقلت هو ما رأيت يا أمير المؤمنين فقال ويلك هذا المنام أريته الساعة أنا فقلت يا مولانا لا يكون أصدق من رؤياك نرجع من حيث جئنا فقال ويلك ونكذب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا والله ما بقي لنا رجعة ويقضي الله ما يشاء
فلما كان اليوم الثاني أو الثالث وقع المصاف وتم ما تم وكسر وأسر وقتل وروى أنه رأى في نومه في الأسبوع الذي استشهد فيه كأن على يده حمامة مطوقة
"""
صفحة رقم 262 """
وأتاه آت وقال له خلاصك في هذا فلما أصبح قص على ابن سكينة الإمام ما رأى فقال يكون خيرا ثم قال ما أولته يا أمير المؤمنين قال ببيت أبي تمام حيث يقول
هن الحمام فإن كسرت عيافه
حاء الحمام فإنهن حمام
وخلاصي في حمامي وليت من يأتي فيخلصني مما أنا فيه من الذل والحبس فقتل بعد أيام
ومن شعره لما كسر وأشير عليه بالهزيمة
قالوا تقيم وقد أحاط
بك العدو ولا تفر
فأجبتهم المرء ما
لم يتعظ بالوعظ غر
لا نلت خيرا ما حييت
ولا عداني الدهر شر
إن كنت أعلم أن غير
الله ينفع أو يضر
سمع المسترشد بالله الحديث من أبي القاسم علي بن أحمد الرزاز ومن مؤدبه أبي البركات أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن السيبي وحدث وقد أسندنا حديثه
كتب إلي أحمد بن أبي طالب عن محمد بن محمود أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب ابن علي بن علي بن عبيد الله قراءة عليه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قراءة عليه قال قرأت على السيد الأجل الرضا نقيب النقباء
"""
صفحة رقم 263 """
شرف الدين خالصة الخلافة وزير أمير المؤمنين أبي القاسم علي بن طراد بن محمد بن علي الزينبي أدام الله سعادته وتوفيقه قلت له قرئ على سيدنا ومولانا الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين أدام الله أيامه وأعانه على ما استرعاه وأيده بنصره وجنده وبلغه نهاية أمله في ولي عهده وجميع ولده بمنة وكرمه وأنت تسمع في يوم الأحد عاشر المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة في عودة من قتال المارقين مظفر منصورا قيل له أخبركم علي ابن أحمد بن محمد الرزاز أخبرنا محمد بن محمد بن الرزاز حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عبيس بن مرحوم الحديث الفضل بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الزيادي أبو محمد
من أهل سرخس
قال ابن السمعاني ولي القضاء بها مدة ثم صرف عنها
قال وكان فقيها فاضلا حسن السيرة كثير العبادة متزهدا مولده في رجب سنة ثمان وخمسين وأربعمائة
وذكره أبو الفتح ناصر بن أحمد العاصمي في كتاب الرسالة فقال الشيخ الإمام الزاهد نجيب عجيب وللفتاوى في الحال مجيب أربى على أقرانه في الزهد والتورع قائم بالأسحار على قدم التذلل والتضرع
"""
صفحة رقم 264 """
قال ابن السمعاني توفي الزيادي بسرخس يوم الأربعاء سادس عشر شوال سنة خمسين وخمسمائة
962
فضل الله بن محمد بن إبراهيم بن أحمد الدلغاطاني
بفتح الدال المهملة وسكون اللام وفتح الغين المعجمة والطاء المهملة بين الألفين وفي آخرها النون نسبة إلى دلغاطان قرية من قرى مرو
يكنى أبا نصر
قال فيه ابن السمعاني صاحبنا وصديقنا قال وكان من أهل العلم والفضل راغبا في تحصيل العلم محبا له أفنى عمره في طلبه يعرف اللغة والأصول والفقه ورغب في طلب الحديث وبالغ فيه على كبر السن
قال وكان يحثني على إتمام هذا الكتاب يعني الأنساب ولد بدلغاطان سنة تسع وثمانين وأربعمائة أو سنة تسعين قاله ظنا
قلت مات بمرو في المحرم سنة سبع وخمسين وخمسمائة
963
فضل الله بن محمد بن أبي الشريف أحمد بن محمد بن أحمد الساوي أبو محمد الواعظ سبط أبي طاهر محمد بن دوستوية بن محمد الواعظ المعروف بالقصار
من أهل همذان
"""
صفحة رقم 265 """
كان يلقب بالناصح
سمع من أبي الوقت وأبي زرعة وشهردار وأبي العلاء العطار وأبي موسى المديني وخلق
ولد في ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وتوفي في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة
964
فضل الله بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن روح الخطيبي أبو محمد الدندانقاني
سكن بلخ وتفقه على أبي بكر السمعاني بمرو وعلى البرهان ببخارى
ولد في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة ومات ببلخ في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
965
القاسم بن أحمد بن منصور بن القاسم الصفار أبو بكر
من أحفاد أبي بكر بن فورك ومن أسباط زين الإسلام أبي القاسم القشيري
تفقه على أبي نصر القشيري
قتل شهيدا ظهر يوم الجمعة سادس شوال سنة ست عشرة وخمسمائة
"""
صفحة رقم 266 """
966
القاسم بن عبد الله بن القاسم بن المظفر بن علي بن الشهرزوري أبو أحمد بن أبي محمد بن أبي أحمد
من أهل الموصل من بيت مشهور بالفضل والتقدم
توفي في رابع شوال سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة بالموصل
967
القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري
صاحب المقامات
من أهل البصرة ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة
وسمع الحديث من أبي تمام محمد بن الحسن بن موسى المقرى وأبي القاسم الفضل القصباني الأديب وأبي القاسم الحسين بن أحمد بن الحسين الباقلاني وغيرهم
"""
صفحة رقم 267 """
وحدث ببغداد بجزء من حديثه وبمقاماته التي أنشأها
روى عنه أبو الفضل بن ناصر وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور والوزير علي بن طراد وأبو المعمر المبارك بن أحمد الأزجي وأبو العباس المندائي وخلق وآخر من روى عنه بالإجازة بركات بن إبراهيم الخشوعي
وتفقه على أبي إسحاق الشيرازي وأبي نصر بن الصباغ
وقرأ الفرائض والحساب على أبي الفضل الهمذاني وأبي حكيم الخبري
وأخذ الأدب عن أبي الحسن علي بن فضال المجاشعي وأبي القاسم القصباني
وكان من البلاغة والفصاحة بالمحل الرفيع الذي تشهد به مقاماته التي لانظير لها رشيق النظم والنثر حلو الألفاظ عذب العبارة إمام مقدم في الأدب وفنونه
قال ابن السمعاني لو قلت إن مفتتح الإحسان في شعره كما أن مختتم الإبداع بنثره وأن مسير الحسن تحت لواء كلامه كما أن مخيم السحر عند أقلامه لما زلقت من شاهق الإنصاف إلى حضيض الاعتساف
وقال أيضا فيه أحد الأئمة في الأدب واللغة ومن لم يكن له في فنه نظير في عصره فاق أهل زمانه بالذكاء والفصاحة وتنميق العبارة وتجنيسها وكان فيما يذكر غنيا كثير المال
وكان من سبب إنشائه المقامات ما حكاه عن نفسه من أن أبا زيد السروجي واسمه فيما ذكر بعضهم المطهر بن سلار من أهل البصرة كان شيخا شحاذا أديبا بليغا فصيحا قال الحريري ورد علينا البصرة فوقف في مسجد بني حرام فسلم ثم سأل وكان بعض الولاة حاضرا والمسجد غاص بالفضلاء فأعجبتهم فصاحته وحسن كلامه
"""
صفحة رقم 268 """
وذكر اسر الروم ولده كما ذكرنا في المقامة الحرامية فاجتمع عندي عشية جماعة فحكيت ما شاهدت من ذلك السائل وما سمعت من ظرافته فحكي كل واحد عنه نحو ما حكيت فأنشات المقامة الحرامية ثم بنيت عليها سائر المقامات
قيل وأما تسميه الراوي عنه بالحارث بن همام فإنما عني به نفسه لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) ( كلكم حارث وكلكم همام ) فالحارث الكاسب والهمام الكثير الاهتمام وكل أحد كاسب ومهتم بأموره
ثم انتشرت هذه المقامات في زمانه وكثرت النسخ بها وزاد إقبال الخلق عليها بحيث قال القاضي جابر بن هبة الله قرأت المقامات على الحريري في سنة أربع عشرة وكنت أظن أن قوله
(
يا أهل ذا المغنى وقيتم شرا ولا لقيتم ما بقيتم ضرا )
(
قد دفع الليل الذي اكفهرا
إلى ذراكم شعثا مغبرا )
فقرأت سغبا معترا
ففكر ثم قال والله لقد أجدت في التصحيف وإنه لأجود فلرب شعث مغبر غير محتاج والسغب المعتر موضع الحاجة ولولا أني قد كتبت خطي إلى هذا اليوم على سبعمائة نسخة قرئت على لغيرته كما قلت
"""
صفحة رقم 269 """
ومن شعره
لا تخطون إلى خطء ولا خطأ
من بعد ما الشيب في فوديك قد وخطا
وأي عذر لمن شابت ذوائبه
إذا سعى في ميادين الصبا وخطا
واقتصرت على ذكر هذين البيتين لأني لم له نظما ولا نثر إلا ونظمه ونثره في المقامات أحسن منه
وله ديوان رسائل وشعر وله أيضا ملحة الإعراب ودرة الغواص وغير ذلك
توفي في يوم الاثنين ثامن رجب سنة ست عشرة وخمسمائة
ومن الفوائد المتعلقة بالمقامات
سأل يعيش النحوي زيد بن الحسن الكندي عن قول الحريري في المقامة العاشرة حتى إذا لألأ الأفق ذنب السرحان وآن انبلاج الفجر وحان ما يجوز في قوله الأفق ذنب السرحان من الإعراب وأشكل عليه الجواب حكي ذلك ابن خلكان وذكر أن البندهي جوز في شرح المقامات رفعهما ونصبهما
"""
صفحة رقم 270 """
ورفع الأول ونصب الثاني وعكسه قال ابن خلكان ولولا خوف الإطالة لأوردت ذلك قال والمختار نصب الأفق ورفع ذنب
قلت وقال الشيخ جمال الدين ابن هشام رحمه الله ومن خطه نقلته كان يرفعهما على حذف مفعول لألأ وتقدير ذنب بدلا أي حتى إذا لألأ الوجود الأفق ذنب السرحان وهو بدل اشتمال ونظيره سرق زيد فرسه ويضعفه أو يرده عدم الضمير وقد يقال إن أل خلف عن الإضافة أي ذنب سرحانه ومثله ) قتل أصحاب الأخدود النار ( أي ناره أو على حذف الضمير كما قالوا في الآية أي ذنب السرحان فيه والنار فيه وأما نصبهما فعلى أن الفاعل ضمير اسمه تعالى والأفق مفعول به وذنب بدل منه أي لألأ الله الأفق ذنب السرحان أي سرحانة أو السرحان فيه ورفع الذنب ونصب الأفق واضح وعكسه مشكل جدا إذ الأفق لم ينور الذنب نعم إن كان تجويزه على أنه من باب المقلوب اتجه كما قالوا كسر الزجاج الحجر وخرق الثوب المسمار لأمن الإلباس
968
القاسم بن فيره بن أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الأندلسي الشيخ أبو القاسم الشاطبي المقرئ الضرير
ويكنى أيضا أبا محمد ومنهم من جعل كنيته أبا القاسم ولم يجعل له اسما سواها
"""
صفحة رقم 271 """
كذلك نقل أبو الحسن السخاوي والصحيح أن اسمه القاسم وله كنيتان أبو محمد وأبو القاسم
ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة وقرأ القرآات بشاطبة على أبي عبد الله محمد بن علي بن أبي العاص النفزي المعروف بابن اللاية وارتحل إلى بلنسية فقرأ القراآت وعرض التفسير حفظا على أبي الحسن بن هذيل وسمع منه ومن أبي الحسن بن النعمة وأبي عبد الله بن سعادة وجماعة وارتحل ليحج فسمع من السلفي وغيره
روى عنه أبو الحسن علي بن هبة الله بن الجميزي وأبو بكر بن وضاح وجماعة آخرهم أبو محمد عبد الله بن عبد الوارث المعروف بابن فار اللبن
وقرأ عليه القرآات جماعات فإنه تصدر للإقراء بمصر وعظم شأنه وبعد صيته وانتهت إليه رياسة الإقراء وقصد من البلاد وألف القصيدة المباركة المشهورة المسماة بحرز الأماني
"""
صفحة رقم 272 """
وكان ذكي القريحة قوي الحافظة واسع المحفوظ كثير الفنون فقيها مقرئا محدثا نحويا زاهدا عابدا ناسكا يتوقد ذكاء وكان تصدر للإقراء بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة
قال السخاوي أقطع بأنه كان مكاشفا وأنه سأل الله كتمان حاله ما كان أحد يعلم أي شيء هو
ومن شعره
قل للأمير نصيحة
لا تركنن إلى فقيه
إن الفقيه إذا أتي
أبو أبكم لا خير فيه
توفي في ثامن عشرى جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة عن اثنتين وخمسين سنة وخلف بنتا وابنا عمر بعده
969
القاسم بن يحيى بن عبد الله بن القاسم بن الشهرزوري أبو الفضائل بن أبي طاهر من البيت المشهور بالرياسة والفضل
تفقه ببغداد على يوسف الدمشقي ثم قدم الشام واتصل بخدمه السلطان صلاح الدين
"""
صفحة رقم 273 """
ونفذه مرارا رسولا إلى دار الخلافة المعظمة في الأيام المستضوية والناصرية فارتفع شأنه وحصلت له معرفة بالديوان المعظم وولي قضاء الشام ثم انتقل إلى الموصل وولي قضاءها وبقي على ذلك إلى أن ورد مرسوم الخليفة من بغداد بطلبه وقلد قضاء القضاة شرقا وغربا وفوض إليه النظر على أوقاف الشافعية والحنفية وقرىء عهده بجامع مدينة السلام ولم يزل على أكمل جاه إلى أن استعفى من القضاء وسأل العودة إلى بلاده فأجيب إلى ذلك فلما وصل إلى حماة ألزمه صاحبها المقام بها فأقام بها وولاه القضاء فلم يزل هناك إلى أن أدركه أجله
وكان فقيها عادلا فاضلا مهيبا ذا ثروة ونعمة وله النثر والنظم قد سمع الحديث من أبي طاهر السلفي
ومن شعره
في كل يوم يرى للبين آثار
وماله في التئام الشمل إيثار
يسطو علينا بتفريق فواعجبا
هل كان للبين فيما بيننا ثار
ولد في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ومات في منتصف رجب سنة تسع وتسعين وخمسمائة
970
كتايب بن علي الفارقي أبو علي التاجر
نزيل الإسكندرية
سمع بمصر أبا طاهر محمد بن الحسين بن سعدون الموصلي في سنة سبع وأربعين وأربعمائة وكان كبير السن ذاك الوقت وسمع أيضا من القضاعي والشريف بن حمزة
"""
صفحة رقم 274 """
سمع منه أبو طاهر السلفي وعبد الله العثماني وعلي بن مهران القرميسني وغيرهم
توفي في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وخمسمائة وقد جاوز المائة
971
مبادر بن الأجل أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر بن عبد الله الأزجي
تفقه وناظر وتكلم في مسائل الخلاف وحدث عن أبي الفتح بن البطي وأبي القاسم ابن بيان وأبي علي بن نبهان وخلق
توفي في تاسع عشر شعبان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة
972
المبارك بن المبارك بن أحمد بن أبي يعلي الرفاء الفقيه أبو نصر المعروف بابن روما
كان أولا حنبليا ثم انتقل إلى مذهب الشافعي وتفقه على أسعد الميهني ثم على أبي منصور بن الرزاز وبرز في الفقه وسمع الحديث من أبي الغنائم النرسي وغيره
ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
قال ابن السمعاني حسن السيرة جميل الظاهر والباطن يبالغ في الوضوء والطهارة كثير العبادة
توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 275 """
973
المبارك بن المبارك بن المبارك أبو طالب الكرخي
صاحب أبي الحسن بن الخل وأحد الأئمة
قال فيه ابن النجار إمام وقته في العلم والدين والزهد والورع تفقه على أبي الحسن بن الخل ولازمه حتى برع في المذهب والخلاف وولي تدريس النظامية
قال وكان أكتب أهل زمانه لطريقة ابن البواب علي بن هلال وأحسنهم خطا
قال وكان ضنينا بخطه لا يسمح بشيء منه لأحد حتى إنه كان إذا شهد أو كتب جواب فتيا لأحد كسر القلم وكتب به خطا رديئا
سمع من أبي القاسم بن الحصين وأبي بكر محمد بن عبد الباقي وحدث باليسير
وقال الموفق عبد اللطيف رأيته يلقي الدروس فسمعت منه فصاحة فقلت ما أفصح هذا الرجل فقال شيخنا ابن عبيدة النحوي كان أبوه عوادا وكان هو معي في المكتب وضرب بالعود فأجاد وتحذق فيه حتى شهدوا له أنه في طبقة معبد ثم أنف واشتغل بالخط إلى أن شهدوا له أنه أكتب من ابن البواب ولا سيما في الطومار والثلث ثم أنف منه واشتغل بالفقه فصار كما ترى
توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 276 """
74
المبارك بن محمد بن الحسين أبو العز الواعظ المعروف بالواسطي القصار ويعرف بالبصري أيضا وهو بغدادي وكان يلقب سيف السنة وقد دونت مجالس وعظة
سمع من أبي الحسين بن النقور وأبي جعفر بن المسلمة وأبي الحسين بن المهتدي وغيرهم وحدث روى عنه جماعة
مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة
975
المبارك بن يحيى بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري المعروف بالقاضي ظهير الدين
ولد بالجزيرة في سنة خمس وعشرين وخمسمائة ومات بالموصل في سنة سبع وثمانين وخمسمائة
976
مبشر بن أحمد بن علي بن أحمد بن عمرو الرازي أبو الرشيد الحاسب
الإمام في الجبر والمقابلة والمساحة وقد سمع الحديث على أبي الوقت السجزي وغيره وله كتاب الفرائض على مذهب الشافعي ومالك
مات في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 277 """
977
مثاور بن فزكوه أبو مقاتل الديلمي اليزدي يلقب عماد الدين
ذكر أبو حامد محمود التركي أنه كان فقيها وأديبا شاعرا وأنه من أزهد أهل عصره وأعلمهم
تفقه على البغوي وهو من كبار تلامذته
مات سنة ست وأربعين وخمسمائة
978
مجلي بن جميع بضم الجيم بن نجا المخزومي قاضي القضاة أبو المعالي
صاحب الذخائر وغيره من المصنفات له إثبات الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والكلام على مسألة الدور وغيرهما
كان من أئمة الأصحاب وكبار الفقهاء وإليه ترجع الفتيا بديار مصر
قال ابن القليوبي في كتاب العلم الظاهر سمعت الشيخ الحافظ زكي الدين عبد العظيم يقول عن الشيخ أبي المعالي مجلي إنه تفقه من غير شيخ قال وقال الشيخ يعني الحافظ عبد العظيم وكان يعني القاضي مجليا يمشي في جبانة القرافة وهو يطالع ويزور فإذا كان بعد العصر أسند ظهره إلى المقطم واستقبل البركة وأمر على خاطره ما طالعه في نهاره
"""
صفحة رقم 278 """
قال عبد العظيم وكان القاضي مجلي استعار كتاب البسيط عارية مؤقتة وهي مده قريبة جدا ولعلها لكل جزء يومان وكان يصلي الفرائض خاصة ويشتغل بالنسخ ويقال إنه بسبب هذه السرعة جاء في بعض المواضع من كتاب الذخائر خلل في النقل عن البسيط وكان جيد الحفظ حسن التعليق
قال ابن القليوبي ورأيت هذه النسخة وابتيعت بثمن كثير لنسبتها إليه
قال ابن القيلوبي وكان مجلي قبل القضاء يسكن قليوب
قال وسمعت والدي يقول إنه لما ولى القضاء توجه إلى زيارته الشيخ أبو إسحاق وابن أبي الأشبال فوجداه وقد قدم له مركوب من جهة الخليفة على هيئة تخص الحكام وكان لحكام المصريين هيئة خاصة وكذلك لشهودهم فلما خرج نفض السرج بكمه وقبله وركب فلما رأيا ذلك منه رجعا ولم يجتمعا به فاتصل به ذلك عنهما فقال والله لم أدخل في الحكم إلا الضرورة ولقد بعد عهد أهلي باللحم فأخذت لهم منه فما هو إلا أن وضعوا أيديهم مرة ثم لم يضعوها ثانية يشير إلى كثرة العيال وقلة الطعام
قال شيخنا الذهبي كانت ولايته قضاء مصر في سنة سبع وأربعين وخمسمائة بتفويض من العادل ابن السلار سلطان مصر ووزيرها ثم عزل قبل موته ومات في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة
ومن المسائل عنه
وقد رتب كتابه الذخائر على سلك لم يسبق إليه وباب التفليس فيه وباب الحجر بعد كتاب القضاء
قال في الذخائر ومنه في كتاب التعزير نقلته وأما قدره يعني التعزير قال الشاشي في الحلية الناس على أربع رتب التعزير بالكلام ثم بالحبس ثم بالنفي ثم بالضرب
"""
صفحة رقم 280 """
فقال في باب الأقضية واليمين مع الشاهد مدعي المال إذا قدر على إثبات حقه بالخيار بين ثلاثة أشياء إحداها أن يثبته بشاهدين وهو أقوالها فيحكم له المال
والثاني أن يثبته بشاهد وامرأتين فيحكم له بالمال وإن قدر على الشاهدين
وقال مالك لا يجوز أن يحكم له المال بالشاهد والمرأتين إلا مع عدم الشاهدين انتهى
ونقل ابن المنذر الإجماع على عدم اشتراط فقدان الشاهدين
قال في الذخائر في كتاب الشهادات ما يثبت بشاهد واحد هلال رمضان ليس سواه قال القاضي شهاب الدين بن شداد لقد عجبت من صاحب الذخائر في هذا الكلام وقد تقدم تقريره أنه إذا أقام شاهدا واحدا استحق الحيلولة والوقف به في صور متعددة وهو حق يثبت بالشاهد الواحد ولعله أراد بذلك أن هذه أمور تابعة لحقوق لا أنها مقصودة انتهى
قلت لقد عجبت من ابن شداد في هذا الكلام فإن الشاهد الواحد على القول بالحيلولة والوقف به لا يثبت به الحق المدعى إنما هي حيولة ووقف عين وهذا لم ينفرد به صاحب الذخائر فإن كان ابن شداد ظن أنه تقدم من صاحب الذخائر الحكم بشاهد واحد في صور متعددة فليس كما ظن وإنما تقدم فيه الحيلولة بشاهد واحد وليس هو من الحكم بشيء وكلامه قويم وتعجب ابن شداد عجيب وما قاله مجلي قاله الناس كلهم ثم طريق الرد عليه ببيان صور يحكم فيها بشاهد واحد إما على الصحيح أو على رأي ضعيف وقد أوردناها في كتابنا التوشيح عند كلامنا على قول المنهاج لا يحكم بشاهد واحد إلا في هلال رمضان في الأظهر
منها لو شهد عدل واحد بإسلام من عهدناه
"""
صفحة رقم 281 """
ذميا قبل موته فإنه لا يحكم بإسلامه بالنسبة إلى الميراث فلا يرث منه المسلم ولا يحرم منه الكافر وهل يثبت بالنسبة إلى وجوب الصلاة عليه وجهان بناهما المتولي على الخلاف في لزوم رمضان بواحد لتضمن ذلك إيجاب عبادة ومنها هلال ذي الحجة على وجه ومنها هلال شوال على قول أبي ثور وقال صاحب التقريب لو قلت به لم أكن مبعدا ورأى الإمام اتجاهه
ومنها قال البغوي في التهذيب وتابعه غيره إن العيب يقبل فيه الرجل الواحد ويثبت به الرد لكن في التتمة خلافه
ومنها إذا نذر صوم شعبان فشهد واحد باستهلال هلاله فوجهان عن البحر يبنيان على أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع أم جائزة ومنها العون إذا أخبر الحاكم بامتناع الغريم من الحضور اكتفى به في تأديبه
ومنها إذا ادعى الخصم امتناعه فشهد به واحد فقد قيل يكتفى به والأشبه في المسألتين أن ذلك من باب الخبر لا الشهادة فلا يكون مما نحن فيه
ومنها صورة أوردها الشيخ برهان الدين بن الفركاح في تعليقته على التنبيه وفي حواشيه على المنهاج ونقلها عن الحاوي فقال ذكر الماوردي في الباب الثاني من كتاب الشهادة في الكلام على ما يكون به عدلا ما لفظه والثالث أن يشهد ببلوغه شاهد عدل فيحكم ببلوغه وتكون شهادة لا خبرا انتهى
وقد رأيته في الحاوي في النسخة التي نقل منها الشيخ برهان الدين وهي وقف المدرسة البادرائية ولفظه كما ذكره وها أنا أحكيه مع ما قبله وما بعده لوقوع
"""
صفحة رقم 282 """
الاضطراب فيه قال الماوردي ومن النسخة التي نقل منها ابن الفركاح نقلته في التوصل إلى معرفة البلوغ ما نصه علم الحاكم ببلوغه يكون من أحد أربعة أوجه أحدها أن تظهر عليه شواهد البلوغ بالإنبات إذا جعل الإنبات في المسلمين بلوغا
والثاني أن يعرف الحاكم سنة فيحكم ببلوغه إذا استكمل سن البلوغ
والثالث أن يشهد ببلوغه عنده شاهد عدل فيحكم ببلوغه ويكون شهادة لا خبرا
والرابع أن يقول الغلام قد بلغت فيحكم ببلوغه بقوله لأنه قد يبلغ بالاحتلام الذي لا يعلم من جهته لأنه تتغلظ أحكامه بتوجه التكليف إليه فكان غير متهم فيه انتهى
وقد ذكره الروياني في البحر كذلك إلا أنه قال شاهدا عدل فمن ثم جوزنا أن تكون الألف ساقطة من لفظ الحاوي لكوننا وجدناها ثابتة في لفظ البحر وهذا يكاد يحكي لفظه كثيرا وسقوط ألف واحدة هين لكن أوقفنا عن ذلك أن في الحاوي والبحر كليهما ويكون شهادة لا خبرا ومع قيام الشاهدين لا يحتاج إلى هذا الكلام وبالجملة في اللفظ اضطراب ولا يتأتى إيراد الشيخ برهان الدين إلا على تقدير سقوط الألف وفيه وقفة
قال في الذخائر في أوائل باب تحمل الشهادة بعدما حكى الوجهين في أن تحملها في غير النكاح هل هو فرض كفاية أو سنة ما لفظه قال بعض أصحابنا ووجه التردد نشأ من الآية وهو قوله تعالى ) ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ( فمنهم من حملها على الأداء ومنهم من حملها على التحمل قال القاضي مجلي وهذا فيه نظر ثم لقائل
"""
صفحة رقم 283 """
أن يقول إنها عامة فيهما لأنه قد يحتاج إلى دعائه فيهما فهو مأمور بإجابته في الحالتين
انتهى
وقد يقول من يدعي تخصيصها بالأداء إن اسم الشاهد حقيقة لا يطلق على من لم يتحمل
قال في الذخائر في مسح الخف أنه لا يجوز المسح على الخف التي أصابته نجاسة حتى يطهر لأنه لا تجوز الصلاة معه فلا يجوز المسح عليه وهذا أيضا ذكره النووي في شرح المهذب ولعله أخذه من الذخائر وهو شيء عجيب لا يساعده منقول ولا معقول وإنما الذي منعه الأصحاب المسح على نجس العين أم المتنجس فلا يمنع المسح عليه بل يصح ثم يصير المانع من الصلاة بوجود متنجس فيغسله ويصلي فيه وبذلك صرح الشيخ أبو محمد في التبصرة فقال وإذا كان الخف نجسا فلا تصح الصلاة معه لنجاسته والمسح عليه صحيح حتى إذا مسح عليه أولا ثم أراد حمل المصحف أومسه كان ذلك مباحا ولكن الصلاة لا تباح وعلى الخف نجاسة لأن النجاسة على البدن أو الثوب لا تتداعى إلى فساد الوضوء فكذلك الخف انتهى
وليس في الرافعي إلا أن الخف من كلب أو ميتة قبل الدباغ لا يجوز المسح عليه وذلك مخصوص بنجس العين لا المتنجس بل لو قال قائل لا منافاة بين صحة المسح و النجاسة ولو عينيه فيصح المسح ثم تمنع الصلاة للنجاسة لساعدته عبارة التبصرة
"""
صفحة رقم 284 """
"""
صفحة رقم 285 """
979
محمود بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن محمود بن ماشاده أبو منصور بن أبي نصر
من أهل أصبهان ومن أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء ذوي الحشمة والجاه
تفقه على أبي بكر الخجندي وعبد الوهاب بن محمد الفامي وسمع منهما الحديث ومن الإمام أبي المظفر السمعاني ومن خلق وحدث وأملى عدة مجالس
روى عنه الحافظ ابن عساكر في معجم شيوخه
توفي فجأة ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 286 """
980
محمود بن إسماعيل بن عمر بن علي الإدريسي الطريثيثي أبو القاسم
قال ابن السمعاني إمام فاضل مفت مناظر أصولي حسن السيرة أفنى عمره في الوحدة والقنوع ونشر العلم وطلبه وتفقه على والدي وسمع الحديث من عبد الغفار الشيروي وغيره كتبت عنه شيئا يسيرا بمرو
981
محمود بن الحسن بن بندار بن محمد بن عبد الله الأصبهاني الطلحي أو نجيح
من أهل أصبهان وهو من الوعاظ الذين لهم القبول الزائد من العامة
سمع مكى بن منصور بن علان وهبة الله بن الحصين وأبا العز بن كادش وغيرهم
روى عنه ابن السمعاني
ولد في رجب سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وتوفي في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بعد عوده من الحج
982
محمود بن علي بن أبي طالب بن عبد الله بن أبي الرجاء التميمي الأصبهاني أبو طالب
صاحب الطريقة في الخلاف وهو أحد تلامذة محمد بن يحيى وكان ذا تفنن في العلوم وله في الوعظ اليد الطولى
"""
صفحة رقم 287 """
تفقه به جماعة بأصبهان
توفي في شوال سنة خمس وثمانين وخمسمائة
983
محمود بن المبارك بن علي بن المبارك بن الحسن ابن بقيرة بفتح الباء الواسطي
أبو القاسم بن أبي الفتح العراقي المجير البغدادي
قرأ المذاهب والخلاف على أبي بكر الأرموي صاحب أبي إسحاق الشيرازي وعلي أبي منصور الرزاز وقرأ الأصول والكلام على أبي الفتوح الإسفرايني وعبد السيد بن علي بن الزيتوني حتى صار من أجلاء الأئمة
قال ابن النجار برع في الأصول والفروع والخلاف والجدل وعلم الكلام وعلم المنطق حتى صار شيخ وقته وعلامة عصره يقصده الطلبة من البلاد البعيدة
قال وصنف كتبا كثيرة في الأصول والجدل وغيرهما وعلق عنه الناس تعاليق كثيرة
قال وأعاد بالنظامية وهو شاب في أيام أبي النجيب السهروردي ثم سافر إلى الشام وأقام بدمشق مدة يدرس في عدة مواضع ثم عاد إلى بغداد وخرج إلى بلاد فارس ونزل شيراز فأقام بها مدة يدرس بها سنين ثم قدم واسطا في آخر سنة سبع وثمانين
"""
صفحة رقم 288 """
وخمسمائة فأقام بها نحوا من أربع سنين يدرس ويحضر عنده الفقهاء ثم عاد إلى بغداد وتولى تدريس النظامية في شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين ثم ندب إلى الخروج في رسالة من الديوان إلى خوارزمشاه وكان يؤمئذ بأصبهان فخرج من بغداد يوم الخميس الثالث والعشرين من شوال من السنة المذكورة وفي صحبته ولده وجماعة من الفقهاء فانتهى إلى همذان وقد مرض واشتد مرضه فأقام بها إلى أن توفي
سمع من أبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي بكر محمد بن عبد الباقي وعبد الوهاب ابن الأنماطي وإسماعيل بن السمرقندي وعلي بن عبد السيد بن الصباغ وغيرهم وحدث باليسير
ولد في رمضان سنة سبع عشرة وخمسمائة
أخبرنا والدي رضي الله عنه قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا الحافظ أبو محمد الدمياطي أخبرنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي أخبرنا الإمام أبو القاسم محمود بن أبي الفتح المبارك بن أبي القاسم علي بن الحسن بن الحسين الواسطي الفقيه المعروف بالمجير قدم بغداد قراءة عليه وأنا أسمع بها قيل له حدثكم أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن عبد الواحد الشيباني إملاء من لفظه وأنت تسمع أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قراءة عليه وأنا أسمع حدثنا إسماعيل بن سعيد المعدل حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن المقري حدثنا جدي حدثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وقال مرة أخرى إنه حدث أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب
"""
صفحة رقم 289 """
984
محمود بن محمد بن العباس بن أرسلان أبو محمد العباسي مظهر الدين الخوارزمي
صاحب الكافي في الفقه
من أهل خوارزم
كان إماما في الفقه والتصوف فقيها محدثا مؤرخا له تاريخ خوارزم قال شيخنا الذهبي وقفت على الجزء الأول منه
ولد بخوارزم في خامس عشر شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة
سمع أباه وجده العباس بن أرسلان وإسماعيل بن أحمد البيهقي بخوارزم ومحمد بن عبد الله الحفصوي بمرو وأحمد بن عبد الواحد الفارسي بسمرقند ومحمد بن علي المطهري ببخارى وابن الطلاية ببغداد وتفقه على الحسن بن مسعود البغوي ودخل بغداد ووعظ بها بالنظامية وحدث
سمع منه يوسف بن مقلد وأحمد بن طاروق
قال ابن السمعاني كان فقيها عارفا بالمتفق والمختلف صوفيا حسن الظاهر والباطن قال أيضا وطلب الحديث بنفسه وعلق منه طرفا صالحا
قال وبيته بيت العلم والصلاح قال وأقام بخوارزم يفيد الناس وينشر العلم
قلت ووقفت على المجلد الأول من تاريخه وهو الذي وقف عليه شيخنا الذهبي وهو من قسمة ثمانية أجزاء ضخمة وفيه دلالة على أن الرجل كان متبحرا في صناعة الحديث يطلق عليه الحافظ المطلق ولا حرج وقد أكثر فيه من الأسانيد والفوائد والكلام على
"""
صفحة رقم 290 """
الحديث وابتدأ بعد ما ذكر أخبار خوارزم وهي التي وسمها في كتابه منصورة بالمحمدين وذكر في خطبته أن الحاكم أبا عبد الله سماها بهذا الاسم بحديث موضوع ورد فيها ساقه بإسناد في المجلد الأول جمع المحمدين وأكثر فيه الحديث عن زاهر بن طاهر بالإجازة وإذا ذكر أبا سعد بن السمعاني أو شهردار بن شيرويه قال أخبرنا وكثيرا ما يروي عن أبي سعد بالإجازة
توفي في شهر رمضان سنة ثمان وستين وخمسمائة
وله بخوارزم عقب علماء محدثون
ومن الفوائد وغرائب المسائل عن صاحب الكافي
ذكر في مقدمة تاريخ خوارزم أن خوارزم كانت مدينة تسمى المنصورة لحديث ورد كما ذكرناه وأن الوادي حطمها وأخذها
قال وسمعت عدة من المشايخ يقولون كان بمنصورة اثنا عشر ألف مسجد فإن فيها اثنى عشر ألف سكة في كل سكة مسجد وفيها ألف ومائتا حمام ثم حولت إلى المدينة التي هي اليوم كائنة وذكر من تعظيمها وتعظيم أهلها الشيء الكثير وحكى من سعادتهم الأمر العجيب وذكر منهم أبا نصر منصور بن علي بن عراق الجعدي وأنه كان مقيما بقرية على باب البلد وله بها قصر مشيد وأن جماعة جاءوا من البلد فمروا يضيعته فأبصروه فنزلوا عند دوابهم وجاءوا يسلمون عليه فأمر وكيله أن ينزلهم في موضع يليق بهم وأمره بضيافتهم وتعهد دوابهم وكانوا عصارين دهانين من منصورة أي زياتين خرجوا
"""
صفحة رقم 291 """
يطلبون شراء سمسم وكانوا تسعمائة نفس سوى من يتبعهم من أشياعهم فلما أصبحوا ركب جماعة منهم لينتشروا في القرى فأخبر أبو نصر بذلك فقال إن لم يكن عندنا ما يكفيهم فليطلبوا حينئذ من غيرنا فجلس المستوفى والوزان والنقاد يوزن عنهم ما كان من النقد عندهم والمستوفى يثبت في الجريدة ما يؤدي كل واحد منهم باسمه فلما فرغوا من أخذ ما كان معهم من النقد والمتاع أمر أبو نصر بفتح باب الآبار والكيل لهم حتى وفاهم بالتمام وقد فضل عنده سمسم كثير وأمر أن يكتال عليهم ما اشتروه و أمر لهم بعجلان لتحمل معهم فوصل الطرف الأول منها إلى وسط البلدة والطرف الآخر إلى دار الوقف لا يخرج من القرية
قال صاحب الكافي وكان ذلك في آخر أيام المنصورة حتى لم يبق منها بالإضافة إلى ما كانت إلا شيء يسير يخرج منها تسعمائة عصار سوى من تأخر في البلد
قال وأبو نصر هذا هو الذي نزل عنده السلطان أبو القاسم محمود حين دخل خوارزم في ضيعته هذه فأضافه وأضاف جنده ولم يحتج في ضيافتهم إلى إحضار شيء من موضع آخر
قال وسمعت الثقات أنه أخرج لكل فرس كان معهم وقت العشاء مخلاة بالشعير وغراران جديدان
قال غير أن السلطان اتهمه بسوء الإعتقاد فإنه لم ير في ضيعته مسجدا فلما دخل الجرجانية أمر بصلبه فصلب مع من صلب من المتهمين بسوء الإعتقاد في سنة ثمان وأربعمائة
وأطال صاحب الكافي في ذكر مناقب خوارزم وهي جرجانية المدينة الموجودة اليوم وهما بلدان عظيمان من بلاد المسلمين حولا عن مكانهما خوارزم كانت تسمى المنصورة فحولت لما حطمها الوادي إلى قريب منها يسمى الجرجانية ونيسابور لما هدمتها الزلازل وكانت من إحدى قواعد بلاد خراسان حولت إلى قريب منها هو الآن يسمى بنيسابور أيضا
"""
صفحة رقم 292 """
985
محمود بن محمد بن عبد الواحد بن منصور بن أحمد بن علي بن محمد ابن أحمد بن ماشادة
كذا قرأت نسبة بخطه على كتابه المسمى فقه القلوب وهذا الكتاب عندي بخط مصنفه هذا الرجل وهو غريب النوع مبوب على أبواب الفقه يفتتح الباب بذكر مسائله الفقهية ثم يذكر بعدها أقوال الصوفية على ذلك النحو قال في خطبته وقد أجزت في هذا الكتاب وأمرت به ولولا الأمر لما أفصحت به
قال وقد صنف شيخا أبو طالب المكي قوت القلوب وصنف شيخنا أبو القاسم القشيري نحو القلوب وهذا فقه القلوب إن شاء الله
والمذكور لم يدرك الشيخين المذكورين ولكنه يقول شيخنا إشارة إلى الطريقة كما يقول متقدم الأشاعرة ومتأخرهم شيخنا أبو الحسن ويعنون شيخ الطريقة
وهذا الكتاب حسن في نوعه وهو مجلد ضخم ومصنفه هذا يكنى أبا القاسم ويعرف بابن المشرف من أهل أصبهان
قال ابن النجار كان من أعيان مشايخ الصوفية موصوفا بالزهد والعبادة والفضل والعلم وحسن السمت وجميل السيرة
قال وله قدم في الطريقة وكلام حسن على مذهب أهل الحقيقة وقد صنف عدة كتب في التصوف وسمع الكثير من زاهر بن طاهر وأبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي وأبي القاسم علي بن عبد السيد بن الصباغ وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وخلق كثير وحدث بيسير من مروياته ومصنفاته
"""
صفحة رقم 293 """
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي ومحمد بن بقاء السرسفي
قلت وخلق آخرون سمعوا عليه كتاب فقه القلوب في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة
كتب إلي أحمد بن أبي طالب من الشام قال كتب إلي محمود بن محمد عن محمود ابن محمد بن عبد الواحد بن ماشادة قراءة عليه قال حدثنا أبو القاسم صدقة بن محمد بن الحسين أخبرنا أبو علي إسماعيل بن أحمد بن الحسين أخبرنا أبو علي إسماعيل بن أحمد بن أبي الحسن البيهقي قدم علينا أخبرنا أبي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين قال بينما رسول ( صلى الله عليه وسلم ) في سفره وامرأة من الأنصار على ناقة لها فضجرت فلعنتها فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ( خلوا عنها وعروها فإنها ملعونة ) قال وكان لا يأويها أحد
986
محمود بن المظفر بن عبد الملك بن أبي توبة المروزي الوزير الكبير أبو القاسم
من أهل مرو
ولد آخر يوم من جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة وتفقه على أبي المظفر ابن السمعاني ثم خرج إلى ما وارء النهر ولقي الأئمة
"""
صفحة رقم 294 """
قال أبو سعد وكان مناظرا فحلا فقيها مدققا نظر في علوم الأوائل واشتغل بتحصيل تلك العلوم مع كثرة الصلاة والصدقة والمواظبة على الجمعة والجماعات وحضور مجالس الذكر ثم ترقت حاله إلى الوزارة وهو مع النظر في الوزارة يناظر الخصوم ويظهر كلامه عليهم لدقة نظره وحسن إيراده ثم عزل عن الوزارة وانزوي مدة ثم فوض إليه الاستيفاء مدة والإشراف مدة ثم قبض عليه بنيسابور وحمل إلى مرو ومنها إلى المحبس وحبس في قلعة بنواحي جيحون ويقال لها بانكر وقتل بها
سمع بمرو أبا المظفر السمعاني وببخارى القاضي أبا اليسر محمد بن محمد بن الحسن البزدوي وغيره
روى عنه أبو سعد وقال مات أو خنق في شهر رمضان سنة ثلاثين وخمسمائة ودفن على باب قلعة بانكر
987
محمود بن يوسف بن الحسين التفليسي البرزندى أبو القاسم
من أهل تفليس
تفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وسمع الحديث منه ومن أبي يعلى بن الفراء وأبي الحسين بن المهتدي وأبي الغنائم بن المأمون وغيرهم
"""
صفحة رقم 295 """
روى عنه الطيب بن محمد الغضائري
قال ابن السمعاني توفي بعد سنة خمسين وخمسمائة
988
مروان بن علي بن سلامة بن مروان الطنزي بفتح الطاء المهملة وسكون النون وفي آخرها الزاي نسبة إلى طنزة وهي قرية من ديار بكر
يكنى أبا عبد الله
ورد بغداد وتفقه على الغزالي والشاشي وسمع من طراد الزينبي ورزق الله التميمي وغيرهما
ثم عاد إلى بلده واتصل بالملك زنكي بن آق سنقر صاحب الموصل وصار وزيرا له وحدث
روى عنه الحافظ ابن عساكر وغيره
توفي بعد سنة أربعين وخمسمائة
989
مسعود بن أحمد بن محمد بن المظفر الخوافي أبو المعالي بن الإمام أبي المظفر
من أهل نيسابور
قال فيه ابن السمعاني الإمام بن الإمام فقيه مناظر عاقل ذو رأي حسن
"""
صفحة رقم 296 """
وتدبير صائب أحد مدرسي المدرسة النظامية بنيسابور سمع أسعد بن مسعود العتبي وعبد الغفار الشيروي وغيرهما
روى عنه ابن السمعاني وقال سألته عن مولده فقال في ذي الحجة سنة أربع وثمانين وأربعمائة
قلت تفقه على إمام الحرمين ومات بخواف في شوال سنة ست وخمسين وخمسمائة
990
مسعود بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن يوسف أبو الفتح البامنجي
ولد ببامئين في سابع ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
وتفقه بمرو الروذ على البغوي ومات في رابع شعبان سنة نيف وأربعين وخمسمائة
991
مسعود بن علي
الوزير نظام الملك المتأخر وزير السلطان خوارزمشاه وأحد المتعصبين للشافعية وقد بنى لهم جامعا بمرو شرفا على جامع الحنفية فتعصبوا وأحرقوه ونمت فتنة هائلة وكادت بها الجماجم تطير عن الغلاصم
ونظام الملك هذا هو الذي بنى المدرسة النظامية بخوارزم وقد اشترك نظام الملك هذا ونظام الملك المتقدم ذكره الذي هو سيد الوزراء اشتركا في اللقب والوزارة والتعصب
"""
صفحة رقم 297 """
للشافعية وبناء المدارس وأنهما قتلهما جميعا الملاحدة وقد قتلت الملاحدة هذا في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وخمسمائة وتأسف عليه السلطان خوارزمشاه واستوزر ولده وهو صبي فأشير على الصبي بالاستعفاء فقال له خوارزمشاه لست أعفيك وأنا وزيرك لكن راجعني في الأمور
ولنظام الملك هذا آثار حسنة ولكن هو بعيد من ذلك المتقدم رحمهما الله
992
مسعود بن محمد بن مسعود الطريثيثي الشيخ الإمام أبو المعالي قطب الدين النيسابوري
صاحب كتاب الهادي المختصر المشهور في الفقه
كان إماما في المذهب والخلاف والأصول والتفسير والوعظ أديبا مناظرا
مولده في رجب سنة خمس وخمسمائة
وتفقه على والده وعلى محمد بن يحيى وعمر السلطان وإبراهيم المروروذي ورأى الأستاذ أبا نصر بن الأستاذ أبي القاسم القشيري وسمع الحديث من هبة الله السيدي وعبد الجبار البيهقي وغيرهما
حدث عنه أبو المواهب بن صصرى وأبو القاسم بن صصرى وتاج الدين عبد الله ابن حمويه وآخرون وتخرجت به الأصحاب وعظم شأنه
قال ابن النجار وكان يقال إنه بلغ حد الإمامة على صغر سنة ودرس بنظامية نيسابور ثم ورد بغداد وحصل له بها القبول التام ثم جاء إلى دمشق وسكنها مدة ودرس بالمدرسة المجاهدية مدة ثم بالزاوية الغزالية بعد موت أبي الفتح نصر الله المصيصي ثم خرج إلى حلب وولى بها تدريس المدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين ثم سافر إلى بغداد ومنها إلى همذان وولي التدريس بهمذان وأقام بها مدة ثم عاد إلى دمشق
"""
صفحة رقم 298 """
واستوطنها ودرس بالغزالية والجاروخية وتفرد برئاسة الشافعية وسافر إلى بغداد رسولا إلى ديوان الخلافة ثم عاد
وكان معروفا بالفصاحة والبلاغة وتعليم المناظرة
توفي بدمشق في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ودفن بتربة أنشأها غربي مقابر الصوفية وبنى مسجدا على الصخرات التي بمقبرة طاحون الميدان ووقف كتبها ومقرها بخزانة كتب المدرسة العادلية الكبرى بدمشق
ومن فوائد
حكة في الهادي طريقة في ولاية الفاسق في النكاح غير الطرق المشهورة وهي أنه إن كان غيورا فيلى وإلا فلا
"""
صفحة رقم 299 """
993
المظفر بن أردشير بن أبي منصور العبادي أبو منصور الواعظ
من أهل مرو
وكان يعرف بالأمير كان من أحسن الناس كلاما في الوعظ وأرشقهم عبارة
وقد سمع من نصر الله بن أحمد الخشنامي وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسي وعبد الغفار الشيروي وزاهر بن طاهر وعبد المنعم بن القشيري وغيرهم
وقدم بغداد رسولا من جهة السلطان سنجر فسمع منه أبو محمد الأخضر وغيره
ومن كلامه لا تظنوا أن حيات تجيء إلى القبور من خارج إنما أفعالكم أفعى لكم وحياتكم ما أكلتم من الحرام أيام حياتكم
قال أبو سعد فيه له اليد الباسطة في الوعظ والتذكير والعبارة الرائقة الرشيقة وكان نشؤة من صغره إلى أن ترعرع في هذا الفن إلى أن صار ممن يضرب به المثل في حسن الصنعة وإيراد الكلام وهو حلو العبارة فصيح اللهجة لطيف الإشارة مليح الاستعارة شهد له الكل بأنه حاز قصب السبق في هذا النوع انتهى
"""
صفحة رقم 300 """
وقال أيضا سألته عن مولده فقال في رمضان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
ومات في سلخ ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وخمسمائة بعسكر مكرم كان قد توجه إليها رسولا
994
المظفر بن الحسين بن المظفر بن عبيد الله المفضلي أبو غانم
من أهل بروجرد
تفقه ببغداد على السيد أبي القاسم الدبوسي وسمع قاضي القضاة أبا بكر الشامي وأبا نصر الزينبي وغيرهما
كتب عنه ابن السمعاني وقال سألته عن مولده فقال في عاشر جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وأربعمائة
قال وتوفي بعد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 301 """
995
مظفر بن القاسم بن المظفر بن علي الشهرزوري أبو منصور بن أبي أحمد
ولد بإربل ونشأ بالموصل وتفقه ببغداد على أبي إسحاق الشيرازي ورجع إلى الموصل ثم ولى قضاء سنجار على كبر سنه وسكنها وكان قد أضر
وسمع أبا نصر الزينبي وأبا إسحاق الشيرازي وغيرهما
روى عنه ابن السمعاني
مولده سنة سبع وخمسين وأربعمائة ولم أعلم تاريخ وفاته وقال شيخنا الذهبي توفي تقريبا سنة ست وثلاثين وخمسمائة
996
مكي بن علي بن الحسن العراقي الحربي أبو الحرم الضرير
تفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز وبدمشق على أبي الحسن السلمي ودرس في دمشق
ومات في شعبان سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 302 """
997
ملكداد بن علي بن أبي عمرو والعمركي أبو بكر
من أهل قزوين
وربما سمى نفسه عبد الله
كان من أئمة المذهب تفقه على محي السنة البغوي وكان من جلة المتورعين
قال ابن السمعاني مفت ورع حسن السيرة سمع بنيسابور أبا بكر بن خلف وبهراة أبا عطاء المليحي وبأصبهان أبا علي الحداد وببغداد البانياسي كتب لي بجميع مسموعاته وسمعت أبا الحسن علي بن محمد بن جعفر الكاتب يقول كان إذا أراد أن يكتب الفتوى استخار الله تعالى وقرأ آيات من القرآن وسأل الإصابة هذا كلام ابن السمعاني وابن النجار أخل بذكره في الذيل
وقد ذكره الإمام الرافعي في كتابه الأمالي بعد أن أسند رواية والده عنه وقال إمام خطير قنوع ملازم لسيره السلف الصالحين وهديهم وأفتى بقزوين سنين على الصواب وقال كان يكتب في كل صفحة على الحاشية العليا رب يسر لا يغفل ذلك على كثرة ما كتب على تعاليقه من الأصول والفروع مذهبا وخلافا ومن كتب الحديث واللغة وغيرها ومات ابنه محمد بن ملكداد في عنفوان الشباب وهو فاضل حسن المنظر والمخبر قال فبلغني من قوة الشيخ وتسليمه أنه حضر الجامع بكرة على عادته لإلقاء الدروس فأتته زليخا بنت القاضي أبي سعد الطالقاني وهي جدتي أم أبي وكانت تحته حينئذ فأخبرته بوفاته فأمرها بتجهيزه ولم يذكر الحال للحاضرين حتى فرغ من درسه ثم قال إن محمدا قد دعي فأجاب فمن أراد فليحضر الصلاة عليه
"""
صفحة رقم 303 """
وذكر الرافعي أيضا أن الشيخ ملكداد علق عن صاحب التهذيب مجموعة بعبارة أكثر مما يوجد في التصنيف وبزيادة فروع ومسائل
قال وتفقه أيضا على القاضي أبي سعد الهروي
قال وكان محصلا طول عمره حافظا كثير البركة تخرج به جماعة من أهل البلد وغيرهم ومدحه محمد بن أبي الربيع الغرناطى بقصيده قال فيها
إذا قرأ التنزيل أذعن حاسد
لخير إمام لا ينوه بالدعوى
وإن أسند الأخبار عن سيد الورى
يقول له الإسلام فخرا كذا يروى
وإن قام في محرابه بادي الضنا
وطول قلت الغصن جف فما يلوى
يمد يديه شاكيا سوء ماجنى
إلى خير مرفوع إليه يد الشكوى
يقول إلهي هب لي الآن زلتي
وما استدرج الشيطان منى وما استهوى
فذاك الفتى كل الفتى ليس عنده
يسود لدى التحصيل إلا فتى التقوى
توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
وكان والدي يديم ذكره والثناء عليه ويقول رباني كما يربي الوالد الشفيق ولده وكان أستاذه في الأدب وجميع السير في الأخلاق كما كان أستاذه في الفقه والحديث ولم يسافر مدة حياته احتراما له وتبركا بأنفاسه
هذا كله كلام الرافعي
998
منصور بن أحمد بن المفضل بن نصر بن عصام المنهاجي الإسفزاري أبو القاسم
قال ابن السمعاني كان فقيها متورعا حسن السيرة ظهر له القبول التام
"""
صفحة رقم 304 """
بالجبال وبنى بهمذان ونواحيها خانقاهات وكثر عليه المريدون وازدحم عليه الناس
تفقه بمرو على الإمام أبي المظفر السمعاني وقتل فتكا على باب الخانقاه يوم الاثنين وقت الإسفار رابع عشر شوال سنة اثنتين وخمسمائة بهمذان
999
منصور بن الحسن بن علي بن عادل بن يحيى بن البوازيجي
من أهل البوازيج بفتح الباء المنقوطة بواحدة وفتح الواو وكسر الزاي بعد الألف وبعدها الياء الساكنة المنقوطة باثنتين من تحتها وبعدها الجيم بلدة قديمة على دجلة فوق بغداد
وهذا الشيخ بجلي ينسب إلى جرير بن عبد الله البجلي
وكان فقيها فاضلا تفقه على الشيخ أبي إسحاق وكان خصيصا به وسمع أبا الحسين ابن المهتدي وغيره وتولى قضاء البوازيج وتوفي بعد استهلال سنة إحدى وخمسمائة
1000
منصور بن الحسن بن منصور الإمام أبو المكارم الزنجاني
نزيل بغداد ومعيد النظامية ومدرس المدرسة الثقتية بها إمام مناظر عارف بالمذهب
توفي في رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 305 """
1001
منصور بن علي بن إسماعيل بن المظفر المخزومي الطبري الصوفي الواعظ
ولد بآمل طبرستان ونشأ بمرو وتفقه على الإمام أبي الحسن علي بن محمد المروزي وبنيسابور علي محمد بن يحيى وكان مليح الكلام في المناظرة وأقبل على الوعظ والتصوف
وسمع من زاهر بن طاهر وعبد الجبار بن محمد الخواري وعلي محمد المروزي
سمع منه الحافظ أبو بكر الحازمي ويوسف بن خليل الحافظ وأخوه إبراهيم وطائفة
مولده سنة خمس عشرة وخمسمائة ومات بدمشق في ثامن عشر شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة
1002
منصور بن محمد بن سعيد بن مسعود بن عبد الله بن مسعود ابن أحمد بن محمد بن مسعود المسعودي أبو المظفر بن أبي الفضل
من أهل مرو
قال ابن السمعاني كان أحد الفضلاء المبرزين وأحد الزهاد الأجلاء قرأ الأدب وبرع فيه وكان حسن الخط كثير المحفوظ مليح الشعر والنثر يعظ في عشيات الثلاثاء اقتداء بوالده وكان من المختصين بعمى الإمام رحمه الله
انتهى
"""
صفحة رقم 306 """
سمع بمرو أبا المظفر بن السمعاني وغيره وبنيسابور عبد الغفار الشيروي وغيره
روى عنه ابن السمعاني وغيره
مولده بمرو في منتصف رجب سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وتوفي بساوة في رجب سنة خمس وخمسين وخمسمائة
1003
منصور بن محمد بن علي أبو المظفر الطالقاني
نزيل مرو
تفقه على الإمام أبي المظفر بن السمعاني وسمع منه ومن الفضل بن أحمد بن متويه الصوفي وإسماعيل بن الحسين العلوي وغيرهم
روى عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر والحافظ أبو سعد بن السمعاني
توفي في رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة بنواحي أبيورد
1004
منصور بن محمد بن محمد بن الطيب العلوي الفاطمي العمري الشيخ أبو القاسم
الفقيه المناظر الرئيس
مولده سنة أربع وأربعين وأربعمائة في شهر ربيع الأول بمدينة هراة وسمع بها من جده لأمه أبي العلاء صاعد حفيد أبي منصور الأزدي وغيره وبنيسابور من أبي القاسم القشيري وغيره وحدث
"""
صفحة رقم 307 """
روى عنه ابن ناصر والسلفي ويحيى بن بوش
قال ابن السمعاني كان جليل القدر عظيم المنزلة فقيها مناظر أحد الدهاة الأذكياء حسن الكلام مليح المحاورة
وذكره الحافظ أبو محمد الجرجاني وعظمه وقال فيه رئيس العلماء بهراة وقد مات الجرجاني قبله بقريب من أربعين سنة وكان أبو القاسم ذا مال وثروة قال شيخنا الذهبي يقال كان له ثلاثمائة وستون طاحونه
توفي بهراة في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وخمسمائة
1005
منصور بن محمد بن منصور بن عبد الله بن أحمد أبو المظفر الغازي المروزي الواعظ
من أهل مرو
قال ابن السمعاني كان فقيها زاهدا ورعا واعظا حسن الوعظ عفيفا حسن السيرة سمع جدي أبا المظفر وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن ثابت الخرقي وغيرهما
كتب عنه ابن السمعاني وقال في التحبير توفي ليلة الأحد ودفن يوم الأحد الرابع والعشرين من شعبان سنة تسع وعشرين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 308 """
1006
المؤتمن بن أحمد بن علي بن الحسن بن عبيد الله الساجي الحافظ أبو نصر الربعي الدير عاقولي ثم البغدادي
أحد أعيان الحديث وأثباته واسع الرحلة كثير الكتابة حسن الحفظ زاهد ورع
ولد في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة
وسمع أبا الحسين بن النقور وعبد العزيز بن علي الأنماطي وأبا القاسم بن البسري وأبا نصر الزينبي وإسماعيل بن مسعدة وأبا بكر الخطيب وأبا عمرو عبد الوهاب بن منده وأبا بكر بن خلف وأبا إسماعيل الأنصاري وخلقا ببلاد كثيرة
روى عنه سعد الخير الأنصاري وأبو الفضل بن ناصر وأبو طاهر السلفي وأبو بكرا بن السمعاني وآخرون
قال ابن عساكر سمعت أبا الوقت عبد الأول يقول كان الإمام عبد الله بن محمد الأنصاري يقول لا يمكن أحدا أن يكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مادام هذا حيا
وسئل السلفي عنه فقال حافظ متقن لم أر أحسن قراءة منه للحديث
قلت كتب الشامل عن ابن الصباغ بخطه وتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وكان الشيخ أبو إسحاق يداعبه ويقول
"""
صفحة رقم 309 """
وشيخنا الشيخ أبو نصر
لا زال في عز وفي نصر
توفي في صفر سنة سبع وخمسمائة ببغداد
1007
موسى بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن سنان بن عطاء ابن عبد العزيز بن عطية بن ياسين بن عبد الوهاب بن سحنان بن عاصم القحطاني المغربي الأغماتي أبو هارون
وأغمات آخر مدينة بالمغرب بينها وبين بحر الظلمات مسيرة ثلاثة أيام
رحل موسى من بلاده إلى ديار مصر والحجاز والعراق والجبال وخراسان إلى أن ورد بلاد ما وراء النهر
قال ابن السمعاني وكان إماما فاضلا مناظرا أقام بنيسابور مدة تفقه على أبي نصر القشيري
وذكره أبو حفص السمرقندي في كتاب القند وقال قدم علينا سنة ست عشرة وخمسمائة وهو شاب فاضل فقيه مناظر بليغ شاعر محدث محاضر
"""
صفحة رقم 310 """
وذكر أنه قال فيه هذا
لقد طلع الشمس من غربها
على خافقيها وأوساطها
فقلنا القيامة قد أقبلت
فقد جاء أول أشراطها
ومن شعر موسى هذا
لعمر الهوى إني وإن شطت النوى
لذو كبد حرى وذو مدمع سكب
فإن كنت في أقصى خراسان نازحا
فجسمي في شرق وقلبي في غرب
1008
موسى بن حمود بن أحمد أبو عمران القاضي عز الدين الماكسيني قاضي ماكسين
قال ابن باطيش درس بهاوأفتى وحكم مدة
قال وله اختيارات في المذهب وترجيحات
مات بماكسين في حدود سنة ستين وخمسمائة
ومن الفوائد عنه
قال القاضي أبو عمران الماكسيني فيما جمع من كلامه حادثة ذهب السيد الأجل كمال الدين حرس الله علوة فيهاإلى مقالة ووافقه عليها جميع فقهاء الموصل وتاج الإسلام وتاج الدين والشيخ الإمام جمال الإسلام أبو القاسم بن البزري وهو الباز الأشهب في علم المذهب وصورتها رجل أقر بأن جميع ما في يده ملك لزيد
"""
صفحة رقم 311 """
فلا خلاف في صحة الإقرار وإنما الكلام في انتزاع ما في يد المقر من غير رجوع إلى تفسيره وذلك نبوة الحسام وكبوة الجواد وزلة العالم وقلت في الجواب لا يجوز انتزاع ما في يده حتى الخاتم الذي في إصبعه إلا إذا أقر بذلك والعلة في ذلك أنه أقر بمجهول غير معين ولا معلوم والدليل على أنه مجهول مسائل أربعة لا تسمع دعواه باستحقاق جميع ما في يده لأن الدعوى لا تسمع بمجهول ولو وكله في الإبراء لم يجز حتى يبين الجنس الذي يبرئ منه والقدر نص على هذه صاحب المذهب ونص الغزالي في الوجيز أن التوكيل في الإبراء يستدعي علم الموكل بمبلغ الدين المبرأ منه لا علم الوكيل ولا علم من عليه الحق
الرابع إذا قال أبرأتك من ديني وقدره وصفته هذا من حيث الحكم ومن حيث المعنى إن قوله جميع ما في يدي شامل لجميع ما في يده من ملكه وملك غيره فمراده جميع ما في يدي غير ملكي وملكه من ملك غيره لا يعلم إلا من جهته فهو مجهول
طريقة أخرى
وهي أن اليد متردد بين اليد الحسية والحكمية فاليد الحسية إن أرادها فما اشتملت عليه يده الحقيقية واحتوت عليه راحته ملك للمقر وكان معلوما للمقر وإن قال أردت الحكمية فهو مجهول لأنها تشتمل على حاضر وغائب فدل ذلك على الجهالة ووجب الرجوع إليه في تفسيره انتهى
"""
صفحة رقم 312 """
قلت السيد الأجل كمال الدين وتاج الإسلام وتاج الدين لم أعرفهم وخطر لي أن كمال الدين هو ابن يونس ولكن يعارض هذا أن كمال الدين بن يونس كان صغيرا في زمان القاضي الماكسيني ثم خطر لي أن يكون هذا كلام موسى بن محمد بن موسى بن حمود حفيد موسى ابن حمود وسيأتي في الطبقة السادسة ولكن هذا إنما هو من جمع موسى بن حمود نفسه وذكر ابن البزري فيه دليل على ذلك فإن ابن البزري مات سنة ستين وخمسمائة
ثم أقول هذا الذي أفتى القاضي الماكسيني به يؤيده قول الأصحاب إذا قرأ بجميع ما في يده صح قالوا ثم إذا قال ليس لي مما في يدى إلا الألف صح وعمل بمقتضاه لكن قد ينازع فيه أن الصواب عند النووي والشيخ الإمام رحمه الله في مسألة القاضي أبي سعد عدم القبول وهي ما إذا أقر أنه لا دعوى له على زيد ولا طلبة ثم قال إنما أردت في عمامته أو قميصه لا في ذكره ونسائه
وأقول الحق أنها أربع مسائل إحداها أن يقول لم أرد بما في يدي إلا كيت وكيت وهي مسألة القاضي أبي سعد التي رجح فيها القبول والصواب خلافه لأنه خروج عن ظاهر اللفظ بلا دليل
الثاني أن يقول أردت الكل ولم تكن هذه العين في يدي وقت الإقرار فالقول قوله وبه جزم الرافعي والنووي وغيرهما وقدمنا عن القاضي الحسين في ترجمته ما ينازع فيه
والثالثة أن يقول الذي في يدي ليس منه إلا ألف
فينصرف الإقرار إليها دون غيرها وكأنه في الحقيقة ادعى أن اللفظ وإن شمل شيئا فالشرع لم يساعده بالنسبة إليه لأنه لا ينصرف في مال الغير بالإقرار وهنا وقفة وهي أن إطلاق الرافعي وغيره فيما إذا
"""
صفحة رقم 313 """
قال ليس لي مما في يدي إلا ألف أنه يصح ويعمل بمقتضاه فظهر منه في بادىء الرأي أنه يصح الإقرار بالألف دون غيرها وفيه إشكال من جهة أن الإقرار لا يصادف مملوكا للمقر وإنما هو إخبار عن حق سابق فلا بد أن يكون المقر به غير مملوك وقت الإقرار فكيف يصح في الألف دون غيرها والذي ينبغي أن يقال ويحمل عليه كلام الرافعي وغيرها أنه يصح في غيرها دونها وتقع هي مستثناه من المقر به لأن المقر به مقصور عليها فليتأمل ذلك
والصورة الرابعة أن يقر بما في يده ولا يدعى بعد ذلك شيئا بل يسكت أو يموت فهل يقدم على انتزاع ما في يده أو يتوقف إلى أن يفسر بما يشاء هذه مسألة القاضي الماكسيني والذي يظهر فيه الخلاف قوله وأنه ينتزع نعم إن تنازع المقر له والورثة في شيء هل كان في يده وقت الإقرار فيها خلاف بين القاضي الحسين والبغوي قدمناه في ترجمة القاضي
وقوله إنه أقر بمجهول ممنوع إنما هذا اللفظ عام لا جهالة فيه واستشهاده بأنه لا تصح الدعوى باستحقاق جميع ما في يده ممنوع أيضا ولكنه بناه على ما في ذهنه من أن هو إقرار بمجهول وليس كذلك هو معلوم في نفسه مدلول عليه بلفظ عام ويصح الإقرار به والدعوى به
وقوله لا تسمع الدعوى بمجهول إلا في الوصية قلنا أولا هذا ليس بمجهول وثانيا هذا اقتصار على عبارة التنبيه والصحيح سماع الدعوى بالمجهول إذا أقر به بتاتا لمجهول صحيح وهو المذهب وقد صرحوا باستثناء الإقرار بالمجهول ومسائل أخر عن الوصية
"""
صفحة رقم 314 """
من قولهم الدعوى بمجهول لا تسمع ونص الأصحاب على أنه لو قال جميع ما لي صدقة صار جميعه صدقة ولو نذر التصدق بجميع ماله لزمه كله
وأما قوله لو وكله في الإبراء لم يجز حتى يبين ونظير مسألتنا أن يقول وكلتك في الإبراء من ديوني والمذهب صحة الوكالة
وأما قوله إذا قال أبرأتك من ديني أو من جميع ديوني لم يصح ما لم يعين جنس الدين وقدره وصفته فالفرق أن ذلك عقد تمليك وكذلك يقول في وهبتك جميع ما في يدي وعقد التمليك يشترط فيه ما يشترط في البيع من العلم بخلاف الإقرار ونحوه
1009
المهدي بن محمد بن إسماعيل بن المهدي أبو البركات العلوي
ولد بأصبهان ونشأ ببغداد
قال ابن السمعاني وكان واعظا مليح الوعظ حسن العبارة سمع ببغداد ابن البطر والحسين بن أحمد بن طلحة النعالي وشجاع بن فارس الذهلي وغيرهم
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة
قال ابن السمعاني خسف بجنزه في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وهلك فيها عالم كثير وخلق من المسلمين منهم المهدي بن محمد بن إسماعيل
"""
صفحة رقم 315 """
1010
المهدي بن هبة الله بن المهدي الخليلي أبو المحاسن
من أهل قزوين
قال ابن السمعاني إمام فاضل ورع متدين دائم العبادة كثير التلاوة قوال بالحق داع إليه مبالغ في الوضوء والنظافة
تفقه ببغداد على أسعد الميهني وعلق بالبصرة التعليقة عن القاضي عبد السلام ابن الفضل الجيلي وقرأ المقامات على منشئها أبي محمد الحريري
قال وورد علينا خراسان فتفقه على شيخنا عمر بن علي الشيرزي ثم ترك مخالطة الفقهاء وانزوى عند الإمام يوسف بن أيوب الهمذاني
قال وكتبت عنه حديثا واحدا عن الحسين بن مسعود الفراء البغوي
توفي في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
1011
الموفق بن علي بن محمد بن ثابت بن أحمد الخرقي الثابتي الفقيه أبو محمد
تفقه على البغوي صاحب التهذيب وعلى أبي بكر بن أبي المظفر بن السمعاني وقرأ الخلاف ببخارى على أبي بكر الطبري
قال ابن السمعاني كان فقيها فاضلا ورعا زاهدا متواضعا لم أر في أهل العلم مثله خلقا وسيرة وكان إذا جلس بين الخواص والعوام لا يعرف به أحد من العلماء وكان
"""
صفحة رقم 316 """
يصوم أكثر أيامه فإذا دخل إليه من يزوره يقدم إليه ما حضر من مأكول ويوافقه ويأكل ولا يرى أنه كان صائما
قال وكان يحفظ المذهب كتبت عنه شيئا يسيرا بخرق وتوفي بها يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين وخمسمائة
1012
مودود بن محمد بن مسعود النيسابوري الفقيه الإمام
وهو أخو الإمام قطب الدين النيسابوري
تفقه بخراسان ثم وفد على أخيه بدمشق ثم خرج إلى ناحية الموصل وجلس يوما على نهر يتوضا فغرق وذلك في سنة أربع وخمسين وخمسمائة
أرخه ابن باطيش
1013
المؤمل بن مسرور بن أبي سهل بن مأمون الشاشي الشيخ الصالح أبو الرجاء الخمركي المأموني
من أهل الشاش
ولادته فيما يظن ابن السمعاني قبل الأربعين والأربعمائة وسكن مرو إلى حين وفاته
"""
صفحة رقم 317 """
وكان تفقه ببخارى على أبي الخطاب الطبري وعلي فقيه الشاش أبي بكر محمد بن علي الشاشي بغزنة وسمع الرئيس أبا عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الرقي وأبا يعقوب يوسف ابن منصور السياري الحافظ وأبا عبد الله إبراهيم بن علي الطبري والد أبي الخطاب وأبا محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي الحافظ وأبا المظفر بن السمعاني وغيرهم
وتوفي بمرو ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة سنة سبع عشرة وخمسمائة
وكان من الصالحين أرباب العبادات والمجاهدات مقيما في رباط يعقوب الصوفي بمرو يقصده الناس للتبرك به
1014
ناصر بن سلمان بن ناصر بن عمران بن محمد أبو الفتح بن أبي القاسم الأنصاري النيسابوري
مولده سنة تسع وثمانين وأربعمائة
سمع أباه وأبا الحسن المديني المؤذن والفضل بن عبد الواحد التاجر وغيرهم
روى عنه أبو سعد بن السمعاني وولده عبد الرحيم بن أبي سعد
قال أبو سعد كان إماما مناظرا بارعا في الكلام حاز قصب السبق فيه على أقرانه وصار في عصره أوحد ميدانه وصنف التصانيف وترسل من جهة السلطان سنجر إلى الملوك وكان صاحب أوقاف الممالك وكان لا يتورع عن مال الوقف
مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بمرو
"""
صفحة رقم 318 """
1015
نبا بن محمد بن محفوظ القرشي المعروف بابن الحوراني الشيخ أبو البيان
شيخ الطائفة البيانية المنسوبة إليه بدمشق
سمع أبا الحسن علي بن الموازيني وأبا الحسن علي بن أحمد بن قبيس المالكي وغيرهما
روى عنه يوسف بن عبد الواحد بن وفاء السلمي والقاضي أسعد بن المنجا والفقيه أحمد العراقي وعبد الرحمن بن الحسين بن عبدان وغيرهم وكان إماما عالما عابدا قانتا زاهدا ورعا يعرف اللغة والفقه والشعر له نظم كثير ومجاميع حسان وتصانيف مفيدة وله ذكر حسن يذكر إلى الآن في الرباط المنسوب إليه بدمشق ومناقبه كثيرة وفضائله مشهورة وبركاته معروفة
وعن الشيخ عبد الله البطائحي قال رأيت الشيخ أبا البيان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق فسألت الله أن يحجبني عنهما حتى لا يشغلا بي وتتبعتهما حتى صعدا إلى أعلى مغارة الدم وقعدا يتحدثان فإذا بشخص قد أتى كأنه طائر في الهواء فجلسا بين يديه كالتلميذين وسألاه عن أشياء من جملتها أعلى وجه الأرض بلد ما رأيته فقال لا فقالا هل رأيت مثل دمشق قال ما رأيت مثلها
وكانا يخاطبانه يا أبا العباس فعلمت أنه الخضر
"""
صفحة رقم 319 """
توفي الشيخ أبو البيان وقت الظهر يوم الثلاثاء في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ودفن بباب الصغير وقبره هناك يزار
وهذا الرباط الذي ينسب إليه إنما أنشىء بعد موته بأربع سنين اجتمع أصحابه على بنائه ويحكى أنهم لما اجتمعوا لذلك أرسل إليهم الملك نور الدين الشهيد يمنعهم فلما جاء رسوله خرج إليه واحد يقال له الشيخ نصر فقال له أنت رسول محمود تمنع الفقراء من البناء قال نعم قال ارجع إليه وقل له بعلامة ما قمت في جوف الليل وسألت الله في باطنك أن يرزقك ولدا ذكرا من فلانة لا تتعرض إلى جماعة الشيخ ولا تمنعهم فعاد الرسول إلى نور الدين وحكى له ذلك فقال والله العظيم ما تفوهت بهذا لمخلوق ثم أمر بعشرة الآف درهم ومائة حمل خشب فبنى بها الرباط ووقف عليه مكانا بحرين
ووقفت من مصنفاته على قصيد نظم فيها الصاد والضاد وعلى قصيدة عزز فيها بيتي الحريري اللذين أولهما سم سمة بأبيات أخر وذكر فيها أن الحامل له على ذلك تجري الحريري ومبالغته في الدعوى وشرحها شرحا مطولا منها
لا فمه زينه بائن
ولا حجاه إن يقل لا فمه
لا عمه يملكه أو هدى
فقل من الدنيا لمن لاع مه
"""
صفحة رقم 320 """
ثم ذكر أبياتا في استحسان هذين وتفضيلهما على بيتي الحريري ثم قال
بل سمه منك عن المكر محمود
ولو مع سمه بلسمه
1016
نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري أبو القاسم الواعظ
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن البسري وأبا الحسين عاصم بن الحسن العاصمي والوزير نظام الملك وغيرهم
مولده في منتصف المحرم سنة ست وستين وأربعمائة وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
1017
نصر الله بن محمد بن عبد القوي الشيخ أبو الفتح المصيصي ثم اللاذقي ثم الدمشقي الإمام فقها وأصولا وكلاما
"""
صفحة رقم 321 """
مولده سنة ثمان وأربعين وأربعمائة
ونشأ بصور وسمع بها من أبي بكر الخطيب وعمر بن أحمد العطار الآمدي والفقيه نصر المقدسي وتفقه عليه وسمع بدمشق أبا القاسم بن أبي العلاء وغيره وببغداد عاصم بن الحسن ورزق الله بن عبد الوهاب وبأصبهان نظام الملك الوزير وغيره
وبالأنبار أبا الحسن علي بن محمد بن محمد بن الأخضر
روى عنه الحافظ أبو القاسم وولده القاسم بن عساكر وابن السمعاني ومكي ابن علي العراقي والخطيب أبو القاسم الدولعي والخضر بن كامل المعبر وأبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني وهبة الله بن الخضر بن طاوس وجماعة آخرهم أبو المحاسن بن أبي لقمة
وقرأ بصور علم الكلام على أبي عبد الله محمد بن عتيق القيرواني ثم سكن دمشق ودرس بالزاوية الغربية وهي الغزالية بعد وفاة شيخه الفقيه نصر وبه كثرت أوقافها لأن كثيرا من الناس وقفوا عليه ثم بعده عليها ومنهم من وقف عليها ابتداء بواسطته وهو أيضا وقف شيئا جيدا
"""
صفحة رقم 322 """
1018
نصر الله بن منصور بن سهل الجنزي أبو الفتح الدويني بضم الدال المهملة وكسر الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي أخرها النون نسبة إلى دوين بلدة من أذربيجان
وكان هذا الشيخ يلقب بالكمال
قال ابن السمعاني كان فقيها صالحا مستورا تفقه ببغداد على أبي حامد الغزالي وانتقل إلى خراسان وسكن نيسابور ثم مرو ثم بلخ إلى أن توفي بها سمع بنيسابور أبا الحسن علي بن أحمد المديني وأبا بكر أحمد بن سهل السراج وعبد الواحد القشيري وغيرهم
وحدث ببلخ
كتب عنه أبو سعد بن السمعاني وانتخب عليه جزأين وقال مات ببلخ في أواخر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة
1019
واثق بن علي بن الفضل بن هبة الله
الشيخ أبو القاسم ابن فضلان وربما قيل في اسمه يحيى وذلك أنه غير اسمه في آخر الأمر بيحيى وابن النجار أورده فيمن اسمه يحيى وأورده ابن باطيش والحافظ أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي في معجمه كما أوردناه
"""
صفحة رقم 323 """
كان من أئمة الفقهاء وأعلام العلماء وفرسان الجدل
سمع إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي ومحمد بن ناصر وأبا الكرم بن الشهرزوري وغيرهم
روى عنه يوسف بن خليل وغيره
وتفقه ببغداد على أبي منصور بن الرزاز ثم بخراسان على محمد بن يحيى وأقام عنده بنيسابور مدة يتفقه عليه وكان محمد بن يحيى يعجبه كلامه ويستحسن إيراده
مولده في سنة سبع عشرة وخمسمائة وتوفي في شعبان سنة خمس وتسعين وخمسمائة
1020
هاشم بن علي بن إسحاق بن القاسم الأبيوردي أبو القاسم من أهل أبيورد
قال ابن السمعاني فقيه فاضل عالم تفقه على الإمام أبي المعالي الجويني وسمع ببغداد ابن البطر وبمكة الحسين بن علي الطبري وبنيسابور أبا بكر بن خلف وبآمل أبا المحاسن الروياني وغيرهم
ولد بعد الخمسين وأربعمائة بأبيورد وتوفي في الخامس من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بأبيورد
"""
صفحة رقم 324 """
1021
هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن طاوس أبو محمد بن أبي البركات المقرىء
إمام جامع دمشق
سمع أباه ونصر المقدسي وجماعة بدمشق وسافر فسمع رزق الله والبانياسي وغيرهما بالعراق وأصبهان وكان قد خرج من دمشق إلى العراق وأصبهان صحبه أبيه والفقيه نصر الله في رسالة من تاج الدولة تتش إلى السلطان ملك شاه
روى عنه الحافظ ابن عساكر والسلفي وابن السمعاني وغيرهم
وكان مولده في صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة
1022
هبة الله بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الإمام صائن الدين بن عساكر وهو أخو الحافظ وكان الأكبر ولد في رجب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
وقرأ القرآن بالروايات وسمع أبا القاسم النسيب وأبا طاهر الحنائي وأبا الحسن
"""
صفحة رقم 325 """
ابن الموازيني وأبا علي بن المهدي وأبا الغنائم المهتدي بالله وأبا طالب الزينبي وخلقا
ووجد له سماع من أبي الحسن بن أبي الخير والراوي عن أبي الحسن ابن السمسار فلم يحدث به ورعا وقال لا أحق هذا الشيخ
روى عنه أخوه الحافظ أبو القاسم وابنه القاسم بن أبي القاسم وأبو سعد بن بن الأمناء الحسن وشيخ الشافعية فخر الدين وتاج الأمناء أحمد وأبو نصر عبد الرحيم وأبو القاسم بن صصرى وآخرون
تفقه بدمشق على أبي الحسن بن المسلم وعلى الفقيه نصر الله بن محمد وعلق ببغداد الخلاف علي أسعد الميهني وأخذ الأصول عن أبي الفتح بن برهان وأعاد بالأمينية لشيخه أبا الحسن السلمي ودرس بالغزالية وأفتى وكتب الكثير وعرضت عليه الخطابة وغيرها فامتنع وكان خاله أبو المعالي ابن الزكي يجتهد في أن ينوب عنه في القضاء فلا يفعل وكان إماما ثقة ثبتا دينا ورعا وله شعر كثير
توفي في شعبان سنة ثلاث وستين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 326 """
1023
هبة الله بن سعد بن طاهر أبو الفوارس
سبط أبي المحاسن الروياني صاحب البحر
من أهل آمل طبرستان
سمع جده أبا المحاسن وأبا علي الحسن بن أحمد الحداد وغيرهما
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف وأخرج عنه معجمه ودرس بالنظامية التي بآمل
ولد سنة سبعين وأربعمائة وتوفي سنة سبع وأربعين وخمسمائة
قال أبو الفوارس سمعت جدي أبا المحاسن الروياني يقول الشهرة آفة وكل يتحراها والخمول راحة وكل يتوقاها
1024
هبة الله بن سهل بن عمر بن القاضي أبي عمر البسطامي النيسابوري
المعروف بالسيدي نسبة إلى السيد أبي الحسن محمد بن علي الهمذاني المعروف بالوصي كان هبة الله حفيده ينسب إليه
وكان هبة الله يكنى أبا محمد وكان ختن إمام الحرمين على ابنته
ولد في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة
قال ابن السمعاني فقيه عالم خير كثير العبادة والتهجد لكنه عسر الرواية لصعوبة خلقه
"""
صفحة رقم 327 """
سمع أبا حفص عمر بن مسرور وأبا الحسين عبد الغافر الفارسي وأبا عثمان البحيري وأبا سعد الكنجروذي وأبو سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب وأبا بكر البيهقي وأبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني وأبا القاسم القشيري وجده أبا المعالي عمر بن محمد البسطامي وغيرهم
روى عنه الحافظان ابن عساكر وابن السمعاني والمؤيد الطوسي وغيرهم وأجاز لأبي القاسم بن الحرستاني وغيره
توفي بنيسابور وقت الصبح يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ودفن بالحيرة
1025
هبة الله بن علي بن إبراهيم بن محمد
1026
هبة الله بن أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد البخاري
أبو المظفر ابن عم قاضي القضاة أبي طالب
فقيه متكلم ولاه أمير المؤمنين الناصر لدين الله نيابة الوزارة
مات سنة ثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 328 """
1027
هبة الله بن أبي المعالي معد بن عبد الكريم الفقيه أبو القاسم بن البوري القرشي الدمياطي
تفقه بدمشق على ابن أبي عصرون وببغداد على أبي طالب صاحب بن الخل ودرس بالإسكندرية بمدرسة السلفي مدة
توفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة
وبورة بليدة صغيرة بقرب دمياط ينسب إليها السمك البوري
1028
هبة الله بن يحيى بن الحسن أبو جعفر بن البوقي الواسطي العطار
تفقه على القاضي أبي علي الفارقي وسمع أبا بكر الأنصاري وغيره وكان فقيها مناظرا بارعا في المذهب والفرائض والخلاف وحدث ببغداد
روى عنه ابن الأخضر وغيره
قال فيه ابن السمعاني كان إماما فاضلا سديد الفتاوي قيما بمذهب الشافعي متدينا كثير العبادة صام أربعين سنة دائما مولده في جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وتوفي في ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وخمسمائة بواسط
"""
صفحة رقم 329 """
1029
هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن ابن محمد بن عبد الملك القشيري أبو الأسعد بن الشيخ أبي سعيد بن الأستاذ أبي القاسم
قال ابن السمعاني خطيب نيسابور ومقدم القشيرية بها أحضر على جده أبي القاسم وسمع أباه وعميه أبا منصور عبد الرحمن وأبا سعد عبد الله وأبا صالح المؤذن وجدته فاطمة بنت الدقاق وطائفة
روى عنه السمعاني وابنه أبو المظفر عبد الرحيم بن السمعاني والحافظ ابن عساكر والمؤيد بن محمد الطوسي وآخرون
مولده في العشرين من جمادى الأولى سنة ستين وأربعمائة وكان أسند من بقي بخراسان في زمانه
توفي في ثالث عشر شوال سنة ست وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 330 """
1030
هبة الكريم بن خلف بن المبارك بن البطر أبو نصر المعروف بابن الحنبلي البغدادي البيع
تفقه على أسعد الميهني وسمع أبا الخطاب بن البطر
روى عنه ابن السمعاني
توفي في ثامن شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
1031
يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد أبو الفضل الطنزي الخطيب الحصكفي الأديب الفقيه
ولد بطنزة بليدة صغيرة بديار بكر ونشأ بحصن كيفا فنسب إليها
دخل بغداد وتفقه بها وقرأ الأدب على الخطيب التبريزي ثم رجع إلى بلاده واستوطن ميافارقين وولى الخطابة بها وأفتى الناس وشغلهم بالعلم وصنف عمدة الاقتصاد في النحو وغيرها
ذكره العماد الكاتب فقال كان علامة عصره ومعرى العصر في نظمه ونثره وله الترصيع البديع والتجنيس النفيس وعدد من محاسنه ومن شعره
أشكو إلى الله من نارين واحدة
في وجنتيه وأخرى منه في كبدي
"""
صفحة رقم 331 """
ومن سقامين سقم قد أحل دمي
من الجفون وسقم حل في جسدي
ومن نمومين دمعي حين أذكره
يذيع سرى وواش فيه بالرصد
ومن ضعيفين صبري حين أندبه
ووده ويراه الناس طوع يدي
مهفهف رق حتى قلت من عجب
أخصره خنصرى أم جلده جلدي
وقال جامعا أسماء القراء السبعة في بيت والأئمة الستة في بيت
جمعت لك القراء لما أردتهم
ببيت تراه للأئمة جامعا
أبو عمرو عبد الله حمزة عاصم
على ولا تنس المديني نافعا
وإن شئت أركان الشريعة فاستمع
لتعرفهم واحفظ إذا كنت سامعا
محمد والنعمان مالك أحمد
وسفيان واذكر بعد داود تابعا
"""
صفحة رقم 332 """
"""
صفحة رقم 333 """
1032
يحيى بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري أبو طاهر القاضي تاج الدين
ولد يوم الجمعة ثاني عشر شهر رجب سنة خمس وتسعين وأربعمائة
قال ابن باطيش وتفقه وبرع في الفقه ومات ليلة الإثنين تاسع عشر شهر رمضان سنة ست وخمسين وخمسمائة
1033
يحيى بن علي بن الحسن الحلواني البزار أبو سعد
وربما قيل في اسم والده بندار
كان من أئمة الفقهاء
قرأ المذهب والخلاف والأصول على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وصنف كتابا سماه التلويح في المذهب وولى حسبة بغداد ثم عزل عنها وولى تدريس النظامية
وسمع الحديث من أبي جعفر بن المسلمة وأبي الحسين بن النقور وأبي الخطاب بن البطر وشيخه أبي إسحاق وغيرهم
روى عنه ابن السمعاني وغيره
وكان مولده في ذي الحجة سنة خمسين أو إحدى وخمسين وأربعمائة وأرسله
"""
صفحة رقم 334 """
أمير المؤمنين المسترشد بالله إلى الخاقان محمد بن سليمان صاحبها ما وراء النهر ليفيض عليه الخلع فتوفي هناك بسمرقند في شهر رمضان سنة عشرين وخمسمائة
انتهى ومن شعره
مررت بخباز أحاول حاجة
مدلا عليه أي بأني عالم
فلما رآني قال أهلا ومرحبا
ظفرت بما تهوى فأين الدراهم
فقلت معي كيس ونقص وخاطري
يجيش فصولا كلهن لوازم
فقال ومن هذي الذخائر عنده
يحاول عندي حاجة ويساوم
لعمرك لو بعت الجميع بلقمة
لما كنت ممن في الشراء يخاصم
1034
يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن الحسين القاضي أبو الفضل
قاضي دمشق ويعرف بابن الصائغ
ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة ذكره في تبينيه الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر وذكر أنه تفقه بدمشق على القاضي المروزي وصحب الفقيه نصر المقدسي ثم تفقه ببغداد على أبي بكر الشاشي وسمع عبد العزيز الكتاني وحيدرة بن علي
"""
صفحة رقم 335 """
وأبا القاسم بن أبي العلاء وعبد العزيز بن طاهر التميمي وغيرهم
روى عنه القاسم بن الحافظ وعبد الخالق بن أسد وجماعة
1035
يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد أبو طاهر الضبي المحاملي البغدادي
كان فقيها كبيرا وله مصنف في الفقه وكان ورعا كثير العبادة
سمع أبا جعفر بن المسلمة وأبا الحسين بن النقور وغيرهما
روى عنه جماعة جاور بمكة وتوفى بها في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
1036
يحيى بن المفرج أبو الحسين اللخمي المقدسي
"""
صفحة رقم 336 """
1037
يحيى بن أبي الخير بن سالم بن سعيد بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عمران العمراني اليماني الشيخ الجليل أبو الحسين
شيخ الشافعيين بإقليم اليمن صاحب البيان وغيره من المصنفات الشهيرة
ساق ابن سمرة في تاريخ اليمنيين نسبة إلى آدم عليه السلام
ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة
تفقه على جماعات منهم خالة الإمام أبو الفتوح بن عثمان العمراني ومنهم الإمام زيد ابن عبد الله اليفاعي وسمع الحديث من جماعة من أهل اليمن
وكان إمام زاهدا ورعا عالما خيرا مشهور الاسم بعيد الصيت عارفا بالفقه والأصول والكلام والنحو أعرف أهل الأرض بتصانيف أبي إسحاق الشيرازي الفقه والأصول والخلاف يحفظ المهذب عن ظهر قلب وقيل كان يقرؤه في ليلة واحدة
قال ابن سمرة وكان ورده في الليلة أكثر من مائة ركعة بسبع من القرآن العظيم
"""
صفحة رقم 337 """
وانتقل إلى ذي أشرق في سنة سبع عشرة وخمسمائة وتزوج بها أم ولده القاضي طاهر وابتدأ بتصنيف البيان في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وفرغ من تصنيفه سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وابتدأ بتصنيف الزوائد في سنة سبع عشرة وخمسمائة فمكث فيها أربع سنين إلا قليلا وكان ذلك منه بإشارة شيخه زيد اليفاعي وحج من ذي أشرق وناظر بمكة الشريف محمد بن أحمد العثماني في مسائل من علمي الفقه والكلام ثم زار قبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ثم عاد إلى اليمن
وهذا الشريف العثماني نقل عنه في البيان في مواضع وهي غريبة
وأقام بذي أشرق يدرس المذهب وينشر العلم إلى سنة تسع وأربعين وخمسمائة
وكان من أحسن العلماء تعليما قيل كان يقرر للطالب الفصل من المهذب ثم يعيده هو على الطالب حفظا ثم ينبهه على خلاف مالك وأبي حنيفة خاصة وقد يذكر معهما غيرهما ثم يذكر احترازات المهذب ثم يذكر الأدلة ويقرر الأقيسة بأوضح عبارة ويكررها بعبارات مختلفة إلى أن ترسخ في ذهن الطالب
ثم في أخر سنة تسع وأربعين تعذر سكناه بالبلدة التي كان فيها أظن أن اسمها سير لفتن وحروب اتفقت هناك وانتقل إلى ذي السفال ثم إلى ذي أشرق فأقام بذي أشرق سبع سنين
قال ابن سمرة فجرى في السنة الرابعة من هذه السبع بين الفقهاء تباغض وتحاسد وتكفير من فقهاء ذي أشرق لفقهاء زبيد حكى ابن سمرة بعضها ثم ذكر أن صاحب البيان انتقل إلى ذي السفال فمات بها مبطونا شهيدا في ربيع الآخر قبل الفجر
"""
صفحة رقم 338 """
من ليلة الأحد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ولم يترك صلاة في مرض موته وكان نزعه ليلتين ويوما بينهما يسأل عن كل وقت صلاة ويصلي بالإيماء
وفيه يقول بعضهم
لله شيخ من بني عمران
قد سادنا بالعلم بالأركان
يحيى لقد أحيا الشريعة هاديا
بفوائد وغرائب وبيان
هو درة اليمن الذي ما مثله
من أول في عمرنا أو ثاني
ومن تصانيفه البيان والزوائد والاحترازات وغرائب الوسيط ومختصر الإحياء وله في علم الكلام كتاب الانتصار في الرد على القدرية
1038
يعيش بن صدقة بن علي أبو القاسم الفراتي الضرير
صاحب أبي الحسن بن الخل
قال ابن النجار كان من أئمة أصحاب الشافعي ومن العلماء العاملين بعلمهم وممن يقتدى به في الزهد والورع وحسن الطريقة تفقه على ابن الخل وسمع أبا القاسم إسماعيل بن عمر بن أحمد السمرقندي وأبا القاسم نصر بن نصر بن العكبري وأبا بكر محمد
"""
صفحة رقم 339 """
ابن عبيد الله بن نصر بن الزاغواني وغيرهم
روى عنه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي
قال وتوفي في ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة
1039
يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان الدويني الأصل التكريتي المولد
ودوين بضم الدال وكسر الواو بعدها آخر الحروف ساكنة ثم نون
"""
صفحة رقم 340 """
بطرف أذربيجان من جهة أران أهلها أكراد
وهو السلطان الملك الناصر التقى النقي العالم الذكي العادل الزكي فاتح الفتوح بركة أهل زمانه صلاح الدين المظفر ابن الأمير الملك الأفضل نجم الدين
ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة بتكريت إذ أبوه واليها
وسمع الحديث من الحافظ أبي طاهر السلفي وأبي طاهر بن عوف والشيخ قطب الدين النيسابوري وعبد الله بن بري النحوي وجماعة
روى عنه يونس بن محمد الفارقي والعماد الكاتب وغيرهما
وكان فقيها يقال إنه كان يحفظ القرآن والتنبيه في الفقه والحماسة في الشعر
وملك البلاد ودانت له العباد وأحبه الخلق ونصر الإسلام وغزا الفرنج وكسرهم مرات وفتح المدن الكبار وأقام في السلطنة أربعا وعشرين سنة يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله
وكان ملكا عظيما شجاعا مهيبا عادلا يملأ العيون روعة والقلوب محبة قريبا بعيدا عابدا قانتا لله لا تأخذه لومة لائم مجلسه يجمع الفضلاء والفقراء وأصحابه كأنما هم على قلب رجل واحد محبة فيه واعتقادا وطواعية
ولقد صنف في سيرته القاضي ابن شداد كتابا مستقلا وصنف ابن واصل كتابا في سيرته وسيرة أهل بيته وصنف أبو شامة في سيرته وسيرة الملك نور الدين وصنف العماد الكاتب في فتوحاته وصنف آخرون في شأنه وما عسى الذي نورده بعد ما أطال هؤلاء ثم اعترفوا بالقصور والتقصير في حق هذا السيد الكبير ولنأت بما فيه مقنع وبلاغ
"""
صفحة رقم 341 """
ذكر ابتداء أمره قبل ملكه
قدم به أبوه إلى دمشق وهو رضيع فناب أبو ببعلبك لما أخذها أتابك زنكي في سنة ثلاث وثلاثين وقيل إن أباه خرج من تكريت في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين فتطيروا به وقال بعضهم لعل فيه الخيرة وأنتم لا تعلمون فكان كذلك ثم اتصل والده نجم الدين أيوب بالملك نور الدين الشهيد فخدمه هو وولده صلاح الدين هذا خدمة بالغة وكان أسد الدين شيركوه أخو نجم الدين عند نور الدين قبلهما وكان أرفع عنده منهما منزلة فإنه كان مقدم جيوشه فلما تخلخل حال المصريين الفاطميين وضعفوا عن مقاواة الفرنج وكادت الفرنج تملك القاهرة وملكوا بلبيس وصيروا لهم بالقاهرة شحنة يحكم وضعف أمر الإسلام بديار مصر جدا وكان الفاطميون قد بلغوا في سوء السيرة إلى الحد المعروف وأفتى علماء الإسلام بإباحة دمائهم ووجوب قتالهم لما هم عليه من الزندقة والإلحاد ووصل شاور وزير العاضد خليفة مصر إلى دمشق إلى نور الدين يستنجده ثم عاد إلى مصر فجهز نور الدين إليهم عسكرا أمر عليهم أسد الدين شيركوه وجهز معه أخاه نجم الدين وابن أخيه صلاح الدين فدخلو مصر آمنين وقتلوا شاور وولى شيركوه وزارة الخليفة العاضد إلى أن مات بعد نيف وسبعين يوما فولى بعده صلاح الدين الوزارة وهي في ذلك الوقت كالسلطنة فاستقل بسلطنة مصر ولقب بالملك الناصر لقبه بذلك الخليفة العاضد في سنة أربع وستين وصار للعاضد معه الاسم فقط وصار صلاح الدين هو السلطان فاستمر إلى أول سنة سبع وستين فقطع صلاح الدين الخطبة للعاضد وخطب للمستضيء خليفة بغداد واستقل بالملك ومات العاضد وقبض صلاح الدين على الفاطميين بأسرهم واستولى على القصر وخزائنه وهي أموال لا تحصى ولا تعرف لملك قبل الفاطميين
وكان صلاح الدين من حين اتصل بخدمة نور الدين قد طلق اللذات وكان محببا إليه
"""
صفحة رقم 342 """
خفيفا على قلبه ولما افتتح مع عمه مصر ثم استقل بالوزارة عظمت سطوته واتفقت له وقعة مع السودان سنة بضع وستين وكانوا نحو مئتي ألف فنصر عليهم وقتل أكثرهم وهرب الباقون وابنتي سور مصر والقاهرة على يد قراقوش واستفحل أمره جدا إلى أن أباد بيت الفاطميين وأهان الرفض وغيرهم من بدع المبتدعين
ذكر يسير من أخباره بعد استقلاله بالسلطنة وموت العاضد
وقد كان لما قبض على الفاطميين أخذ في نصرة السنة وإشاعة الحق وإهانة المبتدعة والقبض على الفاطمية والانتقام من الروافض وكانوا بمصر كثيرين ثم تجردت همته إلى الفرنج وغزوهم وكان من أمره معهم ما ضاقت به التواريخ وكان من أول فتوحاته برقة ونفوسة افتتحها على يد أخيه شمس الدولة في سنة ثمان وستين ثم في سنة تسع افتتح اليمن وقبض على المتغلب عليها عبد النبي بن مهدي ثم في سنة سبعين سار من مصر إلى دمشق بعد وفاة نور الدين مظهرا أنه يقيم نفسه أتابكا لولد نور الدين لكونه صبيا فدخلها يلاطفه ونزل بالبلد بدار أبيه المعروفة بدار العقيقي التي هي اليوم المدرسة الظاهرية ثم تسلم القلعة وصعد إليها وأخرج الصبي من الملك وصار هو سلطان مصر والشام واليمن والحجاز ثم سار قاصدا حماة و حمص ولم يشتغل بأخذ قلعتها
"""
صفحة رقم 343 """
ثم نازل حلب وهي الوقعة الأولى وفيها سير السلطان غازي بن مودود أخاه عز الدين مسعودا في جيش كبير لحربه وكان بها ولد نور الدين فترحل عن حلب ونزل على قلعة حمص فأخذها وهو مع ذلك يظهر حسن المقاصد وأنه قاصد إعزاز الدين وإنقاد البلاد من الفرنج وتسهيل أمور المسلمين
وجاء عز الدين مسعود فأخذ معه عسكر حلب وصار إلى قرون حماة وأخذ صلاح الدين يراسلهم دواما للصلح كيلا يقع سيف بين المسلمين وهم يراسلونه وهو يظنون أنه يطلب الصلح لضعفه عنهم وهم لا يعرفون ما عليه الرجل من حسن النية وحقق عندهم ما ظنوه كثرة عساكرهم وقلة من كان مع صلاح الدين من العسكر في ذلك الوقت فلما أبوا إلا المشاجرة معتقدين أن المصاف معهم يحصل غرضهم وأعجبتهم كثرتهم لاقاهم صلاح الدين فكانت الهزيمة عليهم وأسر صلاح الدين منهم خلقا ثم ساق وراءهم ونزل على حلب ثانيا فصالحوه وأعطوه المعرة وكفر طاب وبارين
وجاء صاحب الموصل غازي فحاصر أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار لكونه انتمى إلى صلاح الدين ثم صالحه لما بلغ غازي كسر أخيه مسعود ونزل بنصيبين وجمع العساكر وأنفق الأموال وعبر الفرات وقدم حلب فخرج إلى تلقيه ابن عمه الصالح إسماعيل بن نور الدين وأقام على حلب مدة
ثم كانت وقعة تل السلطان وهي منزلة بين حلب وحماة جرت بين صلاح الدين وصاحب الموصل في سنة إحدى وسبعين فنصر صلاح الدين ورجع غازي وعدي الفرات بعدما استأصل صلاح الدين كثيرا من خيامه وأمواله وفرقها في جماعته ثم سار
"""
صفحة رقم 344 """
وإن نثر
خلت الحبر
نهى أمر
صم البشر
كف الغير
فكم أسر
علجا كفر
فلا مقر
إلا سقر
ذات الشرر
ملك بهر
إذا اعتكر
ليل الغرر
أو انهمر
دم همر
ساء وسر
نفعا وضر
خيرا وشر
كم اعتبر
منه النظر
فضل السير
إذا ظهر
قال البشر
كم لعمر
يوم
أغر
وقد قيل أول من أبدع هذا المعنى فنظم قصيدة على حرف واحد أبو النجم حيث يقول
صلاح الدين فتسلم منبح وحاصر قلعة أعزاز ثم نازل حلب ثالثا وأقام عليها مدة فأخرجوا ابنة صغيرة لنور الدين إلى صلاح الدين فسألته أعزاز فوهبها لها ثم عاد إلى الديار المصرية واستناب بدمشق أخاه شمس الدولة تورانشاه وكان قد عاد من اليمن وكانت هذه السفرة منه إلى الشام مما نقم عليه ظاهرا للإساءة فيها إلى ولد نور الدين وهو ابن مخدومه الذي انشأه وأحسن إليه وقيامه على بيت الملك والعز قبله وهما صاحب الموصل وأخوه غير أن الحال بالآخرة تبين أن الله تعالى قد أراد إعزاز دينه على يد هذا الرجل وأنه لا يتم للمسلمين أمر بدون سلطان قاهر قادر على استئصال شأفة الفرنج في ذلك الوقت يجتمع عليه المسلمون ولا تتفرق عنه كلمتهم ويكون هو في نفسه جديرا بذلك وأبى الله أن يكون في ذلك العصر إلا صلاح الدين
فلما وصل إلى القاهرة عائدا من الشام بعد ما فعل ما رأيت مجمله دون مفصله وفي تفاصيله شرح كبير أحلناك على كتبه خرج إلى الفرنج في سنة ثلاث والتقاهم على الرملة فانكسر المسلمون يومئذ وثبت صلاح الدين وتحيز بمن معه ثم دخل إلى مصر ولم شعث العسكر ثم عاد إلى الشام وملك حلب وغيرها من البلاد وعظمت الشوكة ثم توجه لمحاصرة الفرنج بالكرك وجاء أخوه العادل من مصر وكان قد استنابه عليها فسير صلاح الدين تقي الدين عمر ابن أخيه ليحفظ مصر وأعطى أخاه العادل حلب بعد أن كان بها ولده الظاهر بن صلاح الدين وقدم الظاهر من حلب ثم أعاد العادل إلى مصر والظاهر إلى حلب ثم نزل على الموصل وترددت الرسل بينه وبين صاحبها عز الدين ثم مرض صلاح الدين فرجع إلى حران واشتد مرضه بحيث أيسوا منه وحلفوا لأولاده
"""
صفحة رقم 345 """
بإمرة والله يريد حياته ليتم إعزاز دينه فعوفي ومر بحمص وقد مات بها ابن عمه محمد بن شيركوه فأقطعها لولده شيركوه ثم استعرض التركة فأخذ أكثرها وكان عمر شيركوه اثنتي عشرة سنة ثم إن شيركوه هذا الشاب حضر بعد سنة عند صلاح الدين فقال له أين بلغت في القرآن فقال إلى قوله تعالى ) إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ( فعجب الحاضرون من ذكائه وقيل إن صلاح الدين إنما أخذ الأموال ليحفظها لهذا الشاب
وفي سنة ثلاث وثمانين افتتح صلاح الدين بلاد الفرنج وأسر ملوكهم وكسرهم على حطين وتوالت عليه الفتوحات وأنقذ البيت المقدس منهم وافتتحه وأعز الدين
ومما اقتلعه من يد الفرنج طبرية وقتل وأسر في ذلك اليوم أكثر من أربعين ألفا وتسلم قلعتها وأحضر إليه صليب الصلبوب وضرب بين يديه في مخيمه أعناق مائتي فارس من عظماء الفرنج
ثم افتتح مدينة عكا وكانت من أعظم حصونهم وأكثر مدنهم وأقام بها الخطبة الإسلامية ثم افتتح البيت المقدس وغيره وأخلى ما بين الشام ومصر من الفرنج وهذا عداد ما يحضرنا من فتوحاته من أيدي الفرنج قلعة أيلة
طبرية
عكا
القدس
الخليل
الكرك
الشوبك
نابلس
عسقلان
بيروت
صيدا
غزة
لد
حيفا
صفورية
الفولة
معليا
الطور
إسكندرونة
قلنسوة
يافا
أرسوف
قيسارية
جبلة
يبني
"""
صفحة رقم 346 """
صرفند
عفربلاد
اللجون
نجدقاقون
مجدل
يابا
تل الصافية
بيت نوبا
النطرون
الجيب
البيرة
بيت لحم
ديخاوزاوا
حصن الدير
دمرا
قلقيلية
هريث
الزيب
الوعيرة
الهرمز
بعلب
العازرية
نقوع
الكرمل
مجدل
الطار
المعبر في جبل عاملة
والشقيف
سبسطية
ويقال بها قبر زكريا
وجبيل
وكوكب
وأنطرطوس
واللاذقية
وبكسرائيل
وصهيون
وحبلة
"""
صفحة رقم 347 """
وقلعة العيد
وقلعة الجماهرية
وبلاطنس
والشغر
وبكاس
وسرمانية
وبرزية
ودربساك
وبغراس
وكانا كالجناحين لأنطاكية ومدينة صفد
وكل هذه مدائن منيعة وأكثرها اليوم قرى كبار ومنها مدائن كثيرة باقية إلى الآن
ونازل صور مدة ولم يقدر له فتحها وله مصافات يطول شرحها وافتتح كثيرا من بلاد النوبة من يد النصارى
ومن تأمل الرسائل الفاضلية رأى العجب من تأثيرات هذه الرجل في الإسلام ومن شدة بأسه وشجاعته
وكانت مملكته من الغرب إلى تخوم العراق ومعها اليمن والحجاز فملك ديار مصر بأسرها مع ما انضم إليها من بلاد المغرب والشام بأسرها مع حلب وما والاها وأكثر ديار ربيعة وبكر والحجاز بأسره واليمن بأسره ونشر العدل في الرعية وحكم بالقسط بين البرية مع الدين المتين والورع والزهد والعلم كان يحفظ القرآن والتنبيه والحماسة
قال الموفق عبد اللطيف رأيت السلطان صلاح الدين على القدس فرأيت ملكا عظيما يملأ القلوب روعة والعيون محبة قريبا وبعيدا سهلا محببا وأصحابه يتشبهون به يتسابقون إلى المعروف كما قال تعالى ) ونزعنا ما في صدورهم من غل ( وأول ليلة
"""
صفحة رقم 348 """
حضرته وجدت مجلسا حفلا بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم وهو يحسن الاستماع والمشاركة ويأخذ في كيفية بناء الأسوار وحفر الخنادق ويتفقه في ذلك وكان مهتما في بناء سور القدس وحفر خندقه يتولى ذلك بنفسه وينقل الحجارة على عاتقه ويتأسى به جميع الأغنياء والفقراء فيركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر ويأتي داره فيمد السماط ثم يستريح ويركب العصر ويرجع في ضوء المشاعل ويصرف أكثر الليل في تدبير ما يعمله نهارا وكان يحفظ الحماسة ويظن أن كل فقيه يحفظها انتهى مختصرا
وقد وثبت عليه الإسماعيلية مرة فجرحوه وسلمه الله وهو الذي ابتنى قلعة القاهرة على جبل المقطم
وفتح من بلاد المسلمين حران وسروج والرها والرقة والبيرة وسنجار ونصيبين وآمد وملك حلب والبوازيج وشهرزور وحاصر الموصل إلى أن هادنه صاحبها عز الدين مسعود ودخل في طاعته وكانت هذه عادته إذا دخل أحد في طاعته لا يقابله إلا بالإحسان
وفتح أيضا من بلاد الشرق خلاط على يد ابن عمه تقي الدين فهذا ما افتتحه من بلاد الشرق
واستولى أيضا على طائفة وفتح عسكره مدينة طرابلس الغرب وكسر عسكر تونس وخطب بها لبني العباس وافتتح بلاد اليمن قيل ولو لم يقع الخلف بين عسكره الذين جهزهم إلى الغرب لملك الغرب بأسره
ولم يختلف عليه مع طول مدته أحد عسكره على كثرتهم
وكان الناس يأمنون ظلمه لعدله ويرجون رفده لكثرته
ولم يكن لمبطل ولا لصاحب هزل عنده نصيب
وكان إذا قال صدق و إذا وعد وفى وإذا عاهد لم يخن وإذا نازل بلدا وأشرف على أخذه ثم يطلب أهله الأمان يؤمنهم وكان جيشه يتألمون لذلك لفوات حظهم ولا يسعهم إلا وفاقه وامتثال أمره
"""
صفحة رقم 349 """
وكان رقيق القلب جدا وربما حلق على مدينة وأحاط بها فسمع بكاء الحريم فتركها وإنما يفعل ذلك مع المسلمين
فمن كتاب فاضلي في فتوح حمص لما أحدقت العساكر المنصورة بالسور العاصم إحداق السوار بالمعاصم وطارت السهام إلى أوكارها من الضلوع وبرقت الأسنة وكأنها زبد بحار الدموع حصحص الحق واتسع الخرق وعلم أن ما أراده الخالق لا يرده الخلق فارتفع الضجيج وعلا تحت العجاج العجيج وأدركتنا رقة رفضت من أيدينا الرقاق وخشية عنت لنا أعنة الفساق فرفعنا على الأسوار أعلاما منشورة بالكف والإمساك مأمورة ووضعت الحرب أوزارها وحلت الأمنة أزرارها وشفعنا الوجوه المستورة بالخفر من نسوانها في الوجوه المكشوفة بالمعصية من فرسانها
وربما حاصر قوما ولم يمنع الميرة عنهم وجرى معهم على كذبهم ليأخذهم بالسهولة ثم يتبين له غدرهم وكذبهم وهو مع ذلك يحلم عنهم ويراعي مصلحة الدين كما اتفق له في حمص وقد افتتح المدينة وعصت عليه القلعة ولم يمنع الميرة عن أهلها ثم لما تبين له حالهم لم يبادر إلى الهدم مع ما فيه من سرعة نصرته خشية على القلعة لكونها من حصون المسلمين وطاول بهم الأمر إلى أن تيسر له فتحها
فمن كتاب فاضلي عن السلطان وهو محاصر قلعة حمص وقد بلغه أن أهلها استنجدوا عليه بالفرنج وأمرنا في القلعة بأن لا يضيق لها خناق ولا يضعف لأهلها أرماق ولا يمنع البيع والشراء والانتقال ويفتح لها ما لا يفسح فيه من يريد تثقيل وطأة الحصار وكان من استدعائهم الفرنج ما كان وهان بفضل الله تعالى من أمرهم ماهان
ثم أخذ يصف القلعة المشار إليها بكونها نجما في سحاب وعقابا في عقاب
"""
صفحة رقم 350 """
وهامة لها الغمامة عمامة وأنملة إذا خضبها الأصيل كان الهلال منها قلامة عاقدة حبوة صالحها الدهر على أن لا يحلها بفزعه عاقدة عصمة صافحها الزمن على أن لا يروعها بخلعة فاكتنفت بها عقارب لا تطبع طبع حمص في العقارب وضربتها بالحجارة فأظهرت العداوة المعلومة بين الأقارب ولم تكن غير ثالثه من الجد إلا وقد أثرت فيها جدريا بضربها ولم نصل إلى السابع إلا والبحر أتى ينذر بنقبها واتسع الخرق على الراقع وسقط سعدها عن الطالع إلى مولد من هو إليها طالع وفتحت الأبراج فكانت أبوابا
"""
صفحة رقم 351 """
وسيرت الجبال منها فكانت سرابا فهنالك بدت نقوب
(
يرى قائم من دونها ما وراءها ومن الكتب والمراسيم عنه
كتب في النهي عن الخوض في الحرف والصوت ) لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض ( الآية خرج أمرنا إلى كل قائم في صف أو قاعد في أمام وخلف أن لا يتكلم في الحرف بصوت ولا في الصوت بحرف ومن يتكلم بعدها كان الجدير بالتكليم ) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (
وسأل النواب القبض على مخالفي هذا الخطاب وبسط العذاب ولا يسمع لمتفقه في ذلك تحرير جواب ولا يقبل عن هذا الذنب متاب ومن رجع إلى هذا الإيراد بعد الإعلان وليس الخبر كالعيان
"""
صفحة رقم 352 """
رجع أخسر من صفقة أبي غشبان وليعلن بقراءة هذا الأمر على المنابر ليعلم به الحاضر البادي ويستوي فيه البادي الحاضر والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
قلت لا أشك أن هذا الفصل من كلام القاضي الفاضل
وهذه وقائع شتى
من ابتداء دخوله إلى مصر قبل أن يتسلطن و إلى أن استأثر الله بروحه الطاهرة مختصرة مقتصرا فيها على عيون الأخبار
في سنة أربع وستين وخمسمائة كان مسير أسد الدين شركوه عم السلطان صلاح الدين إلى مصر المسير الثالث
وذلك أن الفرنج قصدت الديار المصرية في جموع كثيرة وكان الملك نور الدين من جهة الشمال ونواحي العراق فطلعوا من عسقلان وأتوا إلى بلبيس فحاصروها وملكوها واستباحوها ثم نزلوا على القاهرة فحاصروها فأحرق شاور مصر خوفا من الفرنج وبقيت النار فيها أربعة وخمسين يوما فلما ضايقوا القاهرة وضعف المسلمون عنهم بعث إلى ملكهم يطلب الصلح على ألف ألف دينار يعجل له بعضها فأجابه ملك الفرنج واسمه مري إلى ذلك وحلف له فحمل إليه شاور مائة ألف دينار وماطله بالباقي وكاتب في ذلك الملك العادل نور الدين يستنجد به وسود كتابه وجعل في طيه ذوائب النساء وواصل كتبه يستحثه وكان بحلب فساق أسد الدين من حمص إلى حلب في ليلة
قال القاضي بهاء الدين ابن شداد قال لي السلطان صلاح الدين كنت أكره الناس للخروج إلى مصر هذه المرة وهذا معنى قوله ) وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم (
"""
صفحة رقم 353 """
وقال ابن الأثير إن صلاح الدين قال لما وردت الكتب من مصر إلى نور الدين أحضرني وأعلمني الحال وقال تمضي إلى عمك أسد الدين بحمص مع رسول إليه تحثونه على الحضور ففعلت فلما سرنا عن حلب ميلا لقيناه قادما فقال له نور الدين تجهز فامتنع للخوف من غدرهم أولا وعدم ما ينفقه في العساكر آخرا فأعطاه نور الدين الأموال والرجال وقال له إن تأخرت عن مصر سرت أنا بنفسي فإنها إن ملكها الفرنج لا يبقى معهم بالشام مقام فالتفت إلى عمي وقال تجهز يا يوسف
فكأنما ضرب قلبي بسكين فقلت والله لو أعطيت ملك مصر ما سرت إليها فلقد قاسيت بالإسكندرية من المشاق مالا أنساه
فقال عمي لنور الدين لا بد من مسيره معي وارسم له فأمرني نور الدين وأنا أستقيله
فانفض المجلس
ثم قال نور الدين لا بد من مسيرك مع عمك فشكوت الضائقة فأعطاني ما تجهزت به وكأنما أساق إلى الموت
وكان نور الدين رجلا مهيبا فسرت مع عمي فلما توفي أعطاني الله من الملك ما لا كنت أتوقعه انتهى
فجمع أسد الدين الجيوش وسار إلى دمشق وعرض بها الجيش وتوجه إلى مصر في جيش عرمرم فقيل كانوا سبعين ألف فارس وراجل فتقهقر الفرنج لمجيئه ودخل القاهرة في سابع ربيع الآخر وجلس في الدست وخلع عليه العاضد خلع السلطنة وولاه وزارته وقام شاور بضيافته عسكره وتردد إلى خدمته فطلب منه أسد الدين مالا ينفقه على جيشه فماطله فبعث إليه الفقيه ضياء الدين عيسى بن محمد الهكاري يقول إن الجيش طلبوا نفقتهم وقد ما ظلتهم بها وقد تغيرت قلوبهم فإذا أتيتني فكن على حذر منهم
"""
صفحة رقم 354 """
فلم يؤثر هذا عند شاور وركب على عادته وأتى أسد الدين مسترسلا وقيل إنه تمارض فجاء شاور يعوده فاعترضه صلاح الدين وجماعة من الأمراء النورية فقبضوا عليه فجاءهم رسول العاضد يطلب رأس شاور فذبح وحمل إليه في سابع عشر ربيع الآخر ثم لم يلبث أسد الدين أن حضرته المنية بعد خمسة وستين يوما فقلد العاضد السلطان الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف السلطنة ولقب الملك الناصر وكتب بتقليده القاضي الفاضل بعد ما كان وقع خلف كبير عند الفراغ من عزاء أسد الدين فيمن يكون سلطانا ثم اتفقت كلمة الأمراء النورية على صلاح الدين قال العماد الكاتب وألزموا صاحب القصر يعني العاضد بتوليته
وقال القاضي كانت الوصية إلى صلاح الدين من عمه فلبس خلعة السلطنة بالقصر بين يدي العاضد وقبل يده وجاء إلى دار الوزارة وإن شئت قلت دار السلطنة فإن الوزارة عند الفاطميين هي السلطنة اسما ومعنى وجلس في دست الملك وشرع في تركيب السلطنة وترتيبها فأول ما دهمه أمر الخادم الخصي الذي كان يلقب مؤتمن الخلافة فإنه شق العصا باطنا وائتمر وتنمر وانضمت إليه طوائف من أخبث الروافض وكاتبوا الفرنج خفية فاتفق أن تركمانيا عبر بالبئر البيضاء فرأى نعلين جديدين مع إنسان فأخذهما وجاء بهما إلى صلاح الدين فوجد في البطانة خرقة مكتوب فيها إلى الفرنج من القصر فقال دلوني على كاتب هذا الخط فدل على يهودي
"""
صفحة رقم 355 """
فلما حضر تلفظ بالشهادتين واعترف أنه كتب ذلك بأمر الطواشي المشار إليه واستشعر الطواشي الخبر فلزم القصر وأعرض عنه صلاح الدين إلى أن خرج إلى قرية له فأنهض له السلطان صلاح الدين من أخذ رأسه في ذي القعدة وقرر مكانه بهاء الدين قراقوش فصار مختوما على القصر لا يدخل القصر شيء ويخرج إلا بمرأى منه ومسمع
فلما قتل الخادم غار السودان وثاروا وكانوا أكثر من خمسين ألف مقاتلة وقد قدمنا أنهم كانوا نحو مائة ألف وكل قاله المؤرخون ولعل الجمع بينهما أن الخمسين ألفا كانوا مقاتلة فرسانا والباقون كانوا رجالة لا يضمهم ديوان وأقبلوا كقطع الليل المظلم فخرج إليهم من عسكر صلاح الدين الأمير أبو الهيجاء واتصل الحرب بين القصرين ودأب الحرب بينهم يومين ثم كانت الدائرة على السودان وأخرجوا إلى الجيزة وكانت لهم محلة تسمى المنصورة فخربت وحرقت ثم بلغ نور الدين نبأ هذه الأخبار الطيبة فانشرح صدره وأمد صلاح الدين بأخيه شمس الدولة تورانشاه
ثم دخلت سنة خمس وستين وخمسمائة
وفيها نزل الفرنج على دمياط في صفر وحاصروها أحدا وخمسين يوما ثم رحلوا خائبين لأن نور الدين وصلاح الدين أجلبا عليهم برا وبحرا وأنفق صلاح الدين أموالا كثيرة وقال ما رأيت أكرم من العاضد أرسل لي مدة مقام الفرنج على دمياط ألف ألف دينار مصرية سوى الثياب وغيرها
وفيها دخل نجم الدين أيوب أبو صلاح الدين مصر فخرج العاضد بنفسه إلى لقائه وتأدب ابنه صلاح الدين معه وعرض عليه منصبه
"""
صفحة رقم 356 """
ثم دخلت سنة ست وستين وخمسمائة
وفيها عمل صلاح الدين بمصر مدرستين للشافعية والمالكية وخرج بجيوشه فأغار على الرملة وعسقلان وهجم على ربض غزة ورجع إلى مصر وجهز بعض جنده إلى قلعة أيلة فغزوها في المراكب وافتتحوها واستباحوا الفرنج فيها قتلا وسبيا وكان فتح هذه القلعة واستعادتها من الفرنج أعظم النعم على المسلمين فإنها كانت قلعة منيعة وكانت الفرنج قد اتخذوها هي والكرك سبيلا إلى الإحاطة بالحرمين الشريفين فقدر الله فتحهما على يد هذا السلطان رحمه الله
ومن كتاب فاضلي من السلطان إلى الخليفة يعدد فيه ما للسلطان من الفتوحات ومن جهاد الفرنج ومنها قلعة بثغر أيلة بناها العدو في البحر ومنها المسلك إلى الحرمين الشريفين بحيث كادت القبلة يستولي على أصلها والمشاعر يسكنها غير أهلها ومضجع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يتطرق إليه الكفار
في كلمات قالها
ثم دخلت سنة سبع وستين وخمسمائة
فاستفتح السلطان الخطبة في الجمعة الأولى منها بجامع مصر لبني العباس وأقيمت الخطبة العباسية في الجمعة الثانية بالقاهرة وأعقب ذلك موت العاضد في يوم عاشوراء بالقصر وجلس السلطان للعزاء وأغرب في الحزن والبكاء وانقرضت دولة الفاطميين وكان لها أكثر من مائتي سنة وتسلم السلطان القصر بما فيه من خزائنه وذخائره واحتاط على آل القصر فجعلهم في مكان برسمهم وقررت لهم المؤونة وجمعت رجالهم واحترز عليهم ومنعوا من النساء لئلا يتناسلوا وذكر المؤرخون من نفائس القصر وذخائره مالا نطيل بذكره وانتقل الملك العادل سيف الدين أبو بكر إلى القصر بمرسوم أخيه فاستقر في نيابة السلطان وكتبت الكتب إلى بغداد بالبشارة وأعاد الجواب والخلعة الفائقة العباسية إلى السلطان صلاح الدين
"""
صفحة رقم 357 """
وفيها قال ابن الأثير حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين وذلك أن نور الدين أرسل إليه يأمر بجمع الجيش والمسير لمنازلة الكرك ليجيء هو بجيشه ويحاصرانها فكتب إلى نور الدين يعرفه أنه قادم فرحل على قصد الكرك وأتاها وانتظر وصوله فأتاه كتابه يعتذر باختلال البلاد فلم يقبل عذره وكان خواص صلاح الدين خوفوه من الاجتماع به وهم نور الدين بالدخول إلى مصر وإخراج صلاح الدين عنها فبلغ ذلك صلاح الدين فجمع أهله وأباه وخاله الأمير شهاب الدين الحارمي وسائر الأمراء وأطلعهم على نية نور الدين واستشارهم فسكتوا فقال ابن أخيه تقي الدين عمر إذا جاء قاتلناه ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب واحتد وكان ذا رأي ومكر وقال لتقي الدين اسكت وزبره وقال لصلاح الدين أنا أبوك وهذا خالك أتظن أن في هؤلاء من يريد لك الخير مثلنا فقال لا فقال والله لو رأيت أنا وهذا نور الدين لم يمكنا إلا أن ننزل ونقبل الأرض ولو أمرنا بضرب عنقك لفعلنا فما ظنك بغيرنا فكل من تراه من الأمراء لو رأى نور الدين لما وسعه إلا الترجل وهذه البلاد له وإن أراد عزلك فأي حاجة له إلى المجيء بل يطلبك بكتاب
وتفرقوا وكتب أكثر الأمراء لنور الدين بمأتم ولما خلا بولده قال أنت جاهل تجمع هذا الجمع وتطلعهم على سرك ولو قصدك نور الدين لم تر أحدا منهم ثم كتب إلى نور الدين بإشارة والده نجم الدين يخضع له ففتر عنه
"""
صفحة رقم 358 """
ثم دخلت سنة ثمان وستين وخمسمائة
فأرسل السلطان فيها قراقوش مملوك ولد أخيه تقي الدين عمر إلى جبال نفوسه ومعه طائفة من الأتراك فلما وصل إلى الجبال استصحب معه منها بعض المتقدمين ونزل على طرابلس الغرب فحاصرها ثم فتحت فاستولى عليها قراقوش وسكنها وكثرت عساكره
وفيها جهز السلطان شمس الدولة إلى برقة فافتتحها على يد غلام له تركي
ثم بلغ السلطان أمر ابن مهدي الخارج باليمن وما هو عليه من اختلال العقيدة فجهز أخاه شمس الدولة فافتتح اليمن وتملكها
ثم سار السلطان بنفسه من مصر يريد اقتلاع مدينة الكرك من الفرنج وبدأ بها لقربها إليه وكان من الوهن في الإسلام والعظمة في الدين استيلاء الملاعين على الكرك وعلى قلعة أيلة فإنهم يمنعون الحاج وأشد من ذلك ما يخشى على الحرمين الشريفين منهم إذ لم يكن بينهم وبينهما حاجز غير لطف الله وقصدوهما مرات ثم يندفعون بمشيئة الله من غير دفاع من البشر وكانت الكرك تزيد على قلعة أيلة بمنع القوافل السائرة بين الشام ومصر فإنها كانت الدرب وأما غزة والرملة وما حواليهما فكان الفرنج لا يمكنون مسلما أن يمر بهما فورد عليهما وحاصرهما وقاتل الفرنج ولم يفتحهما في هذه السنة ورجع إلى مصر
ثم دخلت سنة تسع وستين وخمسمائة
قال ابن الأثير جهز السلطان أخاه توران شاه إلى بلاد النوبة فافتتح منها ما شاء الله فلما عاد جهزه إلى اليمن بقصد عبد النبي صاحب زبيد فطرده عن اليمن وملك زبيد وأسر عبد النبي وزوجته الحرة وكانت صالحة كثيرة الصدقة وعذب عبد النبي واستخرجت منه أمواله
ثم سار توران شاه إلى عدن وملكها ياسر فأسر وهزم
ثم سار فافتتح
"""
صفحة رقم 359 """
من حصون اليمن قلعة تعرف بقلعة الجند قال أبو المظفر بن الجوزي يقال افتتح ثمانين حصنا ومدينة باليمن وما حواليها
وقد تقدم في السنة قبلها إرسال تورانشاه وهو شمس الدولة إلى اليمن ووقعة النوبة فقتل والله أعلم في أي السنتين كان إرساله
وفي هذه السنة وصل الموفق ابن القيسراني إلى مصر رسولا من الملك نور الدين يطالب السلطان صلاح الدين بحساب جميع ما حصله من أرياع البلاد ولم يعلم نور الدين بتفاصيل علو شأن صلاح الدين وأنه مستول على أعظم ما في يد نور الدين فصعب ذلك على صلاح الدين وقيل إنه أراد شق العصا ثم ذكر لنور الدين حقوقه وإحسانه وأمر النواب بالحساب وعرضه على ابن القيسراني وأراه جرائد العساكر بالإقطاعات وأعاده إلى نور الدين ومعه الفقيه عيسى وهدية عظيمة وهي ختمة بخط ابن البواب وختمه بخط مهلهل وختمه بخط الحاكم البغدادي وربعة مكتوبة بالذهب بخط فارسي وربعة عشرة أجزاء بخط راشد وثلاثة أحجار بلخش وستة قضبان زمرد وقطعة ياقوت وزن سبعة مثاقيل وحجر أزرق ستة مثاقيل ومائة عقد جوهر وزنها ثمانمائة وسبعة وخمسون مثقالاوخمسون قارورة دهن بلسان وعشرون قطعة
"""
صفحة رقم 360 """
بلور وأربع عشرة قطعة جزع وإبريق يشم وطشت يشم وصحون صيني وزبادي أربعون وكرتان عود قماري وزن إحداهما ثلاثون رطلا بالمصري والأخرى أحد وعشرون ومائة ثوب أطلس وأربعة وعشرون بقيارا مذهبة وخمسون ثوب حرير وحلة فلفي مذهب وحلة مرايش صفراء وغير ذلك من القماش الذي يكثر عده وقيمة القماش على ما ذكر مائتان وخمس وعشرون ألف مثقال ذهب ومن الخيل والبغال والجواري والسلاح شيء كثير ومن المال خمسة أحمال ولم يصل شيء من ذلك إلى نور الدين لأنه مات قبل وصوله
ولما مات نور الدين طمعت الفرنج وتحركوا بالسواحل وسلطن الشاميون الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين وكان عمره نحو عشر سنين فاستنجد بالسلطان صلاح الدين صاحب مصر ونزل الفرنج على بانياس وصالحهم أمراء دمشق على مال وأسارى يطلقون فلما بلغ ذلك صلاح الدين انزعج له وكتب إلى الشاميين يوبخهم وكتب إلى شيخ الشافعية شرف الدين ابن أبي عصرون يخبره أنه لما أتاه كتاب الملك الصالح تجهز للجهاد وخرج وسار أربع مراحل فجاءه الخبر بالهدنة المؤذنة بذل الإسلام على يد من اقتلعها
"""
صفحة رقم 361 """
من دفع القطيعة والأسارى وسيدنا الشيخ أول من جرد لسانه الذي تغمد له السيوف وتجرد
ولما بالغ صلاح الدين في توبيخ الأمراء وكان ابن المقدم أكبر أمراء دمشق خشى من قدوم صلاح الدين إلى الشام وأشاع أن صلاح الدين يريد انتزاع دمشق من ولد مخدومه نور الدين وكتب إلى صلاح الدين لا يقال عنك إنك طمعت في بيت من غرسك ورباك وأسسك وفي دست ملك مصر أجلسك ثم تعطف له وترفق ويقول وما يليق بحالك غير فضلك واتصالك
فكتب إليه صلاح الدين إنا لا نؤثر للإسلام وأهله إلا ما جمع شملهم وألف كلمتهم ولا نختار للبيت الأتابكي أعلاه الله إلا ما حفظ أصله وفرعه فالوفاء إنما يكون بعد الوفاة ونحن في واد والظانون بنا سوء الظن في واد
ثم دخلت سنة سبعين وخمسمائة
وقد تزايد طمع الفرنج في دمشق بموت نور الدين فرأى صلاح الدين من الحزم جمع المسلمين على سلطان واحد يقيم الملة وينصر الشريعة وإنه ذلك الواحد الذي تعقد عليه الخناصر وأن الإسلام محتاج إليه وصار الحاسدون والجاهلون بأحكام الشريعة يعيبون منه قصده لأخذ دمشق ويقولون كيف يسلب ولد أستاذه نعمته وينزع ملكه وهم كما قال في واد فإنه فيما يغلب على الظنون الصادقة إنما قصد لم شعث
"""
صفحة رقم 362 """
الإسلام وقيام الدين وظهر ذلك على يده من بعد فخرج من مصر بجيوش لا يحصى عددها واستخلف أخاه الملك العادل نائبا بها ووصل إلى بصرى رابع عشري ربيع الآخر فخرج إليه صاحبها منقادا لخدمته ثم تتابع عسكر الشام ملاقين مستبشرين ونزل بجسر الخشب في الثامن والعشرين وقد تكاثرت العساكر وازدحم الملاقون وأصبح لدخول دمشق فعارضه عدد من الرجال فدعستهم عساكره المنصورة وصدمتهم خيوله وعزماته المأمورة ودخل البلد وملكها بلا قتال ونادى من ساعته بإطابة النفوس وإزالة المكوس وكانت الولاية في دمشق قد ساءت والمكوس التي رفعها نور الدين قد أعيدت فأعاد صلاح الدين الحق إلى نصابه وصارت دمشق مثل مصر وكلاهما في مملكته
ثم خرج إلى حمص فنازلها ونصب المجانيق على قلعتها ولم يملكها وترحل عنها إلى حماة فملكها في جمادى الآخرة ثم سار إلى حلب وحاصرها إلى آخر الشهر وبها الصالح إسماعيل ولد نور الدين واشتد بها الحصار وهذه هي الفعلة التي نقمت على صلاح الدين فالله أعلم بنيته وأنه أساء العشرة في حق الصالح ابن نور الدين بحيث استعان الصالح عليه بالباطنية ووعدهم بالأموال فقتلوا من أمراء صلاح الدين الأمير خمارتكين وخلقا وجرحوا صلاح الدين ثم أمسكهم وقتلهم عن آخرهم ورجع إلى حمص فحاصرها بقية رجب وتسلمها بالأمان في شعبان ثم عطف إلى بعلبك فاستلمها ثم رد إلى حمص وقد اجتمع عسكر حلب وكتبوا إلى صاحب الموصل يستعينون به على صلاح الدين فجهز إليهم جيشه وأمدهم بأخيه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي فأقبل الكل إلى حماة وقد استقرت لصلاح الدين فحاصروها فسار إليهم صلاح الدين
"""
صفحة رقم 363 """
فالتقاهم على قرون حماه فكسرهم أقبح كسرة ثم سار إلى حلب فوقع الصلح بينه وبين ابن زنكي على أن يكون له آخر بلد حماة والمعرة وأن يكون لولد نور الدين حلب وجميع أعمالها وتحالفوا ورد إلى حماة وجاءته رسل الخليفة المستضيء بالخلع والهدايا والتهنئة بالملك ثم سار إلى حصن بارين فحاصره ثم تسلمه
ثم دخلت سنة إحدى وسبعين وخمسمائة
وفيها كان وقعة تل السلطان بنواحي حلب وذلك أن عسكر الموصل نكثوا أيمانهم ووافوا تل السلطان في جموع كثيرة وعليهم السلطان سيف الدين غازي ابن مودود بن زنكي فالتقاهم السلطان صلاح الدين في جمع قليل فهزمهم وأسر كثيرا منهم وحقن الدماء ثم أحضر الأمراء الذين أسرهم فمن عليهم وأطلقهم
ثم سار صلاح الدين إلى منبج وأخذها في شوال من ينال بن حسان المنبجي وكان نور الدين قد أعطاها لينال عندما انتزعها من أخيه غازي بن حسان وصعد الحصن وجلس يستعرض أموال ابن حسان صاحبها وذخائر فكانت ثلاثمائة ألف دينار ومن أواني الذهب والفضة والذخائر والأسلحة ما يناهز ألفي ألف دينار ورأى على بعض الأكياس والآنية مكتوبا يوسف فسأل عن هذا الاسم فقيل ولد له يحبه اسمه يوسف وكان يدخر له هذه الأموال فقال السلطان أنا يوسف وقد أخذت ما خبىء لي
"""
صفحة رقم 364 """
ثم سار إلى عزاز فنازل قلعتها ثمانية وثلاثين يوما وقفز عليه وهو محاصرها قوم من الفداوية وجرح في فخذه وأخذوا فقتلوا ثم افتتح عزاز
ومن كتاب منه إلى أخيه العادل ولم ينلني من الحشيشي الملعون إلا خدش قطرت منه دم قطرات خفيفة انقطعت لوقتها واندملت لسعاعتها
ثم سار من عزاز فنازل مدينة حلب كرة أخرى في نصف ذي الحجة وقامت القلعة في حفظها بكل ممكن وصابرها صلاح الدين شهرا
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة
وفيها ترددت الرسل في الصلح بين السلطان صلاح الدين والملك الصالح إسماعيل ابن نور الدين فرحل صلاح الدين عن حلب وأبقاها لابن نور الدين ورد عليه عزاز وتوجه إلى مصياف بلد الباطنية فنصب عليها المجانيق وأباح قتلهم وخرب بلادهم فتشفعوا بصاحب حماة شهاب الدين خال السلطان فسأل السلطان الصفح عنهم وتوجه عائدا إلى مصر فوصلها وأمر ببناء السور الأعظم المحيط بمصر والقاهرة وجعل على بنايته الأمير قراقوش ولم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين وصرفت عليه أموال جزيلة
"""
صفحة رقم 365 """
وفيها أمر بإنشاء قلعة الجبل المقطم التي هي الآن دار سلاطين مصر وجعل على بنائها أيضا قراقوش ولم يكن السلاطين قبلها يسكنون إلا دار الوزارة بالقاهرة
ثم سافر إلى الإسكندرية وتردد إلى السلفي فسمع منه الحديث ثم عاد إلى مصر وبنى تربة الشافعي رضي الله عنه
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة
وفيها كانت وقعة الرملة
سار السلطان من القاهرة إلى عسقلان فسبى من الفرنج كثيرا وغنم وسار إلى الرملة وقد تجمعت عليه الفرنج وحملوا على المسلمين فانهزموا وثبت السلطان وابن أخيه تقي الدين عمر ودخل الليل واحتوى الفرنج على أثقال المسلمين واستشهد من المسلمين جماعة منهم أحمد ولد تقي الدين عمر ولم يبق للمسلمين قدرة على ماء ولا زاد وتعسفوا الرمال راجعين إلى مصر
وفي هذه الواقعة أسر الفقيه عيسى الهكاري أكبر الأمراء فافتداه السلطان بستين ألف دينار
ودخل السلطان القاهرة بعد ثلاثة عشر يوما وتواصلت خلفه العساكر ثم عاد السلطان إلى الشام
ودخلت سنة أربع وسبعين وخمسمائة
وفيها اجتمعت الفرنج عند حصن الأكراد فسار إليهم السلطان ولم يقع قتال ثم أغاروا على أعمال دمشق وجهز لحربهم فرخشاه ابن أخي السلطان فالتقاهم وكسرهم وقتل من مقدميهم جماعة منهم هنفري
قال ابن الأثير وما أدراك ما هنفري به كان يضرب المثل في الشجاعة
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة
وفيها ضربت الطبول ببغداد وزفت البشائر بانتصار السلطان صلاح الدين على الفرنج وأسره لصاحب الرملة وصاحب طبرية الكافرين وهي وقعة مرج العيون
"""
صفحة رقم 366 """
ومن حديثها أن صلاح الدين كان نازلا تل بانياس ببيت بسراياه فلما استهل المحرم ركب فرأى راعيا فسأله عن الفرنج فأخبره بقربهم فعاد إلى مخيمه وأمر الجيش بالركوب فركبوا وسار بهم حتى أشرف على الفرنج وهم في ألف قنطارية وعشرة آلاف مقاتل فارس وراجل فحملوا على المسلمين فثبتوا لهم وحملت المسلمون عليهم فولوا الأدبار فقتل أكثرهم وأسر منهم مائتان وسبعون أسيرا منهم بادين وأود مقدم الداوية وابن القومصة وأخوا صاحب جبيل وابن صاحب مرقية وصاحب طبرية فأما بادين بن بيرزان فاستفك نفسه بمبلغ وبألف أسير من المسلمين واستفك الآخر نفسه بجملة وأما أود فجن في حبس قلعة دمشق وانهزم من الوقعة ملكهم مجروحا وأبلى في هذه الوقعة عز الدين فرخشاه بلاء حسنا
واتفق أنه في يوم الوقعة ظفر أسطول مصر ببطستين وأسروا ألف نفس فلله الحمد على نصره
وكان قليج أرسلان سلطان الروم طلب حصن رعبان وزعم أنه من بلاده وإنما أخذه منه نور الدين على خلاف مراده وأن ولده الصالح إسماعيل قد أنعم به عليه فلم يفعل السلطان فأرسل قليج عشرين ألفا لحصار الحصن فالتقاهم تقي الدين عمر صاحب حماة
"""
صفحة رقم 367 """
ومعه سيف الدين علي المشطوب في ألف فارس فهزمهم لأنه حمل عليهم بغتة وهم على غير تعبية فضربت كوساته وعمل عسكره كراديس فلما سمعت الروم الضجة ظنوا أنهم قد دهمهم جيش عظيم فركبوا خيولهم عريا وطلبوا النجاة وتركوا الخيام بما فيها وأسر منهم عددا ثم من عليهم بأموالهم وسرحهم ولم يزل تقي الدين يدل بهذه النصرة ولا ريب أنها عظيمة
وورد بغداد رسول صلاح الدين وهو مبارز الدين كشطغاي وجلس له ظهير الدين أبو بكر ابن العطار وبين يديه أرباب الدولة فجاء وبين يديه اثنا عشر أميرا عليهم الخوذ والزرديات ومع كل واحد قنطارية وعلى كتفه طارقة ملك الفرنج على القنطاريات سعف الفرنج وبين يديه أيضا من التحف والنفائس من ذلك صنم حجر طويل ذراعين فيه صناعة عجيبة قد جعل سبابته على شفته كالمتبسم عجبا ومن ذلك صينية ملآنة جواهر وضلع آدمي نحو سبعة أشبار في عرض أربع أصابع وضلع سمكة طوله عشرة أذرع في عرض ذراعين
وفيها جهز السلطان القاضي أبا الفضائل بن الشهرزوري إلى الخليفة ببغداد أيضا بجواهر مثمنة وعشرة أسرى من الفرنج
ثم دخلت سنة ست وسبعين وخمسمائة
وفيها توجه السلطان قاصدا بلاد الأرمن وبلاد الروم ليحارب قليج أرسلان بن مسعود ابن قليج أرسلان عندما استجار محمد بن أرسلان بن داود صاحب حصن كيفا بالسلطان على حموة قليج المذكور ثم صلح الحال بينهما فنزل السلطان على حصن من بلاد الأرمن فأخذه وهدمه ثم رجع فعند وصوله إلى حمص جاءه التقليد والخلع من الخليفة الناصر فركب بها بحمص وكان يوما مشهودا وجاء إلى دمشق وولى عز الدين فرخشاه
"""
صفحة رقم 368 """
نيابة السلطنة بالشام وهو ابن أخيه ثم توجه السلطان إلى مصر وتوجه منها إلى الإسكندرية وشاهد ما تجدد بها من السور وسمع بها الموطأ على أبي الطاهر ابن عوف
ثم دخلت سنة سبع وسبعين وخمسمائة
وفيها قصد نائب الشام عز الدين فرخشاه بمرسوم السلطان بلاد الكرك بالعساكر فخربها وذلك عندما بلغ السطان أن اللعين صاحب الكرك سولت له نفسه قصد المدينة الشريفة ليتملكها فما نهبت بلاده عاد بالخيبة
وفيها ظهرت الوحشة بين الخليفة الناصر والسلطان وذلك أن السلطان لما اشتهر اسمه بالعدل وشدة الوطأة وخافته النفوس الفاجرة واستبشرت به الأرواح الطاهرة وحسده ملوك الأطراف وأحبوا أن يوقعوا بينه وبين الخليفة سولوا للخليفة أمورا أوجبت أن يكتب للسلطان يأخذ عليه في أشياء منها تسميته بالملك الناصر مع علمه أن الإمام اختار هذه التسمية لنفسه وهذه الواحدة على ندورتها مدفوعة بأن السلطان لقب بالناصر من أيام الخليفة المستضيء قبل أن يلي الناصر الخلافة فكتب له السلطان جوابا فاضليا منه والخادم ولله الحمد يعدد سوابق في الإسلام والدولة العباسية لا يعدها أولية أبي مسلم لأنه والي ثم وارى ولا آخرية طغرلبك لأنه نصر ثم حجر
والخادم بحمد الله خلع من كان ينازع الخلافة رداءها وأساغ الغصة التي ذخر الله للإساغة في سيفه ماءها فرجل الأسماء الكاذبة الراكبة على المنابر وأعز بتأييد إبراهيمي فكسر الأصنام الباطنة بسيفه الظاهر لا الساتر وفعل وما فعل للدنيا ولا معنى للاعتداد بما هو متوقع الجزاء عنه في اليوم الآخر
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وخمسمائة
فيها افتتح السلطان حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة وآمد
"""
صفحة رقم 369 """
ونازل الموصل وحاصرها وبهره ما رأى من حصانتها وجاءه شيخ الشيوخ صدر الدين من قبل الخليفة يتشفع في صاحب الموصل فرحل عنها
وفيها بعث السلطان أخاه سيف الإسلام طغتكين على نيابة السلطنة بإقليم اليمن بأسره وأمره بإخراج نواب أخيه توران شاه بها فرحل إليها وقبض على متولي زبيد حطان بن منقذ وأخذ منه أموالا جزيلة وسكن سيف الإسلام في اليمن
وفيها مات عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه ابن أيوب نائب الشام فبعث السلطان على نيابة دمشق شمس الدين محمد بن المقدم
وفيها خرج السلطان بنفسه من مصر غازيا وما تهيأ له العود إليها وقد عاش بعد ذلك اثنتى عشرة سنة
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وخمسمائة
ورسل الخليفة في كل سنة تجيء غير مرة بالتودد ظاهرا واستعلام أخبار السلطان باطنا فلا يرون إلا إماما عادلا لا يصطلى له بنار وغضنفرا باسلا لا يقوم لغضبه إلا الواحد القهار وكتب له السلطان كتابا فاضليا فيه من أخبار الفرنج كان الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا وافتضوا من البحر بكراذ وعمروا مراكب حربية شحنوها بالمقاتلة والأسلحة آخر الطبقة الخامسة==يليه ما بعده بمشيئة الله =

ج8------""" صفحة رقم 5 """
الطبقة السادسة فيمن توفي بين الستمائة والسبعمائة
1040
أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن جعفر بن أحمد بن هشام الأموي علم الدين القمني
الفاضل الذكي الذي كان يقال إنه إذا سمع قصيدة حفظها ويحكى عنه في هذا النوع عجائب
مولده سنة ثمان وعشرين وستمائة
سمع الحديث من ابن الجميزي وكان معيدا بالمدرسة الظاهرية
توفي بالقاهرة سنة ست وثمانين وستمائة
1041
أحمد بن إبراهيم بن حيدرة القرشي القاهري الشيخ علم الدين
الفقيه الأديب والد شيخنا شمس الدين محمد بن أحمد بن القماح
سمع الحديث من ابن الجميزي والحافظ المنذري وغيرهما وكان يدرس بمدرسة ابن زين التجار بمصر
"""
صفحة رقم 6 """
ومن شعره
رفقا بها فشوقها قد ساقها
يا حبذا الوادي الذي قد شاقها
حجازها من حبها قد شاقها
وفي هوى نجد حدت عراقها
توفي سنة خمس وتسعين وستمائة
1042
أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج بن أحمد بن سابور أبو العباس الواسطي الشيخ عز الدين الفاروثي
ولد بواسط في ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة وقرأ القرآن على والده وعلى الحسين بن أبي الحسن بن ثابت الطيبي
وسمع ببغداد من عمر بن كرم الدينوري والشيخ شهاب الدين السهروردي وأبي الحسن القطيعي وأبي علي الحسن بن الزبيدي وأبي المنجا بن اللتي
"""
صفحة رقم 7 """
والأنجب بن أبي السعادات وأبي الحسن بن روزبة وخلق وبواسط من أبي العباس أحمد بن أبي الفتح بن المندآئي والمرجي بن شقير وبأصبهان من الحسين بن محمود الصالحاني وبدمشق من إسماعيل بن أبي اليسر وغيره
وحدث بالحرمين والعراق ودمشق وكان فقيها مقرئا عابدا زاهدا صاحب أوراد
قدم دمشق من الحجاز بعد مجاورة مدة سنة تسعين تولى مشيخة الحديث بالظاهرية وإعادة الناصرية وتدريس النجيبية ثم ولي خطابة الجامع ثم عزل منها فسافر إلى واسط وبها توفي
"""
صفحة رقم 8 """
وقيل له لما قدمها كيف تركت الأرض المقدسة فقال رأيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يقول تحول إلى واسط لتموت بها وتدفن عند والدك
توفي في مستهل ذي الحجة سنة أربع وتسعين وستمائة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه قال حكى لنا صاحبنا ابن يونس الواسطي المقري أن الشيخ عز الدين أظهر أنه يريد سفرا وطلب الأصحاب وبقي يقول قد عرض لنا سفر فاجعلونا في حل فيتعجبون وقال لهم أريد السفر إلى شيراز يوم الثلاثاء وأظنني أموت ذلك اليوم فمات يومئذ
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أن علاء الدين الكندي ذكر له أن الشيخ عز الدين الفاروثي شاهد بالعراق رجلا مكث سنين لا يأكل ولا يشرب
قال شيخنا أبو عبد الله وقد حدثني عدد أثق بهم أن امرأة كانت بالأندلس بقيت نحوا من عشرين سنة لا تأكل شيئا وأمرها مشهور
ذكر شيخنا ذلك في ترجمة أبي العباس عيسى بن محمد بن عيسى الطهماني اللغوي وقد أورد ما ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخ نيسابور من أنه سمع أبا زكريا العنبري يقول سمعت أبا العباس فذكر قصة المرأة التي لا تأكل ولا تشرب
قلت وأنا مورد هذه القصة لغرابتها من تاريخ الحاكم وآت بها على الصورة التي ذكرها فأقول قال الحاكم سمعت أبا زكرياء يحيى بن محمد العنبري يقول سمعت أبا العباس عيسى بن محمد بن عيسى الطهماني المروزي يقول إن الله سبحانه وتعالى يظهر إذا شاء ما شاء من الآيات والعبر في بريته فيزيد الإسلام بها عزا وقوة ويؤيد ما أنزل من الهدى والبينات وينشر أعلام النبوة ويوضح دلائل الرسالة ويوثق عرى الإسلام ويثبت حقائق الإيمان منا منه على أوليائه وزيادة في البرهان بهم
"""
صفحة رقم 8 """
يوم الاثنين والخميس وابن الرفعة كان ساكنا بمصر وقاضي القضاة تقي الدين بالقاهرة
1072
محمد بن الحسين بن عبد الرحمن الأنصاري
الشيخ الفقيه الصالح الورع الزاهد أبو الطاهر المحلي خطيب جامع مصر العتيق وهو جامع عمرو بن العاص رضي الله عنه
قدم من المحلة إلى مصر وتفقه بها على الشيخ تاج الدين محمد بن هبة الله الحموي واختص بصحبته وعلى أبي إسحاق العراقي شارح المهذب وعلى ابن زين التجار هؤلاء الثلاثة أشياخه في الفقه
وسمع الحديث من إبراهيم بن عمر الإسعردي وغيره
"""
صفحة رقم 9 """
وحجة على من عند عن طاعته وألحد في دينه ) ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ( فله الحمد لا إله إلا هو ذو الحجة البالغة والعز القاهر والطول الباهر وصلى الله على سيدنا محمد نبي الرحمة ورسول الهدى وعليه وعلى آله الطاهرين السلام ورحمة الله وبركاته
وإن مما أدركناه عيانا وشاهدناه في زماننا وأحطنا علما به فزادنا يقينا في ديننا وتصديقا لما جاء به نبينا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ودعا إليه من الحق فرغب فيه من الجهاد من فضيلة الشهداء وبلغ عن الله عز وجل فيهم إذ يقول جل ثناؤه ) ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين ( أني وردت في سنة ثمان وثلاثين ومائتين مدينة من مدائن خوارزم تدعى هزاراسب وهي في غربي وادي جيحون ومنها إلى المدينة العظمى مسافة نصف يوم فخبرت أن بها امرأة من نساء الشهداء رأت رؤيا كأنها أطعمت في منامها شيئا فهي لا تأكل شيئا ولا تشرب شيئا منذ عهد أبي العباس بن طاهر والي خراسان وكان توفي قبل ذلك بثمان سنين رضي الله عنه ثم مررت بتلك المدينة سنة اثنتين وأربعين ومائتين فرأيتها وحدثتني بحديثها فلم أستقص عليها لحداثة سني ثم إني عدت إلى خوارزم في آخر سنة اثنتين وخمسين ومائتين فرأيتها باقية ووجدت حديثها شائعا مستفيضا وهذه المدينة على مدرجة القوافل وكان الكثير ممن نزلها إذا بلغهم قصتها أحبوا أن ينظروا إليها فلا يسألون عنها رجلا ولا امرأة ولا غلاما إلا
"""
صفحة رقم 10 """
عرفها ودل عليها فلما وافيت الناحية طلبتها فوجدتها غائبة على عدة فراسخ فمضيت في أثرها من قرية إلى قرية فأدركتها بين قريتين تمشي مشية قوية وإذا هي امرأة نصف جيدة القامة حسنة البدن ظاهرة الدم متوردة الخدين ذكية الفؤاد فسايرتني وأنا راكب فعرضت عليها مركبا فلم تركبه وأقبلت تمشي معي بقوة وحضر مجلسي قوم من التجار والدهاقين وفيهم فقيه يسمى محمد بن حمدويه الحارثي وقد كتب عنه موسى بن هارون البزار بمكة وكمل له عبادة ورواية للحديث وشاب حسن يسمى عبد الله بن عبد الرحمن وكان يخلف أصحاب المظالم بناحيته فسألتهم عنها فأحسنوا الثناء عليها وقالوا عنها خيرا وقالوا إن أمرها ظاهر عندنا فليس فيها من يختلف فيها
قال المسمى عبد الله بن عبد الرحمن أنا أسمع حديثها منذ أيام الحداثة ونشأت والناس يتفاوضون في خبرها وقد فرغت بالي لها وشغلت نفسي للاستقصاء عليها فلم أر إلا سترا وعفافا ولم أعثر منها على كذب في دعواها ولا حيلة في التلبيس وذكر أن من كان يلي خوارزم من العمال كانوا فيما خلا يستخصونها ويحضرونها الشهر والشهرين والأكثر في بيت يغلقونه عليها ويوكلون بها من يراعيها فلا يرونها تأكل ولا تشرب ولا يجدون لها أثر بول ولا غائط فيبرونها ويكسونها ويخلون سبيلها
فلما تواطأ أهل الناحية على تصديقها استقصصتها عن حديثها وسألتها عن اسمها وشأنها كله فذكرت أن اسمها رحمة بنت إبراهيم وأنه كان لها زوج نجار فقير معيشته من عمل يده يأتيه رزقه يوما ويوما لا فضل في كسبه عن قوت أهله وأنها ولدت منه عدة أولاد وجاء الأقطع ملك الترك إلى القرية فعبر الوادي عند جموده إلينا في زهاء ثلاثة آلاف فارس وأهل خوارزم يدعونه كسرة
"""
صفحة رقم 11 """
وقال أبو العباس والأقطع هذا فإنه كان كافرا عاتيا شديد العداوة للمسلمين قد أثر على أهل الثغور والح على أهل خوارزم بالسبي والقتل والغارات وكانت ولاة خراسان يتألفونه وأنسابه من عظماء الأعاجم ليكفوا غارتهم عن الرعية ويحقنوا دماء المسلمين فيبعثون إلى كل واحد منهم بأموال وألطاف كثيرة وأنواع من فاخر الثياب وأن هذا الكافر انساب في بعض السنين على السلطان ولا أدري لم ذاك أستبطأ المبار عن وقتها أم استقل ما بعث إليه في جنب ما بعث إلى نظرائه من ملوك الجريجية والثغرغدية
فأقبل في جنوده وتورد الثغر واستعرض الطرق فعاث وأفسد وقتل ومثل فعجزت عنه خيول خوارزم وبلغ خبره أبا العباس عبد الله بن طاهر رحمه الله فأنهض إليهم أربعة من القواد طاهر بن إبراهيم بن مدرك ويعقوب بن منصور بن طلحة وميكال مولى طاهر وهارون القباض وشحن البلد بالعساكر والأسلحة ورتبهم في أرباع البلد كل في ربع فحموا الحريم بإذن الله تعالى
ثم إن وادي جيحون وهو الذي في نهر بلخ جمد لما اشتد البرد وهو واد عظيم شديد الطغيان كثير الآفات وإذا امتد كان عرضه نحوا من فرسخ وإذا جمد انطبق فلم يوصل منه إلى شيء حتى يحفر فيه كما تحفر الآبار في الصخور وقد رأيت كثيف الجمد عشرة أشبار وأخبرت أنه كان فيما مضى يزيد على عشرين شبرا وإذا هو انطبق صار الجمد جسرا لأهل البلد تسير عليه العساكر والعجل والقوافل فينطم ما بين الشاطئين وربما دام الجمد مائة وعشرين يوما وإذا قل البرد في عام بقي سبعين يوما إلى نحو ثلاثة أشهر
"""
صفحة رقم 12 """
قالت المرأة فعبر الكافر في خيله إلى باب الحصن وقد تحصن الناس وضموا أمتعتهم فضجوا بالمسلمين وخربوهم فحصر من ذلك أهل الناحية وأرادوا الخروج فمنعهم العامل دون أن تتوافى عساكر السلطان وتتلاحق المطوعة فشد طائفة من شبان الناس وأحداثهم فتقاربوا من السور بما أطاقوا حمله من السلاح وحملوا على الكفرة فتهارج الكفرة واستجروهم من بين الأبنية والحيطان فلما أصحروا كر الترك عليهم وصار المسلمون في مثل الحرجة فتخلصوا واتخذوا دارة يحاربون من ورائها وانقطع ما بينهم وبين الخصم وبعدت المؤنة عنهم فحاربوا كأشد حرب وثبتوا حتى تقطعت الأوتار والقسي وأدركهم التعب ومسهم الجوع والعطش وقتل عامتهم وأثخن الباقون بالجراحات ولما جن عليهم الليل تحاجز الفريقان
قالت المرأة ورفعت النار على المناظر ساعة عبور الكافر فاتصلت بالجرجانية وهي مدينة عظيمة في قاصية خوارزم وكان ميكال مولى طاهر من أبياتها في عسكر فحث في الطلب هيبة للأمير أبي العباس عبد الله بن طاهر رحمه الله وركض إلى هزاراسب في يوم وليلة أربعين فرسخا بفراسخ خوارزم وفيها فضل كثير على فراسخ خراسان وعد الترك الفراغ من أمر أولئك النفر فبينما هم كذلك إذ ارتفعت لهم الأعلام السود وسمعوا أصوات الطبول فأفرجوا عن القوم ووافى ميكال موضع المعركة فوارى القتلى وحمل الجرحى
"""
صفحة رقم 13 """
قالت المرأة وأدخل الحصن علينا عشية ذلك أربعمائة جنازة فلم تبق دار إلا حمل إليها قتيل وعمت المصيبة وارتجت الناحية بالبكاء
قالت ووضع زوجي بين يدي قتيلا فأدركني من الجزع والهلع علية ما يدرك المرأة الشابة على زوج أبي الأولاد وكانت لنا عيال
قالت فاجتمع النساء من قراباتي والجيران يسعدنني على البكاء وجاء الصبيان وهم أطفال لا يعقلون من الأمر شيئا يطلبون الخبز وليس عندي ما أعطيهم فضقت صدرا بأمري ثم إني سمعت أذان المغرب ففزعت إلى الصلاة فصليت ما قضى لي ربي ثم سجدت أدعو وأتضرع إلى الله وأسأله الصبر بأن يجبر يتم صبياني
قالت فذهب بي النوم في سجودي فرأيت في منامي كأني في أرض حسناء ذات حجارة وأنا أطلب زوجي فناداني رجل إلى أين أيتها الحرة قلت أطلب زوجي فقال خذي ذات اليمين قالت فأخذت ذات اليمين فرفع لي أرض سهلة طيبة الري ظاهرة العشب وإذا قصور وأبنية لا أحفظ أن أصفها أو لم أر مثلها وإذا أنهار تجري على وجه الأرض عبر أخاديد ليست لها حافات فانتهيت إلى قوم جلوس حلقا حلقا عليهم ثياب خضر قد علاهم النور فإذا هم الذين قتلوا في المعركة يأكلون على موائد بين أيديهم فجعلت أتخللهم وأتصفح وجوههم أبغي زوجي لكي ينظرني فناداني يا رحمة يا رحمة فيممت الصوت فإذا أنا به في مثل حال من رأيت من الشهداء وجهه مثل القمر ليلة البدر وهو يأكل مع رفقة له قتلوا يومئذ معه فقال لأصحابه إن هذه البائسة جائعة منذ اليوم أفتأذنون لي أن أناولها شيئا تأكله فأذنوا له فناولني كسرة خبز قالت وأنا أعلم حينئذ أنه خبز ولكن لا أدري كيف يخبز هو أشد بياضا
"""
صفحة رقم 14 """
من الثلج واللبن وأحلى من العسل والسكر وألين من الزبد والسمن فأكلته فلما استقر في جوفي قال اذهبي كفاك الله مؤنة الطعام والشراب ما حييت الدنيا فانتبهت من نومي شبعى ريا لا أحتاج إلى طعام ولا شراب وما ذقتهما منذ ذلك اليوم إلى يومي هذا ولا شيئا يأكله الناس
قال أبو العباس وكانت تحضرنا وكنا نأكل فتتنحى وتأخذ على أنفها تزعم أنها تتأذى من رائحة الطعام فسألتها هل تتغذى بشيء أو تشرب شيئا غير الماء فقالت لا
فسألتها هل يخرج منها ريح أو أذى كما يخرج من الناس فقالت لا عهد لي بالأذى منذ ذلك الزمان
قلت والحيض و أظنها قالت انقطع بانقطاع الطعم
قلت فهل تحتاجين حاجة النساء إلى الرجال قالت أما تستحيي مني تسألني عن مثل هذا قلت إني لعلي أحدث الناس عنك ولا بد أن استقصي قالت لا أحتاج
قلت فتنامين قالت نعم أطيب نوم
قلت فما ترين في منامك قالت مثل ما ترون
قلت فتجدين لفقد الطعام وهنا في نفسك قالت ما أحسست بجوع منذ طعمت ذلك الطعام
وكانت تقبل الصدقة فقلت لها ما تصنعين بها قالت أكتسي وأكسو ولدي
قلت فهل تجدين البرد وتتأذين بالحر قالت نعم
قلت فهل تدرين كلل اللغوب والإعياء إذا مشيت قالت نعم ألست من البشر
قلت فتتوضئين للصلاة قالت نعم قلت لم قالت أمرني بذلك الفقهاء فقلت إنهم أفتوها على حديث لا وضوء إلا من حدث أو نوم
"""
صفحة رقم 15 """
وذكرت لي أن بطنها لاصق بظهرها فأمرت امرأة من نسائنا فنظرت فإذا بطنها كما وصفت وإذا قد اتخذت كيسا فضمت القطن وشدته على بطنها كي لا ينقصف ظهرها إذا مشت
ثم لم أزل أختلف إلى هزاراسب بين السنتين والثلاث فتحضرني فأعيد مسألتها فلا تزيد ولا تنقص وعرضت كلامها على عبد الله بن عبد الرحمن الفقيه فقال أنا أسمع هذا الكلام منذ نشأت فلا أجد من يدفعه أو يزعم أنه سمع أنها تأكل أو تشرب أو تتغوط
1043
أحمد بن أحمد بن نعمة بن أحمد الخطيب شرف الدين أبو العباس النابلسي المقدسي خطيب دمشق
قال شيخنا الذهبي كان إماما فقيها محققا متقنا للمذهب والأصول والعربية حاد الذهن سريع الفهم بديع الكتابة
قال وناب في الحكم عن ابن الخويي وأجاز له الفتح بن عبد السلام وأبو علي الجواليقي وأبو حفص السهروردي
وسمع من ابن الصلاح والسخاوي وغيرهما
وصنف كتابا في أصول الفقه جمع فيه بين طريقتي الإمام فخر الدين والآمدي وتفقه على ابن عبد السلام بالقاهرة
توفي في شهر رمضان سنة أربع وتسعين وستمائة
"""
صفحة رقم 16 """
1044
أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى البرمكي قاضي القضاة شمس الدين أبو العباس الخويي
ولد في شوال سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة
ودخل إلى خراسان وقرأ بها الكلام والأصول على الإمام فخر الدين الرازي فيما قاله بعضهم وقيل إنما قرأ على القطب المصري تلميذ الإمام وقرأ الفقه على الرافعي وعلم الجدل على علاء الدين الطاووسي وسمع هناك من المؤيد الطوسي
وسمع بدمشق من ابن الزبيدي وابن الصلاح وغيرهما
سمع منه تاج الدين بن أبي جعفر وأبو عمرو بن الحاجب والجمال محمد بن الصابوني وولده قاضي القضاة شهاب الدين محمد بن قاضي القضاة شمس الدين وغيرهم
وكان فقيها أصوليا متكلما مناظرا دينا ورعا ذا همة عالية حفظ القرآن على كبر
وكان وهو قاضي القضاة يجيء إلى الجامع بدمشق وربما كان بالطيلسان يتلقن على من يقرئه القرآن كما يتلقن الأطفال
"""
صفحة رقم 17 """
ولي قضاء القضاة بالشام فحدث بسيبويه
وفيه يقول الشيخ شهاب الدين أبو شامة وقد وقف على مصنف له في العروض
أحمد بن الخليل أرشده الله
لما أرشد الخليل بن أحمد
ذاك مستخرج العروض وهذا
مظهر السر منه والعود أحمد
وللقاضي شمس الدين مصنفات كثيرة ونظم كثير
توفي في سابع شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة بدمشق ودفن بسفح قاسيون
1045
أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان ابن عبد الله بن علوان بن رافع الحلبي الأسدي
الشيخ كمال الدين بن القاضي زين الدين بن المحدث أبي محمد بن الأستاذ شارح الوسيط
كان فقيها حافظا للمذهب ولد سنة إحدى عشرة وستمائة
سمع جده وثابت بن مشرف وابن روزبة وسمع حضورا من الافتخار الهاشمي ومن غيرهم
"""
صفحة رقم 18 """
روى عنه الحافظ أبو محمد الدمياطي قال شيخنا الذهبي وكاني يدعو له لما أولاه من الإحسان
ولي القضاء بحلب بعد عمه وكان وافر الحرمة عند الناصر صاحب الشام فلما أخذت حلب توجه بنفسه إلى مصر بعد ما أخذ ماله وأصيب في أهله ودرس هناك بمنازل العز والكهارية ثم تولى قضاء حلب فسار إليها وأقام بها أشهرا وتوفي في نصف شوال سنة اثنتين وستين وستمائة عن نيف وخمسين سنة
وله حواش على فتاوى ابن الصلاح هي عندي بخطه على نسخة على فتاوي ابن الصلاح فيها فوائد وكلامه يدله على فضل كبير واستحضار للمذهب جيد
1046
أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الحافظ أبو العباس محب الدين الطبري ثم المكي
شيخ الحرم وحافظ الحجاز بلا مدافعة
مولده سنة خمس عشرة وستمائة في جمادى الآخرة
"""
صفحة رقم 19 """
سمع ابن المقير وابن الجميزي وغيرهما
روى عنه البرزالي وغيره
وتفقه بقوص على الشيخ مجد الدين القشيري والد شيخ الإسلام تقي الدين
وصنف التصانيف الجيدة منها في الحديث الأحكام الكتاب المشهور المبسوط دل على فضل كبير وله مختصر في الحديث أيضا رتبه على أبواب التنبيه وله كتاب في فضل مكة حافل وله شرح على التنبيه مبسوط فيه علم كثير
استدعاه المظفر صاحب اليمن ليسمع عليه الحديث فتوجه إليه من مكة وأقام عنده مدة وفي تلك المدة نظم قصيدة يتشوق إلى مكة منها
مريضك من صدودك لا يعاد
به ألم لغيرك لا يعاد
وقد ألف التداوي بالتداني
فهل أيام وصلكم تعاد
لحا الله العواذل كم يلحوا
وكم عذلوا فما أصغى وعادوا
ولو لمحوا من الأحباب معنى
لما أبدوا هناك ولا أعادوا
ومنها
أريد وصالها وتريد بعدي
فما أشقى مريدا لا يراد
وهي طويلة خمسها بعض الأدباء لاستحسانه لها
"""
صفحة رقم 20 """
فوائد ومسائل عن الحافظ الطبري
ذكر في شرح التنبيه أنه يجوز قطع ما يتغذى به من نبات الحرم غير الإذخر كالبقلة المسماة عند أهل مصر بالرجلة ونحوه لأنه في معنى الزرع
1047
أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الكندي الشيخ جلال الدين الدشناوي
كان إماما عالما فقيها أصوليا زاهدا ورعا
ولد سنة خمس عشرة وستمائة بدشنا من صعيد مصر وسمع الحديث من الفقيه بهاء الدين ابن الجميزي والحافظ عبد العظيم المنذري والشيخ مجد الدين القشيري والشيخ عز الدين بن عبد السلام
تفقه وتأصل وقرأ الأصول على الشيخ شمس الدين الأصفهاني شارح المحصول حين كان حاكما بقوص وقرأ النحو على الشيخ شرف الدين المرسي
وحدث سمع منه شيخنا شمس الدين بن القماح وغيره وانتهت إليه رياسة المذهب بمدينة قوص وتفقه عليه خلائق
"""
صفحة رقم 21 """
وحكي أن النصير بن الطباخ المشهور بالفقيه قال للشيخ عز الدين بن عبد السلام ما أظن في الصعيد مثل هذين الشابين يعني الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد والشيخ جلال الدين الدشناوي فقال له ابن عبد السلام ولا في المدينتين وصنف الشيخ جلال الدين شرحا على التنبيه وصل فيه إلى الصيام ومناسك ومقدمة في النحو
وله شعر متوسط منه هذا
يا لائمي كف عن ملامي
عن انعزالي عن الأنام
إن نذيري الذي نهاني
يخبر حالي على التمام
رأى مشيبي ووهن عظمي
قد أدنياني من الحمام
وكان يقال إنه من الأبدال لشدة ورعه وتقواه
توفي يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة سبع وسبعين وستمائة بقوص
ومن الفوائد عنه
سئل عن عبد بيت المال إذا أراد أن يعتق ولا ولاء عليه فقال يشتري نفسه من وكيل بيت المال ففعل ذلك ثم رفعت القضية إلى قاضي قوص فلم يمض البيع وقال نص الفقهاء على أن ابتياع العبد نفسه عقد عتاقة وليس لوكيل بيت المال أن يعتق أرقاء بيت المال
"""
صفحة رقم 22 """
قلت وما ذكره الشيخ جلال الدين من جواز هذا العتق صحيح فإن هذا العتق واقع بعوض فلا يمنع على الوكيل فعله بل هو أولى من البيع لتشوف الشارع إلى العتق وحصوله بعوض لا يفوت على المسلمين شيئا وأما العتق على المسلمين مجانا فليس لوكيل بيت المال فعله لا لكون عبد بيت المال لا يعتق فإن للإمام عتق بيت المال كما له تمليك من شاء بالمصلحة وقد نص الشافعي في باب الهدنة على أن للإمام العتق ولكن لأن مجرد التوكيل لا يسوغ العتق فإن وكله الإمام في العتق كان له ذلك بالمصلحة كما هو للإمام
وأما قول الشيخ جلال الدين إنه إذا اشترى نفسه من وكيل بيت المال فلا يثبت عليه ولاء ففيه نظر بل صرح الرافعي في باب الهدنة أن الولاء للمسلمين ويؤيده أن الأصح ثبوت الولاء على العبد ويشتري نفسه من مولاه والظاهر أن الخلاف يجري في عبد بيت المال حتى يكون الولاء للمسلمين
1048
أحمد بن عبد المنعم بن محمد بن أبي طالب الشعيري
"""
صفحة رقم 23 """
1049
أحمد بن عبد الوهاب بن خلف بن محمود بن بدر العلامي البصري علاء الدين ابن بنت الأعز
كان فقيها أديبا رئيسا درس في القاهرة بالقطبية والكهارية وبدمشق بالظاهرية والقيمرية وله شعر كثير منه
1050
أحمد بن عيسى بن رضوان بن القليوبي
شارح التنبيه لقبه كمال الدين وكنيته أبو العباس وكان يكتب بخطه ابن العسقلاني وهو ولد الشيخ ضياء الدين
كان كمال الدين هذا فقيها صالحا سليم الباطن حسن الإعتقاد كثير المصنفات أخذ عن والده وغيره وروى عن ابن الجميزي
وعندي بخطه من مصنفاته نهج الوصول في علم الأصول مختصر صنفه
"""
صفحة رقم 24 """
في أصول الفقه والمقدمة الأحمدية في أصول العربية وكتاب طب القلب ووصل الصب تصوف وكتاب الجواهر السحابية في النكت المرجانية جمع فيه كلمات سمعها من أخيه في الله على ما ذكر الشيخ الجليل المقدار أبي عبد الله بن محمد بن المرجاني وكان اجتمع به بعد قفول ابن المرجاني من حجه سنة أربع وثمانين وستمائة وكتب عنه هذه الفوائد وكتاب العلم الظاهر في مناقب الفقيه أبي الطاهر جمع فيه مناقب شيخ والده أبي الطاهر خطيب مصر وكتبت من هذا الكتاب فوائد تتعلق بتراجم جماعة نقلتها عنه في هذا الكتاب وكتاب الحجة الرابضة لفرق الرافضة وكل هذه مختصرات عندي بخطه
وولي قضاء المحلة مدة زمانية اجتمع بالحافظ زكي الدين المنذري وحدث عنه بفوائد
وقال شيخنا الذهبي إنه توفي سنة تسع وثمانين وستمائة
قلت وليس كذلك بل قد تأخر عن هذا الوقت فقد رأيت طباق السماع عليه في العلم الظاهر مؤرخة بسنة إحدى وتسعين وستمائة بعضها في جمادى الأولى وبعضها في رجب وعليها خطه بالتصحيح وكان حاكما بمدينة المحلة إذ ذاك
ولابن القليوبي شرح على التنبيه مبسوط وفيه يقول فيما رأيته منقولا عنه إنه استنبط من قوله تعالى ) يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ( أن ما يفعله علماء هذا الزمان في ملابسهم من سعة الأكمام وكبر العمة ولبس الطيالس حسن وإن لم يفعله السلف لأنه فيه تمييز لهم يعرفون به ويلتفت إلى فتاويهم وأقوالهم
"""
صفحة رقم 25 """
1051
أحمد بن عمر بن محمد الشيخ الإمام الزاهد الكبير نجم الدين الكبرى
أبو الجناب - بفتح الجيم ثم نون مشددة - الخيوقي الصوفي شيخ خوارزم
والكبرى على صيغة فعلى كعظمى ومنهم من يمد فيقول الكبراء جمع كبير
كان إماما زاهدا عالما طاف البلاد وسمع بها الحديث سمع بالإسكندرية أبا طاهر السلفي وبهمذان الحافظ أبا العلاء وبنيسابور أبا المعالي الفراوي
روى عنه عبد العزيز بن هلالة وناصر بن منصور الفرضي والشيخ سيف الدين الباخرزي وآخرون
قال ابن نقطة هو شافعي المذهب إما في السنة
وقال ابن هلالة جلست عنده في الخلوة مرارا فوجدت من بركته شيئا عظيما
"""
صفحة رقم 26 """
وقال أبو عمرو بن الحاجب طاف البلاد وسمع بها الحديث واستوطن خوارزم وصار شيخ تلك الناحية وكان صاحب حديث وسنة وملجأ للغرباء عظيم الجاه لا يخاف في الله لومة لائم
وقال غيره إنه فسر القرآن العظيم في اثنتي عشرة مجلدة واجتمع به الإمام فخر الدين الرازي
1052
أحمد بن فرح بالفاء والحاء المهملة ابن أحمد الإشبيلي المحدث أبو العباس اللخمي
نزيل دمشق ولد سنة خمس وعشرين وستمائة وأسره العدو ونجاه الله تعالى
وأخذ عن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام والكمال الضرير وغيرهما بالقاهرة ثم بدمشق عن ابن عبد الدائم وعمر الكرماني وابن أبي اليسر وخلق
قال شيخنا الذهبي وأقبل على تجويد المتون وفهمها فتقدم في ذلك وكانت له حلقة إقراء في جامع دمشق يقرأ فيها فنون الحديث حضرت مجالسه وأخذت عنه
"""
صفحة رقم 27 """
ونعم الشيخ كان سكينة ووقارا وديانة واستحضارا مات بتربة أم الصالح في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وستمائة
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا أحمد بن فرح وعدة قالوا أخبرنا ابن عبد الدائم
ح وأخبرنا عن ابن عبد الدائم إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا يحيى بن محمود أخبرنا أبو علي الحداد حضورا أخبرنا أبو نعيم أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا أحمد بن الفرات حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تجد من شرار الناس ذا الوجهين قال الأعمش الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه حديث صحيح أخرجه الترمذي
أنشدنا الحافظ أبو العباس أحمد بن المظفر بن أبي محمد النابلسي بقراءتي عليه قلت له أنشدكم الشيخ الإمام الحافظ الزاهد شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فرح لنفسه
غرامي صحيح والرجا فيك معضل
وحزني ودمعي مرسل ومسلسل
وصبري عنكم يشهد العقل أنه
ضعيف ومتروك وذلي أجمل
ولا حسن إلا سماع حديثكم
مشافهة يملى علي فأنقل
"""
صفحة رقم 28 """
وأمري موقوف عليك وليس لي
على أحد إلا عليك المعول
ولو كان مرفوعا إليك لكنت لي
على رغم عذالي ترق وتعدل
وعذل عذولي منكر لا أسيغه
و زور وتدليس يرد ويهمل
أقضي زماني فيك متصل الأسى
ومنقطعا عما به أتوصل
وها أنا في أكفان هجرك مدرج
تكلفني ما لا أطيق فأحمل
وأجريت دمعي بالدماء مدبجا
وما هي إلا مهجتي تتحلل
فمتفق جفني وسهدي وعبرتي
و مفترق صبري وقلبي المبلبل
و مؤتلف شجوي ووجدي ولوعتي
و مختلف حظي وما فيك آمل
خذ الوجد عني مسندا ومعنعنا
فغيري بموضوع الهوى يتجمل
وذي نبذ من مبهم الحب فاعتبر
وغامضه إن رمت شرحا أطول
غريب يقاسي البعد عنك وما له
وحقك عن دار القلى متحول
عزيز بكم صب ذليل لعزكم
ومشهور أوصاف المحب التذلل
"""
صفحة رقم 29 """
فرفقا بمقطوع الوسائل ما له
إليك سبيل لا ولا عنك معدل
ولا زلت في عز منيع ورفعة
ولا زلت تعلو بالتجني وأنزل
أوري بسعدى والرباب وزينب
وأنت الذي تعنى وأنت المؤمل
فخذ أولا من آخر ثم أولا
من النصف منه فهو فيه مكمل
أبر إذا أقسمت أني بحبه
أهيم وقلبي بالصبابة مشعل
وهذه القصيدة بليغة جامعة لغالب أنواع الحديث
1053
أحمد بن المبارك بن نوفل الإمام تقي الدين أبو العباس النصيبيني الخرفي
وخرفة بخاء معجمة ثم راء ساكنة ثم فاء مفتوحة من قرى نصيبين
كان إماما عالما فقيها نحويا مقرئا يشغل الناس بالموصل وسنجار ودرس بهما مذهب الشافعي
وله مصنفات كثيرة منها شرح الدريدية وشرح الملحة وكتاب خطب وكتاب في العروض
انتقل بالآخرة إلى الجزيرة فتوفي بها في رجب سنة أربع وستين وستمائة
"""
صفحة رقم 30 """
1054
أحمد بن كشاسب
بفتح الكاف وشين معجمة مفتوحة ثم ألف ساكنة ثم سين مهملة ثم باء موحدة ابن علي الدزماري بكسر الدال المهملة بعدها زاي ساكنة ثم ميم ثم ألف ثم راء مكسورة ثم ياء النسب الشيخ كمال الدين الفقيه الصوفي أبو العباس
له شرح التنبيه وكتاب في الفروق
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة وهو أحد من قرأت عليه في صباي قال وهو الذي ذكره شيخنا أبو الحسن - يعني السخاوي - في خطبة التفسير وأثنى عليه كان يلازم حلقة الشيخ لسماع التفسير وفي وقت ختمات الطلبة
توفي في سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة
وحكى في شرح التنبيه وجهين في ضبط الصغير والكبير في ضبة الذهب والفضة أن الكبير قدر نصاب السرقة والصغير دونه وهو غريب
"""
صفحة رقم 31 """
1055
أحمد بن محسن
بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة ابن ملي باللام أيضا الشيخ نجم الدين المعروف بابن ملي
المشهور بحسن المناظرة والقادر على إبداء الحجة المسرعة وإلجام الخصوم والذهن المتوقد كشعلة نار والوثوب على النظراء في مجالس النظر كأنه صاحب ثار
سمع من البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي والحسين بن الزبيدي وأبي المنجا بن اللتي وغيرهم
وحدث بدمشق وحلب وقرأ بدمشق النحو على ابن الحاجب وتفقه على شيخ الإسلام ابن عبد السلام وأحكم الأصول والكلام والفلسفة
وأفتى وناظر وشغل مدة ودخل مصر غير مرة وناظر وشهد له أهلها بالفضل وكان يقول في الدرس عينوا آية لنتكلم عليها فإذا عينوها تكلم بعبارة فصيحة وعلم غزير كأنما يقرأ من كتاب وكان قوي الحافظة تقرأ عليه الأوراق مرة واحدة فيعيدها بأكثر لفظها وإذا حضر عند أحد درسا سكت إلى أن يفرغ ذلك المدرس ويقول ما عنده مما بيته فيبتدىء ابن ملي ويقول ذكر مولانا كيت وكيت ويذكر جميع ما ذكره ثم يأخذ في الاعتراض والبحث
"""
صفحة رقم 32 """
وقد دخل بغداد وأعاد بالنظامية
ولد ببعلبك في رمضان سنة سبع عشرة وستمائة وتوفي في جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وستمائة
أخبرنا المسند عز الدين أبو الفضل محمد بن إسماعيل بن عمر بن المسلم الحموي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا الإمام العلامة الأصولي ذو الفنون نجم الدين أو العباس أحمد بن محسن بن ملي الشافعي البعلبكي قراءة عليه وأنا أسمع أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق ابن أحمد بن يوسف قراءة عليه أخبرنا أبو سعد بن عبد الملك بن عبد القاهر الأسدي أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران حدثنا أبو محمد دعلج حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال خطب مروان فقدم الخطبة قبل الصلاة - يعني يوم العيد - فقام رجل فقال خالفت السنة فقام أبو سعيد فقال أما هذا المتكلم فقد قضى ما عليه قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من رأى منكم منكرا فلينكره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان
"""
صفحة رقم 32 """
1056
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان البرمكي قاضي القضاة شمس الدين ابن شهاب الدين
تفقه على والده بمدينة إربل ثم انتقل بعد موت أبيه إلى الموصل وحضر دروس الإمام كمال الدين بن يونس ثم انتقل إلى حلب وأقام عند الشيخ بهاء الدين أبي المحاسن يوسف بن شداد وتفقه عليه وقرأ النحو على أبي البقاء يعيش بن علي النحوي ثم قدم دمشق واشتغل على ابن الصلاح ثم انتقل إلى القاهرة وناب في الحكم عن قاضي القضاة بدر الدين السنجاري ثم ولي قضاء المحلة ثم ولي قضاء القضاة بالشام ثم عزل ثم وليها ثانيا ثم عزل
ومن مصنفاته كتاب وفيات الأعيان وهو كتاب جليل
توفي بدمشق في سنة إحدى وثمانين وستمائة في شهر رجب
وله في الأدب اليد الطولى وشعره أرق من أعطاف ذي الشمائل لعبت به الشمول وأعذب في الثغور لعسا من ارتشاف الضرب وإنه لفوق ما نقول
"""
صفحة رقم 34 """
فمنه
يا من كلفت به فعذب مهجتي
رفقا على كلف الفؤاد معذب
إن فاته منك اللقاء فإنه
يرضى بلقيا طيفك المتأوب
قسما بوجدي في الهوى وبحرقتي
وبحيرتي وتلهفي وتلهبي
لو قلت لي جدلى بروحك لم أقف
فبما أمرت وإن شككت فجرب
مولاي هل من عطفة تصغي إلى
قصصي وطول شكايتي وتعتبي
قد كنت تلقاني بوجه باسم
واليوم تلقاني بوجه مقطب
ما كان لي ذنب إليك سوى الهوى
فعلام تهجرني إذا لم أذنب
قل لي بأي وسيلة أدلي بها
إن كنت تبعدني لأجل تقربي
وحياة وجهك وهو بدر طالع
وجمال طرتك التي كالغيهب
وفتور مقلتك التي قد أذعنت
لكمال بهجتها عيوب المعتب
وبيان مبسمك النقي الواضح العذب
الشهي اللؤلئي الأشنب
وبقامة لك كالقضيب ركبت من
أخطارها في الحب أصعب مركب
لو لم أكن في رتبة أرعى لها العهد
القديم صيانة للمنصب
لهتكت ستري في هواك ولذ لي
خلع العذار ولج فيك مؤنبي
قد خانني صبري وضاقت حيلتي
وتقسمت فكري وعقلي قد سبي
ولقد سمحت بمهجتي وحشاشتي
وبحالتي ووجاهتي وبمنصبي
حتى خشيت بأن يقول عواذلي
قد جن هذا الشيخ في هذا الصبي
"""
صفحة رقم 34 """
1059
أحمد بن محمود بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي الهيجاء ابن حمدان أبو العباس
من أهل واسط
درس الفقه على عمه أبي علي الحسن بن أحمد وعلى يحيى بن الربيع وأبي القاسم ابن فضلان وقرأ الأصول على المجير البغدادي والقراءات بالروايات على أبي بكر الباقلاني وسمع من أبي الفتح بن شاتيل وأبي الفرج بن كليب وطائفة
وولي القضاء بالجانب الغربي ببغداد
قال ابن النجار وكان فقيها فاضلا عالما عاملا حافظا لمذهب الشافعي سديد الفتاوى حسن الكلام في مسائل الخلاف له يد حسنة في الأصول والجدل ويقرأ القرآن قراءة حسنة ويفهم طرفا صالحا من الحديث والأدب وكتب بخطه كثيرا من كتب الفقه والحديث وغير ذلك ووصف بالخير كثيرا إلى أن قال ما رأيت أجمل طريقة منه ولا أحسن سيرة منه
مولده في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين وخمسمائة بواسط ومات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 35 """
1057
أحمد بن محمد بن عباس بن جعوان الفقيه شهاب الدين الدمشقي
كان ورعا أخذ عن النووي وروى عن ابن عبد الدائم
توفي في شعبان سنة تسع وتسعين وستمائة بدمشق
1058
أحمد بن محمد الشيخ الصالح أبو العباس الملثم
كان من أصحاب الكرامات والأحوال والمقامات العاليات ويحكى عنه عجائب وغرائب
وكان مقيما بمدينة قوص له بها رباط وعرف بالملثم لأنه كان دائما بلثام
وكان من المشايخ المعمرين بالغ فيه قوم حتى قالوا إنه من قوم يونس عليه السلام وقال آخرون إنه صلى خلف الشافعي رضي الله عنه وإنه رأى القاهرة أخصاصا قبل بنائها
ومن أخص الناس بصحبته تلميذه الشيخ الصالح عبد الغفار بن نوح صاحب كتاب الوحيد في علم التوحيد وقد حكى في كتابه هذا كثيرا من كراماته
"""
صفحة رقم 36 """
وذكر أنه كان عادته إذا أراد أن يسأل أبا العباس شيئا أو اشتاق إليه حضر وإن كان غائبا ساعة مرور ذلك على خاطره
قال وسألني يوما بعض الصالحين أن أسأله عما يقال إنه من قوم يونس ومن أنه رأى الشافعي قال فجاءني غلام عمي وقال لي الشيخ أبو العباس في البيت وقد طلبك وكنت غسلت ثوبي ولا ثوب لي غيره فقمت واشتملت بشيء ورحت إليه فوجدته متوجها فسلمت وجلست وسألته عما جرى بمكة وكنت أعتقد أنه يحج في كل سنة فإنه كان زمان الحج يغيب أياما يسيرة ويخبر بأخبارها فلما سألته أخبرني بما جرى بمكة ثم تفكرت ما سأله ذلك الرجل الصالح فحين خطر لي التفت إلي وقال لي يا فتى ما أنا من قوم يونس أنا شريف حسيني وأما الشافعي فمتى مات ما له من حين مات كثير نعم أنا صليت خلفه وكان جامع مصر سوقا للدواب وكانت القاهرة اخصاصا
فأردت أن أحقق عليه فقلت صليت خلف الإمام الشافعي محمد بن إدريس فتبسم وقال في النوم يا فتى في النوم يا فتى وهو يضحك
وكان يوم الجمعة فاشتغلنا بالحديث وكان حديثه يلذ بالمسامع فبينما نحن في الحديث والغلام يتوضأ فقال له الشيخ إلى أين يا مبارك فقال إلى الجامع فقال وحياتي صليت فخرج الغلام وجاء فوجد الناس خرجوا من الجامع
قال عبد الغافر فخرجت فسألت الناس فقالوا كان الشيخ أبو العباس في الجامع والناس تسلم عليه
قال عبد الغافر وفاتتني صلاة الجمعة ذلك اليوم
قال ولعل قوله صليت من صفات البدلية فإنهم يكونون في مكان وشبههم
"""
صفحة رقم 36 """
1060
أحمد بن موسى بن يونس بن محمد بن منعة الإربلي الموصلي
الشيخ شرف الدين ابن الشيخ كمال الدين بن يونس شارح التنبيه
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة وتفقه على والده وبرع في المذهب
واختصر كتاب الإحياء للغزالي مرتين وكان يلقي الإحياء دروسا من حفظه وكان كثير المحفوظ غزير المادة متفننا في العلوم وتخرج به خلق كثير
توفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة
ووقع في شرح التنبيه لابن يونس حكاية وجه أنه إذا خلط الطعام الموصى به بأجود منه لا يكون رجوعا وقد قال الرافعي لم يذكروا خلافا في أنه رجوع وفيه وجه أنه إذا وجب عليه في زكاة الفطر نوع فلا يجوز له العدول إلى أعلى منه وهكذا حكاه الماوردي في الحاوي والشاشي في الحلية وهو يرد على دعوى الرافعي الاتفاق على الجواز
وفيه وجه أنه يشترط قبول الموصى له بعد الموت على الفور والذي جزم به الرافعي خلافه قال وإنما يشترط ذلك في العقود الناجزة التي يعتبر فيها ارتباط القبول بالإيجاب وفي وجه عن الشاشي فيما إذا مات الموصى له بعد موت الموصي أنه لا يقوم وارثه مقامه في القبول والرد بل تبطل الوصية قال وليس هو بشيء وهذا أيضا ليس في الرافعي
"""
صفحة رقم 37 """
في مكان آخر وقد تكون تلك الصفة الكشف الصوري الذي ترتفع فيه الجدران ويبقى الاستطراق فيصلي كيف كان ولا يحجبه الاستطراق
قال عبد الغافر وكنت عزمت على الحجاز وحصل عندي قلق زائد فأنا أمشي في الليل في زقاق مظلم وإذا يد على صدري فزاد ما عندي من القلق فنظرت فوجدته الشيخ أبا العباس فقال يا مبارك القافلة التي أردت الرواح فيها تؤخذ والمركب الذي يسافر فيه الحجاج يغرق فكان الأمر كذلك
قال وكان الشيخ أبو العباس لا يخلو عن عبادة يتلو القرآن نهارا ويصلي ليلا قال وكان أبوه ملكا بالمشرق
قال وقلت له يوما يا سيدي أنت تقول فلان يموت اليوم الفلاني وهذه المراكب تغرق وأمثال ذلك والأنبياء عليهم السلام لا يقولون ولا يظهرون إلا ما أمروا به مع كمالهم وقوتهم ونور الأولياء إنما هو رشح من نور النبوة فلم تقول أنت هذه الأقوال
فاستلقى على ظهره وجعل يضحك ويقول وحياتي وحياتك يا فتى ما هو باختياري
توفي الشيخ أبو العباس يوم الثلاثاء رابع عشرين من شهر رجب سنة اثنتين وسبعين وستمائة وهو مدفون برباطه بمدينة قوص مقصود للبركة
"""
صفحة رقم 40 """
وحكى وجهين في أنه هل يجب على الولي أن يعلم الصبي الطهارة والصلاة أو يستحب وكذلك حكاهما الدارمي في الاستذكار وغيره والمشهور عند الأئمة الوجوب
وحكى وجها عن الخراسانيين أنه لا تجب الكفارة على السيد في قتل عبده وهو غريب
وفي ابن يونس غرائب كثيرة ليست في الرافعي إلا أن ابن الرفعة جد واجتهد في ايداعها الكفاية فلم أر للتطويل بها مع وجدانها في الكفاية كبير معنى
1061
أحمد بن عيسى بن عجيل اليمني
الإمام العالم العامل الولي الزاهد العارف صاحب الأحوال والكرامات
ومما يؤثر من كراماته أن بعض الناس جاء إليه وفي يده سلعة فقال له ادع الله أن يزيل عني هذه السلعة وإلا ما بقيت أحسن ظني بأحد من الصالحين
فقال له لا حول ولا قوة إلا بالله ومسح على يده وربط عليها بخرقة وقال له لا تفتحها حتى تصل إلى منزلك
فخرج من عنده فلما كان في بعض الطريق أراد أن يتغدى ففتح يده ليأكل
"""
صفحة رقم 41 """
وكانت في كفه اليمنى فلم ير لها أثرا وذهبت عنه بالكلية وكأن الشيخ أراد ستر الكرامة بالخرقة لئلا تظهر في الحال
ومن المشهور أن بعض فقهاء اليمن الصالحين من قرابة ابن العجيل هذا سمعه في قبره يقرأ سورة النور
1062
أحمد بن يحيى بن هبة الله بن الحسن
قاضي القضاة صدر الدين بن قاضي القضاة شمس الدين بن سني الدولة
"""
صفحة رقم 42 """
1063
أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع الشيباني الشيخ موفق الدين أبو العباس الموصلي
المفسر الرجل الصالح الزاهد الورع ذو الأحوال والكرامات المعروف بالكواشي
ولد بكواشة وهي قلعة من أعمال الموصل سنة تسعين أو إحدى وتسعين وخمسمائة
وقرأ القرآن على والده وسمع الحديث من أبي الحسن السخاوي وغيره ثم رجع إلى بلده ولازم الإقراء والعبادة والتصنيف صنف التفسير الكبير والتفسير الصغير
وكان السلطان ومن دونه يزورونه ولا يعبأ بهم وكان لا يقبل من أحد شيئا وكان يقال إنه يعرف الاسم الأعظم ولازم جامع الموصل نيفا وأربعين سنة
وقيل إنه كان ينفق من الغيب قال شيخنا الذهبي ولا أعتقد صحة ذلك ويحكى عنه من الكرامات ما يطول شرحه
"""
صفحة رقم 43 """
1064
محمد بن أحمد بن أبي سعد بن الإمام أبي الخطاب
رئيس الشافعية ببخارى هو وأبوه وجده وجد جده
كان عالم تلك البلاد وإمامها ومحققها وزاهدها وعابدها
وقال فيه صاحبنا وشيخنا الشيخ الحافظ عفيف الدين المطري هو مجتهد زمانه وعلامة أقرانه لم تر العيون مثله وما رأى مثل نفسه انتهى
قلت وهو مصنف كتاب الملخص وكتاب المصباح كلاهما في الفقه والمصباح أكبرهما حجما
مات سنة أربع وستمائة
1065
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد
ابن الميمون القيسي التوزري الشيخ قطب الدين بن القسطلاني
الفقيه المحدث الأديب الصوفي العابد
ولد في ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة
وسمع من والده ومن الشيخ شهاب الدين السهروردي ولبس منه خرقة التصوف وسمع الكثير بمصر ودمشق من أصحاب السلفي وأصحاب ابن عساكر وببغداد من جماعة
"""
صفحة رقم 44 """
ولي مشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة وحدث كثيرا وأفاد
ومن شعره
إذا طاب أصل المرء طابت فروعه
ومن غلط جاءت يد الشوك بالورد
وقد يخبث الفرع الذي طاب أصله
ليظهر صنع الله في العكس والطرد
توفي في المحرم سنة ست وثمانين وستمائة
1066
محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان
والد القاضي شمس الدين
1067
محمد بن إبراهيم بن أبي الفضل السهلي معين الدين الجاجرمي
صاحب الكفاية في الفقه نحو التنبيه أو دونه وله طريقة في الخلاف وشرح أحاديث المهذب وإيضاح الوجيز
حدث عن عبد المنعم بن عبد الله الفراوي
"""
صفحة رقم 45 """
ومن المسائل عنه
حكى وجهين في جواز استئجار الرياحين للشم
1068
محمد بن إبراهيم الخطيب أبو عبد الله الغساني الحموي ويعرف بابن الجاموس
تفقه بحماة ثم توجه إلى القاهرة وولي خطابة الجامع العتيق بمصر والتدريس بمشهد الحسين
توفي في ربيع الأول سنة خمس عشرة وستمائة
1069
محمد بن إسحاق الشيخ الزاهد صدر الدين القونوي
صاحب التصانيف في التصوف
توفي سنة ثلاث وسبعين وستمائة
"""
صفحة رقم 46 """
1070
محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني
فقيه الحرم الشريف أقام بمكة مدة يدرس ويفتي إلى أن توفي سنة تسع وستمائة
1071
محمد بن الحسين بن رزين بن موسى بن عيسى
ابن موسى العامري الحموي قاضي القضاة بالديار المصرية تقي الدين أبو عبد الله
ولد سنة ثلاث وستمائة بحماة وحفظ من التنبيه في صغره جانبا صالحا ثم انتقل إلى الوسيط فحفظه كله وحفظ المفصل كله والمستصفى للغزالي كله وكتابي أبي عمرو بن الحاجب في الأصول والنحو وسافر إلى حلب فقرأ المفصل على موفق الدين ابن يعيش ثم قدم دمشق فلازم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وأخذ عنه وقرأ بالقراءات على السخاوي وسمع منهما ومن كريمة
حدثنا عنه قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة وحدث عنه آخرون
وولي بدمشق إمامة دار الحديث الأشرفية ثم تدريس الشامية البرانية ثم وكالة بيت المال بدمشق
"""
صفحة رقم 47 """
ثم انتقل إلى القاهرة وأعاد بقبة الشافعي رضي الله عنه ثم درس بالظاهرية ثم ولي قضاء القضاة وتدريس الشافعي وامتنع أن يأخذ على القضاء معلوما
وكان فقيها فاضلا حميد السيرة كثير العبادة حسن التحقيق مشاركا في علوم غير الفقه كثيرة مشارا إليه بالفتوى من النواحي البعيدة
توفي في ثالث رجب سنة ثمانين وستمائة
فوائد عن قاضي القضاة ابن رزين
كان يذهب إلى الوجه الذي حكاه صاحب التتمة أن الرشد صلاح المال فقط ويرتفع الحجر عمن بلغ رشيدا في ماله وإن بلغ سفيها في دينه
قال ابن الرفعة سمعت قاضي القضاة تقي الدين في مجلس حكمه بمصر يصرح باختياره ويحكم بموجبه ويستدل له بإجماع المسلمين على جواز معاملة من تلقاه الغريب من أهل البلاد مع أن العلم محيط بأن الغالب على الناس عدم الرشد في الدين والرشد في المال ولو كان ذلك مانعا من نفوذ التصرفات لم تجر الأقلام عليه
قلت كان قاضي القضاة بالديار المصرية إذا جمعوا بين قضاء القاهرة ومصر كما استقرت عليه القاعدة من الأيام الظاهرية يتوجهون يوم الاثنين ويوم الخميس إلى مصر فيجلسون بجامع عمرو بن العاص لفصل القضاء بين الناس ويحضر عندهم علماء مصر وكان ابن الرفعة يحضر عند قاضي القضاة تقي الدين مجلس حكمه إذا ورد عليهم مصر
"""
صفحة رقم 49 """
وصحب الشيخ الجليل السيد الكبير أبا عبد الله القرشي واختص به وبرع في العلم ولزم طريقة السلف في التقشف والورع وكان يلقي على الطلبة كل يوم عدة دروس من الفقه والأصول ولا يقبل لأحد شيئا
وكان أول أمره شرابيا يعمل الشراب ثم انتهت به الحال إلى أن صار شيخ الديار المصرية علما وعملا وسئل في ولاية القضاء فامتنع أشد الامتناع
مولده سنة أربع وخمسين وخمسمائة بجوجر
وقد نقل عنه ابن الرفعة في المطلب في باب الوكالة في الكلام على أن الوكيل بالبيع هل يملك التسليم والقبض فقال تفريعا على القول بأنه لا يملك إذا كان التوكيل في البيع والشراء في مصر غير المصر الذي فيه الموكل هل تجعل الغيبة مسلطة على التسليم حيث لا نقول يثبت ذلك في حالة كون الموكل في المصر الذي فيه الوكيل أو لا وكان بعض مشايخنا يحكي عن الشيخ العلامة الورع الفقيه الزاهد أبي الطاهر خطيب المسلمين بمصر الأول وتوجيهه ظاهر للعرف
وعن صاحب التقريب ما يدل عليه بزيادة لأنه قال إذا دفع إليه قدرا من الإبريسم ليحمله إلى غريمه ليشتري به جارية ففعل لم يلزمه نقلها وقال الإمام إنها تحصل في يده في حكم الوديعة وللإمام احتمال في لزوم رد الجارية قال ولكن الأصل خلافه لأن من التزم رد مال إنسان ولم يستأجر عليه لا يلزمه الوفاء به انتهى
"""
صفحة رقم 50 """
قلت وأظنه يشير ببعض مشايخه إلى السديد التزمنتي فإنه شيخه وهو أعني السديد تلميذ الخطيب أبي الطاهر
وكرامات الخطيب أبي الطاهر مشهورة وقد دخل دمشق رسولا أرسله الملك الكامل إلى أخيه الأشرف موسى في الصلح بينهما
وله أصحاب كثيرون عمت عليهم بركاته وعندي بخط القاضي الفقيه كمال الدين أحمد بن عيسى بن رضوان العسقلاني صاحب شرح التنبيه وغيره من المصنفات وهو المعروف بابن القليوبي مصنف في مناقب أبي الطاهر سماه الظاهر في مناقب أبي الطاهر قال فيه إن الفقيه أبا الطاهر قصد مصر للاشتغال وكان على حالة من القلة ونزل المدرسة الصلاحية المجاورة للجامع العتيق ولم يحصل له بيت بل خزانة يضع فيها كتابه وثوبه وكوزا وإبريقا وكان معه شيء من العنبر قال فكنت أبخر ذلك الكوز وإذا جاء المعيد والتمس ماء أتيته بذلك الكوز تقربا إليه وخدمة له ثم حكى الكثير من قلة ذات يده
وحكى أن الفقيه ضياء الدين ولد الشيخ أبي عبد الله القرطبي قال أرسلني والدي إلى الفقيه أبي الطاهر يوما فصادفته في المحراب فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يقم وكان عادته غير ذلك فأبلغته الرسالة وبقي في نفسي شيء فلما رأيته في وقت آخر فسلك عادته في القيام فقلت له فقال أتيتني في موضع لا يقام فيه إلا لله تعالى
"""
صفحة رقم 51 """
وحكى أنه جاءه بعض خدم السلطان وهو في الميعاد وبين يديه شمعة يقرأ القارئ عليها الميعاد فتقدم الرسول ليقرأ الرسالة على الشمعة فاعترضه الشيخ بيده فانجمع ثم سكت ساعة وعاد ليقرأها ففعل الشيخ مثل ذلك فرجع ثم عاد فقال له الشيخ هذه الشمعة إنما أرصدت لقراءة الميعاد
وحكى من ورعه أيضا أنه سمع الخطيب عز الدين عبد الباقي يذكر أنه دخل يوما إلى منزله وكان طعامهم إسفيدناج فسألهم هل غسل البيض أم لا فأجابوه أنه لم يغسل فاستدعى مملوكه حطلح وقال خذ هذا الطعام وألقه في مكان كذا فاحتمله إلى موضع أراد إلقاءه فيه فوجد فقيرا فقال له بالله عليك أنا أحق فقال أعرف الشيخ فأتى إليه فأخبره فقال هذا الطعام فيه لحم بكذا وبيض بكذا وحاجة بكذا وحسب جملة ما صرفه عليه فوزنها وأعطاها له وقال اطبخ بها غير هذا ولا تأكل هذا فإنه نجس
قال ابن القليوبي هذا مع أن لأصحاب الشافعي وجهين في نجاسة البيض ينبني على الخلاف في رطوبة فرج المرأة
قلت الصحيح الطهارة ولعل أبا الطاهر كان يرى النجاسة وإلا فكيف يذهب هذا المال
ونحو هذا ما حكى عنه أيضا أنه رأى في دارة برنية شراب له فيه على وجهه وزغة صغيرة فأمر بإلقائه في البحر
"""
صفحة رقم 52 """
وحكى أنه لما توجه السلطان الملك الكامل لبعض أسفاره سأله الدعاء فقال وفق الله السلطان فشغله بالحديث ثم أعاد عليه القول فقال وفق الله السلطان ثم عند انفصاله منه سأله الدعاء فقال وفق الله السلطان فلما خلا السلطان بأصحابه تعجب منه فلما اتصل ذلك بالشيخ قال يريدني أدعو له بالنصر كأنه متوجه إلى غزو عدوه
وحكى أن الشيخ خرج مع العسكر في غزو الفرنج على المنصورة وأنه لما حمي الوطيس نزل عن فرسه وقاتل معهم وأصيب بسهام كثيرة قال ولم يجرح بشيء منها
وذكر أنه كان يسرد الصوم لا يفطر إلا العيدين وأيام التشريق وأنه كان يمكث الأيام الكثيرة لا يتناول فيها إلا اليسير من الماء للسنة
وحكى من اهتمامه بحوائج الخلق أن شخصا سأله حاجة فقال ذكرناها البارحة سبعين مرة وأن قاضي القضاة شرف الدين ابن عين الدولة سأله أن يدعو له عند طلوعه المنبر وأنه بعد مدة طويلة رأى الشيخ ذاكرا لذلك الأمر قال فسئل الشيخ فقال لم أنسه في جمعة قط
وحكى من كراماته الكثير فمن ذلك قال ابن القليوبي أخبرني شيخي - يعني والده - قال أخذت مرة كتابا من كتب الشيخ فأصاب ظاهر جلده نجاسة فخشيت أن يضع الشيخ يده عليها وبها رطوبة فيتنجس قال فصببت الماء على الجلد بحيث طهر ومررت بالكتاب بعد مدة فقال لي من أذن لك أن تغسل الجلد
"""
صفحة رقم 53 """
قال وأخبرني الشيخ عماد الدين بن سنان الدولة قال كانت لي نسخة من التنبيه يعني مليحة حفظتها خلا باب القراض وكان الشيخ تقدم إلى الجماعة أن يعرضوا في الغد وكان من عادة الشيخ أن يأخذ كتاب الطالب فيفتحه ويستقرئه منه وخطر لي أن أشرط الورقة من الكتاب فإذا فتحه لم ير ذلك الباب فلما أصبح واستعرض الجماعة وانتهت النوبة إلي تقدمت وناولته الكتاب فقال دعه معك اقرأ باب القراض فقلت والله يا سيدي أحفظ الكتاب كله خلا هذا الباب فقال ما حملك على قطع الورقة وإفساد المالية
قال وكان إذا لحظ شخصا انتفع بألحاظه وإذا أعرض عنه خيف عليه مغبة إعراضه
وحكى أن بعض فقهاء المذهب - ممن ذكر له والده أنه كان إذا تحدث في الفقه كان يقول لغلامه اشتر كذا وكذا لسهولة الفقه عليه وخفته على لسانه جلس مع الشيخ في مجلس قال وكان الشيخ إذا حضر مجلسا أكثر من ذكر كرامات شيخه القرشي قال فاتفق حضورهما عند الفقيه شرف الدين ابن التلمساني شارح التنبيه فسلك الشيخ عادته في حكايات شيخه القرشي وغيره من الصالحين لينتفع بها سامعها وتشغله عن الغيبة فقال له ذلك الفقيه أخبرنا عن نفسك فقال له أخبركم عن نفسي مرضت مرضة أشرفت فيها على الموت فدخل علي الشيخ القرشي عائدا فذهب عني ما كنت أجد وصليت الصبح بسورتين طويلتين فأخذ ذلك الفقيه يتحدث فأعرض عنه الشيخ فقتل بعد أيام ببعض بساتين دمشق
"""
صفحة رقم 54 """
وحكى أن بعض طلبته نعس في الدرس فضرب الشيخ إحدى يديه على الأخرى فانتبه الشخص فقال له سالم سالم وإذا به قارب أن يحتلم فلما أيقظه الشيخ سلم
قال وأخبرني شيخي قال كنت أصلي خلف الشيخ فأصابتني حقنة شديدة واشتد ألمي بسببها بحيث كنت مفكرا إذا خرجت من الصلاة أي الجهات أنتحيها لإزالتها وإذا بالشيخ عرض له حال بكاء شديد وأهوى إلى سجادته وأخذها وقد خرج من الصلاة وقدمني مكانه فلم يبق بي شيء مما كان بي وكأنه حمل عني ما كنت أجده فانتقل إليه وزال عني
وأخبرني شيخ قال كان الشيخ مرة في الدرس في باب الهبة فانتهى إلى أنه يستحب لمن وهب لأولاده أن يسوي بينهم ثم أخذ يمثل بابني السطحي وهما أخوان طالبان في الدرس فقال كما لو وهب والد هذين لأحدهما دواة وترك الآخر فقال أحدهما والله يا سيدنا هكذا اتفق
ثم حكى ابن القليوبي من اعتقاد أهل عصره فيه حتى اليهود والنصارى وتبركهم بخطه واستشفاء مرضاهم مما ينقلونه من خطه شيئا كثيرا
وحكى أنه أريد على القضاء فامتنع فقيل له استخر فقال إنما يستخار في أمر خفيت مصلحته وجهات عاقبته وأن الطلبة اجتمعوا في البلد وكان قد شاع في أثناء المراددة بينه وبين السلطان أنه ولي فجاءهم وقال بنراي بنراي يشير إلى أنه على الحالة المعهودة منه
"""
صفحة رقم 55 """
وحكى أنه كان لا يحب مقامات الحريري ولم تكن في كتبه مع كثرتها لما فيها من الأحاديث المختلقة وأنه كان لا يرى نسخة من ملخص الإمام فخر الدين ابن الخطيب إلا اشتراها حتى لا تقع في أيدي الناس فقيل له هذا منه نسخ كثيرة فقال فيه تقليل للمفسدة
وحكى أن كتبه كانت كثيرة وأنه كان يعيرها لمن يعرف ولمن لا يعرف سافر بها المستعير أم لم يسافر بها وكان يقول ما أعرت كتابا إلا ظننت أنه لا يرجع إلي فإذا عاد عددت ذلك نعمة جديدة
ثم عدد ابن القليوبي جماعة من أصحاب الشيخ أبي الطاهر ابتدأ منهم بذكر والده الشيخ ضياء الدين أبي الروح عيسى بن رضوان
توفي الفقيه أبو الطاهر سحر يوم الأحد سابع ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمصر ودفن بسفح المقطم
قال ابن القليوبي وقبره مشهور بإجابة الدعاء عنده والناس يقصدونه لذلك سمعت والدي يقول قبر الشيخ الدرياق المجرب
وسمعت أنه لم يشهد بمصر جنازة كجنازته لكثرة العالم بها وكان الملك الكامل غائبا في الشام فحضر الجنازة ولده السلطان الملك العادل وصادف ذلك شدة حر فيقال إنه صحب الجنازة عدة إبل كثيرة لأجل الماء وقيل إنه لم يشهد بمصر بعد جنازة المزني صاحب الشافعي مثل جنازة الفقيه أبي الطاهر
"""
صفحة رقم 56 """
ومن الفوائد عنه
قال الحافظ أبو الحسين يحيى بن العطار القرشي سمعت الفقيه أبا الطاهر محمد بن الحسين الأنصاري المحلي يقول سمعت الشيخ أبا عبد الله القرشي يعني محمد بن أحمد بن إبراهيم الأندلسي العارف يقول كنت ليلة عند الشيخ أبي إسحاق بن طريف فقدم لنا عند الإفطار ثريدة بحمص فلما اجتمعنا لنأكل أمسك عن الأكل واعتزل فلم يقدر أحد أن يمد يده إلى الطعام ثم قال يا محمد بلغني الآن أن حصن فلان قد أخذه العدو وأسر من فيه وبلغ من حالهم أنهم مكتفون يأكلون الحشيش بأفواههم فاعتزلنا فلما كان بعد وقت قال لنا كلوا فقد فرج الله عنهم فلما كان بعد ذلك - يعني بحين - جاء الخبر بأن العدو قد أخذ ذلك الحصن وأن أهله المسلمين بلغ من حالهم ما ذكره الشيخ أبو إسحاق وأن العدو جاءتهم في تلك الليلة صيحة ظنوا أنهم أحيط بهم فانهزموا وفرج الله عن المسلمين وتخلصوا
قلت القرشي هذا كان من كبار العارفين وهو صاحب القصيدة المسماة ب الفرج بعد الشدة المجربة لكشف الكروب وأولها
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
وظلام الليل له سرج
حتى يغشاه أبو السرج
وسحاب الخير لها مطر
فإذا جاء الإبان تجي
"""
صفحة رقم 57 """
وفوائد مولانا جمل
لسروح الأنفس بالمهج
ولها أرج محي أبدا
فاقصد محيا ذاك الأرج
ولربتما فاض المحيا
ببحور الموج من اللجج
والخلق جميعا في يده
فذوو سعة وذوو حرج
ونزولهم وطلوعهم
فإلى درك وعلى درج
ومعايشهم وعواقبهم
ليست في المشي على عوج
حكم نسجت بيد حكمت
ثم انتسجت بالمنتسج
فإذا اقتصدت ثم انعرجت
فبمقتصد وبمنعرج
شهدت بعجائبها حجج
قامت بالأمر على الحجج
ورضا بقضاء الله حجى
فعلى مركوزته فعج
وإذا انفتحت أبواب هدى
فاعجل لخزائنها ولج
وإذا حاولت نهابتها
فاحذر إذ ذاك من العرج
لتكون من السباق إذا
ما سرت إلى تلك الفرج
فهناك العيش وبهجته
فلمبتهج ولمنتهج
فهج الأعمال إذا ركدت
فإذا ما هجت إذا تهج
"""
صفحة رقم 58 """
ومعاصي الله سماجتها
تزدان لذي الخلق السمج
ولطاعته وصباحتها
أنوار صباح منبلج
من يخطب حور الخلد بها
يظفر بالحور وبالغنج
فكن المرضي لها بتقى
ترضاه غدا وتكون نجي
واتل القرآن بقلب ذي
حزن وبصوت فيه شجي
وصلاة الليل مسافتها
فاذهب فيها بالفهم وجي
وتأملها ومعانيها
تأت الفردوس وتنفرج
واشرب تسنيم مفجرها
لا ممتزجا وبممتزج
مدح العقل الآتيه هدى
وهوى متول عنه هجي
وكتاب الله رياضته
لعقول الخلق بمندرج
وخيار الخلق هداتهم
وسواهم من همج الهمج
فإذا كنت المقدام فلا
تجزع في الحرب من الرهج
وإذا أبصرت منار هدى
فاظهرفردا فوق الثبج
"""
صفحة رقم 59 """
وإذا اشتاقت نفس وجدت
ألما بالشوق المعتلج
وثنايا الحسنا ضاحكة
وتمام الضحك على الفلج
وعياب الأسرار اجتمعت
بأمانتها تحت الشرج
والرفق يدوم لصاحبه
والخرق يصير إلى الهرج
صلوات الله على المهدي
الهادي الناس إلى النهج
وأبي بكر في سيرته
ولسان مقالته اللهج
وأبي حفص وكرامته
في قصة سارية الخلج
وأبي عمرو ذي النورين المستحيي
المستحيى البهج
وأبي حسن في العلم إذا
وافى بسحائبه الخلج
"""
صفحة رقم 60 """
ورأيت في كتاب الغرة اللائحة لأبي عبد الله محمد بن علي التوزري المعروف بابن المصري أن هذه القصيدة لأبي الفضل يوسف بن محمد النحوي التوزري قال وذلك أن بعض المتغلبين عدا على أمواله وأخذها فبلغه ذلك وكان بغير مدينة توزر فأنشأها فرأى ذلك الرجل في نومه تلك الليلة رجلا في يده حربة وقال له إن لم ترد على فلان أمواله وإلا قتلتك بهذه الحربة فاستيقظ مذعورا وأعاد عليه أمواله
قلت وكثير من الناس يعتقد أن هذه القصيدة مشتملة على الاسم الأعظم وأنه ما دعا بها أحد إلا استجيب له وكنت أسمع الشيخ الوالد رحمه الله إذا أصابته أزمة ينشدها
1073
محمد بن سام أبو المظفر الغزنوي
السلطان شهاب الدين صاحب غزنة
أحد المشكورين من الملوك الموصوفين بمحبة العلماء وإحضارهم للمناظرة عنده
وهو الذي قال له الإمام فخر الدين الرازي في موعظة وعظها له على المنبر يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي يبقى ) وأن مردنا إلى الله (
"""
صفحة رقم 61 """
ملك غزنة والهند وكثيرا من بلاد خراسان وكان شافعي المذهب أشعري العقيدة له بلاء حسن في الكفار
قتلته الباطنية اغتيالا جهزهم الكفار عليه لشدة ما أنكى فيهم فإنه كان جاهد في الكفار وأوسعهم قتلا ونهبا وأسرا فجهزوا عليه الباطنية فقتلوه بعد عوده من لهاور في شعبان سنة اثنتين وستمائة
1074
محمد بن سعيد بن يحيى بن علي بن الحجاج بن محمد بن الدبيثي
الحافظ أبو عبد الله الواسطي
ولد في رجب سنة ثمان وخمسين وخمسمائة
وسمع من أبي طالب محمد بن أحمد بن على الكتاني وعلي بن المبارك الآمدي
"""
صفحة رقم 62 """
وأبي الفتح بن شاتيل وأبي الفرج محمد بن أحمد بن نبهان والحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي وخلق
روى عنه ابن النجار وابن نقطة و الزكى البرزالي والخطيب عز الدين الفاروثي وتاج الدين أبو الحسن العراقي وآخرون
رحل إلى بغداد وتفقه بها على الإمام هبة الله بن البوقي وعلق الاصول والخلاف وعني بالحديث أتم عناية
وصنف في تاريخ واسط و الذيل على ذيل ابن السمعاني وغيرهما
قال ابن النجار هو أحد الحفاظ المكثرين ما رأت عيناي مثله في حفظ التواريخ والسير وأيام الناس
وقال ابن نقطة له معرفة وحفظ
قال ابن النجار أضر ابن الدبيثي بأخرة
وتوفي ببغداد في ثامن شهر ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة
1075
محمد بن سعيد بن ندى أبو بكر الطحان
"""
صفحة رقم 63 """
1076
محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن الشيخ كمال الدين أبو سالم القرشي العدوي النصيبيني
مصنف كتاب العقد الفريد
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
تفقه وبرع في المذهب وسمع الحديث بنيسابور من المؤيد الطوسي وزينب الشعرية وحدث بحلب ودمشق
روى عنه الحافظ الدمياطي ومجد الدين ابن العديم
وكان من صدور الناس ولى الوزارة بدمشق يومين وتركها وخرج عما يملكة من ملبوس ومملوك وغيره وتزهد
توفي ابن طلحة في سابع عشرين رجب سنة اثنتين وخمسين وستمائة
1077
محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي القاسم بن صدقة
ابن حفص الصفراوي الاسكندراني القاضي شرف الدين بن عين الدولة
مولده في مستهل جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بالإسكندرية
وتفقه بمصر على أبي إسحاق العراقي شارح المهذب وسمع الحديث من قاضي القضاة عبد الملك بن درباس وغيره
"""
صفحة رقم 64 """
وروى عنه الحافظان المنذري وابن مسدى
وناب في الحكم بالقاهرة عن قاضي القضاة عماد الدين بن السكري وكان يوقع عنه فلما توفي ولي ابن عين الدولة قضاء القضاة بالقاهرة والوجه البحري وولي تاج الدين ابن الخراط مصر والوجه القبلي ثم لما صرف ابن الخراط جمع لابن عين الدولة العملان وذلك في سنة سبع عشرة وستمائة فلم يزل إلى أن عزل عن مصر والوجه القبلي بالقاضي بدر الدين ابن السنجاري في سنة تسع وثلاثين وبقي قاضيا بالقاهرة والوجه البحري فقط
وكان فقيها فاضلا عارفا بالشروط أديبا يحفظ كثيرا من الأشعار والحكايات مزوحا يحكى عنه نوادر كثيرة دينا مصمما وكانت نوادره لا يخرجها إلا بسكون وناموس
وفي زمنه اتفقت الحكاية التي اتفقت في زمن الإمام محمد بن جرير الطبري وهو أن أمرأة كادت زوجها فقالت له إن كنت تحبني فاحلف بطلاقي ثلاثا مهما قلت لك تقول مثله في ذلك المجلس فحلف فقالت له أنت طالق ثلاثا قل كما قلت لك فأمسك وارتفعا إلى ابن عين الدولة فقال خذ بعقصتها وقل أنت طالق ثلاثا إن طلقتك
"""
صفحة رقم 65 """
قلت وكأنهما ارتفعا إليه في المجلس وقد قدمنا المسألة في ترجمة ابن جرير في الطبقة الثانية مستوفاة
ومن شعره
وليت القضاء وليت القضاء
لم يك شيئا توليته
وقد ساقني للقضاء القضا
وما كنت قدما تمنيته
توفي بمصر في سابع عشر ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وستمائة
ذكر الحكاية العجيبة المشهورة عنه في عجيبة
وعجيبة مغنية كانت بمصر على عهد السلطان الملك الكامل بن أيوب ويذكر أن الكامل كان مع تصميمه بالنسبة إلى أبناء جنسه تحضر إليه ليلا وتغنيه بالجنك على الدف في مجلس بحضرة ابن شيخ الشيوخ وغيره وأولع الكامل بها جدا ثم اتفقت قضية شهد فيها الكامل عند ابن عين الدولة وهو في دست ملكه فقال ابن عين الدولة السلطان يأمر ولا يشهد فأعاد عليه السلطان الشهادة فأعاد القاضي القول فلما زاد الأمر وفهم السلطان أنه لا يقبل شهادته قال أنا أشهد تقبلني أم لا فقال القاضي لا ما أقبلك وكيف أقبلك وعجيبة تطلع إليك بجنكها كل ليلة وتنزل ثاني يوم بكرة وهي تتمايل سكرا على أيدي الجواري وينزل ابن الشيخ
"""
صفحة رقم 66 """
من عندك أنجس مما نزلت فقال له السلطان يا كنواخ وهي كلمة شتم بالفارسية فقال ما في الشرع يا كنواخ اشهدوا علي أني قد عزلت نفسي ونهض فجاء ابن الشيخ إلى الملك الكامل وقال المصلحة إعادته لئلا يقال لأي شيء عزل القاضي نفسه وتطير الأخبار إلى بغداد ويشيع أمر عجيبة فقال له صدقت ونهض إلى القاضي وترضاه وعاد إلى القضاء
قلت وهذه حكاية يستحسنها المؤرخون لما فيها من تصميم القاضي غافلين عن وجهها الفقهي وقد يقال إن كان الفسق عند ابن عين الدولة مخرجا للسلطان عن الأهلية فذلك يعود على ولايته القضاء التي وليها من قبله بالإبطال
وجواب هذا أن الفسق لا ينعزل به السلطان على الصحيح من المذهب
ثم قال القاضي حسين وجماعات آخرهم الشيخ الإمام رحمه الله أما وإن لم يعزله فلا يصحح منه ما يمكن تصحيحه من غيره فلا يقضي ولا يزوج الأيامى لأن فيمن يقيمه من القضاة مغنيا عنه فيه بخلاف تولية القضاء وغيره مما لا يتهيأ إلا من الإمام ويبين مخالفته فيه فإنه يصح منه فعلى هذا القول لا على غيره تتخرج هذه الحكاية
"""
صفحة رقم 67 """
1078
محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني
الأستاذ المقدم في النحو واللغة جمال الدين أبو عبد الله صاحب التصانيف السائرة
ولد سنة ستمائة أو إحدى وستمائة
وسمع بدمشق من أبي صادق الحسن بن صباح وأبي الحسن السخاوي وغيرهما
حدثنا عنه شيخنا المسند محمد بن إسماعيل بن إبراهيم
وأخذ العربية عن غير واحد وهو حبرها السائرة مصنفاته مسير الشمس ومقدمها الذي تصغي له الحواس الخمس وكان إماما في اللغة إماما في حفظ الشواهد وضبطها إماما في القراءات وعللها وله الدين المتين والتقوى الراسخة
توفي في ثانى عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة
"""
صفحة رقم 68 """
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز بقراءتي عليه أخبرنا الإمام جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك النحوي أخبرنا أبو الحسن على بن محمد بن عبد الصمد السخاوي أخبرنا الحافظ أبو طاهرالسلفي أخبرنا أبو العلاء محمد بن عبد الجبار بن محمد الفرساني بقراءتي عليه قلت له حدثكم أبو الحسن علي بن يحيى بن جعفر بن عبدكويه إملاء حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا حدثنا سلمة حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبو بكر ابن أبي مريم حدثنا القاسم بن سعيد أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر لخلقه كلهم غير المشرك والمشاحن وفيها يوحي الله إلى ملك الموت يقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة
أنشدنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح أنشدنا ابن مالك لنفسه في أسماء الذهب
نضر نضير نضار زبرج سيرا
وزخرف عسجد عقيان الذهب
والتبر ما لم يذب وأشركوا ذهبا
وفضة في نسيك هكذا الغرب
نسيك بفتح النون ثم سين مهملة مكسورة ثم آخر الحروف ثم كاف والغرب بفتح الغين المعجمة والراء وهما من أسماء كل من الذهب والفضة
"""
صفحة رقم 69 """
1079
محمد بن عبد الله بن محمد السلمي شرف الدين ابن أبي الفضل المرسي
ولد بمرسية سنة سبعين وخمسمائة وسمع الحديث بها ثم قدم بغداد وسمع من شيوخها ثم سافر إلى خراسان وسمع بنيسابور وهراة ومرو وعاد إلى بغداد ثم قدم دمشق ثم مصر ثم قوص ثم مكة ثم عاد إلى بغداد وحدث ب سنن البيهقي عن منصور الفراوي وب صحيح مسلم عن المؤيد الطوسي
وكان فقيها محدثا أصوليا نحويا أديبا زاهدا متعبدا صنف تفسيرا حسنا
توفي بين العريش وغزة سنة خمس وخمسين وستمائة
"""
صفحة رقم 70 """
أنشدنا شيخنا أبو حيان النحوي إذنا أنشدنا أبو الهدى عيسى السبتي أنشدني ابن أبي الفضل لنفسه
من كان يرغب في النجاة فما له
غير اتباع المصطفى فيما أتى
ذاك السبيل المستقيم وغيره
سبل الضلالة والغواية والردى
فاتبع كتاب الله والسنن التي
صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى
ودع السؤال بكم وكيف فإنه
باب يجر ذوي البصيرة للعمى
الدين ما قال النبي وصحبه
والتابعون ومن مناهجهم قفا
أنشدنا أحمد بن أبي طالب إذنا عن الحافظ ابن النجار أن المرسي أنشده لنفسه بالمستنصرية
قالوا فلان قد أزال بهاءه
ذاك العذار وكان بدر تمام
فأجبتهم بل زاد نور بهائه
ولذا تزايد فيه فرط غرامي
استقصرت ألحاظه فتكاتها
فأتى العذار يمدها بسهام
"""
صفحة رقم 71 """
ومن الفوائد عن ابن أبي الفضل المرسي
قال النحاة في إعراب قوله تعالى ) لا إله إلا هو ( من قوله تعالى ) وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو ( إن ) إله ( في موضع رفع مبني على الابتداء والخبر محذوف أي لنا أو في الوجود
واعترض صاحب المنتخب تقدير الخبر فقال إن كان لنا فيكون معنى قوله ) لا إله إلا هو ( معنى قوله ) وإلهكم إله واحد ( فيكون تكرارا محضا وإن كان في الوجود كان نفيا لوجود الإله ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصرف من نفي الوجود فكان إجراء الكلام على ظاهره والإعراض عن هذا الإضمار أولى
وأجاب أبو عبد الله المرسي في ري الظمآن فقال هذا كلام من لا يعرف لسان العرب فإن ) إله ( في موضع المبتدأ على قول سيبويه وعند غيره اسم ) لا ( وعلى كلا التقديرين فلا بد من خبر للمبتدأ أو للا فما قاله من الاستغناء عن الإضمار فاسد وأما قوله إذا لم يضمر كان نفيا للماهية فليس بشيء لأن نفي الماهية هو نفي الوجود لأن الماهية لا تتصور عندنا إلا مع الوجود فلا فرق بين لا ماهية ولا وجود وهذا مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة فإنهم يثبتون الماهية عارية عن الوجود انتهى
"""
صفحة رقم 72 """
قلت ما ذكر صاحب المنتخب من عدم تقدير خبر يشبه ما يقوله الشيخ الإمام الوالد رحمه الله في إعراب ) الله ( من قوله تعالى ) ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ( كما سنحكيه إن شاء الله في ترجمته لكن يبقى عليه أن لا يجعل هنا مبتدأ بل يجعل ) إله ( كلمة مفردة لا معربة ولا مبنية وحينئذ فلا يقال له لا بد للمبتدأ من خبر إذ لا مبتدأ حتى يستدعي خبرا ويقوى هذا على رأي بني تميم فإنهم لا يثبتون الخبر وأكثر الحجازيين على حذفه
فإن قلت هب أنهم لا يثبتونه ولكن يقدرونه
قلت إن سلمنا أنهم يقدرونه فذلك لجعلهم الاسم مبتدأ ومن لا يجعله مبتدأ لا يسلم التقدير ثم أقول المفهوم من كلام صاحب المنتخب رد هذين الإضمارين وهما إضمار لنا وإضمار في الوجود لا رد مطلق الإضمار فلو أضمر متصورا ونحو ذلك من التقدير العام لم ينكره ففهم المرسي عنه أنه لا يقدر الخبر فيه نظر وإنما الذي لا يقدره هذا الإضمار لا مطلق الخبر
وأما قوله لا فرق بين نفي الماهية ونفي الوجود فصحيح لكن قول المرسي إن الماهية لا تتصور عندنا إلا مع الوجود مستدرك فإن الماهية عندنا معاشر الأشاعرة نفس وجودها ولا نقول إنه لا تتصور إلا مع وجودها وهذا مقرر في أصول الديانات
"""
صفحة رقم 74 """
1082
محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد
قاضي القضاة بالشام عز الدين ابن الصائغ
ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة وسمع أبا المنجا ابن اللتي والحافظ يوسف بن خليل وغيرهما
وحدثنا عنه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز
ولازم القاضي كمال الدين التفليسي وصار من أعيان أصحابه ثم ولي تدريس الشامية البرانية مشاركا للقاضي شمس الدين ابن المقدسي ثم استقل بها ابن المقدسي وانفصل عز الدين ثم ولي وكالة بيت المال ثم قضاء القضاة فباشره مباشرة جيدة وحمدت سيرته ثم عزل وولي ابن خلكان ثم أعيد فاستمر إلى سنة اثنتين وثمانين فتضافرت عليه الأعداء وامتحن محنة شديدة وسجن في القلعة ثم أطلق من الحبس واستمر معزولا إلى أن مات في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة عن خمس وخمسين سنة
"""
صفحة رقم 75 """
1083
محمد بن عبد الكافي بن علي بن موسى القاضي شمس الدين الربعي الصقلي ثم الدمشقي
مدرس الأمينية
سمع من الأمير أسامة بن منقذ
روى عنه الحافظ الدمياطي وغيره وولي قضاء حمص وتوفي سنة تسع وأربعين وستمائة
1084
محمد بن عبد الواحد بن أبي سعد المديني أبو عبد الله الواعظ
ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة بمدينة جي
وسمع الحديث من أبي القاسم إسماعيل بن علي الحمامي وأبي الوقت السجزي وأبي الخير محمد بن أحمد الباغباني وغيرهم
"""
صفحة رقم 76 """
حدث عنه الحافظ ضياء الدين المقدسي والحافظ ابن النجار وقال هو واعظ ثبت شافعي له معرفة بالحديث قتل بأصبهان شهيدا على يد التتر في رمضان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة
1085
محمد بن عثمان بن بنت أبي سعد القاهري الشيخ شرف الدين
شيخ شيوخنا فقيه أصولي نحوي أديب
توفي في المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة
حدثونا عنه ومن شعره
إن شعري قد حط سعري حتى
صار قدري كمثل قدر الهلال
ذؤابة النعل
ثم نحوي جر المكارم نحوى
فاعتراني منها كلسع الهلال
ضرب من الأفاعي
وأصول الفروع حيث وصولي
لمرامي فبعده كالهلال
هلال السماء
وأصول الكلام منها كلامي
فتخلفت في الورى كهلال
هلال رايته
"""
صفحة رقم 77 """
ثم زجري قد جر رجزي حتى
ربط الذل بي كربط الهلال
ما يجمع حنى الرحل
وعروضي قد حط قدر عروضي
فرماني صحبي كرمي الهلال
قطعة من الرحى المكسورة
ثم طبي لأجله زال طبي
وأتاني بمثل طعن الهلال
حربة لها شعبتان
وبياني قد جب كسب بناني
بعد صيدي به كصيد الهلال
حديدة الصائد
ثم نثري مثل النثار ومنه
خف رزقي عندي بمثل الهلال
ما أطاف حول الإصبع
علم الإنساب حاز الأسباب عني
فأبى الدهر لي بطحن الهلال
بالرحى المكسورة
ثم خطي قد حط حظي حتى
فاتني في الورى جميع الهلال
الغبار والهبا
"""
صفحة رقم 78 """
وكذا الرمي أثقل الرمى مني
وكساني ثوبا كمثل الهلال
جمع هلة وهي المقرضة
ونجومي تحت النجوم رمتني
بعد وردي منها كورد الهلال
سلخ الأفعى
ولقد كنت أنشر العلم دهرا
لست فيه مؤاخرا كالهلال
بقية الماء في الحوض
فتركت العلوم مما دهاني
بعد سمعي كل الورى في الهلال
مقاولة الأجير على الشهور
وتصوفت إذ سبقت البرايا
بخشوعي دفعتهم في الهلال
المماراة في رقة السنح
ثم إني زهدت في الدهر أيضا
بعد أن كنت لاحقا بالهلال
سفيان بن عيينة الهلالي
"""
صفحة رقم 79 """
1086
محمد بن علي بن علي بن المفضل الحلي مهذب الدين أبو طالب ابن الخيمي
أديب شاعر سمع ببغداد من ابن الزاغوني وحدث عنه المنذري وغيره
ومن شعره
أربعة من شك في فضلهم
فهو عن الإيمان في معزل
فضل أبي بكر وتقديمه
وصاحبيه وأخيهم علي
فقل لهم عني كذا أخبر
الثقات عنهم وكذا قيل لي
وإن من أقبحها شنعة
تأخير من قدم في الأول
ولد بالحلة سنة تسع وأربعين وخمسمائة وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتين وقيل إحدى وأربعين وستمائة
"""
صفحة رقم 80 """
1087
محمد بن علي بن الحسين الخلاطي الفقيه أبو الفضل القاضي
له كتاب قواعد الشرع وضوابط الأصل والفرع على الوجيز وله مصنفات غير ذلك
سمع ببغداد من الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي وبدمشق من أبي المنجا عبد الله بن عمر ابن اللتي وحدث وانتقل إلى القاهرة فولي قضاء الشارع بظاهرها
توفي في شهر رمضان سنة خمس وسبعين وستمائة بالقاهرة
1088
محمد بن علوان بن مهاجر بن علي بن مهاجر الإمام شرف الدين أبو المظفر الموصلي
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة
وتفقه بالموصل على أبي البركات ابن السروجي وببغداد على أبي المحاسن يوسف بن بندار
وبرع في المذهب وسمع الحديث من الحسين بن المؤمل ومحمد بن علي بن ياسر الجياني وجماعة
"""
صفحة رقم 81 """
روى عنه الزكي البرزالي وغيره
وله تعليقة في الفقه
درس بالمدرسة التي أنشأها أبوه علوان بالموصل وبمدارس أخر
مات بالموصل ثالث المحرم سنة خمس عشرة وستمائة
1089
محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري الإمام فخر الدين الرازي ابن خطيب الري
إمام المتكلمين ذو الباع الواسع في تعليق العلوم والاجتماع بالشاسع من حقائق المنطوق والمفهوم والارتفاع قدرا على الرفاق وهل يجري من الأقدار إلا الأمر المحتوم
"""
صفحة رقم 82 """
بحر ليس للبحر ما عنده من الجواهر وحبر سما على السماء وأين للسماء مثل ما له من الزواهر وروضة علم تستقل الرياض نفسها أن تحاكي ما لديه من الأزاهر
انتظمت بقدره العظيم عقود الملة الإسلامية وابتسمت بدره النظيم ثغور الثغور المحمدية تنوع في المباحث وفنونها وترفع فلم يرض إلا بنكت تسحر ببيونها وأتى بجنات طلعها هضيم وكلمات يقسم الدهر أن الملحد بعدها لا يقدر أن يضيم
وله شعار أوى الأشعري من سننه إلى ركن شديد واعتزل المعتزلي علما أنه ما يلفط من قول إلا لديه رقيب عتيد
وخاض من العلوم في بحار عميقة وراض النفس في دفع أهل البدع وسلوك الطريقة
أما الكلام فكل ساكت خلفه وكيف لا وهو الإمام رد على طوائف المبتدعة وهد قواعدهم حين رفض النفس للرفض وشاع دمار الشيعة وجاء إلى المعتزلة فاغتال الغيلانية وأوصل الواصلية النقمات الواصبية وجعل العمرية أعبدا لطلحة والزبير وقالت الهذلية لا تنتهي قدرة الله على خير وصبر وأيقنت النظامية بأنه أذاق بعضهم بأس بعض وفرق شملهم وصيرهم قطعا وعبست البشرية لما جعل معتزلهم سبعا وهشم الهشامية والبهشمية بالحجة الموضحة وقصم الكعبية فصارت تحت الأرجل
"""
صفحة رقم 83 """
1080
محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بختيار بن علي الهمامي أبو عبد الله ولد بالهمامية من قرى واسط
قال ابن النجار كان حافظا للمذهب سديد الفتاوى ورعا دينا كثير العبادة أريد على أن يلي القضاء بواسط فلم يجب
توفي في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وستمائة
1081
محمد بن عبد الرحمن بن الأزدي أو الكندي المصري
كان يفتي مع شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام
واختصر المذهب في مصنف سماه الهادي وفيه يقول فيمن سها وسلم ولم يسجد ما نصه فإن سلم فأحدث فعن له فسجد بطلت صلاته على الصحيح انتهى
ومراده بعن له فتطهر وهذا غريب والمعروف أنا إذا قلنا يسجد عند قرب الفصل قول الإمام ولو سلم وأحدث ثم انغمس في ماء على قرب الزمان فالظاهر أن الحدث فاصل وإن لم يطل الزمان انتهى فأخذ منه صاحب الهادي أنه إذا تطهر وسجد صار عائدا ثم فرع عليه أنه إذا عاد بطلت لأنها صلاة تخللها حدث فتبطل على المذهب
"""
صفحة رقم 83 """
مجرحة وعلمت الجبائية مذ قطعها أن الإسلام يجب ما قبله وانهزم جيش الأحيدية فما عاد منهم إلا من عاد إلى القبلة وعرج على الخوارج فدخلوا تحت الطاعة وعلمت الأزارقة منهم أن فتكات أبيضه المحمدية ونار أسمره الأحمدية لا قبل لهم بها ولا استطاعة وقالت الميمونية اليمن من الله والشر وخنست الأخنسية وما فيهم إلا من تحيز إلى فئة وفر والتفت إلى الروافض فقالت الزيدية ضرب عمرو وخالد وبكر زيدا وقالت الإمامية هذا الإمام ومن حاد عنه فقد جاء شيئا إدا وأيقنت السليمانية أن جنها حبس في القناني وقالت الأزلية هذا الذي قدر الله في الأزل أن يكون فردا وعوذه بالسبع المثاني وقال المنتظرون هذا الإمام وهذا اليوم الموعود وجعلت الكيسانية في ظلال كيسه وسجل عليهم بالطاعة في يوم مشهود ونظر إلى الجبرية شزرا فمشى كل منهم على كره الهوينا كأنه جاء جبرا وعلمت النجارية أن صنعها لا يقابل هذا العظيم النجار ونادت الضرارية لا ضرر في الإسلام ولا ضرار وتطلع على القدرية فعبس كل منهم وبسر ثم أقبل واستصغر وكان من الذباب أقل وأحقر فقتل كيف قدر وانعطف إلى المرجئة وما أرجأهم وجعل العدمية منه خالدية في الهون وساءهم بنارهم ودعا الحلولية فحل عليهم ما هو أشد من المنية
"""
صفحة رقم 84 """
وأصبحت الباطنية تأخذ أقواله ولا تتعدى مذهب الظاهرية وأما الحشوية قبح الله صنعهم وفضح على رؤوس الأشهاد جمعهم فشربوا كأسا قطع أمعاءهم وهربوا فرارا إلى خسي الأماكن حتى عدم الناس محشاهم وصار القائل بالجهة في أخس الجهات وعرض عليه كل جسم وهو يضرب بسيف الله الأشعري ويقول ) هل من مزيد ( هات حتى نادوا بالثبور وزال عن الناس افتراؤهم ومكرهم ) ومكر أولئك هو يبور ( وأما النصارى واليهود فأصبحوا جميعا وقلوبهم شتى ونفوسهم حيارى ورأيت الفريقين ) سكارى وما هم بسكارى ( وما من نصراني رآه إلا وقال أيها الفرد لا نقول بالتثليث بين يديك ولا يهودي إلا سلم وقال ) إنا هدنا إليك (
هذا ما يتعلق بعقائد العقائد وفرائد القلائد
وأما علوم الحكماء فلقد تدرع بجلبابها وتلفع بأثوابها وتسرع في طلبها حتى دخل من كل أبوابها وأقسم الفيلسوف إنه لذو قدر عظيم وقال المنصف في كلامه هذا ) من لدن حكيم ( وآلى ابن سينا بالطور إليه من أن قدره دون هذا المقدار وعلم أن كلامه المنثور وكتابه المنظوم يكاد سنا برقهما يذهب بالأبصار وفهم صاحب أقليدس أنه اجتهد في الكواكب وأطلعها سوافر وجد حتى أبرزها في ظلام الضلال غرر نهار لا يتمسك بعصم الكوافر
وأما الشرعيات تفسيرا وفقها وأصولا وغيرها فكان بحرا لا يجارى وبدرا
"""
صفحة رقم 85 """
إلا أن هداه يشرق نهارا هذا هو العلم كيف يليق أن يتغافل المؤمن عن هذا وهذا هو دوا الذهن الذي كان أسرع إلى كل دقيق نفاذا وهذا هو الحجة الثابتة على قاضي العقل والشرع وهذه هي الحجة التي يثبت فيها الأصل ويتفرع الفرع ما القاضي عنده إلا خصم هذا الجلل إن ماثله إلا ممن تلبس بما لم يعط ولم يقف عند حد له ولا رسم وما البصري إلا فاقد بصره وإن رام لحاق نظره فقد فقد نظر العين ولا أبو المعالي إلا ممن يقال له هذا الإمام المطلق إن كنت إمام الحرمين
ولقد أجاد ابن عنين حيث يقول فيه
ماتت به بدع تمادى عمرها
دهرا وكاد ظلامها لا ينجلي
وعلا به الإسلام أرفع هضبة
ورسا سواه في الحضيض الأسفل
غلط امرؤ بأبى علي قاسه
هيهات قصر عن هداه أبو على
لو أن رسطاليس يسمع لفظة
من لفظه لعرته هزة أفكل
ولحار بطليموس لو لاقاه من
برهانه في كل شكل مشكل
ولو أنهم جمعوا لديه تيقنوا
أن الفضيلة لم تكن للأول
ولد الإمام سنة ثلاث وأربعين وقيل أربع وأربعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 86 """
واشتغل على والده الشيخ ضياء الدين عمر وكان من تلامذة محيى السنة أبي محمد البغوي وقرأ الحكمة على المجد الجيلي بمراغة وتفقه على الكمال السمناني ويقال إنه حفظ الشامل في علم الكلام لإمام الحرمين
وكان أول أمره فقيرا ثم فتحت عليه الأرزاق وانتشر اسمه وبعد صيته وقصد من أقطار الأرض لطلب العلم
وكانت له يد طولى في الوعظ بلسان العربي والفارسي ويلحقه فيه حال وكان من أهل الدين والتصوف وله يد فيه وتفسيره ينبىء عن ذلك
وعبر إلى خوارزم بعد ما مهر في العلوم فجرى بينه وبين المعتزلة مناظرات أدت إلى خروجه منها ثم قصد ما وراء النهر فجرى له أشياء نحو ما جرى بخوارزم فعاد إلى الري ثم اتصل بالسلطان شهاب الدين الغوري وحظي عنده ثم بالسلطان الكبير علاء الدين خوارزمشاه محمد بن تكش ونال عنده أسنى المراتب واستقر عنده بخراسان
واشتهرت مصنفاته في الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها ورفضوا كتب المتقدمين
وأقام بهراة وكان يلقب بها شيخ الإسلام وكان كثير الإزراء بالكرامية فقيل إنهم وضعوا عليه من سقاه سما فمات
"""
صفحة رقم 87 """
وكان خوارزمشاه يأتي إليه وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاثمائة نفس من الفقهاء وغيرهم
وكان شديد الحرص جدا في العلوم وأصحابه أكثر الخلق تعظيما له وتأدبا معه له عندهم المهابة الوافرة
ومن تصانيفه التفسير والمطالب العالية ونهاية العقول والأربعين والمحصل والبيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان والمباحث العمادية والمحصول وعيون المسائل وإرشاد النظار وأجوبة المسائل البخارية والمعالم و تحصيل الحق والزبدة وشرح الإشارات وعيون الحكمة وشرح الأسماء الحسنى
وقيل شرح مفصل الزمخشري في النحو ووجيز الغزالي في الفقه وسقط الزند لأبي العلاء وله طريقة في الخلاف و مصنف في مناقب الشافعي حسن وغير ذلك
وأما كتاب السر المكتوم في مخاطبة النجوم فلم يصح أنه له بل قيل إنه مختلق عليه
حكى الأديب شرف الدين محمد بن عنين أنه حضر درسه مرة وهو شاب وقد وقع ثلج كبير فسقطت بالقرب منه حمامة وقد طردها بعض الجوارح فلما وقعت رجع عنها الجارح فلم تقدر الحمامة على الطيران من الخوف والبرد فلما قام الإمام من الدرس وقف عليها ورق لها وأخذها قال ابن عنين فقلت في الحال
"""
صفحة رقم 88 """
يا ابن الكرام المطعمين إذا شتوا
في كل مسغبة وثلج خاشف
العاصمين إذا النفوس تطايرت
بين الصوارم والوشيج الراعف
من أنبأ الورقاء أن محلكم
حرم وأنك ملجأ للخائف
وفدت إليك وقد تدانى حتفها
فحبوتها ببقائها المستأنف
لو أنها تحبى بمال لانثنت
من راحتيك بنائل متضاعف
جاءت سليمان الزمان بشكوها
والموت يلمع من جناحي خاطف
قدم لواه الفوت حتى ظله
بإزائه يجري بقلب واجف
واعلم أن شيخنا الذهبي ذكر الإمام في كتاب الميزان في الضعفاء وكتبت أنا على كتابه حاشية مضمونها أنه ليس لذكره في هذا المكان معنى ولا يجوز من وجوه عدة أعلاها أنه ثقة حبر من أحبار الأمة وأدناها أنه لا رواية له فذكره في كتب الرواة مجرد فضول وتعصب وتحامل تقشعر منه الجلود
وقال في الميزان له كتاب أسرار النجوم سحر صريح
قلت وقد عرفناك أن هذا الكتاب مختلق عليه وبتقدير صحة نسبته إليه ليس بسحر فليتأمله من يحسن السحر ويكفيك شاهدا على تعصب شيخنا عليه ذكره إياه في حرف الفاء حيث قال الفخر الرازي ولا يخفى أنه لا يعرف بهذا ولا هو اسمه أما اسمه فمحمد وأما ما اشتهر به فابن الخطيب والإمام فإذا نظرت أيها الطارح رداء
"""
صفحة رقم 89 """
العصبية عن كتفيه الجانح إلى جعل الحق بمرأى عينيه إلى رجل عمد إلى إمام من أئمة المسلمين وأدخله في جماعة ليس هو منهم أعني رواة الحديث فإن الإمام لا رواية له ودعاه باسم لا يعرف به ثم نظرت إلى قوله في آخر الميزان إنه لم يتعمد في كتابه هوى نفس وأحسنت بالرجل الظن وأبعدته عن الكذب أوقعته في التعصب وقلت قد كرهه لأمور ظنها مقتضية الكراهة ولو تأملها المسكين حق التأمل وأوتي رشده لأوجبت له حبا عظيما في هذا الإمام ولكنها الحاملة له على هذه العظيمة والمردية له في هذه المصيبة العميمة نسأل الله الستر والسلامة
وذكر أن الإمام وعظ يوما بحضرة السلطان شهاب الدين الغوري وحصلت له حال فاستغاث يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرارزي يبقى ) وأن مردنا إلى الله (
وبلغ من أمر الحشوية أن كتبوا له رقاعا فيها أنواع السيئات وصاروا يضعونها على منبره فإذا جاء قرأها فقرأ يوما رقعة ثم استغاث في هذه الرقعة أن ابني يفعل كذا فإن صح هذا فهو شاب أرجو له التوبة وأن امرأتي تفعل كذا فإن صح هذا فهي امرأة لا أمانة لها وأن غلامي يفعل كذا وجدير بالغلمان كل سوء إلا من حفظ الله وليس في شيء من الرقاع - ولله الحمد - أن ابني يقول إن الله جسم ولا يشبه به خلقه ولا أن زوجتي تعتقد ذلك ولا غلامي فأي الفريقين أوضح سبيلا
"""
صفحة رقم 90 """
قال أبو عبد الله الحسن الواسطي سمعت الإمام بهراة ينشد على المنبر عقيب كلام عاتب فيه أهل البلد
المرء ما دام حيا يستهان به
ويعظم الرزء فيه حين يفتقد
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أخبرنا الكمال عمر بن إلياس بن يونس المراغي أخبرنا التقي يوسف بن أبي بكر النسائي بمصر أخبرنا الكمال محمود بن عمر الرازي قال سمعت الإمام فخر الدين يوصي بهذه الوصية لما احتضر لتلميذه إبراهيم بن أبي بكر الأصبهاني
يقول العبد الراجي رحمة ربه الواثق بكرم مولاه محمد بن عمر بن الحسن الرازي وهو أول عهده بالآخرة وآخر عهده بالدنيا وهو الوقت الذي يلين فيه كل قاس ويتوجه إلى مولاه كل آبق أحمد الله بالمحامد التي ذكرها أعظم ملائكته في أشرف أوقات معارجهم ونطق بها أعظم أنبيائه في أكمل أوقات شهاداتهم وأحمده بالمحامد التي يستحقها عرفتها أو لم أعرفها لأنه لا مناسبة للتراب مع رب الأرباب
وصلواته على ملائكته المقربين والأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله الصالحين
اعلموا أخلائي في الدين وإخواني في طلب اليقين أن الناس يقولون إن الإنسان إذا مات انقطع عمله وتعلقه عن الخلق وهذا مخصص من وجهين الأول أنه إن بقي منه عمل صالح صار ذلك سببا للدعاء والدعاء له عند الله تعالى أثر الثاني ما يتعلق بالأولاد وأداء الجنايات
"""
صفحة رقم 91 """
أما الأول فاعلموا أني كنت رجلا محبا للعلم فكنت أكتب من كل شيء شيئا لأقف على كميته وكيفيته سواء كان حقا أو باطلا إلا أن الذي نطق به في الكتب المعتبرة أن العالم المخصوص تحت تدبير مدبره المنزه عن مماثلة التحيزات موصوف بكمال القدرة والعلم والرحمة ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال لله ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة والمناهج الخفية فلهذا أقول كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء كما في القدم والأزلية والتدبير والفعالية فذلك هو الذي أقول به وألقى الله به وأما ما ينتهي الأمر فيه إلى الدقة والغموض وكل ما ورد في القرآن والصحاح المتعين للمعنى الواحد فهو كما قال والذي لم يكن كذلك أقول يا إله العالمين إني أرى الخلق مطبقين على أنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين فكل ما مده قلمي أو خطر ببالي فأستشهد وأقول إن علمت مني أني أردت به تحقيق باطل أو إبطال حق فافعل بي ما أنا أهله وإن علمت مني أني ما سعيت إلا في تقديس اعتقدت أنه الحق وتصورت أنه الصدق فلتكن رحمتك مع قصدي لا مع حاصلي فذاك جهد المقل وأنت أكرم من أن تضايق الضعيف الواقع في زلة فأغثني وارحمني واستر زلتي وامح حوبتي يا من لا يزيد ملكه عرفان العارفين ولا ينقص ملكه بخطأ المجرمين وأقول ديني متابعة الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وكتابي القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما اللهم يا سامع الأصوات ويا مجيب الدعوات ويا مقيل العثرات
"""
صفحة رقم 92 """
أنا كنت حسن الظن بك عظيم الرجاء في رحمتك وأنت قلت أنا عند ظن عبدي بي وأنت قلت ) أم من يجيب المضطر إذا دعاه ( فهب أني ما جئت بشيء فأنت الغني الكريم فلا تخيب رجائي ولا ترد دعائي واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت وبعد الموت وعند الموت وسهل علي سكرات الموت فإنك أرحم الراحمين
وأما الكتب التي صنفتها واستكثرت فيها من إيراد السؤالات فليذكرني من نظر فيها بصالح دعائه على سبيل التفضل والإنعام وإلا فليحذف القول السيء فإني ما أردت إلا تكثير البحث وشحذ الخاطر والاعتماد في الكل على الله
الثاني وهو إصلاح أمر الأطفال فالاعتماد فيه على الله
ثم إنه سرد وصيته في ذلك إلى أن قال وأمرت تلامذتي ومن لي عليه حق إذا أنا مت يبالغون في إخفاء موتي ويدفنوني على شرط الشرع فإذا دفنوني قرأوا علي ما قدروا عليه من القرآن ثم يقولون يا كريم جاءك الفقير المحتاج فأحسن إليه
هذا آخر الوصية
وقال الإمام في تفسيره وأظنه في سورة يوسف عليه السلام والذي جربته من طول عمري أن الإنسان كلما عول في أمر من الأمور على غير الله صار ذلك سببا للبلاء والمحنة والشدة والرزية وإذا عول على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل ذلك المطلوب على أحسن الوجوه فهذه التجربة قد استمرت لي من أول عمري إلى هذا الوقت الذي بلغت فيه إلى السابع والخمسين فعند هذا أسفر قلبي على أنه لا مصلحة للإنسان في التعويل على شيء سوى فضل الله وإحسانه انتهى
"""
صفحة رقم 93 """
قلت وما ذكره حق ومن حاسب نفسه وجد الأمر كذلك وإن فرض أحد عول في أمر على غير الله وحصل له فاعلم أنه لا يخلو عن أحد رجلين إما رجل ممكور به والعياذ بالله وإما رجل يطلب شرا وهو يحسب أنه خير لنفسه ويظهر له ذلك بعاقبة ذلك الأمر فما أسرع انقلابه في الدنيا قبل الآخرة إلى أسوأ الأحوال ومن شاء اعتبار ذلك فليحاسب نفسه
واعلم أن هذه الجملة من كلام الإمام دالة على مراقبته طول وقته ومحاسبته لنفسه رضي الله عنه وقبح من يسبه أو يذكره بسوء حسدا وبغيا من عند نفسه
توفي الإمام رحمه الله بهراة في يوم الاثنين يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة
ومن الفوائد عنه
إذا باع صاعا من صبرة مجهولة الصيعان وجوزناه أو معلومة وقلنا إنه لا ينزل على الإشاعة فالخيرة في الجانب الذي يوجد منه الصاع الذي وقع عليه العقد إلى البائع
قال ابن الرفعة في المطلب في الجراح في الكلام على ما إذا كان رأس الشاج أكبر وفي المنتخب المعزى لابن الخطيب أنها للمشتري وقد نوقش فيه انتهى
"""
صفحة رقم 94 """
قلت وقد أجاد في قوله المعزى لابن الخطيب لأن كثيرا من الناس ذكروا أنه لبعض تلامذة الإمام لا للإمام
اختار الإمام في التفسير في سورة الإسراء أن الجمادات وغير المكلف من البهائم أنها تسبح الله بلسان الحال ولا تسبح له بلسان المقال واحتج بما لم ينهض عندنا
وفصل قوم فقالوا كل حي ونام يسبح دون ما عداه وعليه قول عكرمة الشجرة تسبح والأسطوانة لا تسبح
وقال يزيد الرقاشي للحسن وهما يأكلان طعاما وقد قدم الخوان أيسبح هذا الخوان أبا سعيد فقال قد كان يسبح ثمره يريد أن الشجرة في زمن ثمرها واعتدالها ذات تسبيح وأما الآن فقد صار خوانا مدهونا
ويستدل لهذا بما ثبت من حديث ابن عباس أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وفيه أنه دعا بعسيب رطب وشقه باثنين وغرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا فإن فيه إشارة إلى أنهما ما داما رطبين يسبحان وإذا يبسا صارا جمادا
وذهب قوم إلى أن كل شيء من جماد وغيره يسبح بلسان المقال وهذا هو الأرجح عندنا لأنه لا استحالة فيه ويدل له كثير من النقول قال تعالى ) إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ( وقال تعالى ) وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا (
"""
صفحة رقم 95 """
)
وقال ( صلى الله عليه وسلم ) كما روى ابن ماجة لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ولا مدر ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة وفي صحيح البخاري أنهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل عند النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وفي صحيح مسلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وخبر الجذع في هذا الباب مشهور وروى ابن المبارك في رقائقه أن ابن مسعود قال إن الجبل ليقول للجبل هل مر بك اليوم ذاكر لله فإن قال نعم سر به إلى غير ذلك من أخبار وآيات تشهد لمن يحمل قوله تعالى ) وإن من شيء إلا يسبح بحمده ( على عمومه غير أنا نقول لا نسلم من تسبيحها بلسان المقال أنا نسمعها وإنما يكون ذلك على سبيل المعجزة كما كانوا يسمعون تسبيح الطعام عند المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) أو على وجه الكرامة
ذهب الإمام إلى أنه إذا قال لامرأتيه إحداكما طالق لا يقع الطلاق على واحدة منهما لأن الطلاق تعيين فيستدعى محلا معينا
حكى الإمام في المناقب أن الحسين الفراء مال إلى مذهب أبي حنيفة في مسح الرأس في الوضوء فأوجب الربع وتعجب الإمام من البغوي في ذلك
قلت وهذا أخذه من كلامه في التهذيب فإن فيه بعد ما حكى مذهب الشافعي
"""
صفحة رقم 96 """
وأبي حنيفة وجب أن لا يسقط الفرض عنه إذا مسح أقل من الناصية لأن ظاهر القرآن يوجب التعميم والسنة خصته بقدر الناصية انتهى وليس صريحا في مذهب أبي حنيفة بل في التقدير بقدر الناصية أما تقدير الناصية بالربع فذاك قول الحنفية فإن صح أنه يوافقهم على تقديرها بالربع فقد صح نقل الإمام وإلا فرأي البغوي خارج عن المذاهب الأربعة
ومن شعر الإمام
نهاية إقدام العقول عقال
وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في غفلة من جسومنا
وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا
سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها
رجال فزالوا والجبال جبال
وكم قد رأينا من رجال ودولة
فبادوا جميعا مزعجين وزالوا
1090
محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه بن محمد
شيخ الشيوخ صدر الدين أبو الحسن ابن شيخ الشيوخ عماد الدين الجويني الصوفي
"""
صفحة رقم 97 """
ولد بجوين وتفقه على أبي طالب الأصبهاني صاحب التعليقة المشهورة وقدم الشام مع والده وتفقه على القطب النيسابوري وسمع من أبيه ويحيى الثقفي
وولي المناصب الكبار وتخرج به جماعة ودرس وأفتى
وزوجه القطب النيسابوري بابنته فأولدها الإخوة الأربعة الأمراء الصدور عمر ويوسف وأحمد وحسن
وعظم جاهه في الدولة الكاملية ودرس بقبة الشافعي ومشهد الحسين وغير ذلك
وسيره الكامل رسولا إلى الخليفة يستنجده على الفرنج في نوبة دمياط فمرض بالموصل ومات سنة سبع عشرة وستمائة
1091
محمد بن عيسى بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد ابن أبي عبد الله القرشي العبدري أبو عيسى المروروذي
من أهل بنج ديه من أعمال مروالروذ
فقيه فاضل من بيت الفضل والتقدم
مولده سنة سبع وستين وخمسمائة ببنج ديه
قال ابن النجار بلغني أن بعض غلمانه الهنود اغتاله فقتله وقتل ولده معه وكان من أجمل الشباب وأظرفهم ولم يعين تاريخ وفاته
"""
صفحة رقم 98 """
1092
محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الشيخ بدر الدين
شارح ألفية والده الشيخ جمال الدين
نحوي خبير بالمعاني والبيان والمنطق ذكي
توفي كهلا في المحرم سنة ست وثمانين وستمائة
1093
محمد بن محمود بن الحسن بن هبة الله بن محاسن
الحافظ الكبير الثقة محب الدين أبو عبد الله ابن النجار البغدادي
مصنف تاريخ بغداد الذي ذيل به على تاريخ الخطيب فجاء في ثلاثين مجلدا دالا على سعة حفظه وعلو شأنه وله مصنف حافل في مناقب الشافعي رضي الله عنه وتصانيف أخر كثيرة في السنن والأحكام وغيرها
ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وسمع من عبد المنعم بن كليب ويحيى بن بوش وذاكر بن كامل وأبي الفرج بن الجوزي وأصحاب ابن الحصين والقاضي أبي بكر فأكثر
"""
صفحة رقم 99 """
وأول سماعه وله عشر سنين وأول عنايته بالطلب وله خمس عشرة سنة
وله الرحلة الواسعة إلى الشام ومصر والحجاز وأصبهان ومرو وهراة ونيسابور
لقي أبا روح الهروي وعين الشمس الثقفية وزينب الشعرية والمؤيد الطوسي والحافظ أبا الحسن علي بن المفضل وأبا اليمن الكندي وأبا القاسم ابن الحرستاني فمن بعدهم
قال ابن الساعي كانت رحلته سبعا وعشرين سنة واشتملت مشيخته على ثلاثة آلاف شيخ
روى عنه الجمال محمد بن الصابوني والخطيب عز الدين الفاروثي وعلي بن أحمد الغرافي والقاضي تقي الدين سليمان وخلق
وأجاز لأحمد بن أبي طالب بن الشحنة راوي الطحاوي شيخنا بالإجازة
توفي ببغداد في خامس شعبان سنة ثلاث وأربعين وستمائة
"""
صفحة رقم 100 """
1094
محمد بن محمود بن عبد الله الجويني
قاضي البصرة أبو عبد الله
تفقه بالنظامية ببغداد
وتولى قضاء البصرة وبها مات سنة خمس وستمائة
1095
محمد بن محمود بن محمد بن عباد أبو عبد الله القاضي شمس الدين الأصبهاني
شارح المحصول
كان إماما في المنطق والكلام والأصول والجدل فارسا لا يشق غباره متدينا لبيبا ورعا نزها ذا نعمة عالية كثير العبادة والمراقبة حسن العقيدة
خرج من أصبهان شابا ودخل بغداد فاشتغل بها ثم قدم حلب وولي القضاء بمنبج ثم قدم القاهرة فولاه قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز قضاء قوص فباشرها مباشرة حسنة
"""
صفحة رقم 101 """
وكان مهيبا قائما في الحق على أرباب الدولة يخافونه أتم الخوف بلغني أن الحاجب بمدينة قوص تعرض إلى بعض الأمور الشرعية فطلبه وضربه بالدرة ولم ينتطح فيها عنزان
وكان وقورا في درسه أخذ عنه العلم جماعة وذكروا أن شيخ الإسلام تقي الدين القشيري كان يحضر درسه بقوص وكان من دينه أن الطالب إذا أراد أن يقرأ عليه الفلسفة ينهاه ويقول لا حتى تمتزج بالشرعيات امتزاجا حقيقيا جيدا فلله دره
و شرحه للمحصول حسن جدا وإن كان قد وقف على شرح القرافي وأودعه الكثير من محاسنه لكنه أوردها على أحسن أسلوب وأجود تقرير بحيث إنك ترى الفائدة من كلام القرافي وإن كان هو المبتكر لها كالعجماء وتراها من كلام هذا الشيخ الأصبهاني قد تنقحت وجرت على أسلوب التحقيق ولكن الفضل للقرافي
وللأصبهاني أيضا كتاب القواعد مشتمل على الأصلين والمنطق والخلاف
دخل القاهرة بعد قضاء قوص ودرس بالمشهد الحسيني وأعاد بالشافعي ولما ولي الشيخ تقي الدين القشيري تدريس الشافعي عزل نفسه من الإعادة وبلغني أنه قال بطن الأرض خير من ظهرها ونحن نقيم عذره من جهة مشيخته وقدم هجرته وإلا فحقيق به وبأمثاله الاستفادة من إمام الأئمة الشيخ تقي الدين
وبلغني أنه حين فر من قوص إلى مصر اقترض عشرين درهما حتى تزود بها
"""
صفحة رقم 102 """
وسمعت الشيخ الإمام الوالد يحكى أنه قال في الاستدراك مرة وائل بن حجر بفتح الحاء والجيم فقلت له حجر بضم الحاء وإسكان الجيم فقال حجر حجر صحابي والسلام
وحضر إليه في قوص طالب يشكو على شاعر هجاه وسأل منه تعزيره فقال أخشى يبغى يعني يهجوني أيضا
وكان يعتقد كرامات الأولياء قال له مرة بعض الطلبة يا سيدي أيصح أن في هذه الأمة من يمشي على الماء ويطير في الهواء فقال يا بني هذه الأمة أكرمها الله بنبيها ( صلى الله عليه وسلم ) فانف عن أوليائها مقام النبوة والرسالة وأثبت ما شئت من الخوارق
ولد بأصبهان سنة ست عشرة وستمائة وتوفي بالقاهرة في العشرين من رجب سنة ثمان وثمانين وستمائة
فصل يشتمل على عقيدة مختصرة من كلامه مع الإشارة فيها إلى الأدلة وهي
الحمد لله حق حمده وصلواته على محمد عبده ورسوله
العالم الخالق واجب الوجود لذاته واحد عالم قادر حي مريد متكلم سميع بصير
"""
صفحة رقم 103 """
فالدليل على وجوده الممكنات لاستحالة وجودها بنفسها واستحالة وجودها بممكن آخر ضرورة استغناء المعلول بعلته عن كل ما سواه وافتقار الممكن إلى علته
والدليل على وحدته أنه لا تركيب فيه بوجه وإلا لما كان واجب الوجود لذاته ضرورة افتقاره إلى ما تركب منه ويلزم من ذلك أن لا يكون من نوعه اثنان إذ لو كان للزم وجود الاثنين بلا امتياز وهو محال
والدليل على علمه إيجاده الأشياء لاستحالة إيجاد الأشياء مع الجهل بها
والدليل على قدرته أيضا إيجاده الأشياء وهي إما بالذات وهو محال وإلا لكان العالم وكل واحد من مخلوقاته قديما فتعين أن يكون فاعلا بالاختيار وهو المطلوب
والدليل على أنه حي علمه وقدرته لاستحالة قيام العلم والقدرة من غير حي
والدليل على إرادته تخصيصه الأشياء بخصوصيات واستحالة التخصيص من غير مخصص
والدليل على كونه متكلما أنه آمر ناه لأنه بعث الرسل عليهم السلام لتبليغ أوامره ونواهيه ولا معنى لكونه متكلما إلا ذلك
والدليل على كونه سميعا بصيرا السمعيات
والدليل على نبوة الأنبياء عليهم السلام المعجزات وعلى نبوة سيدنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) القرآن المعجز نظمه ومعناه
ثم نقول كل ما أخبر به محمد ( صلى الله عليه وسلم ) من عذاب القبر ومنكر ونكير وغير ذلك من أحوال يوم القيامة والصراط والميزان والشفاعة والجنة والنار فهو حق لأنه ممكن وقد أخبر به الصادق فيلزم صدقه والله الموفق
"""
صفحة رقم 104 """
1096
محمد بن معمر بن عبد الواحد بن رجاء القرشي العبشمي
الفقيه المحدث مخلص الدين أبو عبد الله بن الحافظ أبي أحمد بن الشيخ أبي القاسم ابن الفاخر الأصبهاني
ولد في جمادى الآخرة سنة عشرين وخمسمائة
وحضر على فاطمة الجوزدانية وجعفر بن عبد الواحد الثقفي وإسماعيل بن الإخشيد
وسمع من سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن وزاهر الشحامي وخلق
روى عنه ابن خليل والضياء وغيرهما
قال ابن النجار كان حسن المعرفة بمذهب الشافعي له معرفة بالحديث ويد باسطة في الأدب وتفنن في كل علم يكتب خطا حسنا وكان من ظراف الناس ومحاسنهم ثقة متدينا له مكانة رفيعة عند الملوك
خرج إلى شيراز فتوفي بها في ربيع الأول سنة ثلاث وستمائة
"""
صفحة رقم 105 """
1097
محمد بن ناماور بن عبد الملك القاضي أفضل الدين الخونجي
ولد في جمادى الأولى سنة تسعين وخمسمائة
وله اليد الطولى في المعقولات وهو صاحب الموجز في المنطق وغيره
ولي قضاء قضاة القاهرة
وكان كثير الإفكار بحيث يستغرق وقتا صالحا في ذلك حكي عنه أنه فكر في مجلس السلطان ثم خشي الإنكار فقال أنا فكرت في هذا الفراش فظهر لي أنه إذا فرش على هيئة كذا توفر بساط ففعل ما قال فتوفر بساط
ودرس بالمدرسة الصالحية بالقاهرة وغيرها
توفي في الخامس من شهر رمضان سنة ست وأربعين وستمائة ودفن بسفح المقطم
"""
صفحة رقم 106 """
ورثاه عز الدين الإربلي بقصيدة أولها
قضى أفضل الدنيا نعم وهو فاضل
ومات بموت الخونجي الفضائل
1098
محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن يحيى بن بندار بن مميل بفتح الميم ومعناه محمد القاضي شمس الدين أبو نصر بن الشيرازي
ولد في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وخمسمائة
وأجاز له أبو الوقت السجزي ونصر بن سيار الهروي وآخرون وسمع من أبي يعلى بن الحبوبي والصائن هبة الله بن عساكر وأخيه الحافظ أبي القاسم وخلائق
وطال عمره وتفرد عن أقرانه
روى عنه المنذري وابن خليل والبرزالي والشرف ابن النابلسي والجمال ابن الصابوني وأبو الحسين بن الزينبي وأحمد بن هبة الله بن عساكر وخلائق
وتفرد بالحضور عليه حفيده أبو نصر محمد بن محمد وأبو محمد القاسم بن عساكر
"""
صفحة رقم 107 """
ولي قضاء القدس ثم قضاء الشام استقلالا بمدرسة العماد الكاتب ثم تركها ثم ولي تدريس الشامية البرانية
وكان موصوفا بالرئاسة والنبل ونفاذ الأحكام وعدم المحاباة
قال شيخنا الذهبي أخذ الفقه عن القطب النيسابوري وابن أبي عصرون فيما أرى
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وستمائة
1099
محمد بن واثق بن علي بن الفضل بن هبة الله قاضي القضاة محيي الدين أبو عبد الله بن فضلان البغدادي
مدرس المستنصرية
وقد ولي قضاء القضاة للإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين رضي الله عنه في آخر دولته
ولد سنة ثمان و ستين وخمسمائة
وتفقه على والده العلامة أبي القاسم بن فضلان ورحل إلى خراسان وناظر علماءها
"""
صفحة رقم 108 """
وكان عارفا بالمذهب والخلاف والأصول والمنطق موصوفا بحسن المناظرة ودرس بالنظامية
وسمع من أصحاب أبي القاسم بن بيان الرزاز وأبي طالب الزينبي
توفي في شوال سنة إحدى وثلاثين وستمائة
1100
محمد بن يحيى بن مظفر بن علي بن نعيم
القاضي أبو بكر البغدادي ابن الحبير بضم الحاء المهملة
ولد سنة تسع وخمسين وسمع من شهدة وأبي الفتح بن المني وعبد الله بن عبد الصمد السلمي وغيرهم
روى عنه ابن النجار وأبو الحسن العراقي وغيرهما ومشايخ شيوخنا
وكان إماما عارفا بالمذهب دينا خيرا وقورا كثير التلاوة له اليد الطولى في الجدل والمناظرة صاحب ليل وتهجد
تفقه على الشيخ المجير البغدادي وأبي المفاخر النوقاني وناب في القضاء عن أبي عبد الله بن فضلان
وكان أولا حنبلي المذهب ثم انتقل ودرس في النظامية
توفي في سابع شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة
"""
صفحة رقم 109 """
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ إذنا خاصا أخبرنا عبد الله بن أحمد العلوي أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الفقيه أنبأتنا شهدة أخبرنا طراد أخبرنا هلال أخبرنا ابن عياش القطان حدثنا أبو الأشعث حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا أتى المسجد والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب يوم الجمعة فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أصليت يا فلان قال لا قال قم فاركع
1101
محمد بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك الشيخ عماد الدين بن يونس الإربلي
أحد الأئمة من علماء الموصل يكنى أبا حامد
ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
وتفقه بالموصل على والده ثم رحل إلى بغداد فتفقه بها على السديد السلماسي وأبي المحاسن يوسف بن بندار الدمشقي وسمع الحديث من أبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطي وعبد الرحمن بن محمد الكشميهني
وعاد إلى الموصل ودرس بها في عدة مدارس وعلا صيته وشاع ذكره وقصده الفقهاء من البلاد
"""
صفحة رقم 110 """
وصنف المحيط في الجمع بين المهذب والوسيط وشرح الوجيز وصنف جدلا وسماه التحصيل و عقيدة لا بأس بها
قال ابن خلكان كان إمام وقته في المذهب والأصول والخلاف وكان له صيت عظيم في زمانه وكان شديد الورع والتقشف فيه وسوسة لا يمس القلم للكتاب إلا ويغسل يده ولم يرزق سعادة في تصانيفه فإنها ليست على قدر فضائله
قال وتوجه رسولا إلى الخليفة غير مرة وولي قضاء الموصل خمسة أشهر ثم عزل فولي بعده ضياء الدين القاسم بن يحيى الشهرزوري
توفي بالموصل في سلخ جمادى لآخرة سنة ثمان وستمائة
ومن المسائل والفوائد عنه
تقسيم أظنه من صنعته أدلة الشرع منحصرة في النص والإجماع والقياس وإنما قلنا ذلك لأن الحكم المدعى لا يخلو إما أن يكون مستفادا من نقل أو لا من نقل فإن كان فلا يخلو إما أن يكون بواسطة أهل الحل والعقد أو لا فإن كان فهو المسمى إجماعا وإن لم يكن فهو المسمى نصا وإن لم يكن مستفادا من نقل فلا يخلو إما أن يكون مستفادا من معنى معقول أو لا فإن كان فلا يخلو إما أن يكون ذلك المعنى راجعا إلى أحد هذين القسمين أو لا فإن كان راجعا فهو المسمى قياسا وإن لم راجعا كان مناسبا مرسلا وهو غير معمول به عندنا وعندهم وإن لم يكن لا من نقل ولا معنى معارض من جانب وجوده وعدمه فلا يثبت فثبت أن الأدلة منحصرة في النص والإجماع والقياس
"""
صفحة رقم 111 """
نكاح الجنية
قال الشيخ نجم الدين القمولي في شرح الوسيط إنه حكى عنه أنه كان يجعل من موانع النكاح اختلاف الجنس ويقول لا يجوز للآدمي أن ينكح الجنية
قال القمولي وفيه نظر
قال الأصحاب الأفضل تقديم الغائبة على الحاضرة إلا إذا ضاق وقت الحاضرة ويحرم بها
زاد صاحب التعجيز قبل باب شروط الصلاة أو أدرك جماعة وعلله في شرحه بخشية فوات الجماعة قال وهذا قاله جدي
قلت وسبقه إليه الغزالي فقال في الباب السادس من باب أسرار الصلاة من كتاب إحياء علوم الدين فقال من فاته الظهر إلى وقت العصر فليصل الظهر أولا ثم العصر إلى أن قال فإن وجد إماما فليصل العصر ثم ليصل الظهر بعده فإن الجماعة بالأداء أولى انتهى
وهو خلاف المجزوم به في زيادة الروضة قبل الباب الخامس في شروط الصلاة فإنه قال ولو تذكر فائتة وهناك جماعة يصلون الحاضرة والوقت متسع
"""
صفحة رقم 112 """
فالأولى أن يصلي الفائتة أولا منفردا لأن الترتيب مختلف في وجوبه والأداء خلف القضاء مختلف في جوازه فاستحب الخروج من الخلاف انتهى
ومن أجله والله أعلم غير القاضي شرف الدين البارزي في كتاب التمييز عبارة التعجيز فإن عبارة التعجيز أو أدرك جماعة وعبارة التمييز قيل أو أدرك جماعة فكأنه لما وجد ما نقله ابن يونس عن جده خلاف المجزوم به في الروضة زاد لفظة قيل لينبه على ضعفه وقد بينا أن الغزالي سبقه إليه وله اتجاه ظاهر وعلى القاضي شرف الدين مؤاخذة فإن قوله قيل كما يشير به إلى ضعف المقول كذلك يشير به إلى أنه وجه كما ذكره في خطبته ومن أين له أنه وجه في المذهب وهل عنده غير كلام الشيخ العماد وليس من أصحاب الوجوه وما أظنه وقف على كلام الغزالي وبالجملة كلام ابن يونس متجه ظاهر وقد تأيد بكلام الغزالي والقلب إليه أميل منه إلى ما في الروضة
نقل صاحب التعجيز في كتاب نهاية النفاسة عن جده الشيخ عماد الدين أنه لا يرى قطع السارق باليمين المردودة لأنه حق الله تعالى فأشبه حد مكره الأمة على الزنا
قلت وهو الذي يظهر ترجيحه وعزاه الرافعي إلى ابن الصباغ وصاحب البيان وغيرهما وذكر أن لفظ المختصر يدل له
سئل الشيخ عماد الدين عمن له أب صحيح قوي فقير لا تجب نفقته
"""
صفحة رقم 113 """
هل يجوز أن يدفع له من سهم الفقراء في الزكاة فأجاب النقل أنه لا يجوز وأجاب أخوه الشيخ كمال الدين بالجواز
1102
محمد بن أبي بكر بن علي الشيخ نجم الدين بن الخباز الموصلي
"""
صفحة رقم 114 """
1103
محمد بن أبي بكر بن محمد الفارسي الشيخ شمس الدين الأيكي
1104
محمد بن أبي فراس
1105
محمد بن أبي الفرج بن معالي بن بركة بن الحسين أبو المعالي الموصلي
قال ابن النجار تفقه بالمدرسة النظامية حتى برع في الخلاف والفقه والأصول وصار أحد المعيدين بها
سمع بالموصل من خطيبها أبي الفضل عبد الله الطوسي
"""
صفحة رقم 115 """
مولده في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ومات في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وستمائة
1106
إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة ابن حازم بن صخر الكناني الحموي برهان الدين
فقيه صوفي
ولد بحماة في منتصف رجب سنة ست وتسعين وخمسمائة
وسمع فخر الدين بن عساكر وغيره ودرس
وكانت له عبادة ومراقبة
قصد التوجه إلى القدس وأخبر أنه لا يعود فمضى إلى القدس ومات في يوم الأضحى سنة خمس وسبعين وستمائة
1107
إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم بن علي بن محمد ابن فاتك بن محمد بن أبي الدم القاضي أبو إسحاق
ولد بحماة في حادي عشرين جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 116 """
ودخل بغداد فسمع بها من ابن سكينة وغيره وحدث بحلب والقاهرة
وله شرح الوسيط وكتاب أدب القضاء وتاريخ
توفي في منتصف جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وستمائة
ذكر ابن أبي الدم أن الشاهد إذا كان مستنده في شهادته الاستفاضة حيث صارت الشهادة بها فبين ذلك وقال مستندي الاستفاضة لا تسمع شهادته على الأصح وهذا خلاف غريب
وقد قال الرافعي في الجرح إذا جازت الشهادة فيه بالاستفاضة إن الشاهدد يبين ذلك فيقول سمعت الناس يقولون فيه كذا لكن ذكر الرافعي في الشهادة بالملك أنه تجوز الشهادة فيه بالاستفاضة فلو بين ذلك فقال أشهد له بالملك استصحابا فقطع القاضي بالقبول والغزالي بالمنع وهذا شاهد للخلاف الذي حكاه ابن أبي الدم
وللوالد رحمه الله على المسألة كلام نفيس ذكره في فتاويه وذكرناه نحن مع زيادات عليه في كتاب ترشيح التوشيح
مسألة الشهادة بالإقرار
قال ابن الرفعة قد اشتد نكير ابن أبي الدم على من يقول وقد تحمل الشهادة بالإقرار أشهد على إقرار فلان بكذا وإنما يقول أشهد على فلان بأنه أقر بكذا لأن إقرار زيد ليس بمشهود عليه بل زيد هو المشهود عليه لأنه المقر
"""
صفحة رقم 117 """
وقد أجيب بأن ذلك جائز أيضا قال الله تعالى ) قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين ( وقال ( صلى الله عليه وسلم ) على مثل هذا فاشهد
قال ابن الرفعة وفي كلام الشافعي نظير ذلك وقوله حجة في اللغة كما قال الأزهري
"""
صفحة رقم 119 """
1108
إبراهيم بن عبد الوهاب بن أبي المعالي الزنجاني
من أصحابنا له شرح على الوجيز مختصر من شرح الرافعي سماه نقاوة العزيز وفي خطبته يقول مشيرا إلى الرافعي وشرحه جمع بعض أئمة العصر
"""
صفحة رقم 120 """
مجموعا حاويا لجميع أنواع المطالب شاملا لجملة أصناف المذاهب فأتى بما ينادى على رؤوس الأشهاد بجودة قريحته وحدة ذكائه وفطنته ووفور فضله وغزارة علمه فإنه جاء باليد البيضاء والحجة الزهراء والمحجة الغراء حائزا به قصب السبق وآتيا بما لم يستطعه الأوائل لكنه صرف الله عين الكمال عنه قد بسط فيه الكلام بسطا أربى على همم أهل الزمان وكاد يفضي به وبالناظر فيه إلى الملال
إلى أن يقول أردت اختصاره بعض اختصار مع جواب ما أزيده من السؤالات والإشارة إلى حل بعض ما وجه عليه من الإشكالات
إلى أن يقول وكان حفظه الله سمى شرحه العزيز فسمينا شرحنا هذا نقاوة العزيز
وكلامه هذا يقتضي أنه بدأ في تصنيفه في حياة الرافعي والنسخة التي وقفت عليها من هذا الشرح بخط المصنف وذكر في آخره أنه فرغ منه في شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة
قال في هذا الشرح في كتاب البيع عند ذكر المعاطاة مثلوا المحقرات بالباقة من البقل والرطل من الخبز وقيل ما دون نصاب السرقة وقيل يرجع فيه إلى العرف
وأقول لو ضبط بما يأنف أوساط الناس المكاس في بيعه وشرائه لم يكن بعيدا
"""
صفحة رقم 121 """
قلت والقول بتقديره بما دون نصاب السرقة هو الوجه الذي ذكر الرافعي أنه الأشبه وما ذكره هذا الشارح من الضبط يؤول إلى الرجوع إلى العرف
1109
إبراهيم بن علي بن محمد السلمي المغربي
الحكيم القطب المصري الإمام في العقليات
رحل إلى خراسان إلى حضرة الإمام فخر الدين الرازي وقرأ عليه وصار من كبار تلامذته وشرح كليات القانون وصنف كتبا كثيرة
ولا يعتبر بكلام أبي علي بن خليل السكوني المغربي صاحب كتاب التمييز الذي صنفه على كشاف الزمخشري حيث تكلم في هذا الشيخ القطب المصري وسماه قطب الدين الكوفي وهو إنما تكلم فيه بعد ما تكلم في الإمام نفسه فكلامه في حق الإمام مردود وهو وبال عليه وقد عاب الإمام بما لا يعاب به عالم فإنه جعل محط كلامه دائرا على أن الإمام دأبه اعتراض كلام الأئمة المتقدمين كالشيخ أبي الحسن الأشعري شيخ السنة والقاضي أبي بكر والأستاذ أبي إسحاق وابن فورك وإمام الحرمين ومثل هذا لا يعاب به العالم ثم ليس الأمر على ما ذكره من أن دأبه
"""
صفحة رقم 122 """
اعتراضهم وإنما هو بحر لا ينزف وذكي لا يلحق فربما شكك على كلام هؤلاء على عادة العلماء والمغاربة لا يحتملون أحدا يعارض الأشعري في كلامه ولا يعترض عليه والإمام لا ينكر عظمة الأشعري كيف وهو على طريقته يمشي وبقوله يأخذ ولكن لم تبرح الأئمة يعترض متأخرها على متقدمها ولا يشينه ذلك بل يزينه
قتل القطب المصري بنيسابور فيمن قتل ظلما على يد التتار سنة ثمان عشرة وستمائة
1110
إبراهيم بن عيسى المرادي الأندلسي ثم المصري ثم الدمشقي
قال فيه النووي الفقيه الإمام الحافظ المتقن المحقق الضابط الزاهد الورع الذي لم تر عيني في وقتي مثله
كان رحمه الله بارعا في معرفة الحديث وعلومه وتحقيق ألفاظه لا سيما الصحيحان ذا عناية باللغة والنحو والفقه ومعارف الصوفية حسن المذاكرة فيها وكان عندي من كبار المسلكين في طريق الحقائق حسن التعليم صحبته نحو عشر سنين لم أر منه شيئا يكره وكان من السماحة بمحل عال على قدر وجده وأما الشفقة على المسلمين ونصيحتهم فقل نظيره فيهما
توفي بمصر في أوائل سنة ثمان وستين وستمائة
وهذا كلام النووي رضي الله عنه
"""
صفحة رقم 123 """
1111
إبراهيم بن معضاد بن شداد بن ماجد الجعبري
الشيخ الصالح المشهور بالأحوال والمكاشفات
مولده بجعبر في سابع عشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمسمائة
وتفقه على مذهب الشافعي وسمع الحديث بالشام من أبي الحسن السخاوي وقدم القاهرة وحدث بها فسمع منه شيخنا أبو حيان وغيره
وكان يعظ الناس ويتكلم عليهم وتحصل في مجالسه أحوال سنية وتحكى عنه كرامات بهية
ومنعه قاضي القضاة ابن رزين مرة من الكلام على الناس بسبب ألفاظ ذكرت عنه ثم عاد إلى الكلام وظهرت براءته وحسن اعتقاده وامتداد حاله
وكان أبو العباس العراقي ينكر عيه إنكارا كثيرا وكانت في الشيخ حدة وربما شتم في الوعظ ونال من بعض الحاضرين وطلب مرة إلى مجلس بعض القضاة وادعي عليه بألفاظ قيل إنها بدرت منه فقال له القاضي أجب فأخذ يقول شقع بقع يا الله بقع يكرر ذلك وخرج من المجلس عجلا لم يقدر أحد أن يرده فقام القاضي وركب بغلته فوقع وانكسرت يده
ومن شعر الشيخ إبراهيم الجعبري
وأفاضل الناس الكرام أبوة
وفتوة ممن أحب وتاها
"""
صفحة رقم 124 """
عشقوا الجمال مجردا بمجرد الروح
الزكية عشق من زكاها
متجردين عن الطباع ولؤمها
متلبسين عفافها ونقاها
في أبيات كثيرة
ولما دنت وفاته جاء بنفسه إلى موضع يدفن فيه وقال هذا قبير جاءك دبير وتوفي عقيب ذلك يوم السبت رابع عشري المحرم سنة سبع وثمانين وستمائة
1112
إبراهيم بن نصر بن طاقة المصري الحموي الأصل برهان الدين المعروف بابن الفقيه نصر
فقيه أديب رئيس وجيه
مولده سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وخمسمائة
وأجاز له ابن الجوزي وجماعة وحدث سمع منه الحافظ المنذري وغيره
وولي نظر الأحباس بالديار المصرية ونظر الديوان بالأعمال القوصية
ومدح الملك الكامل بقصيدة مطلعها هذا
إليك وإلا دلني كيف أصنع
وفيك وإلا فالثناء مضيع
ومنك استفدنا كل مجد وسؤدد
وعنك أحاديث المكارم تسمع
"""
صفحة رقم 125 """
ومن شعره رحمه الله
يا زماني كلما
حاولت أمرا تتمنع
إن تعصبت فإن
باصطباري أتقنع
ومنه أيضا
وبقلبي من الهموم مديد
وبسيط ووافر وطويل
لم أكن عالما بذاك إلى أن
قطع القلب بالفراق الخليل
وقال أيضا
أشكو إليك وأنت أرحم
من شكوت إليه حالي
ضاقت علي ثلاثة
رزقي وصدري واحتمالي
وعدمت حسن ثلاثة
جلدي وصبري واحتيالي
امتحن ابن الفقيه نصر في أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب وصودر وسلم إلى من عاقبه فضربه حتى مات في ليلة ثاني جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وستمائة
1113
إبراهيم بن يحيى بن أبي المجد الأميوطي القاضي أبو إسحاق
مدرس الجامع الظافري بمصر كان فقيها كبيرا ولي القضاء ببعض أقاليم مصر وله شعر لا بأس به
ولد في حدود السبعين وخمسمائة وتوفي سنة ست وخمسين وستمائة
"""
صفحة رقم 126 """
1114
إسحاق بن أحمد المغربي
1115
أسعد بن محمود بن خلف بن أحمد بن محمد العجلي
العلامة منتخب الدين أبو الفتوح بن أبي الفضائل الأصبهاني
من أئمة الفقهاء الوعاظ
مولده في أحد الربيعين سنة خمس عشرة وخمسمائة
"""
صفحة رقم 127 """
وسمع الحديث من فاطمة الجوزدانية وأبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الحافظ والقاسم بن الفضل الصيدلاني وابن البطر وغيرهم
أجاز له إسماعيل بن الفضل السراج وغيره
روى عنه أبو نزار ربيعة اليمني وابن خليل والضياء محمد وآخرون
وكان أحد الفقهاء الأعيان
قال ابن الدبيثي كان زاهدا له معرفة تامة بالمذهب وكان ينسخ ويأكل من كسب يده وعليه المعتمد في الفتوى بأصبهان انتهى
قلت ترك الوعظ في آخر عمره وجمع كتابا سماه آفات الوعاظ وله كتاب شرح مشكلات الوسيط والوجيز وكتاب تتمة التتمة وقد ذكره الرافعي في مسألة الدور من كتاب الطلاق
قال شيخنا الذهبي أجاز لابن أبي الخير والفخر علي
توفي في الثاني والعشرين من صفر سنة ستمائة
"""
صفحة رقم 129 """
1116
أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور بن عبد العزيز بن وهب السلمي المعروف بالبهاء السنجاري
شاعر فقيه تفقه على أبي القاسم بن فضلان ببغداد وأبي القاسم المجير
"""
صفحة رقم 130 """
وبالموصل على الحسين بن نصر وأبي الرضا سعيد بن عبد الله
1117
إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن إسماعيل بن ميمون
الشيخ الإمام الورع الزاهد الولي الكبير العارف قطب الدين الحضرمي شارح المهذب وله مصنفات غير ذلك كثيرة
قال الشيخ الحافظ عفيف الدين المطري أبقاه الله مصنفاته فيما يتعلق بالمذهب ببلاد اليمن شهيرة وكراماته ظاهرة كادت تبلغ التواتر
سمع من الفقيه تقي الدين محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني وأجاز له وسمع جماعة من أهل اليمن غيره
وتفقه به خلائق وروى عنه جلة
قال وحدثنا عنه شيخنا شهاب الدين أحمد بن الفقيه بن أبي الخير بن منصور اليمني
قال وكأنه توفي في حدود سنة ست أو سنة سبع وسبعين وستمائة
قلت ومما حكي من كراماته واستفاض أنه قال يوما لخادمه وهو في سفر
"""
صفحة رقم 131 """
تقول للشمس لتقف حتى نصل إلى المنزل وكان في مكان بعيد وقد قرب غروبها فقال لها الخادم قال لك الفقيه إسماعيل قفي فوقفت حتى بلغ مكانه ثم قال للخادم ما تطلق ذلك المحبوس فأمرها الخادم بالغروب فغربت وأظلم الليل في الحال
وروي أنه مر يوما على مقبرة ومعه جماعة فبكى بكاء شديدا ثم ضحك في الحال فسئل عن ذلك فقال رأيت أهل هذه المقبرة يعذبون فبكيت لذلك ثم سألت ربي أن يشفعني فيهم فشفعني فقالت صاحبة هذا القبر - وأشار إلى قبر بعيد العهد بالحفر - وأنا معهم يا فقيه إسماعيل أنا فلانة المغنية فضحكت وقلت وأنت معهم قال ثم أرسل إلى الحفار وقال هذا قبر من فقال قبر فلانة المغنية
1118
إسماعيل بن محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الكناني
1119
إسماعيل بن أبي البركات هبة الله بن أبي الرضا سعيد بن هبة الله بن محمد
الشيخ عماد الدين أبو المجد ابن باطيش الموصلي الفقيه المحدث اللغوي
صنف طبقات الفقهاء والمغني في شرح غريب المهذب والكلام على رجاله وكناه
"""
صفحة رقم 132 """
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة
وسمع ببغداد من ابن الجوزي وأبي أحمد بن سكينة وجماعة وبحلب من حنبل وبدمشق من الكندي وابن الحرستاني وغيرهما وبحران من الحافظ عبد القادر
روى عنه الدمياطي وابن الظاهري وطائفة
درس بالنورية بحلب وغيرها وكان من أعيان الفضلاء
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وستمائة
1120
أميري بن بختيار
الفقيه الزاهد أبو محمد قطب الدين الأشنهي نزيل إربل
كان من الأئمة علما ودينا حدث عن عبد الله بن أحمد بن محمد الموصلي
وتوفي في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وستمائة وله سبعون إلا سنة
"""
صفحة رقم 133 """
1121
بارسطغان بالباء الموحدة ثم ألف ساكنة ثم راء مفتوحة ثم سين مهملة ساكنة ثم طاء وغين ثم ألف ثم نون بن محمود بن أبي الفتوح الفقيه أبو طالب الحميري القوى
سمع بالإسكندرية من أبي الطاهر بن عوف وبدمشق من أحمد بن حمزة بن الموازيني
روى عنه الزكي المنذري وغيره
ولي قضاء غزة من الشام ثم انتقل إلى إربل فمات بها سنة ست عشرة وستمائة
1122
بشير بن حامد بن سليمان بن يوسف بن سليمان بن عبد الله الإمام نجم الدين أبو النعمان الجعفري التبريزي
ولد بأردبيل في سنة سبعين وخمسمائة
وسمع من عبد المنعم بن كليب ويحيى الثقفي وابن سكينة وابن طبرزد وجماعة
"""
صفحة رقم 134 """
روى عنه الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي وغيره
وكان قد تفقه ببغداد على أبي القاسم ابن فضلان ويحيى بن الربيع وبرع مذهبا وأصولا وخلافا وأفتى وناظر وأعاد بالنظامية وصنف تفسيرا في عدة مجلدات
وانتقل بالآخرة إلى مكة فجاور بها إلى أن مات في ثالث صفر سنة ست وأربعين وستمائة
1123
توران شاه بن أيوب بن محمد بن العادل
السلطان الملك المعظم غياث الدين ولد السلطان الملك الصالح نجم الدين كان فقيها شافعيا على قاعدة سلاطين بني أيوب أديبا شاعرا مجمعا للفضلاء
وكان صاحب حصن كيفا مقيما بها فلما توفي الصالح جمع الأمير فخر الدين ابن الشيخ الأمراء وحلفهم لتوران شاه وكان بحصن كيفا فنفذوا في طلبه الفارس أقطايا فساق على البريد وأخذ به على البرية لئلا يعترضه أحد من ملوك الشام فكاد
"""
صفحة رقم 135 """
يهلك هو ومن معه من العطش وكانوا خمسين فارسا ساروا أولا إلى جهة عانة وعدوا الفرات وغربوا على بئر السماوة ودخل دمشق بأبهة السلطنة ونزل القلعة وأنفق الأموال وأحبه الناس وأنشده بعض الشعراء قصيدة أولها هذا
قل لنا كيف جئت من حصن كيفا
حين أرغمت للأعادي أنوفا
فأجابه السلطان على البديهة
الطريق الطريق يا ألف نحس
مرة آمنا وطورا مخوفا
فاستظرفه الناس واشتهر ذلك
ثم سار إلى الديار المصرية فاتفق كسرة الفرنج خذلهم الله عند قدومه ففرح الناس وتيمنوا بطلعته واستقر في السلطنة فنفذت منه أمور نفرت عنه القلوب منها إبعاد حاشية أبيه واللعب المفرط وأشيع عنه الخمر والفساد والشباب والتعرض لحظايا أبيه وأنه كان يشرب ويجمع الشموع ويضرب رؤوسها بالسيف ويقول هكذا أفعل بمماليك أبي فعملوا عليه فلما كان في اليوم السابع والعشرين من المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة ضربه بعض البحرية وهو على السماط فتلقى الضربة بيده فذهب بعض أصابعه فقام ودخل إلى برج من خشب كان قد عمل له وصاح من جرحني فقيل بعض الحشيشية فقال لا والله إلا البحرية والله لأقتلنهم
"""
صفحة رقم 136 """
وخيط المزين يده وهو يهددهم فقالوا وهم مماليك أبيه تمموه وإلا أبادنا فدخلوا عليه فهرب إلى أعلى البرج فرموا النار في البرج ورموا بالنشاب فرمى بنفسه وهرب إلى النيل وهو يصيح ما أريد ملكا دعوني دعوني أرجع إلى الحصن فما أجابه أحد وتعلق بذيل الفارس أقطايا فما أجابه وقتل
وكان من أهل العلم على الجملة فقد بحث معه ابن واصل في قول ابن نباتة الحمد لله الذي إن وعد وفى وإن أوعد تجاوز وعفا بحثا طويلا دل على فضله وعلمه
1124
ثعلب بن عبد الله بن عبد الواحد
القاضي رضي الدين أبو العباس المصري الفقيه الخطيب
تفقه على شيخ الشيوخ أبي الحسن بن حمويه الجويني
وولي القضاء بالجيزة والخطابة بالجامع المجاور لضريح الشافعي رضوان الله عليه
مات في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة
1125
ثعلب بن علي بن نصر بن علي
أبو نصر البغدادي المعروف بابن المحارية وسمى نفسه نصرا
قال ابن النجار كان أحد الفقهاء على مذهب الشافعي وتولى الإعادة بمدرسة ابن المطلب وكانت له معرفة بالأدب وقد سمع الحديث من جماعة وما أظنه روى شيئا
"""
صفحة رقم 137 """
بلغني أن مولده كان سنة أربع وخمسين وخمسمائة وتوفي يوم الجمعة لست عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ست وعشرين وستمائة ودفن بباب حرب
1126
جامع بن باقي بن عبد الله بن علي التميمي أبو محمد الأندلسي
الفقيه قاضي إخميم
ولد بالجزيرة الخضراء من الأندلس ورحل فسمع من السلفي بالإسكندرية ومن الحافظ أبي القاسم وجماعة بدمشق
روى عنه ابن خليل والشهاب القوصي وغيرهما
مات بدمشق في سابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستمائة
1127
جعفر بن محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الشريف أبو الفضل صدر الدين الحسيني المصري الإمام ضياء الدين المعروف بابن عبد الرحيم
كان إماما عارفا بالمذهب أصوليا أديبا
"""
صفحة رقم 138 """
أخذ الفقه عن الشيخ بهاء الدين القفطي والشيخ مجد الدين القشيري
وسمع الحديث من أبي الحسن علي بن هبة الله بن الجميزي وأبي الحسين يحيى ابن علي العطار الحافظ وغيرهما
ورحل إلى دمشق فسمع من الحافظ زين الدين خالد وغيره
ثم عاد إلى القاهرة وولي قضاء قوص ثم وكالة بيت المال بالقاهرة وتدريس المشهد الحسيني بها واشتهر اسمه بمعرفة المذهب وبعد صيته
مولده بقنا سنة تسع عشرة أو ثمان عشرة وستمائة وتوفي سنة ست وتسعين وستمائة
حدث عنه شيخنا أبو حيان النحوي وغيره
1128
جعفر بن مكي بن علي بن سعيد أبو محمد البغدادي
قرأ الفقه والخلاف والأصلين واشتغل بالأدب وسافر إلى الموصل فتفقه عند أبي حامد بن يونس ثم رد إلى بغداد وأقام بالنظامية ثم مدح أمير المؤمنين الناصر لدين الله وتسامت درجته إلى أن صار حاجبا
قال ابن النجار سألته عن مولده فقال في يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة وتوفي يوم الاثنين ثاني صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة
"""
صفحة رقم 139 """
1129
جعفر بن يحيى بن جعفر المخزومي
الشيخ الإمام ظهير الدين التزمنتي نسبة إلى تزمنت بفتح التاء المثناة من فوقها وهي من بلاد الصعيد
كان شيخ الشافعية بمصر في زمانه
أخذ عن ابن الجميزي وأخذ عنه فقيه الزمان ابن الرفعة وعم والدي الشيخ صدر الدين يحيى بن علي السبكي وخلائق
وله شرح مشكل الوسيط وقد سمع الحديث من فخر القضاة أحمد بن محمد ابن الجباب إلا أنه لم يقع لي حديثه
مات سنة اثنتين وثمانين وستمائة
"""
صفحة رقم 140 """
1130
حامد بن أبي العميد بن أميري القزويني
1131
الحسن بن علي بن عبد الله أبو عبد الله الشهرزوري
ذكر أنه ولد سنة ست عشرة وستمائة تقريبا وقدم بغداد وسمع من المؤتمن بن قميرة وغره
وكان إماما عالما عاملا زاهدا
قال القرطبي أفتى عدة سنين قال وكان يحفظ كتاب المهذب للشيخ أبي إسحاق
توفي في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين وستمائة
"""
صفحة رقم 141 """
1132
الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله زين الأمناء أبو البركات ابن عساكر الدمشقي
أحد أئمة الإسلام علما ودينا وورعا وزهدا
ولد في سلخ ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمسمائة
وسمع من عبد الرحمن بن الحسن الداراني وأبي العشائر محمد بن خليل وعمه الصائن هبة الله والحافظ أبي القاسم وأبي القاسم الحسن بن الحسين بن البن والخضر بن شبل الحارثي وأبي النجيب السهروردي وخلائق
روى عنه البرزالي والحافظ الزكي المنذري والكمال بن العديم والزين خالد والشرف النابلسي وأحمد بن هبة الله بن عساكر وأحمد بن إسحاق الأبرقوهي وغيرهم
وكان فقيها صالحا ورعا كثير الصلاة متجرد للعبادة جزأ الليل ثلاثة أجزاء ثلثا للتلاوة والتسبيح وثلثا للنوم وثلثا للعبادة والتهجد وكذلك معظم نهاره وكان لذلك يقال له السجاد وبالجملة كان من الأئمة الأوابين وقد رأى بعضهم عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يعتنقه ويسلم عليه فقيل يا أمير المؤمنين أهكذا تسلم على زين الأمناء فقال نعم إنه من الأوابين وقد أهديت له تمرا صيحانيا وكان أخوه أبو الفضل في الحجاز فلما قدم من الحج قال له يا أخي قد جئتك بعلبة
"""
صفحة رقم 142 """
فيها تمر قيل إنه من غرس عثمان أو علي فقال زين الأمناء بل من غرس عثمان وقص عليه القصة
وكان يقول ما أفطرت في رمضان منذ صمت قط لا بمرض ولا غيره بل كنت أمرض قبله أو بعده وسلم لي نيف وسبعون رمضان فلم أفطر فيها يوما
وأخذ زين الأمناء الفقه عن جمال الأئمة أبي القاسم علي بن الحسن بن الماسح
وولي نظر الخزانة ونظر الأوقاف بدمشق ثم أعرض عنها وأقبل على شأنه وأجمع الناس على عظم قدره في الدين
وقد بتر الذهبي ترجمته وذكر أن أبا عمرو بن الحاجب وصفه بأشياء من المدح لم يذكرها فليت شعري ما باله لم يذكرها ولا يخفى على عاقل أن سبب تركه لذكرها كون زين الأمناء أشعريا ثم ذكر أن السيف يعني ابن المجد ضرب على بعضها والسيف من جهال المشبهة لا يعتبر به في ورد ولا صدر
وأقعد زين الأمناء بأخرة فصار يحمل في محفة إلى الجامع من أجل الصلاة وإلى دار الحديث النورية من أجل إسماع الحديث
مات في سنة سبع وعشرين وستمائة
1133
الحسن بن محمد بن علي بن أحمد
"""
صفحة رقم 143 """
1134
الخضر بن الحسن بن علي
الوزير الكبير قاضي القضاة برهان الدين السنجاري الجد من قبل الأم
"""
صفحة رقم 144 """
1135
داود بن بندار بن إبراهيم الفقيه معين الدين أبو الخير الجيلي
قدم بغداد في صباه وتفقه بالنظامية على أبي المحاسن يوسف بن بندار وأعاد بها مدة طويلة
وحدث عن أبي الوقت السجزي وغيره
روى عنه ابن الدبيثي وغيره
ومات في رجب سنة ثمان عشرة وستمائة وقد نيف على الثمانين
1136
ربيعة بن الحسن بن علي بن عبد الله بن يحيى أبو نزار الحضرمي اليمني الصنعاني الذماري
الفقيه المحدث
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة وتفقه بظفار على الفقيه محمد بن عبد الله بن حماد وغيره
"""
صفحة رقم 145 """
وركب في البحر ودخل بغداد وأصبهان وأقام بأصبهان مدة تفقه بها على بعض أئمة الشافعية
سمع أبا المظفر القاسم بن الفضل الصيدلاني ورجاء بن حامد المعداني وإسماعيل بن شهريار صاحب رزق الله التميمي ومعمر بن الفاخر وأبا موسى المديني وغيرهم
ودخل إلى ديار مصر وسمع من السلفي
وحج وسمع من المبارك بن علي الطباخ
وحدث روى عنه أبو البركات والمنذري والبرزالي والضياء وابن خليل والشهاب القوصي وجماعة
وسكن مصر بأخرة وكان فقيها صالحا عارفا باللغة كثير التلاوة والعبادة أديبا شاعرا حسن الخط
توفي في ثامن عشر من جمادى الآخرة سنة تسع وستمائة
"""
صفحة رقم 146 """
1137
زاهر بن رستم بن أبي الرجاء
1138
زكي بن الحسن بن عمر أبو أحمد البيلقاني
فقيه مناظر متكلم أصولي محقق
"""
صفحة رقم 147 """
ولد سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة
ودخل خراسان وقرأ على الإمام فخر الدين وعلى تلميذه القطب المصري وسمع الحديث من المؤيد الطوسي وغيره
وقدم دمشق فحدث بها
روى عنه الشيخ جمال الدين الصابوني والمحدث نور الدين علي بن جابر الهاشمي وشهاب الدين أحمد بن محمد الإسعردي وغيرهم
وسلك سبيل المتجر وأقام بالإسكندرية مدة على هيئة التجار ثم دخل اليمن واشتهر بها وشغل الناس بالعلم
قال ابن جابر كان فريد دهره علما وزهدا وورعا
قال وتوفي بثغر عدن سنة ست وسبعين وستمائة
1139
سعد بن مظفر بن المطهر أبو طالب الصوفي
من أهل يزد
تفقه ببغداد وصحب عمر بن محمد السهروردي وسلك طريق الزهد والخلوة والرياضة
توفي سنة سبع وثلاثين وستمائة
"""
صفحة رقم 148 """
1140
سليمان بن مظفر بن غانم بن عبد الكريم أبو داود من أهل جيلان
قال ابن النجار قدم بغداد وأقام بالنظامية متفقها على أحسن طريقة وأجمل سيرة حتى برع في المذهب وصنف فيه كتابا يشتمل على خمس عشرة مجلدة
وكان متدينا عفيفا نزها ملازما لبيته حافظا لأوقاته عرضت عليه الإعادة والتدريس ببعض المدارس فلم يجب
توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة
1141
سليمان بن رجب بن مهاجر الراذاني المقرىء الضرير
تفقه بالنظامية وسمع من شهدة وحدث
مات في ربيع لاأول سنة ثمان عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 149 """
1142
سلار بن الحسن بن عمر بن سعيد الشيخ كمال الدين أبو الفضائل الإربلي
تلميذ الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وشيخ الشيخ محيي الدين النووي
قال النووي هو شيخنا المجمع على إمامته وجلالته وتقدمه في علم المذهب على أهل عصره بهذه النواحي
وقال في موضع آخر هو إمام المذهب في عصره والمرجوع إليه في حل مشكلاته وتعرف خفياته والمتفق على إمامته وجلالته ونزاهته
تفقه على جماعة منهم الإمام أبو بكر الماهاني انتهى
وكان البادرائي قد جعله معيدا بمدرسته فلم يزل على ذلك إلى أن مات لم يرد منصبا آخر
قال الشريف عز الدين وكان عليه مدار الفتوى بالشام في وقته ولم يترك بعده في بلاد الشام مثله
توفي في جمادى الآخرة سنة سبعين وستمائة عن بضع وستين سنة
"""
صفحة رقم 150 """
ومن فتاويه
فيمن حلف بالطلاق وله زوجتان ولم ينو شيئا أنه يتخير بينهما فمن أراد منهما جعله واقعا عليها
فإن قلت بل في هذا مخالفة لما نقله الرافعي عن القاضي الحسين فيمن قال حلال الله على حرام إن دخلت الدار وله امرأتان أنه تطلق كل منهما طلقة وأفتى البغوي بمثله
قلت لا فإن حلال الله علي حرام مفرد مضاف فيعم كل حلال له وهو المرأتان
فإن قلت وكذلك الطلاق فإنه عام من حيث تحليته باللام قلت اللام من الطلاق لا تحمل على العموم لشيوع العرف فيه ويمكن أن يقال أيضا الحلال مفرداته للنساء فعم فيهما والطلاق مفرداته الطلقات لا المطلقات فلا يقع عليهما بل على واحدة منهما فقط إذ لا عموم في المطلق بل في نفس الطلاق بخلاف حلال الله علي حرام ثم نفس الطلاق لا يعم لمعارضته العرف كما ذكرناه وهذا تحرير الجواب في الحقيقة
"""
صفحة رقم 151 """
1143
شبلي بن الجنيد بن إبراهيم بن خلكان القاضي أبو بكر الزرزائي
ولد بإربل سنة ست وسبعين وخمسمائة
وروى بالإجازة عن ابن كليب وغيره
ولي قضاء إخميم وبها مات سنة ثلاث وخمسين وستمائة
1144
شعيب بن أبي طاهر بن كليب بن مقبل أبو الغيث الضرير
من أهل البصرة تفقه ببغداد على أبي طالب الكرخي وأبي القاسم الفراتي صاحب ابن الخل
وله شعر جيد
مات في المحرم سنة ثمان عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 152 """
1145
صالح بن بدر بن عبد الله الفقيه تقي الدين المصري الزفتاوي
وزفتا بكسر الزاي بعدها الفاء الساكنة ثم التاء المثناة من فوق ثم الألف الساكنة بليدة من بحري الفسطاط
تفقه على الشيخ شهاب الدين الطوسي وسمع بالإسكندرية من أبي طاهر بن عوف وبمصر من البوصيري
وولي القضاء نيابة
توفي في ذي القعدة سنة ثلاثين وستمائة وهو من أبناء السبعين
1146
صالح بن عثمان بن بركة أبو محمد الضرير المقرىء
من أهل واسط
قرأ القراءات على أبي بكر بن الباقلاني وسمع منه الحديث ومن غيره كأبي الفرج ابن كليب وأنظاره وتفقه ببغداد
مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة وتوفي سنة اثنتين وأربعين وستمائة
"""
صفحة رقم 153 """
1147
صقر بن يحيى بن سالم بن يحيى بن عيسى بن صقر الإمام ضياء الدين أبو المظفر الكلبي الحلبي
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة فيما يظن الذهبي
وتفقه في المذهب وبرع وسمع من يحيى الثقفي والخشوعي وابن طبرزد وحنبل وغيرهم
روى عنه الدمياطي وابن الظاهري وسنقر القضائي وغيرهم
درس بحلب مدة
ومات في سنة ثلاث وخمسين وستمائة
1148
الطاهر بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى
قاضي قضاة الشام زكي الدين أبو العباس بن قاضي القضاة محيي الدين بن قاضي القضاة زكي الدين بن قاضي القضاة المنتجب
ولي القضاء مرتين قبل ابن الحرستاني وبعده
وكان الملك المعظم لا يحبه وفي قلبه منه أمور يمنعه منها حياؤه من والده الملك العادل
"""
صفحة رقم 154 """
واتفق مرض ست الشام عمة السلطان الملك المعظم لما وصت بدارها مدرسة وأحضرت قاضي القضاة زكي الدين الطاهر والشهود وأوصت إلى القاضي فبلغ المعظم فتغير عليه وقال يدخل دار عمتي بغير إذني ويسمع كلامها ثم اتفق أن القاضي أحضر جابي العزيزية وطالبه بالحساب فأغلظ الجابي في الجواب فأمر بضربه فضرب بين يديه كما يفعل أهل الولاية فأرسل إليه المعظم قباء حرير وكلوته وأمره أن يلبسهما ويحكم فيهما فلم يسعه إلا فعل ذلك ثم لزم بيته ولم تطل حياته بعدها وصار يرمي قطعا من كبده ومات في صفر سنة سبع عشرة وستمائة
1149
عبد الله بن أحمد بن محمد بن قفل
"""
صفحة رقم 155 """
1150
عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي بكر الخطيب أبو محمد من أهل همذان
سمع أبا الوقت السجزي وغيره وتفقه بأبي الخير القزويني وأبي طالب الكرخي وأعاد بالنظامية
قال ابن النجار كان حافظا للمذهب سديد الفتاوى عفيفا نزها ورعا متدينا متقشفا على منهاج السلف كتبت عنه وكان صدوقا
قال وسألته عن مولده فقال في شهر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وخمسمائة بهمذان وتوفي في شعبان سنة اثنتين وعشرين وستمائة
1151
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بن رافع الأسدي أبو محمد
من أهل حلب
أسمعه والده في صباه من يحيى بن محمود الثقفي وغيره ثم سمع هو بنفسه وكتب بخطه
وتفقه على قاضي حلب أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم وعني القاضي أبو المحاسن به لما رأى من نجابته ومخايل الفلاح اللائحة عليه فاستفرغ جهده في تعليمه واتخذه ولدا وصاهره وجعله معيد مدرسته وله نيف وعشرون سنة
"""
صفحة رقم 156 """
ثم ولي التدريس بعده بمدارس ونبل مقداره عند الملوك والسلاطين وارتفع شأنه وعظم جاهه ودخل بغداد وناظر بها
ولد سنة ثمان وسبعين وخسمائة وتوفي سنة خمس وثلاثين وستمائة
1152
عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور بن الإمام محمد بن القاسم بن حبيب الإمام أبو سعد بن الصفار النيسابوري
ولد الإمام أبي حفص
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة
وسمع من جده لأمه الأستاذ أبي نصر بن القشيري وهو آخر من حدث عنه وسمع من الفراوي وزاهر الشحامي وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي وعبد الجبار ابن محمد الخواري وغيرهم
روى عنه بدل بن أبي المعمر التبريزي وإسماعيل بن ظفر النابلسي ونجم الدين الكبرى أبو الجناب أحمد بن عمر الخيوقي وغيرهم
وكان إماما عالما بالأصول والفقه ثقة صالحا مجمعا على دينه وأمانته
"""
صفحة رقم 157 """
1153
عبد الله بن عمر بن محمد بن علي أبو الخير القاضي ناصر الدين البيضاوي
صاحب الطوالع والمصباح في أصول الدين والغاية القصوى في الفقه والمنهاج في أصول الفقه ومختصر الكشاف في التفسير وشرح المصابيح في الحديث
كان إماما مبرزا نظارا صالحا متعبدا زاهدا
"""
صفحة رقم 158 """
ولي قضاء القضاة بشيراز ودخل تبريز وناظر بها وصادف دخوله إليها مجلس درس قد عقد بها لبعض الفضلاء فجلس القاضي ناصر الدين في أخريات القوم بحيث لم يعلم به أحد فذكر المدرس نكتة زعم أن أحدا من الحاضرين لا يقدر على جوابها وطلب من القوم حلها والجواب عنها فإن لم يقدروا فالحل فقط فإن لم يقدروا فإعادتها فلما انتهى من ذكرها شرع القاضي ناصر الدين في الجواب فقال له لا أسمع حتى أعلم أنك فهمتها فخيره بين إعادتها بلفظها أو معناها فبهت المدرس وقال أعدها بلفظها فأعادها ثم حلها وبين أن في تركيبه إياها خللا ثم أجاب عنها وقابلها في الحال بمثلها ودعا المدرس إلى حلها فتعذر عليه ذلك فأقامه الوزير من مجلسه وأدناه إلى جانبه وسأله من أنت فأخبره أنه البيضاوي وأنه جاء في طلب القضاء بشيراز فأكرمه وخلع عليه في يومه ورده وقد قضى حاجته
1154
عبد الله بن عمر القاضي جمال الدين بن الدمشقي
قاضي اليمن
ولد بدمشق في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة
وسمع بالإسكندرية من السلفي وغيره
وتوجه من دمشق صحبة شمس الدولة توران شاه بن أيوب إلى اليمن وتقدم عنده فولاه قضاء اليمن ثم عاد إلى دمشق وحدث
مات سنة ست وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 159 """
1155
عبد الله بن عيسى بن أيمن المري
شيخ الأحنف قال الأحنف ما رأيت أعرف منه بالمذهب
ذكر ذلك المطري
1156
عبد الله بن أبي الوفاء محمد بن الحسن الإمام نجم الدين أبو محمد البادرائي البغدادي
ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة
وسمع من عبد العزيز بن منينا وأبي منصور الرزاز
وتفقه وبرع ودرس بالنظامية ببغداد وترسل عن الديوان العزيز غير مرة وحدث ببغداد ومصر وحلب
بنى بدمشق المدرسة المعروفة به وولي قضاء القضاة ببغداد خمسة عشر يوما
توفي في أول ذي القعدة سنة خمس وخمسين وستمائة
"""
صفحة رقم 160 """
1157
عبد الله بن محمد بن علي الفهري الشيخ شرف الدين أبو محمد
شارح المعالم في أصول الدين والمعالم في أصول الفقه
كان أصوليا متكلما دينا خيرا من علماء الديار المصرية ومحققيهم
أدركه بعض مشايخ شيوخنا وذكره ابن الرفعة في المطلب مثنيا على فضله
قال الوالد رحمه الله وهو لم يدركه قال وهو حمو شيخنا ابن بنت أبي سعد
1158
عبد الجبار بن عبد الغني بن علي بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد ابن عبد الضيف الأنصاري بن الحرستاني كمال الدين أبو محمد
سمع أبا القاسم الحافظ وأبا سعد بن أبي عصرون وأجازه خطيب الموصل والحافظ أبو موسى المديني
سمع منه الزكي البرزالي وخرج له جزءا وغيره
مات سنة أربع وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 161 """
1159
عبد الحميد بن عيسى بن عمويه بن يونس بن خليل الخسروشاهي
وخسروشاه بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء بعدها واو ساكنة ثم شين معجمة وآخرها الهاء من قرى تبريز
ولد سنة ثمانين وخمسمائة بها وسمع الحديث من المؤيد الطوسي
حدث عنه الحافظ أبو محمد الدمياطي وغيره
وكان فقيها أصوليا متكلما محققا بارعا في المعقولات
قرأ على الإمام فخر الدين الرازي وأكثر الأخذ عنه ثم قدم الشام بعد وفاة الإمام ودرس وأفاد ثم توجه إلى الكرك فأقام عند صاحبها الملك الناصر داود فإنه استدعاه ليقرأ عليه ثم عاد إلى دمشق فأقام بها إلى أن توفي
ومن مصنفاته مختصر المهذب في الفقه ومختصر المقالات لابن سينا وتتمة الآيات البينات وغير ذلك
"""
صفحة رقم 162 """
وكان يعظم الإمام كثيرا على عادة تلامذة الإمام في حقه وحق له ويحكى أنه ورد عليه دمشق أعجمي ومعه كتاب عليه خط الإمام فأخذ يقبله ويضعه على رأسه ويقول هذا خط الإمام
"""
صفحة رقم 163 """
1160
عبد الرحمن بن إبراهيم بن ضياء بن سباع الفزاري الشيخ تاج الدين المعروف بالفركاح
فقيه أهل الشام كان إماما مدققا نظارا
صنف كتاب الإقليد لدر التقليد شرحا على التنبيه لم يتمه وشرح ورقات إمام الحرمين في أصول الفقه وشرح من التعجيز قطعة وله على الوجيز مجلدات
تفقه على شيخ الإسلام عز الدين أبي محمد بن عبد السلام وروى البخاري عن ابن الزبيدي وسمع من ابن اللتي وابن الصلاح
حدث عنه جماعة وخرج له الحافظ أبو محمد البرزالي مشيخة
توفي في جمادى الآخرة سنة تسعين وستمائة وهو على تدريس المدرسة البادرائية
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عمر الحموي قراءة عليه أخبرنا الشيخ تاج الدين ابن الفركاح والشيخ فخر الدين ابن البخاري قراءة عليهما قال الأول أخبرنا
"""
صفحة رقم 164 """
الإمام شرف الدين محمد بن عبد الله بن محمد المرسي قراءة عليه أخبرنا منصور بن عبد المنعم الفراوي وقال الثاني أخبرنا منصور المذكور إجازة أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي وقال الثاني أيضا أخبرنا عبد الله بن عمر الصفار إجازة أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي قراءة عليه قالا أخبرنا الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه أخبرنا أبو مسلم حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليه وكان قريبا فجاء على حمار فلما دنا قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قوموا إلى سيدكم
حكى الشيخ تاج الدين في الإقليد وجها أنه يكبر إذا جلس للاستراحة تكبيرة يفرغ منها في الجلوس ثم يكبر أخرى للنهوض
وقال ولده الشيخ برهان الدين إنه قوي متجه لحديث كان يكبر لكل خفض ورفع
والرافعي والنووي نفيا الخلاف في المسألة والاستدلال بهذا الحديث عليها صعب وما ينبغي أن يزاد في الصلاة تكبير بمجرد تعميم ظاهره الخصوص فإن الظاهر أن المراد كل رفع وخفض من غير جلسة الاستراحة
"""
صفحة رقم 165 """
1161
عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان
الشيخ الإمام المفنن شهاب الدين المقدسي الدمشقي أبو شامة
وأبو شامة لقب عليه
كان أحد الأئمة تلا على السخاوي وعني بالحديث فسمع بنفسه من داود ابن ملاعب وأحمد بن عبد الله العطار والشيخ الموفق وطائفة
وبرع في فنون العلم وقيل بلغ رتبة الاجتهاد
واختصر تاريخ الحافظ ابن عساكر وصنف كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية وله أرجوزة حسنة في العروض ونظم مفصل الزمخشري ومن محاسنه كتاب البسملة الأكبر وكتاب البسملة الأصغر والباعث على إنكار البدع والحوادث وكتاب ضوء القمر الساري إلى معرفة الباري وكتاب نور المسرى في تفسير آية الإسراء
واختار فيه أن الإسراء بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلى بيت المقدس وإلى السموات
"""
صفحة رقم 166 """
وقع مرتين أو مرارا تارة في المنام وتارة في اليقظة قال وعلى ذلك يخرج جميع الأحاديث على اختلاف عباراتها والاختلاف في المكان الذي وقع منه الإسراء قال وهذا القول نصره الإمام أبو نصر ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري في تفسيره واختاره أيضا أبو القاسم السهيلي وحكاه عن شيخه أبي بكر بن العربي وحكاه المهلب بن أبي صفرة في شرح البخاري عن طائفة من العلماء
وتعقب فيه قول السهيلي مستدركا قول أهل اللغة إن أسرى وسرى لغتان بمعنى واحد اتفقت الروايات على تسميته إسراء ولم يسمه أحد سرى فدل على أن أهل اللغة لم يتحققوا العبارة إلى آخر ما ذكر السهيلي فقال أبو شامة إنما أطبق الناس على تسميته إسراء محافظة على لفظ القرآن وإلا فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي
ومن فوائده في هذا الكتاب
قال افتتح الله سبحانه سور كتابه العزيز بعشرة أنواع من الكلام
الأول الثناء في أربع عشرة سورة إما بالإشارة إلى إثبات صفات الكمال في سور سبع ) الحمد لله ( في خمس سور و ) تبارك ( في سورتين وإما بالإشارة إلى نفي صفات النقص في سبع أخرى ) سبحان ( ) سبح ( ) يسبح ( ) سبح (
"""
صفحة رقم 167 """
الثاني حروف الهجاء في تسع وعشرين سورة
الثالث النداء في عشر سور
الرابع الجمل الخبرية نحو ) براءة ( ) أتى أمر الله ( في ثلاث وعشرين
الخامس القسم في خمس عشرة
السادس الشرط بإذا في سبع
السابع الأمر بقل واقرأ في ست
الثامن الاستفهام ب ما في ) عم ( وهل والهمزة في ست
التاسع الدعاء ب ) ويل ( و ) تبت ( في ثلاث
العاشر التعليل في سورة واحدة وهي ) لإيلاف قريش ( ثم نظم أبو شامة هذه الأنواع في بيتين وهما
أثنى على نفسه سبحانه بثبوت
المدح والسلب لما استفتح السورا
والأمر شرط الندا التعليل أقسم والدعاء
حرف الهجا استفهم الخبرا
ولد أبو شامة سنة تسع وتسعين وخمسمائة وأخذ عن شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية ومشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية
ودخل عليه اثنان إلى بيته في صورة المستفتين فضرباه ضربا مبرحا فاعتل به إلى أن مات في سنة خمس وستين وستمائة وكتب هو في تاريخه المحنة التي اتفقت له وذكر تفويض أمره إلى الله تعالى وعدم مؤاخذة من فعل ذلك وأنشد لنفسه
"""
صفحة رقم 168 """
قل لمن قال أما تشتكي
ما قد جرى فهو عظيم جليل
يقيض الله تعالى لنا
من يأخذ الحق ويشفي الغليل
إذا توكلنا عليه كفى
فحسبنا الله ونعم الوكيل
ومن شعره في السبعة الذين يظلهم الله بظله
وقال النبي المصطفى إن سبعة
يظلهم الله العظيم بظله
محب عفيف ناشىء متصدق
وباك مصل والإمام بعدله
ومن شعره
أربعة عن أحمد شاعت ولا
أصل لها من الحديث الواصل
خروج اذار ويوم صومكم
ثم أذى الذمى ورد السائل
مراده بحديث رد السائل حديث ردوا السائل ولو جاء على فرس لا حديث ردوا السائل ولو بظلف محرق فإنه روى بإسناد جيد رويناه في جزء البطاقة
"""
صفحة رقم 169 """
1162
عبد الرحمن بن إسماعيل بن يحيى الزبيدي أبو محمد
سمع من محمد بن عبد الباقي بن البطي وغيره
روى عنه ابن النجار وكان يعرف الفرائض والحساب
مولده سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ومات سنة عشرين وستمائة
1163
عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن بصلا أبو محمد الصوفي
من أهل البندنيجين
تفقه ببغداد وسمع أبا بكر أحمد بن المقرب الكرخي وأبا القاسم يحيى بن ثابت ابن بندار وغيرهما وقرأ الأدب وكان صوفيا مفتنا ناظما
كتب عنه ابن النجار وقال سألته عن مولده فقال في سنة خمس وأربعين وخمسمائة ومات في ذى الحجة سنة ست وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 170 """
1164
عبد الرحمن بن عبد العلي المصري الشيخ عماد الدين ابن السكري
قاضي القضاة بمصر له حواش على الوسيط مفيدة ومصنف في مسألة الدور
ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة
وتفقه على الشيخ شهاب الدين الطوسي والفقيه ظافر بن الحسين
وولى قضاء القاهره وخطابة جامع الحكم وكان من البارعين في الفقه
حدث عن إبراهيم بن سماقة وأبي الحسن علي بن خلف الكوفي وغيرهما وصحب الشيخ القرشي وجماعة من الصالحين
وكان قد صرف عن القضاء لأنه طلب منه قرض شيء من مال الأيتام فامتنع رحمه الله
وبلغنى أن الشيخ عبد الرحمن النويري وهو رجل صالح كان في زمانه كثير المكاشفات والحكم بها وكان القاضي عماد الدين ينكر عليه فبلغ القاضي أنه أكثر الحكم بالمكاشفات فعزله فقال النويري عزلته وذريته فكانت
وبلغنى أن الشيخ ظهير الدين التزمنتي شيخ ابن الرقعة قال زرت قبر
"""
صفحة رقم 171 """
القاضي عماد الدين بعد موته بأيام وكنت شابا أمرد فوجدت عنده فقيرا قلندريا فتواريت منه فقال تعال يا فقيه فجئت إليه فقال يحشر العلماء وعلى رأس كل واحد منهم لواء وهذا القاضي منهم وطلبته فلم اره
وسمعت الوالد رحمه الله يقول توفي القاضي عماد الدين بعد العشرين وستمائة
قلت وكان في ثامن عشر أو تاسع عشر شوال سنة أربع وعشرين وستمائة
ومن فوائده
إذا أكرهه على صعود شجرة فزلقت رجله ومات قال الغزالي القصاص على المكره ولم يجعل كشريك المخطىء
وقال الرافعي الأظهر ما ذكره الروياني وصاحب التهذيب والفوراني أنه عمد خطأ لا يتعلق به قصاص لأن هذا العفل ليس مما يتعلق به هلاك
قال القاضي عماد الدين في الحواشى ونقله عنه ابن الرفعة في المطلب التحقيق أن للمسألة صورتين إحداهما أن يكون صعود تلك الشجرة مهلكا غالبا فيجب القصاص والثانية أن يكون سليما في الغالب فيكون عمد خطأ قال فلينزل الخلاف على الصورتين
ثم أورد سؤالا فقال إن كان الغالب العطب وتعاطاه فهو مكره على قتل نفسه
"""
صفحة رقم 172 """
فلا يجب القصاص على الصحيح لعدم تصوره وأجاب بأن المكره عليه ثم قتل محقق وليس كذلك هنا فإنه يرجو السلامة
قال ابن الرفعة وأيضا فقد لا يعرف المكره بأن ذلك مهلك فيتصور الإكراه عليه
1165
عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامي
قاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز روى عن الحافظين المنذري والعطار
وكتب عنه الحافظ الدمياطي وشيخنا أبو حيان
وقرأ الأصول على القرافي وتعليقة القرافي على المنتخب إنما صنعها لأجله
وكان فقيها نحويا أديبا دينا من أحسن القضاة سيرة جمع بين القضاء
"""
صفحة رقم 173 """
والوزارة وولى مشيخة الخانقاه وخطابة جامع الأزهر وتدريس الشريفية وتدريس الشافعي والمشهد الحسيني بالقاهرة
وقد جرت له محنة حاصلها أن ابن السلعوس وزير السلطان الملك الأشرف كان يكرهه فعمل عليه وجهز من شهد عليه بالزور بأمور عظام بحيث وصل من بعضهم أنهم أحضروا شابا حسن الصورة واعترف على نفسه بين يدي السلطان بأن القاضي لاط به وأحضروا من شهد بأنه يحمل الزنار في وسطه فقال القاضي أيها السلطان كل ما قالوه يمكن لكن حمل الزنار لا يعتمده النصارى تعظيما ولو أمكنهم تركه لتركوه فكيف أحمله
وكان القاضي بريئا من ذلك بعيدا عنه من كل وجه رجلا صالحا لا يشك فيه وآخر الأمر أنه نزل ماشيا من القلعة إلى الحبس وعزل وخيف عليه أن يجهز الوزير من يقتله فنام عنده تلك الليلة شيخنا أبو حيان ثم أخرج من الحبس أقام بالقرافة مدة ثم توجه إلى الحجاز ومدح سيدنا رسول ( صلى الله عليه وسلم ) بقصيدة دالية منها
الناس بين مرجز ومقصد
ومطول في مدحه ومجود
ومخبر عمن روى ومعبر
عما رآه من العلى والسؤدد
"""
صفحة رقم 174 """
ومنها
ما في قوى الأذهان حصر صفاتك
العليا ومالك من كريم المحتد
وتفاوت المداح فيك بقدر ما
بصروا به من نورك المتوقد
وسمعت من يقول إن هذا القاضي كشف رأسه ووقف بين يدي الحجرة الشريفة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام واستغاث بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأقسم عليه أن لا يصل إلى موطنه إلا وقد عاد إلى منصبه فلم يصل إلى القاهرة إلا والسلطان الأشرف قد قتل وكذلك وزيره فأعيد إلى القضاء ووصل إليه الخبر بالعود قبل وصوله إلى القاهرة
أنشدنا من لفظه الشيخ الإمام الوالد رحمه الله قال أنشدنا شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطي قال أنشدنا الشاب الفاضل تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز لنفسه
ومن رام في الدنيا حياة خلية
من الهم والأكدار رام محالا
وهاتيك دعوى قد تركت دليلها
على كل أبناء الزمان محالا
ثم أنشد الوالد رحمه الله لنفسه مضمنا هذين البيتين ونقلت ذلك من خطه
يقول امرؤ ياضيعة النحو عند من
يرى خفض تمييز ويجزم حالا
ومن رام في الدنيا حياة خلية
من الهم والأكدار رام محالا
وهاتيك دعوى قد تركت دليلها
على كل أبناء الزمان محالا
نعم هذه حال التى هي همه
فتعطيه دارا تغتذيه محالا
وذو الزهد فيها ناعم العيش فى رضى
وفي كل ما يهوى بأنعم حالا
ولا سيما من صح عنه توكل
أتجدنى ابرام تقدم حالا
"""
صفحة رقم 175 """
وليس كمن في بحر دنيا غريقها
يطرحه موج ويلقم حالا
يدور مع الرحمن في كل أمره
عسى قال حل فيما أقسم حالا
توفي بالقاهرة في سادس عشر جمادى الأولى سنة خمس وتسعين وستمائة
1166
عبد الرحمن بن عثمان بن موسى صلاح الدين أبو القاسم
والد الشيخ تقي الدين ابن الصلاح
تفقه على ابن عصرون وسكن حلب ودرس بالمدرسة الأسدية بها
مات في ذى القعدة سنة ثمان عشرة وستمائة
1167
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حمدان أبو القاسم الطيبي
تفقه بواسط على المجير محمود البغدادي وقدم بغداد ودرس ببعض مدارسها وصنف مختصرا في الفرائض
مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة وتوفي في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 176 """
1168
عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن حامد الإمام أبو القاسم ضياء الدين القرشي المصري ابن الوراق
تفقه على الشيخ شهاب الدين الطوسي وأعاد عنده بمنازل العز بمصر وسمع من عبد الله بن بري وغيره
قال الحافظ المنذري سمعت منه وتفقهت عليه مدة
قال وكان عالما صالحا حسن الأخلاق تاركا لما لا يعنيه كتب الكثير بخطه قيل كتب أربعمائة مجلد
توفي في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمائة
1169
عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن سعيد بن جامع أبو القاسم البرجوني
من أهل واسط وبرجون محلة بالجانب الشرقي منها
كان يعرف بابن المعلم
قال ابن النجار تفقه على ابن فضلان وابن الربيع ببغداد حتى برع في المذهب والخلاف والأصول وسمع الحديث من أبى الفتح بن شاتيل
وتوفي في رجب سنة ثمان وعشرين وستمائة وقد نيف على الخمسين
"""
صفحة رقم 177 """
1170
عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن عبد الله بن الحسين الدمشقي
الشيخ الإمام الكبير أبو منصور فخر الدين ابن عساكر
شيخ الشافعية بالشام وآخر من جمع له العلم والعمل
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة
وتفقه بدمشق على الشيخ قطب الدين النيسابوري وزوجه بابنته واستولدها
وسمع الحديث من عميه الإمامين الحافظ الكبير أبي القاسم والصائن هبة الله وجماعة
وحدث بمكة ودمشق والقدس روى عنه الحافظ زكي الدين البرزالى وزين الدين خالد وضياء الدين المقدسي وآخرون
وله تصانيف في الفقه والحديث وغيرهما وبه تخرج الشيخ عز الدين بن عبد السلام
"""
صفحة رقم 178 """
وكان إماما صالحا قانتا عابدا ورعا كثير الذكر قيل كان لا يخلو لسانه عن ذكر الله
وأريد على القضاء فامتنع طلبه الملك العادل ليلا وبالغ في استعطافه وألح عليه فقال حتى استخير الله وخرج فقام ليلته في الجامع يتضرع ويبكي إلى الفجر فلما صلى الصبح وطلعت الشمس أتاه جماعة من جهة السلطان فأصر على الامتناع وجهز أهله للسفر وخرجت المحابر إلى ناحية حلب فردها السلطان ورق عليه وأعفاه وقال عين غيرك فعين له ابن الحرستاني واتفق أهل عصره على تعظيمه في العقل والدين
"""
صفحة رقم 179 """
الجمع بين وظيفتين في بلدين متباعدين
كان الشيخ فخر الدين ابن عساكر مدرسا بالمدرسة العذراوية وهو أول من درس بها والنورية والجاروخية وهذه الثلاث بدمشق والمدرسة الصلاحية بالقدس يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرا وقد وقع في زماننا الترافع في رجل ولي التدريس في بلدين متباعدين حلب ودمشق وأفتى جماعة من أهل عصرنا بالجواز على أن يستنيب فيما غاب عنها فمن أصحابنا القاضي بهاء الدين أبو البقاء السبكي ابن العم والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله البعلبكي والقاضي شمس الدين محمد بن خلف الغزي والشيخ عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسباني ومن الحنفية والمالكية والحنابلة آخرون وزاد شمس الدين الغزي فقضى بذلك وأذن فيه وحاولني صاحب الواقعة على موافقتهم فأبيت والذي يظهر أن هذا لا يجوز وأنا الذي ذكرت لهم ما فعل ابن عساكر ومني سمعه صاحب الواقعة وليس لهم فيه دليل لأن واقف الصلاحية جوز لمدرسها أن يستنيب على عذر وهذا وإن كان لا ينهض عذرا لأن ابن عساكر كان يقيم بهذه البلد أشهرا وبهذه البلد أشهرا ومسألتنا فيمن يعرض
"""
صفحة رقم 180 """
عن إحدى البلدين بالكلية ويقتصر على الاستنابة وما ذكرت وإن لم يكن فيه دليل لأن واقف الصلاحية إن سوغ الاستنابة فما يسوغ ذلك واقفو العذراوية والنورية والجاروخية ولا يجوز ترك بعض الشهور كما لا يجوز ترك كلها وبالجملة في واقعة ابن عساكر ما يهون عنده واقعتنا والمسألة اجتهادية وابن عساكر رجل صالح عالم والذي فعله دون ما فعل في عصرنا والذي يقتضيه نظري أنه لا يجوز وأكل المال فيه أكل باطل وغيبته عن واحدة ليحضر أخرى ليس بعذر فما ظنك بمن يغيب بالكلية
وقد اعتل بعض هؤلاء المفتين بأن الشيخ الإمام الوالد رحمه الله أفتى بما إذا مات فقيه أو معيد أو مدرس وله زوجة وأولاد أنهم يعطون من معلوم تلك الوظيفة التي كانت له ما تقوم به كفايتهم ثم إن فضل من المعلوم شيء عن قدر الكفاية فلا بأس بإعطائه لمن يقوم بالوظيفة ذكره في شرح المنهاج في باب قسم الفيء أخذا من قول الشافعي والأصحاب أن من مات من المقاتلة أعطيت زوجته وأولاده قالوا فإذا كان هذا رأي الشيخ الإمام مع ما فيه من تولية من لا يستحق وتعطيل الوظيفة فما ظنك بتولية مستحق ينوب عنه يقوم بالوظيفة
وأنا أقول إن هذا مما اغتفره الوالد رحمه الله بالتبعية وقد صرح بأنه لا يجوز ابتداء تولية من لا يصلح فكيف يجوز تولية من لا تمكنه المباشرة ولا هو مغتفر في جانب أب له أو جد قد تقدمت مباشرته وسابقته في الإسلام
وقد أفتى ابن عبد السلام والنووي في إمام مسجد يستنيب فيه بلا عذر أن المعلوم لا يستحقه النائب لأنه لم يتول ولا المستنيب لأنه لم يباشر وخالفهما الشيخ الإمام فيما إذا كان النائب مثل المستنيب أو أرجح منه في الأوصاف التي تطلب لتلك
"""
صفحة رقم 181 """
الوظيفة من علم أو دين وقال في هذه الصورة تصح الاستنابة لحصول الغرض الشرعي واقتضى كلامه حينئذ جواز الاستنابة بلا عذر وعندي فيه توقف
وقد أشاع كثير من الناس أن الوالد كان يرى تولية الأطفال وظائف آبائهم مع عدم صلاحيتهم إذا قام بالوظائف صالح ويرجحهم على الصالحين وتوسعوا في ذلك ونحن أخبر بأبينا وبمقاصده ولم يكن رحمه الله رأى ذلك على الإطلاق إنما كان رأيه فيمن كانت له يد بيضاء في الإسلام من علم أو غيره قد أثر في الدين آثارا حسنة وترك ولدا صالحا أن يباشر وظيفته من يصلح لها وتكون الوظيفة باسم الولد ويقول التولية توليتان تولية اختصاص وتولية مباشرة فالصبي يتولى تولية الاختصاص بمعنى أن تكون له خصوصية بها ويصرف له بعض المعلوم والصالح يتولى تولية مباشرة يعني أنه يأتي بالمعنى المقصود من الوظيفة فيحصل غرض الواقف ومراعاة جانب الصغير إعانة لحق أبيه ويقول أنا في الحقيقة إنما أولي المباشر وهو ذو الولاية الحقيقية
فقلت له فلم لا تصرح له بالولاية
فقال أخشى على الطفل منه فإنه متى استقرت له لم يعط الصغير شيئا
فقلت له اجعل المباشر هو المتولي واشترط عليه بعض المعلوم للطفل
قال يتأهل الطفل فلا يسلمه الوظيفة وأنا مرادي أن الطفل إذا تأهل يسلم الوظيفة له
فقلت له فما الذي يثبت للطفل الآن
"""
صفحة رقم 182 """
قال ولاية الاختصاص بمعنى أنه يصير أحق بهذه الوظيفة استقلالا من غير احتياج إلى تجديد ولاية متى تأهل وآكلا لبعض المعلوم ما دام عاجزا
فقلت له أتفعل ذلك فيمن لا يمكنه التأهل كزوجة وبنت وابن أيس من أهليته
فقال لا بل الذين تركهم الميت أقسام
منهم من يمكن أن يتأهل فهذا نوليه ولاية الاختصاص ثم أنا في النائب الذي أقيم له على قدر ما يظهر لي من أمانته إن عرفت من ثقته ودينه أنه متى تأهل الصبي سلمه وظيفته فقد أصرح له بالولاية المترتبة فأقول وليتك مستقلا مدة عدم صلاحية هذا الطفل للمباشرة على أن تصرف عليه بعض المعلوم ووليت هذا الطفل ولاية معلقة بالصلاحية
قال وأنا أرى تعليق الولايات وقد لا أصرح له خشية أن يموت والوظيفة باسمه فيأخذها من لا يعطي ذلك الطفل شيئا وهذه أمور تخرج عن الضبط يراعي فيها الحاكم اجتهاده الحاضر ودينه ونظره في كل جزئية
ومنهم من لا يمكن أن يتأهل كبنت أو زوجة في إمامة مسجد أو ابن أيست أهليته فهؤلاء لا أوليهم مطلقا لا معلقا ولا ولاية اختصاص وإنما أقول لمن أوليه التزم بالنذر الشرعي أن تدفع لهذا كيت وكيت ما دام كذا من معلوم هذه الوظيفة فيصير له استحقاق بعض المعلوم عليه بهذه الطريق
"""
صفحة رقم 183 """
فقلت له فهذا كله فيمن سبقت لأبيه سابقة فما قولك فيمن لا سابقة لأبيه
قال إن كان فقيرا أفهم من نص الشارع طلب إعانة مثله فعلت معه ذلك أيضا ولا أتركه يبيت جائعا قد عدم أباه والرزق الذي كان يدخل عليه مع أبيه
إلى غير ذلك من تفاصيل كان يذكرها تقصر عنها الأوراق الله أعلم بنيته فيها وقد كان الرجل متضلعا بالعلم والدين وغرضنا مما سقناه أنه لم يطلق القول إطلاقا ولا فتح للجهال باب التطرق إلى وظائف أهل العلم حاشاه ثم حاشاه لقد كان يتألم من ولاية الجهال تألما لم أجد من غيره المعشار منه ويذكر من مفاسد ولاية الجاهل ومن لا يباشر ما يطول شرحه وله فيه كلام مستقل
هذا ما أعرفه منه وليس هو من الواقعة التي ذكرناها وقد كنت أعرفه ينكرها بعينها غاية الإنكار فإن الجامع بين التدريسين المذكورين جمع بينهما في حياة الشيخ الإمام وأنكر الشيخ الإمام ذلك ولم تكن له قدرة على دفعه لأنه ذو جاه خطير
ومن شعر الشيخ ابن عساكر
خف إذا ما بت ترجو
وارج إن أصبحت خائف
كم أتى الدهر بعسر
فيه لله لطائف
"""
صفحة رقم 184 """
خبر وفاته رحمه الله
وقد كانت مصيبة عامة في الشام سائرة في بلاد الإسلام توفي في العاشر من رجب سنة عشرين وستمائة وكانت جنازته مشهودة قل أن وجد مثلها
قال أبو شامة أخبرني من حضر وفاته أنه صلى الظهر ثم جعل يسأل عن العصر فقيل له لم يقرب وقتها فتوضأ ثم تشهد وهوجالس ثم قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) نبيا لقنني الله حجتي وأقالني عثرتي ورحم غربتي ثم قال وعليكم السلام فعلمنا أنه حضرته الملائكة فانقلب على قفاه ميتا
ذكر بقايا من ترجمته
وكان الشيخ فخر الدين ابن عساكر قد وقع بينه وبين الملك المعظم لأنه أنكر عليه تضمين المكوس والخمور فانتزع منه التقوية والصلاحية
وكان بينه وبين الحنابلة ما يكون غالبا بين رعاع الحنابلة والأشاعرة فيذكر أنه كان لا يمر بالمكان الذي يكون فيه الحنابلة خشية أن يأثموا بالوقيعة فيه وأنه ربما مر بالشيخ الموفق بن قدامة فسلم فلم يرد الموفق السلام فقيل له فقال إنه يقول بالكلام النفسي وأنا أرد عليه في نفسي فإن صحت هذه الحكاية فهي مع ما ثبت عندنا من ورع الشيخ موفق الدين ودينه وعلمه غريبة فإن ذلك لا يكفيه جواب سلام وإن كان ذلك منه لأنه يرى أن الشيخ فخر الدين لا يستحق جواب السلام
"""
صفحة رقم 185 """
فلا كيد لمن يرى هذا الرأي ولا كرامة ولا تظن ذلك بالشيخ الموفق ولعل هذه الحكاية من تخليقات متأخري الحشوية
وجدت بخط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي رحمه الله رأيت بخط الشيخ شمس الدين الذهبي رحمه الله أنه شاهد بخط سيف الدين أحمد بن المجد المقدسي لما دخلت بيت المقدس والفرنج إذ ذاك فيه وجدت مدرسة قريبة من الحرم - قلت أظنها الصلاحية - والفرنج بها يؤذون المسلمين ويفعلون العظائم فقلت سبحان الله ترى أي شيء كان في هذه المدرسة حتى ابتليت بهذا حتى رجعت إلى دمشق فحكي لي أن الشيخ فخر الدين ابن عساكر كا يقرئ بها المرشدة فقلت بل هي المضلة انتهى ما نقلته من خط العلائي رحمه الله
ونقلت من خطه أيضا وهذه العقيدة المرشدة جرى قائلها على المنهاج القويم والعقد المستقيم وأصاب فيما نزه به العلي العظيم ووقفت على جواب لابن تيمية سئل فيه عنها ذكر فيه أنها تنسب لابن تومرت وذلك بعيد من الصحة أو باطل لأن المشهور أن ابن تومرت كان يوافق المعتزلة في أصولهم وهذه مباينة لهم انتهى
وأطال العلائي في تعظيم المرشدة والإزراء بشيخنا الذهبي وسيف الدين ابن المجد فيما ذكراه
فأما دعواه أن ابن تومرت كان معتزليا فلم يصح عندنا ذلك والأغلب أنه كان أشعريا صحيح العقيدة أميرا عادلا داعيا إلى طريق الحق
وأما قول السيف ابن المجد إن الذي اتفق إنما هو بسبب إقراء المرشدة فمن التعصب البارد والجهل الفاسد وقد فعلت الفرنج داخل المسجد الأقصى العظائم فهلا نظر في ذلك نعوذ بالله من الخذلان
ونحن نرى أن نسوق هذه العقيدة المرشدة وهي
اعلم أرشدنا الله وإياك أنه يجب على كل مكلف أن يعلم أن الله عز وجل واحد في ملكه خلق العالم بأسره العلوي والسفلي والعرش والكرسي والسموات
"""
صفحة رقم 186 """
والأرض وما فيهما وما بينهما جميع الخلائق مقهورون بقدرته لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ليس معه مدبر في الخلق ولا شريك في الملك حي قيوم ) لا تأخذه سنة ولا نوم ( ) عالم الغيب والشهادة ( ) لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ( ) ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ( ) أحاط بكل شيء علما ( ) وأحصى كل شيء عددا ( ) فعال لما يريد ( قادر على ما يشاء له الملك والغناء وله العز والبقاء وله الحكم والقضاء وله الأسماء الحسنى لا دافع لما قضى ولا مانع لما أعطى يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا ليس عليه حق ولا عليه حكم وكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل ) لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ( موجود قبل الخلق ليس له قبل ولا بعد ولا فوق ولا تحت ولا يمين ولا شمال ولا أمام ولا خلف ولا كل ولا بعض ولا يقال متى كان ولا أين كان ولا كيف كان ولا مكان كون الأكوان ودبر الزمان لا يتقيد بالزمان ولا يتخصص بالمكان ولا يشغله شأن عن شأن ولا يلحقه وهم ولا يكتنفه عقل ولا يتخصص بالذهن ولا يتمثل في النفس ولا يتصور في الوهم ولا يتكيف في العقل لا تلحقه الأوهام والأفكار ) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (
هذا آخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سني
"""
صفحة رقم 187 """
مسألة كتاب الصداق في الحرير
كان الشيخ ابن عساكر رحمه الله يفتي بجواز كتابة الصداق على الحرير وخالفه تلميذه شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام فأفتى بالمنع وبه أفتى النووي إلا أنه عزا ذلك إلى تصريح أصحابنا ولم أجد ذلك في كلام واحد منهم
1171
عبد الرحمن بن مقبل بن علي بن مقبل أبو المعالي الطحان
من أهل واسط تفقه ببغداد على علي بن أبي علي الفارقي
قال ابن النجار برع في المذهب والخلاف وسمع الحديث من ابن كليب وابن الجوزي وغيرهما
واستنابه قاضي القضاة أبو صالح الجيلي على القضاء بحريم دار الخلافة وقلده الإمام المستنصر بالله قضاء القضاة شرقا وغربا ونظر الأوقاف وتدريس المستنصرية وقرىء عهده بجامع مدينة السلام واستمر على ذلك مدة ثم عزل
ولد سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وخمسمائة ومات في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وستمائة
"""
صفحة رقم 188 """
1172
عبد الرحمن بن نوح بن محمد شمس الدين المقدسي
مدرس الرواحية بدمشق
تفقه على ابن الصلاح وسمع من ابن الزبيدي وغيره
توفي في ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة
1173
عبد الرحمن بن يحيى بن الربيع بن سليمان أبو القاسم بن الشيخ أبي علي بن الربيع
من أهل واسط
قرأ الفقه والخلاف على والده وعلى أبي القاسم ابن فضلان
وتوجه رسولا من جهة الخليفة إلى غزنة ثم إلى خوارزم وحدث هناك بالإجازة عن أبي الفتح ابن البطي وأبي زرعة المقدسي
مولده سنة ستين وخمسمائة وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وستمائة
"""
صفحة رقم 189 """
1174
عبد الرحمن بن أبي الحسن بن يحيى الدمنهوري عماد الدين
مولده بدمنهور الوحش من أعمال الديار المصرية في ذي القعدة سنة ست وستمائة
وتولى إعادة المدرسة الصالحية بالقاهرة
وتوفي في رمضان سنة أربع وستين وستمائة
وهو المغرى بالاعتراض على الشيخ في المهذب والتنبيه لا جرم أن الله أخمل ذكره
1175
عبد الرحيم بن إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان القاضي نجم الدين الجهني الحموي ابن البارزي قاضي حماة وأبو قاضيها
ولد بها سنة ثمان وستمائة وحدث عن موسى ابن الشيخ عبد القادر
"""
صفحة رقم 190 """
سمع منه ابنه وغيره
قال الذهبي كان إماما فاضلا فقيها أصوليا أديبا شاعرا له خبرة بالعقليات ونظر في الفنون
قال وكان مشكورا في أحكامه وافر الديانة محبا للصالحين
درس وأفتى وصنف وتوجه ليحج في سنة ثلاث وثمانين وستمائة فمات في ذي القعدة بتبوك وحمل إلى المدينة ودقن بالبقيع
1176
عبد الرحيم بن عمر بن عثمان جمال الدين أبو محمد الباجربقي الموصلي
قال الذهبي شيخ فقيه محقق نقال مهيب ساكت كثير الصلاة ملازم للجامع والاشتغال
شغل بالموصل وأفاد ثم قدم دمشق وخطب بجامعها نيابة ودرس بالغزالية نيابة وبالمدرسة الفتحية أصالة وله نظم ونثر
وهو أبو محمد بن عبد الرحيم الباجربقي المحكوم بإراقة دمه
توفي هذا الشيخ جمال الدين في شوال سنة تسع وتسعين وستمائة
"""
صفحة رقم 191 """
1177
عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن ياسين أبو الرضا سبط أبي القاسم بن فضلان
قرأ الفقه على جده ثم سافر إلى الموصل وقرأ على أبي حامد محمد بن يونس ثم عاد إلى بغداد وتولى إعادة النظامية ثم تولى أنظارا وأوقافا ورأس
مولده سنة ثمان وستين وخمسمائة وتوفي في صفر سنة ثلاثين وستمائة
1178
عبد الرحيم بن محمد بن محمد بن يونس بن ربيعة الموصلي تاج الدين بن رضي الدين بن عماد الدين
صاحب التعجيز مختصر الوجيز والنبيه في اختصار التنبيه ومختصر المحصول في أصول الفقه وشرح التعجيز لم يكمل وشرح الوجيز ولم يكمل أيضا فيما أظن والتنويه بفضل التنبيه
وكان آية في القدرة على الاختصار ومن أحسن مختصر له في الفقه كتاب سماه نهاية النفاسة قل أن رأيت مثله في عذوبة منطقه وكثرة المعنى وصغر الحجم وسأله الحنفية أن يختصر لهم القدوري فاختصره اختصارا حسنا وهو عندي
"""
صفحة رقم 192 """
مولده بالموصل سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وكان بها إلى أن استولت عليه التتار فانتقل إلى بغداد وولي قضاء الجانب الغربي بها وببغداد مات سنة إحدى وسبعين وستمائة
ومن الفوائد عنه
ذكر في شرح التعجيز فيما لو أدخلت الصائمة أصبعها في فرجها أنها تفطر وكذلك ذكر ابن الصلاح في الفتاوى ووجهه أنها عين وصلت من الظاهر إلى الجوف في منفذ وحكى صاحب البحر في المسألة خلافا ذكره قبل باب صوم التطوع
وأفتى في كتاب نهاية النفاسة بخلاف المذهب في مسائل
منها قال لا يجوز للزوج النظر إلى الفرج والمذهب خلافه
ومنها قال في العدة الثالث استبراء أمته تحل له ولو حاملا خلافا للروياني وهذا وهم انقلب عليه والذي قال الروياني تبعا للمزني أنه إنما يجب استبراء الحامل والموطوءة فلا خلاف في وجوب استبراء الحامل
وحكى أن القاضي نجم الدين البادرائى اجتاز بالموصل رسولا إلى حلب في سنة سبع وأربعين وستمائة فسأل فقهاءها هذه المسألة
أيا فقهاء العصر هل من مخبر
عن امرأة حلت لصاحبها عقدا
إذا طلقت بعد الدخول تربصت
ثلاثة أقراء حدود لها حدا
وإن مات عنها زوجها فاعتدادها
بقرء من الأقراء تأتى به فردا
"""
صفحة رقم 193 """
فأجابه صاحب التعجيز
وكنا عهدنا النجم يهدى بنوره
فما باله قد أتهم العلم الفردا
سألت فخذ عنى فتلك لقيطة
أقرت برق بعد أن نكحت عمدا
وذكر في التعجيز أن الزوج إذا قال لزوجته أنت طالق على ألف إن شئت وقبلت كفى أحدهما وقد تكفى المشيئة وتعقبه القاضي شرف الدين ابن البارزي في التمييز وفخر الدين الصقلي في التخيير
وقال هو - أعني ابن يونس - في شرح التعجيز إن الاكتفاء بأحدهما رأي لفقه الغزالى من وجهين حكاهما إمامه أحدهما تعين شئت والثاني تعين قبلت وهو كما قال
ثم قال ابن يونس ويكفي في صورة المسألة أن يقول أنت طالق إن شئت أما قوله وقبلت ففرضه في الوجيز والوسيط دون البسيط والنهاية والتتمة وغيرها وعندي أنه يقتضي الجمع بين القبول والمشيئة وجها واحدا لأنه صرح بشرطها انتهى
قلت وهو عجيب فلم أر في شيء مما وقفت عليه من نسخ الوجيز والوسيط لفظ وقبلت وليس إلا أنت طالق بألف إن شئت كما في البسيط والنهاية والتتمة
وقول ابن يونس إن وقبلت يقتضي الجمع بينهما متجه ويحتمل أن يطرقه خلاف لأن لفظ المشيئة يتضمن القبول وبالعكس غير أنه يكون خلافا مرتبا على الخلاف في الصورة المنقولة
"""
صفحة رقم 194 """
وقال في شرح التعجيز في باب الخلع أيضا إن جده عماد الدين صحح في شرح الوجيز أن الإقباض يقتضي التمليك كالإعطاء
قلت وأنا أميل إلى هذا الترجيح غير أن المرجح في المذهب أن الإعطاء يقتضي التمليك بخلاف الإقباض
قال ابن يونس والإيتاء كالإعطاء
قلت وفي هذا نظر بل الذي يظهر أن الإيتاء كالدفع والإقباض قال الله تعالي ) وآتوا اليتامى أموالهم ( وأراد بالإيتاء الدفع بدليل قوله تعالى ) فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم (
قال في شرح التعجيز في موقف الإمام والمأموم المدارس والربط كالدور عند المراوزة وكالمساجد عند العراقيين انتهى
وهذا شيء غريب لعله سبق قلم والمعروف أن حكم المدارس والربط حكم الدور من غير خلاف
1179
عبد الرحيم بن نصر بن يوسف بن مبارك
الفقيه المحدث صدر الدين أبو محمد البعلبكي قاضي بعلبك كان فقيها زاهدا ورعا محدثا نبيلا له يد في النظم والنثر
تفقه على ابن الصلاح وسمع من الكندي والشيخ الموفق وجماعة
وصاحب الشيخ الصالح عبد الله اليونيني
"""
صفحة رقم 195 """
وكان له حال ومكاشفة وقيل إنه لما ولي قضاء بعلبك كان يحمل العجين إلى الفرن ويحكى عنه كرامات كثيرة
وكان يؤم بمدرسة بعلبك
مات وهو في السجدة الثانية من الركعة الثالثة من الظهر سجدها فانتظره من خلفه أن يرفع رأسه ثم رفعوا رؤوسهم وحركوه فوجدوه ميتا وذلك سنة ست وخمسين وستمائة
ورثاه ابن المقدسي بقوله
لنقدك صدر الدين أضحت صدورنا
تضيق وجاز الوجد غاية قدره
ومن كان ذا قلب على الدين منطو
تفتت أكبادا على فقد صدره
1180
عبد السلام بن علي بن منصور
قاضي القضاة تاج الدين ابن الخراط قاضي الديار المصرية أبو محمد الكتاني الدمياطي
مولده سنة إحدى وسبعين وخمسمائة
قرأ القرآن بدمياط بالروايات على السيد الكبير عبد السلام بن عبد الناصر بن عديسة
ورحل إلى بغداد وتفقه بالنظامية وسمع من ابن كليب وابن الجوزي وأبي طاهر المبارك بن المبارك بن المعطوش
ورحل إلى واسط فقرأ بها القراءات على أبي بكر بن الباقلاني
"""
صفحة رقم 196 """
وعاد إلى دمياط وولي القضاء بها والتدريس مدة ثم قضاء القضاة بمصر وأعمالها من الجانب القبلي
وحدث بدمياط ومصر روى عنه الحافظ زكي الدين عبد العظيم وخرج له جزءا
وقد عزل بالآخرة عن قضاء مصر وولي قضاء دمياط
مات سنة تسع عشرة وستمائة
1181
عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد قاضي القضاة جمال الدين أبو القاسم بن الحرستاني الأنصاري الخزرجي العبادي السعدي الدمشقي
أحد الأجلة من الفقهاء البارعين في المذهب الزاهدين الورعين وكان من قضاة العدل رحمه الله
ولد في أحد الربيعين سنة عشرين وخمسمائة
وسمع الحديث من عبد الكريم بن حمزة وطاهر بن سهل بن بشر الإسفرايني وجمال الإسلام أبي الحسن علي بن المسلم ونصر الله المصيصي وهبة الله بن أحمد بن طاوس وأبي القاسم الحسين بن البن وأبي الحسن علي بن سليمان المرادي وخلائق وتفرد بالرواية عن أكثر شيوخه
"""
صفحة رقم 197 """
وحدث بالإجازة عن أبي عبد الله الفراوي وهبة الله بن السيدي وزاهر الشحامي وعبد المنعم القشيري وغيرهم
سمع منه أبو المواهب بن صصرى وغيره من القدماء
وروى عنه البرزالي وابن النجار والحافظ الضياء وابن خليل والحافظ زكي الدين عبد العظيم وابن عبد الدائم وأبو الغنائم بن علان وخلائق يطول سردهم
وروى عنه من القدماء الحافظان عبد الغني وعبد القادر الرهاوي
تفقه بحلب على أبي الحسن المرادي ورحل إليه
وولي القضاء بدمشق نيابة عن أبي سعد بن أبي عصرون ثم ولي قضاء الشام في آخر عمره سنة اثنتي عشرة
"""
صفحة رقم 198 """
وعمر دهرا طويلا وكان أسند شيخ في هذه الديار
ويقال إن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام قال لم أر أفقه منه
قال أبو شامة وسألته أيهما أفقه الشيخ فخر الدين بن عساكر أو ابن الحرستاني فرجح ابن الحرستاني وقال إنه كان يحفظ وسيط الغزالي
قال أبو شامة لما ولي القضاء محيي الدين بن الزكي لم ينب عنه وبقي إلى أن ولاه الملك العادل القضاء وعزل قاضي القضاة زكي الدين الطاهر وأخذ منه المدرسة العزيزية والتقوية وأعطى العزيزية مع القضاء لابن الحرستاني والتقوية للشيخ فخر الدين بن عساكر
وكان ابن الحرستاني يجلس للحكم بالمجاهدية وناب عنه ولده عماد الدين ثم شمس الدين أبو نصر بن الشيرازي وشمس الدين بن سني الدولة وبقي في القضاء سنتين وسبعة أشهر وتوفي وكانت له جنازة عظيمة
وكان قد امتنع من الولاية لما طلب إليها فألحوا عليه واستغاثوا بولده حتى أجاب
"""
صفحة رقم 199 """
وكان صارما عادلا على طريقة السلف في لباسه وعفته اتفقوا أنه لم تفته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إن كان مريضا
1182
عبد العزيز بن أحمد بن سعيد الدميري الديريني
الشيخ الزاهد القدوة العارف صاحب الأحوال والكرامات والمصنفات والنظم الكثير نظم التنبيه والوجيز وغريب القرآن وغير ذلك وله تفسير في مجلدين منظوم
قال شيخنا أبو حيان كان متقشفا مخشوشنا يتبرك به الناس انتهى
وكان الشيخ عبد العزيز مترددا في الريف والنواحي من ديار مصر ليس له مستقر
مولده سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة وستمائة وتوفي سنة أربع وتسعين وستمائة
"""
صفحة رقم 200 """
وكان سليم الباطن حسن الأخلاق حكي أنه دخل إلى المحلة الغربية في بعض أسفاره وعليه عمامة متغيرة اللون فظنها بعض من رآه زرقاء فقال قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالها فنزع العمة من رأسه وقال له اذهب إلى القاضي لتسلم على يديه فمضى معه وتبعهم صبيان وخلق كثير على عادة من يسلم فلما نظره القاضي عرفه فقال له ما هذا يا سيدي الشيخ قال قيل لي قل الشهادتين فقلتهما فقيل امض معنا إلى القاضي لتنطق بهما بين يديه فجئت
وله كتاب طهارة القلوب في ذكر علام الغيوب كتاب حسن في التصوف وكان يعرف علم الكلام على مذهب الأشعري
ومن كلامه في طهارة القلوب إلهي عرفتنا بربوبيتك وغرقتنا في بحار نعمتك ودعوتنا إلى دار قدسك ونعمتنا بذكرك وأنسك
إلهي إن ظلمة ظلمنا لأنفسنا قد عمت وبحار الغفلة على قلوبنا قد طمت فالعجز شامل والحصر حاصل والتسليم أسلم وأنت بالحال أعلم
إلهي ما عصيناك جهلا بعقابك ولا تعرضا لعذابك ولكن سولت لنا نفوسنا وأعانتنا شقوتنا وغرنا سترك علينا وأطمعنا في عفوك برك بنا فالآن من عذابك من يستنقذنا وبحبل من نعتصم إن قطعت حبلك عنا واخجلتنا من الوقوف غدا بين يديك وا فضيحتنا إذا عرضت أعمالنا القبيحة عليك
اللهم اغفر ما علمت ولا تهتك ما سترت
إلهي إن كنا عصيناك بجهل فقد دعوناك بعقل حيث علمنا أن لنا ربا يغفر الذنوب ولا يبالي
وله مناجاة حسنة
"""
صفحة رقم 201 """
ومن شعره
اقتصد في كل حال
واجتنب شحا وغرما
لا تكن حلوا فتؤكل
لا ولا مرا فترمى
ومنه وكنت أسمع الحافظ تقي الدين أبا الفتح السبكي ابن العم رحمه الله ينشده وأحسبه روى لنا عن جده عم أبي الشيخ صدر الدين يحيى السبكي عنه
الله ربي وحسبي
الله أرجو وأحمد
وشافعي يوم حشري
خير الخلائق أحمد
صلى عليه إلهي
أوفى صلاة وأحمد
ومالك والحنيفي
والشافعي وأحمد
وسيدي ابن الرفاعي
قطب الحقيقة أحمد
هذا مقال الدميري
عبد العزيز بن أحمد
ومن شعره
إذا ما مات ذو علم وتقوى
فقد ثلمت من الإسلام ثلمه
وموت العادل الملك المرجى
حكيم الحق منقصة ووصمه
وموت الصالح المرضي نقص
ففي مرآه للإسلام نسمه
وموت الفارس الضرغام ضعف
فكم شهدت له في النصر عزمه
وموت فتى كثير الجود محل
فإن بقاءه خصب ونعمه
فحسبك خمسة تبكي عليهم
وموت الغير تخفيف ورحمه
"""
صفحة رقم 202 """
ومنه تخميس أبيات التهامي
سلم أمورك للحكيم الباري
تسلم من الأوصاب والأوزار
وانظر إلى الأخطار في الأقطار
حكم المشيئة في البرية جار
ما هذه الدنيا بدار قرار
لذات دنيانا كأحلام الكرى
وبلوغ غايتها حديث مفترى
وسرورها بشرورها قد كدرا
بينا يرى الإنسان فيها مخبرا
ألفيته خبرا من الأخبار
ازهد فكل الراغبين عبيدها
والزاهد الحبر التقي سعيدها
ولقد تشابه وعدها ووعيدها
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفوا من الأقذار والأكدار
لا تغترر بوميضها وخداعها
فوراء مبسمها نيوب سباعها
إذ لم تعرف فترها من باعها
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
لا ترج من حرب المطالب مغنما
ولربما جر التخيل مغرما
وإذا رضيت الحكم عشت مكرما
وإذا رجوت المستحيل فإنما
تبني الرجاء على شفير هار
الدهر يمضي والحوادث جمة
والرفق هين والتكالب لحظة
والصبر لين والتسخط غلظة
والعيش نوم والمنية يقظة
والمرء بينهما خيال سار
"""
صفحة رقم 203 """
أعماركم تمضي بسوف وربما
لا تغنمون سوى عسى ولعلما
هم المسوف كالتعلق بالسما
أيامكم تمضي عجالا إنما
أعماركم سفر من الأسفار
وترقبوا قرب الرحيل وحاذروا
فوت المرام فللورود مصادر
ودعوا التعلل والفتور وصابروا
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا
أن تسترد فإنهن عوار
طمس الزمان معاهدا ومعالما
ومحا بغيهبه البهيم مكارما
وأذال ما بين الأنام مراحما
ليس الزمان وإن حرصت مسالما
خلق الزمان عداوة الأحرار
ومن شعره في المثلث مربع
أراعي النبت من أب وحب
وأشهد في الوجود جمال حب
وأذهل سكرة من فرط حب
وكم أهدى النسيم إلي عطرا
بقاعهم سقيت غزير قطر
ولا سقيت عداتك غير قطر
لقد أهدى نسيمك كل قطر
فبث مسرة وأزال عذرا
تجافاني الكرى لما جفاني
كأن بالكرا أحزان عانى
"""
صفحة رقم 203 """
الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد عنه قال أبو الحسن بن الجميزي ألبسني شيخي ابن أبي عصرون الطيلسان وشرفني به على الأقران وكتب لي لما ثبت عندي علم الولد الفقيه الإمام بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل وفقه الله ودينه وعدالته رأيت تمييزه من بين أبناء جنسه وتشريفه بالطيلسان والله يرزقنا القيام بحقه وكتبه عبد الله بن محمد بن أبي عصرون
وكان قد قرأ على ابن أبي عصرون القراءات العشر بما تضمنه كتاب الإيجاز لأبي ياسر محمد بن علي المقرئ الحمامي قال شيخنا الذهبي وهو آخر تلامذة أبي سعد في الدنيا والعجب من القراء كيف لم يزدحموا عليه ولا تنافسوا في الأخذ عنه فإنه كان أعلى إسنادا من كل أحد في زمانه
توفي في يوم الخميس رابع عشري ذي الحجة سنة تسع وأربعين وستمائة بمصر وقد كمل التسعين
قال ابن القليوبي حضرت دفنه وكان مشهدا عظيما قل أن شهد مثله وكان هناك قارئ يعرف بابن أبي البركات حسن الصوت جيد القراءة فقرأ عند قبر الفقيه بهاء الدين بعد تسوية التراب عليه ) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ( الآيات التي في سورة الزخرف وقرأ بالشاذ في قوله ) وإنه لعلم للساعة ( بفتح العين
"""
صفحة رقم 204 """
أردد كالكرى بين المعاني
حليف الشوق لا يحتال فكرا
ثملت وما مدامي غير ظلم
وجوب البيد مختلطا بظلم
لئن حكمت عواذلنا بظلم
لقد جاءوا بما أبدوه نكرا
جراح في الفؤاد كلذع منه
وأنفاس الرجال أحل منه
وما أبقى الهوى للصب منه
لقد تلفت به العشاق طرا
حديثك في اللها والسمع أحلى
فخفف في اللهى ما الهجر سهلا
فعادتك اللهى والجود هلا
وعادتي الثناء عليك شكرا
خلوت مع الرشا من بين أهلي
وقد وصل الرشا منه بحبلي
وما قبل الرشا في ترك وصلي
ولقي من أتى باللوم هجرا
دعوني إنني بعت العقارا
وراقبت المحبين العقارا
وبي سكر ولم أشرب عقارا
وعاينت الهوى خبرا وخبرا
ذروا من شأنه نشر الزجاج
وجافى بالصوارم والزجاج
ولم يحتج إلى بنت الزجاج
ولم يبعد عن العزمات حذرا
"""
صفحة رقم 204 """
واللام فوالله لكأن الآيات نزلت فيه لما مثله الناس من أن موت العلماء من أعلام الساعة وأشراطها ثم قال عقب ذلك أخبرني شيخي وسيدي ساكن هذا الضريح إلى آخر ما ذكره من نعوته وسنده المتصل برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال إن الله لا ينزع العلم انتزاعا وإنما ينزعه بقبض العلماء الحديث بطوله فكان من البكاء والنحيب الكثير أمر غريب انتهى
1205
علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار
"""
صفحة رقم 205 """
رضاكم جنتي يا أهل ودي
فداووا جنتي بصحيح وعد
فأنتم جنتي من كل بعد
ومنكم أرتجي رفقا وجبرا
زماني للقرا قد ضر وهنا
وقد منع القرى فبقيت مضنى
ومالي في القرى يا صاح سكنى
وفي ليلي أراعي النجم فكرا
سلكت من التغرب كل عرس
ولم أسكن إلى إنس بعرسي
وليس مسرتي بحضور عرس
وهل يدعى الغريب سوى ابن بجرا
شغفت بمجلس ما فيه لجة
وخل مسعف ما فيه لجه
يخوض من المكارم كل لجه
ويسلك في الوفا برا وبحرا
صحابي أدلجوا حبا وحبوه
ولم يعطوا الجوارح غير حبوه
ومن زفت رليه البكر حبوه
فلا يرضى بغير الروح مهرا
ضلال الحب إرشاد ورمه
ولو عادت به الأوصال رمه
فإن سمح الحبيب بوصل رمه
فلا أشكو من الأيام فقرا
"""
صفحة رقم 206 """
طلول الحب إن عمرت فعندي
عهود صبابة عمرت بوجدي
وإن عمرت منازلنا بهند
لقد شرحت من الصدرين صدرا
ظمئت إلى وفي العهد بر
يعاملني بمعروف وبر
ومن يطمع من الصما ببر
يجد في الكد حلو العيش مرا
عهدت ببانة الجرعاء ثله
ولم أعهد بذاك الحي ثله
وكم سكنت بوادي الشيح ثله
وقد عاينت ذاك الحي قفرا
غدوت وقد أصاب الرسم وقر
وأثقلني من الأشواق وقر
وقوم لم يذوقوا الحب وقر
يضيق بهم فؤاد الصب حرا
"""
صفحة رقم 207 """
جنى وجد به قد هام قلبي
وصيرني الغرام كمثل قلب
فيا شغف الفؤاد بذات قلب
ولا في الشيخ للأشواق مسرى
قنعت من الزمان بسد خله
ووكز في الفلاة بغير خله
وإن ألفيت ذا ود وخله
بذلت له الوفا علنا وسرا
كتبت بأدمعي في الخد خطه
ولم أسلك إلى السلوان خطه
ولي في مذهب العشاق خطه
حلت لهما سويدا القلب خدرا
لمحبوبي علي الدهر حق
رضا إذ سار في البيداء حق
إذا ما غاب فالأوطان حق
ولو أني ملكت بلاد بصرى
مضى زمني وقد عاينت خلفا
ترى ضرعى ولم تحتاج خلفا
وإن وعدوا ترى مينا وخلفا
وإن حكموا ترى في الحكم أمرا
نصيبي من وفا الإخوان خرص
كلام طيب والسر خرص
"""
صفحة رقم 208 """
كأن العذر في الآذان خرص
معاذ الله لا أختار عذرا
هي الدنيا أشبهها بخبر
وأرض ذات أشجار وخبر
وإن عاينتها بصحيح خبر
تجد شاماتها يا صاح حمرا
وهل يرضى الفتى سمنا بذبح
ولم ير في حماها غير ذبح
ومن يقنع كفيت برعي ذبح
يجد عقباه تعنيفا وزجرا
لأحبابي بوادي الأثل ربع
ووردي ماء ذاك الحي ربع
فحظي كل يوم منه ربع
ظمئت فليته لو كان شطرا
يساعدني على العزمات رسل
ويكفيني من الأقوات رسل
ومالي نحو أهل الحي رسل
فيا مولاي هب عفوا ونصرا
وجد وارحم وصل على الرسول
محمد المؤيد بالدليل
وعترته أولي القدر الجليل
وسائر صحبه السامين قدرا
وجد بالعفو يا مولى الموالي
على عبد العزيز فلا يبالي
إذا أنعمت يوما بالنوال
تبدل كل هذا العسر يسرا
"""
صفحة رقم 209 """
1183
عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن حسن بن محمد ابن مهذب السلمي
شيخ الإسلام والمسلمين وأحد الأئمة الأعلام سلطان العلماء إمام عصره بلا مدافعة القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه المطلع على حقائق الشريعة وغوامضها العارف بمقاصدها لم ير مثل نفسه ولا رأى من رآه مثله علما وورعا وقياما في الحق وشجاعة وقوة جنان وسلاطة لسان
ولد سنة سبع أو سنة ثمان وسبعين وخمسمائة
تفقه على الشيخ فخر الدين ابن عساكر وقرأ الأصول على الشيخ سيف الدين الآمدي وغيره وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن الحافظ الكبير أبي القاسم ابن عساكر وشيخ الشيوخ عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبي سعد البغدادي وعمر بن محمد بن طبرزد وحنبل بن عبد الله الرصافي والقاضي عبد الصمد بن محمد الحرستاني وغيرهم وحضر على بركات بن إبراهيم الخشوعي
روى عنه تلامذته شيخ الإسلام ابن دقيق العيد وهو الذي لقب الشيخ عز الدين سلطان العلماء والإمام علاء الدين أبو الحسن الباجي والشيخ تاج الدين ابن الفركاح والحافظ أبو محمد الدمياطي والحافظ أبو بكر محمد بن يوسف بن مسدي
"""
صفحة رقم 210 """
والعلامة أحمد أبو العباس الدشناوي والعلامة أبو محمد هبة الله القفطي وغيرهم
روى لنا عنه الختني
درس بدمشق أيام مقامه بها بالزاوية الغزالية وغيرها وولي الخطابة والإمامة بالجامع الأموي
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة أحد تلامذة الشيخ وكان أحق الناس بالخطابة والإمامة وأزال كثيرا من البدع التي كان الخطباء يفعلونها من دق السيف على لمنبر وغير ذلك وأبطل صلاتي الرغائب ونصف شعبان ومنع منهما
قلت واستمر الشيخ عز الدين بدمشق إلى أثناء أيام الصالح إسماعيل المعروف بأبي الخيش فاستعان أبو الخيش بالفرنج وأعطاهم مدينة صيدا وقلعة الشقيف فأنكر عليه الشخ عز الدين وترك الدعاء له في الخطبة وساعده في ذلك الشيخ أبو عمرو ابن الحاجب المالكي فغضب السلطان منهما فخرجا إلى الديار المصرية في حدود سنة تسع وثلاثين وستمائة فلما مر الشيخ عز الدين بالكرك تلقاه صاحبها وسأله الإقامة عنده فقال له بلدك صغير على علمي ثم توجه إلى القاهرة فتلقاه سلطانها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل وأكرمه وولاه خطابة جامع عمرو ابن العاص بمصر والقضاء بها وبالوجه القبلي مدة فاتفق أن أستاذ داره فخر الدين عثمان بن شيخ الشيوخ وهو الذي كان إليه أمر المملكة عمد إلى مسجد بمصر فعمل على ظهره بناء لطبل خانات وبقيت تضرب هنالك فلما ثبت هذا عند الشيخ عز الدين حكم بهدم ذلك البناء وأسقط فخر الدين ابن الشيخ وعزل نفسه من القضاء ولم تسقط بذلك منزلة الشيخ
"""
صفحة رقم 211 """
عند السلطان ولكنه لم يعده إلى الولاية وظن فخر الدين وغيره أن هذا الحكم لا يتأثر به فخر الدين في الخارج فاتفق أن جهز السلطان الملك الصالح رسولا من عنده إلى الخليفة المستعصم ببغداد فلما وصل الرسول إلى الديوان ووقف بين يدي الخليفة وأدى الرسالة خرج إليه وسأله هل سمعت هذه الرسالة من السلطان فقال لا ولكن حملنيها عن السلطان فخر الدين ابن شيخ الشيوخ أستاذ داره فقال الخليفة إن المذكور أسقطه ابن عبد السلام فنحن لا نقبل روايته فرجع الرسول إلى السلطان حتى شافهه بالرسالة ثم عاد إلى بغداد وأداها
ثم بنى السلطان مدرسة الصالحية المعروفة بين القصرين بالقاهرة وفوض تدريس الشافعية بها إلى الشيخ عز الدين فباشره وتصدى لنفع الناس بعلومه ولما استقر مقامه بمصر أكرمه حافظ الديار المصرية وزاهدها عبد العظيم المنذري وامتنع من الفتيا وقال كنا نفتي قبل حضور الشيخ عز الدين وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين فيه
سمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول سمعت شيخنا الباجي يقول طلع شيخنا عز الدين مرة إلى السلطان في يوم عيد إلى القلعة فشاهد العساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة وما السلطان فيه يوم العيد من الأبهة وقد خرج على قومه في زينته على عادة سلاطين الديار المصرية وأخذت الأمراء تقبل الأرض بين يدي السلطان فالتفت الشيخ إلى السلطان وناداه يا أيوب ما حجتك عند الله إذا قال لك ألم أبوئ لك ملك مصر ثم تبيح الخمور فقال هل جرى هذا فقال نعم الحانة الفلانية يباع فيها الخمور
"""
صفحة رقم 212 """
وغيرها من المنكرات وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون فقال يا سيدي هذا أنا ما عملته هذا من زمان أبي فقال أنت من الذين يقولون ) إنا وجدنا آباءنا على أمة ( فرسم السلطان بإبطال تلك الحانة
سمعت الشيخ الإمام يقول سمعت الباجي يقول سألت الشيخ لما جاء من عند السلطان وقد شاع هذا الخبر يا سيدي كيف الحال فقال يا بني رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر نفسه فتؤذيه فقلت يا سيدي أما خفته فقال والله يا بني استحضرت هيبة الله تعالى فصار السلطان قدامي كالقط
ورأيت في بعض المجاميع أن الذي سأله هذا السؤال تلميذه الشيخ أبو عبد الله محمد بن النعمان فلعل الباجي وابن النعمان سألاه
سمعت الشيخ الإمام يقول كان الشيخ عز الدين في أول أمره فقيرا جدا ولم يشتغل إلا على كبر وسبب ذلك أنه كان يبيت في الكلاسة من جامع دمشق فبات بها ليلة ذات برد شديد فاحتلم فقام مسرعا ونزل في بركة الكلاسة فحصل له ألم شديد من البرد وعاد فنام فاحتلم ثانيا فعاد إلى البركة لأن أبواب الجامع مغلقة وهو
"""
صفحة رقم 213 """
لا يمكنه الخروج فطلع فأغمي عليه من شدة البرد أنا أشك هل كان الشيخ الإمام يحكي أن هذا اتفق له ثلاث مرات تلك الليلة أو مرتين فقط ثم سمع النداء في المرة الأخيرة يا ابن عبد السلام أتريد العلم أم العمل فقال الشيخ عز الدين العلم لأنه يهدي إلى العمل فأصبح وأخذ التنبيه فحفظه في مدة يسيرة وأقبل على العلم فكان أعلم أهل زمانه ومن أعبد خلق الله تعالى
سمعت الشيخ الإمام رحمه الله تعالى يقول سمعت الشيخ صدر الدين أبا زكريا يحيى ابن علي السبكي يقول كان في الريف شخص يقال له عبد الله البلتاجي من أولياء الله تعالى وكانت بينه وبين الشيخ عز الدين صداقة وكان يهدي له في كل عام فأرسل إليه مرة حمل جمل هدية ومن جملته وعاء فيه جبن فلما وصل الرسول إلى باب القاهرة انكسر ذلك الوعاء وتبدد ما فيه فتألم الرسول لذلك فرآه شخص ذمي فقال له لم تتألم عندي ما هو خير منه قال الرسول فاشتريت منه بدله وجئت فما كان إلا بقدر أن وصلت إلى باب الشيخ ولم يعلم بي ولا بما جرى لي غير الله تعالى وإذا بشخص نزل من عند الشيخ وقال اصعد بما جئت فناولته شيئا فشيئا إلى أن سلمته ذلك الجبن فطلع ثم نزل فقلت أعطيته للشيخ فقال أخذ الجميع إلا الجبن ووعاءه فإنه قال لي ضعه على الباب فلما طلعت أنا قال لي يا ولدي ليش تفعل هذا إن المرأة التي حلبت لبن هذا الجبن كانت يدها متنجسة بالخنزير ورده وقال سلم على أخي
"""
صفحة رقم 214 """
وحكى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة رحمه الله أن الشيخ لما كان بدمشق وقع مرة غلاء كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل فأعطته زوجته مصاغا لها وقالت اشتر لنا به بستانا نصيف به فأخذ ذلك المصاغ وباعه وتصدق بثمنه فقالت يا سيدي اشتريت لنا قال نعم بستانا في الجنة إني وجدت الناس في شدة فتصدقت بثمنه فقالت له جزاك الله خيرا
وحكى أنه كان مع فقره كثير الصدقات وأنه ربما قطع من عمامته وأعطى فقيرا يسأله إذا لم يجد معه غير عمامته وفي هذه الحكاية ما يدل على أنه كان يلبس العمامة وبلغني أنه كان يلبس قبع لباد وأنه كان يحضر المواكب السلطانية به فكأنه كان يلبس تارة هذا وتارة هذا على حسب ما يتفق من غير تكلف
قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء
وعن الشيخ جمال الدين ابن الحاجب أنه قال ابن عبد السلام أفقه من الغزالي
وحكى القاضي عز الدين الهكاري ابن خطيب الأشمونين في مصنف له ذكر فيه سيرة الشيخ عز الدين أن الشيخ عز الدين أفتى مرة بشيء ثم ظهر له أنه خطأ فنادى في مصر والقاهرة على نفسه من أفتى له فلان بكذا فلا يعمل به فإنه خطأ
وذكر أن الشيخ عز الدين لبس خرقة التصوف من الشيخ شهاب الدين السهروردي وأخذ عنه وذكر أنه كان يقرأ بين يديه رسالة القشيري فحضره مرة الشيخ أبو العباس المرسي لما قدم من الإسكندرية إلى القاهرة فقال له الشيخ
"""
صفحة رقم 215 """
عز الدين تكلم على هذا الفصل فأخذ المرسي يتكلم والشيخ عز الدين يزحف في الحلقة ويقول اسمعوا هذا الكلام الذي هو حديث عهد بربه
وقد كانت للشيخ عز الدين اليد الطولى في التصوف وتصانيفه قاضية بذلك
ذكر واقعة التتار وما كان من سلطان العلماء فيها
وحاصلها أن التتار لما دهمت البلاد عقيب واقعة بغداد التي سنشرحها إن شاء الله تعالى في ترجمة الحافظ زكي الدين وجبن أهل مصر عنهم وضاقت بالسلطان وعساكره الأرض استشاروا الشيخ عز الدين رحمه الله فقال اخرجوا وأنا أضمن لكم على الله النصر فقال السلطان له إن المال في خزانتي قليل وأنا أريد أن أقترض من أموال التجار فقال له الشيخ عز الدين إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام وضربته سكة ونقدا وفرقته في الجيش ولم يقم بكفايتهم ذلك الوقت اطلب القرض وأما قبل ذلك فلا فأحضر السلطان والعسكر كلهم ما عندهم من ذلك بين يدي الشيخ وكان الشيخ له عظمة عندهم وهيبة بحيث لا يستطيعون مخالفته فامتثلوا أمره فانتصروا
ومما يدل على منزلته الرفيعة عندهم أن الملك الظاهر بيبرس لم يبايع واحدا من الخليفة المستنصر والخليفة الحاكم إلا بعد أن تقدمه الشيخ عز الدين للمبايعة ثم بعده السلطان ثم القضاة ولما مرت جنازة الشيخ عز الدين تحت القلعة وشاهد الملك الظاهر كثرة الخلق الذين معها قال لبعض خواصه اليوم استقر أمري في الملك لأن هذا الشيخ لو كان يقول للناس اخرجوا عليه لانتزع الملك مني
"""
صفحة رقم 216 """
ذكر واقعة الفرنج على دمياط
وكانت قبل ذلك وصلوا إلى المنصورة في المراكب واستظهروا على المسلمين وكان الشيخ مع العسكر وقويت الريح فلما رأى الشيخ حال المسلمين نادى بأعلى صوته مشيرا بيده إلى الريح يا ريح خذيهم عدة مرار فعادت الريح على مراكب الفرنج فكسرتها وكان الفتح وغرق أكثر الفرنج وصرخ من بين يدي المسلمين صارخ الحمد لله الذي أرانا في أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم ) رجلا سخر له الريح
(
ذكر كائنة الشيخ مع أمراء الدولة من الأتراك
وهم جماعة ذكر أن الشيخ لم يثبت عنده أنهم أحرار وأن حكم الرق مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين فبلغهم ذلك فعظم الخطب عندهم فيه وأضرم الأمر والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعا ولا شراء ولا نكاحا وتعطلت مصالحهم بذلك وكان من جملتهم نائب السلطنة فاستشاط غضبا فاجتمعوا وأرسلوا إليه فقال نعقد لكم مجلسا وينادى عليكم لبيت مال المسلمين ويحصل عتقكم بطريق شرعي فرفعوا الأمر إلى السلطان فبعث إليه فلم يرجع فجرت من السلطان كلمة فيها غلظة حاصلها الإنكار على الشيخ في دخوله في هذا الأمر وأنه لا يتعلق به فغضب الشيخ وحمل حوائجه على حمار وأركب عائلته على حمار آخر ومشى خلفهم خارجا من القاهرة قاصدا نحو الشام فلم يصل إلى نحو نصف بريد إلا وقد لحقه غالب المسلمين لم تكد امرأة ولا صبي
"""
صفحة رقم 217 """
ولا رجل لا يؤبه إليه يتخلف لا سيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم فبلغ السلطان الخبر وقيل له متى راح ذهب ملكك فركب السلطان بنفسه ولحقه واسترضاه وطيب قلبه فرجع واتفقوا معهم على أنه ينادى على الأمراء فأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة فلم يفد فيه فانزعج النائب وقال كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض والله لأضربنه بسيفي هذا فركب بنفسه في جماعته وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده فطرق الباب فخرج ولد الشيخ أظنه عبد اللطيف فرأى من نائب السلطنة ما رأى فعاد إلى أبيه وشرح له الحال فما اكترث لذلك ولا تغير وقال يا ولدي أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب وسقط السيف منها وأرعدت مفاصله فبكى وسأل الشيخ أن يدعو له وقال يا سيدي خبر أيش تعمل قال أنادي عليكم وأبيعكم قال ففيم تصرف ثمننا قال في مصالح المسلمين قال من يقبضه قال أنا فتم له ما أراد ونادى على الأمراء واحدا واحدا وغالى في ثمنهم وقبضه وصرفه في وجوه الخير وهذا ما لم يسمع بمثله عن أحد رحمه الله تعالى ورضى عنه
"""
صفحة رقم 218 """
ذكر البحث عما كان بين سلطان العلماء والملك الأشرف موسى بن الملك العادل بن أيوب
وذلك بدمشق قبل خروجه إلى الديار المصرية ولنشرحه مختصرا
ذكر الشيخ الإمام شرف الدين عبد اللطيف ولد الشيخ فيما صنفه من أخبار والده في هذه الواقعة أن الملك الأشرف لما اتصل به ما عليه الشيخ عز الدين من القيام لله والعلم والدين وأنه سيد أهل عصره وحجة الله على خلقه أحبه وصار يلهج بذكره ويؤثر الاجتماع به والشيخ لا يجيب إلى الاجتماع وكانت طائفة من مبتدعة الحنابلة القائلين بالحرف والصوت ممن صحبهم السلطان في صغره يكرهون الشيخ عز الدين ويطعنون فيه وقرروا في ذهن السلطان الأشرف أن الذي هم عليه اعتقاد السلف وأنه اعتقاد أحمد بن حنبل رضي الله عنه وفضلاء أصحابه واختلط هذا بلحم السلطان ودمه وصار يعتقد أن مخالف ذلك كافر حلال الدم فلما أخذ السلطان في الميل إلى الشيخ عز الدين دست هذه الطائفة إليه وقالوا إنه أشعري العقيدة يخطىء من يعتقد الحرف والصوت ويبدعه ومن جملة اعتقاده أنه يقول بقول الأشعري أن الخبز لا يشبع والماء لا يروي والنار لا تحرق فاستهال ذلك السلطان واستعظمه ونسبهم إلى التعصب عليه فكتبوا فتيا في مسألة الكلام وأوصلوها إليه مريدين أن يكتب عليها بذلك فيسقط موضعه عند السلطان وكان الشيخ قد اتصل به ذلك كله فلما جاءته الفتيا قال هذه الفتيا كتبت امتحانا لي والله لا كتبت فيها إلا ما هو الحق
"""
صفحة رقم 219 """
فكتب العقيدة المشهورة وقد ذكر ولده بعضها في تصنيفه وأنا أرى أن أذكرها كلها لتستفاد وتحفظ
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله ورضي عنه وعنا به الحمد لله ذي العزة والجلال والقدرة والكمال والإنعام والإفضال الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ليس بجسم مصور ولا جوهر محدود مقدر ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرضون ولا السموات كان قبل أن كون المكان ودبر الزمان وهو الآن على ما عليه كان خلق الخلق وأعمالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم فكل نعمة منه فهي فضل وكل نقمة منه فهي عدل ) لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ( استوى على العرش المجيد على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال فتعالى الله الكبير المتعال عما يقوله أهل الغي والضلال بل لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته مقهورون في قبضته أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا مطلع على هواجس الضمائر وحركات الخواطر حي مريد سميع بصير عليم قدير متكلم بكلام قديم أزلي ليس بحرف ولا صوت ولا يتصور في كلامه أن ينقلب مدادا في الألواح والأوراق شكلا ترمقه العيون والأحداق كما زعم أهل الحشو والنفاق بل الكتابة من أفعال العباد ولا يتصور في أفعالهم أن تكون قديمة ويجب احترامها لدلالتها على كلامه كما يجب احترام أسمائه لدلالتها على ذاته وحق لما دل عليه وانتسب إليه أن يعتقد عظمته وترعى حرمته ولذلك يجب احترام الكعبة والأنبياء والعباد والصلحاء
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
"""
صفحة رقم 220 """
ولمثل ذلك يقبل الحجر الأسود ويحرم على المحدث أن يمس المصحف أسطره وحواشيه التي لا كتابة فيها وجلده وخريطته التي هو فيها فويل لمن زعم أن كلام الله القديم شيء من ألفاظ العباد أو رسم من أشكال المداد
واعتقاد الأشعري رحمه الله مشتمل على ما دلت عليه أسماء الله التسعة والتسعون التي سمى بها نفسه في كتابه وسنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأسماؤه مندرجة في أربع كلمات هن الباقيات الصالحات
الكلمة الأولى قول سبحان الله ومعناها في كلام العرب التنزيه والسلب فهي مشتملة على سلب النقص والعيب عن ذات الله وصفاته فما كان من أسمائه سلبا فهو مندرج تحت هذه الكلمة كالقدوس وهو الطاهر من كل عيب والسلام وهو الذي سلم من كل آفة
الكلمة الثانية قول الحمد لله وهي مشتملة على إثبات ضروب الكمال لذاته وصفاته فما كان من أسمائه متضمنا للإثبات كالعليم والقدير والسميع والبصير فهو مندرج تحت الكلمة الثانية فقد نفينا بقولنا سبحان الله كل عيب عقلناه وكل نقص فهمناه وأثبتنا بالحمد لله كل كمال عرفناه وكل جلال أدركناه ووراء ما نفيناه وأثبتناه شأن عظيم قد غاب عنا وجهلناه فنحققه من جهة الإجمال بقولنا الله أكبر وهي الكلمة الثالثة بمعنى أن أجل مما نفيناه وأثبتناه وذلك معنى قوله ( صلى الله عليه وسلم ) لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فما كان من أسمائه متضمنا لمدح فوق ما عرفناه وأدركناه كالأعلى والمتعالى فهو مندرج تحت قولنا الله أكبر فإذا كان في الوجود من هذا شأنه نفينا أن يكون في الوجود من يشاكله أو يناظره فحققنا ذلك بقولنا لا إله إلا الله وهي الكلمة الرابعة
"""
صفحة رقم 221 """
فإن الألوهية ترجع إلى استحقاق العبودية ولا يستحق العبودية إلا من اتصف بجميع ما ذكرناه فما كان من أسمائه متضمنا للجميع على الإجمال كالواحد والأحد وذي الجلال والإكرام فهو مندرج تحت قولنا لا إله إلا الله وإنما استحق العبودية لما وجب له من أوصاف الجلال ونعوت الكمال الذي لا يصفه الواصفون ولا يعده العادون
حسنك لا تنقضي عجائبه
كالبحر حدث عنه بلا حرج
فسبحان الله من عظم شأنه وعز سلطانه ) يسأله من في السماوات والأرض ( لافتقارهم إليه ) كل يوم هو في شأن ( لاقتداره عليه له الخلق والأمر والسلطان والقهر فالخلائق مقهورون في قبضته ) والسماوات مطويات بيمينه ( ) يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون ( فسبحان الأزلي الذات والصفات ومحيي الأموات وجامع الرفات العالم بما كان وما هو آت
ولو أدرجت الباقيات الصالحات في كلمة منها على سبيل الإجمال وهي الحمد لله لاندرجت فيها كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لو شئت أن أوقر بعيرا من قولك الحمد لله لفعلت فإن الحمد هو الثناء والثناء يكون بإثبات الكمال تارة وبسلب النقص أخرى وتارة بالاعتراف بالعجز عن درك الإدراك وتارة بإثبات التفرد بالكمال والتفرد بالكمال من أعلى مراتب المدح والكمال فقد اشتملت هذه الكلمة على ما ذكرناه في الباقيات الصالحات لأن الألف واللام فيها لاستغراق جنس المدح والحمد مما علمنا وجهلناه ولا خروج للمدح عن شيء مما ذكرناه ولا يستحق الإلهية إلا من اتصف بجميع ما قررناه ولا يخرج عن هذا الإعتقاد ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا أحد من أهل الملل إلا من خذله الله فاتبع هواه وعصى مولاه أولئك قوم قد غمرهم ذل الحجاب وطردوا عن الباب وبعدوا عن ذلك
"""
صفحة رقم 222 """
الجناب وحق لمن حجب في الدنيا عن إجلاله ومعرفته أن يحجب في الآخرة عن إكرامه ورؤيته
أرض لمن غاب عنك غيبته
فذاك ذنب عقابه فيه
فهذا إجمال من اعتقاد الأشعري رحمه الله تعالى واعتقاد السلف وأهل الطريقة والحقيقة نسبته إلى التفصيل الواضح كنسبة القطرة إلى البحر الطافح
يعرفه الباحث من جنسه
وسائر الناس له منكر
غيره
لقد ظهرت فلا تخفى على أحد
إلا على أكمه لا يعرف القمرا
والحشوية المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ضربان أحدهما لا يتحاشى من إظهار الحشو ) ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ( والآخر يتستر بمذهب السلف لسحت يأكله أو حطام يأخذه
أظهروا للناس نسكا
وعلى المنقوش داروا
)
يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم ( ومذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه دون التجسيم والتشبيه ولذلك جميع المبتدعة يزعمون أنهم على مذهب السلف فهم كما قال القائل
وكل يدعون وصال ليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
وكيف يدعى على السلف أنهم يعتقدون التجسيم والتشبيه أو يسكتون عند ظهور البدع ويخالفون قوله تعالى ) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (
"""
صفحة رقم 223 """
وقوله ) وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ( وقوله ) لتبين للناس ما نزل إليهم (
والعلماء ورثة الأنبياء فيجب عليهم من البيان ما وجب على الأنبياء
وقال تعالى ) ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ( ومن أنكر المنكرات التجسيم والتشبيه ومن أفضل المعروف التوحيد والتنزيه وإنما سكت السلف قبل ظهور البدع فورب السماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع لقد تشمر السلف للبدع لما ظهرت فقمعوها أتم القمع وردعوا أهلها أشد الردع فردوا على القدرية والجهمية والجبرية وغيرهم من أهل البدع فجاهدوا في الله حق جهاده
والجهاد ضربان ضرب بالجدل والبيان وضرب بالسيف والسنان فليت شعري فما الفرق بين مجادلة الحشوية وغيرهم من أهل البدع ولولا خبث في الضمائر وسوء اعتقاد في السرائر ) يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ( وإذا سئل أحدهم عن مسألة من مسائل الحشو أمر بالسكوت عن ذلك وإذا سئل عن غير الحشو من البدع أجاب فيه بالحق ولولا ما انطوى عليه باطنه من التجسيم والتشبيه لأجاب في مسائل الحشو بالتوحيد والتنزيه ولم تزل هذه الطائفة المبتدعة قد ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا ) كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ( لا تلوح لهم فرصة إلا طاروا إليها ولا فتنة إلا أكبوا عليها وأحمد بن حنبل وفضلاء أصحابه وسائر علماء السلف برآء إلى الله مما نسبوه إليهم واختلقوه عليهم وكيف يظن بأحمد بن حنبل وغيره من العلماء أن يعتقدوا أن وصف الله القديم القائم بذاته هو غير لفظ اللافظين ومداد
"""
صفحة رقم 224 """
الكاتبين مع أن وصف الله قديم وهذه الأشكال والألفاظ حادثة بضرورة العقل وصريح النقل وقد أخبر الله تعالى عن حدوثها في ثلاثة مواضع من كتابه
أحدها قوله ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ( جعل الآتى محدثا فمن زعم أنه قديم فقد رد على الله سبحانه وتعالى وإنما هذا الحادث دليل على القديم كما أنا إذا كتبنا اسم الله تعالى في ورقة لم يكن الرب القديم حالا في تلك الورقة فكذلك إذا كتب الوصف القديم في شىء لم يحل الوصف المكتوب حيث حلت الكتابة
الموضع الثاني قوله ) فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم ( وقول الرسول صفة للرسول ووصف الحادث حادث يدل على الكلام القديم فمن زعم أن قول الرسول قديم فقد رد على رب العالمين ولم يقتصر سبحانه وتعالى على الإخبار بذلك حتى أقسم على ذلك بأتم الأقسام فقال تعالى ) فلا أقسم بما تبصرون ( أي تشاهدون ) وما لا تبصرون ( أي ما لم تروه فاندرج في هذا القسم ذاته وصفاته وغير ذلك من مخلوقاته
الموضع الثالث قوله تعالى ) فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس إنه لقول رسول كريم (
والعجب ممن يقول القرآن مركب من حرف وصوت ثم يزعم أنه في المصحف وليس في المصحف إلا حرف مجرد لا صوت معه إذ ليس فيه حرف مكتوب عن صوت فإن الحرف اللفظي ليس هو الشكل الكتابى ولذلك يدرك الحرف اللفظي بالآذان ولا يشاهد بالعيان ويشاهد الشكل الكتابي بالعيان ولا يسمع بالآذان ومن توقف في ذلك فلا يعد من العقلاء فضلا عن العلماء فلا أكثر الله في المسلمين من أهل البدع والأهواء والإضلال والإغواء
"""
صفحة رقم 225 """
ومن قال بأن الوصف القديم حال في المصحف لزمه إذا احترق المصحف أن يقول بأن وصف الله القديم احترق سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ومن شأن القديم أن لا يلحقه تغير ولا عدم فإن ذلك مناف للقدم
فإن زعموا أن القرآن مكتوب في المصحف غير حال فيه كما يقوله الأشعرى فلم يلعنون الأشعري رحمه الله وإن قالوا بخلاف ذلك فانظر ) كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا ( ) ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين (
وأما قوله سبحانه وتعالى ) إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون ( فلا خلاف بين أئمة العربية أنه لا بد من كلمة محذوفة يتعلق بها قوله ) في كتاب مكنون ( ويجب القطع بأن ذلك المحذوف تقديره ( مكتوب في كتاب مكنون ) لما ذكرناه وما دل عليه العقل الشاهد بالوحدانية وبصحة الرسالة وهو مناط التكليف بإجماع المسلمين وإنما لم يستدل بالعقل على القدم وكفى به شاهدا لأنهم لا يسمعون شهادته مع أن الشرع قد عدل العقل وقبل شهادته واستدل به في مواضع من كتابه كالاستدلال بالإنشاء على الإعادة وكقوله تعالى ) لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ( وقوله ) وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض ( وقوله ) أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء (
فيا خيبة من رد شاهدا قبله الله وأسقط دليلا نصبه الله فهم يرجعون إلى المنقول فلذلك استدللنا بالمنقول وتركنا المعقول كمينا إن احتجنا إليه أبرزناه وإن لم نحتج إليه
"""
صفحة رقم 226 """
أخرناه وقد جاء في الحديث الصحيح من قرأ القرآن وأعربه كان له بكل حرف عشر حسنات ومن قرأه ولم يعربه فله بكل حرف منه حسنة والقديم لا يكون معيبا باللحن وكاملا بالإعراب وقد قال تعالى ) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون ( فإذا أخبر رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) بأنا نجزى على قراءة القرآن دل على أنه من أعمالنا وليست أعمالنا قديمة وإنما أتي القوم من قبل جهلهم بكتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وسخافة العقل وبلادة الذهن فإن لفظ القرآن يطلق في الشرع واللسان على الوصف القديم ويطلق على القراءة الحادثة قال الله تعالى ) إن علينا جمعه وقرآنه ( أراد بقرآنه قراءته إذ ليس للقرآن قرآن آخر ) فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ( أي قراءته فالقراءة غير المقروء والقراءة حادثة والمقروء قديم كما أنا إذا ذكرنا الله عز وجل كان الذكر حادثا والمذكور قديما فهذه نبذة من مذهب الأشعري رحمه الله
إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام
والكلام في مثل هذا يطول ولولا ما وجب على العلماء من إعزاز الدين وإخمال المبتدعين وما طولت به الحشوية ألسنتهم في هذا الزمان من الطعن في أعراض الموحدين والإزراء على كلام المنزهين لما أطلت النفس في مثل هذا مع إيضاحه ولكن قد أمرنا الله بالجهاد في نصرة دينه إلا أن سلاح العالم علمه ولسانه كما أن سلاح الملك سيفه وسنانه فكما لا يجوز للملوك إغماد أسلحتهم عن الملحدين والمشركين لا يجوز للعلماء إغماد ألسنتهم عن الزائغين والمبتدعين فمن ناضل عن الله وأظهر دين الله كان جديرا أن يحرسه الله بعينه التي لا تنام ويعزه بعزه الذي لا يضام ويحوطه بركنه الذي
"""
صفحة رقم 227 """
لا يرام ويحفظه من جيمع الأنام ) ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ( وما زال المنزهون والموحدون يفتون بذلك على رؤوس الأشهاد في المحافل والمشاهد ويجهرون به في المدارس والمساجد وبدعة الحشوية كامنة خفية لا يتمكنون من المجاهرة بها بل يدسونها إلى جهلة العوام وقد جهروا بها في هذا الأوان فنسأل الله تعالى أن يعجل بإخمالها كعادته ويقضي بإذلالها على ما سبق من سنته وعلى طريقة المنزهين والموحدين درج الخلف والسلف رضى الله عنهم أجمعين
والعجب أنهم يذمون الأشعري بقوله إن الخبز لا يشبع والماء لا يروي والنار لا تحرق وهذا كلام أنزل الله معناه في كتابه فإن الشبع والري والإحراق حوادث انفرد الرب بخلقها فلم يخلق الخبز الشبع ولم يخلق الماء الري ولم تخلق النار الإحراق وإن كانت أسبابا في ذلك فالخالق هو المسبب دون السبب كما قال تعالى ) وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ( نفى أن يكون رسوله خالقا للرمى وإن كان سببا فيه وقد قال تعالى ) وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا ( فاقتطع الإضحاك والإبكاء والإماتة والإحياء عن أسبابها وأضافها إليه فكذلك اقتطع الأشعري رحمه الله الشبع والري والإحراق عن أسبابها وأضافها إلى خالقها لقوله تعالى ) خالق كل شيء ( وقوله ) هل من خالق غير الله ( ) بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ( ) أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون (
"""
صفحة رقم 228 """
وكم من عائب قولا صحيحا
وآفته من الفهم السقيم
فسبحان من رضي عن قوم فأدناهم وسخط على آخرين فأقصاهم ) لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (
وعلى الجملة ينبغي لكل عالم إذا أذل الحق وأخمل الصواب أن يبذل جهده في نصرهما وأن يجعل نفسه بالذل والخمول أولى منهما وإن عز الحق فظهر الصواب أن يستظل بظلهما وأن يكتفي باليسير من رشاش غيرهما
قليل منك ينفعني ولكن
قليلك لا يقال له قليل
والمخاطرة بالنفوس مشروعة في إعزاز الدين ولذلك يجوز للبطل من المسلمين أن ينغمر في صفوف المشركين وكذلك المخاطرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة قواعد الدين بالحجج والبراهين مشروعة فمن خشي على نفسه سقط عنه الوجوب وبقي الاستحباب ومن قال بأن التغرير بالنفوس لا يجوز فقد بعد عن الحق ونأى عن الصواب
وعلى الجملة فمن آثر الله على نفسه آثره الله ومن طلب رضا الله بما يسخط الناس رضى الله عنه وأرضى عنه الناس ومن طلب رضا الناس بما يسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس وفي رضا الله كفاية عن رضا كل أحد
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
غيره
في كل شيء إذا ضيعته عوض
وليس في الله إن ضيعته عوض
"""
صفحة رقم 229 """
وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك وجاء في حديث ذكروا الله بأنفسكم فإن الله ينزل العبد من نفسه حيث أنزله من نفسه حتى قال بعض الأكابر من أراد أن ينظر منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده
اللهم فانصر الحق وأظهر الصواب وأبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يعز فيه وليك ويذل فيه عدوك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك
والحمد لله الذي إليه استنادي وعليه اعتمادي وهو حسبي ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
فهذه الفتيا التي كتبها قال ولده الشيخ شرف الدين عبد اللطيف فلما فرغ من كتابة ما راموه رماه إليهم وهو يضحك عليهم فطاروا بالجواب وهم يعتقدون أن الحصول على ذلك من الفرص العظيمة التي ظفروا بها ويقطعون بهلاكه واستئصاله واستباحة دمه وماله فأوصلوا الفتيا إلى الملك الأشرف رحمه الله فلما وقف عليها استشاط غضبا وقال صح عندي ما قالوه عنه وهذا رجل كنا نعتقد أنه متوحد في زمانه في العلم والدين فظهر بعد الاختبار أنه من الفجار لا بل من الكفار وكان ذلك في رمضان عند الإفطار وعنده على سماطه عامة الفقهاء من جميع الأقطار فلم يستطع أحد منهم أن يرد عليه بل قال بعض أعيانهم السلطان أولى بالعفو والصفح ولا سيما في مثل هذا الشهر وموه آخرون بكلام موجه يوهم صحة مذهب الخصم ويظهرون أنهم قد أفتوا بموافقته فلما انفصلوا تلك الليلة من مجلسه بالقلعة اشتغل الناس في البلد بما جرى في تلك الليلة عند السلطان وأقام الحق سبحانه وتعالى الشيخ العلامة جمال الدين أبا عمرو بن الحاجب المالكي وكان عالم مذهبه في زمانه وقد جمع بين العلم والعمل رحمه الله تعالى في هذه القضية ومضى إلى القضاة والعلماء الأعيان الذين حضروا هذه القضية عند السلطان
"""
صفحة رقم 230 """
وشدد عليهم النكير وقال العجب أنكم كلكم على الحق وغيركم على الباطل وما فيكم من نطق بالحق وسكتم وما انتخبتم لله تعالى وللشريعة المطهرة ولما تكلم منكم من تكلم قال السلطان أولى بالصفح والعفو ولا سيما في مثل هذا الشهر وهذا غلط يوهم الذنب فإن العفو والصفح لا يكونان إلا عن جرم وذنب أما كنتم سلكتم طريق التلطف بإعلام السلطان بأن ما قاله ابن عبد السلام مذهبكم وهو مذهب أهل الحق وأن جمهور السلف والخلف على ذلك ولم يخالفهم فيه إلا طائفة مخذولة يخفون مذهبهم ويدسونه على تخوف إلى من يستضعفون علمه وعقله وقد قال تعالى ) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ( ولم يزل يعنفهم ويوبخهم إلى أن اصطلح معهم على أن يكتب فتيا بصورة الحال ويكتبوا فيها بموافقة ابن عبد السلام فوافقوه على ذلك وأخذ خطوطهم بموافقته والتمس ابن عبد السلام من السلطان أن يعقد مجلسا للشافعية والحنابلة ويحضره المالكية والحنفية وغيرهم من علماء المسلمين وذكر له أنه أخذ خطوط الفقهاء الذين كانوا بمجلس السلطان لما قرئت عليه الفتيا بموافقتهم له وأنهم لم يمكنهم الكلام بحضرة السلطان في ذلك الوقت لغضبه وما ظهر من حدته في ذلك المجلس وقال الذي نعتقد في السلطان أنه إذا ظهر له الحق يرجع إليه وأنه يعاقب من موه الباطل عليه وهو أولى الناس بموافقة والده السلطان الملك العادل تغمده الله برحمته ورضوانه فإنه عزر جماعة من أعيان الحنابلة المبتدعة تعزيرا بليغا رادعا وبدع بهم وأهانهم
فلما اتصل ذلك بالسلطان استدعى دواة وورقة وكتب فيها
بسم الله الرحمن الرحيم وصل إلي ما التمسه الفقيه ابن عبد السلام أصلحه الله
"""
صفحة رقم 231 """
من عقد مجلس وجمع المفتين والفقهاء وقد وقفنا على خطه وما أفتى به وعلمنا من عقيدته ما أغنى عن الاجتماع به ونحن فنتبع ما عليه الخلفاء الراشدون الذين قال ( صلى الله عليه وسلم ) في حقهم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وعقائد الأئمة الأربعة فيها كفاية لكل مسلم يغلب هواه ويتبع الحق ويتخلص من البدع اللهم إلا إن كنت تدعي الاجتهاد فعليك أن تثبت ليكون الجواب على قدر الدعوى لتكون صاحب مذهب خامس وأما ما ذكرته عن الذي جرى في أيام والدي تغمده الله برحمته فذلك الحال أنا أعلم به منك وما كان له سبب إلا فتح باب السلامة لا لأمر ديني
وجرم جره سفهاء قوم
فحل بغير جانيه العذاب
ومع هذا فقد ورد في الحديث الفتنة نائمة لعن الله مثيرها ومن تعرض إلى إثارتها قاتلناه بما يخلصنا من الله تعالى وما يعضد كتاب الله تعالى وسنة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ثم استدعى رسولا وصير الرقعة معه إليه
فلما وفد بها عليه فضها وقرأها وطواها وقال للرسول قد وصلت وقرأتها وفهمت ما فيها فاذهب بسلام
فقال قد تقدمت الأوامر المطاعة السلطانية إلي بإحضارجوابها
فاستحضر الشيخ دواة وورقة وكتب فيها ما مثاله
بسم الله الرحمن الرحيم ) فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ( أما بعد حمد الله الذي جلت قدرته وعلت كلمته وعمت رحمته وسبغت نعمته
"""
صفحة رقم 232 """
فإن الله تعالى قال لأحب خلقه إليه وأكرمهم لديه ) وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ( وقد أنزل الله كتبه وأرسل رسله لنصائح خلقه فالسعيد من قبل نصائحه وحفظ وصاياه وكان فيما أوصى به خلقه أن قال ) يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ( وهو سبحانه أولى من قبلت نصيحته وحفظت وصيته
وأما طلب المجلس وجمع العلماء فما حملني عليه إلا النصح للسلطان وعامة المسلمين وقد سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الدين فقال الدين النصحية قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم فالنصح لله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ولكتابه بالعمل بمواجبه ولرسوله باتباع سنته وللأئمة بإرشادهم إلى أحكامه والوقوف عند أوامره ونواهيه ولعامة المسلمين بدلالتهم على ما يقربهم إليه ويزلفهم لديه وقد أديت ما علي في ذلك
والفتيا التي وقعت في هذه القضية يوافق عليها علماء المسلمين من الشافعية والمالكية والحنفية والفضلاء من الحنابلة وما يخالف في ذلك إلا رعاع لا يعبأ الله بهم وهو الحق الذي لا يجوز دفعه والصواب الذي لا يمكن رفعه ولو حضر العلماء مجلس السلطان لعلم صحة ما أقول والسلطان أقدر الناس على تحقيق ذلك ولقد كتب الجماعة خطوطهم بمثل ما قلته وإنما سكت من سكت في أول الأمر لما رأى من غضب السلطان ولولا ما شاهدوه من غضب السلطان لما أفتوا أولا إلا بما رجعوا إليه آخرا
"""
صفحة رقم 233 """
ومع ذلك فتكتب ما ذكرته في الفتيا وما ذكره الغير وتبعث به إلى بلاد الإسلام ليكتب فيهاكل من يجب الرجوع إليه ويعتمد في الفتيا عليه ونحن نحضر كتب العلماء المعتبرين ليقف عليها السلطان
وبلغني أنهم ألقوا إلى سمع السلطان أن الأشعري يستهين بالمصحف ولا خلاف بين الأشعرية وجميع علماء المسلمين أن تعظيم المصحف واجب وعندنا أن من استهان بالمصحف أو بشيء منه فقد كفر وانفسخ نكاحه وصار ماله فيئا للمسلمين ويضرب عنقه ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين بل يترك بالقاع طعمة للسباع
ومذهبنا أن كلام الله سبحانه قديم أزلي قائم بذاته لا يشبه كلام الخلق كما لا يشبه ذاته ذات الخلق ولا يتصور في شيء من صفاته أن تفارق ذاته إذ لو فارقته لصار ناقصا تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وهو مع ذلك مكتوب في المصاحف محفوظ في الصدور مقروء بالألسنة وصفة الله القديمة ليست بمداد للكاتبين ولا ألفاظ اللافظين ومن اعتقد ذلك فقد فارق الدين وخرج عن عقائد المسلمين بل لا يعتقد ذلك إلا جاهل غبي ) وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون (
وليس رد البدع وإبطالها من باب إثارة الفتن فإن الله سبحانه أمر العلماء بذلك وأمرهم ببيان ما علموه ومن امتثل أمر الله ونصر دين الله لا يجوز أن يلعنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
وأما ما ذكر من أمر الاجتهاد والمذهب الخامس فأصول الدين ليس فيها مذاهب فإن الأصل واحد والخلاف في الفروع ومثل هذا الكلام مما اعتمدتم فيه قول من لا يجوز أن يعتمد قوله والله أعلم بمن يعرف دينه ويقف عند حدوده وبعد ذلك
"""
صفحة رقم 234 """
فإنا نزعم أنا من جملة حزب الله وأنصار دينه وجنده وكل جندي لا يخاطر بنفسه فليس بجندي
وأما ما ذكر من أمر باب السلامة فنحن تكلمنا فيه بما ظهر لنا من أن السلطان الملك العادل رحمه الله تعالى إنما فعل ذلك إعزازا لدين الله تعالى ونصرة للحق ونحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
وكان يكتبها وهو مسترسل من غير توقف ولا تردد ولا تلعثم فلما أنهى كتابتها طواها وختمها ودفعها إلى الرسول
وكان عنده حالة كتابتها رجل من العلماء الفضلاد وممن يحضر مجلس السلطان فوقفه على الرقعة التي وردت من الملك الأشرف فتغير لونه واعتقد أن الشيخ يعجز عن الجواب لما شاهد في ورقة السلطان من شديد الخطاب فلما خط الشيخ الكتاب مسترسلا عجلا وهو يشاهد ما يكتبه بطل عنده ما كان يحسبه وقال له ذلك العالم لو كانت هذه الرقعة التي وصلت إليك وصلت إلى قس بن ساعدة لعجز عن الجواب وعدم الصواب ولكن هذا تأييد إلهي
فلما عاد الرسول إلى السلطان رحمه الله وأوصله الرقعة فعندما فضها وقرئت عليه اشتدت استشاطته وعظم غضبه وتيقن العدو تلف الشيخ وعطبه ثم استدعى الغرز خليلا وكان إذ ذاك أستاذ داره وكان من المحبين للشيخ والمعتقدين فيه فحمله رسالة إلى الشيخ وقال له تعود إلي سريعا بالجواب
"""
صفحة رقم 235 """
فذهب الغرز إليه وجلس بين يديه بحسن تودد وتأدب وتأن ثم قال له أنا رسول ) وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( والله لقد تعصبوا عليك وأعنتهم أنت على نفسك بعدم اجتماعك في مبدإ الأمر بالسلطان ولو كان رآك ولو مرة واحدة لما كان شيء من هذه الأمور أصلا وكنت أنت عنده الأعلى فقال له أد الرسالة كما قيلت لك ولا تسأل فقال لا تسأل ما حصل عند السلطان عند وقوفه على ورقتك ولا سيما أنه وجد فيها ما لا يعهده من مخاطبة الناس للملوك مضافا إلى ما ذكرته من مخالفة اعتقاده فقال لي اذهب إلى ابن عبد السلام وقل له إنا قد شرطنا عليه ثلاثة شروط أحدها أنه لا يفتى والثانية أنه لا يجتمع بأحد والثالثة أنه يلزم بيته
فقال له يا غرز إن هذه الشروط من نعم الله الجزيلة علي الموجبة للشكر لله تعالى على الدوام أما الفتيا فإني كنت والله متبرما بها وأكرهها وأعتقد أن المفتي على شفير جهنم ولولا أني أعتقد أن الله أوجبها علي لتعينها علي في هذا الزمان لما كنت تلوثت بها والآن فقد عذرني الحق وسقط عني الوجوب وتخلصت ذمتي ولله الحمد والمنة وأما ترك اجتماعي بالناس ولزومي لبيتي فما أنا في بيتي الآن وإنما أنا في بستان وكان في تلك السنة استأجر بستانا متطرفا عن البساتين وكان مخوفا فقال له الغرز البستان هو الآن بيتك
واتفقت له فيه أعجوبة وهو أن جماعة من المفسدين قصدوه في ليلة مقمرة وهو في جوسق عال ودخلوا البستان واحتاطوا بالجوسق فخاف أهله خوفا شديدا فعند ذلك نزل إليهم وفتح باب الجوسق وقال أهلا بضيوفنا
"""
صفحة رقم 236 """
وأجلسهم في مقعد حسن وكان مهيبا مقبول الصورة فهابوه وسخرهم الله له وأخرجوا لهم من الجوسق ضيافة حسنة فتناولوها وطلبوا منه الدعاء وعصم الله أهله وجماعته منهم بصدق نيته وكرم طويته وانصرفوا عنه
عدنا إلى مجاوبته للغرز خليل
فقال له يا غرز من سعادتي لزومي لبيتي وتفرغي لعبادة ربي والسعيد من لزم بيته وبكى على خطيئته واشتغل بطاعة الله تعالى وهذا تسليك من الحق وهدية من الله تعالى إلي أجراها على يد السلطان وهو غضبان وأنا بها فرحان والله يا غرز لو كانت عندي خلعة تصلح لك على هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لخلعت عليك ونحن على الفتوح خذ هذه السجادة صل عليها فقبلها وقبلها وودعه وانصرف إلى السلطان وذكر له ما جرى بينه وبينه فقال لمن حضره قولوا لي ما أفعل به هذا رجل يرى العقوبة نعمة اتركوه بيننا وبينه الله
ثم إن الشيخ بقي على تلك الحالة ثلاثة أيام
ثم إن الشيخ العلامة جمال الدين الحصيري شيخ الحنفية في زمانه وكان قد جمع بين العلم والعمل ركب حمارا له وحوله أصحابه وقصد السلطان فلما بلغ الملك الأشرف دخول الحصيري إلى القلعة أرسل إليه خاصته يتلقونه وأمرهم أن يدخلوه إلى دار الإمارة راكبا على حماره فلما رآه السلطان وثب قائما ومشى إليه وأنزله عن حماره
"""
صفحة رقم 237 """
وأجلسه على تكرمته واستبشر بوفوده عليه وكان في رمضان قريب غروب الشمس فلما دخل وقت المغرب وأذن المؤذن صلوا صلاة المغرب وأحضر للسلطان قدح شراب فتناوله وناوله للشيخ فقال له الشيخ ما جئت إلى طعامك ولا إلى شرابك فقال له السلطان يرسم الشيخ ونحن نمتثل مرسومه فقال له أيش بينك وبين ابن عبد السلام وهذا رجل لو كان في الهند أو في أقصى الدنيا كان ينبغي للسلطان أن يسعى في حلوله في بلاده لتتم بركته عليه وعلى بلاده ويفتخر به على سائر الملوك
قال السلطان عندي خطه باعتقاده في فتيا وخطه أيضا في رقعة جواب رقعة سيرتها إليه فيقف الشيخ عليهما ويكون الحكم بيني وبينه ثم أحضر السلطان الورقتين فوقف عليهما وقرأهما إلى آخرهما وقال هذا اعتقاد المسلمين وشعار الصالحين ويقين المؤمنين وكل ما فيهما صحيح ومن خالف ما فيهما وذهب إلى ما قاله الخصم من إثبات الحرف والصوت فهو حمار
فقال السلطان رحمه الله نحن نستغفر الله مما جرى ونستدرك الفارط في حقه والله لأجعلنه أغنى العلماء وأرسل إلى الشيخ واسترضاه وطلب محاللته ومخاللته
وكانت الحنابلة قد استنصروا على أهل السنة وعلت كلمتهم بحيث إنهم صاروا إذا خلوا بهم في المواضع الخالية يسبونهم ويضربونهم ويذمونهم فعندما اجتمع الشيخ جمال الدين الحصيري رحمه الله بالسلطان وتحقق ما عليه الجم الغفير من اعتقاد أهل الحق تقدم إلى الفريقين بالإمساك عن الكلام في مسألة الكلام وأن لا يفتي فيها أحد بشيء سدا لباب الخصام فانكسرت المبتدعة بعض الانكسار وفي النفوس ما فيها
"""
صفحة رقم 238 """
ولم يزل الأمر مستمرا على ذلك إلى أن اتفق وصول السلطان الملك الكامل رحمه الله إلى دمشق من الديار المصرية وكان اعتقاده صحيحا وهو من المتعصبين لأهل الحق قائل بقول الأشعري رحمه الله في الإعتقاد وكان وهو في الديار المصرية قد سمع ما جرى في دمشق في مسألة الكلام فرام الاجتماع بالشيخ فاعتذر إليه فطلب منه أن يكتب له ما جرى في هذه القضية مستقصى مستوفى فأمرني والدي رحمه الله بكتابة ما سقته في هذا الجزء من أول القضية إلى آخرها
فلما وصل ذلك إليه ووقف عليه أسر ذلك في نفسه إلى أن اجتمع بالسلطان الملك الأشرف رحمه الله وقال له يا خوند كنت قد سمعت أنه جرى بين الشافعية والحنابلة خصام في مسألة الكلام وأن القضية اتصلت بالسلطان فماذا صنعت فيها فقال يا خوند منعت الطائفتين من الكلام في مسألة الكلام وانقطع بذلك الخصام
فقال السلطان الملك الكامل والله مليح ما هذه إلا سياسة وسلطنة تساوي بين أهل الحق والباطل وتمنع أهل الحق من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكتموا ما أنزل الله عليهم كان الطريق أن تمكن أهل السنة من أن يلحنوا بحججهم وأن يظهروا دين الله وأن تشنق من هؤلاء المبتدعة عشرين نفسا ليرتدع غيرهم وأن تمكن الموحدين من إرشاد المسلمين وأن يبينوا لهم طريق المؤمنين
فعند ذلك ذلت رقاب المبتدعة وانقلبوا خائبين وعادوا خاسئين ) ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ( وكان ذلك على يد
"""
صفحة رقم 239 """
السلطان الملك الكامل رحمه الله وانقشعت المسألة للسلطان الملك الأشرف وصرح بخجله وحيائه من الشيخ وقال لقد غلطنا في حق ابن عبد السلام غلطة عظيمة وصار يترضاه ويعمل بفتاويه وما أفتاه ويطلب أن يقرأ عليه تصانيفه الصغار مثل الملحة في اعتقاد أهل الحق التي ذكر بعضها في الفتيا وقرئت عليه مقاصد الصلاة في يوم ثلاث مرات تقرأ عليه وكلما دخل عليه أحد من خواصه يقول للقارئ اقرأ مقاصد الصلاة لابن عبد السلام حتي يسمعها فلان ينفعه الله بسماعها حتى قال والدي رحمه الله لو قرئت مقاصد الصلاة على بعض مشايخ الزوايا أو على متزهد أو مريد أو متصوف مرة واحدة في مجلس لما أعادها فيه مرة أخرى
ولقد دخل على السلطان الملك الأشرف الشيخ شمس الدين سبط ابن الجوزي وكان واعظ الزمان وكان له قبول عظيم وشاهدت منه عجبا كان يطلع على المنبر في بعض الأيام ويحدق الناس إليه وينتحب ويبكي ويبكى الناس معه ويقتلون أنفسهم ويذهب هائما على وجهه ويذهب الناس من مجلسه وهم سكارى حيارى وكان يجلس الثلاثة الأشهر رجب وشعبان ورمضان في كل سبت والناس يتأهبون لحضور مجلسه قبل السبت بثلاثة أيام فلما دخل على السلطان ناوله مقاصد الصلاة وقال اقرأها فقرأها بين يديه واستحسنها وقال لم يصنف أحد مثلها فقال له طرز مجلسك الآتي بذكرها وحرض الناس عليها فلما جاء الميعاد صعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) وقال اعلموا أن أفضل العبادات البدنية الصلاة وهي صلة بين العبد وربه فعليكم بمقاصد الصلاة تصنيف ابن عبد السلام فاسمعوها وعوها واحفظوها وعلموها أولادكم ومن يعز عليكم وكان لها وقع عظيم في ذلك المجلس وكتب منها من النسخ ما لا يحصى عدده
"""
صفحة رقم 240 """
ولم يزل والدي معظما عند السلطان إلى أن مرض مرضة الموت قال لأكبر أصحابه اذهب إلى ابن عبد السلام وقل له محبك موسى ابن الملك العادل أبي بكر يسلم عليك ويسألك أن تعوده وتدعو له وتوصيه بما ينتفع به غدا عند الله فلما وصل الرسول إليه بهذه الرسالة قال نعم إن هذه العيادة لمن أفضل العبادات لما فيها من النفع المتعدي إن شاء الله تعالى فتوجه إليه وسلم عليه فسر برؤيته سرورا عظيما وقبل يده وقال يا عز الدين اجعلني في حل وادع الله لي وأوصني وانصحني فقال له أما محاللتك فإني كل ليلة أحالل الخلق وأبيت وليس لي عند أحد مظلمة وأرى أن يكون أجري على الله ولا يكون على الناس عملا بقوله تعالى ) فمن عفا وأصلح فأجره على الله ( وأن يكون أجري على الله ولا يكون على خلقه أحب إلي وأما دعائي للسلطان فإني أدعو له في كثير من الأحيان لما في صلاحه من صلاح المسلمين والإسلام والله تعالى يبصر السلطان فيما يبيض به وجهه عنده يوم يلقاه وأما وصيتي ونصيحتي للسلطان فقد وجبت وتعينت لقبوله وتقاضيه وكان قبيل مرضه قد وقع بينه وبين أخيه السلطان الملك الكامل واقع ووحشة وأمر وهو في ذلك المرض بنصب دهليزه إلى صوب مصر وضرب منزلة تسمى الكسوة وكان في ذلك الزمان قد ظهر التتر بالشرق فقال الشيخ للسلطان الملك الكامل أخوك الكبير ورحمك وأنت مشهور بالفتوحات والنصر على الأعداء والتتر قد خاضوا بلاد المسلمين تترك ضرب دهليزك إلى أعداء الله وأعداء المسلمين وتضربه إلى جهة أخيك فينقل السلطان دهليزه إلى جهة التتار ولا تقطع رحمك في هذه الحالة وتنوي مع الله نصر دينه وإعزاز كلمته فإن من الله بعافية السلطان رجونا من الله إدالته على الكفار وكانت في ميزانه هذه الحسنة العظيمة فإن قضى الله تعالى بانتقاله إليه كان السلطان في خفارة نيته
"""
صفحة رقم 241 """
فقال له جزاك الله خيرا عن إرشادك ونصيحتك وأمر والشيخ حاضر في الوقت بنقل دهليزه إلى الشرق إلى منزلة يقال لها القصير فنقل في ذلك اليوم ثم قال له زدني من نصائحك ووصاياك
فقال له السلطان في مثل هذا المرض وهو على خطر ونوابه يبيحون فروج النساء ويدمنون الخمور ويرتكبون الفجور ويتنوعون في تمكيس المسلمين ومن أفضل ما تلقى الله به أن تتقدم بإبطال هذه القاذورات وبإبطال كل مكس ودفع كل مظلمة فتقدم رحمه الله للوقت بإبطال ذلك كله وقال له جزاك الله عن دينك وعن نصائحك وعن المسلمين خيرا وجمع بيني وبينك في الجنة بمنه وكرمه وأطلق له ألف دينار مصرية فردها عليه وقال هذه اجتماعة لله لا أكدرها بشيء من الدنيا
وودع الشيخ السلطان ومضى إلى البلد وقد شاع عند الناس صورة المجلس وتبطيل المنكرات وباشر الشيخ بنفسه تبطيل بعضها ثم لم يمض الصالح إسماعيل تبطيل المنكرات لأنه كان المباشر لتدبير الملك والسلطنة يومئذ نيابة والسلطان الملك الأشرف بعد في الحياة ثم استقل بالملك بعده وكان أعظم منه في اعتقاد الحرف والصوت وفي اعتقاده في مشايخ الحنابلة ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى قدم السلطان الملك الكامل من الديار المصرية بعساكره وجحافله وجيوشه إلى دمشق وحاصر أخاه إسماعيل بدمشق يسيرا ثم اصطلح معه وحضر الشيخ عند السلطان الملك الكامل فأكرمه غاية الإكرام وأجلسه على تكرمته والصالح إسماعيل يشاهد ذلك وهو واقف على رأسه فقال الملك الكامل للشيخ إن هذا له غرام برمي البندق فهل يجوز له ذلك
"""
صفحة رقم 242 """
فقال الشيخ بل يحرم عليه فإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عنه وقال إنه يفقىء العين ويكسر العظم
وأعطاه بعلبك فتوجه إليها وملكها وولى الملك الكامل رحمه الله الشيخ تدريس زاوية الغزالي بجامع دمشق وذكر بها الناس ثم ولاه قضاء دمشق بعد ما اشترط عليه الشيخ شروطا كثيرة ودخل في شروطه ثم عينه للرسالة إلى الخلافة المعظمة ثم اختلسته المنية رحمه الله فكان بين موت الملك الأشرف وتملك الملك الصالح إسماعيل لدمشق ثم تملك الملك الكامل لدمشق وموته سنة وكسر
ثم تملك الملك الجواد دمشق مدة ثم كاتب الملك الجواد الملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله وكان بالشرق على أن ينزل له عن دمشق ويعوضه الرقة وما والاها ففعل له ذلك وقدم الملك الصالح نجم الدين رحمه الله دمشق وملكها وعامل الشيخ بأحسن معاملة ثم توجه بعسكره إلى نابلس بعد اتفاقه مع الملك الصالح إسماعيل على أنه يستخدم رجالة من بعلبك وينجده على المصريين فاستخدم الرجالة لنفسه وخان السلطان وكاتب النواب بدمشق وقدم عليهم فسلموها إليه فلما اتصلت الأخبار بالملك الصالح نجم الدين تخلت عنه العساكر وتفرقوا عنه وقصده جماعة من المغتالين فحمل عليهم ونجاه الله منهم فالتجأ إلى الملك الناصر داود فأسره وأقام عنده مدة ثم أخرجه واصطلح معه على المصريين
وأما الصالح إسماعيل فإنه كان قد شاهد ما اتفق للشيخ مع الملك الأشرف وما عامله به في آخر الأمر من الإكرام والاحترام ثم شاهد أيضا ما عامله به السلطان الملك الكامل رحمه الله فولاه الصالح إسماعيل خطابة دمشق وبقي على ذلك مدة
"""
صفحة رقم 243 """
ثم إن المصريين حلفوا للملك الصالح نجم الدين أيوب وكاتبوه بذلك فوصل إليهم وملك الديار المصرية وسار في أهلها السيرة المرضية فخاف منه الصالح إسماعيل خوفا منعه المنام والطعام والشراب واصطلح مع الفرنج على أن ينجدوه على الملك الصالح نجم الدين أيوب ويسلم إليهم صيدا والشقيف وغير ذلك من حصون المسلمين ودخل الفرنج دمشق لشراء السلاح ليقاتلوا به عباد الله المؤمنين فشق ذلك على الشيخ مشقة عظيمة في مبايعة الفرنج السلاح وعلى المتدينين من المتعيشين من السلاح فاستفتوا الشيخ في مبايعة الفرنج السلاح فقال يحرم عليكم مبايعتهم لأنكم تتحققون أنهم يشترونه ليقاتلوا به إخوانكم المسلمين وجدد دعاءه على المنبر وكان يدعو به إذا فرغ من الخطبتين قبل نزوله من المنبر وهو اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا تعز فيه وليك وتذل فيه عدوك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك والناس يبتهلون بالتأمين والدعاء للمسلمين والنصر على أعداء الله الملحدين
فكاتب أعوان الشيطان السلطان بذلك وحرفوا القول وزخرفوه فجاء كتابه باعتقال الشيخ فبقي مدة معتقلا ثم وصل الصالح إسماعيل وأخرج الشيخ بعد محاورات ومراجعات فأقام مدة بدمشق ثم انتزح عنها إلى بيت المقدس فوافاه الملك الناصر داود في الفور فقطع عليه الطريق وأخذه وأقام عنده بنابلس مدة وجرت له معه خطوب ثم انتقل إلى بيت المقدس وأقام به مدة ثم جاء الصالح إسماعيل والملك المنصور صاحب حمص وملوك الفرنج بعساكرهم وجيوشهم إلى بيت المقدس يقصدون الديار المصرية فسير الصالح إسماعيل بعض خواصه إلى الشيخ بمنديله وقال له تدفع منديلي إلى الشيخ وتتلطف به غاية التلطف وتستنزله وتعده بالعود إلى مناصبه على أحسن حال فإن وافقك فتدخل به علي وإن خالفك فاعتقله في خيمة إلى جانب خيمتي
"""
صفحة رقم 244 """
فلما اجتمع الرسول بالشيخ شرع في مسايسته وملاينته ثم قال له بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان وتقبل يده لا غير فقال له والله يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلا أن أقبل يده يا قوم أنتم في واد وأنا في واد والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به
فقال له قد رسم لي إن لم توافق على ما يطلب منك وإلا اعتقلتك
فقال افعلوا ما بدالكم
فأخذه واعتقله في خيمة إلى جانب خيمة السلطان
وكان الشيخ يقرأ القرآن والسلطان يسمعه فقال يوما لملوك الفرنج تسمعون هذا الشيخ الذي يقرأ القرآن قالوا نعم قال هذا أكبر قسوس المسلمين وقد حبسته لإنكاره علي تسليمي لكم حصون المسلمين وعزلته عن الخطابة بدمشق وعن مناصبه ثم أخرجته فجاء إلى القدس وقد جددت حبسه واعتقاله لأجلكم فقالت له ملوك الفرنج لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتها
ثم جاءت العساكر المصرية ونصر الله تعالى الأمة المحمدية وقتلوا عساكر الفرنج ونجى الله سبحانه وتعالى الشيخ فجاء إلى الديار المصرية فأقبل عليه السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب رحمه الله وولاه خطابة مصر وقضاءها وفوض إليه عمارة المساجد المهجورة بمصر والقاهرة واتفق له في تلك الولايات عجائب وغرائب ثم عزل نفسه عن الحكم فتلطف السلطان رحمه الله في رده إليه فباشره مدة ثم عزل نفسه منه مرة ثانية وتلطف مع السلطان في إمضاء عزله لنفسه فأمضاه وأبقى جميع نوابه من الحكام وكتب لكل حاكم منه تقليدا ثم ولاه تدريس المدرسة الصالحية بالقاهرة المعزية
"""
صفحة رقم 245 """
ثم مات الملك الصالح نجم الدين أيوب بالمنصورة رحمه الله تعالى وهو مجاهد ناصر للدين ثم وصل ابنه المعظم توران شاه من الشرق إلى الديار المصرية بالمنصورة فملكها وانكسرت الفرنج في دولته وعامل الشيخ بأحسن معاملة ثم انتقل إلى الله سبحانه فسبحان مالك الملك ومقدر الهلك
ثم انقضى ملك بني أيوب وكان كأحلام القائل أو كظل زائل لا يغتر به عاقل
ثم سارت الدولة إلى الأتراك وكل منهم عامل الشيخ بأحسن معاملة ولا سيما السلطان الملك الظاهر بيبرس ركن الدين رحمه الله فإنه كان يعظمه ويحترمه ويعرف مقداره ويقف عند أقواله وفتاويه وأقام الخليفة بحضرته وإشارته
وكانت وفاة الشيخ في تاسع جمادى الأولى في سنة ستين وستمائة فحزن عليه كثيرا حتى قال لا إله إلا الله ما اتفقت وفاة الشيخ إلا في دولتي وشيع أمراءه وخاصته وأجناده لتشييع جنازته وحمل نعشه وحضر دفنه
انتهى ما ذكره الشيخ شرف الدين عبد اللطيف ولد الشيخ وقد حكيناه بجملته لاشتماله على كثير من أخبار الشيخ رحمه الله
وحكي أن شخصا جاء إليه وقال له رأيتك في النوم تنشد
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة
ورجل رمى فيها الزمان فشلت
"""
صفحة رقم 246 """
فسكت ساعة ثم قال أعيش من العمر ثلاثا وثمانين سنة فإن هذا الشعر لكثير عزة ولا نسبة بيني وبينه غير السن أنا سني وهو شيعي وأنا لست بقصير وهو قصير ولست بشاعر وهو شاعر وأنا سلمي وليس هو بسلمي لكنه عاش هذا القدر
قلت فكان الأمر كما قاله رحمه الله
أنشدنا قاضي القضاة شيخ المحدثين عز الدين أبو عمر عبد العزيز بن شيخنا قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة أيده الله من لفظه بالمدرسة الصالحية بالقاهرة في شهر محرم سنة أربع وستين وسبعمائة قال أنشدنا الشيخ الإمام فخر الدين عثمان بن بنت أبي سعد من لفظه قال أنشدنا الشيخ عز الدين من لفظه لنفسه قال أعني ابن بنت أبي سعد ولا يعرف للشيخ عز الدين من النظم غيره قال وقد أنشده للطلبة وقال لهم أجيزوه وهو
لو كان فيهم من عراه غرام
ما عنفوني في هواه ولاموا
فأجازه الشيخ شمس الدين عمر بن عبد العزيز بن الفضل الأسواني قاضي أسوان فقال
لكنهم جهلوا لذاذة حسنه
وعلمتها ولذا سهرت وناموا
لو يعلمون كما علمت حقيقة
جنحوا إلى ذاك الجناب وهاموا
أو لو بدت أنواره لعيونهم
خروا ولم تثبت لهم أقدام
"""
صفحة رقم 247 """
منها
فبقيت أنظره بكل مصور
وبكل ملفوظ به استعجام
وأراه في صافي الجداول إن جرت
وأراه إن جاد الرياض غمام
ومنها
لم يثنني عمن أحب ذوابل
سمر وأبيض صارم صمصام
مولاي عز الدين عز بك العلا
فخرا فدون حذاك منه الهام
لما رأينا منك علما لم يكن
في الدرس قلنا إنه إلهام
جاوزت حد المدح حتى لم يطق
نظما لفضلك في الورى النظام
وآخرها
فعليك يا عبد العزيز تحية
وعليك يا عبد العزيز سلام
وأنشد الأبيات كلها للشيخ في مجلس الدرس وهو يسمع إليها ولما قضاها قال له أنت إذا فقيه شاعر
ومدحه الأديب أبو الحسين الجزاز بقصيدة بديعة أولها
سار عبد العزيز في الحكم سيرا
لم يسره سوى ابن عبد العزيز
عمنا حكمه بفضل بسيط
شامل للورى ولفظ وجيز
ومن تصانيف الشيخ عز الدين القواعد الكبرى وكتاب مجاز القرآن وهذان الكتابان شاهدان بإمامته وعظيم منزلته في علوم الشريعة واختصر القواعد الكبرى في قواعد صغرى والمجاز في آخر
"""
صفحة رقم 248 """
وله كتاب شجرة المعارف حسن جدا
وكتاب الدلائل المتعلقة بالملائكة والنبيين عليهم السلام والخلق أجمعين بديع جدا
والتفسير مجلد مختصر
والغاية في اختصار النهاية دلت على قدره
ومختصر صحيح مسلم
ومختصر رعاية المحاسبي
والإمام في أدلة الأحكام
وبيان أحوال الناس يوم القيامة
وبداية السول في تفضيل الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
الفرق بين الإيمان والإسلام
فوائد البلوى والمحن
الجمع بين الحاوي والنهاية وما أظنه كمل
الفتاوى الموصلية
والفتاوى المصرية مجموع مشتمل على فنون من المسائل الفوائد
توفي في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وستمائة بالقاهرة ودفن بالقرافة الكبرى رحمه الله تعالى
"""
صفحة رقم 249 """
ذكر نخب وفوائد عن سلطان العلماء أبي محمد سقى الله عهده
قال في القواعد الكبرى لم أقف على ما يعتمد على مثله في كون الربا من الكبائر فإن كونه مطعوما أو قيمة الأشياء أو مقدرا لا يقتضى مفسدة عظيمة تكون كبيرة لأجلها
وذكر في القواعد الصغرى أن الملائكة لا يرون ربهم
وقال في القواعد الكبرى إذا وجد شخصين مضطرين متساويين ومعه رغيف إن أطعمه أحدهما عاش يوما ومات الآخر وإن فضه عليهما عاش كل واحد نصف يوم فهل يجوز أن يطعمه لأحدهما أم يجب القصر المختار أن تخصيص أحدهما غير جائز لأن أحدهما قد يكون وليا وكذا لو كان له ولدان لا يقدر إلا على قوت أحدهما يجب القصر
قلت وأصل التردد في هذا مأخوذ من تردد إمام الحرمين حيث قال في النهاية فيما لو أراد أن يبذل ثوبا لمن يصلي فيه وحضر عاريان ولو قسم الخرقة وشقها يحصل في كل واحد بعض الستر ولو خص أحدهما حصل له الستر الكامل فإن الإمام قال هذه المسألة محتملة قال ولعل الأظهر أن يستر أحدهما وإن أراد الإنصاف أقرع بينهما اه
ولا يبين مجامعة قوله الأظهر ستر أحدهما لقوله الإنصاف الإقراع
وقال إن من قذف في خلوته شخصا بحيث لا يسمعه إلا الله والحفظة فالظاهر أنه ليس بكبيرة موجبة للحد
قلت وأنا أسلم له الحكم ولكني أمنع كون هذا قذفا والقذف هو الثلب والرمى ولا يحصل بهذا القدر
"""
صفحة رقم 250 """
ذكر الشيخ عز الدين في أماليه أن القاتل إذا ندم وعزم أن لا يعود لكنه امتنع من تسليم نفسه للقصاص لم يقدح ذلك في توبته قال وهذا ذنب متجدد بعد الذي عصى به مخالف لما وقع به العصيان من القتل ونحن إنما نشترط الإقلاع في الحال عن أمثال الفعل الذي وقع به العصيان
قلت وهذه فائدة جليلة والظاهر أن كل قاتل يندم على كونه قتل ويستغفر ويعزم أن لا يعود والظاهر أيضا أنه لا يسلم نفسه فصحة توبته عن القتل والحالة هذه لطف ورحمة فإن تسليم المرء نفسه إلى القتل مشق وقد لا يوقف الشارع توبته على هذا المشق العظيم فلما قاله الشيخ عز الدين اتجاه لكن صرح الماوردي في الحاوي بخلافه فقال إن صحة توبته موقوفة على تسليم نفسه إلى مستحق القصاص يقتص أو يعفو وبه جزم الرافعي ومن بعده قالوا يأتي المستحق ويمكنه من الاستيفاء فإما أن يحمل كلامهم على صحة التوبة مطلقا عن ذنب القتل وغيره بمعنى أن القاتل إذا أراد التوبة عن كل ذنب القتل وغيره فهذا طريقه وإما أن ينظر أي الكلامين أصح وبالجملة ما قاله شيخ الإسلام عز الدين مستغرب تنبو عنه ظواهر ما في كتب أصحابنا وله اتجاه ظاهر فلينظر فيه فإني لم أشبعه نظرا والأرجح عندي ما قاله الشيخ عز الدين لكنه ترجيح من لم يستوف النظر فلا يعتمد ثم ننصرف ونقول هنا لو صدقت توبة القاتل وهاجت نيران المعصية في قلبه لسلم نفسه ولو سلمها لسلمه الله تعالى وقدر لولي الدم أن يعفو عنه هذا هو المرجو الذي يقع في النفس
قال الشيخ عز الدين في القواعد ينبغي أن يؤخر الصلاة عن أول الوقت بكل مشوش يؤخر الحاكم الحكم بمثله
"""
صفحة رقم 251 """
وقال فيها أيضا القطع بالسرقة يكفر ما يتعلق بربع دينار فقط ولا يكفر الزائد
وقال فيها أيضا الغالب في الجهاد أفضل من القتيل
وهذه المسائل الثلاث مليحة ظاهرة الحكم لا ينبغي أن يطرقها خلاف
شرح حال صلاة الرغائب وما اتفق فيها بين الشيخين سلطان العلماء أبي محمد بن عبد السلام والحافظ أبي عمرو بن الصلاح
وقد كان ابن الصلاح أفتى بالمنع منها ثم صمم على خلافه وأما سلطان العلماء فلم يبرح على المنع
قال سلطان العلماء أبو محمد رضي الله عنه
الحمد لله الأول الذي لا يحيط به وصف واصف والآخر الذي لا تحويه معرفة عارف جل ربنا عن التشبيه بخلقه وكل خلقه عن القيام بحقه أحمده على نعمه وإحسانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بحججه وبرهانه صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه وإخوانه
أما بعد فإن البدعة ثلاثة أضرب
أحدها ما كان مباحا كالتوسع في المآكل والمشارب والملابس والمناكح فلا بأس بشيء من ذلك
الضرب الثاني ما كان حسنا وهو كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها كصلاة التراويح وبناء الربط والخانات والمدارس وغير ذلك من أنواع البر التي لم تعهد في الصدر الأول فإنه موافق لما جاءت به الشريعة من اصطناع
"""
صفحة رقم 252 """
المعروف والمعاونة على البر والتقوى وكذلك الاشتغال بالعربية فإنه مبتدع ولكن لا يتأتى تدبر القرآن وفهم معانيه إلا بمعرفة ذلك فكان ابتداعه موافقا لما أمرنا به من تدبر آيات القرآن وفهم معانيه وكذلك الأحاديث وتدوينها وتقسيمها إلى الحسن والصحيح والموضوع والضعيف مبتدع حسن لما فيه من حفظ كلام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يدخله ما ليس فيه أو يخرج منه ما هو فيه وكذلك تأسيس قواعد الفقه وأصوله وكل ذلك مبتدع حسن موافق لأصول الشرع غير مخالف لشيء منها
الضرب الثالث ما كان مخالفا للشرع أو ملتزما لمخالفة الشرع فمن ذلك صلاة الرغائب فإنها موضوعة على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكذب عليه ذكر ذلك أبو الفرج بن الجوزي وكذلك قال أبو بكر محمد الطرطوشي إنها لم تحدث ببيت المقدس إلا بعد ثمانين وأربعمائة من الهجرة وهي مع ذلك مخالفة للشرع من وجوه يختص العلماء ببعضها وبعضها يعم العالم والجاهل فأما ما يختص به العلماء فضربان
أحدهما أن العالم إذا صلاها كان موهما للعامة أنها من السنن فيكون كاذبا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلسان الحال ولسان الحال قد يقوم مقام لسان المقال
الثاني أن العالم إذا فعلها كان متسببا إلى أن تكذب العامة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيقولوا هذه سنة من السنن والتسبب إلى الكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يجوز
وأما ما يعم العالم والجاهل فهي وجوه
أحدها أن فعل المبتدع مما يقوي المبتدعين الواضعين على وضعها وافترائها
"""
صفحة رقم 253 """
والإغراء بالباطل والإعانة عليه ممنوع في الشرع واطراح البدع والموضوعات زاجر عن وضعها وابتداعها والزجر عن المنكرات من أعلى ما جاءت به الشريعة
الثاني أنها مخالفة لسنة السكون في الصلاة من جهة أن فيها تعديد سورة الإخلاص اثنتي عشرة مرة وتعديد سورة القدر ولا يتأتى عده في الغالب إلا بتحريك بعض أعضائه فيخالف السنة في تسكين أعضائه
الثالث أنها مخالفة لسنة خشوع القلب وخضوعه وحضوره في الصلاة وتفريغه لله وملاحظة جلاله وكبريائه والوقوف على معاني القراءة والأذكار فإنه إذا لاحظ عدد السور بقلبه كان ملتفتا عن الله معرضا عنه بأمر لم يشرعه في الصلاة والالتفات بالوجه قبيح شرعا فما الظن بالالتفات عنه بالقلب الذي هو المقصود الأعظم
الرابع أنها مخالفة لسنة النوافل فإن السنة فيها أن فعلها في البيوت أفضل من فعلها في المساجد إلا ما استثناه الشرع كصلاة الاستسقاء والكسوف وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة
الخامس أنها مخالفة لسنة الانفراد بالنوافل فإن السنة فيها الانفراد إلا ما استثناه الشرع وليست هذه البدعة المختلقة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منه
السادس أنها مخالفة للسنة في تعجيل الفطر إذ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور
السابع أنها مخالفة للسنة في تفريغ القلب عن الشواغل المقلقة قبل الدخول في الصلاة فإن هذه الصلاة يدخل فيها وهو جوعان ظمآن ولا سيما في أيام الحر الشديد والصلوات المشروعات لا يدخل فيها مع وجود شاغل يمكن دفعه
"""
صفحة رقم 254 """
الثامن أن سجدتيها مكروهتان فإن الشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله سبحانه بسجدة منفردة لا سبب لها فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقات وأركان لا تصح بدونها فكما لا يتقرب إلى الله بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة من غير نسك واقع في وقته بأسبابه وشرائطه فكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بسجدة منفردة وإن كانت قربة إلا إذا كان لها سبب صحيح وكذلك لا يتقرب إلى الله عز وجل بالصلاة والصيام في كل وقت وأوان وربما تقرب الجاهلون إلى الله بما هو مبعد عنه من حيث لا يشعرون
التاسع لو كانت السجدتان مشروعتين لكان مخالفا للسنة في خشوعهما وخضوعهما لما يشتغل به من عدد التسبيح فيهما بباطنه أو ظاهره أو بهما
العاشر أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم وهذا الحديث رواه مسلم بن الحجاج في صحيحه
الحادي عشر أن في ذلك مخالفة السنة فيما اختاره النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في أذكار السجود فإنه لما نزل قول الله تعالى ) سبح اسم ربك الأعلى ( قال اجعلوها في سجودكم وقوله سبوح قدوس وإن صحت عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فلم يصح أنه أفردها بدون سبحان ربي الأعلى ولا أنه وظفها على أمته ومن المعلوم أنه لا يوظف إلا الأولى من الذكرين وفي قوله سبحان ربي الأعلى من الثناء ما ليس في قوله سبوح قدوس
ومما يدل على ابتداع هذه الصلاة أن العلماء الذين هم أعلام الدين وأئمة المسلمين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وغيرهم ومن دون الكتب في الشريعة مع شدة حرصهم على تعليم الناس الفرائض والسنن لم ينقل عن أحد منهم أنه ذكر هذه الصلاة ولا دونها في كتابه ولا تعرض لها في مجالسه والعادة تحيل أن يكون مثل هذه سنة وتغيب عن هؤلاء الذين هم أعلام الدين وقدوة المؤمنين وهم الذين إليهم الرجوع في جميع الأحكام من الفرائض والسنن والحلال والحرام وهذه الصلاة لا يصليها أهل المغرب الذين شهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لطائفة منهم أنهم لا يزالون على الحق حتى تقوم الساعة وكذلك لا تفعل بالإسكندرية لتمسكهم بالسنة ولما صح عند السلطان الملك الكامل رحمه الله أنها من البدع المفتراة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبطلها من الديار المصرية فطوبى لمن تولى شيئا من أمور المسلمين فأعان على إماتة البدع وإحياء السنن وليس لأحد أن يستدل بما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال الصلاة خير موضوع فإن ذلك مختص بصلاة مشروعة
"""
صفحة رقم 255 """
"""
صفحة رقم 256 """
1184
عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الكافي الشيخ صائن الدين الهمامي الجيلي
شارح التنبيه ذكر في آخره أنه فرغ من تصنيفه في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وستمائة
وهذا الشرح المشهور أصغر من شرحه على التنبيه شرح أكبر منه لخص منه هذا وشرح الوجيز أيضا وكلامه كلام عارف بالمذهب غير أن في شرحه غرائب من أجلها شاع بين الطلبة أن في نقله ضعفا وكان ابن الرفعة ينقل عنه في الكفاية ثم أضرب عن ذكره في المطلب على أن الجيلي قال في خطبته لا يبادر الناظر بالإنكار علي إلا بعد مطالعة الكتب المذكورة وكان قد ذكر أنه لخص الشرح من الوسيط والبسيط والشامل والتهذيب والتجريد والخلاصة والحلية والحاوي
"""
صفحة رقم 257 """
والشافي والكافي والتتمة والنهاية ومختصرها وبحر المذهب والإفصاح والإبانة وشرح مختصر المزني والمستظهري والمحيط والتلخيص والبيان وشرح البيضاوي وتبصرة الجويني وتحرير الجرجاني والمحرر ومهذب أبي الفياض البصري وغيرها هذا كلامه
قلت وفيما ذكر ما لم أعرفه وهو المحرر فإنني لا أعرف في المذهب كتابا اسمه المحرر وقف عليه الجيلي وشرح مختصر المزني الذي أشار إليه لا أعرفه فإن أكثر المبسوطات شروح المختصر ومهذب أبي الفياض البصري لا أعرفه أيضا
1185
عبد العزيز بن عدي بن عبد العزيز البلدي الموصلي القاضي عز الدين أبو العز
"""
صفحة رقم 258 """
1186
عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن بن محمد بن منصور بن خلف
شيخ الشيوخ شرف الدين أبو محمد الحموي الأديب الماهر الشاعر المفلق
ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة بدمشق
وتفقه على جماعة وكان من أذكياء بني آدم
وسمع من ابن كليب ومن أبي اليمن الكندي وبه تأدب وأبي أحمد ابن سكينة ويحيى بن الربيع الفقيه وغيرهم
وبرع في الفقه والشعر وحدث كثيرا
روى عنه الدمياطي وأبو الحسين اليونيني وأبو العباس بن الظاهري وشيخنا قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة وخلق
توفي في ثامن رمضان سنة اثنتين وستين وستمائة
أنشدنا قاضي القضاة بدر الدين في كتابه عنه فيما قاله من مستحسن شعره
"""
صفحة رقم 259 """
1187
عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة ابن سعد المنذري
الحافظ الكبير الورع الزاهد زكي الدين أبو محمد المصري
ولي الله والمحدث عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والفقيه على مذهب ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ترتجى الرحمة بذكره ويستنزل رضا الرحمن بدعائه
كان رحمه الله قد أوتي بالمكيال الأوفى من الورع والتقوى والنصيب الوافر من الفقه وأما الحديث فلا مراء في أنه كان أحفظ أهل زمانه وفارس أقرانه له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه وحفظ أسماء الرجال حفظ مفرط الذكاء عظيمه والخبرة بأحكامه والدراية بغريبه وإعرابه واختلاف كلامه
ولد في غرة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة
تفقه على الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشي بن الوراق
وسمع من أبي عبد الله الأرتاحي وعبد المجيب بن زهير ومحمد بن سعيد المأموني والمطهر بن أبي بكر البيهقي وربيعة اليمني الحافظ والحافظ الكبير علي بن المفضل المقدسي وبه تخرج وسمع بمكة من أبي عبد الله بن البناء وطبقته وبدمشق
"""
صفحة رقم 260 """
من عمر بن طبرزد ومحمد بن وهب بن الزنف والخضر بن كامل وأبي اليمن الكندي وخلق
وسمع بحران والرها والإسكندرية وغيرها
وتفقه وصنف شرحا على التنبيه وله مختصر سنن أبي داود وحواشيه كتاب مفيد ومختصر صحيح مسلم وخرج لنفسه معجما كبيرا مفيدا وانتقى وخرج كثيرا وأفاد الناس
وبه تخرج الحافظ أبو محمد الدمياطي وإمام المتأخرين تقي الدين ابن دقيق العيد والشريف عز الدين وطائفة وعمت عليهم بركته وقد سمعنا الكثير ببلبيس على أبي الطاهر إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن علي بن سيف بإجازته منه
قال الذهبي وما كان في زمانه أحفظ منه
قلت وأما ورعه فأشهر من أن يحكى
وقد درس بالآخرة في دار الحديث الكاملية وكان لا يخرج منها إلا لصلاة الجمعة حتى إنه كان له ولد نجيب محدث فاضل توفاه الله تعالى في حياته ليضاعف له في حسناته فصلى عليه الشيخ داخل المدرسة وشيعه إلى بابها ثم دمعت عيناه وقال أودعتك يا ولدي لله وفارقه سمعت أبي رضي الله عنه يحكي ذلك وسمعته أيضا يحكي عن الحافظ الدمياطي أن الشيخ مرة خرج من الحمام وقد أخذ منه حرها فما أمكنه المشي فاستلقى على الطريق إلى جانب حانوت فقال له الدمياطي يا سيدي أما أقعدك على
"""
صفحة رقم 261 """
مصطبة الحانوت وكان الحانوت مغلقا فقال في الحال وهو في تلك الشدة بغير إذن صاحبه كيف يكون وما رضي
وسمعت أبي رضي الله عنه أيضا يحكي أن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام كان يسمع الحديث قليلا بدمشق فلما دخل القاهرة بطل ذلك وصار يحضر مجلس الشيخ زكي الدين ويسمع عليه في جملة من يسمع ولا يسمع وأن الشيخ زكي الدين أيضا ترك الفتيا وقال حيث دخل الشيخ عز الدين لا حاجة بالناس إلي
ومن شعره
اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل
بظهور قيل في الأنام وقال
فالخلق لا يرجى اجتماع قلوبهم
لا بد من مثن عليك وقال
توفي في الرابع من ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة وهي السنة المصيبة بأعظم المصائب المحيطة بما فعلت من المعائب المقتحمة أعظم الجرائم الواثبة على أقبح العظائم الفاعلة بالمسلمين كل قبيح وعار النازلة عليهم بالكفار المسمين بالتتار
ولا بأس بشرح واقعة التتار على الاختصار وحكاية كائنة بغداد لتعتبر بها البصائر وتشخص عندها الأبصار وليجري المسلمون على ممر الزمان دموعهم دما وليدري المؤرخون بأنهم ما سمعوا بمثلها واقعة جعلت السماء أرضا والأرض سما
فنقول استهلت سنة أربع وخمسين وستمائة وخليفة المسلمين إذ ذاك أمير المؤمنين المستعصم بالله الإمام أبو أحمد عبد الله الشهيد بن المستنصر بالله أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور بن الظاهر بأمر الله أبي النصر محمد بن الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء بالله أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله
"""
صفحة رقم 262 """
أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أحمد ابن الإمام المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله ابن الأمير ذخيرة الدين أبي العباس محمد ابن الإمام القائم بأمر الله أبي جعفر عبد الله ابن الإمام القادر بالله أبي العباس أحمد ابن ولي العهد الأمير إسحاق ابن الإمام المقتدر بالله أبي الفضل جعفر ابن الإمام المعتضد بالله أبي العباس أحمد ابن ولي العهد أبي أحمد طلحة الموفق بالله ابن الإمام المتوكل على الله جعفر ابن الإمام المعتصم بالله أبي اسحاق محمد ابن الإمام أمير المؤمنين هارون الرشيد ابن الإمام أمير المؤمنين المهدي بالله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المنصور أبي جعفر عبد الله أمير المؤمنين أخي أول خلفاء العباس أمير المؤمنين أبي العباس عبد الله السفاح بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) ورضي عنهم أجمعين
وكان المستنصر والد المستعصم ذا همة عالية وشجاعة وافرة ونفس أبية وعنده إقدام عظيم واستخدم جيوشا كثيرة وعساكر عظيمة وكان له أخ يعرف بالخفاجي يزيد عليه في الشجاعة والشهامة وكان يقول إن ملكنى الله الأرض لأعبرن بالجيوش نهر جيحون وانتزع البلاد من التتار وأستأصلهم فلما توفي المستنصر كان الدويدار والشرابي أكبر الأمراء وأعظمهم قدرا فلم يريا تقليد الخفاجي الأمر خوفا منه وآثروا المستعصم علما منهما بلينه وانقياده وضعف رأيه لتكون لهما الكبرياء فأقاموه واستوزر مؤيد الدين محمد بن محمد بن علي العلقمي وكان فاضلا أديبا وكان شيعيا رافضيا في قلبه غل على الإسلام وأهله وحبب إلى الخليفة جمع المال والتقليل من العساكر فصار الجند يطلبون من يستخدمهم في حمل القاذورات ومنهم من يكاري على فرسه ليصلوا إلى ما يتقوتون به
"""
صفحة رقم 263 """
وكان ابن العلقمي معاديا للأمير أبي بكر بن الخليفة وللدويدار لأنهما كانا من أهل السنة ونهبا الكرخ ببغداد حين سمعا عن الروافض أنهم تعرضوا لأهل السنة وفعلا بالروافض أمورا عظيمة ولم يتمكن الوزير من مدافعتهما لتمكنهما فأضمر في نفسه الغل وتحيل في مكاتبة التتار وتهوين أمر العراق عليهم وتحريضهم على أخذها ووصل من تحيله في المكاتبة إليهم أنه حلق رأس شخص وكتب عليه بالسواد وعمل على ذلك دواء صار المكتوب فيه كل حرف كالحفرة في الرأس ثم تركه عنده حتى طلع شعره وأرسله إليهم وكان مما كتبه على رأسه إذا قرأتم الكتاب فاقطعوه فوصل إليهم فحلقوا رأسه وقرءوا ما كتبه ثم قطعوا رأس الرسول
وكتب الوزير إلى نائب الخليفة بإربل وهو تاج الدين محمد بن صلايا وهو أيضا شيعي رسالة يقول فيها نهب الكرخ المكرم والعترة العلوية وحسن التمثيل بقول الشاعر
أمور تضحك السفهاء منها
ويبكى من عواقبها اللبيب
فلهم أسوة بالحسين حيث نهب حريمه وأريق دمه
أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرشد إلاضحى الغد
وقد عزموا لا أتم الله عزمهم ولا أنفذ أمرهم على نهب الحلة والنيل بل سولت لهم أنفسهم أمرا فصبر جميل والخادم قد أسلف الإنذار وعجل لهم الإعذار
"""
صفحة رقم 264 """
أرى تحت الرماد وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
وإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعرى
أيقظان أمية أم نيام
فإن يك قومنا أضحوا نياما
فقل هبوا لقد حان الحمام
قلت وهذه الأبيات كلها في غاية الحسن خاطب بها علوان بن المقنع أمير المؤمنين وهي
أمير المؤمنين عليك مني
سلام الله ما ناح الحمام
تحية حافظ للعهد راع
كنشر الروض باكره الغمام
أرى خلل الرماد وميض جمر
ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب أوله كلام
وإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
فقل لبني أمية ليت شعرى
أيقضان أمية أم نيام
وقد ظهر الخراساني معه
بنو العباس والجيش اللهام
فإن لم تجمعوا جيشا يضيق العراق
به عليهم والشآم
فلاقوهم كما لاقى عليا
بصفين معاوية الهمام
"""
صفحة رقم 265 """
وكان علي أقوى منه عزما
وأعلى رتبة وهو الإمام
ولا يأخذكم حذر وخوف
فما يغنى إذا حام الحمام
فإن كانت لكم يوما عليهم
فذاك القصد وانقطع الكلام
وإن ظفروا فما تحمى حريم
لكم عنهم ولا البيت الحرام
ولا بمقام إبراهيم تعطوا
أمانا منهم وهو المقام
فموتوا في ظهور الخيل صبرا
كما قد مات قبلكم الكرام
ولا تتدرعوا أثواب ذل
وعار قد تدرعها اللئام
فإن الضيم لا صبر عليه
لمن شهدت بسؤدده الأنام
وتلك وصية من ذي ولاء
له في حفظ عهدكم ذمام
وإلا فهو يقتلكم جميعا
ويهلك ما لديكم والسلام
فكان جوابي بعد خطابي لا بد من الشنيعة بعد قتل جميع الشيعة ومن إحراق كتاب الوسيلة والذريعة فكن لما نقول سميعا وإلا جرعناك الحمام تجريعا إلى أن يقول فلأفعلن بلبي كما قال المتنبي
قوم إذا أخذوا الأقلام من غضب
ثم استمروا بها ماء المنيات
نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا
ما لا ينال بحد المشرفيات
ولآتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولأخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون
"""
صفحة رقم 266 """
ووديعة من سر آل محمد
أودعتها إذ كنت من أمنائها
فإذا رأيت الكوكبين تقاربا
في الجدى عند صباحها ومسائها
فهناك يؤخذ ثار آل محمد
لطلابها بالترك من أعدائها
فكن لهذا الأمر بالمرصاد وترقب أول النحل وآخر صاد
ذكر أمور كانت مقدمات لهذه الواقعة
لما كان الخامس من جمادى الآخرة من هذه السنة كان ظهور النار بالمدينة النبوية وقبلها بليلتين ظهر دوى عظيم ثم زلزلة عظيمة ثم ظهرت تلك النار في الحرة قريبا من قريظة يبصرها أهل المدينة من الدور وسالت أودية منها بالنار إلى وادي شظا سيل الماء وسالت الجبال نيرانا وسارت نحو طريق الحاج العراقي فوقفت وأخذت تأكل الأرض أكلا ولها كل يوم صوت عظيم من آخر الليل إلى ضحوة واستغاث الناس بنبيهم ( صلى الله عليه وسلم ) وأقلعوا عن المعاصي واستمرت النار فوق الشهر وهي مما أخبر بها المصطفى صلوات الله عليه حيث يقول لا تقوم الساعة حتى
"""
صفحة رقم 267 """
تخرج نار من أرض الحجاز تضىء أعناق الإبل ببصرى وقد حكى غير واحد ممن كان ببصرى بالليل ورأى أعناق الإبل في ضوئها
غرق بغداد
زاد الدجلة زيادة مهولة فغرق خلق كثير من أهل بغداد ومات خلق تحت الهدم وركب الناس في المراكب واستغاثوا بالله وعاينوا التلف ودخل الماء من أسوار البلد وانهدمت دار الوزير وثلثمائة وثمانون دارا وانهدم مخزن الخليفة وهلك شيء كثير من خزانة السلاح
حريق المسجد النبوي الشريف
وفي ليلة الجمعة مستهل شهر رمضان احترق مسجد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكان ابتداء حريقه من زاويته الغربية فأحرقت سقوفه كلها وذاب رصاصها ووقع بعض أساطينه واحترق سقف الحجرة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
"""
صفحة رقم 268 """
ذكر خروج هولاكو بن قان تولى بن جنكزخان
اجتمع هو وعساكره التى لا يحصى عددها ولا يدرك مددها ولا يعدد عددها ولا يدرك وإن تأمل الطرف أمدها في مجلس المشورة واتفقوا على الخروج في يوم معلوم فسار في المغول من الأردو على مهله يقتلع القلاع ويملك الحصون وأطاع الله له البلاد والعباد وصار لا يصبح يوم إلا وسعده في ازدياد حتى إنه حلق في يوم على صيد فاصطاد ثمانية من السباع فأنشد بعضهم إذ ذاك
من كان يصطاد في يوم ثمانية
من الضراغم هانت عنده البشر
وملك قلاع الإسماعيلية كلها وجميع بلاد الروم وصار لا يمر بمدينة إلا وصاحبها بين أمرين إما مطيع فيقدم إلى مخيم هولاكو وهو مخيم عظيم المنظر كبير الحشمة معمول من الأطلس الأخمر تحتوشه جنود القندس والقاقم فيقبل الأرض وينعم عليه بما يقتضيه رأيه ثم يخرب بلاده التي كان فيها ويصيرها قاعا صفصفا على قاعدة جده جنكزخان ويكون المتولى لخرابها هو ذلك الملك وإما عاص وقل وجدان ذلك فلا يعصى عليه غير ساعات معدودة ثم يحيط به القضاء المقدور ويحول بين رأسه وعنقه الصارم المشهور
"""
صفحة رقم 269 """
وتوجهت الملوك على اختلاف ندائها وامتناع سلطانها وعظم مكانها إلى عتباته فمنهم من أمنه وأعطاه فرمانا ورجعه إلى بلده ومنهم من فعل به غير ذلك على ما يقتضيه البأساء التي أخبر عنها شيطان جده وابتدعها من عنده كل ذلك والخليفة غافل عما يراد به
ثم تواترت الأخبار بوصول هولاكو إلى أذربيجان بقصد العراق وكاتب صاحب الموصل لؤلؤ الخليفة يستنهضه في الباطن وما وسعه إلا مداراة هولاكو في الظاهر وأرسل الخليفة نجم الدين البادرائي رسولا إلى الملك الناصر صاحب دمشق يأمره بمصالحة الملك المعز وأن يتفقا على حرب التتار فامتثلا أمر الخليفة وفيما بين ذلك تأتي الكتب إلى الخليفة فإن وصلت ابتداء إلى الوزير لم يوصلها إليه وإن وصلت إلى الخليفة أطلع الوزير فيثبطه ويغشه حين يستنصحه
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وستمائة وفيها مات الملك المعز أيبك التركماني صاحب مصر وتسلطن بعده ولده الملك المنصور علي بين أيبك وترددت رسل هولاكو إلى بغداد وكانت القرابين منهم واصلة إلى ناس بعد ناس من غير تحاش منهم في ذلك ولا خفية والناس في غفلة عما يراد بهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا
ثم دخلت سنة ست وخمسين وستمائة ذات الداهية الدهياء والمصيبة الصماء وكان القان الأعظم هولاكو قد قصد الألموت وهو معقل الباطنية الأعظم وبها المقدم علاء الدين محمد بن جلال الدين حسن الباطني المنتسب في مذهبه إلى الفاطميين العبيديين فتوفي علاء الدين ونزل ولده إلى خدمة هولاكو وسلم قلاعه فأمنه
"""
صفحة رقم 270 """
ثم وردت كتب هولاكو إلى صاحب الموصل لؤلؤ في تهيئة الإقامات والسلاح فأخذ يكاتب الخليفة سرا ويهيء لهم ما يريدون جهرا والخليفة لا يتحرك ولا يستيقظ فلما أزف اليوم الموعود وتحقق أن العدم موجود جهز رسوله يعدهم بأموال عظيمة ثم سير مائة رجل إلى الدربند يكونون فيه ويطالعونه بالأخبار فقتلهم التتار أجمعين وركب السلطان هولاكو إلى العراق وكان على مقدمته بايجو نوين وأقبلوا من جهة البر الغربي عن دجلة فخرج عسكر بغداد وعليهم ركن الدين الدويدار فالتقوا على نحو مرحلتين من بغداد وانكسر البغداديون وأخذتهم السيوف وغرق بعضهم في الماء وهرب الباقون ثم ساق بايجو نوين فنزل القرية مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي ثم إنه ضرب سورا على عسكره وأحاط ببغداد فأشار الوزير على الخليفة بمصانعتهم وقال أخرج أنا إليهم في تقرير الصلح فخرج وتوثق لنفسه من التتار ورد إلى المستعصم وقال إن السلطان يا مولانا أمير المؤمنين قد رغب في أن يزوج بنته بابنك الأمير أبي بكر ويبقيك في منصب الخلافة كما أبقى صاحب الروم في سلطنته ولا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السلاطين السلجوقية وينصرف عنك بجيوشه فمولانا أمير المؤمنين يفعل هذا فإن فيه حقن دماء المسلمين وبعد ذلك يمكننا أن نفعل ما نريد والرأي أن تخرج إليه
فخرج أمير المؤمنين بنفسه في طوائف من الأعيان إلى باب الطاغية هولاكو ولا حول ولا قوة إلا باالله العلي العظيم فأنزل الخليفة في خيمة ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل ليحضروا العقد فخرجوا من بغداد فضربوا أعناقهم وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة فتضرب أعناقهم ثم طلب حاشية الخليفة فضرب أعناق الجميع ثم طلب
"""
صفحة رقم 271 """
أولاده فضرب أعناقهم وأما الخليفة فقيل إنه طلبه ليلا وسأله عن أشياء ثم أمر به ليقتل فقيل لهولاكو إن هذا إن أهريق دمه تظلم الدنيا ويكون سبب خراب ديارك فإنه ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وخليفة الله في أرضه فقام الشيطان المبين الحكيم نصير الدين الطوسي وقال يقتل ولا يراق دمه وكان النصير من أشد الناس على المسلمين فقيل إن الخليفة غم في بساط وقيل رفسوه حتى مات ولما جاءوا ليقتلوه صاح صيحة عظيمة وقتلوا أمراءه عن آخرهم ثم مدوا الجسر وبذلوا السيف ببغداد واستمر القتل ببغداد بضعا وثلاثين يوما ولم ينج إلا من اختفى
وقيل إن هولاكو أمر بعد ذلك بعد القتلى فكانوا ألف ألف وثمانمائة ألف النصف من ذلك تسعمائة ألف غير من لم يعد ومن غرق ثم نودي بعد ذلك بالأمان فخرج من كان مختبئا وقد مات الكثير منهم تحت الأرض بأنواع من البلايا والذين خرجوا ذاقوا أنواع الهوان والذل ثم حفرت الدور وأخذت الدفائن والأموال التي لا تعد ولا تحصى وكانوا يدخلون الدار فيجدون الخبيئة فيها وصاحب الدار يحلف أن له السنين العديدة فيها ما علم أن بها خبيئة ثم طلبت النصارى أن يقع الجهر بشرب الخمر وأكل لحم الخنزير وأن يفعل معهم المسلمون ذلك في شهر رمضان فألزم المسلمون بالفطر في رمضان وأكل الخنزير وشرب الخمر ودخل هولاكو إلى دار الخليفة راكبا لعنه الله واستمر على فرسه إلى أن جاء إلى سدة الخليفة وهي التي تتضاءل عندها الأسود ويتناوله سعد السعود كالمستهزئ بها وانتهك الحرم من بيت الخليفة وغيره
"""
صفحة رقم 272 """
وأعطى دار الخليفة لشخص من النصارى وأريقت الخمور في المساجد والجوامع ومنع المسلمون من الإعلان بالأذان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
هذه بغداد لم تكن دار كفر قط جرى عليها هذا الذي لم يقع منذ قامت الدنيا مثله وقتل الخليفة وإن كان وقع في الدنيا أعظم منه إلا أنه أضيف له هوان الدين والبلاء الذي لم يختص بل عم سائر المسلمين وهذا أمر قدره الله تعالى فثبط له عزم هذا الخليفة ليقضي الله ما قدره
ولقد حكي أن الخليفة كان قاعدا يقرأ القرآن وقت الإحاطة بسور بغداد فرمى شخص من التتار بسهم فدخل من شرفات المكان الذي كان فيه وكانت واحدة من بناته بين يديه فأصابها السهم فوقعت ميتة
ويقال كتب الدم على الأرض إذا أراد الله أمرا سلب ذوي العقول عقولهم وإن الخليفة قرأ ذلك وبكى وإن هذا هو الحامل على أن أطاع الوزير في الخروج إليهم
ولله ما فعلت زوجة أمير المؤمنين قيل إن هولاكو دعاها ليواقعها فشرعت تقدم له تحف الجواهر وأصناف النفائس تشغله عما يرومه فلما عرفت تصميمه على ما عزم عليه اتفقت مع جارية من جواريها على مكيدة تخيلتها وحيلة عقدتها فقالت لها إذا نزعت ثيابك وأردت أن أقدك نصفين بهذا السيف فأظهري جزعا عظيما فأنا إذ ذاك أقول لك افعلي أنت هذا بي فإن هذا سيف من ذخائر أمير المؤمنين وهو لا يؤثر إذا ضرب به ولا يجرح شيئا فإذا أنت ضربتيني فليكن الضرب بكل قواك على نفس المقتل
"""
صفحة رقم 273 """
ثم جاءت إلى هولاكو وقالت هذا سيف الخليفة وله خصوصية وهي أنه يضرب به الرجل فلا يجرحه إلا إذا كان الضارب الخليفة ثم دعت الجارية وقالت أجرب بين يدي السلطان فيها فلما عاينت الجارية السيف مصلتا والضرب آتيا صاحت صيحة عظيمة وأظهرت الجزع شديدا فقالت السيدة رضى الله عنها ويلك أما علمت أنه سيف أمير المؤمنين مالك أتخشينه أما تعرفينه خذيه واضربيني به فأخذته فضربتها به فقدتها نصفين وماتت وما ألمت بعار ولا جعلت فراش ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فراشا للكفار فتحسر هولاكو وعلم أنها مكيدة
وقد رأيت مثل هذه الحكاية جرى في الزمن الماضي لبعض الصالحات راودها عن نفسها بعض الفاجرين كما حكى ذلك الدبوسي من الحنفية في كتابه روضة العلماء
ويحكى أن شخصا من أهل مصر قال كنت نائما حين بلغ خبر بغداد وأنا متفكر كيف فعل الله ذلك فرأيت في المنام قائلا يقول لا تعترض على الله فهو أعلم بما يفعل فاستيقظت واستغفرت الله تعالى
وأما الوزير فإنه لم يحصل على ما أمل وصار عندهم أخس من الذباب وندم حيث لا ينفعه الندم ويحكى أنه طلب منه يوما شعير فركب الفرس بنفسه ومضى ليحصله لهم وهذا يشتمه وهذا يأخذ بيده وهذا يصفعه بعد أن كانت السلاطين تأتي فتقبل عتبة داره
"""
صفحة رقم 274 """
والعساكر تمشي في خدمته حيث سار من ليله ونهاره وأن امرأة رأته من طاق فقالت له يا ابن العلقمي هكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين فخجل وسكت وقد مات غبنا بعد أشهر يسيرة ومضى إلى دار مقبره ووجد ما عمل حاضرا
وأما ابن صلايا نائب إربل فإن هولاكو ضرب عنقه
ثم جاءت رسل هولاكو إلى الملك الناصر صاحب الشام وصورة كتابه إليه يعلم سلطان ملك ناصر أنه لما توجهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم فقتلناهم بسيف الله ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدموها فأعدمناهم أجمعين ذلك بما قدمت أيديهم وبما كانوا يكسبون وأما ما كان من صاحب البلدة فإنه خرج إلى خدمتنا ودخل تحت عبوديتنا فسألناه عن أشياء كذب فيها فاستحق الإعدام أجب ملك البسيطة ولا تقولن قلاعي المانعات ورجالي المقاتلات فساعة وقوفك على كتابنا نجعل قلاع الشام سماءها أرضا وطولها عرضا وأرسل غير ما كتاب في هذا المعنى
ثم في سنة سبع وخمسين وستمائة نزل على آمد وبعث إلى صاحب ماردين يطالبه فجعل صاحبها يتعلل بالمرض وأرسل أولاده وهداياه جهرا إلى هولاكو وأرسل في الباطن يستحث الملك الناصر على محاربة التتار ثم عبر له جيش عظيم إلى الفرات بعد أن استولى على حران والرها والجزيرة فجاء الخبر إلى صاحب حلب فجفل الناس بها
"""
صفحة رقم 275 """
وعظم الخطب وعم البلاء ثم قاربوا حلب فخرج إليهم جماعة من عسكرها فهزموهم ونازلوا البلدة وقتلوا خلقا كثيرا ثم رحلوا عنها طالبين أعزاز وكان المقدم على هذا الجيش أسموط بن هولاكو ثم عبر هولاكو الفرات بنفسه في المحرم سنة ثمان وخمسين وستمائة ونازلت عساكره حلب وركبوا الأسوار من كل ناحية بعد أن نقبوا وخندقوا فهرب المسلمون إلى جهة القلعة وبذلت التتار السيف في العالم وامتلأت الطرقات بالقتلى وبقي القتل والنهب والحريق إلى رابع عشر صفر ثم نودي برفع السيف وأذن المؤذنون يومئذ بالجامع وأقيمت الخطبة والصلاة ثم أحاطوا بالقلعة وحاصروها
وأرسل صاحب حلب إلى الملك الناصر صاحب الشام يستحثه ووصل الخبر إلى دمشق بأخذهم حلب فهرب الملك الناصر بعد أن كان جبى الأموال وجمع الجموع ونزل على برزة بعساكر عظيمة ثم رأى العجز فهرب ووصلت رسل التتار إلى دمشق وقرىء الفرمان بأمان أهل دمشق وما حواليها
وأما حماة فإن صاحبها كان حضر إلى برزة ليتجهز مع الملك الناصر فلما سمع أهل البلد في غيبته بأخذ حلب أرسلوا إلى هولاكو يسألون عطفه وسلموا البلد وهرب صاحب حماة مع الملك الناصر فسارا نحو مصر فلما وصلا قطيا تقدم صاحب حماة وهو الملك المنصور ودخل مصر وبقى الناصر في عسكر قليل فتوجهوا إلى تيه بني إسرائيل خوفا من المصريين
وأما التتار فوصلوا إلى غزة واستولوا على ما خلفهم وتسلموا قلعة دمشق وجعلوا بها نائبا ثم تفرقوا في بلاد الشام يفعلون ما يختارون وطافوا في دمشق برأس
"""
صفحة رقم 276 """
الملك الكامل الشهيد صاحب ميافارقين وقد كانوا حاصروه سنة ونصفا وما زال ظاهرا عليهم إلى أن فنى أهل البلد لفناء الأقوات
ثم سار الناصر وأخوه وحاشيته إلى هولاكو وكان جاء كتاب هولاكو قبل وصوله إلى دمشق فقرئ بدمشق وصورته أما بعد فنحن جنود الله بنا ينتقم ممن عتا وتجبر وطغى وتكبر ونحن قد أهلكنا البلاد وأبدنا العباد وقتلنا النساء والأولاد فأيها الباقون أنتم بمن مضى لاحقون وأيها الغافلون أنتم إليهم تساقون ونحن جيوش الهلكة لا جيوش الملكة مقصودنا الانتقام وملكنا لا يرام ونزيلنا لا يضام وعدلنا في ملكنا قد اشتهر ومن سيوفنا أين المفر
أين المفر ولا مفر لهارب
ولنا البسيطان الثرى والماء
ذلت لهيبتنا الأسود وأصبحت
في قبضنا الأمراء والخلفاء
ونحن إليكم صائرون ولكم الهرب وعلينا الطلب
ستعلم ليلى أي دين تداينت
وأي غريم بالتقاضي غريمها
دمرنا البلاد وأيتمنا الأولاد وأهلكنا العباد وأذقناهم العذاب
وشمخت النصارى بدمشق وصاروا يرفعون الصليب ويمرون به في الأسواق والخمر معهم يرشونه على المساجد والمصلين ومن رأى الصليب ولا يقوم له عاقبوه
"""
صفحة رقم 277 """
وأما المصريون فإنه سلطنوا الملك المظفر قطز واجتمعوا وطلبوا شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام وحضر إليهم بيبرس البندقداري يستحثهم ويهون عليهم
1188
عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني الشيخ الإمام نجم الدين
صاحب الحاوي الصغير واللباب وشرح اللباب المسمى ب العجاب وله أيضا كتاب في الحساب
كان أحد الأئمة الأعلام له اليد الطولى في الفقه والحساب وحسن الاختصار
"""
صفحة رقم 278 """
أجازت له عفيفة الفارفانية من أصبهان
وكان من الصالحين أرباب الأحوال والكرامات حكى لي الشيخ قطب الدين محمد بن أسفهيد الأردبيلي أعاد الله علينا من بركته أنه اتفق حج الشيخ شهاب الدين السهروردي بعد ما أضر في العام الذي حج فيه عبد الغفار القزويني ولم يكن يعرفه فقال الشيخ شهاب الدين لجماعته أشم هنا رائحة رجل ووصفه فكشفوا خبره فوافوه وهو يكتب في الحاوي وقد أضاء له نور في الليل يكتب عليه فقالوا له إن الشيخ يطلبك قال فلما حضر إلى الشيخ شهاب الدين قال له ما تكتب قال أصنف هذا الكتاب ووصف له الحاوي فقال له الشيخ شهاب الدين أسرع وعجل ونجز هذا الكتاب وفارقه فقيل للشيخ في هذا فقال إن أجله قد دنا فأحببت أن يفرغ من هذا الكتاب قبل أن يموت فكان كذلك مات بعد فراغه بيسير
وحكى لي أيضا الشيخ قطب الدين أن عبد الغفار كان معروفا بين أهل قزوين بأنه إذا كتب في الليل تضيء له أصابعه فيكتب عليها
قلت وإضاءة النور لأهل قزوين وقت التصنيف وغيره كرامة ذكرناها في ترجمة الرافعي وفي ترجمة والد الرافعي وفي ترجمة هذا رحمه الله عليهم أجمعين
توفي في المحرم سنة خمس وستين وستمائة
"""
صفحة رقم 279 """
1189
عبد القادر بن داود بن أبي نصر واسمه محمد بن النقار أبو محمد
من أهل واسط
تفقه على أبي العلاء بن البوقي والمجير البغدادي والشيخ فخر الدين النوقاني
وكان خيرا دينا أثنى عليه ابن النجار كثيرا وقال كانت له معرفة تامة بمذهب الشافعي أصولا وفروعا وله يد باسطة في الفرائض والحساب ومعرفة حسنة بالأدب وكان من الورع والنزاهة والديانة والمروءة والتواضع على طريقة عرف بها واشتهرت عنه سمعت منه شيئا في الحديث وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة
1190
عبد القادر بن أبي عبد الله محمد بن الحسن شرف الدين أبو محمد بن البغدادي المصري
رحل من الشام في الصبا وسكن القاهرة وتفقه بها على الشيخ شهاب الدين الطوسي بعد أن تفقه بدمشق على قطب الدين النيسابوري وسمع من الحافظ ابن عساكر ودرس بالقطبية بالقاهرة
روى عنه الحافظ عبد العظيم وقال كان فقيها حسنا من أهل الدين والعفاف طارحا للتكلف مقبلا على ما يعنيه
توفي في الثاني والعشرين من شعبان سنة أربع وثلاثين وستمائة
"""
صفحة رقم 280 """
1191
عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي بن علي
القاضي الخطيب جمال الدين أبو محمد الربعي الدمشقي
ولد سنة اثنتي عشرة وستمائة
وسمع من ابن الصباح وابن الزبيدي وابن اللتي وطائفة
سمع منه الحافظ علم الدين البرزالي والقاضي أبو مسلم الجيلي وآخرون
وكان فقيها فاضلا ناب في القضاء مدة ثم ترك ذلك واقتصر على الخطابة بالجامع الأموي والإمامة
مات في سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستمائة
"""
صفحة رقم 281 """
1192
عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل بن الحسن القزويني الإمام الجليل أبو القاسم الرافعي
صاحب الشرح الكبير المسمى ب العزيز وقد تورع بعضهم عن إطلاق لفظ العزيز مجردا على غير كتاب الله فقال الفتح العزيز في شرح الوجيز والشرح الصغير والمحرر وشرح مسند الشافعي والتذنيب والأمالي الشارحة على مفردات الفاتحة وهو ثلاثون مجلسا أملاها أحاديث بأسانيده عن أشياخه على سورة الفاتحة وتكلم عليها وقد وقفنا على هذه التصانيف كلها
وله كتاب الإيجاز في أخطار الحجاز ذكر أنه أوراق يسيرة ذكر فيها مباحث وفوائد خطرت له في سفره إلى الحج وكان الصواب أن يقول خطرات أو خواطر الحجاز ولعله قال ذلك والخطأ من الناقل
"""
صفحة رقم 282 """
وكتاب المحمود في الفقه لم يتمه ذكر لي أنه في غاية البسط وأنه وصل فيه إلى أثناء الصلاة في ثمان مجلدات
قلت وقد أشار إليه الرافعي في الشرح الكبير في باب الحيض أظنه عند الكلام في المتحيرة وكفاه بالفتح العزيز شرفا فلقد علا به عنان السماء مقدارا وما اكتفى فإنه الذي لم يصنف مثله في مذهب من المذاهب ولم يشرق على الأمة كضيائه في ظلام الغياهب
كان الإمام الرافعي متضلعا من علوم الشريعة تفسيرا وحديثا وأصولا مترفعا على أبناء جنسه في زمانه نقلا وبحثا وإرشادا وتحصيلا وأما الفقه فهو فيه عمدة المحققين وأستاذ المصنفين كأنما كان الفقه ميتا فأحياه وأنشره وأقام عماده بعد ما أماته الجهل فأقبره كان فيه بدرا يتوارى عنه البدر إذا دارت به دائرته والشمس إذا ضمها أوجها وجوادا لا يلحقه الجواد إذا سلك طرقا ينقل فيها أقوالا ويخرج أوجها فكأنما عناه البحتري بقوله
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت
برقت مصابيح الدجا في كتبه
باللفظ يقرب فهمه في بعده
منا ويبعد نيله في قربه
"""
صفحة رقم 283 """
حكم سحابتها خلال بيانه
هطالة وقليبها في قلبه
كالروض مؤتلقا بحمرة نوره
وبياض زهرته وخضرة عشبه
وكأنها والسمع معقود بها
شخص الحبيب بدا لعين محبه
وكان رحمه الله ورعا زاهدا تقيا نقيا طاهر الذيل مراقبا لله له السيرة الرضية المرضية والطريقة الزكية والكرامات الباهرة
سمع الحديث من جماعة منهم أبوه وأبو حامد عبد الله بن أبي الفتوح بن عثمان العمراني والخطيب أبو نصر حامد بن محمود الماوراء النهري والحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني ومحمد بن عبد الباقي بن البطي والإمام أبو سليمان أحمد بن حسنويه وغيرهم وحدث بالإجازة عن أبي زرعة المقدسي وغيره
روى عنه الحافظ عبد العظيم المنذري وغيره
قال ابن الصلاح أظن أني لم أر في بلاد العجم مثله
قلت لا شك في ذلك
"""
صفحة رقم 284 """
وقال النووي الرافعي من الصالحين المتمكنين كانت له كرامات كثيرة
وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفرايني هو شيخنا إمام الدين وناصر السنة كان أوحد عصره في العلوم الدينية أوصلا وفروعا مجتهد زمانه في المذهب فريد وقته في التفسير كان له مجلس بقزوين للتفسير ولتسميع الحديث
ونقلت من خط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي نقلت من خط الحافظ علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد البرزالي نقلت من خط الشيخ الإمام تاج الدين بن الفركاح أن القاضي شمس الدين بن خلكان حدثه أن الإمام الرافعي توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وستمائة وأن خوارزم شاه يعني جلال الدين غزا الكرج بتفليس في هذه السنة وقتل فيهم بنفسه حتى جمد الدم على يده فلما مر بقزوين خرج إليه الرافعي فلما دخل إليه أكرمه إكراما عظيما فقال له الرافعي سمعت أنك قاتلت الكفار حتى جمد الدم على يدك فأحب أن تخرج إلي يدك لأقبلها فقال له السلطان بل أنا أحب أن أقبل يدك فقبل السلطان يده وتحادثا ثم خرج الشيخ وركب دابته وسار قليلا فعثرت به الدابة فوقع فتأذت يده التي قبلها السلطان فقال الشيخ سبحان الله لقد قبل هذا السلطان يدي فحصل في نفسي شيء من العظمة فعوقبت في الوقت بهذه العقوبة
سمعت شيخنا شمس الدين محمد بن أبي بكر بن النقيب يحكى أن الرافعي فقد في بعض الليالي ما يسرجه عليه وقت التصنيف فأضاءت له شجرة في بيته
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بقراءتي عليه أخبرنا إسحاق بن إبراهيم المقرئ أخبرنا عبد العظيم بن عبد القوي الحافظ حدثنا الشيخ الصالح أبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني لفظا بمسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرنا أبو زرعة إذنا
"""
صفحة رقم 285 """
ح وكتب إلي أبو طاهر بن سيف عن المنذري أخبرنا الرافعي لفظا
ح وقرأت على أبي عبد الله وأبي العباس الحافظين أخبركما عبد الخالق القاضي أخبرنا ابن قدامة أخبرنا أبو زرعة أخبرنا المقومي إجازة إن لم يكن سماعا أخبرنا أبو القاسم الخطيب أخبرنا القطان أخبرنا ابن ماجه حدثنا إسماعيل بن راشد حدثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه
قال الحافظ عبد العظيم صوابه ابن أسد
وهذه فوائد من أمالي الرافعي
قال في قوله ( صلى الله عليه وسلم ) إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنما قال مائة إلا واحدا لئلا يتوهم أنه على التقريب وفيه فائدة رفع الاشتباه فقد يشتبه في الخط تسعة وتسعون بسبعة وسبعين
روى بسنده إلى عبد الله المغربي من ادعى العبودية وله مراد باق فهو كاذب في دعواه إنما تصح العبودية لمن أفنى مراداته وقام بمراد سيده
"""
صفحة رقم 286 """
ليكون اسمه ما سمي به إذا دعي باسم أجاب عن العبودية ولا يجيب إلا من يدعوه بالعبودية ثم أنشأ يقول
يا عمرو ثاري عند أسماء
يعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدها
لأنه أشرف أسمائى
ثم أنشد الرافعي لنفسه
سمني بما شئت وسم جبهتي
باسمك ثم أسم بأسمائي
فسمني عبدك أفخر به
ويستوي عرشي على الماء
وأنشد لنفسه أيضا
إن كنت في اليسر فاحمد من حباك به
فليس حقا قضى لكنه الجود
أو كنت في العسر فاحمده كذلك إذ
ما فوق ذلك مصروف ومردود
وكيفما دارت الأيام مقبلة
وغير مقبلة فالحمد محمود
وقال اعلم أن الناس في الرضا ثلاثة أقسام قوم يحسون بالبلاء ويكرهونه ولكن يصبرون على حكمه ويتركون تدبيرهم ونظرهم حبا لله تعالى لأن تدبير العقل لا ينطبق على رسوم المحبة والهوى قال قائلهم
لن يضبط العقل إلا ما يدبره
ولا ترى في الهوى للعقل تدبيرا
كن محسنا أو مسيئا وابق لي أبدا
وكن لدي على الحالين مشكورا
"""
صفحة رقم 287 """
وقوم يضمون إلى سكون الظاهر سكون القلب بالاجتهاد والرياضة وإن أتى البلاء على أنفسهم بل
يستعذبون بلاياهم كأنهم
لا ييأسون من الدنيا إذا قتلوا
ولذلك قال ذو النون المصري الرجاء سرور القلب بمرور القضاء وقالت رابعة إنما يكون العبد راضيا إذا سرته البلية كما سرته النعمة
وقوم يتركون الاختيار ويوافقون الأقدار فلا يبقى لهم تلذذ ولا استعذاب ولا راحة ولا عذاب قال أبو الشيص وأحسن
وقف الهوي بي حيث أنت فليس لي
متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة
حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم
إذ كان حظي منك حظي منهم
وأهنتني فأهنت نفسي عامدا
ما من يهون عليك ممن يكرم
قال في الإملاء على حديث عائشة كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين حمل الشافعي ذلك فيما نقله أبو عيسى الترمذي وغيره على التعبير عن السورة يذكر أولها بعد آية التسمية المشتركة كما يقال قرأت طه ويس قال ثم هذا الاستدلال يعني استدلال الخصوم على أنها ليست من القرآن بهذا الحديث لا يتضح على قول من يذهب إلى أن التسمية في أوائل السور ليست من القرآن لأن المراد من قوله يستفتح القراءة قراءة القرآن لا مطلق القراءة
"""
صفحة رقم 288 """
وحينئذ فالافتتاح بالحمد لله رب العالمين لا ينافى قراءة البسملة أولا كما لا ينافى قراءة التعوذ ودعاء الاستفتاح
قال الرافعي سبيل من أشرف قلبه ونور بصيرته على الضياع أن يستغيث بالرحمن رجاء أن يتدارك أمره بالرحمة والاصطناع ويتضرع بما أنشد عبد الله بن الحسن الفقير
لو شئت داويت قلبا أنت مسقمه
وفي يديك من البلوى سلامته
إن كان يجهل ما في القلب من حرق
فدمع عيني على خدي علامته
ثم روى بسنده أن سمنون كان جالسا على الشط وبيده قضيب يضرب به فخذه وساقه حتى تبدد لحمه وهو يقول
كان لي قلب أعيش به
ضاع مني في تقلبه
رب فاردده علي فقد
ضاق صدري في تطلبه
وأغث ما دام بي رمق
يا غياث المستغيث به
وروى عن مسرور الخادم قال لما احتضر هارون أمير المؤمنين أمرني أن آتيه بأكفانه فأتيته بها ثم أمرني فحفرت له قبره ثم أمر فحمل إليه وجعل يتأمله ويقول ) ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ( ثم أنشد الرافعي لنفسه
الملك لله الذي عنت الوجوه
له وذلت عنده الأرباب
متفرد بالملك والسلطان قد
خسر الذين تجاذبوه وخابوا
"""
صفحة رقم 289 """
دعهم وزعم الملك يوم غرورهم
فسيعلمون غدا من الكذاب
وقال في قوله ( صلى الله عليه وسلم ) إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في كل يوم مائة مرة مم كان يتوب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى م يحمل الغين في قلبه افترق الناس فيه فرقتين فرقة أنكرت الحديث واستعظمت أن يغان قلب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى يستغفر مما أصابه وعلى ذلك جرى أبو نصر السراج صاحب كتاب اللمع في التصوف فروى الحديث وقال عقيبه هذا حديث منكر وأنكر علماء الحديث استنكار السراج وقالوا الحديث صحيح وكان من حقه أن لا يتكلم فيما لا يعلم والمصححون له تحزبوا فتحرج من تفسيره متحرجون
"""
صفحة رقم 290 """
عن شعبة سألت الأصمعي ما معنى ليغان على قلبي فقال عمن يروى ذلك قلت عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال لو كان عن غير قلب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فسرته لك وأما قلب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فلا أدري فكان شعبة يتعجب منه
وعن الجنيد لولا أنه حال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لتكلمت فيه ولا يتكلم على حال إلا من كان مشرفا عليها وجلت حاله أن يشرف على نهايتها أحد من الخلق وتمنى الصديق رضى الله عنه مع علو مرتبته أن يشرف عليها فعنه ليتني شهدت ما استغفر منه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
فهذه طريقة المصححين وتكلم فيه آخرون على حسب ما انتهى إليه فهمهم ولهم منهاجان أحدهما حمل الغين على حالة جميلة ومرتبة عالية اختص بها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد من استغفاره خضوعه وإظهار حاجته إلى ربه أو ملازمته للعبودية ومن هؤلاء من نزل الغين على السكينة والاطمئنان وعن أبي سعيد الخراز الغين شيء لا يجده إلا الأنبياء وأكابر الأولياء لصفاء الأسرار وهو كالغين الرقيق الذي لا يدوم
والثاني حمل الغين على عارض يطرأ غيره أكمل منه فيبادر إلى الاستغفار إعراضا وعلى هذا كثرت التنزيلات والتأويلات فقد كان سبب الغين النظر في حال الأمة واطلاعه على ما يكون منهم فكان يستغفر لهم وقيل سببه ما يحتاج إليه من التبليغ ومشاهدة الخلق فيستغفر منه ليصل إلى صفاء وقته مع الله وقيل ما كان يشغله من تمادي قريش وطغيانهم وقيل ما كان يجد في نفسه من محبة إسلام أبي طالب وقيل لم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مترقيا من رتبة إلى رتبة فكلما رقي درجة والتفت إلى
"""
صفحة رقم 291 """
ما خلفها وجد منها وحشة لقصورها بالإضافة إلى التي انتهى إليها وذلك هو الغين فيستغفر الله منها وهذا ما كان يستحسنه والدي رحمه الله ويقرره انتهى كلام الرافعي ثم أنشد لغيره هذا
والله ما سهري إلا لبعدهم
ولو أقاموا لما عذبت بالسهر
عهدي بهم ورداء الوصل يشملنا
والليل أطوله كاللمح بالبصر
(
والآن ليلي إذ ضنوا بزورتهم ليل الضرير فنومي غير منتظر
وهذه فوائد من شرح المسند للرافعي
ذكر فيه أن الأفضل لمن يشيع الجنازة أن يكون خلفها بالاتفاق والذي أوقعه في ذلك الخطابي فإنه كذلك قال وقد ذكر الرافعي نفسه في شرحيه أنه يكون أمامها وحكى ما سبق رواية عن أحمد
ومن شعر الرافعي مما ليس في الأمالي أنشدنا قاضي القضاة جلال الدين محمد ابن عبد الرحمن القزويني في كتابه عن والده عن أبي القاسم الرافعي رحمه الله أنه أنشده لنفسه
"""
صفحة رقم 292 """
تنبه فحق أن يطول بحسرة
تلهف من يستغرق العمر نومه
(
وقد نمت في عصر الشبيبة غافلا فهب نصيح الشيب قد جاء يومه
وهذه تنبيهات مهمة تتعلق بالرافعي رحمه الله ورضي عنه وعنا بكرمه
تنبيه اشتهر على لسان الطلبة أن لرافعي لا يصحح إلا ما كان عليه أكثر الأصحاب وكأنهم أخذوا ذلك من خطبة كتابه المحرر ومن كلام صاحب الحاوي الصغير واشتد نكير الشيخ الإمام الوالد رحمه الله تعالى على من ظن ذلك وبين خطأه في كتاب الطوالع المشرقة وغيره ولخصت أنا كلامه فيه في كتاب التوشيح ثم ذكرت أماكن رجح الرافعي فيها ما أعرف أن الأكثر على خلافه وها أنا أعد ما يحضرني من هذه الأماكن
منها الجلوس بين السجدتين هل هو ركن طويل أو قصير فيه وجهان أحدهما أنه طويل قال الرافعي حكاه إمام الحرمين عن ابن سريج والجمهور والثاني أنه قصير قال الرافعي وهذا هو الذي ذكره الشيخ أبو محمد في الفروق وتابعه صاحب التهذيب وغيره وهو الأصح انتهى
ولعل الرافعي ينازع الإمام في كون الجمهور على أنه طويل
ومنها في صلاة الخوف إذا دمي السلاح الذي يحمله المصلي وعجز عن إلقائه أمسكه وفي القضاء حينئذ قولان قال الرافعي نقل الإمام عن الأصحاب أنه يقضي وقال النووي ظاهر كلام الأصحاب القطع به قال الرافعي والأقيس أنه لا يقضي ووافقه الشيخ الإمام
"""
صفحة رقم 293 """
ومنها ذكر أن الأكثر لا سيما المتقدمين على تجويز النظر إلى الأجنبية واقتضى كلامه
1193
عثمان بن محمد بن أبي محمد بن أبي علي عماد الدين أبو عمرو الكردي الحميدي
تفقه بالموصل على غير واحد ثم رحل إلى أبي سعد بن أبي عصرون وتفقه عليه وقدم مصر فولى قضاء دمياط ثم ناب في القاهر عن قاضي القضاة عبد الملك الماراني ودرس بالمدرسة السيفية وبالجامع الأقمر ثم حج وجاور إلى أن مات في ربيع الأول سنة سنة عشرين وستمائة
1194
عرفة بن علي بن الحسن بن حمدويه أبو المكارم البندنيجي
يعرف بابن بصلا اللبني نسبة إلى اللبن لأنه أقام سنين يتغذى باللبن ولا يأكل الخبز وكان رجلا صالحا عاش سبعا وسبعين سنة
"""
صفحة رقم 294 """
تفقه بنظامية بغداد وصحب أبا النجيب السهروردي وسمع من أبي الفضل الأرموي وعبد الصبور الهروي
توفي سنة اثنتين وستمائة
1195
علي بن الخطاب بن مقلد أبو الحسن الضرير
تفقه على أبي القاسم بن فضلان وأبي علي بن الربيع
وكان من أهل واسط وسمع ببغداد أبا الفتح بن شاتيل
وقيل كان يقرأ في رمضان تسعين ختمة وفي باقي السنة في كل يوم ختمة وقد أقبلت عليه الدنيا آخر عمره وجالس الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين
وذكر ابن النجار أنه برع في المذهب والخلاف والأصول وقال سألته عن مولده فقال في آخر سنة ستين أو أول سنة إحدى وستين وخمسمائة قال وتوفي في شعبان سنة تسع وعشرين وستمائة
1196
علي بن روح بن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم النهرواني أبو الحسن المعروف بان الغبيري
تفقه على أبي النجيب السهروردي وتأدب على أبي محمد الجواليقي
"""
صفحة رقم 295 """
توفي في شهر رمضان سنة خمس عشرة وستمائة
1197
علي بن عقيل بن علي بن هبة الله بن الحسن بن علي الفقيه أبو الحسن بن الحبوبي الثعلبي الدمشقي المعدل
إمام مشهد على داخل جامع بني أمية
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
1198
علي بن علي بن سعيد بن الجنيس
بضم الجيم بعدها نون مفتوحة ثم آخر الحروف ساكنة ثم سين مهملة تصغير جنس
من أهل ميافارقين ولد بها بعد الأربعين وخمسمائة
وتفقه بتبريز على ابن أبي عمرو الفقيه وسمع بها من محمد بن أسعد العطاري
"""
صفحة رقم 296 """
وقدم بغداد فسمع من أبي زرعة المقدسي وصحب أبا النجيب وعلق الخلاف عن يوسف الدمشقي واستوطن بغداد وتولى إعادة النظامية وناب في الحكم ثم عزل نفسه ودرس بمدرسة أم الناصر لدين الله
قال ابن النجار كان أحفظ أهل زمانه لمذهب الشافعي سديد الفتاوى غزير الفضل
توفي يوم عرفة سنة اثنتين وستمائة
1199
علي بن القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر
الفقيه أبو القاسم بن الحافظ أبي محمد بن الحافظ الكبير ولد في ربيع الاخر سنة إحدى وثمانين وخمسمائة
وسمع من بركات بن إبراهيم الخشوعي وأبي المواهب ابن صصرى وزيد بن الحسن الكندي وعبد الملك بن زيد بن ياسين الدولعي وأبيه الحافظ أبي محمد القاسم وإسماعيل الجنزوي والمؤيد الطوسي وأبي روح رحل إليهما
وعني بالحديث أتم عناية خرج لنفسه أربعين حديثا وحدث بها سنة ستمائة فسمع منه جماعة من شيوخه
قال شيخنا الذهبي وهو آخر من رحل إلى خراسان من المحدثين وقد خرج للكندي ولابن الحرستاني وجماعة وكان ذكيا فاضلا حافظا نبيلا مجتهدا في الطلب
"""
صفحة رقم 297 """
تفقه على خاله الإمام الكبير فخر الدين أبي منصور عبد الرحمن
أدركه أجله ببغداد بعد عوده من خراسان من أثر جراحات به من الحرامية في ثالث عشر جمادي الأولى سنة ست عشرة وستمائة
1200
علي بن محمد بن عبد الصمد أبو الحسن الهمداني الشيخ علم الدين السخاوي المصري
شيخ القراء بدمشق
ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة
وسمع من السلفي وأبي الطاهر بن عوف وأبي الجيوش عساكر بن علي وأبي القاسم البوصيري وإسماعيل بن ياسين وابن طبرزد والكندي وحنبل وغيرهم
روى عنه الشيخ زين الدين الفارقي وخلق
وكان قد لازم الشاطبي وأخذ عنه القراءات وغيرها وكان فقيها يفتي الناس وإماما في النحو والقراءات والتفسير قصده الخلق من البلاد لأخذ القراءات عنه
وله المصنفات الكثيرة والشعر الكثير وكان من أذكياء بني آدم
"""
صفحة رقم 298 """
ذكره العماد الكاتب في كتاب السيل على الذيل وذكر أنه مدح السلطان صلاح الدين بقصيدة منها
بين الفؤادين من صب ومحبوب
يظل ذو الشوق في شد وتقريب
وهي طويلة أورد العماد منها قطعة
ومن الغريب أن هذا السخاوي مدح الشيخ رشيد الدين الفارقي بقصيدة مطلعها
فاق الرشيد فأمت بحره الأمم
وصد عن جعفر وردا له أمم
وبين وفاة الممدوحين أكثر من مائة سنة ولا أعلم لذلك نظيرا
توفي السخاوي في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة
1201
علي بن محمد بن علي بن المسلم بن محمد
"""
صفحة رقم 299 """
1202
علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري ابن الأثير
الحافظ المؤرخ صاحب الكامل في التاريخ لقبه عز الدين وهو أخو الأخوين المحدث اللغوي مجد الدين صاحب النهاية وجامع الأصول والوزير الأديب ضياء الدين صاحب المثل السائر
ولد بالجزيرة العمرية سنة خمس وخمسين وخمسمائة ونشأ بها ثم تحول بهم والدهم إلى الموصل
سمع بها من خطيب الموصل أبي الفضل ومن أبي الفرج يحيى الثقفي ومسلم بن علي السيحي وغيرهم وببغداد من عبد المنعم بن كليب ويعيش بن صدقة الفقيه وعبد الوهاب بن سكينة
وأقبل في أواخر عمره على لحديث وسمع العالي والنازل حتى سمع لما قدم دمشق من أبي القاسم بن صصرى وزين الأمناء
"""
صفحة رقم 300 """
روى عنه ابن الدبيثي والشهاب القوصي والمجد ابن أبي جرادة والشرف ابن عساكر وسنقر القضائي وهما من أشياخ شيوخنا وغيرهم
ومن تصانيفه مختصر الأنساب لابن السمعاني وكتاب حافل في معرفة الصحابة اسمه أسد الغابة وشرع في تاريخ الموصل
قال ابن خلكان كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء اجتمعت به بحلب فوجدته مكملا في الفضائل والتواضع وكرم الأخلاق
توفي في رمضان سنة ثلاثين وستمائة
1203
علي بن محمود بن علي أبو الحسن الشهرزوري شمس الدين الكردي
مدرس القيمرية بدمشق وأبو مدرسها الصلاح
قال الذهبي شيخ فقيه إمام عارف بالمذهب موصوف بجودة النقل حسن الديانة
"""
صفحة رقم 301 """
قوي النفس ذو هيبة ووقار بنى الأمير ناصر الدين القيمري مدرسته بالحريميين بدمشق وفوض تدريسها إليه وإلى أولي الأهلية من ذريته وقد ناب في القضاء عن ابن خلكان وتكلم بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة فقال الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك وكل من بيده ملك فهو له فبهت السلطان لكلامه وانفصل الأمر على هذا المعنى
توفي في شوال سنة خمس وسبعين وستمائة
1204
علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي اللخمي
الفقيه الورع بهاء الدين ابن الجميزي
نسبة إلى الجميز بضم الجيم ثم الميم المشددة المفتوحة ثم آخر الحروف الساكنة ثم الزاي وهو شجر معروف بالديار المصرية
ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر وحفظ القرآن العزيز وهو ابن عشر سنين أو أقل ورحل به أبوه فسمع بدمشق من أبي القاسم ابن عساكر في سنة ثمان وستين صحيح البخاري بفوت قليل ورحل مع أبيه إلى بغداد فقرأ بها القراءات العشر على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي بكتابه الذي صنفه في القراءات وقرأ القراءات العشر أيضا على الإمام قاضي القضاة شرف الدين ابن أبي عصرون
"""
صفحة رقم 302 """
وسمع الحديث ببغداد من شهدة الكاتبة وعبد الحق اليوسفي وأبي شاكر يحيى السقلاطوني وغيرهم
وبالإسكندرية من أبي طاهر السلفي وتفرد عنه بأشياء ومن أبي طاهر بن عوف وأبي طالب أحمد بن المسلم التنوخي
وبمصر من ابن بري والشاطبي وقرأ عليه عدة ختمات ببعض الروايات
قال شيخنا الذهبي ولا نعلم أحدا سمع من السلفي وابن عساكر وشهدة سواه إلا الحافظ عبد القادر بن عبد الله
قلت وفي سماع عبد القادر من الحافظ ابن عساكر ما لا يخفى
روى عنه خلق من أهل دمشق وأهل مكة وأهل مصر منهم الزكيان المنذري والبرزالي وابن النجار والدمياطي وابن دقيق العيد وأبو الحسين اليونيني والقاضي تقي الدين سليمان وخلائق
وأخذ الفقه عن ابن أبي عصرون بالشام وعن أبي إسحاق العراقي والشيخ شهاب الدين الطوسي بمصر وأكمل قراءة المهذب على ابن أبي عصرون وكان ابن أبي عصرون قد قرأه على الفارقي عن المصنف
وكان الفقيه بهاء الدين خطيب الجامع بالقاهرة ومدرس الديار المصرية وشيخها ورئيس العلماء بها درس وأفتى دهرا وكان كبير القدر رفيع الجاه وافر الحرمة معظما عند الخاص والعام
وخرجت له مشيخة حدث بها أخبرنا بها الحافظ أبو العباس بن المظفر بقراءتي عليه وأربعون حديثا أخبرنا بها المحدث شمس الدين محمد ابن محمد بن الحسن بن نباتة بقراءتي عليه قال أخبرنا شيخ
"""
صفحة رقم 303 """
"""
صفحة رقم 304 """
"""
صفحة رقم 305 """
1206
علي بن أبي الحزم القرشي الشيخ علاء الدين بن النفيس
الطبيب المصري صاحب التصانيف الفائقة في الطب الموجز وشرح الكليات وغيرهما
كان فقيها على مذهب الشافعي صنف شرحا على التنبيه وصنف في الطب غير ما ذكرنا كتابا سماه الشامل قيل لو تم لكان ثلاثمائة مجلدة تم منه ثمانون مجلدة وكان فيما يذكر يملي تصانيفه من ذهنه وصنف في أصول الفقه وفي المنطق وبالجملة كان مشاركا في فنون وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله قيل ولا جاء بعد ابن سينا مثله قالوا وكان في العلاج أعظم من ابن سينا وكان شيخه في الطب الشيخ مهذب الدين الدخوار
"""
صفحة رقم 306 """
توفي في حادي عشرين ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة عن نحو ثمانين سنة وخلف مالا جزيلا ووقف كتبه وأملاكه على المارستان المنصوري
1207
علي بن أبي علي بن محمد بن سالم الثعلبي الإمام أبو الحسن سيف الدين الآمدي
الأصولي المتكلم أحد أذكياء العالم
ولد بعد الخمسين وخمسمائة بيسير بمدينة آمد وقرأ بها القرآن وحفظ كتابا في مذهب أحمد بن حنبل ثم قدم بغداد فقرأ بها القراءات أيضا وتفقه على أبي الفتح ابن المني الحنبلي وسمع الحديث من أبي الفتح بن شاتيل ثم انتقل إلى مذهب الشافعي وصحب أبا القاسم بن فضلان وبرع عليه في الخلاف وأحكم طريقة الشريف وطريقة
"""
صفحة رقم 307 """
أسعد الميهني وتفنن في علم النظر وأحكم الأصلين والفلسفة وسائر العقليات وأكثر من ذلك
ثم دخل الديار المصرية وتصدر للإقراء وأعاد بدرس الشافعي وتخرج به جماعة ثم وقع التعصب عليه فخرج من القاهرة مستخفيا وقدم إلى حماة فأقام بها ثم قدم دمشق ودرس بالمدرسة العزيزية ثم أخذت منه وبدمشق توفي
ويقال إنه حفظ الوسيط وحمل عنه الأذكياء العلم أصولا وكلاما وخلافا
وصنف كتاب الأبكار في أصول الدين والإحكام في أصول الفقه والمنتهى ومنائح القرائح وشرح جدل الشريف وله طريقة في الخلاف وتعليقة حسنة وتصانيفه فوق العشرين تصنيفا كلها منقحة حسنة
ويحكى أن شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام قال ما سمعت أحدا يلقي الدرس أحسن منه كأنه يخاطب وإذا غير لفظا من الوسيط كان لفظه أمس بالمعنى من لفظ صاحبه وأنه قال ما علمنا قواعد البحث إلا من سيف الدين الآمدي وأنه قال لو ورد على الإسلام متزندق يشكك ما تعين لمناظرته غير الآمدي لاجتماع أهلية ذلك فيه
ويحكى أن الآمدي رأى في منامه حجة الإسلام الغزالي في تابوت وكشف عن وجهه وقبله فلما انتبه أراد أن يحفظ شيئا من كلامه فحفظ المستصفى في أيام يسيرة وكان يعقد مجلسا للمناظرة
"""
صفحة رقم 308 """
1208
عمر بن إبراهيم بن أبي بكر نجم الدين بن خلكان الإربلي
أخو بهاء الدين محمد
سكن إربل ودرس بها إلى أن مات في رمضان سنة تسع وستمائة بها
1209
عمر بن أسعد بن أبي غالب القاضي عز الدين أبو حفص
1210
عمر بن إسماعيل بن مسعود بن سعد بن سعيد بن أبي الكتائب الأديب العلامة أبو حفص الربعي رشيد الدين الفارقي
مولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائة
"""
صفحة رقم 309 """
وسمع من أبي عبد الله بن الزبيدي وعبد العزيز بن باقا وجماعة
روى عنه من شعره الحافظ الدمياطي وشيخنا أبو الحجاج المزي وآخرون وكان يدرس بالمدرسة الناصرية ثم بالظاهرية بدمشق وله مقدمتان في النحو
1211
عمر بن بندار بن عمر بن علي القاضي أبو الفتح كما الدين التفليسي
أحد العلماء المشهورين
ولد بتفليس سنة إحدى أو اثنتين وستمائة تقريبا وتفقه وبرع في المذهب والأصلين ودرس وأفتى
وسمع الحديث من أبي المنجى بن اللتي وجالس أبا عمرو بن الصلاح واستفاد منه ثم ولى القضاء بدمشق نيابة فلما تملكت التتار الشام جاءه التقليد من هولاكو بقضاء الشام استقلالا والجزيرة والموصل فباشر وذب عن المسلمين وأحسن إليهم بكل ممكن وكان نافذ الكلمة عند التتار لا يخالفونه فحصل للمسلمين به خير كثير من حقن كثير من الدماء وكف أيد ظالمة عن الأموال وغير ذلك ومع ذلك لما زالت التتار كذب عليه وافتري عليه أشياء برأه الله منها وكان غاية مقالة أعدائه فيه أن سافر إلى الديار المصرية وتركهم وأفاد الناس هناك
"""
صفحة رقم 310 """
وكان ابن الزكي قد سافر إلى هولاكو وجاء بقضاء الشام وتوجه كمال الدين إلى قضاء حلب وأعمالها ثم بعد توجه التتار ألزم بالسفر إلى الديار المصرية فأقام بها إلى أن توفي ليلة رابع عشر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وستمائة بالقاهرة
1212
عمر بن عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن محمد القزويني
قاضي القضاة إمام الدين
ولد بتبريز سنة ثلاث وخمسين وستمائة وانتقل واشتغل في العجم والروم ثم قدم دمشق في الدولة الأشرفية هو وأخوه قاضي القضاة جلال الدين فدرس ببعض المدارس ثم ولي قضاء القضاة بالشام في سنة تسع وستين وستمائة وصرف القاضي بدر الدين بن جماعة فأحسن إمام الدين السيرة وساس الأمور واستمر إلى أن جاء التتار وبلغه هزيمة المسلمين فانجفل إلى القاهرة فيمن انجفل من الناس ودخلها وأقام بها جمعة وتوفي سنة تسع وتسعين وستمائة
1213
عمر بن عبد الوهاب بن خلف
قاضي القضاة صدر الدين ابن بنت الأعز
ولد سنة خمس وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 311 """
وسمع من الحافظ عبد العظيم والرشيد العطار
وكان فقيها عارفا بالمذهب نحويا دينا صالحا ورعا قائما في نصرة الحق وولي قضاء القضاة بالديار المصرية فمشى على طريقة والده قاضي القضاة تاج الدين في التحري والصلابة بل أربى عليها قال شيخنا أبو حيان ما سمعت بأحد من القضاة في عصره كان أكبر هيبة منه لا يمزح ولا يضحك ولا ينبسط قال وكان معظما عند والده قاضي القضاة تاج الدين يعتقد فيه الديانة ويتبرك به قال ولا يعلم أهل بيت بالديار المصرية أنجب من هذا البيت كانوا أهل علم ورياسة وسؤدد وجلالة
قلت ثم عزل نفسه واقتصر على تدريس الصالحية إلى أن توفي في يوم عاشوراء سنة ثمانين وستمائة
1214
عبد اللطيف بن أحمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري
أبو الحسن القاضي
ولي قضاء الموصل عدة نوب وتفقه بالقاضي فخر الدين بن سعيد بن عبد الله الشهرزوري
ولد في الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة ومات ليلة الأربعاء ثامن جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 312 """
1215
عبد اللطيف بن عبد العزيز بن عبد السلام
الفقيه ولد الشيخ عز الدين
ولد سنة ثمان وعشرين وستمائة فطلب الحديث بنفسه وقصد الشيوخ وروى عن ابن اللتي وتفقه على والده وتميز في الفقه والأصول وكان يعرف تصانيف والده معرفة حسنة
توفي بالقاهرة في شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة
1216
عبد اللطيف بن عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن عمويه أبو محمد بن الشيخ أبي النجيب السهروردي
ولد سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ببغداد
وتفقه على أبيه ثم سافر إلى خرسان ودخل ما وراء النهر ولقى الأئمة وحصل وعاد إلى بغداد ثم خرج منها إلى الشام فوفد على الملك الناصر صلاح الدين فولاه قضاء كل بلد افتتحه من السواحل وغيرها ثم سافر إلى بغداد فأقام بها مدة ثم سافر إلى إربل وأقام بها إلى حين وفاته
سمع من أبي البدر الكرخي وأبي القاسم علي بن عبد السيد بن الصباغ وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وغيرهم
توفي في جمادى الأولى سنة عشر وستمائة
"""
صفحة رقم 313 """
1217
عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعد أبو محمد بن الشيخ أبي العز الموصلي وهو الشيخ موفق الدين البغدادي
نحوي لغوي متكلم طبيب خبير بالفلسفة
ولد ببغداد سنة سبع وخمسين وخمسمائة
وسمع من ابن البطي وأبي زرعة المقدسي وشهدة وخلق
روى عنه الزكيان المنذري والبرزالي وابن النجار وغيرهم
وله تصانيف كثيرة في اللغة والطب والتاريخ وغير ذلك
وكانت إقامته بحلب وسافر منها ليحج على درب العراق فدخل حران وحدث بها ودخل بغداد مريضا فتعوق عن الحج ومات بها في ثانى عشرالمحرم سنة تسع وعشرين وستمائة
1218
عبد المحسن بن نصر الله بن كثير زين الدين بن البياع الشامي الأصل المصري
تفقه على أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة
"""
صفحة رقم 314 """
قال شيخنا الذهبي كان طلق العبارة جيد القريحة من أعيان الشافعية خطب بقلعة الجبل وناب في الحكم بأعمال مصر وتقلب في الخدم الديوانية
مات سنة إحدى وعشرين وستمائة
1219
عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد بن عبد الغفار بن إسماعيل الشيخ حجة الدين أبو طالب الخفيفي الأبهري الصوفي
ولد في رجب سنة ست وخمسين وخمسمائة
وتقفه بهمذان على أبي القاسم بن حيدر القزويني وعلق التعليقة عن فخر الدين النوقاني
وسمع بأصبهان من أبي موسى المديني وغيره وببغداد من أبي الفتح ابن شاتيل وغيره وبهمذان ودمشق ومصر ومكة وغيرها من البلاد وكان كثير الأسفار والحج ذا صلاة وتهجد وصيام وعبادة عارفا بكلام المشايخ وأحوال القوم حج وجاور وتوفي في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة
"""
صفحة رقم 315 """
1220
عبد المنعم بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمود
القاضي جلال الدين أبو محمد المصري ثم الشامي
ولد سنة تسع عشرة وستمائة بالقاهرة وقدم الشام
قال شيخنا الذهبي وروى لنا مجلس معمر عن ابن المقير وولى قضاء السلط وعجلون والقدس وخطابة صفد وناب في الحكم بدمشق ثم عاد إلى القدس إلى أن توفي بها وله تعليقة على التنبيه
توفي في حادي وعشرين ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة
1221
عبد الواحد بن إسماعيل بن ظافر الأزدي
"""
صفحة رقم 316 """
1222
عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف الشيخ كمال الدين أبو المكارم ابن خطيب زملكا
قال أبو شامة كان عالما خيرا متميزا في علوم عدة ولى القضاء بصرخد ودرس ببعلبك
قلت وهو جد الشيخ كمال الدين محمد بن علي بن عبد الواحد الزملكاني وكانت له معرفة تامة بالمعاني والبيان وله فيه مصنف وله شعر حسن
توفي بدمشق سنة إحدى وخمسين وستمائة
1223
عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع ابن عبد الجليل الأبهري
"""
صفحة رقم 317 """
1224
عبد الودود بن محمود بن المبارك بن علي أبو المظفر بن أبي القاسم
المعروف والده بالمجير البغدادي
قرأ المذهب والأصول على والده وقرأ الخلاف والجدل وزاحم بالركب في مصاف الفقهاء وناظر وتولى الإعادة بالمدرسة النظامية حين كان والده مدرسا بها ودرس ببعض مدارس بغداد
وتوفي فجأة في أول يوم من رجب سنة ثمان عشرة وستمائة
1225
عبد الوهاب بن الحسين بن عبد الوهاب المهلبي القاضي وجيه الدين البهنسي
قاضي مصر أبو محمد
كان فقيها أصوليا نحويا متدينا متعبدا
ولي قضاء الديار المصرية ثم عزل عن القاهرة والوجه البحري واستمر على قضاء مصر والوجه القبلي إلى أن توفي ودرس بالزاوية المجدية بالجامع العتيق بمصر وتناظر هو والضياء بن عبد الرحيم مرة فصار يعلو كلامه عليه وكان يتأكل في كلامه ويدل بفضله
وحكي أن بعض الطلبة جلس بين يديه وقال له انظر في أمري لي أربع سنين في هذا الموضع وحفظت أربعة كتب وجامكيتي أربعة دراهم وكسر الهاء في الجميع فقال له يا فقيه من بنى أربعتك على الكسر
"""
صفحة رقم 318 """
وحضر عنده الشيخ شهاب الدين القرافي مرة وقت التدريس وهو يتكلم في الأصول فشرع القرافي يناظره والوجيه يعلو بكلامه عليه فقام طالب يتكلم بينهما فأسكته الوجيه وقال له فروج يصيح بين الديكة
توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وستمائة
1226
عبد الوهاب بن خلف بن بدر العلامي قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز
ولد في مستهل رجب سنة أربع وستمائة وسمع من جعفر الهمذاني وقرأ سنن أبي داود على الحافظ زكي الدين وحدث
وكان رجلا فاضلا ذكي الفطرة حاد القريحة صحيح الذهن رئيسا عفيفا نزها جميل الطريقة حسن السيرة مقدما عند الملوك ذا رأي سديد وذهن ثاقب وعلم جم
ولي قضاء القضاة بالديار المصرية والوزارة والنظر وتدريس قبة الشافعي رضي الله عنه والصالحية والخطابة والمشيخة واجتمع له من المناصب ما لم يجتمع لغيره وكان يقال إنه آخر قضاة العدل واتفق الناس على عدله وخيره وكان الشيخ علاء الدين الباجي يصفه بصحة الذهن
"""
صفحة رقم 319 """
وعن شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد أنه قال لو تفرع ابن بنت الأعز للعلم فاق ابن عبد السلام
وعن بعض الكبار في عصره أنه قال قاضيان حجة الله على القضاة ابن الأعز وابن البارزي قاضي حماة يعني جد قاضي القضاة شرف الدين هبة الله
وفي أيامه جدد الملك الظاهر القضاة الثلاثة في القاهرة ثم في دمشق وكان سبب ذلك أنه سأل القاضي تاج الدين في أمر فامتنع من الدخول فيه فقيل له مر نائبك الحنفي وكان القاضي وهو الشافعي يستنيب من شاء من المذاهب الثلاثة فامتنع من ذلك أيضا فجرى ما جرى وكان الأمر متمحضا للشافعية فلا يعرف أن غيرهم حكم في الديار المصرية منذ وليها أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي في سنة أربع وثمانين ومائتين إلى زمان الظاهر إلا أن يكون نائب يستنيبه بعض قضاة الشافعية في جزئية خاصة وكذا دمشق لم يلها بعد أبي زرعة المشار إليه فإنه وليها أيضا ولم يلها بعده إلا شافعي غير التلاشاعوني التركي الذي وليها يويمات وأراد أن يجدد في جامع بني أمية إماما حنفيا فأغلق أهل دمشق الجامع وعزل القاضي واستمر جامع بني أمية في يد الشافعية كما كان في زمن الشافعي رضي الله عنه ولم يكن يلي قضاء
"""
صفحة رقم 320 """
الشام والخطابة والإمامة بجامع بني أمية إلا من يكون على مذهب الأوزاعي إلى أن انتشر مذهب الشافعي فصار لا يلي ذلك إلا الشافعية
وقال أهل التجربة إن هذه الأقاليم المصرية والشامية والحجازية متى كانت البلد فيها لغير الشافعية خربت ومتى قدم سلطانها غير أصحاب الشافعي زالت دولته سريعا وكأن هذا السر جعله الله في هذه البلاد كما جعل مثله لمالك في بلاد المغرب ولأبي حنيفة فيما وراء النهر
وسمعت الشيخ الإمام الوالد يقول سمعت صدر الدين ابن المرحل رحمه الله يقول ما جلس على كرسي ملك مصر غير شافعي إلا وقتل سريعا وهذا الأمر يظهر بالتجربة فلا يعرف غير شافعي إلا قطز رحمه الله كان حنفيا ومكث يسيرا وقتل وأما الظاهر فقلد الشافعي يوم ولاية السلطنة ثم لما ضم القضاة إلى الشافعية استثنى للشافعية الأوقاف وبيت المال والنواب وقضاة البر والأيتام وجعلهم الأرفعين ومع ذلك قيل إنه ندم وقال أندم على ثلاث ضم غير الشافعية إليهم والعبور بالجيوش إلى الفرات وعمارة القصر الأبلق بدمشق
وحكي أن الظاهر رأى الشافعي في النوم لما ضم إلى مذهبه بقية المذاهب وهو يقول تهين مذهبي البلاد لي أو لك أنا قد عزلتك وعزلت ذريتك إلى يوم الدين فلم يمكث إلا يسيرا ومات ولم يمكث ولده السعيد إلا يسيرا وزالت دولته وذريته إلى الآن فقراء وجاء بعده قلاوون وكان دونه تمكنا ومعرفة ومع ذلك مكث الأمر فيه وفي
"""
صفحة رقم 321 """
ذريته إلى هذا الوقت ولله تعالى أسرار لا يدركها إلا خواص عباده وللأئمة رضي الله عنهم عنده مقامات لا ينتهي إليها عقول أمثالنا فكان الرأي السديد لمن رأى قواعد البلاد مستمرة على شيء غير باطل أن يجري الناس على ما يعهدون ولكن إذا أراد الله أمرا هيأ أسبابه ولعل سبب زوال دولة المذكور بهذا السبب
وقد حكي أنه رئي في النوم فقيل ما فعل الله بك قال عذبني عذابا شديدا بجعل القضاة أربعة وقال فرقت كلمة المسلمين ولا يخفى على ذي بصيرة ما حصل من تفرق الكلمة وتعدد الأمراء واضطراب الآراء
وقد قال أبو شامة لما حكى ضم القضاة الثلاثة إنه ما يعتقد أن هذا وقع قط وصدق فلم يقع هذا في وقت من الأوقات وبه حصلت تعصبات المذاهب والفتن بين الفقهاء ويحكى أن القاضي تاج الدين ركب وتوجه إلى القرافة ودخل على الفقيه مفضل حتى تولى عنه الشرقية فقيل له تروح إلى شخص حتى توليه فقال لو لم يفعل لقبلت رجله حتى يقبل فإنه يسد عني ثلمة من جهنم
وكان الأمراء الكبار يشهدون عنده فلا يقبل شهادتهم فيقال إن ذلك أيضا من جملة الحوامل على ضم القضاة الثلاثة إليه
ومما يحكى من رياسة قاضي القضاة تاج الدين وذكائه وسرعة إدراكه أن أبا الحسين
"""
صفحة رقم 322 """
الجزار الأديب كان يصحبه وكان قاضي القضاة لشدة تصلبه في الدين يعرف الناس منه أنه لا يرخص لأحد فظفر بعض أعداء الجزار بورقة بخط الجزار يدعو فيها شخصا إلى مجلس أنس ووصف المجلس ووضع الورقة في نسخة من صحاح الجوهري في القائمة الأولى منها وأعطى الكتاب لدلال الكتب وقال اعرضه على قاضي القضاة فأحضره له فقرأ الورقة وعرف خط الجزار وقال للدلال رد الكتاب إلى صاحبه فإنه ما يبيعه فقد فهمنا مقصده فلما حضر الجزار ناوله قاضي القاضي الورقة ففهم وقال يا مولاي هذا خطي من ثلاثين سنة ثم اشتهى الجزار أن يعرف ما عند القاضي وهل تأثر بالورقة فأغفله أياما ثم حكى له في أثناء مجلس أن شخصا كان يصحب قاضي القضاة عماد الدين ابن السكري فوقعت له شهادة على شخص فسابقه ذلك الشخص وادعى عليه أنه استأجره من مدة كذا ليغني له في عرس بكذا وقبض الأجرة ولم يغن فأنكر وانفصلت الخصومة ثم وقعت له الدعوى على المدعى المذكور وشهد ذلك الشاهد فقال قاضي القضاة تاج الدين ما صنع ابن السكري فقال له الجزار لم يقبل شهادته فقال قاضي القضاة تاج الدين ما أنصف ابن السكري فعرف الجزار أنه لم يتأثر بالورقة
توفي رحمه الله ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة خمس وستين وستمائة بالقاهرة ورثاه بعضهم بأبيات منها
"""
صفحة رقم 323 """
يا دهر بع رتب المعالي بعده
بيع السماح ربحت أم لم تربح
قدم وأخر من تشاء وتشتهي
مات الذي قد كنت منه تستحي
والأعز الذي ينسب إليه قرأت بخط قاضي القضاة علاء الدين الآجري رحمه الله أن الأعز ابن شكر وزير الملك الكامل بن أبي بكر بن أيوب قال وهو أبو أم قاضي القضاة تاج الدين
والعلامي بالتخفيف نسبة إلى علامة وهي قبيلة من لخم
"""
صفحة رقم 324 """
1227
عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله أبو أحمد الأمين ابن سكينة
مسند العراق ومحدثه ضياء الدين الصوفي الفقيه
وسكينة جدته أم أبيه
ولد في شعبان سنة تسع عشرة وخمسمائة
وسمع الكثير من أبيه وأبي القاسم بن الحصين وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي وزاهر بن طاهر الشحامي والقاضي أبي بكر الأنصاري وأبي منصور ابن زريق القزاز وأبي القاسم بن السمرقندي وغيرهم
روى عنه الشيخ الموفق بن قدامة وأبو موسى ابن الحافظ عبد الغني والشيخ أبو عمرو بن الصلاح وابن خليل والضياء وابن النجار وابن الدبيثي والنجيب عبد اللطيف وابن عبد الدائم وخلائق
وصحب الحافظين ابن عساكر وابن السمعاني واستفاد بصحبتهما وقرأ المذهب والخلاف على أبي منصور ابن الرزاز وكان على ما يقال دائم التكرار لكتاب التنبيه
"""
صفحة رقم 325 """
كثير الاشتغال بالمهذب والوسيط وقرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب وتخرج في الحديث بابن ناصر ومد الله له في العمر حتى قصد من الأقاليم وكان شيخ وقته في علو الإسناد قال ابن النجار وفي المعرفة والإتقان والزهد والعبادة وحسن السمت وموافقة السنة وسلوك طريق السلف الصالح
قال وكانت أوقاته محفوظة وكلماته معدودة فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة القرآن أو الذكر أو الحديث أو التهجد وكان كثير الحج والعمرة والمجاورة بمكة مستعملا للسنة في جميع أحواله وأثنى عليه كثيرا ثم قال لقد طفت شرقا وغربا ورأيت الأئمة والعلماء والزهاد فما رأيت أكمل منه ولا أحسن حالا
وقال القاضي يحيى بن القاسم مدرس النظامية كان ابن سكينة لا يضيع شيئا من وقته وكنا إذا دخلنا عليه يقول لا تزيدوا على سلام عليكم لكثرة حرصه على المباحثة وتقرير الأحكام
وقال أبو شامة كان ابن سكينة من الأبدال
توفي في تاسع عشر ربيع الآخر سنة سبع وستمائة ببغداد
1228
عثمان بن سعيد بن كثير
القاضي شمس الدين أبو عمرو الصنهاجي الفاسي
قدم مصر في صباه وسكنها وتفقه على الشيخ شهاب الدين الطوسي وبرع في المذهب وسمع هبة الله البوصيري وغيره
"""
صفحة رقم 326 """
ولي قضاء قوص ودرس بالجامع الأقمر بالقاهرة
مولده سنة خمس وستين وخمسمائة ظنا وتوفي بالقاهرة في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة
1229
عثمان بن عبد الرحمن بن موسى بن أبي نصر الكردي الشهرزوري
الشيخ العلامة تقي الدين أحد أئمة المسلمين علما ودينا أبو عمرو بن الصلاح ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة
وسمع الحديث بالموصل من أبي جعفر عبيد الله بن أحمد البغدادي المعروف بابن السمين وهو أقدم شيخ له
وسمع ببغداد من ابن سكينة وابن طبرزد وبنيسابور من منصور الفراوي والمؤيد الطوسي وغيرهما وبمرو من أبي المظفر السمعاني ومحمد بن عمر المسعودي وغيرهما وبدمشق من القاضي عبد الصمد بن الحرستاني والشيخ الموفق ابن قدامة وغيرهما
روى عنه الفخر عمر بن يحيى الكرجي والشيخ تاج الدين الفركاح وأحمد بن هبة الله بن عساكر وخلق
"""
صفحة رقم 327 """
وتفقه عليه خلائق وكان إماما كبيرا فقيها محدثا زاهدا ورعا مفيدا معلما
استوطن دمشق يعيد زمان السالفين ورعا ويزيد بهجتها بروضة علم جنى كل طالب جناها ورعا ويفيد أهلها فما منهم إلا من اغترف من بحره واعترف بدره وحفظ جانب مثله ورعا
جال في بلاد خراسان واستفاد من مشايخها وعلق التعاليق المفيدة وورد دمشق ودرس بالمدرسة الصلاحية بالقدس ثم عاد إلى البلاد ثم ورد دمشق مقيما مستوطنا وولي تدريس الرواحية والشامية الجوانية ومشيخة دار الحديث الأشرفية
قال ابن خلكان كان أحد فضلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وله مشاركة في فنون عدة
وذكر غيره أن ابن الصلاح قال ما فعلت صغيرة في عمري قط وهذا فضل من الله عليه عظيم
توفي سحر يوم الأربعاء خامس عشري ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين
"""
صفحة رقم 328 """
وستمائة وازدحم عليه الخلق فصلي عليه بالجامع وشيعوه إلى باب الفرج فصلي عليه بداخله ثانيا ورجع الناس لأجل حصار البلد بالخوارزمية وخرج به دون العشرة مشمرين مخاطرين بأنفسهم فدفنوه بطرف مقابر الصوفية وقبره على الطريق في طرفها الغربي ظاهر يزار ويتبرك به قيل والدعاء عند قبره مستجاب
ومن المسائل والفوائد عنه
أفتى ابن الصلاح في امرأة حاضنة أراد الأب أن ينزع منها الولد مدعيا أنه يسافر سفر نقلة وأنكرت هي أصل السفر بأن القول قوله في السفر مع يمينه
وأفتى رحمه الله في جارية اشترتها مغنية وحملتها على الفساد أنها تباع عليها واستند فيه إلى نقل نقله عن القاضي الحسين أن السيد إذا كلف عبده من العمل ما لا يطيقه يباع عليه والنقل غريب والمسألة مليحة وكلامه محمول على ما إذا تعين بيعه طريقا لخلاصه من الظلم وإلا فلا يتعين البيع
وقد نازعه الشيخ برهان الدين بن الفركاح وقال قد صح في صحيح مسلم ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ولم يقل فبيعوهم وفي التتمة في الباب الخامس في أحكام المماليك لو امتنع من الإنفاق على مملوكه فالحاكم يجبره على الإنفاق وفي الرافعي قبيل كتاب الخراج في كلامه على المخارجة وإن ضرب عليه خراجا أكثر مما يليق بحاله وألزمه أداءه منعه السلطان فدل أنه يمنع ولا يباع عليه وهذا ملخص كلام الشيخ برهان الدين
"""
صفحة رقم 329 """
جزم الرافعي في باب النذر في أوائل النظر الثاني في أحكامه بأنه لو نذر أن يصلي قاعدا جاز أن يقعد كما لو صرح في نذره بركعة له الاقتصار عليه قال وإن صلى قائما فقد أتى بالأفضل ثم قال بعد ثلاث ورقات إن الإمام حكى عن الأصحاب أنه لو قال علي أن أصلي ركعة لم يلزمه إلا ركعة واحدة وأنه لو قال علي أن أصلي كذا قاعدا يلزمه القيام عند القدرة إذا حملنا المنذور على واجب الشرع وأنهم تكلفوا فرقا بينهما قال ولا فرق فيجب تنزيلهما على الخلاف انتهى
وقد رأيته في النهاية كما نقله ولابن الصلاح مع تبحره في المنقول حظ وافر من التحقيق وسلوك حسن في مضايق التدقيق وقد أخذ يحاول فرقا بين الركعة والقعود بأن القعود صفة أفردها بالذكر وقصدها بالنذر ولا قربة فيها فلغت الصفة وبقي قوله أصلي فالتحق بما لو قال أصلي مقتصرا عليه فيلزمه القيام على أحد القولين وليس كذلك قوله ركعة فإنها نفس المنذور وهي قربة وصفة إفرادها بالذكر ليست مذكورة ولا منذورة هذا كلامه
ولست بموافق له فيه كما سأذكر غير أني قبل مشاقته أقول لك أن تزيد هذا الفرق تحسينا بأن تقول وقوله ركعة مفعول أصلي وهو وإن كان فضلة لكن متى حذف لفظا قدر صناعة بخلاف ركعة قاعدا فإنه حال من الفاعل لو حذف لفظا لم يقدر فكان التلفظ به دليل القصد إليه بخلاف ركعة فربما كان التلفظ
"""
صفحة رقم 330 """
بها ذكرا للمفعول لأنه لو حذف لم يتعين تقدير ركعة بل جاز تقدير ركعتين لأنا نتطلب بالصناعة مطلق كونه ركعة أو ركعتين ونحوهما لا خصوص واحدمنهما فكان قوله قاعدا مع قوله أصلي في قوة قضيتين وجملتين مستقلتين فلغا منهما ما ليس بقربة بخلاف قوله ركعة فإنه ليس في قوة قضية أخرى بل هو من تمام القضية الأولى لو لم يلفظ به لقدره سامعه وانتقل ذهنه إلى المطلق منه إن لم يتعين له الخاص فلم يزد قوله ركعة على قوله أصلي من حيث الصناعة بخلاف قاعدا هذا منتهى ما خطر لي في تحسينه
ثم أقول ما الفرق بمسلم وتقرير ذلك عند سامعه يستدعي منه تمهلا علي فيما ألقيه
فأقول ما الركعة بمطلوبة للشارع أبدا من حيث إنها ركعة بل من حيث إنها توتر ما تقدم فهناك يطلب انفرادها وهذا أمر لا يكون في الوتر فلا تكون الركعة من حيث انفرادها قربة إلا في الوتر فلا يلزم بالنذر وهي والقعود سواء كلاهما مطلوب العدم إلا في الوتر فيطلب وجودها ليوتر المتقدم وذلك كركعتين خفيفتين يصليهما بعدها عن قعود وقد روى ذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقيل إنهما سنة الوتر كالركعتين بعد المغرب سنة المغرب وجعلت ركعتا الوتر بعد جائزة عن قعود إشارة إلى أنه غير واجب وقيل إن ذلك منسوخ
فإن قلت لو كانت ركعة الوتر لا تطلب إلا لكونها توتر ما تقدم لما صح الاقتصار عليها لكن الصحيح صحة الاقتصار على ركعة واحدة
قلت هو مع صحته على تلوم فيه خلاف الأفضل فليس بقربة من حيث إنه ركعة منفردة
"""
صفحة رقم 331 """
فإن قلت لو تم لك ذلك لما جاز النفل في غير الوتر بركعة منفردة لكنه يجوز على الصحيح
قلت إنما جاز لمطلق كونه صلاة لا لخصوص كونه ركعة ففي الركعة المنفردة عموم وخصوص فعموم كونها صلاة صيرها قربة وخصوص كونها ركعة ليس من القربة في شيء إلا في الوتر فالتزامها في غير الوتر بالنذر من حيث خصوصها لا يصح كالقعود سواء وهذا تحقيق ينبغي أن يكتب بسواد الليل على بياض النهار وبماء الذهب على نار الأفكار
وقد رد ابن الرفعة كلام ابن الصلاح بما لا أرتضيه فقال دعواه أنه لا قربة في القعود قد يمنع إذا قلنا بالأصح وهو جواز التنفل مضطجعا مع القدرة على القيام
قلت وفيه نظر فجواز التنفل مضطجعا لا يقتضي أنا جعلنا نفس القعود قربة بل غاية الأمر أنا قلنا إنه خير من الاضطجاع والتحقيق أن يقال عدم الاضطجاع خير منه وإن صح ووراءه صورتان القيام وهو مطلوب للشارع بخصوصه والقعود وليس هو مطلوبا من حيث خصوصه بل من حيث عمومه وهو أنه ليس باضطجاع فخرج من هذا أن خصوص القعود ليس بمقصود قط وإن وقع تسمح في العبارة فلا يعبأ به
ثم قال ابن الرفعة وإن قلنا لا يجوز الاضطجاع مع القدرة على القيام فقد يقال الوفاء بالنذر ليس على الفور وقد يعجز عن القيام فيكون القعود في حقه فضيلة فيصير كما لو نذر الصلاة قاعدا وهو عاجز والصحيح يعتمد الإمكان
قلت وقد عرفت بما حققت اندفاعه وأن القعود لا يكون فضيلة أبدا ثم يزداد
"""
صفحة رقم 332 """
هذا ويقوى بأن الاعتبار في النذر بوقت الإلزام وإلا فلو تم ما ذكره واكتفي باحتمال العجز مصححا في المستقبل مصححا في الحال لصح نذر المفلس والسفيه عتق عبديهما وإن لم ينفذ إعتقاهما في الحال لاحتمال رفع الحجر مع بقاء العبد وقد وافق هو على أنه لا ينفذ
ثم قال ابن الرفعة ثم قول ابن الصلاح وليس كذلك قوله ركعة إلى آخره قد يمنع ويقال ما قدمه الناذر من قوله أصلي إذ نزلناه على واجب الشرع محمول على ركعتين وقوله بعده ركعة مناقض له وحينئذ فقد يقال بإلغاء قوله ركعة أو بإلغاء جميع كلامه ويلزم مثل ذلك في نذر الصلاة قاعدا
قلت وفيه نظر فإن الاختلاف في الحمل على واجب الشرع أو جائزه إنما هو حالة الإطلاق لا حالة التقييد بجائزه وهنا قد قيد بركعة فلا يمكن إلغاؤه وهو كالتقييد بأربع وقد قدمنا أن قوله ركعة مفعول أصلي فلا بد منه تقديرا إن لم يكن منطوقا فكيف يحكم بإلغائه
أفتى ابن الصلاح في ورثة اقتسموا التركة ثم ظهر دين ووجد صاحب الدين عينا منها في يد بعض الورثة بأن للحاكم أن يبيع تلك العين في وفاء الدين ولا يتعين أن يبيع على كل واحد من الورثة ما يخصه من الدين وهو فرع حسن وفقه مليح
ومن الواقعات بين ابن الصلاح وأهل عصره ولا نذكر ما اشتهر بينه وبين ابن عبد السلام في مسألة صلاة الرغائب ومسألة الصلاة بحسب الساعات ونحوهما وإنما نذكر ما يستحسن وهو عندنا في محل النظر
"""
صفحة رقم 333 """
فرع تعم به البلوى امرؤ يقول اشهدوا علي بكذا هل يكون به مقرا أفتى ابن الصلاح بأنه لا يكون مقرا كذا ذكر في باب الإقرار من فتاويه وذكر أن تقريره سبق منه وكان ذلك باعتبار ما كان يكتب في فتاويه على غير ترتيب وهي الآن مرتبة
والمسألة التي أشار إلى أنها سبقت في آخر الفتاوى ذكر فيها ذلك وأنه مذهبنا وأن المخالف فيه أبو حنيفة وأن المسألة مصرح بها في العدة للطبري وفي الإشراف للهروي وذكر أنه وقف على المسألة بعض من يفتي بدمشق من أصحابنا فأرسل إليه مستنكرا يذكر أن هذا خلاف ما في الوسيط فإن فيه لو قال أشهدك علي بما في هذه القبالة وأنا عالم به فالأصح جواز الشهادة على إقراره بذلك
قال ابن الصلاح فقلت إن تلك مسألة أخرى مباينة لهذه ففرق بين قوله أشهدك علي مضافا إلى نفسه وبين قوله اشهد علي غير مضيف إلى نفسه شيئا ثم ينبغي أنه إذا وجد ذلك ممن عرفه استعمال ذلك في الإقرار يجعل إقرارا وفي البيان أن اشهد ليس بإقرار لأنه ليس في ذلك غير الإذن في الشهادة عليه ولا تعرض فيه للإقرار هذا كلامه
ولسنا نوافقه عليه فإن حاصله أمران أحدهما أنه يقول اشهد علي بكذا أمر وليس بإقرار وهذا محتمل لكنا نقول هو متضمن للإقرار تضمنا ظاهرا شائعا
والثاني أنه يفرق بين أشهدك علي واشهد علي وهذا غير مسلم له وغاية ما حاول في الفرق ما ذكر ومعناه أن أشهدك فعل مسند إلى الفاعل ومعناه أصيرك شاهدا بخلاف اشهد علي والأمر كما وصف غير أنه لا يجديه شيئا لأن الأمر
"""
صفحة رقم 334 """
بأن يشهد عليه فوق الإقرار وعليه ألفاظ كثيرة من الكتاب والسنة مثل ) واشهد بأنا مسلمون ( وأمثلته تكثر وما ذكره من النقل عن الإشراف والعدة صحيح لكنه قول من يقول اشهد علي ليس بإقرار وهو أحد الوجهين ومأخذه جهالة المشهود به لا صيغة اشهد أما تسليم أن أشهدك إقرار مع منع أن اشهد ليس بإقرار فلا ينتهض ولا قاله الغزالي ولا غيره وما كاف الخطاب في قول الغزالي أشهدك يفيد قصده الفصل بينه وبين اشهد كما يظهر لمن تأمل المسألة في كلام الأصحاب وهي مذكورة في باب القضاء على الغائب في كتاب القاضي إلى القاضي ومأخذ المنع فيها الجهالة بالمشهود به لا غير
ومن تأمل كلام الإشراف والعدة والإمام والغزالي والرافعي ومن بعدهم أيقن بذلك بل قد صرح الغزالي نفسه في فتاويه بما هو صريح فيها بقوله فإنه أفتى فيمن قال اشهدوا علي أني وقفت جميع أملاكي وذكر مصرفها ولكن لم يحددها بأن الجميع يصير وقفا وليس هنا أشهدكم والظن بهذه المسألة أنها مفروغ منها ومن حاول أن يأخذ من كلام الأصحاب فرقا بين اشهد وأشهدك فقد حاول المحال نعم لو عمم ابن الصلاح قوله أشهدك واشهد كلا منهما ليس بإقرار لم يكن مبعدا وكان موافقا لوجه وجيه في المذهب وأما ما نقله عن صاحب البيان أن اشهد ليس فيه غير الإذن فلم أجد هذا في البيان والذي وجدته فيه في باب الإقرار ما نصه فرع لو كتب رجل لزيد علي ألف درهم ثم قال للشهود اشهدوا علي بما فيه لم يكن إقرارا وقال أبو حنيفة يكون إقرارا دليلنا أنه ساكت عن الإقرار بالمكتوب فلم يكن إقرارا كما لو كتب عليه غيره فقال
"""
صفحة رقم 335 """
اشهدوا بما كتب فيه أو كما لو كتب على الأرض فإن أبا حنيفة وافقنا على ذلك انتهى
وأحسبه أخذه من عدة الطبري فإنه فيها كذلك من غير زيادة ذكره أيضا في باب الإقرار وهو أيضا في الإشراف لأبي سعد الهروي كما نقل ابن الصلاح وليس في واحد من هذه الكتب الفصل بين أشهدك واشهد ولا تحدثوا عن هذه المسألة من حيث لفظ الشهادة أصلا إنما كلامهم من حيث الإقرار بالمجهول المضبوط ومن ثم أقول الإنصاف أن مسألة الغزالي في الفتاوى أيضا لم يقصد بها إلى صيغة اشهدوا بل إلى أن الشهادة تصح على جيمع الأملاك وإن لم يحدد أما الفرق بين اشهدوا وأشهدكم فلم يتكلم فيه أحد غير ابن الصلاح وليس بمسلم نعم يؤخذ من كلام الغزالي عدم الفرق لأن اشهدوا لو لم يكن إقرارا لقال الغزالي إنه ليس بإقرار لأن جهة عدم التحديد تكون من جهة الصيغة فلما لم يقل ذلك دلنا ذلك منه على إن عنده أن كون الصيغة صيغة الإقرار أمر مفروغ منه وهو الغالب على الظن حقيقة فيما عندي ويشهد له أيضا قول أصحابنا في الاسترعاء إذا قال الشاهد للمقر أشهد عليك بذلك فقال المقر نعم كان استرعاء صحيحا وإن قال اشهد فثلاثة أوجه وهو أوكد من نعم لما فيه من لفظ الأمر والثاني لا يكون استرعاء صحيحا والثالث إن قال اشهد علي كان استرعاء صحيحا لنفى الاحتمال بقوله علي وإن اقتصر على اشهد لم يكن استرعاء صحيحا أما لو قال اشهد علي بكذا فاسترعاء صحيح قطعا قال الروياني في البحر لانتفاء وجوه الاحتمال عنه
وهذه المسائل في الحاوي والبحر ومن تأملها علم أن اشهد استرعاء صحيح
"""
صفحة رقم 336 """
وإقرار معتبر لا يتطرق إليه الخلل من لفظه بل من جهالة ما سلط عليه ولذلك جزموا في اشهد علي بذلك أنه استرعاء صحيح وبه جزم الرافعي أيضا ولفظه أو يقول اشهد علي شهادتي بكذا أو يقول إذا استشهدت على شهادتي فقد أذنت لك في أن تشهد انتهى
وما قاله ابن الصلاح يشبه ما قاله ابن أبي الدم في الشهادة على الإقرار وقد قدمناه في ترجمته في هذه الطبقة
1230
عثمان بن عبد الكريم بن أحمد بن خليفة الصنهاجي أبو عمرو بن أبي محمد الشيخ العلامة سديد الدين التزمنتي
ولد بتزمنت سنة خمس وستمائة وبرع في الفقه ودرس بالمدرسة الفاضلية بالقاهرة وناب في القضاء
وكانت له اليد الطولى في معرفة المذهب وفصل الخصومات وكان أحد معيدي الشيخ الفقيه أبي الطاهر الأنصاري خطيب مصر صاحب الكرامات وأحد معيدي الشيخ عز الدين بن عبد السلام
قال القاضي أحمد بن عيسى بن رضوان بن العسقلاني في كتابه الذي ألفه في مناقب الخطيب أبي الطاهر شهدته يوما يعني السديد التزمنتي وقد أشار إليه الشيخ عز الدين بإعادة درسه بعد فراغه فشرع في إعادته وأخذ في إيراده فأجاد في عبارته بحيث كان الأفاضل ممن حضر يعجبون ويطربون وإذا حاوله الحاسدون تلا لسان الحال ) قل للذين كفروا ستغلبون ( انتهى
"""
صفحة رقم 337 """
وكان الشيخ السديد كما وصف وأزيد
وعنه أخذ الفقه فقيه الزمان أبو العباس ابن الرفعة
ويحكى أنه كان يحب القضاء وأنه كان يدعو في سجوده ) رب هب لي حكما (
توفي بالقاهرة حاكما
1231
عثمان بن عيسى بن درباس القاضي ضياء الدين أبو عمرو الهدباني الماراني ثم المصري
صاحب الاستقصاء في شرح المهذب وشرح اللمع في أصول الفقه وغيرهما من التصانيف
تفقه بإربل على الخضر بن عقيل ثم بدمشق على ابن أبي عصرون وسمع الحديث من أبي الجيوش عساكر بن علي وناب في الحكم عن أخيه قاضي القضاة صدر الدين عبد الملك وكان من أعلم الشافعية في زمانه بالفقه وأصوله
"""
صفحة رقم 338 """
قال التفليسي ثم عزل عن نيابة أخيه وعن تدريس كان بيده بظاهر القاهرة ووقف عليه جمال الدين خشترين مدرسة أنشأها بالقصر
مات بمصر سنة اثنتين وستمائة وقد قارب التسعين سنة
1232
عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمويه ابن سعيد بن الحسين بن القاسم بن نصر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عبد الله ابن أبي قحافة رضي الله عنه
أبو عبد الله وقيل أبو نصر وقيل أبو القاسم الصوفي ابن أخي الشيخ أبي النجيب
هو الشيخ شهاب الدين السهروردي صاحب عوارف المعارف
"""
صفحة رقم 339 """
ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسائة بسهرورد وقدم بغداد فصحب عمه الشيخ أبا النجيب عبد القاهر وأخذ عنه التصوف والوعظ وصحب أيضا الشيخ عبد القادر وصحب بالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد
وسمع الحديث من عمه ومن أبي المظفر هبة الله بن الشبلى وأبي الفتح بن البطي ومعمر بن الفاخر وأبي زرعة المقدسي وأبي الفتوح الطائي وغيرهم
روى عنه ابن الدبيثي وابن نقطة والضياء والزكي البرزالي وابن النجار والقوصي وأبو الغنائم بن علان والشيخ العز الفاروثي وأبو العباس الأبرقوهي وخلق
"""
صفحة رقم 340 """
وكان فقيها فاضلا صوفيا إماما ورعا زاهدا عارفا شيخ وقته في علم الحقيقة وإليه المنتهى في تربية المريدين ودعاء الخلق إلى الخالق وتسليك طريق العبادة والخلوة
أخذ التصوف عمن ذكرناه والفقه عن عمه أبي النجيب أيضا وعن أبي القاسم ابن فضلان
قال ابن النجار كان شيخ وقته في علم الحقيقة وانتهت إليه الرياسة في تربية المريدين ودعاء الخلق إلى الله وتسليك طريق العبادة والزهد صحب عمه وسلك طريق الرياضات والمجاهدات وقرأ الفقه والخلاف والعربية وسمع الحديث ثم انقطع ولازم الخلوة وداوم الصوم والذكر والعبادة
قال ثم تكلم على الناس عند علو سنه وعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه على دجلة
قال وقصد من الأقطار وظهرت بركات أنفاسه على خلق من العصاة فتابوا ووصل به خلق إلى الله وصار له أصحاب كالنجوم
قال ورأى من الجاه والحرمة عند الملوك ما لم يره أحد
قال ثم أضر في آخر عمره وأقعد ومع هذا فما أخل بالأوراد ودوام الذكر وحضور الجمع في محفته والمضي إلى الحج إلى أن دخل في عشر المائة
قال ومات ولم يخلف كفنا مع ما كان يدخل له
قال ابن نقطة كان شيخ العراق في وقته صاحب مجاهدة وإيثار وطريق حميدة ومروءة تامة وأوراد على كبر سنه
"""
صفحة رقم 341 """
ومن المسائل والفوائد عنه
قال السهروردي في عوارف المعارف اتفق أصحاب الشافعي أن المرأة غير المحرم لا يجوز الاستماع إليها سواء كانت حرة أو مملوكة مكشوفة الوجه أو من وراء حجاب
قلت والمشهور في المذهب المصحح عند المتأخرين أن الاستماع إلى الأجنبية مكروه غير محرم
وقال السهروردي أيضا إن الإمام إذا قال آمين فافتتح المأموم في قراءة الفاتحة لا يسكت بل يشتغل الإمام بما روي اللهم نقني من الخطايا والذنوب الحديث إلى أن يتم المأموم الفاتحة
وهذا تبع فيه الغزالي فإنه كذلك ذكر في الإحياء وهو غريب والحديث يشهد لأن موضع ذلك قبل الفاتحة
1233
عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان القاضي عز الدين أبو الفتح ابن الأستاذ
ولد سنة إحدى وعشرين وستمائة وسمع من ابن اللتي وغيره
قال الذهبي وكان فقيها صالحا دينا متزهدا متميزا درس بالمدرسة الظاهرية البرانية وهو آخر من روى بدمشق سنن ابن ماجه كاملا
توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وستمائة
"""
صفحة رقم 342 """
1234
عمر بن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه الجويني الأصل شيخ الشيوخ الصاحب الرئيس عماد الدين أبو الفتح بن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن بن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح
ولد في شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة ونشأ بمصر ودرس بمدرسة الشافعي رضي الله عنه ومشهد الحسين وولي خانقاه سعيد السعداء
وكان صدرا رئيسا معظما عند الخاص والعام فاضلا أشعري العقيدة
وحدث بدمشق والقاهرة وهو الذي قام بسلطنة الملك الجواد بن العادل بدمشق عند موت الملك الكامل
1235
عمر بن مكي بن عبد الصمد الشيخ زين الدين ابن المرحل
خطيب دمشق
"""
صفحة رقم 343 """
تفقه على الشيخ عز الدين بن عبد السلام وقرأ الكلام والأصول على الخسروشاهي وسمع الحديث من الحافظ عبد العظيم وغيره
وكان من علماء زمانه وهو والد الشيخ صدر الدين محمد المتقدم
توفي هذا في الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وستمائة
1236
عمر بن مكي الخوزي
قرأ المذهب والأصول والخلاف والجدل وكان متألها متعبدا ناسكا سالكا طريق الزهد والرياضة والمجاهدة والخلوة ودوام الصيام والصلاة زاهدا في المناصب والتقدم مع اشتهار اسمه وعلو مرتبته
مضى إلى مكة وحج وأقام بها مجاورا على أحسن طريقة وأجمل سريرة وسيرة إلى أن توفي بها في صفر سنة سبع وعشرين وستمائة هذا كلام ابن النجار قال وأظنه جاوز الستين
"""
صفحة رقم 344 """
1237
عمر بن يحيى بن عمر بن حمد الشيخ فخر الدين الكرجي
نزيل دمشق
ولد بالكرج سنة تسع وتسعين وخمسمائة وقدم إلى دمشق ولزم الشيخ تقي الدين ابن الصلاح وتفقه عليه وسمع من ابن الزبيدي وابن اللتي والبهاء عبد الرحمن المقدسي
حدث عنه أبو الحسن بن العطار وغيره
وقد زوجه ابن الصلاح بابنته
مات هو والمسند أبو الحسن علي بن البخاري في يوم واحد وهو ثاني ربيع الآخر سنة تسعين وستمائة
"""
صفحة رقم 345 """
1238
عيسى بن رضوان بن العسقلاني الشيخ ضياء الدين القليوبي
والد القاضي كمال الدين أحمد
1239
عيسى بن عبد الله بن محمد بن محمد بن هبة الله بن أبي عيسى أبو الفتح
كان معيدا بالمدرسة النظامية وشيخا بالرباط الناصري ببغداد
مولده في صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة
ومات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وستمائة
1240
عيسى العراقي الضرير
نزيل دمشق
مدرس الكلاسة والمدرسة الأمينية
"""
صفحة رقم 346 """
مات ليلة الجمعة سابع ذي القعدة سنة اثنتين وستمائة أصبح مصلوبا فحضر الوالي واستكشف عن أمره وجد في البحث عنه فلم يعلم كيف خبره
1241
العراقي بن محمد بن العراقي الإمام ركن الدين أبو الفضل الهمذاني الطاوسي
صاحب التعليقة في الخلاف
وكان إماما مبرزا في النظر وله ثلاث تعاليق وقد تخرج به فقهاء همذان ورحلت إليه الطلبة
مات في رابع عشر جمادى الآخرة سنة ستمائة
1242
فتح بن محمد بن علي بن خلف نجيب الدين أبو المنصور السعدي الدمياطي
"""
صفحة رقم 347 """
"""
صفحة رقم 348 """
1243
الفتح بن موسى بن حماد نجم الدين أبو نصر الجزيري القصري
ولد بالجزيرة الخضراء في رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ونشأ بقصر عبد الكريم بالمغرب وسمع مقدمة الجزولي عليه
وكان فقيها أصوليا نحويا
قدم دمشق واشتغل على السيف الآمدي ودخل حماة ودرس بمدرسة ابن المشطوب ونظم السيرة لابن هشام والمفصل للزمخشري والإشارات لابن سينا
ودخل مصر ودرس بالفائزية بأسيوط وولى قضاء أسيوط وبها توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وستمائة
1244
فضل الله بن محمد بن أحمد الإمام أبو المكارم ابن الحافظ أبي سعد النوقاني
مولده سنة أربع عشرة وخمسمائة
وأجازه محيي السنة البغوي استجازه له أبوه
وسمع من عبد الجبار الخواري وغيره
تفقه بمحمد بن يحيى
وقد أجاز لابن البخاري وابن أبي عمر وغيرهما من أشياخ أشياخنا فلنا رواية
"""
صفحة رقم 349 """
تصانيف البغوي بالإجازة عن مشايخنا عن ابن أبي عمر والفخر عنه عن البغوي وهو علو عظيم
مرض بنيسابور وحمل إلى نوقان وهي طوس فمات بها سنة ستمائة
1245
فضل الله التوربشتي
وتوربشت بضم التاء المثناة من فوق بعدها واو ساكنة ثم راء مكسورة ثم باء موحدة مكسورة ثم شين معجمة ساكنة ثم تاء مثناة من فوق
رجل محدث فقيه من أهل شيراز
شرح مصابيح البغوي شرحا حسنا وروى صحيح البخاري عن عبد الوهاب بن صالح بن محمد بن المعزم إمام الجامع العتيق عن الحافظ أبي جعفر محمد بن علي أخبرنا أبو الخير محمد بن موسى الصفار أخبرنا أبو الهيثم الكشميهني أخبرنا الفربري
وأظن هذا الشيخ مات في حدود الستين والستمائة وواقعة التتار أوجبت عدم المعرفة بحاله
"""
صفحة رقم 350 """
ومن فوائده
ما ذكره في آخر شرح المصابيح قال ولقد استبهم علي قوله بنت لبون أنثى ففتشت بطون الدفاتر وفاوضت فيه من صادفته بصدد الفهم من أهل العلم فلم أصدر عن تلك الموارد ببلة ثم إن الله تعالى ألهمني فيه وجه الصواب على ما قررته في باب الزكاة من الكتاب وبعد برهة كنت أتصفح كتابا لبعض علماء المغرب فوجدته قد سبقني بالقول فيه عن نفسه أو عن غيره على شاكلة ما جئت به
والذي قال في الزكاة فأما وجه قوله بنت مخاض أنثى وبنت لبون أنثى فلم أجد أحدا من أصحاب المعاني ذكر فيه ما شفى الغليل وقد سئلت عنه فكان جوابي فيه أن الابن والبنت إنما يختصان بالذكر والأنثى عند الإطلاق في بني آدم وأما في غير بني آدم فقد استعمل على غير هذا الوجه فقيل ابن عرس وابن آوى وابن دأية وابن قترة وابن الماء وابن الغمام وابن ذكاء وابن الأرض وبنت الأرض وبنت الجبل وبنت الفكر وما أشبه ذلك من الأسماء وكل ذلك مستعار لمعان غير التي تختص بالانسان وكذلك تقول في ابن مخاض وابن لبون وبنت مخاض وبنت لبون
ويدل على صحة ما ادعيناه قولهم بنات مخاض وبنات لبون وبنات آوى ولم يقولوا أبناء مخاض أبو بنو مخاض وقد ذكر عن الأخفش بنو عرس وبنو نعش فأما ابن مخاض وابن لبون فلم يذكر في جمعهما اختلاف فالتقييد الذي ورد في الحديث بنت مخاض أنثى وبنت لبون أنثى لرفع الاشتباه بما ذكرناه من النظائر انتهى
"""
صفحة رقم 351 """
قلت ولعل المغربي الذي أشار إليه هو السهيلي فله تصنيف في ذلك ولابن الحاجب أيضا فيه كلام أو لعله الإمام أبو عبد الله المازري المالكي فإنه نقل ذلك في شرح التلقين وزاد شيئا رآه هو فقال في ابن لبون ذكر وبنت مخاض أنثى يقال حكي عن بعضهم أن لفظ الذكر والأنثى هنا جاء تأكيدا وحسنه اختلاف اللفظين كما في قوله تعالى ) وغرابيب سود ( والغربيب لا يكون إلا أسود وقال آخرون هو احتراز من قولهم ابن عرس وابن آوى ونحو ذلك مما ينطبق على الذكر والأنثى
قال المازري وهذا إنما يفيد في قوله ابن لبون ذكر وأما قوله بنت مخاض أنثى فيحتاج إلى ثبوت استعمال بنت كذا كما في ابن عرس ونحوه وما أراه يوجد قلت قد وجد وذكر التوربشتي بنت النقلة وبنت الجبل
ثم قال المازري والمرضي عندي أن هذا ورد للتنبيه على مشروعية كل منهما في هذا النصاب الواحد وهما مختلفان في السن على خلاف قاعدة بقية النصيب لتبين أنهما كالمتفقين إذا توصل حالهما لأن بنت المخاض وإن كانت صغيرة حينئذ لا يحمل عليها فلها فضيلة الأنوثة المتوقع منها الدر والنسل وهو مقصود ولكنه اختص عنها في
"""
صفحة رقم 352 """
هذه الحالة ينال الشجر ويأكل الكلأ ويرد المياه ويمنع من صغار السباع ويحمل عليه فهما كالمتوارثين فأشار ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ذلك بتقييد كل منهما بوصفه الخاص به المشعر بتلك الخصوصية
قال وهذا مثل قوله ( صلى الله عليه وسلم ) في الفرائض فلأولى رجل ذكر فإنه تنبيه على علة الحكم لأن العاصب قد يكون أبعد من بنت العم والعمة ويقتضي الرأي أن الأقرب أقوى لفضيلة القرب لكن لما كانت الذكورة يستحق بها العصب والنكاح نبه على الوجه الذي من أجله قدم العاصب في الميراث على ما هو أقرب منه
1246
القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ أبو محمد بن الحافظ أبي القاسم بن عساكر
ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة وسمع بدمشق من أبي الحسن السلمي ونصر الله المصيصي والقاضي أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي وعمه الصائن وجد أبويه وخلق وأجازه أكثر شيوخ والده وكتب الكثير حتى إنه كتب تاريخ والده مرتين وكان حافظا
وله كتاب فضل المدينة وكتاب فضل المسجد الأقصى وأملى كثيرا وحدث
"""
صفحة رقم 353 """
وسمع منه خلق وكان ناصر السنة مجدا في إماتة البدعة ودخل مصر وانتفع به أهلها
مات سنة ستمائة
1247
القاسم بن عبد الله بن عمر بن أحمد
الشيخ الإمام شهاب الدين أبو بكر بن الإمام أبي سعد بن الإمام أبي حفص الصفار
شيخ ابن الصلاح
ولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وسمع من جده ومن عم أبيه ومن وجيه الشحامي وعبد الله الفراوي وهبة الرحمن بن القشيري وجماعة
روى عنه ابن الصلاح والزكي البرزالي وأبو إسحاق الصريفيني والضياء المقدسي والصدر البكري وعمر الكرماني وآخرون
وحدث عنه بالإجازة أبو الفضل ابن عساكر والتاج ابن أبي عصرون
وكان فقيها كبيرا إماما نبيلا فقيه خراسان ومفتيها ومدرسها محدثا مكثرا عالي الإسناد رئيسا محتشما من وجوه نيسابور وسراة أهلها مواظبا على نشر العلم قيل إنه درس وسيط الغزالي أربعين مرة درس العامة تدريس الخاصة
استشهد بنيسابور لما دخلها الترك وقتلوا الرجال والنساء فكان في من استشهد سنة ثمان عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 354 """
1248
المبارك بن المبارك بن سعيد بن أبي السعادات أبو بكر بن الدهان النحوي الضرير
من أهل واسط
صحب أبا البركات بن الأنباري وأخذ عنه وكان جيد القريحة حاد الذهن متضلعا في علوم كثيرة إماما في النحو واللغة والتصريف والعروض ومعاني الشعر والتفسير والإعراب وتعليل القراءات عارفا بالفقه والطب وعلم النجوم وعلوم الأوائل وله النثر الحسن والنظم الجيد
وكان في أول أمره على مذهب أبي حنيفة ثم انتقل إلى مذهب الشافعي
سمع الحديث من أبي زرعة المقدسي وغيره
ولد سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وتوفي في شعبان سنة اثنتي عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 355 """
1249
المبارك بن محمد بن علي الموسوي التفليسي
تفقه على يحيى بن الربيع
وله كتاب رتبه على قسمين ذكر أنه فرغ من تصنيفه في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وستمائة
1250
يحيى بن عبد المنعم بن حسن الشيخ جمال الدين المصري
وهو المعروف عند أهل مصر بالجمال يحيى
كان فقيها كبيرا حافظا للمذهب دينا خيرا
أخذ الفقه عن الشيخ الجليل أبي الطاهر المحلي وبعد صيته واشتهر اسمه وولي قضاء المحلة مدة ثم درس بمشهد الحسين بالقاهرة وناب في الحكم وكان يحضر الدرس فينقل بعض الطلبة من النهاية وبعضهم من البحر ونحو ذلك فيقول لكل منهم صدقت هو في المكان الفلاني في الفصل الفلاني لقوة استحضاره مع علو سنه
وحكي أن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز حضر عنده جماعة من الفقهاء المتعينين فسأل عن مسألة فلم يستحضر أحد منهم فيها نقلا فأقبل الجمال يحيى فقال أنقلها من سبعة عشر كتابا وسردها
وكان ينوب في الحكم لابن رزين فوقعت محاكمة في الحضانة فشرع قاضي القضاة يقول شيئا فقال الجمال يحيى النقل خلاف ذلك فقال له احكم بينهما
وكان قوي النفس وقيل إنه كان لا يدري أصولا ولا نحوا ولا علما غير الفقه
وقال مرة مستنيبه قاضي القضاة ابن رزين لو أردت لعزلتك فقال له ما تقدر فقال لم من يمنعني فقال كنا عند الفقيه أبي الطاهر يوما فحصلت له حالة
"""
صفحة رقم 356 """
فقال كل من كانت له حاجة يذكرها فقلت أنا أريد أن أكون نائب حكم ولا يعزلني أحد فقال لك ذلك
توفي في عاشر رجب سنة ثمانين وستمائة وقد قارب الثمانين
1251
يحيى بن علي بن سليمان أبو زكريا المعروف بابن العطار
ولد بالموصل في سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وخمسمائة وتفقه على القاضي عبد الرحمن بن خداش وعلى الشيخ يونس بن منعة ودرس في بعض مدارس الموصل وبها مات في سابع عشري جمادى الأخرة سنة ثمان عشرة وستمائة
1252
يحيى بن القاسم بن المفرج بن درع بن الخضر بن الحسن بن حامد الثعلبي أبو زكريا التكريتي
من أهل تكريت
تفقه بتكريت في صباه على والده ثم سافر إلى الحديثة فتفقه بها على قاضيها أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبدويه الشيباني البلخي ومضى إلى الموصل
"""
صفحة رقم 357 """
وتفقه على سعيد بن الشهرزوري ثم قدم بغداد وتفقه على الشيخين أبي النجيب السهروردي ويوسف الدمشقي وقرأ الأدب على أبي محمد الخشاب وبرع في المذهب والخلاف والأصول وسمع الحديث من أبي الفتح بن البطي وأبي زرعة المقدسي وشيخه أبي النجيب وغيرهم وعاد إلى بلده وولي القضاء به مدة ودرس ثم قدم بغداد في سنة سبع وستمائة وولي تدريس النظامية
قال ابن النجار كان آخر من بقي من المشايخ المشار إليهم في معرفة مذهب الشافعي وله الكلام الحسن في المناضرة والعبارة الفصيحة بالأصولين وله اليد الطولى في معرفة الأدب والباع الممتد في حفظ لغات العرب وكان أحفظ أهل زمانه لتفسير القرآن ومعرفة علومه وكان من المجودين لتلاوته ومعرفة القراءات ووجوهها وصنف في المذهب والخلاف والأدب وأثنى عليه كثيرا
كتب إلي أحمد بن أبي طالب عن ابن النجار قال أنشدني يحيى التكريتي لنفسه
لا بد للمرء من ضيق ومن سعة
ومن سرور يوافيه ومن حزن
والله يطلب منه شكر نعمته
ما دام فيها ويبغي الصبر في المحن
فكن مع الله في الحالين معتنقا
فرضيك هذين في سر وفي علن
فما على شدة يبقى الزمان فكن
جلدا ولا نعمة تبقى على الزمن
مولده في مستهل المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بتكريت ومات في شهر رمضان سنة ست عشرة وستمائة ببغداد
"""
صفحة رقم 358 """
1253
يحيى بن منصور بن يحيى بن الحسن الفقيه أبو الحسين السليماني اليماني المقرئ
من أعيان شيوخ القاهرة
تفقه على الشيخ شهاب الدين الطوسي وقرأ القراءات على أبي الجود ولازم الحافظ علي بن المفضل مدة بالقاهرة
توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وستمائة
1254
يحيى بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد
قاضي القضاة شمس الدين أبو البركات ابن سني الدولة
أبو قاضي القضاة صدر الدين
ولد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة وتفقه على القاضي أبي سعد بن أبي عصرون وأخذ الخلاف عن الإمام قطب الدين النيسابوري وسمع الحديث من أبي الحسين بن الموازيني ويحيى الثقفي وابن صدقة الحراني وعبد الرحمن بن علي الخرقي والخشوعي وحدث بمكة والقدس ودمشق وحمص
"""
صفحة رقم 359 """
روى عنه المجد بن الحلوانية والشرف ابن عساكر وابن عمه الفخر إسماعيل وجماعة
وكان إماما فاضلا جليلا مهيبا ولي قضاء الشام وحمدت سيرته
توفي في خامس ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وستمائة
1255
يحيى بن أبي السعادات بن سعد الله بن الحسين بن أبي تمام القاضي أبو الفتوح التكريتي
ولد يوم الجمعة ثالث عشري صفر سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بتكريت
وسمع من أبيه وجماعة وسمع ببغداد من أبي المظفر هبة الله بن الشبلي وابن البطي والشيخ عبد القادر والشيخ أبي النجيب وجماعة وحدث ببلده وخرج لنفسه أحاديث
روى عنه ابن الدبيثي والبرزالي والضياء وآخرون
مات في صفر سنة ثمان عشرة وستمائة
1256
يعقوب بن عبد الرحمن بن القاضي أبي سعد بن أبي عصرون الشيخ سعد الدين أبو يوسف التميمي
روى بالإجازة عن أبي الفرج بن الجوزي
وله مسائل جمعها على كتاب المهذب وكان فقيها فاضلا درس بالمدرسة القطبية بالقاهرة مدة ثم توفي بمدينة المحلة في ثالث عشر رمضان سنة خمس وستين وستمائة
"""
صفحة رقم 360 """
1257
يوسف بن رافع بن تميم بن عتبة بن محمد بن عتاب الأسدي الحلبي
قاضي القضاة بحلب بهاء الدين أبو المحاسن ابن شداد
وابن شداد جده لأمه فنسب إليه
ولد في رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة بالموصل وحفظ القرآن ولزم يحيى بن سعدون القرطبي فقرأ عليه القرآن والعربية وسمع منه ومن محمد ابن أسعد حفدة العطاري صاحب البغوي ومن ابن ياسر الجياني وأبي الفضل خطيب الموصل وأخيه عبد الرحمن بن أحمد والقاضي أبي الرضا سعيد بن عبد الله الشهرزوري وأبي البركات عبد الله بن الخضر الشيرجي الفقيه ويحيى الثقفي وببغداد من شهدة الكاتبة وأبي الخير القزويني وجماعة وحدث بدمشق ومصر وحلب
روى عنه أبو عبد الله الفاسي المقرئ والحافظ المنذري وكمال الدين ابن العديم وابنه مجد الدين وجمال الدين ابن الصابوني والشهابان القوصي والأبرقوهي وسنقر القضائي وجماعة
"""
صفحة رقم 361 """
وكان إماما فاضلا ثقة عارفا بالدين والدنيا رئيسا مشارا إليه متعبدا متزهدا نافذ الكلمة وكان يشبه بالقاضي أبي يوسف في زمانه
دبر أمور الملك بحلب واجتمعت الألسن على مدحه والقلوب على حبه لمكارمه وأفضاله ونفعه الطلبة في العلم والدنيا
وله المصنفات الكثيرة منها كتاب ملجأ الحكام عند التباس الأحكام وكتاب دلائل الأحكام وكتاب الموجز الباهر في الفقه وكتاب سيرة السلطان صلاح الدين وكتاب فضائل الجهاد صنفه للسلطان صلاح الدين
وكان من بدء سعادته أنه حج وورد إلى الشام فاستحضره السلطان صلاح الدين وأكرمه وسأله عن جزء حديث ليسمع منه فأخرج له جزءا فقرأه عليه بنفسه ثم جمع كتابه في فضائل الجهاد وقدمه للسلطان ولازمه فولاه قضاء العسكر وقضاء القدس وهو أول قاض ولي القدس بعد فتوح صلاح الدين وكان حاضرا موت صلاح الدين وخدم بعده ولده الملك الظاهر فولاه قضاء مملكته ونظر أوقافها سنة نيف وتسعين وكان القاضي بهاء الدين لا ولد له ولا قرابة وزاد إقبال الملك الظاهر عليه وأقطعه الإقطاعات الهائلة وكان ينعم عليه بعد ذلك بالأموال الجزيلة فتكاثرت أمواله فعمر بحلب مدرسة ثم دار حديث ثم أنشأ بينهما تربة وصار يكثر الأفضال على طلبة العلم والطلبة تقصده من البلاد لثلاث اجتمعن فيه العلم والمال والجاه وهو
"""
صفحة رقم 362 """
لا يبخل بشيء منها وطعن في السن واستولت عليه البرودات والضعف فكان يتمثل بقول الشاعر
من يتمن العمر فليدرع
صبرا على فقد أحبائه
ومن يعمر يلق في نفسه
ما يتمناه لأعدائه
وقدم مصر رسولا غير مرة
وقد أطال ابن خلكان في ترجمته وقال إنه توفي بحلب يوم الأربعاء رابع عشر صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ودفن بتربته
قيد ابن شداد في كتاب دلائل الأحكام قول الأصحاب إن السلطان أولى بالإمامة من صاحب المنزل وإمام المسجد بالجمعات والأعياد لتعلق هذه الأمور بالسلاطين قال وأما بقية الصلوات فأعلمهم أولى بالإمامة إلا أن تجمع الخصال المذكورة في الإمام فيكون حينئذ أولى ولعله أخذه من كلام الخطابي
1258
يوسف بن عبد الله بن إبراهيم أبو الحجاج الدمشقي وجيه الدين الوجيزي
أحد الأئمة من مشايخ القاهرة نسب إلى كتاب الوجيز لحفظه إياه
"""
صفحة رقم 363 """
1259
يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين أبي الحسن محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه
الأمير الكبير الوزير مقدم جيوش الإسلام الصالحية فخر الدين أبو الفضل الجويني أحد من دان له العباد والبلاد
ولد بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وسمع منصور بن أبي الحسن الطبري ومحمد بن يوسف الغزنوي وغيرهما وحدث
وكان رئيسا عاقلا مدبرا سمح اليدين بالأموال محببا إلى الناس حبسه السلطان نجم الدين ثلاث سنين وقاسى ضرا وشدائد وكان لا ينام من العمل ثم أخرجه وأنعم عليه وجعله نائب السلطنة فلما توفي السلطان سئل فخر الدين على أن يتسلطن فلم يفعل ولو أجاب لتم له الأمر
وقيل إنه قدم دمشق مع السلطان فنزل دار أسامة فدخل عليه العماد النحاس فقال له يا فخر الدين إلى كم ما بقي بعد اليوم شيء فقال يا عماد الدين
"""
صفحة رقم 364 """
والله لأسبقنك إلى الجنة فصدق إن شاء الله قوله واستشهد على يد الإفرنج يوم وقعة المنصورة
وقيل إن فخر الدين أنفق مرة في العسكر مائتي ألف دينار وكان يركب بالشاويشية وكان في الحقيقة هو السلطان يقف على بابه ويركب في خدمته سبعون أميرا غير مماليكه وخدمه وأبطل كثيرا من المكوس وجرت على يده خيرات حسان
ثم اتفق مجيء الإفرنج وانقطاع المسلمين بين أيديهم منهزمين فركب فخر الدين وقت السحر ليكشف الخبر وأرسل النقباء إلى الجيش وساق في طلبه فصادف العدو فحملوا عليه فانهزم أصحابه وطعن هو فسقط وقتل ونهب غلمانه ماله وضرب بالسيف في وجهه ضربتين وكان قد بنى دارا فاخرة بالمنصورة فخربت من يومها
وكان قتله يوم رابع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة
ومن شعره
إذا تحققتم ما عند صاحبكم
من الغرام فذاك القدر يكفيه
أنتم سكنتم فؤادي وهو منزلكم
وصاحب البيت أدرى بالذي فيه
"""
صفحة رقم 365 """
1260
يوسف بن يحيى بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى
قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي أبو افضل
ولد في ذي الحجة سنة أربعين وستمائة وكان فقيها فاضلا مفتيا متوقد الذهن سريع الحافظة مناضرا محجاجا
أخذ العلوم عن القاضي كمال الدين التفليسي وعن والده قيل وكان أفضل من أبيه
وسمع الحديث بمصر من ابن رواج وابن الجميزي وبدمشق من إبراهيم ابن خليل وجماعة
سمع منه الحافظ علم الدين البرزالي وغيره وولي قضاء دمشق بعد ابن الصائغ سنة اثنتين وثمانين واستمر حاكما إلى أن مات في حادي عشر ذي الحجة سنة خمس وثمانين وستمائة عن خمس وأربعين سنة
"""
صفحة رقم 366 """
1261
يونس بن بدران بن فيروز بن صاعد الجمال المصري
هو قاضي القضاة بالشام جمال الدين الشيبي الحجازي المليجي المعروف بالجمال المصري
سمع من السلفي وغيره واختصر الأم للشافعي وصنف في الفرائض
توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وستمائة
1262
المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني العلامة مجد الدين أبو السعادات الجزري ابن الأثير
صاحب جامع الأصول وغريب الحديث وشرح مسند الشافعي وغير ذلك
ولد بجزيرة ابن عمر سنة أربع وأربعين وخمسمائة ونشأ بها ثم انتقل إلى الموصل فسمع من يحيى بن سعدون القرطبي وخطيب الموصل الطوسي وسمع ببغداد من ابن كليب
روى عنه ولده والشهاب القوصي وجماعة وآخر من روى عنه بالإجازة فخر الدين ابن البخاري
"""
صفحة رقم 367 """
واتصل بخدمة الأمير الكبير مجاهد الدين قايماز إلى أن مات فاتصل بخدمة صاحب الموصل عز الدين مسعود وولي ديوان الإنشاء
وله ديوان رسائل ومن تصانيفه غير ما ذكرناه كتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف تفسيري الثعلبي والزمخشري والمصطفى المختار في الأدعية والأذكار والبديع في شرح فصول ابن الدهان في النحو والفروق والأبنية وكتاب الأذواء والذوات وشرح غريب الطوال
وكان بارعا في الترسل وحصل له مرض مزمن أبطل يديه ورجليه وعجز عن الكتابة وأقام بداره وأنشأ رباطا بقرية من قرى الموصل ووقف أملاكه عليه وكان فاضلا رئيسا مشارا إليه
توفي سنة ست وستمائة
1263
المبارك بن يحيى بن أبي الحسن بن أبي القاسم المصري الشيخ نصير الدين بن الطباخ
ولد في خامس عشر ذي القعدة سنة سبع وثمانين وخمسمائة وكان بارعا في الفقه مشهور الاسم فيه
درس بالمدرسة القطبية بالبندقانيين بالقاهرة وأعاد عند شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام بالمدرسة الصالحية
"""
صفحة رقم 368 """
وكان ذكي القريحة حاد الذهن كثير الاعتناء بكتاب التنبيه نوزع مرة في مسألة وقيل له ليست هذه في التنيبه فغضب وقال ما من مسألة إلا وهي في التنبيه فقيل له أين في التنبيه إن لكل جرية حكما في الماء الجارى فقال في قوله في الطلاق وإن قال لها وهي في ماء جار إن خرجت من هذا الماء فأنت طالق وإن أقمت فيه فأنت طالق خرجت أو أقامت فقد جعل لكل جرية حكما
مات في القاهرة في حادى عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين وستمائة
1264
محمود بن أحمد بن محمد أبو الفضل الأردبيلي
كان فقيها أصوليا
قدم بغداد ودرس بالمدرسة الكمالية وسقط في بئر في داره فهلك سنة خمس وعشرين وستمائة
1265
محمود بن أحمد بن محمود
أبو المناقب الزنجاني
استوطن بغداد
قال ابن النجار وبرع في المذهب والخلاف والأصول ودرس بالنظامية وعزل ودرس بالمستنصرية وصنف تفسير القرآن وحدث عن الإمام الناصر لدين الله بالإجازة
قال شيخنا الذهبي استشهد في كائنة بغداد سنة ست وخمسين وستمائة
"""
صفحة رقم 369 """
1266
محمود بن عبد الله بن عبد الرحمن الشيخ برهان الدين أبو الثناء المراغي
مدرس الفلكية بدمشق
ولد سنة خمس وستمائة وسمع بحلب من أبي القاسم بن رواحة والقاضي زين الدين بن الأستاذ وغيرهما
روى عنه شيخنا المزي وابن العطار والشيخ علم الدين البرزالي وطائفة
وكان فقيها أصوليا مناظرا محققا صالحا زاهدا متعبدا عرض عليه قضاء القضاة قامتنع وعرضت عليه مشيخة الشيوخ فامتنع وكانت له حلقة بالجامع الأموي يشتغل فيها
توفي في ثالث عشرى ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وستمائة
ومن فتاويه في امرأة أشهدت على نفسها أن هذا الرجل ابن عمي وصدقها أن العصوبة تثبت ويرثها إذا ماتت نقله الشيخ برهان الدين ابن الفركاح في تعليقه في باب الإقرار وهي مسألة تعم بها البلوى لا سيما إذا كان المقر له غائبا فكثيرا ما يقر مريض بأن له وارثا غائبا إما ابن عم أو نحوه فيضع وكيل بيت المال يده مدعيا
"""
صفحة رقم 370 """
أن بيت المال لا يندفع بهذا القول وقد أفتى الشيخ تاج الدين ابن الفركاح وكيل بيت المال بذلك على تلوم وتوقف عنده وعند ولده الشيخ شهاب الدين فيه وأما أنا فلا وقفة عندى فيه والصواب عندي اندفاع بيت المال بهذا الإقرار وحفظ هذا المال بمجرد هذا الإقرار حتى يحضر الغائب أو يثبت خلاف ما قاله المريض وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة وقلنا إن في كلام القاضي الحسين وشيخه القفال وفي فتاوى ابن الصباغ ما يرشد إلى ما ذكرناه
1267
محمود بن عبيد الله بن أحمد بن عبد الله أبو المحامد ظهير الدين الزنجاني الفقيه الصوفي الزاهد
قال شيخنا الذهبي ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة ظنا وسمع الشيخ شهاب الدين السهروردي وصحبه مدة وأبا المعالى صاعد بن علي الواعظ والمحدث ابن أبي المعمر بدلا التبريزي وجماعة
"""
صفحة رقم 371 """
حدث عنه أبو الحسن بن العطار وغيره وأجاز لشيخنا الذهبي وحدث بكتاب العوارف عن المصنف وكان إماما بالتقوية وأكثر نهاره بها ومبيته بالسميساطية
مات في شهر رمضان سنة أربع وسبعين وستمائة
1268
محمود بن أبي بكر بن أحمد الأرموي الشيخ سراج الدين أبو الثناء
صاحب التحصيل مختصر المحصول في أصول الفقه واللباب مختصر الأربعين في أصول الدين والبيان والمطالع في المنطق وغير ذلك وقيل إنه شرح الوجيز في الفقه
قرأ بالموصل علي كمال الدين بن يونس
مولده في سنة أربع وتسعين وخمسمائة وتوفي في سنة اثنتين وثمانين وستمائة بمدينة قونية
1269
مشرف بن علي بن أبي جعفر بن كامل أبو العز الخالصي المقرىء الضرير
قال شيخنا الذهبي ولد تقريبا سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وقدم بغداد فحفظ بها القرآن وتفقه بالنظامية وقرأ القراءات وسمع من أبي الكرم وأبي الوقت وأحمد بن محمد بن الدباس وغيرهم
روى عنه ابن الدبيثى والبرزالي وغيرهما
"""
صفحة رقم 372 """
توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وستمائة
والخالص الذي ينسب إليه اسم ناحية ونهر شرقي بغداد
1270
مظفر بن عبد الله بن علي بن الحسين الإمام تقي الدين المصري المقترح
والمقترح لقب عليه
كان إماما في الفقه والخلاف وأصول الدين نظارا على قهر الخصوم وإزهاقهم إلى الانقطاع
صنف التصانيف الكثيرة وتخرج به خلق
قال الحافظ عبد العظيم سمع بالإسكندرية من أبي الطاهر بن عوف وسمعت منه وحدث بمكة ومصر وكان كثير الإفادة منتصبا لمن يقرأ عليه كثير التواضع حسن الأخلاق جميل العشرة دينا متورعا
ولى التدريس بالمدرسة المعروفة بالسلفى بالإسكندرية مدة وتوجه إلى مكة ، فأشيعت وفاته وأخذت المدرسة فعاد ولم يتفق عوده إليها فأقام بجامع مصر يقرىء واجتمع عليه جماعة كثيرة ودرس بمدرسة الشريف ابن ثعلب وتوفي في شعبان سنة اثنتى عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 373 """
1271
المظفر بن عبد الله بن أبي منصور
الشريف أبو منصور الهاشمي العباسي الواعظ المعروف بالشريف العباسي ولد بإربل
سمع ببغداد من ذاكر بن كامل وغيره وحدث بمصر ودمشق
قال الحافظ عبد العظيم توفي في شوال سنة أربع وثلاثين وستمائة
1272
المظفر بن أبي محمد ويقال بل أبي الخير بن إسماعيل بن علي الواراني الشيخ أمين الدين التبريزي
صاحب المختصر المشهور في الفقه يكنى أبا الخير وقيل أبا الأسعد ومن تصانيفه أيضا التنقيح اختصر فيه المحصول في أصول القفه وله سمط المسائل في القفه في مجلدين وأكثر
ولد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وكان من أجل مشايخ العلم في ديار مصر فقيها أصوليا عابدا زاهدا كثير العبادة إماما مناظرا مبرزا
تفقه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان وأعاد بالمدرسة النظامية وأفتى وناظر وسمع الحديث من أبي الفرج بن كليب وأبي أحمد بن سكينة
قال ابن النجار وانتخب بخطه وقرأ كثيرا من الكتب الكبار
"""
صفحة رقم 374 """
قلت روى عنه الحافظ زكي الدين المنذري وغيره
وحج الشيخ أمين الدين من بغداد ثم قدم مصر ودرس بها بالمدرسة الناصرية المجاورة للجامه العتيق واستوطنها دهرا طويلا يفتى ويفيد ثم سافر إلى العراق ومن العراق إلى شيراز ومات بها في ذى الحجة سنة إحدى وعشرين وستمائة
1273
المعافي بن إسماعيل بن أبي الحسين بن أبي السنان القفيه أبو محمد بن الحدوس
بفتح الحاء والدال المهملتين وإسكان الواو ثم سين مهملة
له كتاب الكامل في الفقه وكتاب الموجز في الذكر وكتاب أنس المنقطعين وغير ذلك من المصنفات
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وسمع من أبي الربيع سليمان بن خميس ومسلم بن علي السيحي
روى عنه الزكي البرزالي والمجد بن العديم والخضر بن عبدان الكاتب وغيرهم
وكان إماما عارفا بالمذهب كثير العبادة درس وأفتى وناظر
توفي في رمضان أو شعبان سنة ثلاثين وستمائة
وفي كتابه الكامل أنه يكره الاستياك بالمبرد
"""
صفحة رقم 375 """
1274
مفرج بن المبارك أبو الفضل القاضي يعرف بابن العطار
من أهل واسط
تفقه على أبي جعفر بن البوقي وأفتى وكان نزها خيرا
ولد في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ومات في حادي عشرى شعبان سنة إحدى وستمائة
1275
منصور بن سليم بن منصور بن فتوح المحدث وجيه الدين أبو المظفر الهمداني الإسكندراني
محتسب الإسكندرية
ولد في ثامن صفر سنة سبع وستمائة وسمع من محمد بن عماد الحراني وجعفر الهمداني وابن رواج وجماعة من أصحاب السلفي وببغداد من ابن روزبة والقطيعي وأبي بكر الخازن وجماعة من أصحاب شهدة وبمصر من مرتضى بن أبي الجود
"""
صفحة رقم 376 """
وعلي بن عمار وغيرهما وبدمشق من ابن اللتي ومكرم وجماعة وبحلب من ابن خليل وغيره وبغير ذلك من البلدان من جماعات
كتب عنه الحافظ الدمياطي والشريف عز الدين وجماعة ودرس بالإسكندرية وخرج وانتقى وعني بفنون الحديث وجمع المعجم لنفسه وخرج الأربعين وصنف تاريخا للإسكندرية في مجلدين
توفي ليلة الحادي والعشرين من شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة رحمه الله
1276
موسى بن علي بن وهب بن مطيع القشيري القوصي
الشيخ سراج الدين ابن الشيخ مجد الدين وأخو شيخ الإسلام تقي الدين
ولد بقوص سنة إحدى وأربعين وستمائة وسمع الحديث من أصحاب السلفي وحدث
سمع منه شيخنا أبو حيان النحوي
وكان فقيها جيدا ذكي القريحة تصدى بقوص لنشر العلم والفتيا
وصنف في الفقه كتاب سماه المغني وهذا الكتاب هو الذي نقل عنه ابن الرفعة ، فيما إذا نوى المتيمم بتيممه استباحة الفرض والنفل أن سراج الدين ابن دقيق العيد قال : يستبيحهما على أصح الوجهين والمعروف في المذهب أنه يستبيحهما بلا خلاف قاله النووي وقال الإمام إن الطرق اتفقت عليه
"""
صفحة رقم 377 """
قال ابن لرفعة وقضية ما نقله سراج الدين أن الوجه الآخر أنه لا يستبيحهما بل أحدهما وقول الغزالي فالصحيح جوازهما لا ينافي دعوى الإمام اتفاق الطرق على جوازهما إذ مقابل الصحيح في كلامه أنه لا بد من تعين الفريضة والمعنى فالصحيح جوازهما وإن لم يعين الفريضة وكلام ابن دقيق العيد يجوز أن يؤول بمثل ما أول به كلام الغزالي
ومن شعر سراج الدين
وحقك ما أعرضت عنك ملالة
ولا أنا مما تعلمين مفيق
ولكن خشيت الكاشحين لأنني
على سرنا من أن يذاع شفيق
فأصبحت كالظمآن شاهد مشربا
قريبا ولكن ما إليه طريق
مات بقوص سنة خمس وثمانين وستمائة
1277
موسى بن محمد بن موسى بن حمود الماكسيني
"""
صفحة رقم 378 """
1278
موسى بن أبي الفضل يونس بن محمد بن منعة
الشيخ العلامة كمال الدين ابن يونس أبو الفتح الموصلي
والد شارح التنبيه الشيخ شرف الدين أحمد بن موسى
ولد في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بالموصل وتفقه على والده الشيخ رضي الدين يونس ثم توجه إلى بغداد فتفقه بالمدرسة النظامية على معيدها السديد السلماسي وقرأ العربية بالموصل على الإمام يحيى بن سعدون وببغداد على الكمال عبد الرحمن الأنباري ثم عاد إلى الموصل مقيما بها
وكان رجلا متبحرا في كثير من فنون العلم موصوفا بالذكاء المفرط إليه مرجع أهل الموصل وما والاها في الفتاوى وأصحابه يعظمونه كثيرا
وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات وقال إنه درس بعد وفاة والده في موضعه بالمسجد المعروف بالأمير زين الدين صاحب إربل قال وهذا المسجد يعرف الآن بالمدرسة الكمالية لأنه نسب إلى كمال الدين المذكور لطول إقامته به ولما اشتهر فضله انثال عليه الفقهاء وتبحر في جميع فنون العلم وجمع من العلوم ما لم يجمعه أحد
"""
صفحة رقم 379 """
وتفرد بعلم الرياضة ولقد رأيته بالموصل في شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة وترددت إليه دفيعات عديدة لما كان بينه وبين الوالد رحمه الله من المؤانسة والمودة الأكيدة ولم يتفق لي الأخذ عنه لعدم الإقامة وسرعة الحركة إلى الشام
وكان الفقهاء يقولون إنه يدري أربعة وعشرين فنا دراية متقنة فمن ذلك المذهب وكان فيه أوحد الزمان وكان جماعة من الطائفة الحنفية يشتغلون عليه بمذهبهم ويحل مسائل الجامع الكبير أحسن حل مع ما يجيء عليه من الإشكال المشهور
وكان يتقن فن الخلاف والتجاري وأصول الفقه وأصول الدين ولما وصلت كتب فخر الدين الرازي للموصل وكان بها إذ ذاك جماعة من الفضلاء لم يفهم أحد منهم اصطلاحه فيها سواه وكذلك الإرشاد للعميدي لما وقف عليها حلها في ليلة واحدة وأقرأها على ما قالوا
وكان يدري فن الحكمة والمنطق والطبيعى والإلهي وكذلك الطب ويعرف فنون الرياضة من اقليدس والهيئة والمخروطات والمتوسطات والمجسطي وهي لفظة يونانية معناها بالعربية الترتيب ذكر ذلك أبو بكر في كتابه وأنواع الحساب المفتوح منه والجبر والمقابلة والأرثماطيقي وطريق الخطأين والموسيقى والمساحة
"""
صفحة رقم 380 """
معرفة لا يشاركه فيها غيره إلا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها وبالجملة فلقد كان كما قال الشاعر
وكان من العلوم بحيث يقضى
له في كل علم بالجميع
واستخرج في علم الأوفاق طرقا لم يهتد إليها أحد وكان يبحث في العربية والتصريف بحثا تاما مستوفى حتى إنه كان يقرئ كتاب سيبويه والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي والمفصل للزمخشري وكان له في التفسير والحديث وأسماء الرجال وما يتعلق به يد جيدة
وكان يحفظ من التواريخ وأيام العرب ووقائعهم والأشعار والمحاضرات شيئا كثيرا
وكان أهل الذمة يقرأون عليه التوراة والإنجيل ويشرح لهما هذين الكتابين شرحا يعترفون أنهم لا يجدون من يوضحهما لهم مثله وكان في كل فن من هذه الفنون كأنه لا يعرف سواه لقوته فيه
وبالجملة فإن مجموع ما كان يعلمه من الفنون لم نسمع عن أحد ممن تقدمه أنه كان قد جمعه
ولقد جاءنا الشيخ أثير الدين المفضل بن عمر بن المفضل الأبهري صاحب التعليقة في الخلاف والزيج والتصانيف المشهورة من الموصل إلى إربل في سنة ست وعشرين وستمائة وقبلها في سنة خمس وعشرين ونزل بدار الحديث وكنت أشتغل عليه بشيء من الخلاف فبينما أنا يوما عنده إذ دخل عليه بعض فقهاء بغداد وكان فاضلا فتجاريا في الحديث زمانا وجرى ذكر الشيخ كمال الدين في أثناء الحديث فقال له الأثير لما حج الشيخ كمال الدين ودخل بغداد كنت هناك فقال نعم فقال كيف كان
"""
صفحة رقم 381 """
إقبال الديون العزيز عليه فقال ذاك الفقيه ما أنصفوه على قدر استحقاقه فقال الأثير ما هذا إلا عجب والله ما دخل بغداد مثل الشيخ فاستعظمت منه هذا الكلام وقلت يا سيدنا كيف تقول كذا فقال يا ولدي ما دخل بغداد مثل أبي حامد الغزالي والله ما بينه وبين الشيخ نسبة
وكان الأثير على جلالة قدره في العلوم يأخذ الكتاب ويجلس بين يديه يقرأ عليه والناس يوم ذلك يشتغلون في تصانيف الأثير ولقد شهدت هذا بعيني وهو يقرأ عليه كتاب المجسطي
ولقد حكى بعض الفقهاء أنه سأل الشيخ كمال الدين عن الأثير ومنزلته في العلوم فقال ما أعلم فقال وكيف هذا يا مولانا وهو في خدمتك منذ سنين عديدة يشتغل عليك فقال لأنني مهما قلت له تلقاه بالقبول وقال نعم يا مولانا فما جادلني في مبحث قط حتى أعلم حقيقة فضلة
"""
صفحة رقم 382 """
ولا شك أنه كان يعتمد هذا القدر مع الشيخ تأدبا وكان معيدا عنده في المدرسة البدرية وكان يقول ما تركت بلادي وقصدت الموصل إلا للاشتغال على الشيخ
وكان شيخنا تقي الدين أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح المتقدم ذكره يبالغ في الثناء على فضائله وتعظيم شأنه وتوحده في العلوم فذكره يوما وشرع في وصفه على عادته فقال له بعض الحاضرين يا سيدنا على من اشتغل ومن كان شيخه فقال هذا الرجل خلقه الله إماما عالما في فنونه لايقال على من اشتغل ولا من كان شيخه فإنه أكبر من هذا
وحكى لي بعض الفقهاء بالموصل أن ابن الصلاح المذكور سأله أن يقرأ عليه شيئا من المنطق سرا فأجابه إلى ذلك وتردد إليه مدة فلم يفتح عليه بشيء فقال له يا فقيه المصلحة عندي أن تترك الاشتغال بهذا الفن فقال له ولم ذلك يا مولانا فقال لأن الناس يعتقدون فيك الخير وهم ينسبون كل من اشتغل بهذا الفن إلى فساد الإعتقاد فكأنك تفسد عقائدهم فيك ولا يحصل لك من هذا الفن شيء فقبل إشارته وترك قراءته
ومن يقف على هذه الترجمة فلا ينسبني إلى المغالاة في حق الشيخ ومن كان من أهل تلك البلاد وعرف ما كان عليه الشيخ عرف أني ما أعرته وصفا ونعوذ من الغلو والتساهل في النقل
"""
صفحة رقم 383 """
وقد ذكره أبو البركات ابن المستوفي المتقدم ذكره في تاريخ إربل فقال هو عالم مقدم ضرب في كل علم وهو في علم الأوائل كالهندسة والمنطق وغيرهما ممن يشار إليه حل اقليدس والمجسطي على الشيخ شرف الدين المظفر بن محمد بن المظفر الطوسي الفارابي يعني صاحب الاسطرلاب الخطي المعروف بالعصا
قال ابن المستوفي ووردت عليه مسائل من بغداد في مشكلات هذا العلم فحلها واستصغرها ونبه على براهينها بعد أن احتقرها وهو في الفقه والعلوم الإسلامية نسيج وحده ودرس في عدة مدارس بالموصل وتخرج عليه خلق كثير في كل فن
ثم قال أنشدنا لنفسه وأنفذها إلى صاحب الموصل يشفع عنده
لئن شرفت أرض بمالك رقها
فمملكة الدنيا بكم تتشرف
ومكنت من حفظ البسيطة مثل ما
تمكن في أمصار فرعون يوسف
بقيت بقاء الدهر أمرك نافذ
وسعيك مشهور وحكمك منصف
قلت أنا ولقد أنشدني هذه الأبيات عنه أحد أصحابه بمدينة حلب وكنت بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وبها رجل فاضل في علوم الرياضة فأشكل عليه مواضع من مسائل الحساب والجبر والمقابلة والمساحة واقليدس فكتب جميعها في درج
"""
صفحة رقم 384 """
وسيرها إلى الموصل ثم بعد أشهر عاد جوابه وقد كشف عن خفيها وأوضح غامضها وذكر ما يعجز الإنسان عن وصفه ثم كتب في آخر الجواب فليمهد العذر في التقصير في الأجوبة فإن القريحة جامدة والفطنة خامدة قد استولى عليها كثيرة النسيان وشغلها حوادث الزمان وكثير مما استخرجناه وعرفناه نسيناه بحيث صرنا كأنا ما عرفناه
وقال لي صاحب المسائل المذكورة ما سمعت مثل هذا الكلام إلا للأوائل المتقنين لهذه العلوم ما هذا من كلام أبناء هذا الزمان
وحكى لي الشيخ الفقيه الرياضي علم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني بن مسافر الحنفي المقرئ المعروف بتعاسيف وكان إماما في علوم الرياضة قال لما أتقنت علوم الرياضة بالديار المصرية وبدمشق تاقت نفسي إلى الاجتماع بالشيخ كمال الدين لما كنت أسمع من تفرده بهذه العلوم فسافرت إلى الموصل قصدا للاجتماع فلما حضرت في مجلسه وخدمته وجدته على حلية الحكماء المتقدمين وكنت قد طالعت أخبارهم وحلاهم فسلمت عليه وعرفته قصدي له للقراءة عليه فقال لي في أي العلوم تريد تشرع فقلت في الموسيقى فقال مصلحة هو فلي زمان ما قرأه علي أحد فأنا أوثر
"""
صفحة رقم 385 """
مذاكرته وتجديد العهد به فشرعت فيه ثم في غيره حتى شققت عليه أكثر من أربعين كتابا في مقدار ستة أشهر وكنت عارفا بهذا الفن لكن كان غرضي الانتساب في القراءة إليه وكان إذا لم أعرف المسألة أوضحها لي وما كنت أجد من يقوم مقامه في ذلك
وقد أطلت الشرح في نشر علومه ولعمري لقد اختصرت
ولما توفي أخوه الشيخ عماد الدين محمد المتقدم ذكره تولى الشيخ المدرسة العلائية موضع أخيه ولما فتحت المدرسة القاهرية تولاها ثم تولى المدرسة البدرية في ذي الحجة سنة عشرين وستمائة وكان مواظبا على إلقاء الدروس والإفادة
وحضر في بعض الأيام دروسه جماعة من المدرسين أرباب الطيالس وكان العماد أبو علي عمر بن عبد النور بن يوسف الصنهاجي النحوي البجائي حاضرا فأنشد على البديهة
كمال كمال الدين للعلم والعلى
فهيهات ساع في مساعيك يطمع
إذا اجتمع النظار في كل موطن
فغاية كل أن تقول ويسمعوا
فلا تحسبوهم من غناء تطيلسوا
ولكن حياء واعترافا تقنعوا
وللعماد المذكور فيه أيضا
تجر الموصل الأذيال فخرا
على كل المنازل والرسوم
"""
صفحة رقم 386 """
بدجلة والكمال هما شفاء
لهيم أو لذي فهم سقيم
فذا بحر تدفق وهو عذب
وذا بحر ولكن من علوم
وكان الشيخ سامح الله يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبة عليه وكانت تعتريه غفلة في بعض الأحيان لاستيلاء الفكرة عليه بسبب هذه العلوم فعمل فيه العماد المذكور
أجدك أن قد جاد بعد التعبس
غزال بوصل لي وأصبح مؤنسي
وأعطيته صهباء من فيه مزجها
كرقة شعري أو كدين ابن يونس
انتهى كلام ابن خلكان
ورأيت بخط الشيخ كمال الدين بن يونس على الجزء الأول من اقليدس إصلاح ثابت بن قرة ما نصه قرأت على الشيخ الإمام العالم الزاهد الورع شرف الدين فخر العلماء تاج الحكماء أبي المظفر أدام الله أيامه بعد عوده من طوس هذا الجزء وكنت حللته عليه نفسي مع كتاب المجسطي وشيء من المخروطات واستنجزته ما كان وعدنا به من كتاب الشكوك فأحضره واستنسخته وكتبه موسى بن يونس بن محمد بن منعة في تاريخه هذا صورة خطه وتاريخ الكتاب المشار إليه تاسع عشر ربيع الأول سنة ست وسبعين وخمسمائة هجرية
"""
صفحة رقم 387 """
1279
موهوب بن عمر بن موهوب بن إبراهيم الجزري القاضي صدر الدين
مولده بالجزيرة في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة وقدم الشام وتفقه على شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام وقرأ على السخاوي
وكان فقيها بارعا أصوليا أديبا قدم الديار المصرية وولي بها القضاء وسار سيرة مرضية ويقال إن الصاحب بهاء الدين كان يحط عليه فرأى قاضي القضاة صدر الدين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في النوم وهو يقول له قل للصاحب بهاء الدين بأمارة ما استشفعت بي في قضية كذا لا تتعرض لي فحكاه له فقال نعم كذا جرى ثم ترك التعرض له وأحسن إليه
توفي بالقاهرة فجأة في تاسع رجب سنة خمس وستين وستمائة
1280
نجم بن أبي الفرج بن سالم الكناني المصري
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة وسمع من عبد الله بن بري النحوي
"""
صفحة رقم 388 """
وصحبه مدة ومن عشير بن علي المزارع وفارس بن تركي الضرير
روى عنه الحافظ زكي الدين المنذري وغيره
وكان فقيها حسنا من أهل الخير والعفاف تصدر بالجامع العتيق بمصر مدة وأعاد بالمدرسة السيفية وجمع مجاميع في الفقه وغيره
توفي في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستمائة
1281
نصر بن عقيل بن نصر بن عقيل بن نصر أبو القاسم الإربلي
تفقه بإربل على عمه أبي العباس الخضر ثم توجه إلى بغداد فتفقه بالنظامية على الأمير أبي نصر بن نظام الملك ثم عاد إلى إربل ودرس بها وأفتى ثم قدم الموصل ومات بها رابع عشر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة
"""
صفحة رقم 389 """
1282
نصر بن محمد بن مقلد أبو الفتح القضاعي الشيرازي الملقب بالمرتضى
من علماء الديار المصرية
تفقه على أبي حامد محمد بن محمد البروى وأبي سعد عبد الله بن أبي عصرون وسمع بدمشق من الحافظ ابن عساكر وسكن مصر ودرس بقبة الشافعي ولم تقيد وفاته
1283
نصر الله بن يوسف بن مكي بن علي
الفقيه أبو الفتح بن الفقيه أبي الحجاج الحارثي الدمشقي المعروف بابن الإمام
تفقه على والده وعلى أبي البركات الخضر بن شبل بن عبد وسمع من أبي الفتح نصر الله المصيصي وهبة الله بن طاوس ورحل فسمع ببغداد من أبي الوقت وغيره وأجاز له أبو عبد الله الفراوي وزاهر بن طاهر وغيرهما
وكان يدعى نصرا غير مضاف أيضا
روى عنه يوسف بن خليل الدمشقي والزين خالد والتقي اليلداني وأجاز للمنذري ولأبي العباس بن أبي الخير
توفي بدمشق في منتصف جمادى الآخرة سنة إحدى وستمائة
"""
صفحة رقم 390 """
1284
هبة الله بن عبد الله بن سيد الكل القاضي أبو القاسم بهاء الدين القفطي
أحد المشاهير من علماء الصعيد
كان إماما عالما عاملا
وقد اختلف في مولده فقيل سنة سبع وتسعين وخمسمائة وقيل سنة ستمائة وقيل سنة إحدى وستمائة ولعله الأقرب
قدم قوص فتفقه على الشيخ مجد الدين القشيري وقرأ الأصول على قاضيها الإمام شمس الدين الأصبهاني وبرع في الفقه والأصلين والنحو والفرائض والجبر والمقابلة وسمع الحديث من الفقيه أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة والشيخ مجد الدين القشيري وغيرهما
حدث عنه طلحة بن شيخ الإسلام تقي الدين القشيري وغيره
وكان قيما بالمدرسة النجيبية بقوص مع براعة في العلم وكان يعلق القناديل والطلبة تقرأ عليه ثم انتهت إليه رياسة المذهب وولي أمانة الحكم بقوص
واتفق أنه عمل حساب الأيتام فوقف عليه ثمانمائة درهم فلم يعرف وجه المصروف فبات على أنه يبيع منزلة ويغرم ثمنه في ذلك فقال له أحد الشهود الذين معه النقدة الفلانية فتذكرها ثم قصد التنصل من المباشرة فقيل له متى تنصلت لم تجب ولكن اجتمع
"""
صفحة رقم 391 """
بفلان وقل له إن القاضي فيما بلغني يريد عزلي وأظهر التألم من ذلك واسأله الحديث معه في الاستمرار ففعل فقال القاضي قد أورثني هذا الحرص ريبة فعزله ثم توجه إلى إسنا حاكما ومعيدا بالمدرسة العزية عند النجيب ابن مفلح أحد تلامذة القشيري أيضا ثم مات النجيب فأضيف إليه التدريس فصار حاكما مدرسا
ونشر السنة بإسنا بعد ما كان التشيع بها فاشيا وصنف كتابا في ذلك سماه النصائح المفترضة في فضائح الرفضة وهموا بقتله فحماه الله تعالى منهم وتاب على يده خلق
وأخذ العلم عنه خلق كثير منهم شيخ الإسلام تقي الدين بن دقيق العيد والشيخ الضياء بن عبد الرحيم
وصنف في التفسير كتاب وصل فيه إلى سورة كهيعص وله شرح الهادي في الفقه خمس مجلدات ثم شرح عمدة الطبري وشرح مختصر أبي شجاع وشرح مقدمة المطرزي في النحو وكتاب الأنباء المستطابة في فضائل الصحابة والقرابة وغير ذلك
وكان الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد يجله وسافر إلى الصعيد سنة تسعين وستمائة لمجرد زيارته ومما حفظ من عبارته لولا البهاء بالصعيد لتحرج أهله بسبب الفتيا
"""
صفحة رقم 392 """
وعن الشيخ بهاء الدين أعرف عشرين علما أنسيت بعضها لعدم المذاكرة
وكان يستوعب الزمان في العبادة والعلم والحكومة ثم ترك القضاء أخيرا واستمر على العبادة والعلم إلى أن توفي ورأى راء في منامه قائلا يقول له لقد مات الشافعي فانتبه فإذا بقائل يقول مات الشيخ بهاء الدين القفطي
ومناقبه كثيرة وبالجملة كان من رجال العلم والدين
توفي بإسنا سنة سبع وتسعين وستمائة فعلى القول بأن مولده سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، يكون من أهل المائة
1285
هبة الله بن علي بن أبي الفضل بن سهل أبو جعفر الواسطي
تفقه على أبي جعفر بن البوقي ومات في حدود سنة إحدى وستمائة
1286
همام بضم الهاء بن راجى الله بن سرايا بن ناصر بن داود
الفقيه الأصولي جلال الدين أبو العزائم المصري
إمام الجامع الصالحي بظاهر القاهرة وخطيبه
"""
صفحة رقم 393 """
ولد ببلاد الصعيد سنة تسع وخمسين وخمسمائة وقدم القاهرة وقرأ العربية على ابن بري وارتحل إلى العراق فتفقه على المجير البغدادي وابن فضلان وسمع من عبد المنعم بن كليب وغيره
روى عنه ابن النجار والحافظ زكي الدين المنذري وغيرهما
وله مصنفات في المذهب والأصول وتوفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وستمائة
وله شعر كثير وله من قصيدة
ياقوت ثغرك قد غدا متقمعا
بزمرد لما توشح جوهرا
وحباب ريقك كالنجوم إذا بدت
من شأنها ماء الحيا أن يقطرا
1287
يحيى بن الربيع بن سليمان بن حراز بن سليمان العدوي العمري الإمام فخر الدين أبو علي الواسطي ابن الفقيه أبي الفضل
ولد بواسط في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وقدم بغداد فتفقه بالنظامية على مدرسها الإمام أبي النجيب السهروردي وكان قد تفقه قبله على والده وعلى أبي جعفر بن البوقي ثم رحل إلى نيسابور فتفقه على الإمام محمد بن يحيى صاحب الغزالي ومكث عنده أكثر من سنتين
وسمع الكثير من أبي الكرم نصر الله بن مخلد بن الجلخت وعبد الخالق اليوسفي وابن ناصر وأبي الوقت وشيخه محمد بن يحيى وعبد الله بن الفراوي وعبد الخالق بن زاهر وغيرهم بواسط وبغداد ونيسابور وله إجازة من زاهر
"""
صفحة رقم 394 """
الشحامي وحدث بالكثير ببغداد وبهراة وبغزنة لما توجه إليها رسولا من الديوان العزيز
روى عنه ابن الدبيثي والضياء المقدسي وابن خليل وآخرون
وولي تدريس النظامية وكانت بينه وبين ابن فضلان صحبة أكيدة قال الموفق عبد اللطيف لم أر مثلها بين اثنين قط وترافقا في الرحلة إلى محمد بن يحيى وكانا يتناظران بين يديه
قال ابن الدبيثي كان يعني ابن الربيع ثقة صحيح السماع عالما بمذهب الشافعي وبالخلاف من الحديث والتفسير كثير الفنون قرأ بالعشر على ابن تركان وكان أبوه من الصالحين ويقال إنهم من ولد عمر بن الخطاب رضى الله عنه
وقال أبو شامة كان عالما عارفا بالتفسير والمذهب والأصولين والخلاف دينا صدوقا
وقال ابن النجار كان إماما كبيرا وقورا نبيلا حسن المعرفة بمذهب الشافعي محققا مدققا مليح الكلام في المناظرة والجدل مجودا في علم الأصول وعلم الكلام والحساب وقسمة التركات وله معرفة حسنة بالحديث انتهى
ثم قال إنه توفي في يوم الأحد السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ست وستمائة وصلى عليه يوم الاثنين بالمدرسة النظامية
قلت هذا هو الصواب في تاريخ وفاته وذكر غيره أنه توفي في طريق خراسان
"""
صفحة رقم 395 """
لما توجه رسولا إلى السلطان شهاب الدين الغوري إلى غزنة وهو وهم فإنه عاد من عند السلطان المذكور إلى بغداد في سنة ثلاث وستمائة وأقام بها إلى أن توفي في سنة ست وستمائة
1288
يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن حزام ابن محمد بن جمعة النووي الشيخ الإمام العلامة محيي الدين أبو زكريا
شيخ الإسلام أستاذ المتأخرين وحجة الله على اللاحقين والداعي إلى سبيل السالفين
كان يحيى رحمه الله سيدا وحصورا وليثا على النفس هصورا وزاهدا لم يبال بخراب الدنيا إذا صير دينه ربعا معمورا له الزهد والقناعة ومتابعة السالفين من أهل السنة والجماعة والمصابرة على أنواع الخير لا يصرف ساعة في غير طاعة هذا مع التفنن في أصناف العلوم فقها ومتون أحاديث وأسماء رجال ولغة وتصوفا وغير ذلك
وأنا إذا أردت أن أجمل تفاصيل فضله وأدل الخلق على مبلغ مقداره بمختصر القول وفصله لم أزد على بيتين أنشدنيهما من لفظه لنفسه الشيخ الإمام وكان من حديثهما
"""
صفحة رقم 396 """
أنه أعني الوالد رحمه الله لما سكن في قاعة دار الحديث الأشرفية في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة كان يخرج في الليل إلى إيوانها ليتهجد تجاه الأثر الشريف ويمرغ وجهه على البساط وهذا البساط من زمان الأشرف الواقف وعليه اسمه وكان النووي يجلس عليه وقت الدرس فأنشدني الوالد لنفسه
وفي دار الحديث لطيف معنى
على بسط لها أصبو وآوي
عسى أني أمس بحر وجهي
مكانا مسه قدم النواوي
ولد النووي في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة بنوى وكان أبوه من أهلها المستوطنين بها وذكر أبوه أن الشيخ كان نائما إلى جنبه وقد بلغ من العمر سبع سنين ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فانتبه نحو نصف الليل وقال يا أبت ما هذا الضوء الذي ملأ الدار فاستيقظ الأهل جميعا قال فلم نر كلنا شيئا قال والده فعرفت أنها ليلة القدر
وقال شيخه في الطريقة الشيخ ياسين بن يوسف الزركشي رأيت الشيخ محيي الدين وهو ابن عشر سنين بنوى والصبيان يكرهونه على اللعب معهم وهو يهرب منهم ويبكي لإكراههم ويقرأ القرآن في تلك الحال فوقع في قلبي حبه وجعله أبوه في دكان فجعل لا يشتغل بالبيع والشراء عن القرآن قال فأتيت الذي يقرئه القرآن فوصيته به وقلت له هذا الصبي يرجى أن يكون أعلم أهل زمانه وأزهدهم وينتفع الناس به فقال لي منجم أنت فقلت لا وإنما أنطقني
"""
صفحة رقم 397 """
الله بذلك فذكر ذلك لوالده فحرص عليه إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام
"""
صفحة رقم 398 """
فصل
لا يخفى على ذي بصيرة أن لله تبارك وتعالى عناية بالنووي وبمصنفاته ، وأستدل على ذلك بما يقع في ضمنه فوائد حتى لا تخلو ترجمته عن الفوائد فنقول
ربما غير لفظا من ألفاظ الرافعي إذا تأمله المتأمل استدركه عليه وقال لم يف بالاختصار ولا جاء بالمراد ثم نجده عند التنقيب قد وافق الصواب ونطق بفصل الخطاب وما يكون من ذلك عن قصد منه لا يعجب منه فإن المختصر ربما غير كلام من يختصر كلامه لمثل ذلك وإنما العجب من تغيير يشهد العقل بأنه لم يقصد إليه ثم وقع فيه على الصواب وله أمثلة منها
قال الرافعي في كتاب الشهادات في فصل التوبة عن المعاصي الفعلية في التائب إنه يختبر مدة يغلب على الظن فيها أنه أصلح عمله وسريرته وأنه صادق في توبته وهل تتقدر تلك المدة قال قائلون لا إنما المعتبر حصول غلبة الظن بصدقه ويختلف الأمر فيه بالأشخاص وأمارات الصدق هذا ما اختاره الإمام والعبادي وإليه أشار صاحب الكتاب بقوله حتى يستبرىء مدة فيعلم إلى آخره وذهب آخرون إلى تقديرها
"""
صفحة رقم 399 """
وفيه وجهان قال أكثرهم يستبرأ سنة انتهى بلفظه
فإذا تأملت قوله قال أكثرهم وجدت الضمير فيه مستحق العود على الآخرين الذاهبين إلى تقديرها لا إلى مطلق الأصحاب فلا يلزم أن يكون أكثر الأصحاب على التقدير فضلا عن التقدير بسنة بل المقدر بعضهم واختلف المقدرون في المدة وأكثرهم على أنها سنة فهذا ما يعطيه لفظ الرافعي في الشرح الكبير وصرح النووي في الروضة بأن الأكثرين على تقدير المدة بسنة فمن عارض بينها وبين الرافعي بتأمل قضى بمخالفتها له لأن عبارة الشرح لا تقتضي أن أكثر الأصحاب على التقدير وأنه سنة بل إن أكثر المقدرين الذين هم من الأصحاب على ذلك ثم يتأيد هذا القاضي بالمخالفة بأن عبارة الشافعي رضي الله عنه ليس فيها تقدير بسنة ولا بستة أشهر وإنما قال أشهر وأطلق الأشهر رضى الله عنه اطلاقا إلا أن هذا إذا عاود كتب المذهب وجد الصواب ما فعله النووي فقد عزى التقدير وأن مقداره سنة إلى أصحابنا قاطبة فضلا عن أكثرهم الشيخ أبو حامد الإسفرايني في تعليقه وهذه عبارته قال الشافعي ويختبر مدة أشهر ينتقل فيها من السيئة إلى الحسنة ويعف عن المعاصي وقال أصحابنا يختبر سنة انتهى
وكذلك قال القاضي الحسين في تعليقته ولفظه قال الشافعي مدة من المدد قال أصحابنا سنة انتهى
وكذلك الماوردي ولفظه وصلاح عمله معتبر بزمان اختلف الفقهاء في حده فاعتبره بعضهم بستة أشهر واعتبره أصحابنا بسنة كاملة انتهى
وكذلك الشيخ أبو إسحاق فإنه قال في المهذب وقدر أصحابنا المدة بسنة
وكذلك البغوي في التهذيب وجماعات كلهم عزوا التقدير بالسنة إلى الأصحاب فضلا عن أكثرهم ولم يقل بعض الأصحاب إلا القاضي أبو الطيب والإمام ومن تبعهما فإنهم قالوا قال بعض أصحابنا تقدر بسنة وقال بعضهم زاد الإمام أن المحققين على عدم التقدير
"""
صفحة رقم 400 """
ومن تأمل ما نقلناه أيقن بأن الأكثرين على التقدير بسنة وبه صرح الرافعي في المحرر ولوح إليه تلويحا في الشرح الصغير فظهر حسن صنع النووي وإن لم يقصده عناية من الله تعالى به
1289
يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المنعم الإمام فخر الدين أبو زكريا القيسي الواعظ المغربي المعروف بالأصبهاني عرف بذلك لدخوله أصبهان
ولد بدمشق ودخل أصبهان وتفقه بها وقرأ الخلافيات وبرع وسمع الحديث من أبي بكر بن ما شاده وعبد الله بن عمر بن عبد الله المعدل وسمع بالثغر من أبي الطاهر السلفي
حدث عنه أبو جعفر بن عميرة الضبي وأبو بكر بن مسدي الحافظ وغيرهما
ودخل بلاد المغرب وأخذ ببجاية عن الحافظ عبد الحق الإشبيلي وجال في بلاد الأندلس واستوطن غرناطة
وكان فقيها فاضلا زاهدا عابدا مجمعا على دينه وورعه مشهورا بالكرامات والأحوال
صنف كتاب الروضة الأنيقة وكتابا في الخلافيات بين الشافعي وأبي حنيفة
توفي في سادس شوال سنة ثمان وستمائة بغرناطة
قال ابن مسدي قحطنا بغرناطة فنزل أميرها إلى شيخنا أبي زكريا فقال تذكر الناس فلعل الله يفرج عن المسلمين فوعظ فورد عليه وارد سقط وحمل ومات بعد ساعة فلما كفن وأدخل حفرته انفتحت أبواب السماء وسالت الأودية زمانا
"""
صفحة رقم 401 """
1290
أبو بكر بن قوام بن علي بن قوام بن منصور بن معلا بن حسن ابن عكرمة بن هارون بن قيس بن ربيعة بن عامر ابن هلال بن قصي بن كلاب البالسي
الشيخ الزاهد العابد صاحب الأحوال والكرامات المجمع على علمه ودينه
كان شافعي المذهب أشعري العقيدة
ولد بمشهد صفين سنة أربع وثمانين وخمسمائة ثم انتقل إلى مدينة بالس وبها ربي
وقد ألف في مناقبه حفيده الشيخ أبو عبد الله محمد بن الشيخ عمر بن الشيخ أبي بكر مصنفا حسنا وأنا أذكر بعض ما فيه
قال كان إماما ورعا عالما زاهدا له كرامات وأحوال حسن الأخلاق لطيف الذات والصفات وافر الأدب والعقل دائم البشر مخفوض الجناح كثير التواضع شديد الحياء متمسكا بالآداب الشرعية
قال وكان الشيخ أبو بكر يقول كانت الأحوال تطرقني في بداية أمري فكنت أخبر بها شيخي فنهاني عن الكلام فيها وكان عنده سوط يقول متى تكلمت في شيء من هذا ضربتك بهذا السوط ويأمرني بالعمل ويقول لي لا تلتفت إلى شيء من هذه الأحوال فما زلت معه كذلك حتى كنت عنده في بعض الليالي وكانت لي أم ضريرة وكنت بارا بها ولم يكن لها من يخدمها غيري فاستأذنت الشيخ في المضي إليها فأذن لي وقال إنه سيحدث لك في هذه الليلة أمر عجيب فأثبت له ولا تجزع فلما خرجت من عنده
"""
صفحة رقم 402 """
وأنا مار إلى جهة أمي سمعت صوتا من جهة السماء فرفعت رأسي فإذا نور كأنه سلسلة متداخل بعضها في بعض فالتفت على ظهري حتى أحسست ببردها في ظهري فرجعت إلى الشيخ فأخبرته بما وقع لي فقال الحمد لله وقبلني بين عيني وقال يا بني الآن تمت النعمة عليك أتعلم ما هذه السلسلة فقلت لا فقال هذه سنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأذن لي في الكلام وكان قد نهاني عنه
وكان يقول حضرت بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وذلك أن الخضر عليه السلام جاءني في بعض الليالي وقال قم يا أبا بكر فقمت معه فانطلق بي حتى أحضرني بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والأولياء رضي الله عنهم فسلمت عليهم فردوا علي السلام فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يا أبا بكر فقلت لبيك يا رسول الله فقال إن الله قد اتخذك وليا فاختر لنفسك واشترط فوفقني الله تعالى وقلت يا رسول الله أختار ما اخترته أنت لنفسك فسمعت قائلا يقول إذا لا نبعث لك من الدنيا إلا قوتك ولا نبعثه إلا على يد صاحب آخرة
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تقدم يا أبا بكر فصل بنا فهبت من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والصحابة والأولياء أن أتقدم فقلت في نفسي كيف أتقدم على جماعة فيهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تقدم فإن في تقدمك سر الولاية ولتكون إماما يقتدي بك فتقدمت بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وصليت بهم ركعتين قرأت في الأولى بالفاتحة وإنا أعطيناك الكوثر وفي الثانية بالفاتحة وقل هو الله أحد
"""
صفحة رقم 403 """
ذكر ما أظهره الله تعالى له من الكرامات والأحوال
سمعته يوما وقد دخل إلى البيت وهو يقول لزوجته ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة وهم يريدون قتله وقتل رفاقه فراعها قول الشيخ رضي الله عنه فسمعته يقول لها لا بأس عليك وإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه غير أن مالهم يذهب وغدا إن شاء الله يصل هو ورفاقه فلما كان من الغد وصلوا كما ذكر الشيخ وكنت فيمن تلقاهم وأنا يومئذ ابن ست سنين وذلك سنة ست وخمسين وستمائة
وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري قال خرجت إلى زيارة الشيخ ووقع في نفسي أن أسألة عن الروح ولما حضرت بين يديه أنسيت من هيبته ما كان وقع في نفسي من السؤال فلما ودعته وخرجت إلى السفر سير خلفي بعض الفقراء فقال لي كلم الشيخ فرجعت إليه فلما دخلت عليه قال لي يا أحمد قلت لبيك يا سيدي قال ما تقرأ القرآن قلت بلى يا سيدي قال اقرأ يا بني ) ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ( يا بني شيء لم يتكلم فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كيف يجوز لنا أن نتكلم فيه
وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال كان الشيخ يقف على حلب ونحن معه ويقول والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها ولو شئت أن أسميهم لسميتهم ولكن لم نؤمر بذلك ولا انكشف سر الحق في الخلق
وحدثني الشيخ معضاد بن حامد بن خولة قال كنا مع الشيخ في حفر النهر الذي ساقه إلى بالس فاجتمع عندنا في بعض الأيام خلق كثير في العمل فبينما نحن نعمل إذ جاءنا راعد قوي فيه برد كبار فقال له الشيخ محمد العقى وكان من أجل أصحابه يا سيدي قد جاء هذا الراعد وربما يعطل الجماعة عن العمل فقال له الشيخ اعمل
"""
صفحة رقم 404 """
وطيب قلبك فلما دنا الراعد منا استقبله الشيخ وأشار بيده إليه وقال خذ يمينا وشمالا بارك الله فيك فتفرق عنا بإذن الله وما زلنا نعمل والشمس طالعة علينا ودخلنا إلى البلد ونحن نخوض الماء كما ذكر
وكان سبب عمل هذا النهر أنه كان في البلد نهر يعرف بنهر زبيدة وقد تعطل وخرب من سنين كثيرة وكان للناس فيه نفع كثير فشكوا ذلك إلى الملك الناصر فأمر باستخراجه واستخرج منه جانب ثم رأى أنه يغرم عليه مال كثير فتركوه ومضوا
فلما علم الشيخ ضرر الناس إليه ونفعهم به خرج في جماعة من الفقراء إلى الفرات وجاء إلى مكان منه وقال هاهنا أستخرج نهرا إلى باب البلد ينتفع الناس به وحفر بيده وحفر الفقراء معه فسمع الناس في الشط وغيره من البلاد الحلبية فجاءوا أرسالا يعملون معه بحيث كان يجتمع في اليوم الواحد ما يزيد على أربع مائة رجل فاستخرجه في مدة يسيرة وانتفع الناس به وهو إلى الآن يعرف بنهر الشيخ
وحدثني الشيخ الصالح محمد بن ناصر المشهدي قال كنت عند الشيخ وقد صلى صلاة العصر في المسجد الذي كان يصلي فيه وقد صلى معه خلق كثير فقال له بعض الحاضرين يا سيدي ما علامة الرجل المتمكن وكان في المسجد سارية فقال علامة الرجل المتمكن أن يشير إلى هذه السارية فتشتعل نورا فنظر الناس إلى السارية فإذا هي تشتعل نورا أو كما قال
وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال كنت بحضرة الشيخ وقد نازله حال فقال يا إبراهيم أين مراكش فقلت يا سيدي في الغرب قال وبغداد قلت في الشرق قال وعزة المعبود لقد أعطيت في هذه الساعة حالا لو أردت أن أقول لبغداد كوني مكان مراكش ولمراكش كوني مكان بغداد لكانتا
"""
صفحة رقم 405 """
وحدثني أيضا قال سئل الشيخ وأنا حاضر عن الرجل المتمكن ما علامته وكان بين يديه طبق فيه شيء من الفاكهة والرياحين فقال أن يشير بسن إلى هذا الطبق فيرقص جميع ما فيه فتحرك جميع ما كان في الطبق ونحن ننظر إليه
وسمعت الشيخ الصالح العابد إسماعيل بن أبي الحسن المعروف بابن الكردي يقول حججت مع أبوي فلما كنا بأرض الحجاز وسار الركب في بعض الليالي وكان أبواي راكبين في محارة وكنت أمشي تحتها فحصل لي شيء من القولنج فعدلت إلى مكان وقلت لعلي أستريح ثم ألحق الركب فنمت فلم أشعر إلا والشمس قد طلعت ولم أدر كيف أتوجه ففكرت في نفسي وفي أبوي فإنه لم يكن معهما من يخدمهما ولا من يقوم بشأنهما غيري فبكيت عليهما وعلى نفسي فبينما أنا أبكي إذ سمعت قائلا يقول ألست من أصحاب الشيخ أبي بكر بن قوام فقلت بلى والله فقال سل الله به فإنه يستجاب لك فسألت الله به كما قال فوالله ما استتم الكلام إلا وهو واقف عندي وقال لا بأس عليك ووضع يده في يدي وسار بي يسيرا وقال هذا جمل أبويك فسمعتهما وهما يبكيان علي فقلت لا بأس عليكما وأخبرتهما بما وقع لي
وحدثني أيضا قال كنا جلوسا مع الشيخ رضي الله عنه في تربة الشيخ رافع رضي الله عنه ونحن ننظر إلى الفرات إذ لاح لنا على شاطئ الفرات رجل فقال الشيخ أترون ذلك الرجل الذي على شاطئ الفرات فقلنا نعم فقال إنه من أولياء الله تعالى وهو من أصحابي وقد قصد زيارتي من بلاد الهند وقد صلى العصر في منزله وتوجه إلي وقد زويت له الأرض فخطا من منزله خطوة إلى شاطئ الفرات وهو يمشي من الفرات
"""
صفحة رقم 406 """
إلى ها هنا تأدبا منه معي وعلامة ما أقول لكم أنه يعلم أني في هذا المكان فيقصده ولا يدخل البلد فلما قرب من البلد عرج عنه وقصد المكان الذي فيه الشيخ والجماعة فجاء وسلم وقال يا سيدي أسألك أن تأخذ علي العهد أن أكون من أصحابك فقال له الشيخ وعزة المعبود أنت من أصحابي فقال الحمد لله لهذا قصدتك واستأذن الشيخ في الرجوع إلى البلد فقال له الشيخ أين أهلك قال في الهند قال متى خرجت من عندهم قال صليت العصر وخرجت لزيارتك فقال له الشيخ أنت الليلة ضيفنا فبات عند الشيخ وبتنا عنده
فلما أصبحنا من الغد قال السفر فخرج الشيخ وخرجنا في خدمته لوداعه فلما صرنا في الصحراء وأخذ في وداع الشيخ وضع الشيخ يده بين كتفيه ودفعه فغاب عنا ولم نره فقال الشيخ وعزة المعبود في دفعتي له وضع رجله في باب داره بالهند أو كما قال
وسمعت الأمير الكبير المعروف بالأخضري وكان قد أسن يحكي لوالدي قال كنت مع الملك الكامل لما توجه إلى الشرق فلما نزلنا بالس قصدنا زيارة الشيخ مع فخر الدين عثمان وكنا جماعة من الأمراء فبينما نحن عنده إذ دخل رجل من الجند فقال يا سيدي كان لي بغل وعليه خمسة آلاف درهم فذهب مني وقد دللت عليك
فقال له الشيخ اجلس وعزة المعبود قد قصرت على آخذه الأرض حتى ما بقى له مسلك إلا باب هذا المكان وهو الآن يدخل فإذا دخل وجلس فأشير إليك بالقيام فقم وخذ بغلك ومالك
"""
صفحة رقم 407 """
فلما سمعنا كلام الشيخ قلنا لا تقوم حتى يدخل هذا الرجل فبينما نحن جلوس إذ دخل الرجل فأشار الشيخ إليه فقام وقمنا معه فوجدنا البغل والمال بالباب وأخذه صاحبه
فلما حضرنا عند السلطان أخبرناه بما رأينا من الشيخ فقال أحب أن أزوره فقال فخر الدين عثمان إن البلد لا يحمل دخول مولانا السلطان فسير إليه فخر الدين عثمان فقال له السلطان يحب أن يراك وإن البلد لا يحمل دخوله فهل يرى سيدي الشيخ يخرج إليه ليراه
فقال له الشيخ يا فخر الدين إذا رحت أنت عند صاحب الروم يطيب للملك الكامل فقال لا قال فكذلك أنا إذا رحت إلى عند الملك الكامل لا يطيب لأستاذي ولم يخرج إليه
وحدثني الشيخ الإمام العالم شمس الدين الخابوري قال كنت أكثر من ذكر الشيخ عند الفقهاء بالمدرسة النظامية بحلب فقالوا يجب أن نزوره معك ونسأله عن أشياء من فقه وتفسير وغيرهما فعزمنا على زيارته إلى بالس فبينما نحن عازمون إذ جاء بعض الفقراء فقال الشيخ يدعوك فقلت أين هو فقال في زاوية الشيخ أبي الفتح الكناني وكان من أصحابه رضي الله عنه فخرجت أنا وجماعة من الفقهاء إلى زيارته
قال فلما حضرنا عنده قال الشيخ محمد العفتى ما شأن هؤلاء الفقهاء فقلت جاءوا ليزوروا الشيخ ويسلموا عليه فقال قد حدث أمر عجيب قلت وأي شيء قد حدث قال قد ألجم الشيخ كل واحد منهم بلجام وقد مثل سره سبع
"""
صفحة رقم 408 """
وهو ينظر في وجه كل واحد منهم فلما طال بنا المجلس ولم يجسر أحد منهم أن يتكلم فقال لهم الشيخ لم لا تتكلموا لم لا تسألوا فما جسر أحد منهم أن يتكلم فقال لهم الشيخ لم لا تتكلموا لم لا تسألوا فما جسر أحد منهم أن يتكلم
فقال الشيخ للذي على يمينه مسألتك كذا والجواب عنها كذا فما زال حتى أتى على آخرهم فقاموا بأجمعهم واستغفروا الله تعالى وتابوا
وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري قال سألت الشيخ عن قوله تعالى ) إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ( وقد عبد العزيز وعيسى بن مريم
فقال تفسيرها ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (
فقلت له يا سيدي أنت لا تعرف تكتب ولا تقرأ فمن أين لك هذا
فقال يا أحمد وعزة المعبود لقد سمعت الجواب فيها كما سمعت سؤالك
وحدثني بعض التجار من أهل بلدنا قال خرجنا مسافرين من بالس إلى حماة وكان قد بلغنا أن الطريق مخيف ووافينا الشيخ في خروجنا فقلت له يا سيدي قد بلغنا أن الطريق مخيف ونشتهي أن لا تغفل عنا ولا تنام وتدعو لنا فقال إن شاء الله تعالى
"""
صفحة رقم 409 """
وسافرنا فلما بلغنا حماة وأنا راكب على دابتي وقد أخذني النعاس وإذا أنا بشخص قد وضع يده في عضدي وقال نحن ما نمنا فلا تنام أنت ففتحت عيني فإذا أنا بالشيخ فسلم علي ومشى معي وقال قد بلغناك إلى حماة وتركني ومضى
وحدثني الشيخ تمام بن أبي غانم قال كنا جلوسا مع الشيخ ظاهر البلد في زمن الربيع وحوله جماعة من الناس فقال وعزة المعبود إني لأنظر إلى ساق العرش كما أني أنظر إلى وجوهكم
وحكى الحاج أيوب البشمنتي قال حججت في زمن الشيخ رضي الله عنه فلما كان ليالي منى وأنا جالس على راحلتي أتلو شيئا من القرآن وإذا أنا بالشيخ رضي الله عنه قائم إلى جانبي فأخذ بعضدي وسلم علي ومضى فلما قدمنا بالس أخبرني الجماعة قالوا سألنا عنك الشيخ فقال لنا هو جالس بمنى على راحلته وهو يتلو في سورة كذا وكذا وهذه يدي في عضده فقلت لهم والله الأمر كما قال
وحدثني بعض التجار من أهل بلدنا قال دخلت إلى حلب مع عمي وكنت شابا فأخذني بعض أهلي إلى مكان وأحضر خمرا وقال لي اشرب فلما تناولت القدح لأشرب إذا أنا بالشيخ واقف بين يدي وضربني في صدري بيده وقال قم واخرج وكنت في مكان عال فسقطت منه على وجهي ورأسي وخرج الدم من وجهي ورأسي فرجعت إلى عمي والدم يقطر مني فسألني من فعل بك هذا فأخبرته بما جرى فقال الحمد لله الذي جعل لأوليائه بك عناية وعليك حماية
وحدثني الشيخ شمس الدين الخابوري خطيب جامع حلب قال كنا مع الشيخ فلا يمر على صخر ولا على شيء إلا سلم عليه وكان الشيخ شمس الدين يقول كان في نفسي أن أسأل الشيخ عن خطاب هذه الأشياء له هل يخلق الله تعالى لها في الوقت لسانا تخاطبه به أو يقيم الله تعالى إلى جانبها من يخاطبه عنها ففاتني ولم أسأله عن ذلك
"""
صفحة رقم 410 """
وعنه أيضا قال كنا مع الشيخ في بعض أسفاره فدعي إلى مكان فلما دنونا إلى ذلك المكان تغير لونه وجعل يسترجع استرجاعا كثيرا فقلت يا سيدي أي شيء حدث فقال إنا لما أقبلنا على هذه القرية جاءت أرواح الأموات تسلم علي وفيهم شاب حسن الوجه يقول قتلت ظلما قتلني رجلان من أهل هذه القرية كنت أرعى لهما غنما وهما أخوان فقتلاني في زمن الملك العزيز وذلك أنهما اتهماني ببنت لهما وكنت بريئا منها
قال الشيخ شمس الدين وكان الرجلان اللذان فعلا ذلك الفعل يسمعان كلام الشيخ وكان بيني وبينهما معرفة فلما خلوت بهما قالا لي يا فلان إن ما قال الشيخ والله إنه لحق وصحيح ونحن قتلناه فقلت لهما ما حملكما على ذلك قالا السبب الذي قاله الشيخ ثم تبين لنا أنه من غيره وأنه كان بريئا منه كما قال الشيخ رضي الله عنه
وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طاهر البطائحي المعروف بالضرير قال توفي والدي بدمشق فقال أصحابه لا ندعك تجلس على سجادته حتى تأتينا بإجازة من بيت سيدي أحمد رضي الله عنه فتوجهت لذلك وسافرت إلى البطائح فوافق عبوري على بالس فقصدت زيارة الشيخ ولم أكن رأيته قبل ذلك ولا رآني فلما أقبلت عليه رحب بي وأكرمني وحدثني بجميع ما وقع في أسفاري وأحوالي وما قصدته وقال إنك تقدم العراق وتقضي حاجتك به وتعود إلي سرعة فقلت له يا سيدي وما هي حاجتي فقال أن تعطى إجازة بالمشيخة وأن تكون مكان أبيك وكان الأمر كما قال
فلما قدمت البطائح ودفع إلي إجازة وسجادة وخرجت لأتوضأ للصلاة فأوقع الله تعالى في قلبي الشوق إليه فألقيت الإجازة في الماء وتوجهت إليه فلما قدمت عليه وجدت بحضرته خلقا كثيرا وهو يتكلم لهم فجلست مع الناس أسمع كلامه فتكلم طويلا ثم التفت إلي وقال يا إبراهيم قلت لبيك يا سيدي قال أنت لي ومريدي وقال لمن في حضرته انظروا إلى جبهته فنظروا فقال ما تشهدون في جبهته قالوا بأجمعهم نشهد بين عينيه هلال نور فقال هذا شعار أصحابي
"""
صفحة رقم 411 """
فتقدمت إليه وأخذ علي العهد وصرت من أصحابه رضي الله عنه
وسمعته أيضا قال كنت مقيما عند الشيخ فخطر لي السفر إلى العراق فاستأذنته في السفر فأذن لي وقال إبراهيم أريد أن أخلع عليك خلعة لا تدخل بها على أحد إلا ابتهج بك وخدمك بسببها فكان كما قال ما دخلت على أحد إلا خدمني وأكرمني
فلما دخلت بغداد نزلت في بعض الربط فخدموني وأكرموني فدعي أهل الرباط ليلة إلى مكان وكنت في صحبتهم فلما دخلنا إلى المكان الذي دعينا إليه وجلسنا وكان فيه خلق كثير فقام منهم رجل تركي وقال يا أصحابنا على هذا الفقير الشامي خلعة لم أر مثلها فقلت لهم هي من صدقات شيخي علي فقال الجميع أعاد الله علينا من بركته وبركة أمثاله
وسمعت والدي رحمه الله يقول لما كان في سنة ثمان وخمسين وستمائة وكان الشيخ في حلب وقد حصل فيها ما حصل من فتنة التتار وكان في المدرسة الأسدية فقال يا بني اذهب إلى الدار التي لنا فلعلك تجد ما نأكل قال فذهبت كما قال إلى الدار فوجدت الشيخ عيسى الرصافي وكان من أصحابه مقتولا في الدار وقد حرق وعليه دلق الشيخ لم يحترق ولم تمسه النار فأخذته وخرجت به فوجدني بعض بني جهبل وكانوا من أصحابه فسألني فأخبرته بخبر الدلق فحلف علي بالطلاق وأخذه مني
وحدثني الشيخ الصالح الناسك الشيخ إسماعيل بن سالم المعروف بالكردي قال كان لي غنم وكان عليها راع فسرح بها يوما على عادته فلما كان وقت رجوعه لم يرجع فخرجت في طلبه فلم أجده ولم أجد له خبرا فرجعت إلى الشيخ فوجدته واقفا على باب داره فلما رآني قال لي ذهبت الغنم قلت نعم يا سيدي قال قد أخذها اثنا عشر رجلا وهم قد ربطوا الراعي بوادي كذا وقد سألت الله تعالى أن يرسل عليهم النوم وقد فعل
"""
صفحة رقم 412 """
فامض إلى مكان كذا تجدهم نياما والغنم ربطا إلا واحدة قائمة ترضع سخلتها
قال فمضيت إلى المكان الذي قال فوجدت الأمر كما قال واحدة قائمة ترضع سخلتها
قال فسقت الغنم وجئت إلى البلد رضي الله عنه
وحدثني الشيخ شمس الدين الدبالعي قال حدثني فلك الدين ابن الخزيمي قال كنت بالشام في السنة التي أخذت فيها بغداد بعد أن ضاق صدري من جهة ما أصاب المسلمين وأهلي أيضا فسافرت لآخذ خبر أهلي وكان سفري على بالس فقصدت زيارة الشيخ فأتيته فسلمت عليه وجلست بين يديه فحدثني فشرح الله صدري فقال لي أهلك سلموا إلا أخاك مات وأهلك في مكان صفته كذا وكذا والناظر عليهم رجل صفته كذا وقبالة الدرب الذي هم فيه دار فيها شجر
فلما قدمت بغداد وجدت الأمر كما أخبرني رضي الله عنه وأنا سكنت الدرب الذي أخبر عنه الشيخ ورأيت الدار التي فيها الشجر وهي شجرة رمان وغيرها
وحدثني الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي قال كنت جالسا عند الشيخ فجاء إنسان فقال يا سيدي ذهب البارحة لي جمل وعليه حمل فلم يرد الشيخ عليه جوابا فقلت له يا سيدي إن الرجل ملهوف على ذهاب جمله فلعل أن تجيبه
فقال لي يا إبراهيم إنه لما قال لي جملي رأيت رسنه بيده فبرز من القتب سيف فقلع رسنه من يده وما بقى له فيه رزق فأستحيي أن أوحشه بالرد
ومنه أنه حضر جنازة وكان فيها جماعة من أعيان البلد فلما جلسوا لدفن الميت جلس القاضي والخطيب والوالي في ناحية وجلس الشيخ والفقراء في ناحية وتكلم القاضي
"""
صفحة رقم 413 """
والوالي في كرامات الأولياء وأنه ليس لها حقيقة وكان الخطيب رجلا صالحا فلما قاموا ليعزوا أهل الميت جاء الجماعة ليسلموا على الشيخ فقال الشيخ يا خطيب أنا لا أسلم عليك فقال ولم يا سيدي فقال إنك لم ترد غيبة الأولياء ولم تنتصر لهم
والتفت الشيخ إلى القاضي والوالي وقال أنتما تنكران كرامات الأولياء فما تحت أرجلكما قالا لا نعلم قال تحت أرجلكما مغارة ينزل إليها بخمس درجات فيها شخص مدفون هو وزوجته وها هو قائم يخاطبني ويقول كنت ملك هذين البلدين نحو ألف عام وهو على سرير وزوجته قبالته ولا تبرح من هذا المكان حتى يكشف عنها فدعا بفؤوس وكشف المكان والجماعة حاضرون فوجدوه كما قال الشيخ والمغارة إلى هذا التاريخ مفتوحة ترى وتشهد على جانب طريق حلب
وحدثني الإمام العالم الصاحب محيي الدين ابن النحاس رحمه الله قال كان الشيخ يتردد إلى قرية تريدم وكان لها مسجد صغير من قبلي القرية لا يسع الناس فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه من شمالي القرية فقال لي الشيخ ونحن جلوس في المسجد يا محمد لم لا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا
فقلت له يا سيدي قد خطر لي هذا الأمر إن شاء الله تعالى
فقال لا تبنه حتى توقفني على المكان الذي تريد أن تبني فيه
فقلت نعم
فلما أردت أن أبني جئت إليه فقلت له فقام معي وجئنا إلى المكان الذي خطر لي فقلت هذا المكان يا سيدي فرد كمه على أنفه وجعل يقول أف أف لا ينبغي أن يبنى هنا مسجد فإن هذا المكان مسخوط على أهله ومخسوف بهم فتركته ولم أبنه
فلما كان بعد مدة احتجنا إلى استعمال لبن من ذلك المكان فلما كشفناه وجدناه
"""
صفحة رقم 414 """
كما قال الشيخ رضي الله عنه نواويس مقلبة على وجوهها والمكان إلى هذا التاريخ يعرف بقرية تريدم
وحدثني الشيخ الصالح الناسك الورع علي بن سعيد المعروف بالزريزير قال أخذ علي الشيخ العهد وأنا شاب فخطر لي زيارة القدس فاستأذنته في ذلك فقال يا بني أنت شاب وأخشى عليك فألححت عليه فإذن لي وقال سأجعل سري عليك كالقفص الحديد وقال لي إذا قدمت قصير دمشق فادخل القرية واسأل عن الشيخ علي بن الجمل وزره فإنه من أولياء الله تعالى
قال فلما دخلت القرية سألت عنه فدللت عليه فلما طرقت الباب خرج إلي بعض أهله وقال لي ادخل يا علي باسمي فإن الشيخ قد أوصى بك وقال يقدم عليكم فقير اسمه علي من أصحاب الشيخ أبي بكر بن قوام فأذنوا له بالدخول حتى أجيء
قال فدخلت وجلست حتى جاء الشيخ فقمت وسلمت عليه فرحب بي وقال لي يا علي البارحة جاءني الشيخ وأوصاني بك وأيضا فلا بأس عليك فإن سر الشيخ عليك كالقفص الحديد فأقمت عنده ثم توجهت إلى القدس فلما وصلت إليه وجدت إنسانا خارج البلد وقد حمي الحر فسلمت عليه فرد علي السلام وقال يا بني أبطأت علي فإني من الغداة في هذا الموضع أنتظرك فخفت منه وخشيت أن يكون صاحب ريبة فقال لي يا علي لا تخف فإن الشيخ جاءني وأوصاني بك فسرت معه إلى منزله فوضع لي طعاما وقال كل فأكلت فلما جاء وقت الصلاة قال قم حتى نصلي في الحرم فقمنا ودخلنا الحرم وصلينا الصلوات الخمس وعدنا إلى المنزل فلما جاء الليل قام ولم يزل يصلي حتى طلع الفجر
"""
صفحة رقم 415 """
وكلما أحس بي مستقيضا جلس فإذا نمت قام فصلى فأقمت عنده أياما ثم توجهت رإلى زيارة الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) فخرج معي وودعني فلما كنت قرب الخليل خرج علي أربعة نفر قطاع طريق فلما قربوا مني وإذا بهم قد بهتوا ونظروا إلى ورائي فنظرت فإذا شخص واقف وعليه ثياب بيض وهو ملثم فقال لي امض في طريقك فمضيت ولم يزل معي حتى أشرفت على الخليل ورأيت البلد ورأيته واقفا يدعو فدخلت البلد وزرت
فلما عدت إلى بالس بدأت بالسلام على الشيخ فلما سلمت عليه أخبرني بجميع ما وقع لي في سفري وقال لولا ذلك الملثم لأخذ قطاع الطريق ثيابك فعلمت بأنه كان الشيخ رضي الله عنه
قلت وهكذا ينبغي أن يكون الشيخ على المريد فإنه قد قيل الشيخ من جمعك في حضورك وحفظك في مغيبك وهذبك بأخلاقه وأدبك بإطراقه وأنار باطنك بإشراقه
وسمعت والدي رحمه الله يقول كان من أصحاب الشيخ رجل يقال له الحاج مهدي كثير التردد إلى دمشق فقال له الشيخ يا حاج مهدي إذا قدمت دمشق فقف عند باب مسجد القصب وناد يا شيخ مظفر فسيجيبك فقل له الشيخ أبو بكر بن قوام يسلم عليك ويقول لك أنت من الأولياء الذين لا يعلمون بأنفسهم
وأدركنا نحن الشيخ مظفرا وزرناه وكان كما قال الشيخ رضي الله عنه من أولياء الله تعالى وكان يقصد بالزيارة ورأيته ينتمي إلى الشيخ ويقول أنا من أصحابه فإنه أخبرني بحالي ولم يرني
"""
صفحة رقم 416 """
وحدثني الشيخ أبو المجد بن أبي الثناء قال كنت عند الشيخ وقد قدم عليه الشيخ نجم الدين البادرائي متوجها إلى بغداد وقد ولاه الخليفة القضاء فسمعته يقول للشيخ يا سيدي قد ولاني الخليفة قضاء بغداد وأنا كارهه فقال له طيب بها قلبك فإنك لا تحكم فيها وحدثه أشياء
وسمعت الشيخ يقول له يا شيخ نجم الدين هذا إنسان صفته كذا وكذا من أعيان الناس وهو قريب من الملك الناصر خاطره متعلق بك وهو يشير إليك بخنصره فقال له صدقت يا سيدي هذا الشخص دفع إلي فص خاتم له قيمة وقال لي يكون عندك وديعة والله ما أعلم أحدا من خلق الله تعالى علم بهذا الفص حين دفعه إلي وقد حفظته في مزدوجتي من حذري عليه وكان كما قال الشيخ فإن الشيخ نجم الدين قدم بغداد ومات ولم يحكم بين اثنين
وحدثني زكي الدين أبو بكر بن أيوب التكريتي قال كنت في السنة التي أخذت فيها بغداد مع عمي الحاج علي بياع في حلب وكان الشيخ في قرية علم فقال عمي وكان من أصحابه يا بني اذهب إلى الشيخ فسله عن أهلنا ومالنا وعن ولدي حسين وعن سفر بغداد وما كنت رأيت الشيخ قبل وكنت أحب أن أراه
قال فخرجت إليه فلما رآني قال أنت أبو بكر بن أيوب فقلت نعم قال أرسلك عمك الحاج علي تسأل عن الأهل والمال وعن ولده حسين وعن السفر إلى بغداد
"""
صفحة رقم 417 """
أما الأهل فأسر البعض وسلم البعض وأما المال فإنه مدفون تحت عتبة باب الدار ولم أستثبت ما قال فيه وأما حسين فإنه أسر وسوف تجتمع به وفي جبينه أثر وقع وأما السفر إلى بغداد وقال لي أتعرف دار الشاطبية فقلت أعرفها لكن ما دختلها فقال في هذه الساعة قد أخرجوا التاتار منها بركة ذهب وهم يقتسمونه فأخرجت الدواة وكتبت اليوم والشهر والساعة التي أخبرني فيها
قال أبو بكر وكنت شابا حسن الصورة وكان في حلب امرأة قد حصل لها في إرادة فظفرت بي يوما وراودتني عن نفسي فتمنعت عليها فعضتني في كتفي فأثرت فيه وبقيت أياما لا يعلم بها أحد إلا الله فلما أردت السفر من عنده خرج معي لوداعي فلما خلا بي قال ما هذه العضة التي في كتفك فاستحييت منه فقال تب ولا تعد لمثلها وسافرنا إلى بغداد فلما قدمنا سألت عن ذلك الذهب الذي أخذ من دار الشاطبية فدللت على إنسان كان حاضرا فجئت إليه وسألته فقال نعم كنت حاضرا وكتبت اليوم والشهر والساعة فقلت له أخرج لي دستورك فأخرجه وقابلته على دستور فوجدت التاريخ التاريخ لا يزيد عليه ولا ينقص عنه
وحدثني الشيخ خزيمة بن نصر البلعرانى قال قدم علينا الشيخ فاجتمع الناس ليسلموا عليه وكنت فيهم وأنا شاب فسمعته يقول قد جاء الأموات يسلموا علي وفيهم شاب أشقر في يده سكين وعليه قميص ملطخ بالدم وهو يقول قتلت بهذه السكين أتعرفونه فسكت الجماعة ولم يجبه أحد منهم فقال مالكم كأنكم ما تعرفونه فقالوا نعم فقال هو يقول اسمي نصر فقلت أنا هو أبي يا سيدي قال صدقت
"""
صفحة رقم 418 """
وقال الجماعة كلهم هو أبوه يا سيدي الآن عرفنا فإن أباه قتل وهو شاب وقال أيضا فيهم شيخ طويل يقول أنا أعرف بابن الطحان مت منذ أربعمائة سنة فقال الجماعة عندنا أملاك تعرف بأملاك بني الطحان إلى الآن وسمعت الشيخ إبراهيم بن الشيخ أبي طالب البطائحي فقال قصدت زيارة الشيخ فصحبت في طريقي أقواما فتحدثوا في الخمر ومجالسته وآلته فلما دخلت على الشيخ قال ما هذه الحالة قلت ما هي يا سيدي قال بين يديك خمر وآلته فقلت يا سيدي صحبت أقواما فتحدثوا في الخمر فأثر علي ما قلت قال صدقت يا بني صاحب الأخيار وجانب الأشرار ما استطعت فإن صحبتهم عار في الدنيا والآخرة
قلت هذا بعض ما ذكره جامع المناقب ثم عقد بعده فصولا لما كان عليه هذا الشيخ الجليل من المجاهدة والعمل الدائم ولفرائد كلامه وفوائده ولاطراحه للتكلف وتواضعه ورأفته ورقته
ثم ذكر أنه توفي يوم الأحد سلخ رجب سنة ثمان وخمسين وستمائة بقرية يقال لها علم بالقرب من حلب ودفن هناك في تابوت لأجل النقلة فإنه أوصي بذلك وقال أنا لا بد أن أنقل إلى الأرض المقدسة وكان كما قال فإنه نقل بعد موته باثنتي عشرة سنة إلى جبل قاسيون ودفن بالزاوية المعروفة بهم وقد زرت قبره مرات==

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النساء في الإسلام وحظهن من الإصلاح المحمدي العام لمحمد رشيد رضا

  حقوق النساء في الإسلام وحظهن من الإصلاح  المحمدي العام لمحمد رشيد رضا تعليق: محمد ناصر الدين الألباني  ( صحيح ) عن عائشة رضي الله ...